| خيري منصور أنا أو أنت !! - | |
|
|
|
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75853 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: خيري منصور أنا أو أنت !! - الأحد 14 يناير 2018, 6:23 am | |
| عيّنات من سايكولوجيا الضحية!! خيري منصور
الجلاد واحد رغم الاختلاف الكمي لمنسوب ساديّته وكذلك السجّان، لكن الضحيّة متعددة كما ان السجناء ليسوا سواسية في ردود افعالهم ومواقفهم، والضحية قد تكون بليغة او خرساء، لكن ما حدث في مختلف مراحل التاريخ هو ان الضحية غالبا ما تكره كلّ ما يذكرّها بنفسها ولهجتها وهويتها ايضا، خصوصا حين تكون شحيحة الرجاء بتغيير الحال، فاليهود في فترة ما كانوا يهربون من كل ما يذكر الاخر بهويتهم، لهذا تماهوا مع الشعوب التي عاشوا بينها واصبحت اسماؤهم غير ذات دلالة على العرق او الدين وذلك بعكس ما يحدث الان، بعد ان اعتقدوا بأنهم اقوياء ومُنتصرون، لكنهم سرعان ما انتجوا يهودهم من صلبهم، وهذا ما يمكن التأكد من صحته اذا قرأنا ما كتبه السفارديم او اليهود الشرقيون عن معاناتهم من الاشكيناز واخيرا ما كتبه الفلاشا والسود عن الاضطهاد بحيث بلغ الامر حدا بعيدا من عنصرية اللون واصبح دم اليهودي الاسود غير صالح لليهودي الابيض!. الضحية متعددة لو كان المصير واحدا، فالنعجة ليست لبؤة بأية حال، وثمة فارق جذري بين ضحية تتماهى مع جلادها وتصبح تلميذة مستجيبة لتعاليمه وبين ضحية نبيلة وبليغة كنلسون مانديلا الذي كان محصّنا وملقحا ضد الاصابة بالعدوى العنصرية من جلاديه البيض طيلة حياته التي استمرت اكثر من تسعة عقود قضى ثلثها في زنزانة كانت بسعة العالم كله! ولأن الضحية الخرساء تشعر بالنفور من مثيلاتها، فهي تحاول الاختلاف وتغيير الجلد واحيانا تتقمص جلادها من باب التقيّة كي تنجو! ولم تدرس سايكولوجيا الضحية كما تستحق، رغم انها منجم لمن لديه شهوة بحث في هذا المجال، والمسألة اولا واخيرا متعلقة بثقافة الضحية ومرجعياتها، فهي إما ان تكون امتثالية سريعة التأقلم او متمردة تعي استحقاقاتها للحياة والحرية والكرامة! والامثلة التي يقدمها التاريخ في هذا السياق لا تحصى!!. |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75853 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: خيري منصور أنا أو أنت !! - الإثنين 15 يناير 2018, 9:21 am | |
| كتابة محدودة الصلاحية !! خيري منصور
كلما وقع بيدي كتاب من طراز اسماء لا تموت لمصطفى امين عاد بي الزمن الى تلك المرحلة الخضراء في حياتنا التي شهدت موجة عالية من التنوير، وكانت معظم الكتب التي تصدر للعقاد وطه حسين وفكري اباظة وسلامة موسى والاخوين مصطفى امين وعلي امين هي مجموعة مقالات نشرت في الصحف اليومية والاسبوعية، ومنها ما كتب ونشر في اربعينات القرن الماضي لكنه لم يفقد صلاحيته حتى الان، ومنها على سبيل المثال لا الحصر اسماء لا تموت لمصطفى امين الذي تحدث فيه عن ابرز مفكري وادباء جيله . لم تكن الكتابة في تلك المرحلة على طريقة ما يسمى الان ديسبوزبل ، اي لاستخدام مرة واحدة كما يفعل الناس بالمحارم الورقية، وهذا هو الفارق الذي اشار اليه الشاعر الانجليزي اليوت عندما قارن بين الحب الرومانسي وظلاله على ضفاف نهر التايمز وبين الحب الواقعي جدا في ايامه، فالمناديل الحريرية تحولت الى اوراق ملوثة وعلب فارغة ملقاة على ضفاف النهر، ولهذه المقارنة دلالات تتخطى المثال الذي تحدث عنه الشاعر، والفارق بين مقالة تفقد قيمتها اللغوية وصلاحيتها السياسية والثقافية بعد يوم واحد من نشرها وبين تلك المقالات التي عبرت اكثر من ثلاثة اجيال وما تزال طازجة لم يتسلل اليها العطن هو ذاته الفارق بين نمطين من الحياة، احدهما كل ما فيه مصطنع ومعلب ومسمم بالكيمياء والاخر عضوي ومن صميم الطبيعة التي بدأت تنتقم لنفسها ممن انتهكوها بالاعاصير والزلازل والتلوث، وهو ما اطلق عليه الكاتب روبرت كابلان انتقام الجغرافيا، رغم ان هذا الانتقام يتزامن مع انتقام التاريخ ايضا لمن يجهلونه تماما كما يحدث للمغفلين اذا جهلوا القوانين حتى لو كانوا طيبين ! ومن قراءتنا لتلك المقالات بعد عدة عقود من نشرها نجد ان الكاتب في تلك المرحلة حددت موهبته جهة بوصلة حياته، ولم تكن عملية استيلاد الكتاب بالانابيب على اختلاف اشكالها قد ادت الى تعويم المهنة الناتج عن التضخم الكمي والفقر النوعي . انه ايضا الفارق بين عسل يفرزه نحل معلوف بالسكر المطحون وبين شهد يفرزه النحل بعد ان يقطع مئات الاميال بحثا عن الرحيق !! |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75853 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: خيري منصور أنا أو أنت !! - الأربعاء 17 يناير 2018, 1:38 pm | |
| هوامش في ذكرى الزعيم !! خيري منصور
ما كُتب وسوف يكتب عن مئوية الزعيم عبد الناصر، سيشهد الكثير من التكرار واعادة انتاج ما يُنشر او يُبث فضائيا، لهذا سأقتصر في هذه العجالة على بضعة مواقف لها بُعد شخصي قد تعلق المناسبة بعبد الناصر. ذات مساء ممطر في احد فنادق عمان اتيح لي ان التقي الرئيس التنزاني جوليوس نيريري بصحبة الصديقين عبد الله صلاح وعدنان ابو عودة، واذكر انني فاجأته بما لا يتوقعه على الاطلاق وهو انه كان في ستينيات القرن الماضي سببا لرسوبي في امتحان له صلة بدراستي للادب العربي، وقلت له انني علمت من زملائي انه سيمر مع عبدالناصر من منطقة روكسي بمصر الجديدة وكان لدي فضول لم استطع مقاومته لأرى الزعيمين من شرفة غرفتي، صمت نيريري فيما كانت عيناه محتقنتين وقال : هل ثمة من يتذكّر ! وحين التقيت السيدة مُنى ابنة الرئيس عبد الناصر بعد محاضرة القيتها عن الاعلام العربي قلت لها انني هنا بفضل ابيك، ولولاه لما تعلمت في جامعة القاهرة وانا القادم من قرية نائية لم تكن وصلتها الكهرباء، وكانت حصيفة باجابة قلت لها انها تليق بتربية عبد الناصر، وكان ذلك الموقف بحضور السيد عمرو موسى والصديق غسان طهبوب وبدعوة من السيدة رندة فؤاد! وبالامس كان الصديق احمد الجمّال وهو من ابرز الناصريين والعروبيين يحاور على احدى الفضائيات احد قادة حزب الوفد، واختصر الجمّال الحكاية كلها حين قال انه تعلم، ويركب سيارة فارهة ويدخن السيجار رغم انه من عائلة غير موسرة ومن فلاحي مصر بفضل عبد الناصر! وذات مساء قاهري دافئ قال لي الصديق الشاعر احمد فؤاد نجم ان عبد الناصر مات وهو في السجن ولما جاءت امه لزيارته تصورت انه سيشمت بموت عبد الناصر وقالت له يا ولدي سقط عمود الخيمة! وحين نشرت مقالتي نداهة اليتيم في مجلة وجهات نظر المصرية عن ذكريات ابهى عقود القرن العشرين وهو الستينيات التقيت الاستاذ هيكل الذي كان ينشر مقالاته في المجلة ذاتها، ودار حديث عن الستينيات وعبد الناصر وفلسطين وعرفت منه انه يحتفظ بدفتر صغير يشبه دفاتر تلاميذ المدارس كان عبد الناصر يكتب فيه يومياته في الفالوجا، وعلى غلافه بقع دم اصبحت سوداء، قال لي هيكل لو أن رجلا غيره حدث له ذلك لقال، إنه «جُرح في الحصار»، لكن عبد الناصر قال إنه «كان يكتب على ضوء مصباح نفطي وانكسرت زجاجته فأدمت يده». لا تتسع هذه العجالة لذكر بعض ما سمعته من العديد ممن عرفوا ناصر عن قرب ويبكونه الآن عن بُعد ! |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75853 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: خيري منصور أنا أو أنت !! - السبت 20 يناير 2018, 11:34 am | |
| ثقافة ما قبل الدولة
خيري منصور
ما أعنيه بما قبل الدولة، يأتي في سياق مضاد لما يطلق عليه المابعديات، سواء تعلق الامر بالدولة أو الحداثة أو الثقافة، وقد يستغرب البعض أن بيان موت الحداثة، كما يقول ماكفرلين، صدر في برلين في أوائل القرن التاسع عشر وبالتحديد عام 1815، بحيث يصبح كل ما أعقب ذلك التاريخ ضمن ما بعد الحداثة، وقد يكون هذا مجرد اجتهاد يقبل المناقشة، لأن الحداثة ليست مناخا أو حالة واحدة متجانسة في العالم كله وفي مختلف لغاته وثقافاته، لهذا كان هنري لوفيفر يصر على أن يضيف إلى كلمة الحداثة ما يحدد الثقافة التي يتحدث عنها، فيردد كلمة حداثتنا وفي هذا التحديد يكمن مفهوم جغرفة الثقافة ورسم تضاريس لها. وبهذا المقياس أيضا هناك من المفكرين المعاصرين من قال إن العولمة لم تظهر بعد سقوط سور برلين، أو في نهايات الحرب الباردة في القرن العشرين، بل تعود إلى عام 1492 وهو عام سقوط غرناطة، بحيث يكون عمرها قد تجاوز الخمسة قرون، وسيبقى الافق مفتوحا ومتاحا لمثل هذه الاجتهادات، تبعا للرؤى والمناهج والمقاربات المعرفية، خصوصا إذا استخدم مصطلح الثقافة كمرادف للحضارة، كما قال الشاعر ت . س . أليوت. وقد يكون كتاب الأنثروبولوجست بيير كلاستر عن مجتمعات ما قبل الدولة، من أدق المراجع في هذا المجال، لأنه أقام زمنا بين قبائل بدائية ورصد على نحو ميداني نمط الإنتاج وما يفرزه من تقاليد ومنظومات قيم في تلك المجتمعات، خصوصا في فصل بعنوان «السلة والقوس»، فالسلة ترمز إلى الأنوثة كما يرمز القوس إلى الذكورة، ما دام هناك من يقطف الثمار مقابل من يراكمها في السلال. وفي مجتمع ما قبل الدولة، يكون النفوذ لمصدر الكلام وليس للكلام بحد ذاته، ويتجسد ذلك في كل ما يصدر عن زعيم الجماعة، في نظام شبه عسكري أو إسبارطي يعتبر الخارج عنه مارقا، ومن أهم ما رصده كلاستر ما يسميه تحريم النجاح على من يحققه من خلال الصيد، فمن يصطاد حيوانا أو طائرا يحرم من حصته منه، ومن هنا نشأ الاغتراب الذي عبّر عنه صيادو القبيلة، ومعظمهم من الشبان، بابتكار لغة بديلة للغة السائدة وكأنهم يستردون نجاحهم المسروق بشكل رمزي على الأقل. ما قبل الثقافة بمعناها الدقيق كان السائد وما يجب الاحتكام إليه هو الأعراف المتوارثة عبر الأجيال، والحقائق ليست نسبية بحيث يدعي امتلاكها كل من يشاء تبعا لمنسوب وعيه وإدراكه، لهذا فالزعيم معصوم، وما من سبيل لنقض ما يصدر عنه من أحكام، لأن قيمه ما يقوله مستمدة فقط من توقيعه ومكانته، ولأن الكلام سبق الكتابة تاريخيا ، فهو الوليد البكر لثقافة ما قبل الدولة أو الثقافة الشفوية، ويتناغم هذا مع نمط الإنتاج السائد في المجتمعات البدائية، وهو غالبا الصيد، لهذا تقاطعت طروحات كلاستر مع عالم الأنثروبولوجيا ميلونوفسكي، رغم التباين المنهجي والأيديولوجي خصوصا عندما كتب عن اكتشاف البرونز لأول مرة في التاريخ، وينتهي بعد ذلك إلى ما يسميه العلاقة بين البرونز وهزيمة المرأة الكبرى في التاريخ، حيث ظهرت بواكير الباترياركية أو المجتمع الأبوي الذكوري لأن السلاح الجديد جرّد المرأة من سلاحها الرمزي الأسطوري . ما قبل الدولة لا توجد قوانين أو شرائع يخضع لها الأفراد جميعا بلا استثناءات ما دام هناك من يحق له ما لا يحق لسواه، بسبب المكانة الموروثة أو احتكار القوة وأدواتها، لهذا لا يمكن أن تنشأ الدراما بمختلف تعريفاتها بدءا من الصراع في مجتمعات بدائية، السائد والمقرر فيها هو الامتثال، الذي عبّر عنه شاعر عربي ينتمي إلى قبيلة اسمها غزيّة، وقال إنه مجرد صدى لها، سواء تعلق الأمر بالغزو أو الرُّشد. والفرد في مجتمعات ما قبل الدولة مجرد رقم أصم، ولا معنى حتى للأسماء إلا بقدر ما تفرق بين فرد وآخر في القطيع، لهذا هناك قبائل ترسم بالنار شارة معينة لكل أفرادها تنوب عن أسمائهم وانتسابهم، وما يحدث على هذا الصعيد العضوي له ما يرادفه ثقافيا، فالفرد المختلف، بعير أجرب أو عنزة سوداء في القطيع، عليه أن يقبل العقاب بالإفراد والنبذ خشية من عدوى الاختلاف والتمرد التي قد تتسلل إلى الأفراد الآخرين. وخير مثال عربي معاصر على ثقافة ما قبل الدولة، المهرجانات الإعلامية ذات الأقنعة الثقافية، التي غالبا ما تستخدم كشكل من أشكال الزكاة المحرّمة لغسل الاستبداد كما تغسل الأموال. وفي مناخات مثل هذه الثقافة سرعان ما يعود المثقف بالمعنى المجازي إلى صورته الأولى ، ويرى أن أي رأي سلبي يقال عن دولته أو بلاده ينبغي التصدي له على الفور وبغير ذلك يتعرض للتخوين والتجريم والنبذ، وما كان لمثقفين من طراز جان جينيه أو نعوم تشومسكي وسارتر وهنري ميلر وغيرهم أن يبقوا على قيد الحرية والحياة |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75853 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: خيري منصور أنا أو أنت !! - الأحد 21 يناير 2018, 11:33 am | |
| سلالة من الأصداء والظلال!! خيري منصور
اذا لم تعتبر النظم السياسية الباقية على قيد التاريخ والسلطة مما جرى لغيرها؛ فهي كمن تأخذه العزة بالاثم ويسعى الى حتفه، ورغم كل ما قيل وسيقال عن الاسباب الكلاسيكية لانهيار دول وسقوط نظم، يبقى ذلك السبب المسكوت عنه لاسباب غير مقنعة على الاطلاق، وهو النفاق السياسي الذي يزين للنظم اخطاءها ويسبّح بحمد خطاياها، وقد رأينا كيف كان الاشد نفاقا ودفاعا عن الاخطاء الاسرع قرارا عندما ارتطم اول كوز بأول جرّة، وهؤلاء لا مانع لديهم ان يكونوا رجالا ونساء لكل العصور؛ لأنهم يشبهون المايكرفون المحايد او الشاشة البيضاء التي تقبل كل ما يقال من خلالها، انهم من سلالة آدمية معروضة للايجار منذ مطلع التاريخ وسيبقون كذلك حتى نهايته، ان لم يكونوا هم انفسهم من اسباب نهايته، وليس ما ذكره فوكوياما حين نعى التاريخ واعلن وفاته. وقد اتيح لي غير مرة ان اذكر ذلك امام اصدقاء منهم ساسة ومفكرون وكنت اسمع منهم امثلة تكرس ما ذهبت اليه، وأحد هؤلاء كان يقول لصاحب القرار وصانعه عندما يختلف معه في موقف ما: انا يا سيدي اريد ان احلل راتبي، فلا ضرورة لي ان كنت سأردد الصدى كالببغاء! ان من يتلقح ضد اللدغ من الجُحر ذاته عليه ان ينتظر ما لا يتمناه، اما المفارقة قدر تعلق هذا الامر بعالمنا العربي الذي تجاوز عدد عجائبه الالف، فهو ان من يلوذون بالفرار ويخذلون اولياء نعمتهم في ربع الساعة الاخير ينتظرون الى اية جهة ستميل الريح، ويعلنون التوبة عن انتماءاتهم الخاسرة، وقد يكتبون طرازا من المذكرات اقرب الى التأليف واعادة انتاج الوقائع كي يصبحوا مؤهلين لاستخدام جديد. واتذكر دائما في مثل هذا السياق حوارية سومرية كان العبد فيها يقول للسيد كل ما يروق له، وذات يوم قال له السيد ان وجوده لا معنى له، لأنه مجرد ظل وصدى وكان يمكن لتلك الاسطورة السومرية ان تُصبح موعظة تاريخية. انها سلالة ابدية على ما يبدو فهي ساهمت في اسقاط امبراطوريات وتفكيك دول ومصائر مأساوية لزعماء؛ لأنها سلالة ذرائعية وبلا اي كوابح ولا بأس لديها ان تكون مع الله والقيصر في اللحظة ذاتها!! |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75853 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: خيري منصور أنا أو أنت !! - الإثنين 22 يناير 2018, 10:29 am | |
| ثقافة ممنوعة من الصرف ! خيري منصور
في المجتمعات الاقل تمدنا والاكثر ارتهانا للتقاليد والاعراف غالبا ما تتورط النخبة بازدواجية تبطل كل مفاعيلها، ويصبح خطابها المزدوج عقبة تحول دون ترجمة الافكار المجردة والمفاهيم الى ممارسات ميدانية، لهذا على سبيل المثال تصبح انماط السلوك متجانسة رغم التباين الايديولوجي واختلاف الانتماءات السياسية، بحيث يلتقي اليساري مع اليميني على النظرة الى المرأة والى الجاه الاجتماعي الذي يطفو اخيرا على كل المعايير ذات الصلة بالثقافة والمعرفة، وهناك امثال لدى العديد من الشعوب تعبر عن هذه الظاهرة رغم اختلاف اللغات، منها ما يقوله الفرنسيون عن الجص والطين تحت الرخام وما يقوله الروس عن السلافي الذي يظهر اذا كشط عنه الطلاء الايديولوجي، وهذا ايضا ما يقوله العرب عن السخام الهاجع تحت السخام ، وهو ايضا ما عبّر عنه ابن خلدون حين قارن بين الطبع والتطبع وانتهى الى ان الغلبة في النهاية للطبع ! وما قد نسمعه من النخب على اختلاف المجالات يبدو متأنقا من حيث اللغة واساليب الطرح، لكنه لا يصمد دقيقة واحدة امام الاختبار، لأن الاحتكام في نهاية المطاف ليس للعقل والمنطق بل للسائد والموروث وسبب ذلك هو الهلع الذي يشعر به المثقف اذا جازف بالاختلاف فهو على موعد محتم مع النبذ والاقصاء، وقد يتحول الى امثولة، ، لهذا تبذل النخب العربية تسعين بالمئة من الجهد والوقت لتجنب ما يعرضها للمساءلة حتى لو كانت في النطاق الاجتماعي فقط، ولا علاقة لها بالسياسة، والنتيجة هي فقدان المشيتين، فالمثقف الذي يخون قناعاته لكي لا يوصف بالتغريد خارج السرب، لا يستطيع التأقلم مع الاخرين كما انه لا يستطيع التناغم مع ذاته، وقد يبقى يراوح في منتصف المسافة حتى النهاية . وانتظار الخلاص من نخب كهذه لا يختلف عن انتظار المطر من سحابة غبار او دخان !! |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75853 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: خيري منصور أنا أو أنت !! - الثلاثاء 23 يناير 2018, 6:25 am | |
| مشاهد من مسرح اللامعقول !!
