1. العقل البشري والدماغ Brain
اشتُق لفظ العقل لغوياً من الفعل "عَقَلَ"، وعقل الشيء؛ أي كبح جماحه، وعقل البعير؛ أي قيده عن الحركة. ومن هذا المعنى يكون عقل الإنسان هو الذي يجعله يتحكم في جميع مرادات النفس ونوازعها، كما يدرك الإنسان به الأشياء، ويعرف الخطأ من الصواب.
والعقل كلمة شاملة ذات مفهوم أوسع من الدماغ الموجود في الرأس، إلا أنه تجاوزاً يمكن القول بأن ثمة صلة وثيقة بين العقل والدماغ، من حيث احتواء الدماغ على المراكز التي تتحكم في العمليات الذهنية والانفعالية والحسية في الإنسان؛ ومن ثم يمكن اختزال حديثنا عن العقل البشري بشكل عام إلى حديث عن الدماغ في جانبه التشريحي والوظيفي.
ويعتقد الكثير من العلماء أن للعقل البشري وظائف غير موجودة في الحيوان؛ إذ يقوم بترتيب المعلومات وربط بعضها ببعض، ليكَوّن منها أفكاراً، كما أنه يُعدُّ مكان الابتكار والإبداع والأحلام؛ فهو يُمكّن الإنسان من التمييز بين الخطأ والصواب، وبين ما هو منطقي وما هو غير منطقي، كما أنه مخزنٌ للمعلومات والذاكرة، وهو المسؤول عن سلوك الإنسان ورد فعله في السراء والضراء.
ويملأ الدماغ أغلب تجويف الجمجمة، ويزن لدى الإنسان البالغ حوالي 1400 جرام؛ أي بما يعادل 2% من وزن الجسم. ويبلغ وزنه في الأطفال حديثي الولادة حوالي 400 جرام ويزيد تدريجياً في الستة أعوام الأولى من عمر الطفل ويكتمل نموه ببلوغ الطفل عامه السادس.
ويتركب الدماغ من حوالي 100 بليون خلية عصبية يموت منها ما بين 50-100 ألف خلية كل يوم، يتم التخلص منها عن طريق الخلايا الدعامية. وتتكدس أجسام معظم الخلايا العصبية في قشرة المخ؛ حيث تحتوى على ما يقرب من ستة ملايين خلية عصبية في كل سنتيمتر مكعب.
ومعدل استهلاك الدماغ من الأكسجين ثابت لا يتأثر بالنوم واليقظة، أو الراحة والتعب، أو بأي تغيرات في دورة الدم.
ويتكون الدماغ من ثلاثة أجزاء رئيسية؛ هي: عنق الدماغ، والمخيخ، والمخ (أُنظر شكل أجزاء دماغ الإنسان). وتتحكم كل منطقة أو جزء من هذه الأجزاء في أنشطة فسيولوجية منفصلة. وعلى الرغم من ذلك، فإن تضافر جهود هذه الأجزاء، وليس استقلاليتها في عملها، هو الذي يضفي على الدماغ تلك الكفاءة العالية والفريدة التي تميز نشاطه الفسيولوجي.
أ. عنق الدماغ Brain Stem
يُعد عنق الدماغ امتداداً للحبل الشوكي، حيث يتشابه معه في التركيب، وتوزيع الخلايا العصبية. وهو يُشكل حلقة الاتصال بين الدماغ والحبل الشوكي (أُنظر شكل أجزاء عنق الدماغ).
ويحتوي عنق الدماغ على المراكز العصبية الهامة لاستمرار الحياة؛ فقد يولد بعض الأطفال الذين لم يكتمل نموهم وليس لديهم من مكونات الدماغ إلا عنق الدماغ، ومع ذلك يظلون أحياء.
يتكون عنق الدماغ من الأجزاء التالية:
(1) النخاع المستطيل Medulla Oblongata: يمثل امتداد الحبل الشوكي داخل الجمجمة؛ ويحتوي على عدد من المراكز العصبية الهامة لتنظيم ضربات القلب، والتنفس، وضغط الدم، والعطش. كما أن له دوراً هاماً في تنظيم إفراز اللعاب، والعصارات المعدية، والقيء، والسعال، والعطس، والبلع.
