07.09.2017
مقالات
من الاحتواء إلى الحسم؟
يكتب يسرائيل هرئيل، في "هآرتس" انه ليس من العبث وجود من يسميه "جيش الاحتواء لإسرائيل". فطوال سنوات، بما في ذلك (أو خاصة) خلال حرب لبنان الثانية، لم يطمح الجيش الإسرائيلي حقا - كما يطمح، ويجب ان يطمح الجيش الذي يخرج للحرب - لانزال الهزيمة بالعدو، ما يعني في الحاضر تعقيم قدرته على مواصلة تعريض حياة مواطني اسرائيل وجنودها وبناها التحتية للخطر .
هذا الاسبوع، و"بغض النظر عن التهديدات التي يوجهها حزب الله"، بدأ الجيش بعملية واسعة النطاق، ذات صدى كبير، تهدف في جوهرها الى اعداد قواته للتعامل مع المنظمة الارهابية اللبنانية. هذه المرة، كتب المعلقون العسكريون وأذاعوا، "الهدف" واضح: هزم العدو (قائد التمرين استخدم الاسم الصريح).
هل نقف حقا أمام نقطة تحول استراتيجية؟ وبمعنى آخر، هل سنوصل العدو، في المعركة القادمة، إلى وضع لن يتمكن بعده من تعريض إسرائيل للخطر (وهذا ممكن حين يتعلق الأمر بهذه المنظمة الإرهابية)، أم اننا سنكتفي، كما في الجولات السابقة في لبنان وغزة، بـ"الحسم" الذي سيحقق الهدوء المؤقت ولكنه لا يعيق قدرة العدو على الهجوم مرة أخرى.
وفي الأساس: متى يفترض بالجيش الخروج الى حملة "الحسم" هل قبل أن تقوم ايران وحزب الله، كما هدد نصر الله مؤخرا، بإطلاق الصواريخ على المراكز والبنى التحتية الإسرائيلية - أي بواسطة ضربة مسبقة (هذه كانت نظرية الجيش الإسرائيلي، التي حققت له النصر طالما تمسك فيها) - أو كرد على ضربة فاتحة يقوم بها العدو، بعد ان يتسبب بقتل المدنيين والجنود، والتدمير والفوضى في البلاد؟.
لا أحد يشكك بقدرات الجيش الاسرائيلي على توجيه ضربة قاصمة لحزب الله، ولكن بما أن العدو يتزود بآلاف الصواريخ الدقيقة، التي يغطي قسم منها كل الأراضي الاسرائيلية، فإن السؤال هو، اذا تلقى الجيش الاسرائيلي امرا بالمبادرة الى الهجوم؛ أي، قبل ان تحول ايران وحزب الله مدننا الى خرائب وتدمر البنى التحتية الأمنية والاقتصادية.
المطلعون على الأمور يقولون انه على الرغم من مناقشة الأمور في المنتديات المناسبة، فقد كان بنيامين نتنياهو غامضا في تعامله مع هذه المسألة الحاسمة، وحسب تصريح رئيس الأركان، غادي ايزنكوت، فانه من غير المتوقع ان يوصي هو أيضا بخطوة كهذه.
إذا كان هذا هو الحال - أي انه وفقا لنظرية الحرب الإسرائيلية في الجيل الأخير، يتم حجز امتياز الضربة الأولى للعدو - فمن الضروري أيضا، وربما أساسا، القيام باستعدادات واسعة النطاق لزيادة قدرة قيادة الجبهة الداخلية والأجهزة المدنية على التعامل مع العدد الكبير من الضحايا ومع الفوضى التي ستحدث حتى يتعافى الجيش الإسرائيلي من الضربة الأولى وينطلق نحو "الحسم".
طالما لم نتغلب على الحاجز النفسي، الذي يفرض علينا توجيه الضربة الاولى من أجل منع القتل الجماعي لمواطنينا – يجب تركيز جزء كبير من الاستعدادات للحرب التي يهدد بها نصرالله، على توفير اكبر دفاع للجبهة الداخلية، ويكون افضل بشكل كبير من السابق. لقد تعلم الجيش الإسرائيلي، كما يدعي، دروس حرب لبنان الثانية. يجب ان نأمل بأن هذا حدث فعلا. ولكن في الأماكن التي سقطت فيها الصواريخ، فشل المواطنون ايضا ومعهم غالبية المنتخبين ومشغليهم – وهذا ما يقللون من الحديث عنه.