حين قرأت للمرة الأولى عددا من مسرحيات اللامعقول او العبث لصاموئيل بيكيت ويوجين يونسكو وجون اوزبورن وأرابال وغيرهم، لم يخطر ببالي على الاطلاق ان من حرموا من قراءة تلك المسرحيات او مشاهدتها هم على موعد معها وانهم سوف يشاهدونها في الهواء الطلق وفي الشوارع وعلى الارصفة اضافة الى شاشات الفضائيات، فكل ما كتبه هؤلاء ووصف باللامعقول يبدو الان اكثر منطقيا ووقورا ومعقولا جدا ازاء ما يقدمه الواقع العربي من مشاهد يلعب فيها الجنون دور البطولة، اما الملايين سواء ممن يصفقون او يتثاءبون على مقاعدهم فهم مجرد كومبارس او جوقة ! فالعرب المعاصرون انتظروا البطل المخلص الذي يحرر لهم بيت المقدس وهو صلاح الدين او احد احفاده اكثر ما انتظر بيكيت غودو، وهناك مشاهد تتفوق على ما جاء في مسرحية الدرس من عبث، اما مسرحية جون اوزبورن البريطاني التي عبّرت عن جيل من اللامنتمين في خمسينيات القرن الماضي وبتأثير من الحرب العالمية الثانية وهي بعنوان انظر وراءك بغضب فقد اعاد العرب تأليفها لكن على نحو معكوس، وهو انظر امامك بغضب وحزن لأن مستقبلك ومستقبل ابنائك واحفادك مجهول . وما كتبه السورياليون والدادائيون من جنون وقفز عن الواقع يبدو الان كما انه مترجم من اللغة العربية الى الفرنسية مع فارق واحد هو ان سوريالية فرنسا ادبية وشعرية . اما المعجزة التي حققها العرب في مطالع هذه الالفية ويستحقون عليها بضع براءات اختراع وحُزمة من جوائز نوبل وبوليتزر وجونكور فهي اخضاع التكنولوجيا للخرافة وتوظيف منجزات العلم لمضاعفة التخلف وتحويل كل ما هو نافع على سطح ارضهم وفي باطنها الى ضار اضافة الى مكافأة الجهلة على ما يقترفون ومعاقبة العلماء على ما يبتكرون ! لقد سبقنا الغرب في مسرح اللامعقول والسوريالية لكننا الان نتفوق عليه بما يفيض لدينا من فوضى وجنون واوهام !! |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75853 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: خيري منصور أنا أو أنت !! - الأربعاء 24 يناير 2018, 2:15 pm | |
| خنادق فضائية !
انها عينات مصغرة وكاريكاتورية لما سمي حرب الفضاء، فأسلحتها كلامية فقط الا في البرامج الحوارية التي يتراشق فيها الضيوف بأكواب الماء والاحذية وما تيسر على المائدة ! ومن راهنوا قبل ربع قرن على ان يتحرر الاعلام الفضائي من جاذبية الاعلام الارضي فاجأهم الفضاء بما انتهى اليه من ارتهانات ايديولوجية ومالية وسياسية بحيث تنافس رجال مال واعمال على توظيف قنوات لخدمة مصالحها وما يطمحون اليه من مصاهرة بين المال والسلطة، ومن المألوف ان تختلف الشاشات سواء كانت ارضية او فضائية في اساليب الاداء وبعض المواقف ، لكن من غير المألوف ان تتحول الى خنادق متقابلة، وبامكان اي مراقب ان يختار فضائيتين عربيتين ليجد ان احداهما تقول بأن الشمس تشرق من الشمال والاخرى من الجنوب اما جهة الشرق فهي محذوفة من البوصلة ! وبمرور الوقت وتكريس التوظيف السياسي والادلجة للفضائيات اصبح لكل واحدة زبائنها المتكررون والذين بمقدورالمشاهد ان يحزر ما سوف يقولون بعد الكلمة الاولى، وربما لهذا السبب تؤشر بعض الاحصاءات الراصدة للفضاء انحسار عدد مشاهدي البرامج الحوارية والتعبير عن ضجرهم من الصراخ وصراع الديكة الى قنوات ترفيهية . ان تحديث التقنية في اي مجال لا يعني بالضرورة تحديث الرؤى والمفاهيم، فالتكنولوجيا خدمت اسوأ ظواهر التخلف لدى من استوردوها ولم يخترعوها وعلى سبيل المثال خدمت النميمة والاستعداء والتلاسن بلا اية كوابح ! وسبق لمنجزات تكنولوجية استوردها المستهلكون المحترفون ان ادت عكس وظائفها واهدافها ، فالهواتف استخدمت لاضاعة الوقت والانترنت للتنفيس عن فائض المكبوتات بدءا من الجسدي حتى الطائفي والسياسي ّ وهذه مناسبة لاستذكار حكاية طريفة عن رجل امي كان يرتدي الطربوش ويركب الحمار، طلبت منه امرأة امية ان يقرأ لها رسالة من ابنها فاعتذر وعندما قالت له خدعتني بالطربوش خلعه عن رأسه ووضعه على رأس الحمار |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75853 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: خيري منصور أنا أو أنت !! - السبت 27 يناير 2018, 8:55 am | |
| منفيون في أوطانهم
ما كتب عن ظاهرة الاغتراب التي يعيشها المثقف العربي منذ ستينيات القرن الماضي كان معظمه حذرا ومترددا في مقارباته، خشية من الاتهام بالتعالي والعزلة، ولعبت تيارات ثقافية وسياسية ذات توجه شعبوي متحمس وانفعالي دورا في جعل تلك المقاربات خجولة ومتواطئة إلى حد ما، رغم أن ما كتبه مثقفون عرب من المهاجرين إلى أوروبا والولايات المتحدة ومنهم هشام شرابي وحليم بركات، كان أعلى سقفا وأكثر انعتاقا من المحددات التي تفرضها المناخات السائدة في الواقع العربي، وغالبا ما كانت الأمية بنسبها المتفاوتة لكن المتفاقمة في معظم الأقطار العربية هي المحور الذي تدور حوله، وأحيانا تنطلق منه السجالات حول اختلاف المثقف أو ائتلافه في مجتمعات أوشكت أن تقيم في المسافة بين الماضي الذي لم يمض تماما، والحاضر الذي يراوغ كبندول الساعة بين الأمس والغد، خصوصا بعد أن فرضت النوستالجيا وأدبياتها الرومانسية على المثقف قيودا، بلغت أحيانا حد ارتهانه للماضي باعتباره العصر الذهبي حسب تقسيم هزيود المعدني والشهير للأزمنة، باعتبارها ذهبية وفضية ونحاسية وأخيرا قصديرية يغطيها الصدأ، وقد يكون أفضل مقترب لإعادة فتح هذا الملف هو ما نشر مرارا حول معدل ساعات القراءة بالنسبة للعربي، قياسا إلى متوسط هذه الساعات عالميا. فالعربي يقرأ في العام ست دقائق قد تكون مكرسة لفواتير الماء والكهرباء والهواتف، والمثقف يقرأ على الأقل ست ساعات في اليوم، فكيف يمكن لنا العثور على أي قاسم مشترك بين الاثنين، وهل هما يعيشان بالفعل زمنا واحدا؟ أم أن أحدهما يقيم في القرن الثامن عشر على أحسن تقدير والآخر يعيش في الألفية الثالثة؟ ومن أطرف ما نسمعه أحيانا ما يقال عن غموض بعض أنواع الكتابة، سواء كانت مقالات أو قصائد، وكأن المطلوب هو باختصار أن يفهم من يقرأ ست ساعات في العام من يقرأ ست ساعات في اليوم، ونحن هنا لا نردد حوارية طالما استشهد بها المثقفون، بين الشاعر أبي تمام ومن نعتوه بالغموض حين قالوا له لماذا تقول ما لا نفهم، فأجابهم لماذا لا تفهمون ما أقول، لأن سجالا كهذا قد لا تكون له نهاية. ولعل ما قاله الشاعر والناقد «إدمان» عن سوء حظ الكاتب قياسا إلى الرسام والموسيقي كان دقيقا، وهو أن قماشته اللغة، أي الكلام الذي يتفاهم به الناس، فالرسام لا يواجه أسئلة حول لوحته إلا إذا جاءت ممن توقفت ثقافتهم عند التصوير الفوتوغرافي، وكذلك الموسيقي. وحين سئل أحد العازفين ذات يوم عن معنى ودلالات معزوفته أجاب من سأله على الفور أن أفضل طريقة لشرحها هي إعادة الإصغاء إليها. ونذكر أن بواكير شعرنا الحديث شهدت مطارحات حول ما سمي ظاهرة الغموض في الشعر، وحسنا فعل من ترجم كتاب «سبعة أنماط» من الغموض لوليام أمبسون، لأنه يقدم الإجابة، خصوصا في تفريقه بين الغموض والإبهام، فالغموض عمق يتلألأ لشفافيته وقدرته على الإيحاء، بينما الإبهام أشبه بكتلة صماء من الفحم، ومنذ ذلك الوقت والكتابة على اختلاف مجالاتها بانتظار نقد يغربلها ليفرز قمح الغموض عن زؤان الإبهام وشحم الكلام عن ورمه، كما قال المتنبي، وقد لا نحتاج إلى كثير من الشجاعة للقول بأن ما قدمته الكتابة العربية من تنازلات جمالية وفكرية تحت ضغظ التيارات الشعبوية، ربما كان أحد أهم أسباب هذا التردي، سواء تعلق بالأساليب أو التراكيب اللغوية والنحوية، وأحيانا يراودنا الشك في إطروحات المستخفين بالكتابة وشروطها، حين يتذرعون بارتفاع نسبة الأمية، وهناك حادثة رواها الكاتب الراحل مصطفى أمين جديرة بالتأمل في هذا السياق، قال إنه كان يزور إحدى قرى مصر بصحبة السيدة أم كلثوم، وفي الطريق شاهدا فلاحا يجر جاموسة ويغني لها «سلوا قلبي» التي غنتها أم كلثوم، وقد فوجئت بما سمعت، وأعادت النظر بما قاله لها البعض عن صعوبة القصائد المغناة، وبالتالي المفاضلة بينها وبين الأغاني المكتوبة باللهجة العامية. ويضيف مصطفى أمين قائلا إن أم كلثوم تنهدت بعمق وقالت: ليت أحمد شوقي على قيد الحياة والشعر معا، لأروي له ما سمعت. لقد ساهمت الكتابة فقيرة الدم والمصابة بالأنيميا قدر تعلق الأمر بالجماليات والأفكار في التجهيل والإساءة إلى الذائقة العامة، وأخيرا إبقاء مستوى التلقي في مستوى بدائي قبل عقود وفي ذروة السجال الأيديولوجي حول المثقفين والشرائح الاجتماعية التي أفرزتهم كانت مقولات منتقاة ومخلوعة من سياقاتها لأنطون غرامشي هي ما يتم الارتكاز عليه لتفسير وتحليل ظاهرة الاغتراب لدى المثقفين، تماما كما استخدمت مقولات أخرى مُنتزعة من سياقاتها وبيئاتها الثقافية، والمثال الذي يحضرني الآن هو العديد من القصائد التي كتبها شعراء عرب في الخمسينيات والستينيات تشكو من المدينة ومن سحقها للفرد على غرار قصائد أليوت وأديث سيتويل وإزرا باوند وآخرين، على الرغم من أن المدن العربية في ذلك الوقت كانت أشبه بقرى عملاقة، وفي ضواحيها تتولى الأبقار والخيول الحراثة ولا تصل إليها الكهرباء! إنها معادلة بالغة الوضوح، فثمة من يقرأ ست دقائق في العام ويصف من يقرأ ست ساعات في اليوم بالغموض. كاتب أردني |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75853 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: خيري منصور أنا أو أنت !! - الأحد 28 يناير 2018, 7:05 am | |
| ديموقراطية التماسيح ! خيري منصور
قرأنا كثيرا عن دموع التماسيح، واخيرا عرفنا ان تلك الدموع لا يذرفها التمساح حزنا على الضحية بل هي نشاط بيولوجي له دور في عملية تسهيل الهضم، لكن ما لم نسمع به من قبل هو ديموقراطية التماسيح، التي تتلخص في مقايضة بين التمساح والطيور الصغيرة او ما يسمى في لغتنا بُغاث الطير ، فالتمساح بعد ازدراد الفريسة وسحقها بفك منشاري مشحوذ كالسكين يتبقى شيء منها بين اسنانه وهو امر يزعجه لهذا يفتح فمه كي يتيح للطيور الصغيرة الجائعة ان تلتقط ما تيسر من البقايا، لكنها ليست معاهدة بحيث يلتزم كل من الطرفين بحصته من الضحية، وما من ضمانة للطيور المسكينة بأن يبقى التمساح مفتوح الفم كما لو انه يتثاءب ، وقد يطبق فكيه على نحو مفاجىء فتتحول الطيور الى ما يشبه الطحين ! والديموقراطية في التاريخ ومنذ منشئها الاغريقي قبل اكثر من الفي عام تحولت الى عجينة رخوة يعاد تشكيلها في كل مرة حسب الطلب ، والطلب مرتبط جذريا بأنماط الانتاج السائدة، لهذا تعددت اشكالها وتعددت الوانها وحجومها وهناك من رأوا بها تقسيم الغنائم بينهم وبين النفسهم على طريقة الاقطاعي الذي كان يدفع الضريبة لنفسه فيأخذ من جيبه نقودا ويحشوها في صدر عباءته، وهذا ما عبّرت عنه المقولة الموروثة بشيء من السخرية « من الجيب للعب « او من الجيب الايمن للجيب الايسر ! وقد جرب العرب المعاصرون او بمعنى ادق المعصورون حتى آخر قطرة ديموقراطيات من طراز غير مسبوق ومنها ديموقراطية الشقاء وتوزيع البؤس بعدالة ومنها ما يذكرنا بتلك الحكاية عن قائد منتصر في حرب، طلب من احد مساعديه توزيع الغنائم بالعدل، وكذلك السبايا فقام الرجل بالمهمة وقال لسيده هذه السبية الصبية لك في الصباح وتلك لك في الظهيرة والثالثة في المساء حتى وصل الهزيع الاخير من الليل . اخيرا، بل اولا الديموقراطية ليست قبعة او وجبة سياسية مجانية لأنها كالحرية تماما تؤخذ ولا تُعطى !! |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75853 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: خيري منصور أنا أو أنت !! - الثلاثاء 30 يناير 2018, 9:30 am | |
| التخلف وثقافة التدوير !! خيري منصور
ما اشبه الجاهل بمريض يصر على خداع نفسه ويرفض الاعتراف بما يعانيه من مرض قد ينتهي به الى الهلاك، فالجاهل كما قيل في الامثال والحكايات عدو نفسه اولا وهو لا يعلم، كما ان المريض الذي يعالج مرضا عضالا بالكمادات المنقّعة بالماء ينتحر ببطء، ويذكرنا بالقط المسكين الذي لحس المبرد واستمرأ مذاق دمه حتى الموت . فهل من المعقول اننا في هذا العالم العربي الذي يستحق ان يُعلن منطقة منكوبة لم تتوصل بعد الى تعريف دقيق للجهل ؟ فهو اولا ليس مرادفا للامية لأن هناك من ينالون اعلى الدرجات في مجالات تخصصهم لكنهم جهلة بمقياس آخر، خصوصا بعد ان اصبح التعليم بفضل تجارته وتحوله الى نمط انتاج للكسب يمنح رخصة للحصول على وظيفة لا تختلف عن رخصة قيادة السيارة، واعرف نماذج من تخرجوا من الجامعات يقولون بشيء من الافتخار انهم لم يفتحوا كتابا منذ تخرجوا، وقد يسخرون من زملائهم اذا استمروا في القراءة وتثقيف انفسهم، وهنا نتذكر عبارات تقليدية يتبادلها الناس ومنهم متعلمون عن الاذى الذي يتسبب به الفكر، والموعظة المتكررة هي الاقلاع عن التفكير وسد الباب الذي تأتي منه الريح ! وكما ان بعض الفقراء الذين يخجلون من فقرهم ويسترونه كالعورة بمساحيق من مستحضرات القروض البنكية والارتهان لكمبيالات الدائنين هناك بالمقال جهلة يفعلون ذلك، ويحاولون ان يستروا العورة ببضع عبارات يلتقطونها من الفضائيات او المقاهي، لكن هذه الذخيرة البائسة لا تدوم اكثر من بضع دقائق ثم يتكشف المستور وتفوح رائحته، وقد لا يدرك البعض ان للجهل رائحة وقد تكون حادة وتزكم الانوف، لكن من ينفقون المال على شراء العطور لاجسادهم لا يتذكرون ان هناك روائح اخرى يفرزها الجهل وتحتاج الى مضادات لها، في مقدمتها قدر من القراءة والوعي بما يجري في محيطهم ! وحين تدور عقارب الساعة الى الوراء بانتظام واحيانا بتسارع فمعنى ذلك ان التدخل اصبح ميؤوسا من علاجه لأنه تحول الى بديل مقرر ومعترف به وله الكلمة الاخيرة ! |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75853 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: خيري منصور أنا أو أنت !! - الأحد 04 فبراير 2018, 8:33 am | |
| مقايضة العميان والمُقعدين ! خيري منصور
مقايضة الاعمى والمقعد هي صفقة القرون كلها، وكذلك مقايضة الطحالب والسرخسيات على سطوح المستنقعات التي تبدو خضراء، لكنها من فصيلة ما يسمى في ادبيات تراثنا خضراء الدمن!. الاعمى الذي اعنيه ليس فاقد البصر الذي لا حول له ولا قوة، والذي قد يكون متسولا على باب مسجد او على الرصيف وقد يكون بفضل ارادته الباسلة وعبقرية بصيرته، طه حسين او بورخيس او بشار بن برد او المعرّي، والمقعد الذي اعنيه ليس من اصابه الشلل في جسده ومضى يعد ايامه ولياليه بانتظار الموت، لكن هناك مُقعدين حكموا العالم منهم رئيس امريكي ومنهم فلاسفة وفنانون وشعراء عظام، وهؤلاء شأن عميان البصر لا البصيرة لا حاجة بهم الى المقايضات بحيث يجلس الكسيح على كتفي الاعمى ويكون له العينين اللتين يرى بهما الطريق بينما يكون الاعمى بمثابة ساقين تسعيان! وبقدر ما نحترم فاقد البصر والمقعد وننحني لهما، ليست لدينا العواطف ذاتها ازاء مقعد الارادة وضرير البصيرة، فهؤلاء قد يكونون اصحاب مهن، او لديهم مزاعم وادعاءات بضرورة وجودهم في العالم كالملح الذي اذا فسد بلغ الفساد كل شيء! فالاحمق كما قالت سيمون دي بوفوار ذات يوم قد يجد من يعجب به ويرفع له القبعة، وهو الاشد منه حُمقا، تماما كما ان الفنان الرديء والكاتب الرديء يجدان بالضرورة من هو أردأ منهما، فتكون فرصتهم ذهبية ليصولا ويجولا وقد يرصّان الصدور باوسمة لا تتجاوز قيمتها اغطية زجاجات الكولا او الماء المعدني! ويحرص العميان والمقعدون على المستوى الرمزي والذهني لا الجسدي على الابتعاد ما امكن عن الذين لهم عيون زرقاء اليمامة، او سيقان الغزلان، كي لا يظهر الضد قبح الضد تماما كما ان الضد يظهر حسنه الضد في سياق مُضاد! مقايضات كتلك تؤدي بالضرورة الى قلب منظومة من المفاهيم والمعايير رأسا على عقب، بحيث يصبح الاقل قبحا بديلا للجميل والاقل غباء بديلا للعبقري والاقل كذبا وادعاء بديلا للصادق الصدوق ! اخيرا؛ ان الافاعي تشعر بلذة وانتشاء لا مثيل لهما حين تلدغ الغزلان من سيقانها!!! |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75853 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: خيري منصور أنا أو أنت !! - الإثنين 05 فبراير 2018, 7:39 pm | |
| زمن الشُطّار !! خيري منصور