(2) الجسر Pons: وهو جزء من عنق الدماغ، يُعد جسراً فعلياً تمر عبره الألياف العصبية من المخيخ إلى الجهاز العصبي المركزي. والجسر له دور هام في تنظيم عمليات التنفس وحركات الرأس والاتزان.
(3) الدماغ المتوسط Midbrain: ويقع عند موضع اتصال كلٍّ من المخ والمخيخ بالحبل الشوكي، ويحتوي على مراكز هامة لتنظيم حركات العين والسمع.
(4) المخ البيني Diencephalon: ويتكون من جزئين (أُنظر شكل قطاع في دماغ الإنسان):
(أ) المهاد Thalamus: منطقة حيوية هامة تقع أسفل قشرة المخ مباشرة، وتتكون من عدد كبير من الخلايا العصبية التي تعمل بمثابة محطة ترحيل للإشارات العصبية، وكثيراً ما شُبّهت بمركز التنظيم الداخلي (السنترال) لمجموعة كبيرة من أجهزة الهاتف؛ فهي مركز تنسيق لمعظم الإشارات الواردة لقشرة المخ، ما عدا حاسة الشم، كما تقوم بتصنيف الإشارات الحسية الداخلة لها وتنقلها إلى المخ، بالإضافة إلى ذلك، تنسق منطقة المهاد بين الانفعالات المختلفة. ويؤدي استئصال المهاد إلى فقد الإحساس بالألم واختفاء الإحساس عن طريق الجلد والعضلات.
(ب) تحت المهاد Hypothalamus: تقع أسفل المهاد مباشرة، ويبلغ وزنها أقل من 1% من وزن المخ وتتكون من عدد كبير من مجموعات الخلايا العصبية يطلق عليها عقد أو أنوية. ولها دورٌ بالغ الأهمية في التنظيم والتحكم في الكثير من آليات الاتزان الداخلي، كما أنها حلقة الوصل بين الجهاز العصبي وجهاز الغدد الصماء، حيث تقع فوق الغدة النخامية مباشرة، وتتصل بها اتصالاً وثيقاً بواسطة ساق الغدة النخامية. وتختص هذه المنطقة بتنظيم كلٍّ من الشهية، ودرجة حرارة الجسم، والاتزان، كما توجد بها خلايا عصبية مختصة بالجوع، والعطش، وتنظيم درجة حرارة الجسم. ولها دورٌ هامٌ في الكثير من الإيقاعات البيولوجية الهامة، وخصوصاً تنظيم الدورة الشهرية والتبويض في الإناث. وفي حالات الطوارئ، والإجهاد النفسي والعصبي، تكون منطقة "تحت المهاد" مسؤولة عن تهيئة الجسم لتلك الحالات التي تستلزم عمل مجهود غير عادي، وذلك للمحافظة على استمرار عمل أعضاء الجسم بكفاءة .
ب. المخيخ Cerebellum
يقع أسفل المخ مباشرة، وتنتشر على سطحه ثنيات دقيقة وعديدة. يتركب المخيخ من فصين متساويين في الحجم، ويرتبطان معاً بواسطة جزء دودي. ووظيفة المخيخ الرئيسية هي حفظ توازن الجسم الذي يتطلب تنظيم جميع الحركات الجسمية، وتنسيقها أثناء المشي، والجري، والكتابة.. وغيرها؛ ولذلك يتلقى المخيخ بصفة مستمرة إشارات ومعلومات من العضلات، والمفاصل، والجلد، والعيون، والأذن، والأحشاء. كما يستقبل المخيخ إشارات من باقي أجزاء الدماغ، حتى يتمكن من تنسيق الحركات والتحكم في وضع الجسم واتزانه.
ج. المخ Cerebrum
يستقل المخ بالجزء الأكبر من دماغ الإنسان (أُنظر شكل حجم المخ في الإنسان). وهو عبارة عن عضو كروي الشكل، يتكون من قسمين متماثلين تماماً؛ كل منهما على شكل نصف كرة تقريباً، وينفصل نصفا كرة المخ طولياً، لكنهما يتصلان من أسفل عن طريق الجسم الجاسي Corpus Callosum.