لا يمكن تدريب المواطنين كما يدربون الجيش، واذا سمح الجيش للعدو بإطلاق صواريخه أولا، فمن المعقول أن نفترض بأن صور الهروب من الشمال والنقب (خلال عملية الجرف الصامد) سوف تتكرر، وهذه المرة بسبب التطور الكبير في قدرات العدو، وبسبب ازدياد الفزع وفقدان الوعي. وهذا سبب آخر - وهو السبب – لكي تأمر الحكومة الجيش الإسرائيلي بمنع العدو (وشل قدراته على عمل ذلك، كما ذكر) من القيام بإطلاق أول وابل من الصواريخ، الحاسمة.
وقيادة الليكود تصمت
يكتب دان مرجليت، في "هآرتس" ان الكثير من الإسرائيليين اصغوا باهتمام إلى تصريحات بنيامين نتنياهو بأنه بريء، "لن يكون هناك شيء لأنه لا يوجد شيء". لقد قولبوا عقولهم على أساس المعلومات الجزئية، مشاعر الأمعاء، الأدلة الظرفية والأمنيات. خلال الأيام العشرة الماضية، تميل الكفة نحو الجانب الآخر. ومرة أخرى، يجري الحديث عن معلومات جزئية فقط، ولكن موكب شهود الدولة، الذين لطخوا حاشية نتنياهو بتلقي الرشاوى، قلصت مشاعر الـ "لا شيء". لم يعد الحديث هنا عن "تفاحة فاسدة واحدة"، بل عن التخوف المزعج من موجة جرائم، غمرت المقربين من رئيس الوزراء.
ليس هناك ما يؤكد، حتى الان، أن المزاج الحالي هو نهاية القصة. ومن شأن الأدلة الضعيفة والشائعات، وحملة العلاقات العامة الحادة ضد سيادة القانون والمحاكم، وتداعيات التردد من جانب النيابة العامة للدولة، أن تعيد عقارب الساعة الى الوراء، في تحول يتميز باتجاه متعرج. لقد تم تحديد حقيقة واحدة فقط: لم يسبق ابدا تسجيل مثل هذا الكم الكبير من المشبوهين في الحاشية الداخلية لرئيس الوزراء - في "الحوض" الذي يحميه، وفي مكاتب مجلس الأمن القومي القريبة، وبين أصدقائه. وعلى الرغم من أن الجميع يتمتعون بافتراض البراءة، فانه على الرغم من ذلك لا تزال هناك أهمية شعبية وسياسية للحالة الراهنة –حتى وإن كنا لا نزال بعيدا عن البت في تقديم لوائح الاتهام.
إيهود أولمرت سحب شولا زاكن خلفه. وقبله، ورط ارييل شارون ابنه عمري، الذي سجن بدلا منه. وكانت هناك أيضا عدة تحقيقات لم تسفر عن تقديم لوائح اتهام. ولكن هل حدث مثل هذا الوباء الجماعي من المستقيلين والمفصولين والمتهمين والمشبوهين وشهود الدولة؟ حتى أولئك الذين يعتقدون أن نتنياهو، الذي يدعي أن شراء الغواصات تم بحسن نية، وفقا لتوقعاته الأمنية، فهموا أن التركيبة التي أحضرها معه إلى الحكومة تعتبر تهديدا غير مسبوق للدولة والليكود.
في هذه الحالة، يتم توجيه الضوء إلى قادة الحزب، الذي ينشغل وزراؤه ونوابه في الكنيست حاليا في احتفالات الفروع بالعام المقبل. بعضهم لاحظوا ان هتاف "هايدي سارة" في مركز الليكود لا يعكس أجواء الوضع الحالي. والخطباء الذين كانوا يحرصون على الدفاع عن رئيس الوزراء ويمدحونه، ادركوا ان الصدى الذي انبعث من بين صفوف المستمعين كان أكثر اعتدالا من المتوقع. صحيح انه لم يصرخ احد، حتى الان، بكلمة الازدراء "بوز"، ولكن الحماس الزائف في المركز أمام كاميرات التلفزيون لم يتكرر في الفروع.