اذا صحّ ان الفساد مُتعدد الرؤوس اذا تمأسس يصبح ثقافة سائدة فإن الغش ايضا كذلك ، لكنه يتحول الى مدار مغلق، ويصبح الفاعل بالضرورة مفعولا به والغاش للاخرين مغشوشا منهم، واذا كان لا بد من مثال فإن المهني الذي يغش زبائنه سيكون ضحية لهم في مواقف اخرى، فالحلاق والخياط والنجار وكذلك المهندس والطبيب والمحامي اذا لم يلتزموا بما اقسموا عليه سيأكل بعضهم بعضا في نهاية المطاف، ولا يسلم احد في النهاية ، تماما كما ان الفساد يشمل من بدأوا به ويدفعون الثمن ولو بعد حين، ومن يتصور انه الشاطر الذي يتفوق على الاخرين بالمكر والدهاء قد تكون سقطته مدويّة لأن غروره لا يحميه من شطّار آخرين . وبالمناسبة هناك فيلم مأخوذ عن رواية الصديق الراحل خيري شلبي بعنوان الشطار يفتضح ثقافة الفهلوة والوصولية التي تنتهي الى تقاليد ومناخات يكون فيها الجميع من الخاسرين ! وباختصار فإن معظم الناس يشكون من الغش اذا كانوا من ضحاياه لكنهم حين يمارسونه لا يشعرون بأن جرثومته سوف تلدغهم ويصلهم الدور ! وتزدهر محاصيل الفساد والغش المتبادل في خريف الحضارات حين تغيب الروادع والكوابح ويصبح كل شيء مباحا ومتاحا . ويقال ان احد اسباب تدهور الامبراطورية الرومانية ما اصاب المجتمع من فراغ روحي وبطالة اخلاقية ففقدوا اهدافهم، وعاشوا ليأكلوا ولم يأكلوا ليعيشوا، ويذكر احد المؤرخين انهم في نهايات امبراطوريتهم كانوا يأكلون حتى التخمة ثم يدسون اصابعهم في حلوقهم كي يتقيأوا ثم يعودوا الى التهام الطعام ! والمفارقة ان اللعنات في هذا الزمن تنصب على الغش والفساد بمعزل عن الغشاشين والفاسدين وكأنها حرب على اهداف مجردة لهذا ليس غريبا ان يكون الفساد في هذه الثقافة مجهول النسب ويكون الغش مبنيا للمجهول !! |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75853 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: خيري منصور أنا أو أنت !! - الأربعاء 07 فبراير 2018, 5:56 am | |
| قضية القضايا كلها !! خيري منصور
آخر ما افرزه السجال العربي العقيم في السياسة وبالتحديد حول فلسطين، هو هل الأصح ان نقول القضية الفلسطينية ام قضية فلسطين؟ ومن تشغلهم هذه الصياغات موسميا يرتكبون اخطاء لا تحصى، سواء في دلالات المصطلحات او اللغة ذاتها، وحين تكون المجتمعات جادة في معالجة قضاياها لا تجد لديها من فائض الرفاهية والفراغ ما يكفي لمثل هذه السجالات؛ فالقضية في نهاية المطاف قضية، خصوصا اذا كانت مصيرية ومرتبطة بصراع تاريخي ووجودي. ان ما قدمه العرب المعاصرون لفلسطين وغيرها من القضايا القومية من الكلام يقاس بالاقدام المكعبة من الورق واحيانا بالاطنان لكن انهار الحبر تشربها الرمال في الطريق الى المصب!. اما اطرف المفارقات فهي في الهجاء الذي يمارسه العرب ضد انفسهم على مدار الساعة، ومن يلوم قومه ويعيّرهم بالصمت والتخلي يستثني نفسه لأسباب نجهلها؛ لأننا نفكر بمنهج الفرقة الناجية التي افرزت الفرد الناجي اما الاخرون فهم الى الجحيم !. ان التذرع باسباب لا تقنع طفلا من أجل تبرئة الذات اصبح مكشوفا وترشح منه رائحة لا يخطئها الانف، واذكر ان صديقا احتفظ والده بالصحف التي صدرت عام 1948، وحين قارن مانشيتاتها بما نشر في الخامس والسادس من حزيران عام 1967 لم يجد فرقا الا في تقنية الطباعة وما تطور من التكنولوجيا، كأن عقارب الساعة توقفت عند تلك الظهيرة السوداء، وهناك كاتب عربي صدر له كتاب عن اسباب نكبة 1948، اعاد نشره عام 1967 وقدم له بعبارة ذات مغزى هي طبعة ثانية غير منقّحة !!. ولا اظن ان من حق الذي اطلق ناقته او حماره في العراء وتوكل ولم يعقل ان يلوم احدا غير نفسه وغير لا مبالاته وجهله !. لقد انهى التاريخ صلاحية مفاهيم وحيل والعاب كانت ذات يوم كافية لتبرير الهزائم والفرار وسواء من فلسطين معرّبة او ممنوعة من الصرف، مبتدأ او خبرا، ظرف زمان او ظرف مكان فهي عاصمة القضايا كلها والمفتاح الذهبي الذي يفض كل هذه الاقفال!! |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75853 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: خيري منصور أنا أو أنت !! - السبت 10 فبراير 2018, 12:07 pm | |
| الحب في مكان آخر خيري منصور
المكان قدر تعلقه بواحدة من أقدم وأعمق العواطف البشرية هو زمان أيضا، فالتاريخ ليس في قطيعة مع الجغرافيا، والجغرافيا كما يقول بعض المؤرخين ليست سوى تاريخ تصلّب وتحوّل إلى تضاريس، لأنها توجه بوصلته، وأحيانا تصبح الجغرافيا والتاريخ في حالة من الجدلية أشبه بما قاله أرسطو عن التمثال الذي لا تنفصل المادة المصنوع منها عن ملامحه. وحين كتب ميلان كونديرا عن الحياة التي هي غالبا في مكان آخر، كان يعني الرواية، فهي ليست تعبيرا عن الراهن المرئي، بقدر ما هي تعبير عن المحلوم به والمتخيل، بدون أن ينقطع عن جذره الواقعي، وهي في نهاية المطاف فن اللاامتثال أو العصيان على المعطى، كما عرّفها واحد من أشهر دارسيها ونقادها، وهو البيريس. والحب الذي اتسع حرفاه لكل ما يمكن أن تتيحه الأبجدية من كلام، له في لغتنا خصوصية فريدة، فالحاء هي المنبع والباء هي المصب، وعندها تطبق الشفتان تماما، وتكون خاتمة الكلام، لهذا يصل الصمت ذروته في القبلة التي تشترط اثنين كرقصة التانغو، ولا يمكن لأحد أن يقبّل ذاته مهما بلغ من النرجسية، إلا من خلال المرايا، وتلك حكاية أخرى، وهناك ظواهر في ثقافتنا تحتاج إلى فك اشتباك لتبديد ما يعلق بها من التباس، منها الخلط بين الحب والغزل، ومعظم ما نسب من شعر إلى الحب كان أقرب إلى الغزل، الذي يتحقق فيه الانفصال والقطيعة بعكس الحب الذي يردم الهوة، ويحقق الاندماج وربما كان تعبير بول جيرالدي هو أدق ما قيل عن ذلك، حين أهدى حبيبته قصائد قال إنها تهدف إلى حذف حرف الواو الفاصلة بينه وبينها، فالحب لا يعني الامتلاك، وبالتالي فهو متسامح في كل أوان، كما أنه يشترط كما تقول أيريس ميردوخ الروائية ومؤلفة واحد من أهم الكتب عن سارتر، وجود شخص حقيقي خارج الذات وليس مجرد انعكاس نرجسي أو امتداد أفقي لها، وأفضل مثال في هذا السياق هو موقف الفيلسوف الوجودي سيرين كيركيغارد من حبيبته روجينا، فقد قرر أن يفارقها رحمة بها وبرقتها وببراءتها، كي لا تصاب بعدوى قلقه الوجودي، وتصبح لكل شيء تشمه، حتى لو كان وردا، رائحة العدم، ورغم اقتران قصص الحب الأكثر شهرة بالرومانسية، إلا أن ذلك كان نتيجة التحقيب الأدبي أكثر مما كان وليد الحياة ذاتها، لأن الحب يتجاوز التحقيب المذهبي للأدب، وهو رومانسي واقعي معا، وأحيانا يجازف بدمج المقدس والمدنس، لأن أطرافه بشر وليسوا ملائكة أو شياطين فقط، ومن كتبوا عن ظاهرة الحب العذري خارج المدار الأكاديمي التقليدي أعادوا دوافعه إلى منابع أخرى، بدءا من الفرنسي دينيس دوريجمون في كتابه «الحب والغرب»، وليس انتهاء بصادق العظم وطاهر لبيب ويوسف اليوسف، ومنهم من رأى أنه تعبير عن ظاهرة اجتماعية سياسية، كالطاهر لبيب، أو بحثا عن سبل لتوتير العلاقة وافتعال العقبات التي تحول دون الوصال، لأن إشباع الرغبة يعني بالضرورة نهايتها، لهذا تحول الحرمان في هذا النمط من الحب إلى مطلب إنساني وشعري. وقبل أن تصبح هناك ظاهرة معروفة باسم الحب العذري، كان ليكورغ مشرّع إسبارطة يفرض على الشبان الحرمان والامتناع عن الوصال اعتقادا منه بأن سلالتهم ستكون أقوى وأصلب، وحين كتب أراغون ملحمته «مجنون ألزا» مستلهما روح ليلى ومجانينها العذريين في تراثنا العربي، أعاد إنتاج الحكاية، فالزا تريوليه زوجته وليست المرأة التي يحبها عن بُعد، ومن خلالها انحاز إلى الأنوثة باعتبارها مستقبل البشرية، لأنه بتكوينه الثقافي وموقفه الأيديولوجي كيساري فرنسي كان لا بد أن يحرر الحكاية من سطوة الحرمان التي تبلغ لدى الشاعر العذري حدّ الماسوشية. وبالعودة إلى عبارة أيريس موردوخ، وهي أن الحب يشترط الاعتراف بوجود كائن حقيقي خارج الذات، نجد أن هذا الفهم يقلب المفهوم الشائع والمتوارث عن الحب رأسا على عقب، لأن هذا الاعتراف بالآخر يبرر له حق الاختيار وعدم الارتهان، بحيث يصبح للخيانة معنى مغاير تماما، وهو المعنى الذي نجده في «رباعية الإسكندرية» للورنس داريل، حين تشعر جوستين بالاثم لاقترافها الخيانة مع نسيم حصناني وتنتظر منه أن يعاقبها كي تحقق التوازن النفسي والأخلاقي، لكنه يرفض ذلك، قائلا لها إنه ليس مستعدا لغسل آثامها برذاذ الكلمات الغاضبة. ومثل هذه المواقف تبدو صادقة لمن تربوا على مفاهيم تقليدية لا ينفصل فيها الحب عن الامتلاك، وحين قارن أليوت بين الحب في الماضي والحب في النصف الأول من القرن العشرين اختار ضفاف نهر التايمز لتجسيد الفارق، فالمناديل الحريرية وزجاجات العطر اختفت لتحل مكانها الأوراق الملوثة وعلب الصفيح الفارغة والزهور الصناعية، وسواء كتب الروائيون عن الحب في زمن الكوليرا أو في زمن الشراشف القذرة المبقعة بدماء الجرحى، كما فعل ماركيز وهمنغواي، فإن الحب لا يعيش معزولا عن بيئة إنسانية تخطى فيها الآدمي شرطه العضوي لهذا حين قرر همنغواي أن يجد الخلاص للإنسان من الحرب بالحب، دفع بطل روايته وحبيبته إلى الفرار من ساحة الحرب إلى جبال الألب البيضاء، لكنها ماتت أثناء المخاض، وذلك تعبيرا عن أن الحب لا ينجو في زمن الكراهية وأن الجنين الذي لم ينتج عن الحب وكيميائه غير مسموح له بالنجاة أيضا. ومن يدري، لعل ما قاله كونديرا عن الحياة في مكان آخر وكذلك الشعر والرواية يصح على الحب بدرجة أكبر فهو الآن في مكان آخر، وربما في زمان آخر |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75853 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: خيري منصور أنا أو أنت !! - الأحد 11 فبراير 2018, 7:14 am | |
| عقول سليمة وأجسام سقيمة !! خيري منصور
هناك مقولة تنسب الى برنارد شو هي ان من يقرر الاهتمام بصحته عليه ان يتنازل عن نصف ما يمكن ان ينجزه، وبالرغم من ذلك فإن برنارد شو عاش اكثر من تسعين عاما ورفض جائزة نوبل؛ لأنها جاءته متأخرة عن موعدها وفي شيخوخته، وحين نقرأ السير الذاتية لفلاسفة وشعراء كبار نشك في صحة القول المأثور عن العقل السليم في الجسم السليم، والحقيقة ان معظم تلك العقول كانت لأجسام سقيمة وليست سليمة، وليس معنى هذا التقليل من شأن الصحة والعناية بها بل لأن هناك من يربي العضلات ليلاكم بها او يصارع مقابل من يتفرغ لتربية عقله وذاكرته، ولسوء حظ هذه الفئة الثانية ان ما يطرأ على العقول من تنمية وانضاج ليس له مظاهر مرئية، بعكس الرياضي الذي تتجسد هويته وهوايته معا في عضلاته! ومن اغرب ما يمكن لنا ان نسمعه او نقرأه هو تلك المواعظ من اجل تجنب القلق، واذكر ان اول عنوان في هذا السياق قرأناه في صبانا وهو دع القلق وابدأ الحياة، ثم اكتشفنا بمضي السنين وتراكم التجارب ان لا حياة تستحق ان تعاش بلا قلق ، لأن القلق هو مصدر الابداع والاسئلة التي تحرر الانسان من شرنقة اليقين، وذات يوم تمنى الشاعر العربي لو انه حجر كي لا يتأثر بشيء او يقلق من شيء ولو كان كشاعرنا القديم يعرف ما يسمى اليوم عوامل التعرية في الطبيعة لأدرك ان الحجر ايضا لا يسلم َ! لكن ثقافة التنبلة والتوكل وانتظار ما تجود به المصادفات ترى في القلق الوجودي عدوا للانسان؛ لأن شعارها غير المعلن هو ان الانسان يعيش بالعلف وحده، وبالتالي لا تفرق بين نصحة الروح وصحة الجسد وسلامة العقل حتى لو كان مقيما في جسم سقيم وليس سليما كما يقال!!! |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75853 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: خيري منصور أنا أو أنت !! - الثلاثاء 13 فبراير 2018, 9:26 am | |
| طفولة زعيم !! خيري منصور
قد يختزل مشهد يومي عادي ومألوف ثقافة اجتماعية وموروثا من التربويات، وقد شاهدت ذات يوم في مدينة عربية امرأة تجر طفلها وهو يبكي، ثم عرفت انها تحاول ابعاده عن عربة لبائع حلوى متجول، وقد اثار المشهد فضولي، ولم اصدق ما سمعته من الام وهي تطلب من ابنها ان لا تخبر اخوته بأنها اشترت له قطعة حلوى ، ثم ذهب فيّ الخيال بعيدا وسألت نفسي ما الذي سينتهي اليه انسان كهذا اذا اصبح ذا مسؤولية وطنية في بلاده، واكثر من ذلك كيف سيعامل الاخرين حتى لو كانوا من اشقائه اذا اصبح زعيما ! اعترف بأن تلك الحادثة رغم ان البعض قد يرونها عابرة قادتني للبحث عن كتب في السايكولوجيا السياسية واثر المكونات الاولى في حياة ناشطين وقادة، ومن ضمن الكتب التي اهتديت اليها كتاب من تأليف موريال فايسباخ وهو بعنوان « المهووسون في السلطة « وكانت النماذج التي اختارها ليضعها تحت المجهر السايكولوجي اربعة من الزعماء العرب المخلوعين، ويبدو ان ما ورد من تفاصيل عن تربية ونشأة هؤلاء كان حصاد بحث طويل، لأن الكتاب ليس من سلالة الكتب التي توظف السيرة الذاتية الى وسيلة للتسلية، وقد ادهشني ما قرأته عن بعض هؤلاء الذين لا يطيقون اي صوت لا يردد كالببغاء صدى اصواتهم، ورغم انني قرأت طفولة لوسيان لسارتر قبل عقود وهو استقصاء معرفي وتربوي لما يسميه سارتر طفولة زعيم، الا ان الامراض النفسية تختلف ايضا من بيئة الى اخرى، وادركت ان من يستخدمون مناهج علم النفس بدءا من فرويد لتشخيص امراضنا هم كالمتخصص في امراض الاسكيمو وسيبيريا الذي يمارس مهنته في بلاد تصل درجة حرارتها الى الخمسين! وهذا ليس انكارا للمشترك البشري، فالناس من مختلف الاجناس تجمعهم مكونات وغرائز واحاسيس، لكن من قالوا ان هناك حصبة المانية واخرى متوسطية وثالثة روسية كان عليهم ان يعترفوا بأن الامراض النفسية تقبل مثل هذا التقسيم!!، |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75853 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: خيري منصور أنا أو أنت !! - الأربعاء 14 فبراير 2018, 9:34 am | |
| ماذا لو !! خيري منصور
عشرات الاسئلة خطرت ببالي عندما قرأت ما كتبه سارتر عن الشعراء السود ومنهم سيزير والرئيس السنغالي الاسبق سنجور وكان السؤال هو ما الذي ستفعله بسوادك اذا ولدت اسود اللون؟ هل تصبح سيزير وسنجور ام حارس بناية ام سائق شاحنة ؟ وبهذا المقياس سألت نفسي ما الذي ستفعله بقصر قامتك لو ولدت قصيرا ؟ هل تصبح نابليون ام فخر الدين المعني الذي قيل ان البيضة اذا سقطت من جيبه لا تنكسر بسبب قصر قامته، ام تضيف الى كعب حذائك عدة طبقات تغطيها ببنطال طويل يخفيها؟ وماذا كنت ستفعل بعماك اذا ولدت اعمى، هل تصبح طه حسين او بورخيس او المعري ام تجلس امام المسجد بين الاحذية وتتسول ؟ وماذا كنت ستفعل اذا ولدت لاجئا من وطنك؟، هل تبني عدة بيوت كطائر نقار الخشب وتتأقلم مع المنفى ام تسعى الى استرداد حقك؟، وهل ستصبح مهربا كأبي الخيزران العنّين في رواية غسان كنفاني رجال في الشمس ام تصبح غسان نفسه وتخيف عدوك بما تكتب اكثر مما اخافته جيوش العرب كلها؟. لكن هناك على ما يبدو من يبحثون عن اقصر الطرق لتحقيق الذات ولو بشكل زائف، ولو عاش سارتر حتى سمع بما فعله مايكل جاكسون بجلده لربما اعاد صياغة السؤال، فكل واحد منا يولد محاصرا بشروط لا خيار له فيها منها لونه واسمه وعائلته والطبقة الاجتماعية التي ينحدر منها، لكن هناك من يستسلم ويتأقلم مع هذه الشروط وهناك من يتمرد عليها. والشاعر المتنبي ابن الوراق الذي تطاول شعرا وبلاغة على امراء بني حمدان قال لأمه يكفيك نسبا ان تكوني امي، لأنه الذي نظر الاعمى الى ادبه واسمعت كلماته من بها صمم ثم اصبح الدهر له منشدا! وهناك انسان يولد فقيرا ولا ذنب له في ذلك، لكن فقره يمتطيه ويدجّنه ويقتاده الى حيث لا يتمنى، مقابل فقير آخر يحول فقره الى مطية ويمضي به الى نهاية الشوط ليكون الاغنى فكرا وفلسفة وحكمة ويخلده الزمان! ليس مهما كيف نولد وأين؛ لأن الاهم هو ما الذي نصنعه بالشروط التي حاصرت ولادتنا، فالاصلع إما ان يبحث عن باروكة من شعر مستعار او يصبح برنارد شو الذي سخر من صلعته وشهرها كامتياز وليس كعورة!! |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75853 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: خيري منصور أنا أو أنت !! - السبت 17 فبراير 2018, 9:28 am | |
| سيوف تقطر حبرا خيري منصور