ولمخ الإنسان وظائف رئيسية هي:
(1) إدراك جميع الأحاسيس ومعرفتها؛ إذ تقوم خلايا المخ باستقبال الإشارات من أعضاء الإحساس المختلفة الموجودة في شتى أنحاء الجسم، ثم تحللها.
(2) تنسيق جميع الحركات العضلية الإرادية التي يقوم بها الجسم.
(3) يقوم المخ بجميع الوظائف العقلية المميزة للإنسان من إدراك، وتفكير، وفهم، ومعرفة للأشياء، وإيجاد حلول للمشاكل، والتذكر، والإبداع، ونحو ذلك.
(4) يُعدّ المخ مركز حدوث الانفعالات.
(5) يتولى المخ وظيفة الشعور بكل من الوقت والمكان.
ويتميز عمل المخ بمميزات رئيسية هي:
(1) يقوم نصف المخ الأيمن بإدراك الإحساس العام، وتنظيم الحركات الإرادية لجهة الجسم اليسرى، في حين يقوم النصف الأيسر بالوظائف ذاتها لجهة الجسم اليمنى.
(2) يحتوي المخ على مراكز محددة ومخصصة لإدراك كل ناحية من نواحي النشاط الإنساني وتنظيمها، فهناك مركز مخصص للرؤية يطلق عليه "مركز البصر"، كما يوجد مركز للسمع، وآخر للذاكرة. وقد حدد العلماء وظيفة ما يقرب من أربعين مركزاً في المخ.
ويتكون كل من نصفي كرة المخ من قشرة خارجية Cerebral Cortex، تحتوي على ثنيات تسمى تلافيف المخ Gyri، يوجد بها العديد من الأخاديد Sulci.
وبفحص قطاع طولي في قشرة المخ (أُنظر شكل قطاع طولي في مخ الإنسان) نجد أنها تتكون من: جزء خارجي لونه رمادي يُطلق عليه "المادة الرمادية أو السنجابية" Gray matter، وجزء داخلي يظهر بلون أبيض للعين المجردة ويطلق عليه "المادة البيضاء" White matter. وتحتوي قشرة المخ على 6 بليون خلية عصبية تقع أجسامها في منطقة المادة الرمادية، أما زوائدها الشُجيرية ومحاورها المغطاة بالغلاف المايليني الأبيض، فتقع في منطقة المادة البيضاء، حيث تعطيها لونها الأبيض المميز.
وتنقسم قشرة المخ في كل نصف من نصفي كرة المخ إلى أربعة فصوص (أُنظر شكل تركيب مخ الإنسان) هي:
(1) الفص الجبهي Frontal Lobe
وهو مركز الوظائف العقلية، مثل: الإدراك، والوعي، والحكم، والتخطيط. وبه مراكز تتحكم في تنسيق حركات الجسم، وحركات الشفتين، واللسان، واليدين.
(2) الفص الجداري Parietal Lobe
ويتخصص في الإحساس؛ حيث تصل إليه معلومات من مستقبلات اللمس، والتذوق، والألم، والحرارة، والضغط، ويتحكم كذلك في إفراز اللعاب.
(3) الفص المؤخري Occipital Lobe
وهو المسؤول عن الإبصار؛ حيث يستقبل الإشارات البصرية، وبه مركز الإبصار.
(4) الفص الصدغي Temporal Lobe
وهو المسؤول عن عملية السمع؛ حيث يستقبل الإشارات السمعية.