لقد تم كشف التصدع الأول في سد نتنياهو، الذي يسعى إلى إعطاء الانطباع بوجود وحدة كاملة، نوع من "سفينة شخصية" بينه وبين الليكود. ولذلك، ليس من الواضح لماذا لم يسمع في الجو حتى الان، صوت واحد من صفوف القيادة السياسية يقول له ان فرضية البراءة تقف فعلا الى جانبه، ولكن الأضرار التي سببتها حاشيته لحزب الليكود لا تغتفر.
يجب على الحزب، الذي يرغب بمواصلة احتلال مكانة الحزب السياسي الرائد في دولة إسرائيل، أن يجبر نتنياهو على الاستقالة، والدفاع عن سمعته الجيدة من منزله في قيسارية، ويترك لشخص آخر أن يثبت نفسه كرئيس للوزراء خلال العامين المتبقيين للكنيست الحالية.
نفتالي بينت وأييلت شكيد غير معنيين بذلك. انهما يريدان لحزب الليكود الوصول الى صناديق الاقتراع مع رئيس وزراء منتوف الريش من ناحية سياسية، ويجلس على مقعد الاتهام.
ولكن كيف حدث وأن أيا من وزراء الليكود وأعضاء الكنيست لم يطالبه حتى الان بالاستقالة- ليس لأنه متهم، ولكن بسبب عار تركيبة موظفيه؟ هذا هو بالفعل عار حزب الليكود، الذي ليس لديه سوى مجموعة صغيرة من "الموالين لحركة الحيروت"، الذين يلعبون دور الطفل في قصة "ملابس الملك الجديدة". لا وجود لرجل صالح واحد بين الوزراء.
ان المطلوب هو خروج واحد فقط، يتمتع بالجرأة. لكن الجميع ينتظرون قيام المستشار القانوني للحكومة الدكتور أبيحاي مندلبليت بإخراج الكستناء لهم من النار.
تخوف في اسرائيل من أبعاد تقليص التنسيق مع السلطة
يكتب عاموس هرئيل، في "هآرتس" ان أجهزة الاستخبارات تصف شهر أيلول الحالي – أيلول هذا العام، أيضا - كشهر حساس جدا في العلاقات مع الفلسطينيين. في المؤسسة الأمنية، يشعرون بالقلق بسبب السلوك المحموم، واحيانا الحربي، لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس الذي يشعر بالإحباط من سياسة إدارة ترامب في المنطقة، وعدم مبالاة المجتمع الدولي بالقضية الفلسطينية، ويفكر بتجديد طلب السلطة الفلسطينية قبولها كعضو في أكثر من 20 منظمة دولية وانتهاج خط متشدد خلال خطابه في الأمم المتحدة.
من شأن هذه التحركات ان تؤثر، أيضا، على الوضع على الأرض، خاصة خلال موسم الأعياد، الذي يسود فيه دائما التوتر في موضوع جبل الهيكل (الحرم القدسي). وفي هذه الأثناء، قللت الأجهزة الأمنية الفلسطينية من التنسيق الأمني مع إسرائيل بشكل يمكن أن يضر بالجهود الرامية لمنع الإرهاب. وعلى هذه الخلفية، يتعزز في الجيش الإسرائيلي التقدير بأن إسرائيل تعمل في الوقت المستعار في المناطق حتى اندلاع موجة العنف المقبلة.
قبل بضعة أشهر، وبناء على طلب وزير الأمن، أعد مكتب منسق أعمال الحكومة في المناطق مخططا عاما لبناء حوالي 14 ألف وحدة سكنية في قلقيلية، في المنطقة C، الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية الكاملة. لكنه لم يتم تنفيذ الخطة.
لقد هدف الاقتراح إلى تلبية الاحتياجات الاقتصادية الفلسطينية، اكتظاظ الإسكان، وقطف الثمار أيضا في قناة العلاقات السياسية المشحونة مع السلطة الفلسطينية. ولكن، عندما طرحت الخطة للمناقشة في مجلس الوزراء المصغر، في اوائل تموز، واجهت معارضة شرسة من جناح الصقور في الائتلاف، برئاسة وزراء البيت اليهودي، وبدعم من بعض وزراء الليكود. وقد اندلع نقاش حاد بين وزير الأمن افيغدور ليبرمان والوزير نفتالي بينت، فاعلن رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو انه سيتم خلال اسبوعين اجراء مناقشة اخرى حول الخطة، بعد ان ألمح الى ان الجهاز الأمني لم يعرض أمامه الصورة الكاملة.