حين فاضل أبو تمام بين السيف والقلم لصالح السيف، كانت المناسبة انتصارا عسكريا في معركة عمورية، ولو كان المشهد معكوسا لربما تغيّر الموقف لصالح القلم، وتلك مسألة تقبل كثيرا من السجال، خصوصا في عصرنا الذي ترددت فيه عبارات تدين الإفراط في الأقوال لصالح الأفعال، وقد أطلقها رؤساء دول وكبار ساسة، إضافة إلى منابر إعلامية عديدة. وكأن القول نقيض الفعل، والعلاقة بينهما ثنائية ضدية وليست جدلية، وربما كان السبب في ذلك التضخم الذي عانى منه الإعلام، وما لحق من هزائم وإحباطات بمن أفرطوا في توظيف اللغة وبلاغتها لتعويض ما يفتقر إليه الواقع من قوة، وهذا ما عبّر عنه البعض بمقولة منسوبة إلى القصيمي هي أن العرب المعاصرين ظاهرة صوتية، وهناك من ذهبوا إلى ما هو أبعد من ذلك فاستدعوا وعيد الفرزدق لمربع، وبشروا مربع بطول العمر، ويبدو أن الأميّات التي يعاني منها المجتمع العربي بتفاوت، منها الأمية السياسية، رغم أن شعار التنمية السياسية في العالم العربي أصبح متكررا ولافتا وتكرس له مؤسسات، لكنه انتهى كما يقول الواقع إلى الأنيميا السياسية، بحيث اختلط الأمر لدى الكثيرين فلم يفرقوا بين التنظير الأيديولوجي بالمعنى السياسي والتنظير البيولوجي بالمعنى الطبي، وكالعادة اختلف العرب لغويا حول تعريب مصطلح الديمقراطية، واقترح بعضهم على المجمع اللغوي أن يقرر تعريب مصطلح الديمقراطية بحيث يصبح الدمقرة أو الدمكرة، وهل الديمقراطية ذكر أم انثى؟ ما يذكرنا باحتجاج بعض المحافظين على تسمية الأكاديمية جامعة، لأن الجامع كما رأوا لا يقبل التأنيث، وهناك مقالة نشرت في مجلة «العربي» للشاعر محمد علي شمس الدين بعنوان «عماء اللغة» أرى أنها بالغة الأهمية رغم قصرها واقتصارها على زاوية من المشهد التراجيكوميدي الذي نعيشه في عالمنا العربي، يتساءل شمس الدين بدءا هل الشعر أعمى والنثر مُبصر؟ ثم يستحضر مثالا من حوار دار بين مذيع وضيفه حول ديمقراطية الديكتاتورية وديكتاتورية الديمقراطية، فينتهي بعد ذلك إلى أن مثل هذه الحوارات تصيب المشاهد أو المستمع بالحيرة، لأنها تدور في العماء. وتحرضنا مقالة شمس الدين على البحث عن نماذج من الكتابة والحوار في أيامنا يتجسد فيها العماء ويصاب فيها الشعر والنثر معا بفقدان البصر والبصيرة، لأن هناك عربا يرطنون بلغتهم وقد يتفوق عليهم مستشرقون من طراز أندريه مايكل في فهم وإتقان الأبجدية. لقد كتب الكثير عن المثقف والسلطة، مما سمي تجاوزا وليس مجازا سلطة المثقف، لأنها متخيلة أو محلوم بها على طريقة التفكير الرغائبي، ففي غياب ثقافة فاعلة سيكون المثقف بالضرورة منفعلا أو مفعولا به، وهذا ما أدركته النظم السياسية على اختلاف هوياتها، بحيث ترسخ لديها تقليد لا يقبل المراجعة حول تسعيرة المثقف وقابليته الحربائية للتأقلم طلبا للنجاة، أو طمعا في مغنم، لهذا فهي بدءا من النظام الثيوقراطي حتى الأوتوقراطي وما بينهما لا تخشى المثقفين، وتسخر منهم، ولديها خبراء وفقهاء في سايكولوجيا المثقف أشبه بمقاولي الأنفار، تستعين بهم لتدجين المثقف ونزع دسمه إن كان فيه دسم، لهذا قال يوسف إدريس عبارته الشهيرة، وهي أن كل الحريات المتاحة في العالم العربي لا تكفي كاتبا واحدا، وأنا أضيف إلى ما قاله، إن كل هذه الحريات إن صح أن القليل من الحرية يقبل مثل هذا الجمع لا تكفي مقالة واحدة. وهناك قارة شاسعة من المسكوت عنه في تضاريس الكتابة العربية، منها ما يتطلب فك الاشتباك بين الحزب والقبيلة والثقافة والإعلام والمعرفة الحقة والأميّة المقنعة المزخرفة، إضافة إلى تناسل الخطوط الحمر من بعضها، بحيث يصبح المسموح به هو المتواطأ عليه والناتئ فقط من جبل الجليد في محيط من الدم لا من الماء. ولا أدري كيف غاب عنا أن هناك منجزات حضارية باهظة التكلفة، لا تقبل المحاكاة وحرق المراحل، ومنها الديمقراطية التي يراها المحرومون من نعمتها حجرا كريما أو أيقونة أو مصباح علاء الدين، رغم أن من عاشوها وصفوها بأنها أهون الشرور، حسب تعبير شهير لونستون تشرشل، وصناديقها التي رأى المحرومون منها أنها مدينة بيلارس الأسطورية، التي تشفي المريض وتحقق الوصال للعاشق وتحقق الخلود، ووصفها من صنعوها من خشب أو ورق بأنها أحيانا تشبه صندوق باندورا في الأسطورة الإغريقية، لكنها ليست ملآى بالشرور الأنثوية، كما رآها الإغريق، بل بالشرور الديكتاتورية كما حدث لطغاة ومستبدين في أوروبا القرن الماضي، الذين وثب بعضهم شاهرا سيفه من الصندوق. وهناك حكاية يرويها مصطفى أمين عن الكاتب الساخر فكري أباظة يقول إنه كان كاتبا مقروءا إلى الحد الذي يتضاعف فيه توزيع الصحيفة بسبب مقالاته، وكان مثقفا ونزيها، ورفض المناصب، وحين رشح نفسه للبرلمان فاز عليه رجل أقل أهمية منه، بسبب الأمية السياسية في تلك المرحلة، والمثقف العربي رغم وفرة مزاعمه بمعرفة واقعه يتضح أنه آخر من يعلم حين يرتطم كوزه الفخاري بجرة السلطة الفولاذية. |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75853 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: خيري منصور أنا أو أنت !! - الأحد 18 فبراير 2018, 8:03 am | |
| مقارنات مخجلة !! خيري منصور
قبل بضعة اعوام نشر اكاديمي عراقي بحثا تقصى فيه دور المؤسسات العربية في تنمية وتطوير البحوث العلمية، وقدم الاحصاءات في جداول قارن من خلالها بين ما ينفقه العالم العربي كله على البحث العلمي وبين ما تنفقه دول اخرى منها اسرائيل، واذكر ان احد الجداول بقي اطارا يحيط بمساحة بيضاء تتوسطها اشارة تعجب !وحين التقيته سألته من السبب فأجاب بصوت يقطر دمعا ان كرامته الوطنية وكبرياءه القومي حالا دون ذكر النسبة الحقيقية لما ينفقه العرب على البحوث العلمية، وحين قرأت بعض التقارير عن احوال العرب في السنوات الاربع الاخيرة شعرت بكثير من المهانة واصابني غثيان مزدوج معا، سأكتفي بمثالين فقط، اولهما ان الدول العربية مجتمعة تصدر كتابا واحدا لكل ثلاثمائة الف شخص اما دول الغرب وبالتحديد امريكا فإن ما تصدره يقترب من خمسة وثمانين الف كتاب في العام ، ويصدر في اسرائيل ثلاثون الف كتاب في العام، وهو رقم يتجاوز ما يصدره العرب جميعا ! والمثال الثاني هو ان العرب قاموا بتحميل اكثر من اربعين مليون فيلم واغنية مقابل ربع مليون كتاب فقط وان عمليات البحث عبر الانترنت التي قام بها العرب حول مطرب واحد كانت ضعف عمليات البحث عبر الشبكة عن المتنبي ونجيب محفوظ ومحمود درويش ونزار قباني مجتمعين ! ويبدو ان المخفيّ اعظم ما دام هناك من الباحثين من يشعر ان كبرياءه الوطني يمنعه من ذكر الحقائق كما هي، وان صح ان معرفة السبب تبطل العجب فإنه ليس من حق احد منا ان يصاب بالدهشة ازاء اي مشهد وحشي او كارثة قومية، وحين يكون الجاهل آخر من يعلم بما جرى له فلا بأس ان يتجشأ ويتثاءب ويبرطع حتى في مأتم ابيه، والمساكين في هذا المأتم القومي الذي يمتد من الدم الى الدم هم الذين يعلمون ويتمنون من اعمامهم لو انهم لا يفرقون ين حرف الالف والمكنسة او عود الذرة !! |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75853 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: خيري منصور أنا أو أنت !! - الثلاثاء 20 فبراير 2018, 6:56 am | |
| ليبرالية فائضة للتصدير!! خيري منصور
الغرب الذي طالما زعم انه يعاني من فائض الديموقراطية والليبرالية وسائر محاصيل الحرية رسب في العديد من الامتحانات السياسية والاخلاقية، وضبط الف مرة متلبسا بالازدواجية والتناقض، فهو الذي رعى شاهات في آسيا وافريقيا، وبينوشيهات في امريكا اللاتينية ثم القاهم على رصيف العالم كالنوى عندما انتهت صلاحيتهم . ولا ندري كم هو عدد التعريفات في الغرب وبمختلف لغاته للديموقراطية، لأنه يغض الطرف عن نظم اوتوقراطية وثيوقراطية وانماط من الاستبداد غير مسبوقة في التاريخ اذا اقتضت مصالحه، ويجعل من الحبّة قبّة اذا استدعى الامر الضغط على نظم قد لا تكون ديموقراطية بالمعنى الدقيق لكنها ليست استبدادية او شمولية، لهذا فهو يمتلك مجهرا يستخدمه على الوجهين، ويمارس التكبير والتصغير والتهوين والتهويل تبعا لأجنداته التي لا ترى في الاخرين غير زبائن سلاح او ادوات اشبه بالقفازات والملاقط يستخدمها كي لا تتسخ يداه! وقد لا نحتاج الى أمثلة في سياق كهذا؛ لأنها تطفو على السطح كما تطفو الطحالب والسرخسيات على سطح المستنقعات، ولو استخدمت الولايات المتحدة واحدا بالمليون من ذرائعها لتدمير دول واحتلالها مع الجميع لكان المشهد الان معكوسا تماما، لكن الحق الذي يراد به جملة من الاباطيل وليس باطلا واحدا ، كان وما يزال التجسيد لاستراتيجية الغريم الذي يسطو على المنصة ويلعب دور القاضي ! لقد فقدت اطروحات الليبرالية الفائضة عن الحاجة والمعدّة للتصدير صِدقيتها؛ لأن الديموقراطية ليست قطعة قماش بيد خياط ماهر تكون متعددة الحجوم حسب الطلب، وربما كان الحجم الاكبر وهوxxxx large من نصيب دول استخدمت الديموقراطية طمعا او ذريعة لاخراجها من التاريخ! ومن لا يصدق عليه ان يسأل الجنرال شوارتسكوف!!! |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75853 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: خيري منصور أنا أو أنت !! - الأربعاء 21 فبراير 2018, 11:03 am | |
| محرومون من الأخطاء ! خيري منصور
المجتمعات التي تصاب بتصحر ثقافي ويختلّ توازنها الاخلاقي يصبح الفرد فيها اشبه بلاعب السيرك غير مسموح له حتى بخطأ واحد، فإما التصفيق او السقوط عن الحبل مضرّجا بعرقه ودمه ! وغياب التسامح المتبادل يرجع الى حالة من التوتر والعصاب اللذين يفرزهما فائض القهر وكظم الغيظ بحيث تنعطب البوصلة الاخلاقية ويختلط حابل كل شيء بنابل كل شيء آخر ! وما نسميه في امثالنا الموروثة القشة التي قصمت ظهر البعير هو التعبير الدقيق عن هذا التوتر والعصاب، والكأس حين يمتلئ تماما يتسع لقطرة واحدة، وهناك حكاية رواها الكاتب الفرنسي البير كامو عن رجل انتحر بعد خمس سنوات من رحيل ابنته الوحيدة، ولم يربط الناس بين الحادثة التي دمّرت حياته وافرغتها من الامل وبين انتحاره، ويقول كامو ان الدودة باضت في قلبه، لكن البيضة انتظرت خمس سنوات كي تفقس، ونحن في مثل هذه الظروف الشاذة التي نعيشها بل نموتها في العالم العربي غالبا ما تصدر عنا مواقف ليست ابنة اللحظة، وقد نمارس افعالا لا تبررها المناسبة ولا علاقة فيها بين المقام والمقال ! لأن مديونية القهر والغضب تتراكم في اللاوعي واحيانا تجد من القرائن ما يتيح لها ان تطفو على سطح الذاكرة . وعلى سبيل المثال حين يشتبك اثنان عند اشارة مرور او لأي سبب عابر غالبا ما ينتهي التلاسن الى الاشتباك الجسدي، لأن السبب ليس هذه الحادثة او ما يشبهها، بل هو فائض من الشعور بالقهر والعجز عن التعبير . وليس من المعقول ان يصبح الانسان كلاعب السيرك محروما من حقه في الخطأ، لهذا يضطر الى الكذب والنفاق وممارسة كل تلك المواقف التي تحدث عنها ديزموند موريس في كتابه عن القرد العاري ! وفي غياب التوازن الاخلاقي والعدالة يصبح كل شيء مباحا ، وهناك حكاية تلخّص هذه الدراما البشرية رواها احد المؤرخين عن قراقوش الذي اشتكى اليه رجل شاهد بائع الحليب يخلطه بالماء، ولأن شكل هذا الرجل وربما صوته لم يعجب قراقوش عاقبه، وقال له انه ناكر للجميل فبائع الحليب كان يغسل الحليب وينظفه من الشوائب وهذا ليش غشّا ! |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75853 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: خيري منصور أنا أو أنت !! - السبت 24 فبراير 2018, 5:17 am | |
| مضادات عربية للقراءة خيري منصور Feb 24, 2018
لم يكن متاحا لي في صباي شأن معظم أبناء جيلي أن اختار ما أريد قراءته، لعدم وجود المكتبات وحتى الصحف في قرانا، التي كانت غارقة في ظلام ما قبل الكهرباء، لهذا قرأنا ما تيسر لنا بالمصادفة، لكنه لم يشبع رغباتنا وفضولنا حتى في الحد الأدنى، وحين عثرت على ديوان شعري بعنوان «أباريق مهشمة» لعبد الوهاب البياتي، بدأت الأسئلة شبه المحرّمة في الثقافة والحياة تتسلل إلى ذهني، وكان اكتشافنا لصنابير الماء في المدينة هو المعادل الموضوعي لما تهشم من أباريق وخرافات في حياتنا، ومنذ تلك الفترة وأنا مهجوس بالقراءة بما يتخطى كونها إشباعا لفضول، لإدراكي أن غيابها أو بمعنى أدق تغييبها في مجتمع ما هو أقصر الطرق لتجريف الوعي وتحويل الكائن إلى أداة طيّعة لأي سلطة، سواء كانت اجتماعية أو سياسية أو معرفية، وذات يوم كانت عبارة ليست عابرة لجورج ستاينر قد أحدثت لديّ ما يشبه الانقلاب في فهم القراءة يقول، إن القراءة تغيرنا لأن فيها مخاطر عظيمة، فهي تضعف من شخصياتنا ومن إحساسنا بأنفسنا، ولا نعود قانعين بما تلقيناه أو حُقنّا به من إجابات ساذجة عن أسئلة إشكالية ووجودية بالغة التعقيد، ويضيف ستاينر هل يمكن للمرء أن يقرأ «آنا كارنينا» لتولستوي أو «البحث عن الزمن الضائع» لمارسيل بروست، بدون أن يدرك انبعاثا جديا في مشاعره الجنسية، وهل يمكن لأحدنا أن يقرأ «المسخ» أو التحول لفرانز كافكا ثم يستطيع النظر إلى نفسه في المرآة بدون إجفال، وقادتني هذه الهواجس إلى إصدار كتابين عن القراءة، تفصل بينهما بضعة عقود، الأول بعنوان «تجارب في القراءة» صدر ضمن مشروع الموسوعة الصغيرة في ثمانينيات القرن الماضي، والآخر «ثنائية الحياة والكتابة» وصدر عن دار الهلال في القاهرة قبل عدة أعوام . ولم أكن في المرتين قد اطّلعت على تقارير أممية وإقليمية عن أحوال القراءة في العالم العربي، التي كانت صادمة لكل من أتيح له أن يقرأها، ومنها على سبيل المثال، أن العربي يقرأ ست دقائق في العام، وهي لا تكفي لقراءة فواتير الكهرباء والهاتف ورسائل الأصدقاء، ومنها أيضا أن ما بذل من جهد ووقت للبحث عبر الإنترنت عن مطرب ليس شهيرا بالقدر الكافي في العالم العربي هو أضعاف ما بذل من جهد للبحث عن منجزات عشرة مبدعين كبار بدءا من المتنبي وانتهاء بنزار قباني ونجيب محفوظ ومحمود درويش. لهذا أخطأ من اختزلوا الأمية في النطاق الأبجدي، ما دامت هناك أميّة ثقافية وسياسية يعاني منها ملايين من تخرجوا من الجامعات، التي أصبحت أشبه بحاضنات لتفقيس الموظفين والعاطلين أيضا، وبدلا من مواجهة هذه الظاهرة ذات النتائج الكارثية على المدى الأبعد، أو المتوسط، انصرف المتخصصون إلى التوصيف وتداول الإحصاءات التي تعج بإشارات الاستفهام والتعجب. وكنا نتمنى لو أن هناك بديلا أسمى للتوصيف، بحيث تصدر أبحاث ودراسات تفكك ظواهر أشبه بالاحجيات في حياتنا، ومنها عزوف الناس عن القراءة، وانصرافهم عن أي نشاط ذهني، وعلى سبيل المثال ظهرت في الغرب كتب ذات صلة بهذا الشجن المعرفي منها، «تاريخ القراءة ويوميات القراءة» لألبرتو مانغويل، وكذلك «القارئ العادي» لفرجينيا وولف، إضافة إلى كتاب بالغ الأهمية صدر عن دار غاليمار للنشر في باريس، من تأليف فريق من الكتاب الفرنسيين، وكان صدوره عن أشهر دار نشر فرنسية وضمن سلسلة كتاب الجيب، سببا في انتشاره الواسع، ومن خلاله تعرف القارئ بالفرنسية على علاقة أهم المبدعين بالقراءة من طراز جان جاك روسو وناتالي ساروت وستاندال، فالغرب أيضا مرّ بمراحل لم تكن للقراءة فيها أولوية، وهذا ما كان يشكو منه مبدعون مثل رامبو وهنري ميلر وغيرهما. ويقول ميلر إن أمّه كانت تعيّره بالانصراف عن العمل إلى القراءة، وتقول ساخرة إنه يصنع الفاصولياء من الطين، ولأهمية القراءة في حياته أصدر كتابا تحدث فيه عن أهم مئة كتاب ساهمت في وعيه وتكوينه المعرفي، واعترف بأنه لو قرأ رامبو مبكرا لما كتب حرفا واحدا. وقد يستغرب القارئ العربي وصفا طريفا للفيلسوف فريدريك نيتشة، قال عن القراءة، إنها فن المضغ ونموذجها البقرة، لأنها تقوم بعملية اجترار لما استقر في أحشائها، وكان الراحل هشام شرابي قد اعترف في مذكراته بأن عبارة نيتشة كانت دليله في القراءة بحيث يقرأ أكثر مما يكتب، بعكس ما يحدث الآن، فأعشار المثقفين ومن يتظاهرون بالتثاقف يتصورون أنهم أقرب إلى الماعز، يرضعون بضعة أشهر أو أسابيع ثم يصومون عن القراءة ليتفرغوا إلى إدرار الحليب. إن الاستخفاف بالقراءة لا يتورط فيه سوى نموذجين من البشر، أحدهما ينكفئ داخل شرنقة، أو يعيش حياته كدودة في تفاحة عملاقة، والآخر هو الذي يختلط عليه الأمر بين المرايا والأبواب، ثم يتهشم رأسه وهو يحاول اختراق المرايا للخروج المستحيل من مداره المغلق. إن صفة قارئ بالنسبة لفيلسوف مثل سارتر هي الأهم من كل الألقاب، وحين سئل هل هو فيلسوف، أم روائي، أم مسرحي أم ناقد؟ أجاب: أنا قارئ فقط لأنني ولدت بين الكتب وسأموت بينها أيضا، ولم يكن سارتر يعرف أن الجاحظ ولد من رحم مخطوطة ومات حين انهار رف المخطوطات عليه. إن إحصاءات التقارير عن أحوالنا المعرفية قد تكفي للكشف عن المسكوت عنه لكنها لا تقدم السبب الذي يبطل العجب.