ويوجد داخل كل فص من هذه الفصوص الأربعة مناطق متخصصة في تأدية وظيفة معينة (أُنظر شكل تقسيم سطح قشرة المخ). وبصفة عامة يمكن تقسيم هذه المناطق داخل كل فص إلى ثلاث مجموعات رئيسية:
(أ) القشرة الحركية: وهي المسؤولة عن تنبيه نشاط العضلات، ومنها نوعان:
· القشرة الحركية الرئيسية Primary Motor Cortex: وهي موجودة في القمم وتلافيف نصفي كرة المخ. والخلايا العصبية الموجودة في هذه المنطقة تتحكم في النشاط العضلي الإرادي. ومن المثير للانتباه أن الخلايا العصبية تكون مرتبة تبعاً للجزء العضلي من الجسم الذي تتحكم فيه هذه الخلايا، فمثلاً نجد الخلايا العصبية المتحكمة في عضلات الركبة قد تركزت في المنطقة العليا من القشرة يليها الخلايا المتحكمة في عضلات الفخذ، ثم الخلايا المتحكمة في عضلات اليد وهكذا (أُنظر شكل القشرة الحركية والحسية في المخ).
· القشرة الحركية الثانوية Premotor Cortex: وتتحكم في الحركات العضلية الناتجة عن عمليات التدريب من أي نوع، مثل تدريب الأصابع على آلة موسيقية، أو الكتابة على الحاسوب وهكذا.
(ب) القشرة الحسية الرئيسية: وتمثل المكان الذي تنتهي عنده الإشارات العصبية القادمة إلى المخ. وبالمثل فإن كل جزء من أجزاء الجسم يقابله جزء من أجزاء القشرة الحسية. والخلايا العصبية تكون مرتبة تبعاً للجزء من الجسم الذي يصل منه الإحساس (أُنظر شكل القشرة الحركية والحسية في المخ).
(ج) القشرة المنسقة Association Cortex: وهي عبارة عن مساحة كبيرة من أنسجة المخ تقع بين مناطق القشرة الحركية، والقشرة الحسية، وتحدث فيها عملية التكامل والتناسق بين الإحساس والاستجابة.
كما توجد في فص مقدمة الجبهة منطقة من القشرة المنسقة تقع فيها كل النشاطات الفكرية المعقدة مثل التخطيط والابتكار والسلوك والذاكرة. ويوجد في القشرة المنسقة كذلك مناطق تخزين المشاعر، وتفسير معاني الكلمات، وما تتضمنه من تشبيهات، أو معانٍ مبهمة.
2. الجهاز الانفعالي Limbic System
هو عبارة عن مجموعة من تراكيب الدماغ متصلة بألياف دائرية، وتشمل أجزاء المخ الفصين؛ الجبهي، والصدغي، والمخ البيني؛ المهاد، وتحت المهاد، وأجزاء أخرى كثيرة من الجهاز العصبي. ويُعدّ هذا الجهاز مسؤولاً عن الغرائز، مثل الأمومة، كما أنه مسؤول عن الإحساس بالألم، والسرور، والحزن، والندم، والعاطفة، والرغبة الجنسية، والخوف، والغضب.
وقد ذهب بعض العلماء إلى أن الجهاز الانفعالي مسؤولٌ كذلك عن تمسك الفرد بالعادات والتقاليد، كما أنه مسؤول عن الاستجابة لبعض المواقف، مثل قابلية الإنسان للدفاع عن وطنه، أو ماله، أو عرضه (أُنظر شكل الجهاز الانفعالي).
3. الأغشية السُحائية Meninges
يغلف الدماغ ثلاثة أغشية تُسمى "أغشية الدماغ"، أو "الأغشية السحائية" (أُنظر شكل الأغشية السحائية). وتحمي الأغشية السحائية الجهاز العصبي المركزي من الاحتكاك، والصدمات، وبعض المؤثرات الخارجية. ويوجد ثلاثة أغشية سحائية هي:
أ. غشاء الأم الجافية Dura Mater: وهو غشاء ليفي سميك متصل بجدار الجمجمة، ويحمل الشرايين والأوردة الدموية التي تغذي عظام الجمجمة.
ب. غشاء الأم الحنون Pia Mater: وهو غشاء رقيق جدًّا يحيط بالدماغ مباشرة، وتنتشر فيه أوعية دموية كثيرة لتغذية الدماغ.
ج. الغشاء العنكبوتي Arachnoid Membrane: وهو غشاء شفاف ورقيق للغاية يقع بين الغشاءين السابقين، ويتكون من طبقة من الألياف المطاطية التي تشبه خيوط بيت العنكبوت. ويُسمى الفراغ الموجود بين الغشاء العنكبوتي، وغشاء الأم الحنون "بالفراغ العنكبوتي"؛ حيث يمتلئ بالسائل المخي الشوكي Cerebrospinal Fluid، والأوعية الدموية.