وعلى الرغم من مرور شهرين تقريبا، إلا انه لم يتم اجراء هذا النقاش. ويعتقد بعض وزراء المجلس الوزاري المصغر، انه تم الغاء الخطة لان نتانياهو يدرك بأن معظم اعضاء المنتدى لن يوافقوا عليها. وقد ادعى وزراء البيت اليهودي وقادة المستوطنين أنه يمنع البناء في قلقيلية بسبب قربها من الطريق السريع - شارع 6، ولأنها ستمهد الأرض لنقل الأراضي للفلسطينيين في اتفاق مستقبلي. ومن ناحية أخرى، يعتقد الجهاز الأمني أن غياب التدابير المدنية لصالح الفلسطينيين يزيد من خطر الانفجار.
يوم امس، ذكرت صحيفة "هآرتس"، أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يريد الاجتماع مع نتانياهو وعباس في الجمعية العامة للأمم المتحدة بعد أسبوعين، وتحريك العملية السياسية. لكن الفلسطينيين يشتبهون بأن ترامب متحيز لصالح إسرائيل، ولا يستطيع المضي قدما في المفاوضات. ويشعر عباس بالغضب لعدم قيامه بإصدار بيان صريح عن حل الدولتين، ويساوره القلق إزاء تشريع الكونغرس لقانون تايلر فورس (الذي سيقيد الدعم للسلطة الفلسطينية بسبب مساعدتها للأسر الإرهابية) ويشعر بالإحباط بسبب عدم مبالاة المجتمع الدولي. كما انه، في جيل 82 عاما، يعاني من مشاكل صحية، أدت إلى دخوله لفترة وجيزة إلى المستشفى لإجراء فحوصات في تموز الماضي.
بالإضافة إلى الاستعدادات للانضمام إلى المنظمات الدولية، والتي طلبت الولايات المتحدة من السلطة الفلسطينية تجنبها في الماضي، يفكر المقربون من عباس، مرة أخرى، بالتوجه ضد إسرائيل الى محكمة العدل الدولية في لاهاي. وقد اختار الرئيس بشكل استثنائي، البقاء في تركيا خلال زيارة الامين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش إلى اسرائيل والسلطة الفلسطينية في نهاية آب، ما اضطر غوتيريش لالتقاء رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمدالله.
في خطاب ألقاه في الأمم المتحدة في نهاية أيلول 2015، على خلفية جمود مماثل في العملية السياسية، في نهاية إدارة أوباما، أعلن عباس أن الفلسطينيين سيتوقفون عن الوفاء بدورهم في الاتفاقات الموقعة مع إسرائيل منذ اتفاقات أوسلو. صحيح انه لم يتم تنفيذ التهديد بحذافيره، ولكن في اليوم التالي، اندلعت في المناطق وفي اسرائيل موجة ارهاب وادعت الحكومة الإسرائيلية في ذلك الوقت أنه تم في الميدان تفسير خطاب الرئيس كتصريح للتصعيد.
منذ الأزمة الأخيرة بين الجانبين - هجوم إطلاق النار في جبل الهيكل (الحرم) في منتصف تموز، الذي قتل خلاله شرطيان إسرائيليان، والمواجهة حول اقامة البوابات الالكترونية على أبواب الحرم، لم يعد التنسيق الأمني بين الجانبين إلى طبيعته. وبتوجيه من عباس، نادرا ما تعقد اجتماعات رفيعة المستوى مع ضباط الجيش الإسرائيلي وممثلي الشاباك، وتقتصر المحادثات أساسا على معالجة حالات الطوارئ. وبدورها، قامت اسرائيل بتقليص أنشطة اللجنة المدنية المشتركة، المهمة بالنسبة للفلسطينيين.
ولم يتم بعد حل التوتر مع الأردن. وفي عمان ما زالوا غاضبين على نتنياهو الذي قرر تحويل عودة حارس الأمن الإسرائيلي الذي قتل مواطنين أردنيين إلى حدث عام ورفيع. ويعيق الأردنيون النشاط المشترك مع إسرائيل، وفي القدس يعتقدون أنه في حال تجدد الصراع حول جبل الهيكل، فإن الأسرة المالكة لن تسارع الى التدخل والتسوية.