٭ كاتب أردني |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75853 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: خيري منصور أنا أو أنت !! - الأحد 25 فبراير 2018, 7:16 am | |
| الانتظار العقيم !! خيري منصور
ما لا يتنبه اليه الساسة والجنرالات ومن تستغرقهم الاحداث المتسارعة هو ما يؤدي اليه تفاقم الازمات واستمرارها من ارهاق نفسي وعاطفي؛ لأن للانتظار حدودا ما ان يتخطاها حتى يتسرب اليأس الى النفس؛ لأنه يصبح كانتظار غودو في مسرحية بيكيت، ولو كان لعلم النفس السياسي وجود في مجتمعاتنا لكانت معظم المقاربات والتحليلات المتداولة عبر الميديا مختلفة تماما، وعلى سبيل المثال فإن التكرار والالحاح يلحقان ضررا بالقضايا التي يراد حشد الرأي العام حولها، وهذا ما يحدث ايضا لزعماء يتصور من يعملون ابواقا لهم على مدار الساعة انهم يخدمونهم، ويجتذبون الناس اليهم، لكن الحقيقة عكس ذلك تماما ، فالالحاج يؤدي بالضرورة الى الضّجر وما يعيشه العالم العربي من ازمات اشتدت ولم تنفرج بل انفجرت تباعا، انتهى مفعوله عند هذه اللامبالاة والعزوف حتى عن متابعة الاخبار؛ لأنها متكررة، واحيانا تبدو كما لو انها معادة؛ لأن المبتدأ فيها هو الدمار والخبر هو الموت والتشريد! والمفارقة هي ان من يتصورون بأنهم ينتصرون لقضية ما وينحازون اليها، يسيئون اليها من غير ان يدركوا ذلك، وقد يساهم خصومهم في مضاعفة الالحاح والتكرار كي ينصرف الناس الى شجونهم اليومية بعيدا عن الشأن العام حتى لو كان وطنيا ! واذا ادرك الناس ما يسمى الارتهان العاطفي بسبب فائض الترقب والانتظار فان سهم بوصلتهم يغير الاتجاه، والدراسات التي قدمت عن اعلام النظم الشمولية برهنت ميدانيا على ان فلسفة الدببة في الدفاع عن سادتها انتهت الى شج رؤوس الاسياد، اما الذباب الذي كان يحوم حول انوفهم فقد طار ولاذ بالفرار بحثا عن رؤوس اخرى! وقد يؤدي الاستخفاف بعلمي النفس والاجتماع قدر تعلقهما بالسياسة والاعلام الى نتائج غير محسوبة بحيث تصبح النوايا الحسنة ان كانت حقا حسنة طريقا معبدا الى الجحيم والهاوية معا!. |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75853 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: خيري منصور أنا أو أنت !! - الإثنين 26 فبراير 2018, 7:28 am | |
| بلفور ذَبحَ وترامب ينكّل ! خيري منصور
كان وصف قرار ترامب بنقل السفارة الى القدس بأنه افقد الولايات المتحدة أهليتها كوسيط اقرب الى اضعف الايمان، لأن ما فعله ترامب ليس مجرد استقالة من دور وسيط او من الحد الادنى للنزاهة ، بل كان تكريسا لوعد بلفور في ذكراه المئوية . اما تحديد الرابع عشر من مايو القادم لنقل السفارة الامريكية الى القدس فهو بعيد عن المواربة اللغوية والنعومة الدبلوماسية، والنفاق السياسي تنكيل وسلخ جلد؛ لأنه يريد قتل الفلسطيني مرّتين وبالتالي هو شريك للمحتل وظهير له وليس مجرد حليف كما يقول؛ لأن للتحالف بين الدول حسب المعجم السياسي حدودا، وما قرره ترامب لا علاقة له بالسياسة ، وادق وصف له هو البلطجة والسطو على تقاويم التاريخ وتراجيديات الشعوب، وعلى من يتصدون لهذا الموقف العدواني السافر من ترامب ان لا يتكلموا بنصف لسان، وان يكتبوا بقلم تتدلى منه الممحاة ، فالرجل اعلن حربا ولم يعلن موقفا سياسيا، وفتح باب الجحيم على مصراعيه، فالتاريخ لم يمت بعد ولم يكترث بالنعي الامريكي له من خلال موظف ياباني الاصل في الادارة الامريكية، وهذه حرب ساحتها المستقبل كله، ولو كان ترامب حريصا على اسرائيل لما جعل من المستقبل كمينا لها وفخّا لاجيالها القادمة؛ لأن ما يعجز عنه العرب الان ولأسباب باتت محفوظة عن ظهر قلب لن يستمر الى الابد. ان اختيار ذكرى المأساة الفلسطينية او الفضيحة العربية التاريخية لنقل السفارة ليس استخفافا فقط بالعرب، بل بالعالم اجمع، وهو قرار لا بد من وصفه بأنه سادي ، يهدف الى تعذيب الضحيّة ! اما ردود الافعال العربية ، سواء على الاعلان او على موعد نقل السفارة، فهي مثيرة للغثيان، ولا تصل حتى الى اضعف الايمان، وقد يكون ترامب وشركاؤه في الاحتلال على دراية بالديّة، وهي غير مكلفة على الاطلاق!!. |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75853 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: خيري منصور أنا أو أنت !! - الأربعاء 28 فبراير 2018, 6:43 am | |
| السطو على أقوال مأثورة!. خيري منصور
هناك من عرب هذا الوقت الرمادي من يرددون عبارات شهيرة لسعد زغلول زعيم حزب الوفد في مصر وقائد ثورة 1919 ، ومن تلك العبارات ما فيش فايدة ،غطيني ياصفية، لكنهم يذكرون مبتدأ الجملة وينسون خبرها على طريقة لا تقربوا الصلاة ، فالزعيم زغلول لم يقل غطيني يا صفية ثم يخضع للامر الواقع، بل استمر في نضاله حتى الرمق الاخير، ومنزله في القاهرة تحول الى متحف قومي واصبح اسمه بيت الامة، فالثوار والاحرار في كل القارات وعبر كل الازمنة تأتيهم نوبات غضب وشيء من اليأس عندما يضيقون بلامبالاة الناس او بعدم ادراكهم لما يجري تحت اقدامهم. لكنها نوبات عابرة، سرعان ما يعودون بعدها الى اقلامهم او بنادقهم، ويواصلون مسيرتهم نحو أنبل ما عرف التاريخ البشري من اهداف وهو الحرية، التي من دونها يفقد الادمي معنى وجوده وامتيازه التاريخي. ومن المعروف ان سعد زغلول رفض الانحناء امام ملكة بريطانيا عندما كانت امبراطوريتها لا تغيب عنها الشمس وقال عبارته الخالدة، وهي انه لو حاول الانحناء لشد الملايين من ابناء وطنه معطفه الى الوراء!. ان من حق الانسان ان يتعب؛ لأنه من لحم وعظم وليس من فولاذ، ومن يزعم انه معصوم من التعب او نوبات الضجر واليأس ليس صادقا، لكن قيمة الادمي وعصيانه النبيل على تعاليم القطعنة وثقافة الاستبداد تكمن في ان يكرّ ويفرّ وله استراتيجية هدفها الاستمرار، لهذا على من انسحبوا مبكرا من الحلبة وعادوا من اول الطريق ان لا يستخدموا اقوالا وعبارات قالها سواهم من فرط الجدية والنضال، على طريقة الحق الذي يراد به باطل! والفارق بين من يتدفأ ويقشر البطاطا او الكستناء المشوية وبين من يرمم السقف المهدد بالسقوط تحت المطر والعواصف هو ذات الفارق بين الفاعل والمفعول به في مجالات الحياة! |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75853 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: خيري منصور أنا أو أنت !! - السبت 03 مارس 2018, 5:50 am | |
| غورنيكا بالأبيض والأبيض خيري منصور
أربع سنوات فقط هي عمر الاحتلال الألماني في الحقبة النازية لفرنسا، لكن ما كتب ونشر ورسم وعزف في تلك الأعوام القليلة أصبح بمرور الزمن تراثا إنسانيا في المقاومة، لأن الكف لاطمت المخرز ولم تعجز، بسبب اكتشاف وظائف أخرى لها، منها الكتابة والرسم والنحت والعزف، إضافة إلى الضغط على الزناد، وما كتبه سارتر في مقالاته التي جمعها في كتاب بعنوان «جمهورية الصمت» عن الاحتلال يجزم بأن شرط الشعور بالفقدان هو الامتلاك، ومن لا يشعر بأن وطنه حرّ وينتمي إليه بكامل كينونته لا يعي ما ينتجه الاحتلال من إبادة معنوية وإعدام وجودي، لهذا قال في أحد مقالاته إن الفرنسيين أعادوا اكتشاف وطنهم تحت الاحتلال، لأن مجرد كتابة اسم فرنسا على حائط أو على ورقة كان يكلف الإنسان حياته، ولأن السايكولوجيا من صميم منهج سارتر الوجودي في قراءة الأحداث والظواهر، فقد كرّس فصلا من «جمهورية الصمت» لما سماه العميل أو الخائن، الذي تجسّد إلى حد ما في موقف المارشال بيتان وإعلانه جمهورية صغرى في إقليم فيشي في الجنوب. وقد تنافس لوحة غورنيكا الفنان الذي رسمها في شهرتها، تماما كما نافس زوربا كازانتزاكي، ومدام بوفاري فلوبير، وهاملت شكسبير، وإن كان معظم من يعرفون الغورنيكا تعاملوا معها كنص مترجم من الفن التشكيلي إلى الكلمات، وبقيت عناصرها الجمالية، رغم كونها تراجيديا، حكرا على نقاد الفن التشكيلي، لهذا ينطبق عليها ما قاله عازف حين طلب منه أن يشرح معزوفته، فقال إن شرحها الوحيد هو إعادة الاستماع إليها، وبالمقياس ذاته فإن شرح غورنيكا أو أي لوحة أخرى لبيكاسو ودالي وغيرهما هو إعادة النظر إليها من مسافات مختلفة، كي لا تتحول إلى مجرد بقعة داكنة. إذا ألصق المرء أنفه عليها حتى تفلطح كما يحدث لطفل جائع وهو يلتصق بالواجهة الزجاجية لحانوت يبيع الحلوى، وما رسم عن الحرب الأهلية الإسبانية وضحاياها لم يقدم تنازلا فنيا لصالح التعبير المباشر، وهذا ما حدث أيضا في الشعر والمسرح والرواية، فقصائد أراغون وبول أيلوار عن المقاومة ليست مجرد أناشيد وطنية، وكذلك مسرحية «الذباب» أو «الندم» لسارتر والقصة الآسرة مجهولة المؤلف التي حملت اسم «فيركور»، وهي بعنوان «صمت البحر». فالكتابة حتى لو كانت عن تراجيديا لا ترتهن للأبيض والأسود فقط، أو للأسود والأسود أيضا، وهذا ما أدركه الشاعر محمود درويش مبكرا حين كتب مقالته الشهيرة أنقذونا من هذا الحب القاسي، لأن النقد العربي تعامل مع نصوص المقاومة بعد عام 1967 كأبقار مقدسة، وكان بذلك يحاول التعويض عن قصور وطني ومعرفي، ونادرا ما قرأنا في تلك الأيام نقدا جديا حول أكثر نصوص المقاومة شهرة، لهذا لم يبق منها غير الصالح للبقاء بشروطه الجمالية والإبداعية، فالنوايا وحدها مهما حسنت لا تصنع إبداعا، والأدب الرديء يسيء إلى القضية التي ينحاز إليها، لأنه يقترض منها ولا يقدم لها شيئا. وبالعودة إلى بيكاسو والغورنيكا علينا أن نتذكر أن بيكاسو كتب الشعر والمسرح أيضا، ولو أراد التعبير المباشر عن المشهد المركب الذي قدمه تشكيليا في غورنيكا لما رسم، لكن فقرالثقافة التشكيلية في عالمنا العربي، كما هو الحال في الثقافة الموسيقية، يتيح للبعض أن يترجموا اللوحة إلى نص أدبي وكذلك المعزوفة الموسيقية. وكتب بيكاسو شعرا عام 1935 عن تجربة عاطفية لم يستطع التعبير عنها بغير الكلمات، وهذا ما أشار إليه فالاس فاولي في كتابه عن السيريالية، حين قال إن التجارب العميقة والمعقدة قد يصعب تحويلها إلى فن، وأحيانا يكون انتشاء المبدع بها حائلا دون البوح بها، وما يؤكد صحة ما قاله فاولي أن بيكاسو كتب مسرحيات في الحرب العالمية الثانية منها مسرحية بعنوان «الرغبة الممسوكة من ذيلها»، وشخوص المسرحية من طراز آخرغير تقليدي على الإطلاق، فالشخوص أو بدائلهم بمعنى أدق قدم كبيرة وبصلة وعاهرة وصمت وآلام نفسية رفيعة وآلام نفسية سمينة ومؤخرة مستديرة، وشبّه النقاد تلك المسرحية بإحدى مسرحيات الفرد جاري الجريئة، التي أحدثت ثورة في الفن المسرحي بلغ حدّ القطيعة مع الماضي. وحين رسم بيكاسو بورتريه لسيدة فاجأته بالقول إن ما رسمه لا يشبهها، ولم تستطع أن تتعرف على نفسها فيه، فأجابها: ذات يوم سوف تشبهينها، وبذلك عبّر عن واقعية فائقة متجاوزة للأبيض والأسود وهي واقعية الممكن، وبهذا المعنى لم تكن غورنيكا عن الحرب الأهلية الإسبانية فقط، بل عن كل ما سوف يشبهها ويكررها من تراجيديات التاريخ البشري. |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75853 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: خيري منصور أنا أو أنت !! - الأحد 04 مارس 2018, 8:39 am | |
| ثقافة سريّة !! خيري منصور
لو ان واحدا بالالف مما يقوله مثقفون وانصاف وارباع مثقفين في مجالسهم يكتب وينشر او يذاع لكان المشهد غير ما هو عليه ، لكن ما افرزه المكبوت العربي من شيزوفرينيا وتلون حربائي قسم الكلام الى همس ليلي وصخب نهاري، وهناك بالفعل من يلعنون مفاهيم وعادات واعرافا ليلا لكنهم يسبحون بحمدها نهارا؛ لأن الهدف في النهاية هو التأقلم والقبول في النادي الاجتماعي، الذي يشترط في عضويته ان يكون الجميع متساوين كأسنان المشط ومتشابهين كطبق البيض، ومن يغرد خارج السرب عليه ان يدفع الثمن، حتى لو كان السرب من غربان تنعق فوق الاطلال! وقد يكون ما يسمى النقد الذاتي غائبا عن ثقافتنا العربية الى حد كبير، لكنه موجود بوفرة وفائض يصلح للتصدير في المجالس الخاصة، لهذا فهو منزوع الدسم والفاعلية، ويريح من يمارسون هذه الهواية وهي على الاغلب من أدبيات النميمة كما يفعل المخدر لبعض الوقت ثم يفقد مفعوله وعندئذ لا بد من مضاعفة الجُرعات! ورغم كل ما عصف بالعالم العربي في الاعوام الاخيرة من اعاصير قلبت موائد ودمرت دولا وخلطت حابل القمح بنابل الزؤان، الا ان العرب لم يتلقحوا ضد تكرار الاصابات التي اصبحت وبائية بفضل العدوى وفقر المناعة! وسيبدو المشهد اقرب الى كوميديا سوداء اذا تخيلنا خروفا يثغو في قطيع امام المسلخ يدرك ان دوره قادم، لهذا قد يشتبك خروفان على عشبة او نعجة في الطابور، لأن الادراك يشترط وجود خيال لدى الكائن يجعله يستشعر الخطر عن بُعد ويضع نفسه في مكان الاخرين! هكذا اصبح في عالمنا العربي ثقافتان احداهما نهارية صاخبة ومُنافقة وحربائية، والاخرى ليلية سرية غالبا ما تكون بالهمس، ولأن الثقافتين مستقيمان متوازيان لا يلتقيان فإن انسداد الافاق سوف يستمر، والوباء يستشري. |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75853 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: خيري منصور أنا أو أنت !! - الثلاثاء 06 مارس 2018, 1:29 am | |
| أطلس الناتو !! خيري منصور
هذا الاطلس ، ليس لتضاريس الدول الاعضاء في نادي الناتو او لخطوط طولها وعرضها، بل هو لدول انتهت الى اطلال، ومنها مدن عربية، وقرى لم يسمع بها اولادنا في المدارس وفي حصة الجغرافيا، ورسم هذه التضاريس طيارون زاروا بلادنا لأول مرة في مهمات القصف لتدمير البُنى التحتية الهشة وهدم بيوت يبحث من تبقى منهم على قيد الحياة عن ذويهم كالعميان وسط الغبار والدخان! وكأن على العربي الذي لم يسمع باسماء عشرات القرى في ليبيا والعراق وسوريا ولبنان ان ينتظر حصة الجغرافيا من وابل الصواريخ، فنحن نتعرف على وطننا العربي إما من خلال رحالة مستشرقين مثل نيبور ونرفال او من طيارين انطلقوا من قواعد على الارض العربية لقصف عواصم عربية. وأذكر ان مدرس الجغرافيا كان يمتحن معرفتنا ببلادنا حين يطلب منا ان نسافر من حيفا الى بيروت او من نابلس الى بغداد ، ثم يطلب منا ذكر الامكنة التي نمر منها، وبالطبع كان ذلك السفر على الورق، وعلى متن سفن ورقية او طائرات ورق غالبا ما ينقطع الخيط الذي يربطها وتبقى معلقة في الفضاء وفي مهب الريح! في الالفية الثالثة، وفي هذا القرن تولى حلف الناتو مهمة معلم الجغرافيا العربي، وعلينا ان نشكره ونشكر طياريه على ما قدموا لنا من معلومات عن قرانا وبلداتنا وانهارنا وجبالنا وصحارينا! واذا كان الناتو هو من تولى هذه المهمة وعرفنا على بلادنا لكن بعد ان حوّلها الى خرائب، فإن من تولى مهمة تعريفنا بتاريخنا هم مستشرقون، اجادوا لغتنا وارتدوا ثيابا تشبه ثيابنا وكان شعارهم كما وصفه احدهم هو ان الصياد يجب ان يرتدي ما يشبه جلد الحيوان الذي يريد اصطياده، كي لا يفزع منه، ويألف شكله. ان اخر طبعة منقحة ومزيدة من اطلس العالم العربي اصدرها الناتو من خلال قراصنة الجو والبر والبحر!!! |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75853 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: خيري منصور أنا أو أنت !! - الأربعاء 07 مارس 2018, 6:39 am | |
| جيل بلا أبناء!!. خيري منصور
منذ مطلع هذا القرن رحل في مختلف البلدان العربية عدد من المفكرين الرواد والشعراء الذين عبّدوا طرقات وعرة لمن يأتون من بعدهم، وكان التزامن دراماتيكيا بين رحيل معظم هؤلاء، فهم ولدوا في ثلاثينيات القرن الماضي، ولعبوا ادوارا بالغة التأثير في التنوير والّفوا وترجموا مئات الكتب التي لم يعاد نشرها بعد الطبعة الاولى التي نفدت قبل عقود، واسماؤهم محفوظة عن ظهر قلب ولا حاجة بنا لذكرها، والفراغ الذي تركه هؤلاء ليس هناك ما يعِد بملئه، فهم كانوا ابناء واحفادا نجباء لمن سبقوهم، لكنهم رحلوا ولم يتركوا من الابناء الا القليل رغم وفرة عدد الورثة او مدى الانتساب الى سلالتهم !. وبقدر ما كانوا محظوظين في الولادة؛ لأنها كانت بين حربين عالميتين وفي حمى حروب الاستقلال، الا ان سوء الحظ تجسد بالنسبة اليهم في الظروف السياسية التي عاشوا فيها وحاصرتهم، فلم يكن التعبير ميسورا لديهم، لهذا قال احدهم وهو د. يوسف ادريس ان كل الحريات المُتاحة في العالم العربي لا تكفي كاتبا واحدا!. ومنهم من كوفىء عالميا بجائزة نوبل التي منحت لأول مرة لأديب عربي كنجيب محفوظ، لكنه عوقب من ذوي القربى بطعنة من سكين اعمى شلّت يده، وهناك من طورد وانهى حياته في المنفى بتهمة التكفير احيانا وبتهمة مجرد التفكير احيانا اخرى. لم يكن ذلك الجيل من الرواد يعيش واقعا افتراضيا ومُتخيلا عبر الانترنت وسلالته الشيطانية؛ لهذا اشتبكوا مع كل اسباب التخلف وجها لوجه، ويكفي مثالا ما لقيه رواد كطه حسين وسلامة موسى والعقاد وعلي عبد الرازق وغيرهم من الانكار؛ ما دفع طه حسين الى ان يشكر الله ان جعله اعمى كي لا يرى الوجوه الرمادية التي كانت تطالب باعدامه. كان جيلا له آباء واجداد يُعتدّ بهم ولم يكن العقوق قد تسرب اليه، لكنه رحل تاركا وراءه كثيرا من الورثة لا من الابناء!! |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75853 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: خيري منصور أنا أو أنت !! - الأحد 11 مارس 2018, 12:14 am | |
| أزرق اليمامة
خيري منصورتتلخص أمثولة زرقاء اليمامة في سردية ذات جذر اجتماعي وتجليات ثقافية وسياسية، فالرائي الذي يبصر ما لا يبصره الآخرون، يعاقب ثم ينتظر زمنا كي يعاد إليه الاعتبار، وزرقاء اليمامة رأت بخلاف الناس من حولها، ما وراء الأغصان، وهو الغزاة الذين حاولوا التخفي لكن بطريقة أخرى غير حصان طروادة، وإن كانت النتيجة في النهاية هي ذاتها، ولا بد لزرقاء اليمامة أن تستدعي في الذاكرة شهرزاد، التي دافعت عن حياتها بالسرد وكانت تؤجل حتفها على يد شهريار، لكن الفارق هو أن مذكر الزرقاء ليس كشهريار، إنه أزرق اليمامة أو الشام، أو أي مكان في تضاريس العرب، وأزرق الشام ليست له حكاية متوارثة عن حدة الرؤية، رغم أنه موجود ومتكرر في كل الأزمنة، فهو أحيانا الشاعر الذي شمّ عن بعد رائحة حريق أو زلزال تاريخي، ولم يصدقه أحد، أو روائي استبق الزمن بخيال سرعان ما أصبح واقعا بامتياز، أو حالم ضاق بما يحيط به فتصور يوتوبيا مضادة للديستوبيا التي يعيشها أهل عصره. ولم ينجُ أزرق اليمامة من العقاب، لأن ما رآه سرابا ظن الآخرون إنه ماء يصلح للاغتسال والوضوء وإطفاء الظمأ، وما رآه غسقا تنعب فيه البوم، حسب وصف هيغل لغروب الحضارات، توهم الآخرون من حوله أنه شفق يعلنه صياح الديكة التي تنقر الليل كي يتسرب منه الضوء كما قال الشاعر لوركا. أزرق اليمامة قد يكون الشاعر الذي أرسل من خراسان ما يشبه البرقية الشعرية إلى الوالي يقول فيها : أرى خلل الرماد وميض جمر ويوشك أن يكون له ضرام وقد يكون خليل حاوي الذي اصطاد قلبه، كما لو أنه طائر الحجل الذي تجتذبه الأعالي حين رأى الغزاة يقتربون من بيروت عام 1982، وكان قد رأى عن بعد ما وراء الأغصان التي تمشي حين قال: الجماهير التي يعلكها دولاب نار من أنا لأرد النار عنها والدوار عمّق الحفرة يا حفّار عمّقها لقاع بلا قرار وقد يكون صلاح عبد الصبور عندما تقمص النبرة اليسوعية في ديوانه «أقول لكم» وطلب من أبناء جيله أن يتحسسوا رؤوسهم لأنه عاش في زمن ركبت فيه رؤوس الحيوانات على أكتاف البشر، وقد يكون هذا الأزرق محمد الماغوط الذي قرر أن يخون وطنه، لكن على طريقته، فكانت خيانته للكذب والممالأة والامتثال وفقه الخضوع. وقد يكون عبد الوهاب البياتي الذي كتب وصيته لابنه علي وقال فيها: أخاف عليك يا فقري أخاف عليك أن تُسرق أخاف وأنت لا تدري وانتهى إلى القول: فقراء يا ولدي نموت وقطارنا أبدا يفوت وما حدث بالفعل هو أن لصوص التاريخ استطالت أيديهم فسرقوا الفقر والمطر والكرامة، وحوّلوا فائض الثورة إلى فائض استنقاع مثلما حولوا فائض الثروة إلى فائض تسول واستجداء، فكانوا ميداس الإغريقي لكن بطبعة عربية، لأن ميداس الإغريقي كان يلامس التراب فيحوله ذهبا، أما ميداس العربي فقد حوّل كل ما كان يلمسه من ذهب إلى تراب وحديد مغمور بالصدأ. أزرق اليمامة العربي قرع أجراسا لم يصل رنينها إلى الطرشان ، وكتب وصايا لم يستطع العميان قراءتها، لهذا على محترفي التعميم والتعويم كي يبرأوا أنفسهم من كل ذلك الدم أن يفضّوا الاشتباك بين القبور، لأن فيها من صدّق أهله وكان الدليل الأمين. وفيها من خان الأمانة وشهد زورا وصدّق أن سعدا ينجو إذا تواطأ على هلاك أخيه سعيد. وإذا كان من كذبوا زرقاء اليمامة قد دفعوا ثمن ما غطى عيونهم من قذى وحجب عنهم الحقائق، فإن من تنكروا لأزرق اليمامة كان الثمن الذي دفعوه باهظا، لأن التاريخ أضاف إلى مديونياته الحضارية نسبة من الربا، وأوشك الفعل الماضي الناقص «كان» أن يصبح كاملا وتاما. لقد كان بدر شاكر السياب أزرق الرافدين قد رأى على بعد نصف قرن الخيانة عندما تصبح توأما للعدم حين تساءل: أيخون إنسان بلاده إن خان معنى أن يكون فكيف يمكن أن يكون وانتهى رضيع جيكور إلى جنازة سار فيها أربعة رجال فقط تحت سماء ممطرة، ثم حاول من خذلوه إعادة الاعتبار إليه والاعتذار له، لكنه أخرج لسانه وقال: الشمس أجمل في بلادي من سواها والظلام حتى الظلام هناك أجمل فهو يحتضن العراق ما أكثر الزرق، سواء في اليمامة أو الشام أو الرافدين وكل تضاريسنا، وما أقل الذين صدقوهم قبل فوات الأوان.٭ كاتب أردني |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75853 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: خيري منصور أنا أو أنت !! - الإثنين 12 مارس 2018, 4:43 am | |
| بين النزاهة و الكفاءة !! خيري منصور
تمر بالبشر ازمنة يتساهلون فيها مع الكفاءة لصالح النزاهة، رغم وعيهم بالخسائر التي قد تنجم عن مثل هذه المفاضلة، وسبب ذلك على الأرجح هو ان الفترات التي تتراجع فيها الكوابح الاخلاقية وحتى الروادع القانونية تشعر الناس بأن النزاهة قيمة لا تنافسها قيمة اخرى حتى لو كانت الكفاءة، خصوصا وان هناك من الاذكياء واصحاب المهارات من وظفوا طاقاتهم لكل ما هو سلبي ومُضاد للانسانية، ومنهم الذين اخترعوا ادوات التعذيب ومعظمهم كما يقول المؤرخون دفعوا الثمن وتم تعذيبهم بما صنعت ايديهم!. إن العلماء الذين يضعون عقولهم في خدمة تطوير الاسلحة الفتاكة والسموم ليسوا قليلي الذكاء او المواهب، لكنهم اخطأوا الطريق، لهذا فان من يعارضون نظرية العلم من اجل العلم فقط ينطلقون من رؤية اخلاقية، ويصرون على ان للعلم بعدا اخلاقيا، وحين يفقد هذا البعد يصبح كل شيء مُباحا، وتفقد الحياة معناها وجدواها!. لم يكن اعتذار نوبل عن اختراع البارود بجائزة سلام تحمل اسمه هو المثال الوحيد في تاريخ العلم، وهناك طيارون كلفوا بمهمات قذرة وابادية ثم انتهى بعضهم الى الانتحار او الجنون! واشهر مجرمي التاريخ لم يكونوا من الاغبياء او الحمقى، بل هم اذكياء وظفوا ذكاءهم سلبيا لتدمير الحياة وليس للتبشير بها وتمجيدها! حتى المشاهير ، منهم من يصح عليه قول ابن المقفع وهو خامل الذكر خير من صاحب الذكر الذميم، ومنهم ايضا المعيدي الذي قيل ان تسمع به خير من ان تراه ! وكما ان المقابر تعج بمن فرض عليهم الموت ان يكونوا جيرانا رغم ان منهم الصالح والطالح والكريم والبخيل والاصيل والهجين فإن بطون النساء كما قيل بساتين تتسع للوردة والشوك وللحمامة والعقرب، لهذا ما علم يعتدّ به اذا كان لمجرد العلم ومنزوع الدسم الاخلاقي!!. |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75853 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: خيري منصور أنا أو أنت !! - الثلاثاء 13 مارس 2018, 6:44 am | |
| طرائف تحت المجهر !! خيري منصور
التعامل مع ما ينشر من طرائف وحكايات تراثية على سبيل التسلية اشبه بمن يشم الوردة ثم يرميها في سلة النفايات، او بمن يهرع الى السراب كي يطفىء ظمأه؛ لكن بلا طائل، وللمثال فقط سأتوقف عند بعض هذه الطرائف، ومنها ان ابا مسلم الخراساني أُهدي ذات يوم حصانا اصيلا، ثم عرضه على اصحابه سائلا اياهم ما الذي يمكن له ان يفعله بهذا الحصان، فأجابه احدهم انه يصلح للحرب، لأنه اصيل ومعافى، واجابه آخر انه يصلح لانجاب سلالة اصيلة من صلبه، وقال ثالث ان الحصان يصلح للركوب فقط، واضاف رابع انه يصلح للسباق! لكن ابا مسلم قاطعهم وقال انه يصلح للفرار بعيدا عن جار السوء، وحين نضع طرفة كهذه تحت المجهر النفسي ونحللها نجد انها تعني ما هو ابعد بكثير من كلماتها وتفتضح زمنا بمجمل علاقاته الانسانية ومنها علاقة الجوار. والطرفة الثانية عن اعرابي سأله احد الناس يوما هل انت غنيّ فقال انه ليس مدينا لأحد، وسأله كم عمرك فأجابه أنعم بصحة جيدة، وكان السؤال الثالث والاشبه بثالثة الاثافي كما قال العرب هل لك اعداء فأجاب انه يسكن بعيد عن اقاربه! وقد عبّر بذلك عن ثقافة سادت في المجتمعات العربية وعبرت العصور وهي ثقافة ظلم ذوي القربى التي عبر عنها الشاعر الجاهلي بشكل مباشر وقال ان هذا الظلم اشد على النفس من وقع السيوف! ان ما يسمى في عصرنا الحفريات المعرفية او الاركيولوجيا، يعيننا كثيرا على فهم ما توارثناه بلا تمحيص، لهذا قد تصبح الطرائف التي تنشر للتسلية فضائح تربوية واجتماعية وثقافية، تماما كما هي النكتة، فهي ليست للاضحاك فقط، ومنها ما يبكي خصوصا اذا كانت من افراز المرارة وكظم الغيظ. لكننا على ما يبدو نصرّ على التسلية بدلا من الاستيعاب والاتعاظ حتى لو كان ما نستشهد به كبسولات محشوة بتجارب بالغة المرارة والتعقيد!!!. |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75853 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: خيري منصور أنا أو أنت !! - الأربعاء 14 مارس 2018, 6:54 am | |
| سقط سهوًا من النشرة الجوية!! خيري منصور
ما ينقص النشرة الجوية في العالم العربي هو نسبة الكآبة التي تستكمل درجة الحرارة ونسبة الرطوبة وسرعة الرياح، لكن ما من بارومتر حتى الآن يمكنه ان يحقق هذه المهمة، واذا كان هناك تفاوت شديد بين درجات الحرارة في العواصم العربية ونسبة الرطوبة فإن مثل هذا التفاوت ينحسر ويوشك ان يتلاشى عندما يتعلق الامر بقياس منسوب الكآبة والضجر، فالشاشات ترشح دما على مدار الساعة، والقتلى باعداد غير مسبوقة حتى في تاريخ الحروب والمجاعات والزلازل لكنهم بلا اسماء، ومن راهنوا على ان الانسان يعيش بالخبز وحده رغم ان الخبز مهدد ايضا، اخطأوا مرتين، مرة بحق الانسان ذاته ومرة بحق الحرية، فالحيوان الاليف والداجن له لحظات يعلن فيها العصيان ويبحث عن شيء آخر غير العلف، وقد يكون هذا الشيء المفقود لمسة حنان او مداعبة، وما قاله عالم النفس د . احمد عكاشة في اكثر من مقال ولقاء متلفز عن الامراض النفسية في العالم العربي والتي تحولت من اصابات فردية متفرقة الى وباء يستحق وقفة جادة من دول ومؤسسات واكاديميين، لكن التهرب من مواجهة الحقائق اصبح فنّا له مهاراته وفقهاؤه في مجتمعات قررت ان تسخر من كل ما يقوله لها اطباؤها وترمي الوصفات في سلال القمامة. ان رصد اي مشهد من الحياة اليومية في العالم العربي بدءا من التلاسن عند اشارات المرور وليس انتهاء في مداخل المخابز وعلى مواقف الحافلات او في طوابيرها لا بد ان ينتهي الى القناعة بأن قائمة الامراض النفسية والعقد التي تحدث عنها فرويد وغيره من علماء النفس اصبحت متجسدة في ملايين البشر الذين خسروا بمرور الوقت وتراكم الكبت وكظم الغيظ والعدوانية المتبادلة آدميتهم . فأية اجيال ستولد من رحم هذا الجيل ؟ وأي مستقبل ينتظرنا !!! |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75853 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: خيري منصور أنا أو أنت !! - السبت 17 مارس 2018, 10:56 am | |
| رُبع الحقيقة
الحكاية الهندية المتعددة الروايات عن العميان الذين سقطوا على الفيل هي بمثابة تعبير رمزي عن أن الحقيقة دائما هناك، أو أنها تولد في المنفى، كما يقول أحد الروائيين. فالعميان الأربعة الذين سقطوا على الفيل وصف كل واحد منهم العضو الذي ارتطم به من جسد الفيل، لهذا فكل واحد منهم يمتلك ربع الحقيقة، والحقيقة هي حاصل جمع أوصافهم المتباينة للفيل، لأن الذيل ليس الخرطوم ولا بد أن هناك أسبابا أخرى غير فيزيائية لجعل الفصول أربعة وكذلك الجهات، رغم أن هناك من يرون فصلا خامسا خارج التقاويم وجهة خامسة لا تعرفها البوصلة. حين كتب لورنس داريل روايته الشهيرة «رباعية الإسكندرية» كان كمن يصف مدينة بشخوصها ودقائقها وليس فيلا من أربع زوايا، وعبر عن ذلك من داخل الرواية حين شاهد إحدى النساء وهي تقيس فستانا داخل غرفة متعددة المرايا، وكانت بالتحديد أربع مرايا، ليكتشف إنها أربع نساء باسم واحد وجسد واحد، لهذا كانت رواية رؤى مختلفة واحيانا مُتناقضة لحيوات الشخوص والدوافع التي تتحكم فيهم وفي سلوكهم وأنماط تفكيرهم. وعلى سبيل المثال فإن جوستين بطلة الرواية التي حمل الجزء الأول اسمها تعددت في الأجزاء الثلاثة اللاحقة، لأن الحقيقة متعددة، بدءا من الطبيعة وعناصرها حتى التاريخ، فالماء ينقذ الإنسان من الظمأ وكذلك النبات والحيوان من الموت والجفاف، لكنه إذا زاد عن حده يتحول إلى طوفان ويغرق الجميع، وكذلك النار التي قليلها ينتج الدفء وما يحتاج إليه البشر من الطهي، لكنها تحول كل ما حولها إلى رماد إذا زادت عن حدها، أما التاريخ فهو المجال الأرحب لتعدد الحقائق تبعا للرواة. وما كتب عن سقوط امبراطوريات ودول كالرومان والعباسيين والأمويين تعدد تبعا لرؤى المؤرخين وقراءاتهم للوقائع، ما دام للمنتصر روايته وللمهزوم روايته أيضا، وإن كانت الغلبة دائما للمنتصر أو لصانع التاريخ، وهذا ما دفع محمد علي باشا إلى السخرية من أحد مستشاريه حين قدم إليه ترجمة لبعض الكتب، ومنها «الأمير» لميكافيللي، فقد قال له محمد علي، إنه ليس مُتفرغا لقراءة التاريخ بل لصناعته، ولو كان للحقيقة وجه واحد لفقد التاريخ جدليته، وأصبح أفقيا وداجنا في مجراه، وربما لهذا السبب قال أحد الفلاسفة علينا أن نكون مع أفلاطون ضد أرسطو، ومع أرسطو ضد أفلاطون كي يستمر التاريخ ويواصل العقل مهمته. ولو قدّر للضحايا أن تكتب مذكراتها على طريقة «مذكرات دجاجة» لإسحق الحسيني لربما كانت رواية الحَمَل بالغة الاثارة عن الذئب، وكذلك رواية الفأر عن القط ، وسنابل القمح عن المنجل، لكن الضحية غالبا ما تكون خرساء أو مصابة بشلل يحول دون الدفاع عن نفسها في عالم يرتهن للقوة وفي عزلة وحشية يغيب عنها الشهود. حتى الزمن الذي جرى تشطيره إلى تقاويم وأعوام وأيام وساعات، له حقيقة أخرى لا تعترف بكل هذا التشطير، لأنه يجري بإيقاعاته معزولا عن كل ذلك، لهذا كان لا بد من التفريق بين زمنين، كما يقول هانز ميرهوف، أحدهما فيزيائي والآخر ميتافيزيائي، فالأول مطلق ولا يحده شيء، أما الثاني فهو نسبيّ، لهذا قد تمر الساعة فيه كما لو أنها دقيقة، وقد تمط الدقيقة أرجلها، كما يقول خليل حاوي لتصبح دهرا، وذلك كله مرتبط باحساسنا النفسي بالزمن. وتروي فرجينيا وولف وهي الشغوفة بتراجيديا الزمن، أنها في طفولتها شاهدت من نافذة القطار امرأة تنشر الغسيل على الشرفة، وبقيت المرأة إلى الأبد تنشر الغسيل، الذي ظل طريا ومبتلا في ذاكرة فرجينيا، رغم أن الحقيقة بمعناها الفيزيائي هي أن الغسيل جفّ واستخدم واهترأ لكن خارج ذاكرتها. ولم يقتصر الإلحاح على تعدد الحقيقة على الأدب والفلسفة والأسطورة، وله تجليات في السينما والفن التشكيلي ايضا، ففي الفيلم الياباني «راشومون» تروى جريمة قتل أربع مرات، لأن الذين شاهدوها أو ادعوا ذلك كانوا أربعة. وقد رسم فنان تشكيلي حزمة قش تعددت أكثر من عشر مرات تبعا لحركة الشمس على امتداد نهار واحد ، لهذا فالزعم باحتكار الحقيقة هو الجهل في أقصى ما يمكن بلوغه. |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75853 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: خيري منصور أنا أو أنت !! - الأحد 18 مارس 2018, 9:46 am | |
| ثقافة سريّة !! خيري منصور
لو ان واحدا بالالف مما يقوله مثقفون وانصاف وارباع مثقفين في مجالسهم يكتب وينشر او يذاع لكان المشهد غير ما هو عليه ، لكن ما افرزه المكبوت العربي من شيزوفرينيا وتلون حربائي قسم الكلام الى همس ليلي وصخب نهاري، وهناك بالفعل من يلعنون مفاهيم وعادات واعرافا ليلا لكنهم يسبحون بحمدها نهارا؛ لأن الهدف في النهاية هو التأقلم والقبول في النادي الاجتماعي، الذي يشترط في عضويته ان يكون الجميع متساوين كأسنان المشط ومتشابهين كطبق البيض، ومن يغرد خارج السرب عليه ان يدفع الثمن، حتى لو كان السرب من غربان تنعق فوق الاطلال! وقد يكون ما يسمى النقد الذاتي غائبا عن ثقافتنا العربية الى حد كبير، لكنه موجود بوفرة وفائض يصلح للتصدير في المجالس الخاصة، لهذا فهو منزوع الدسم والفاعلية، ويريح من يمارسون هذه الهواية وهي على الاغلب من أدبيات النميمة كما يفعل المخدر لبعض الوقت ثم يفقد مفعوله وعندئذ لا بد من مضاعفة الجُرعات! ورغم كل ما عصف بالعالم العربي في الاعوام الاخيرة من اعاصير قلبت موائد ودمرت دولا وخلطت حابل القمح بنابل الزؤان، الا ان العرب لم يتلقحوا ضد تكرار الاصابات التي اصبحت وبائية بفضل العدوى وفقر المناعة ! وسيبدو المشهد اقرب الى كوميديا سوداء اذا تخيلنا خروفا يثغو في قطيع امام المسلخ يدرك ان دوره قادم، لهذا قد يشتبك خروفان على عشبة او نعجة في الطابور؛ لأن الادراك يشترط وجود خيال لدى الكائن يجعله يستشعر الخطر عن بُعد ويضع نفسه في مكان الاخرين! هكذا اصبح في عالمنا العربي ثقافتان احداهما نهارية صاخبة ومُنافقة وحربائية، والاخرى ليلية سرية غالبا ما تكون بالهمس، ولأن الثقافتين مستقيمان متوازيان لا يلتقيان فإن انسداد الافاق سوف يستمر، والوباء يستشري. |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75853 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: خيري منصور أنا أو أنت !! - الإثنين 19 مارس 2018, 6:47 am | |