الأحداث التي وقعت في جبل الهيكل، والحادث الذي وقع في الأردن بعد أيام قليلة، والنزاع حول خطة قلقيلية تركت رواسب في العلاقات بين رئيس الوزراء وقادة اجهزة الأمن. ويبدو أن قادة اجهزة الأمن يفهمون أن كل واحد منهم بقي لوحده، في الوقت الذي يعمل فيه التحالف في ظل التحقيقات ضد رئيس الوزراء ورجاله. وفي الخلفية يعشش الخوف من خروج العلاقات مع الفلسطينيين مرة أخرى عن السيطرة، نتيجة لتراكم العوامل أو بسبب حدث معين، كما حدث في تموز.
في المناطق نفسها، تم في الأسابيع الأخيرة تسجيل انخفاض في عدد الاحداث. وفي نهاية الأسبوع المقبل، سينهي قائد قوات الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية، العميد ليؤور كارميلي، فترة سنتين. لقد أسهم كرميلي بشكل كبير في كبح موجة هجمات الطعن والدهس التي اندلعت في تشرين الأول 2015. وسيستبدله في المنصب العميد عران نيف، الذي كان، كقائد لكتيبة في لواء ناحال، في ذروة الانتفاضة الثانية، هو الضابط الذي قاد لتصفية الخلية الإرهابية التي قتلت 12 إسرائيليا على طريق المصلين في الخليل.
تبادل الأسرى: يجب الضغط على حماس
يكتب ايزي لايبلر، في "يسرائيل هيوم" انه تم في الأسبوع الماضي، نشر تقارير تفيد انه تجري مرة اخرى اتصالات مع حماس بشأن اعادة المدنيين والجنود الأسرى من أيدي المنظمة في غزة. ليس هناك ما يثبت بعد ما إذا كان الإسرائيليون الثلاثة - أبرا منغيستو وهشام السيد وجمعة أبو غنامة - لا يزالون على قيد الحياة. وكما هو معروف فان إسرائيل، تريد أيضا إعادة الجنديين اللذين قتلا واختطفا خلال الجرف الصامد، هدار غولدين وأورون شاؤول، لكي يتم دفنهما بكرامة.
نظرا للأهمية الكبيرة التي تعزى لاستعادة الأسرى وتعاطفنا مع أسرهم، فقد استسلمت الحكومة حتى اليوم للابتزاز من قبل المنظمات الإرهابية. ومنذ عام 1948، أفرجت إسرائيل عن أكثر من 7،000 أسير فلسطيني مقابل أقل من 20 اسيرا إسرائيليا. ويشمل هذا العدد 1027 إرهابيا تمت مبادلتهم بجلعاد شليط. وقد عاد الكثير من الذين أطلق سراحهم إلى الإرهاب. وقام أحدهم، محمود القواسمة، بإرسال قتلة الفتية الثلاثة في عام 2014. وهناك اسير آخر محرر، هو يحيى سنوار، الزعيم العسكري المتعصب لحماس في غزة.
في عام 2012، أوصت لجنة شمغار بوضع انظمة تهدف إلى ضمان عدم الحسم في صفقات الأسرى وفقا لمشاعر الجمهور وضغط وسائل الإعلام. وللأسف، لم تنفذ هذه التوصيات قط. عمليات التبادل المشوهة تحول قادة حماس إلى أبطال، وتخلق حافزا لمزيد من عمليات الاختطاف، وتظهر نهجا بأن الإرهاب أكثر فعالية من المفاوضات، وتزود الإرهابيين في السجون بأمل اطلاق سراحهم أيضا.
قبل أن يدخل في المفاوضات، طالب سنوار بالإفراج عن جميع السجناء الـ 60 الذين أعيد اعتقالهم بسبب عودتهم إلى النشاط الإرهابي بعد صفقة شليط. وقد رفض وزير الأمن افيغدور ليبرمان ذلك، من خلال التأكيد على ان اسرائيل لن تكرر خطأ الافراج عن القتلة مقابل عمليات الخطف التي تقوم بها حماس. وجاءت تصريحاته ردا على التماس عاطفي من سمحا غولدين، والد هدار. لقد اتهم الأب ليبرمان بأنه "ضعيف" و "جبان" لأنه لم يجبر حماس على إعادة جثتي هدار وشاؤول. وقد تقبل ليبرمان انتقاد غولدين وتعهد ببذل كل ما في وسعه لإعادة جثتي الجنديين، ولكن ليس على حساب تقويض أمن إسرائيل. وجاءت تصريحات ليبرمان بعد استقالة منسق شؤون الأسرى والمفقودين ليؤور لوطن، الذى اشتكى هو أيضا من ضعف إسرائيل.
يجب علينا، على الأقل، أن نطلق حملة عالمية تطالب الأمم المتحدة وهيئات حقوق الإنسان بالتركيز على هذه القضية. منظمة "امنستي العالمية" التي تحجب، عادة، الفظائع التي ترتكبها حماس، اضطرت إلى إدانة عمليات الاختطاف. وهناك من يوصي بخطوات أشد راديكالية. فقد اقترح لوطن اعتقال 200 ناشط من حماس مقابل كل إسرائيلي تحتفظ به المنظمة، والبعض الآخر يقترح توقف إسرائيل عن إعادة جثث إرهابيي حماس إلى أسرهم، أو أن تحد بشكل كبير من الظروف المعيشية لإرهابيي حماس في السجون، وهناك، أيضا، من يحثون على تشديد الحصار المفروض على غزة.
المعارضون لذلك يدعون أن مثل هذه التحركات سوف تنفر الرأي العام، وهناك مصادر عسكرية تخشى أن يؤدي هذا العمل إلى إشعال الصراع. من الخطورة السماح لمحللي الكراسي، غير الملمين بكل الحقائق، بإصدار توصيات عقائدية. من المستحيل مجادلة الآباء والأمهات المنكوبين الذين قتل أولادهم أو أسروا، ولكن هذا لا يعني أن مطالبهم يجب أن تتحقق. وعندما يتعلق الأمر بحركة حماس، فإننا نواجه برابرة أعلنوا مرارا نيتهم شن هجوم علينا في الوقت الذي سيختارونه.
إذا قمنا بالإعلان عن نوايانا، فمن المتوقع أن يقف إلى جانبنا معظم الرأي العام. والواقع أن هذا ليس قرارا سهلا. ينبغي تجنب الإفراج عن مجموعة كبيرة أخرى من القتلة - ولكن الخطب وحدها ليست كافية. لقد قال اللواء يواف موردخاي، منسق الأنشطة الحكومية في المناطق، لمبعوث الولايات المتحدة في الشرق الأوسط جيسون غرينبلات بأننا "لن نسمح بالتطور الكبير في قطاع غزة، دون اعادة الجنود الإسرائيليين المفقودين". ربما يتطور لدى صناع القرار الموقف الذي يقول انه من المناسب تجربة طريقة العصا والجزر.
مجرد مناورة
يكتب اليكس فيشمان، في "يديعوت أحرونوت" انه عندما يبرز الجيش الإسرائيلي عضلاته على الحدود الشمالية، ويتحدث عن هزم حزب الله في عملية عسكرية، نوصى بالعودة إلى عام 2006 للحصول على بعض التناسب بين الخطاب والقدرة على التنفيذ. على الرغم من أنه من المهم جدا لإسرائيل أن تظهر قوة أمام الحكومة اللبنانية وحزب الله، وان تحدد الرسائل والنوايا، إلا أنه يحظر الوقوع أسرى خلف المناورة المعقمة التي تحمل اسم الراحل مئير دغان، التي ينفذها الجيش هذه الأيام، والتي يمكن أن تُدخل الجمهور في حالة من اللامبالاة والشعور بالرضا الذاتي.