| سندباد الشام!! خيري منصور
قد يكون تاريخ البشرية في أحد ابعاده تاريخ الهجرات، سواء كانت اسباب الهجرة البحث عن الكلأ والماء او عن ملاذ من خطر مقيم او من اجل طلب العلم حتى لو كان في الصين! والشاميون هاجروا مرارا شأن كل عباد الله ، لكن ليس على هذا النحو الذي نراه في ايامنا، بحيث تدفع الحاجة وهي ام الاختراعات جميعا كلها صبية شامية الى تصنيع سترة نجاة من الغرق، وكما تقول كان والدها المهاجر بحرا من حفّزها على ذلك خوفا عليها، وحين هاجر الشامي غربا وقطع الفيافي والبحار شيّد اندلسا غربت عنها شمس العرب لكن شواهدها واطلالها وغرناطتها ما تزال تتحدث العربية، وكذلك النخلة التي عانقها الصقر وهو يبكي من شدة الاغتراب . هاجر الشامي الى مصر في القرن التاسع عشرلا هربا من عسس الباب العالي والتتريك، ووجد في الكنانة تربة خصبة ورافعة حضارة للمساهمة في نهضة لو لم يتم اجهاضها لكان العرب الان في وضع آخر، وهاجر الشامي الى امريكا اللاتينية ولم يمت منسيا على قارعة الجغرافيا ورصيف التاريخ، وهناك من اصبحوا رؤساء جمهوريات واصحاب نفوذ، ومن الناحية الادبية اضاف الشامي المهاجر الى الشعر العربي ديوانا اخضر اسمه شعر المهجر! هاجر هؤلاء سباحة او بوسائل بدائية، وكانت شموس المنافي بانتظارهم، لكن في زمن الطائرات ووسائل النقل الحديثة والآمنة اصبح الشاميون يموتون غرقا، وما من اكفان او قبور الا ما ينسجه البحر من زرقته وما ينتظر الوليمة البشرية من ضواري المحيطات. الصبية التي اخترعت سترة نجاة من الغرق ارسلت من حيث لا تدري برقية بكل لغات العالم تفتضح فيها زمنا عربيا من الرماد واوطانا تأكل بعضها ونفسها ايضاَ! فما الذي تغير في هذا التاريخ بحيث اصبح داجنا يعيش على العلف وحده، وما الذي انتهت اليه حضارة ارضعت البشرية كلها من فائض ما ابدعت ؟ ان امة برمتها بحاجة الى سترة نجاة لا من الغرق في البحر بل من الغرق في دمها!!. |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75853 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: خيري منصور أنا أو أنت !! - الثلاثاء 20 مارس 2018, 6:02 am | |
| بوتين الرابع !! خيري منصور
لم يخرج بوتين من الكرملين كي يقال انه عاد اليه، فالرجل كان رئيسا حتى عندما كان يجلس صديقه الحميم مالديف على مقعده، وحصول مرشح على ثلثي الاصوات في بلاده يعتبر فوزا كاسحا بمقياس ديمغرافي ، والسؤال غالبا ما يتجه بعد افراغ الصناديق واعلان النتائج الى الثلث الذي لم يظفر الرئيس بأصواتهم، فهل هم متجانسون بحيث يشكلون معارضة متجانسة؟ بالطبع لا، فالمرشح الروسي الشيوعي حصل على ما يقارب العشرة بالمئة من الاصوات، في بلد كانت هويته السياسية والايديولوجية ذات يوم ماركسية، وكان شيوعيا بامتياز سوفييتي، وهناك عوامل عديدة بعضها مسكوت عنه في الحملات الانتخابية، منها ما هو نفسي، خصوصا في بلدان كروسيا، شعرت بعد الانهيار السوفييتي انها بحاجة الى بطل او سلفادور كما يسمى في امريكا اللاتينية، وما حققه بوتين لبلاده لم يكن ميسورا لأي قائد غير استثنائي، فالرجل يرمم بكل مناسبة ما استطاع من جراح النرجسية الروسية، ويُفرط احيانا في استعراض القوة، سواء كانت ذاتية من خلال كونه رياضيا ومعافى بدنيا او من خلال ما يعلن من تطوير للاسلحة، ورغم كل ما يقال وينشر حول الديموقراطية التي تعني في مولدها الاغريقي حكم الشعب. الا ان الفرد لم يتنازل عن دوره في التاريخ، لهذا يختلط المفهوم المجرد بما يسمى الشخصنة، ويكون للكاريزما نفوذها، ويبدو ان بوتين الذي ورث بقايا امبراطورية مريضة كان ايضا وريثا قوميا لما يسمى في علم النفس الايجو سواء في بعده الذاتي او في تجلياته الجماعية، واستطاع بالفعل العزف على اشد الاوتار حساسية لدى الروس الذين استخف بهم الخصم التقليدي بعد الحرب الباردة، واستفرد وحده بهذا الكوكب. ورغم كل ما يمكن تسجيله على روسيا بوتين من ملاحظات سواء في السياسة الخارجية وبالتحديد في الشرق الاوسط او في السياسة الداخلية، فإن ما لا يمكن انكاره هو عودة موسكو رقما صعبا في المعادلة الكونية. وتبقى الملاحظة الجديرة بالتأمل في هذا السياق وهي ان الحزب الشيوعي لم يحصل حتى على سدس الاصوات في بلد كان عاصمة الماركسية!! |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75853 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: خيري منصور أنا أو أنت !! - الأربعاء 21 مارس 2018, 10:42 am | |
| صناعة الفقر خيري منصور
ليس جديدا القول ان الفقراء غرباء في عقر اوطانهم، لكن ما طرأ على هذا العالم من محاصيل الرأسمال المتوحش ضاعف من الغربة، واحدث فراغا روحيا لا يملأه غير المزيد من سيلان اللعاب على ما في ايدي الاخرين، وربما كان كتاب اريك فروم بعنوان « ان تملك او ان تكون « الوثيقة الدامغة لهذا العصر، لهذا كان عنوان الكتاب بالغ الدلالة لأنه يذكر القارىء بالعبارة الشكسبيرية ان تكون او لا تكون تلك هي المسألة، والمال اصبح في عصرنا بديل الكينونة، من يمتلكه يتوهم بانه امتلك الوجود ومصائر الاخرين، وربما لهذا السبب تراجعت الروادع والكوابح الذاتية، وحلّ الخوف مكان الخجل . ويبدو ان لكل عصر تعريفاته الخاصة للظواهر الاجتماعية والسياسية ومنها الفقر؛ فالفقر الان ليس كما كان قبل قرن، واذا كان للثراء مراتب ودرجات فإن للفقر ايضا مستويات، والثراء الفاحش هو الذي ينتج الفقر المدقع، وحين تتسع الفجوة بين البشر يصبح السلم الاهلي في خطر؛ لأن الفقراء تعلموا من ربهم ان يمهلوا ولا يهملوا لذلك كانت اقسى الثورات في التاريخ هي ثورات الجياع؛ لأنهم يأتون على الاخضر واليابس. واذكر انني كنت ذات مساء قاهري بصحبة الصديق الشاعر احمد فؤاد نجم في زيارة رجل اعمال في بيته الاشبه بقصر، وحين شاهد نجم ما لم يشاهده من قبل همس باذني قائلا ان الجياع اذا اندلعوا من القمقم سوف يأكلون خشب هذه المقاعد والموائد الانيقة ظنا منهم انها بسكويت لفرط رقتها واناقتها ! كم تغير العالم، ولم يتحد عماله بل تحاربوا لصالح اصحاب المال، ولم يتحد الفقراء بل تنابذوا وتنافسوا على حراسة اموال سادتهم الاثرياء. وها نحن نسمع ونشاهد على مدار الساعة فقها يبشر به السماسرة وتجار الدم والسلاح، لا يبرر الفقر فقط بل يحوله الى مطلب قومي وانساني!! |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75853 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: خيري منصور أنا أو أنت !! - الأحد 25 مارس 2018, 6:22 am | |
| أبناء أمهاتهم !! . خيري منصور
من بين الكثير الذي كتب هذا الاسبوع عن عيد الام، والذي يستحق ان يكون عيدا للاعياد كلها، ما قاله البابا تواضروس، حين روى ذكريات من ايام الدراسة في كلية الصيدلة بالاسكندرية، فقد كان من اساتذة الكلية رجل ذهب بعيدا وعاليا في الوفاء للامومة، وكأنه يعلن العصيان على تعاليم مجتمعات باترياركية في هذا العالم الذي ورطته ايديولوجيا الذكورة بحروب ومجاعات لالآف الاعوام . قال الاب تواضروس ان ذلك المعلم اقترح ان ينسب الانسان منذ ولادته الى الاب والام معا، بحيث يذكر اسم امه في البطاقة الشخصية اعتزازا وعرفانا، لكن ما لم يقله الاب تواضروس هو ما جرى بعد ذلك، فالنظم السياسية الباترياركية التي تُمارس فيها السلطة الاموية بلا حدود والى اقصى درجات الوصاية اضافت اسماء الامهات بالفعل الى الوثائق الرسمية للابناء لكن ليس عرفانا وتقديرا بل لاسباب منها ما هو امني، ومنها يتعلق بالالتباس الذي يحدث نتيجة تشابه الاسماء ! ومن اسوأ تقاليد الباترياركية ان الذين تنسب اسماؤهم الى امهاتهم هم الذين يتعرضون للاستخفاف واحيانا للاهانة، لأن دلالة ذلك هي ان الاب لا يستحق ان ينسب اليه الابناء، وقد يغيب عن بعض الناس ان العصر الذهبي للانوثة في التاريخ القديم كان على النقيض من المجتمع الباترياركي وتبعا لما يقوله عالم الانثربولوجيا مالينوفسكي فان اكتشاف البرونز كان بداية ما يسميه هزيمة المرأة الكبرى في التاريخ، وهناك امهات كان لهن الفضل كله في اعداد رجال ونساء من ذوي القامات السامقة والذين ساهموا في صناعة التاريخ . والحقيقة البسيطة التي ننساها احيانا هي ان الانسان له ام واحدة من بين جميع نساء الارض، لهذا فهي جديرة بالايام كلها وليس بيوم واحد في السنة خصوصا اذا كانت من طراز تلك الام التي قالت لابنها تذكّر الغربال دائما كي تدرك الفرق بين القمح والزؤان، والكلاب لا تذبح حتى لو سمنت اضعاف ما تسمن الخراف! |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75853 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: خيري منصور أنا أو أنت !! - الإثنين 26 مارس 2018, 7:17 am | |
| مقاولات سياسية !! خيري منصور
منذ وصل ترامب الى البيت الابيض وعلى نحو مفاجىء كمن هبط بمظلة وهو يستخدم مفردات المعجم التجاري حتى في تصريحاته السياسية، فالرجل مقاول اولا واخيرا ولا تعنيه الابعاد الرمزية سواء تعلقت باوطان او مقدسات او حقوق بشرية . كل شيء بالنسبة اليه خاضع للتسعيرة ولا يعترف بما يسمى اخلاقيا الخسارات الرابحة، اي المواقف التي تكلف اصحابها اثمانا باهظة لكنهم يصرون على اتخاذها لاسباب غير مادية على الاطلاق ! وحين يكون معجم رئيس الدولة الاكبر والاغنى والاقوى لكن ليست الاعظم، خاضعة للحواسيب ومعايير الربح والربح ايضا لأن الخسارة ليست من مفرداته، فإن هذا الخطر اخلاقيا وثقافيا لا يقلّ عن خطر استخدام السلاح النووي؛ لأن الابادة قد تتم دون اراقة قطرة دم واحدة؛ لأن ضحاياها ليسوا بشرا من لحم ودم او ابراجا من حديد واسمنت وحجارة، بل منظومة من القيم التي كافحت البشرية عدة الفيات لترسيخها وعدم العودة مجددا الى الغاب وشرائعه الدموية . ومن يرصد تغريدات ترامب ولغة جسده يدرك على الفور ان الرجل لا يجتذبه شيء كالارقام، واشك انه قرأ رواية لوليم فولكنر كالصخب والعنف او قصة لوليم سارويان، او حتى قصيدة لألن عنزبرغ، بخلاف بوش الاب الذي لم يجد مدخلا لمذكراته بعنوان التقدم الى الامام افضل من مشهد من رواية لمارك توين، وكذلك بخلاف جون كنيدي الذي كان يرى البيت الابيض مضاء اذا زاره شعراء. ان ثقافة المقاول ومكوناته النفسية لا تعترف بغير الارقام الصماء، لهذا لم تكن اهانة الافارقة مجرد زلة لسان من انجلوساكسوني تنطبق عليه مواصفات « الواسب « بل هي من صميم تربويات متعالية ومن ادبيات التجارة التي لم يسلم منها حتى الرقيق في زمن الرجل الابيض ذي القلب الشديد السواد! ان خطورة هذا النفوذ الكوني وهذه السطوة المادية على كوكبنا هي في تجريف اقانيم الادمي الثلاثة: الحرية ، الوعي والكرامة!! |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75853 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: خيري منصور أنا أو أنت !! - الثلاثاء 27 مارس 2018, 9:02 am | |
| ثقافة الوأد!! خيري منصور
المراذلة لا المفاضلة هي ما يليق بالمقارنة بين الوأد الجاهلي بمعناه العضوي وبين الوأد الحديث المعنوي والنفسي، وقد يكون الوأد النفسي اقسى من أي وأد؛ لأنه ثقيل الروح ويجهز على العقل ويبقي الجسد حيّا يسعى، وربما لهذا السبب قال الفرنسي هنري ميشو ان اكتشاف فرنسا للمقصلة كان تعبيرا عن رؤية تتلخص في ان قطع الرأس اهون من قطع اللسان فقط! اما الوأد الذي تجلى بعد زمن طويل من الجاهلية في فقه تجريف الوعي وحرمان المرأة من ممارسة حقوقها كانسان اولا واخيرا فإن حصيلته قابلة للرصد بالارقام، سواء من حيث عدد النساء المحرومات من التعليم او من حق اختيار الشريك، ورغم الاحتفالات الشكلية بأيام المرأة سواء كانت امّا او اختا او حبيبة الا ان الحقيقة ليست كذلك، ومن يقدم وردة للمرأة في يوم واحد من العام قد يقدم لها من الاشواك ما يدميها على مدار العام، وقد تحوّل الوأد من طقس اجتماعي بذريعة الشرف الى ايديولوجيا، لها فقهاء يرون في المرأة بعد اختزالها من انسان الى وظيفة مجرد وعاء، والاختزال كما يقول علماء النفس قدر تعلقه بالحياة الانسانية هو من آفات التخلف والوأد في الرمل او التراب اهون من الوأد داخل جلباب اسود، او في قفص كما قال هنريك ابسن في مسرحيته الشهيرة بيت الدمية؛ وما من حاسوب ذكي حتى الان احصى خسائر العرب من تهميش المرأة اجتماعيا وتهميشها جسديا؛ لأن الحواسيب ذكورية بامتياز جاهلي. وقد تخطى الوأد المعنوي بعد تحديث المرأة الى سائر افراد المجتمع، فالاطفال الذكور يوءدون ايضا لكن ليس خشية من بلوغ سن التمرد والعصيان . والمثقف يتعرض ايضا لوأد مبكر ويهاجر الى داخله لاحساسه بأنه فائض عن الحاجة في مجتمعات لديها وهم الاكتفاء من خلال الغرائز ولا شيء آخر!!. |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75853 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: خيري منصور أنا أو أنت !! - الأربعاء 28 مارس 2018, 4:21 am | |
| حين تموت الضحية مرتين! خيري منصور
ما كتبه جدعون ليفي في هآرتس قبل يومين وبالعبرية غير الفصحى كي يفهمه الجنراك ويتهجى مقالته الخام ويرطن بها المستوطن؛ قد لا يجرؤ بعض الكتّاب العرب على كتابة واحد بالالف منه؛ لأن العطب الذي اصاب البوصلة القومية غيّر وجهة الكلام مثلما غير وجهة فوهات البنادق. يقول ليفي ان النظام العنصري في اسرائيل والابرتهايد المكشوف تجسدا في الحكم الصادر على عهد التميمي ووالدتها، ولم يقم القضاة من ذوي الطواقي وزنا لمليوني توقيع في العالم لاطلاق سراح عهد ، ويواصل ليفي سخريته من دولة تعلن الحرب على طفلة، وتحكم على من يقتل فلسطينيا اعزل بمدة تزيد شهرا واحدا فقط عن الحكم الصادر ضد عهد التميمي، وهكذا تصبح المعادلة عارية، وهي كما يقول ليفي صفعة من يد فلسطينية على وجه جندي محتل تعادل زخة رصاص من مستوطن على جسد فلسطيني اعزل، وما نخشاه هو ان ما يكتبه جدعون ليفي وامثاله يغضب العرب الآن، وتدرج اسماء هؤلاء على القوائم السوداء في بعض البلدان العربية. كم تغير الزمن، وكم تبادل البشر الادوار، كأننا نعيش في حفلة تنكرية لا آخر لها، ما يقوله ليفي شلومو رايخ وغيره ينوب عن كثير من العرب الذين استقالوا من تاريخهم وخلعوا ذاكراتهم كمعطف مهترىء تغلغل فيه العثّ . كاتب يهودي اعلن العصيان على تعاليم الصهيونية، وانحاز الى الضحية غير عابىء بما يمكن ان يوصف به من عقوق؛ لادراكه ان العدو الحقيقي لليهود هم هؤلاء الذين حاولوا صهينتهم؛ لأن من يُشَرعن قتل الابرياء في عقر وطنهم انما يشرعن في الوقت ذاته انتحاره . وحين تبحث الضحية الخرساء عمن ينوب عنها في الأنين، تكون قد ماتت مرتين!!. |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75853 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: خيري منصور أنا أو أنت !! - الثلاثاء 03 أبريل 2018, 5:16 pm | |
| ليلة طولها سبعون عامًا!! خيري منصور
أخبرني صديق عربي ذات يوم بعد خروجه من السجن بأن تلك الليلة التي قبض فيها عليه كانت ليلة القبض على فلان، وكان يقصد الفيلم السينمائي الشهير الذي حمل عنوان ليلة القبض على فاطمة. صديقي هاجر من وطنه وظل يردد بيتًا من الشعر للشافعي يقول فيه هاجر تجد عوضا عمن فقدتهم، ثم يضيف ما معناه ان الماء يصبح آسنا اذا ركد مكانه لكنه حين يجري تعود اليه الحياة. وبين وقت وآخر يتسلل إليّ صوت ذلك الصديق تماما كما تتسلل العبارة الاخيرة من كتاب الراحل هشام شرابي «الجمر والرماد» وهو مذكرات مثقف عربي مخذول، قال هشام وهو يغطي نافذة الطائرة بالقرب من مقعده: ايها الوطن العربي الكبير جدا والصغير جدا لن تراني الى الابد! وكان هشام قد ترك موقعه المرموق في جامعة جورج تاون عام 1967 وقرر العودة إلى الوطن المهزوم كي يقوم بواجبه، لأنه شأن العديد من المثقفين العرب الذين هاجروا شَعَر بالتقصير، لكنه ما ان وصل الى العالم العربي حتى تعرض لاهانات متعاقبة تحت مختلف الذرائع. لكن هشام لم يقل ما قاله ذلك الاعرابي الذي دفعه الظلم الى الرحيل وهو: سأرحل عن بلاد انت فيها ولو جار الزمان على الفقير لأن الرجل لم يكن فقيرا في طفولته الفلسطينية ولم يكن فقيرا في شيخوخته لانه اكاديمي مرموق ومشهود له بطول الباع في البحث والريادة. إن ليلة القبض على فاطمة قد تكون دراما تلفزيونية مثيرة، لكنها تبقى في نطاق القبض على امرأة، لكن هناك دراما قومية اوسع من تلك لا تنفع معها الافلام ولها حلقات بلا نهاية تصل الى الالاف او حتى الملايين. إنها ليلة القبض علينا جميعا كعرب دون ان نكون مُتلبسين بأي جرم سوى اننا عرب فقط، والذين نجوا هم الذين استقالوا من الهوية واعتذروا عن الابجدية وتعولموا الى الحد الذي تبدلت معه الاسماء والصفات والهواجس والذاكرة! لكن الوقت الذي استغرقه القبض على أمة لم يكن ليلة، بل هو سبعون عاما امتدت من الخامس عشر من ايار عام 1948 وليس هناك ما يبشر بالانفراج!! |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75853 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: خيري منصور أنا أو أنت !! - السبت 07 أبريل 2018, 6:12 am | |
| وضوء الدم!