أحد الأحداث التي حددت أداء الجيش الفاشل في عام 2006 حدث بالذات في مؤتمر عقده الجيش قبل عام تقريبا، في الذكرى العاشرة لحرب لبنان الثانية. وبطبيعة الحال، لم يتم اشراك الجمهور في الدروس التي أثيرت في ذلك المؤتمر. في أحد المنتديات، جلس قادة الفرق التي شاركت في تلك الحرب، والذين عرضوا دروسهم الشخصية على مسامع الضباط، وجلس مقابلهم رجلان اتهماهم بعدم طاعة الأوامر. لم يكن المُتهمان من أعضاء الكنيست أو الصحفيين الغاضبين، وإنما رئيس الأركان في حينه، دان حالوتس، ورئيس الأركان الحالي غادي ايزنكوت، الذي كان في عام 2006 رئيسا لقسم العمليات، وكان في الواقع الشخص الذي أصدر للقيادة الشمالية في حينه الأوامر التي لم تتحقق. وادعى حالوتس وايزنكوت أن قادة الفرق الذين يجلسون معهم على المسرح تلقوا أوامر بتنفيذ هجوم مزدوج من قبل فرقتين، ولأسباب يحتفظون بها لم يفعلوا ذلك. وعلى الرغم من أن الهجوم المزدوج على تلال حمميس قد بدأ ظاهرا، إلا أنه تم تعليقه سريعا - بعد أن قرر أحد قادة الفرق أن الشروط لن تسمح له بتنفيذ المهمة وطلب من قائد المنطقة التوقف. وقد توقف الهجوم - ولم يتجدد.
ليس هناك أي شك في أنه خلال المناورات التي سبقت تلك الحرب، قام قائد الفرقة بتنفيذ المهام بشكل فريد من نوعه، في جميع الأحوال الجوية وكل الظروف، ودمر العدو - وهنا تماما، تكمن الفجوة بين خطاب رجال الجيش وقدرته على التنفيذ. وهذه حالة واحدة فقط من عدم تنفيذ أوامر هيئة الأركان العامة، حرفيا، في تلك الحرب – ومع ذلك، لا يزال اثنان من قادة الفرق الذين شاركوا في ذلك المنتدى يحملان رتبة جنرال. وبعبارة أخرى، على الرغم من أن رئيس الأركان استنتج بأن ضباطه لم ينفذوا أوامره، فقد تم ترقيتهم إلى قمة الهرم. مسألة الدروس المستفادة، بما في ذلك الدروس الشخصية، تعتبر جزء كبيرا من مشكلة أخرى في التنظيم العسكري. في المناورات لا توجد مشاكل كهذه. الاختبار الحقيقي الذي يستعد له رجل الجيش وترتبط فيه كل سيرته ويحصل فيه على النتيجة الحقيقية، هي الحرب، وكل من فشل في الاختبار الحقيقي فليتفضل ويترك مدرستنا، لكن هذا لم يحدث، وربما لن يحدث.
لقد ادعى رئيس الأركان ايزنكوت أن حرب لبنان الثانية شكلت انتصارا استراتيجيا، والدليل: الهدوء على الحدود الشمالية ربما يكون على حق، ولكن الإنجاز الاستراتيجي تحقق على الرغم من الأداء الإشكالي لقيادة الجيش. لقد كانت القيادة الميدانية الرفيعة هي التي منيت بالفشل العسكري، وطالما لم يعترف الجيش بذلك، فانه لن يتعلم أي شيء، ولا حتى في المناورات الحالية.
مناورات الفيلق العسكري في القيادة الشمالية الجارية حاليا تستبدل في الواقع مناورات القيادة العامة للجيش الإسرائيلي التي تجري كل عام. وقد تقرر هذا العام، كما يبدو لأسباب تتعلق بالميزانية أو التنظيم، تنظيم مناورات للفيلق - وإن كان ذلك على نطاق أوسع بكثير من المعتاد - فانه لا يزال على مستويين أقل من رؤية القيادة العامة. المناورات الحالية ترى حلبة حرب واحدة. صحيح انها حلبة مركزية، ولكن حتى في تقييم الاوضاع المتفائلة فان الحرب – عندما ستندلع – ستشمل على الأقل حلبتين: الفلسطينية واللبنانية. وهذا في وقت يمكن فيه للحلبة السورية، التي تعتبر اليوم هامشية في الحرب، ان تتحول الى الحلبة الرئيسية امام قوات مناصرة لإيران. اضف الى ذلك، انه يفترض بهذه المناورة ان ترد على السؤال حول ما اذا كانت الخطة الخماسية "جدعون" التي بناها رئيس الأركان، قد بلورت جيشا يستطيع توفير رد على ثلاث حلبات في آن واحد.
المناورات مهمة، والاعلام مهم، والردع مهم، والدعاية لهذا الغرض غير مستحيلة. يجب علينا فقط عدم ارباك انفسنا.