ركعتان في العشق لا يكون وضوءهما إلا بالدم، تلك إحدى تجليات صوفي خلع الخرقة وترجل إلى أزقة كي يعفّر جسده من ترابها وما يتساقط من غبار سقوفها المتصدعة تحت وابل المطر، وتشاء المصادفة أن أزور قبر الحلاج أو بيته الذي يخلو من رفاته ذات شتاء بغدادي تحت سماء محتقنة بزفير التاريخ، حيث مكثت في فضاءاتها المضاءة بغير الكهرباء أنفاس هؤلاء الذين عاشوا في زمن كان فيه العراق أرض السواد لفرط الاخضرار، وكانت بغداد مصدر الفعل الذي اشتق من اسمها وهو يتبغدد بمعنى يذهب عميقا في الرفاهية والسؤدد، وكنت أشعر أن أبا الطيب والجاحظ والفراهيدي وسائر السلالة يحرسون أصابعي من اقتراف خطأ، في زمن أصبح فيه العربي يرطن بأبجدية مشوبة بنبرة استشراقية. أذكر أنني استأذنت حارس بيت الحلاج ولا أقول ضريحه لأنه لم يكن هناك بل تحول إلى رماد في سماء المدينة كي أكتب على الجدار: «اقتلوني يا ثقاتي إن في موتي حياتي»، ثم أوقع تحتها مؤتلفا ولا منتحلا أو متقمصا أبو منصور. قال لي حارس الحلاج إن السقف المتصدع يرشح منه الماء عندما تمطر وإنه يستغيث بأولي الأمر كي يرمموه، وكان يحفظ كثيرا من أشعار الحلاج، ويرفض بشدة ما أقوله له عن فراغ الضـــــريح، لكنه أصيب بالدهشة وربما بالقشــــعريـــرة حين رويت له ما جرى في تلك الليلة، ليلة الصلب والحرق والرماد حيث اخـــــترع فقهاء السلطة خرافة عن طائر اسمه الزبزب يأتي من سماوات عالية ويخطف الأطفال، وما من أسلوب يفزعه غير رنين النحاس، لهـــــذا خرجت النســــوة إلى أسطح المنازل للطرق على كل ما لديهــــن من أوان نحاســـية، وفيما كان الرنين الأصفر يحجــــب الاستغاثة كان الرجل يدفع ثمن خـــلع الخرقة، والسعي بين الناس لأنه أدرك في لحظة ما أنه أحدهم، وأن الحلول مهما أوغل في المطلق لا يفصل بين مصيره ومصائرهم. وبالعودة إلى وضوء الدم فهو ليس وقفا على عشق الصوفي فدماء العشاق دوما مباحة كما قال أبوالقاسم الشابي في إحدى قصائده التي حجبها نشيده الشهير «إذا الشعب يوما أراد الحياة» كما تحجب الشجرة الغابة، ومن توضأوا بدمائهم في يوم الأرض الذي لا تتسع له التقاويم بقدر ما تتسع له القيامات، أدوا صلاتهم بما يليق وعشقهم. لكن فقهاء تهريب الوقائع وشهود الزور أوحوا للعالم أن ما حدث في غزة هو حادث سير لأن العائدين ولو بمسيرة رمزية لم يتوقفوا عند الإشارة الحمراء وما كتب تحتها بالعبرية. فما الذي يمكن للمرء أن يشعر به وهو يرى من ينوب عنه حي في الموت تماما مثلما ناب عنه في العودة، هؤلاء عادوا بطريقتهم، ولم تدنس أكفانهم أصابع المحتلين كي تفتش أجسادهم بحثا عن قشعريرة مممنوعة لأن المقرر هو إفراغ الآدمي من آدميته، وبالتالي إعادته ملايين السنين إلى الناب والمخلب والذيل أيضا. وخرافة طائر الزبزب التي شغلت الناس عن صلب الحلاج لها تجليات كثيرة في تاريخنا، فكلما تحرك الناس بعد أن تجاوز الاستبداد وسيل الدم الزبى يتولى محترفو التزوير صرف الانتباه عن كل ما يجري، باختلاق خرافات لا وجود لها ولمخلوقاتها إلا في خيالهم، وما من بلد عربي في العصر الحديث لم يتم فيه اختلاق خرافات أو حكايات ملفقة لصرف الانتباه عن الواقع. وفي المناخات الملبدة بالخوف يصلب ويحرق أناس صدقوا ما قيل لهم عن الحرة التي تجوع ولا تأكل بثدييها. إن ركعتي العشق اللتين تحدّث عنهما الحلاج يقرأهما كل منا كما يشاء ووفقا لمعجمه الذي رضعه وتربى عليه، والأرض التي هي مهد ولحد وموت وقيامة تستحق أن يسبقنا إليها دمنا، لأنها المؤتمنة عليه تماما كما هي مؤتمنة على أسلافنا الذين رضعت جذور الزيتون والنخيل من فائض الحياة في قبورهم! والرجل الذي قال: «اقتلوني يا ثقاتي إن في موتي حياتي» أدرك دون ادعاء أقصى ما تبلغه جدلية التاريخ، خصوصا حين تتجلى في الأحياء الموتى والموتى الأحياء. لم يكن بحر غــــزة قد جفّ ولا ترابـــها هاجــــر كي يكون وضـــوء العشق بالدم لا بالمــــاء أو التيمم، لكن ما قـــاله الشابي عن دمـــاء العشاق المبــاحة يليق بالأوطان أيضــــا، لهذا لم يكن الشابي يخاطب في قصيدته تلك امرأة، ولم يكن أحـــد مجانين ليلى وأخــواتها، بل بدأها بقوله: أنا يا تونس الجميلة في لُجّ الهوى، فكان مجنون تونس لا مجنون ليلى أو لبنى، لكن الورثة الذين اشتبكوا على الميراث في عالمنا العربي ليسوا أبناء لهذا يؤدون صلاة الرياء بلا أي وضوء أو حتى تيمم !! |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75853 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: خيري منصور أنا أو أنت !! - الأربعاء 11 أبريل 2018, 7:08 am | |
| مفاهيم انتهت صلاحيتها !! تتوزع مضادات التغيير وبالتالي التطوير في عالمنا العربي بين مفاهيم معلبة أفقدها التاريخ صلاحيتها، وبين ممارسات تمليها المصالح الخاصة والتطلعات الفردية بمعزل عن اية مرجعيات او كوابح. والحديث المتكرر عن النظم السياسية باعتبارها من طبيعة أخرى وعالم مغاير وولدت من رحم تاريخي غير الذي ولدت منه هذه الشعوب، به الكثير من التواطؤ والتحايل من اجل تبرئة الذات. النظم ومؤسساتها ومن يعملون فيها هي افراز هذا الواقع، ومن نتاج تراكمات تاريخية واجتماعية، تكفي فقط الامثال الشعبية والاقوال المأثورة والموروثة لافتضاحها. ان من ينتظمون في سياقات النظم على اختلافها ليسوا مستوردين في صناديق من بلاد واق الواق، ومنهم شقيقك او ابن عمك او جارك او صهرك، لهذا فالفضل بين النظم السياسية والمنظومات الاجتماعية والتربوية ليس منطقيا بأي مقياس، ومن يحاولون التغيير لديهم مصلحة في ذلك، كما ان من يضعون العصي في الدواليب ويقولون ليس بالإمكان افضل مما هو كائن وما كان لهم مصالح في ذلك، لكن لكل تغيير للأفضل بوصلة لا بد من الاحتكام اليها، والقول بأن الحركة بركة لا يكفي، لأن الحركة قد تكون خطوات الى الوراء او بديلا فجّا من الفوضى والعشوائية! وأكثر الاطروحات رواجا حول التغيير والتحديث تعاني من خلل ونقصان في جوهرها، لأنها لا تبدأ من الصفر او من اول السطر، وتحاول القفز الى الامام تاركة خلفها قارة من المسكوت عنه والمحظور الاقتراب منه. ان ما يعانيه العرب من تخلف واستبداد وبطالة فكرية وسياسية له أسباب قد يكون الكشف عنها باهظ التكلفة، لأن من يثرثرون عن الإصلاح والتغيير في السراء يلبسون طاقيات الاخفاء في الضراء وعندما تأزف لحظة الامتحان العسير!! |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75853 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: خيري منصور أنا أو أنت !! - الأحد 15 أبريل 2018, 5:24 am | |
| تغريد أم نعيق ؟؟؟ خيري منصور
من أهم ما ورد في كتاب مايكل وولف عن ترامب والترامبوية رصد التناقضات التي وقع فيها رئيس سيكتب عنه المؤرخون ذات يوم، انه ضلّ الطريق الى البيت الابيض، وكانت هوليوود اولى به وباستعراضاته ومزجه للكوميديا بالتراجيديا. وآخر نموذج لتناقضات الرئيس الذي لا تقع عيناه في كل هذا الكوكب الا على الارقام هو تصريحاته او تغريداته حول الموقف من سوريا، اذ سرعان ما تحولت بضع ساعات الى اربع وعشرين ساعة، ثم تحولت الى بضعة ايام، واحدى تغريداته تقول، انه قد يضرب مواقع في سوريا في وقت قريب جدا وقد لا يفعل ذلك ايضا في وقت قريب! فهل هذه تغريدات تصدر عن رئيس الدولة الاعظم في العالم او عن كاتب سوريالي ؟ وهذه مناسبة للتذكير بمسرحية شهيرة لالبير كامو اسمها كاليغولا وكذلك بفيلم حمل هذا العنوان، وكاليغولا لمن لم يسمع به اراد ان يقطف القمر ويضعه في جيب معطفه كبرتقالة، وكان عيّن حصانه رئيسا لبرلمانه العجيب ! نعرف ان «الانترنت» وسلالتها تتسعان للتغريد والنعيق معا، وان لكل اختراع وجهين كما ان لكل سلاح حدين، لكن هذا القرن الذي دشّن الفية ثالثة بدأ برئيس زعم انه يستلهم قراراته في الحروب الابادية من السماء، وشطر العالم كله الى أخيار معه واشرار ضده، وكانت اقسى حروبه ليست على افغانستان والعراق بل على اهم منجز عقلاني وفلسفي للحضارة الغربية التي تحررت من الثنائيات واكتشف العقل الجدلي، وما يقع بين الاسود والابيض من ظلال وألوان، وكم كان الكاتب اللبناني بالفرنسية امين معلوف محقّا حين قال في كتابه اختلال العالم ان البشرية دخلت الى هذه الالفية ببوصلة معطوبة، ولم يحدث من قبل ان حاولت القوة وحدها احتكار منظومة القيم، وتعاملت مع البشر كقطيع في اسطبل كاليغولا !!! |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75853 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: خيري منصور أنا أو أنت !! - الإثنين 16 أبريل 2018, 7:47 am | |
| لوغاريتمات عربية !! خيري منصور
لم يسبق للعرب في العصر الحديث ان التأموا كجرح يمتد بين محيط وخليج كما حدث هذه الايام في موقفهم من الولايات المتحدة، فهم بلا استثناء ضد مواقفها خصوصا في العمليات العسكرية الثلاثية على سوريا، وقد يبدو هذا الكلام حلم يقظة او ضربا من الهذيان السياسي، لكن الامر يتطلب على ما يبدو فك اشتباك بين مفاهيم تداخلت، واليكم التفصيل.. فالعرب الذين غضبوا من امريكا وشجبوا عدوانها وتظاهروا واحرقوا اعلاما، كان سبب غضبهم هو استباحة اوطانهم وانتهاك سماواتها والنيل مما تبقى على قيد التاريخ من سيادتهم، ولدى هؤلاء من الاسباب والدوافع الوطنية ما يشهرونه كالسيوف في وجوه خصومهم الذين يقفون على الشاطىء الاخر. والعرب الذين انتظروا بفارغ الصبر حملة عسكرية على غرار تلك التي اعادت العراق الى القرن التاسع عشر، كما قال الجنرال شوارتسكوف غضبوا من امريكا لأنها اكتفت بعملية عابرة دامت اقل من ساعة فقط، والمطلوب بل المرجو من واشنطن ومايسترو التغريدات الطريفة والكوميدية احيانا هو تكرار ما حدث في العراق وفي الموعد ذاته..، فالولايات المتحدة وبريطانيا تتمتعان بذاكرة تحفظ التقاويم بدقة، اما العرب فقد اصابتهم نوبة من الزهايمر السياسي لهذا لم يربطو بين التاسع من نيسان عام 2003 والتاسع منه وما اعقبه من الايام الثلاثة عام 2018، ولم يربطوا ايضا بين موعد نقل السفارة الامريكية الى القدس في الرابع عشر من ايام هذا العام، وبين هذا التاريخ عام 1948 . ان ما يحدث لنا هو تنكيل بعد القتل، وسلخ للشاة والبعير معا بعد الذبح، لهذا فالحصانة ضد الالم بلغت حد التّمسحة!! |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75853 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: خيري منصور أنا أو أنت !! - الأربعاء 18 أبريل 2018, 9:12 am | |
| الرقص في المآتم !! خيري منصور
حين كانت الصواريخ الأطلسية تدكّ بغداد، ولا تفرق بين جامع وجامعة وكنيسة وبيت ومستشفى، كتب عراقي مقيم في احدى العواصم الاوروبية ان اصوات القصف تطربه اكثر من الموسيقى بحيث يستخفه الطرب والرقص. واثناء العدوان الثلاثي على مصر، قال احد الباشوات ممن كانوا ينتظرون اختطاف عبد الناصر ووضعه في قفص ان اصوات القصف لمدن القناة الثلاث الاسماعيلية وبور سعيد والسويس اعذب من اي لحن، ورحل هؤلاء بالشيخوخة او المرض العضال او كمدا لأن الاستعمار لم يعد، لكن بغداد والسويس وبور سعيد والاسماعيلية بقيت على قيد التاريخ وكل حجر فيها يشهد وترشح منه رائحة الدم النبيل. العرب ليسوا استثناء من الطبيعة البشرية، وفيهم ابطال وخونة وشهود حق وشهود زور ومثقفون تحالفت معهم الشمس على افتضاح لصوص يريدون للظلام ان يبقى، لكن الاهم من كل هذا هو توظيف النماذج والحالات الانسانية، بحيث تسلط الاضاءة على ما هو سلبي ومُهين، رغم ان نسبة الخونة في اي مجتمع لا تزيد عن نسبة الشواذ كما قال سارتر عن حكومة المارشال بيتان في فرنسا اثناء الاحتلال النازي. وقد سئل رجل زار مدينة ذات شهرة عالمية واسعة ذات يوم عن اهلها، فقال ان من يشاهد عدد المصلين وهم يتدفقون الى مساجدها يتصور انها مسجد كبير، ومن يشاهد ملاهيها في الليل يتصور ان الناس جميعا يلهون ولا يفعلون شيئا آخر ! فالمسألة اذن هي في اختيار وحذف مشاهد معينة لتعزيز ما تهدف اليه النوايا، واذا كان هناك عرب يطربون لقصف عواصمهم العريقة ويرقصون فان بالمقابل اضعاف اضعاف اضعافهم تحترق قلوبهم، وهناك ايضا اعداد غفيرة دفعت حياتها ثمنا للحرية ! نحتاج احيانا الى دقيقة واحدة كي نفرق بين الشحم والورم والشفق والغسق، لكن ما الحقه العلاقمة بذرياتهم من عار يبقى ابلغ الدروس في هذا التاريخ المُحتقن !! |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75853 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: خيري منصور أنا أو أنت !! - الأحد 22 أبريل 2018, 9:16 am | |
| فاروق ورسمية !! خيري منصور
هذا العنوان ليس لحكاية حب عذري من طراز قيس وليلى عند العرب او تريستان وايزولدا عند الغربيين، وكان من الممكن ان تتبدل الاسماء؛ لأن فاروق ورسمية يعبران عن ظاهرة عمرها سبعون عاما، هي التراجيديا الفلسطينية او الملحمة التي لم تجد حتى الآن نصا يليق بها. فاروق ورسمية افترقا وهما طفلان قبل سبعين عاما، والتقيا في لبنان قبل ايام وقد بلغ الاثنان اقصى الشيخوخة، فهل هو لقاء ام وداع ام كلاهما؟ وهل هناك في العالم كله من يصدق ان هذه الحكاية وقعت بالفعل، وان فاروق ورسمية فلسطينيان من لحم ودم وليسا بطلي دراما تلفزيونية من نسج خيال السيناريست ؟ كيف التقيا وكيف تعرف احدهما على الاخر لأن الدليل هو القلب، وكم سبعين عاما في عمر الانسان ؟ ان الخيال مهما جمح لا يصل الى عتبة هذا المشهد، فالناس يتغيرون تماما من خلال سبعين عاما، ومن كان ذا شعر مسترسل وقامة مسرحية اصبح يتوكأ على العصا ومن كانت بضفائر اصبحت بقليل من الشعر الذي تغطيه الحنّاء. ان شقيقين مثل فاروق ورسمية يختصران التراجيديا كلها من الفها الى يائها، ومن كانوا السبب في هذا الفراق وكل فراق قد يصابون بالقشعريرة لو انهم ظلوا على قيد آدميتهم وبهم واحد بالالف من الانسان! فاروق وهو مجرد اسم مستعار لأي لاجىء فلسطيني رأى خلال سبعين عاما كل الناس الا شقيقته، وشاهد شوارع وازقة كل المدن الا شوارع بلدته وتناول طعامه وقهوته سبعين عاما من كل الايدي الغريبة الا يدي والدته! هذه الحكاية من انجاز مشروع مضاد للتاريخ، لأنه ولد من رحم الخرافة، لقد عاش الشقيقان حتى اقصى الشيخوخة من اجل ان يلتقيا ولو للوداع، واخطأتهما خمس حروب وسبع هزائم والف مذبحة ومذبحة!! |
|
| |
| خيري منصور أنا أو أنت !! - | |
|