4. السائل المخي الشوكي Cerebrospinal Fluid
يوجد داخل الدماغ أربعة بطينات Ventricles؛ اثنان منها يقعان في النصفين الكرويين للمخ، ويطلق عليهما "البطينان الجانبيان" Lateral Ventricles، في حين يقع البطين الثالث في المخ البيني، والبطين الرابع يوجد داخل المخيخ والجسر والنخاع المستطيل. وتحتوي البطينات الأربعة على السائل المخي الشوكي (أُنظر شكل السائل المخي الشوكي).
والسائل المخي الشوكي لا لون له ولا رائحة، فهو يشبه الماء؛ حيث يتكون من ارتشاحات الأوعية الدموية في غشاء الأم الحنون. ويتم إفراز 95% منه في البطينين الجانبيين. ويعود السائل إلى الدم وبذلك يتجدد باستمرار.
ويحافظ السائل المخي الشوكي على الدماغ والحبل الشوكي من الصدمات والهزات داخل الجمجمة، والقناة الفقرية للعمود الفقري، كما أنه يقوم مقام السائل المغذي ويحافظ على تنظيم الضغط داخل الجمجمة.
5. الحبل الشوكي Spinal Cord
وهو عبارة عن حبل أبيض من النسيج العصبي المركزي، يمتد في الثلثين العلويين من القناة الشوكية الفقارية Vertebral Canal داخل العمود الفقري. والحبل الشوكي امتداد للنخاع المستطيل، ويبلغ طوله 42 - 45سم، وقطره 1.5سم. ويظهر فيه انتفاخان؛ أحدهما: في منطقة العنق، والثاني: في المنطقة القطنية (أُنظر شكل الحبل الشوكي). ويحيط بالحبل الشوكي غشاء الأم الجافية، وغشاء الأم الحنون، والغشاء العنكبوتي.
ويشبه الحبل الشوكي في تركيبه النخاع المستطيل؛ من حيث إن المادة الرمادية موجودة في الداخل، وهي تشبه الفراشة (حرفH باللغة الإنجليزية)، والمادة البيضاء في الخارج (أُنظر شكل تركيب داخلي للحبل الشوكي)، ويخرج من الحبل الشوكي على مسافات منتظمة 31 زوجاً من الأعصاب الشوكية ولكل عصب جذران:
أ. جذر ظهري Dorsal Root: يحتوي على أعصاب الحس (محاور الخلايا العصبية الحسية)، ويعمل على نقل الإشارات العصبية من أعضاء الاستقبال في أجزاء الجسم المختلفة إلى المادة السنجابية في الحبل الشوكي التي تنقلها بدورها إلى الدماغ.
ب. جذر بطني Ventral Root: وهو متصل بالمادة البيضاء في الحبل الشوكي، ويحتوي على ألياف الخلايا العصبية الحركية التي تقوم بنقل الأوامر الحركية من الدماغ إلى الأعضاء والعضلات.
إلا أن كلا الجذرين يتحدان معاً قبل مغادرة العمود الفقري؛ ولذلك تحتوي كل الأعصاب الشوكية على ألياف حسية وأخرى حركية. وكل عصب شوكي يغذي منطقة معينة.
6. تركيب النسيج العصبي
تُكوّن الأنسجة العصبية شبكة تصل بين أجزاء الجسم المختلفة. ويتكون النسيج العصبي من: الخلايا العصبية Neurons، وخلايا ضامة تسمى الخلايا الدعامية Supporting Cells
أ. الخلية العصبية Neuron
تُشكّل الخلية العصبية الوحدة التركيبية والوظيفية لنسيج الدماغ العصبي، ويراوح قطرها ما بين 4-6 ميكرون، ويحيط بها غشاء خلوي رقيق. وتتكون كل خلية عصبية من ثلاثة أجزاء رئيسية، هي: جسم الخلية (الذي يحتوي على النواة)، والزوائد الشجيرية Dendrites، والمحورAxon (أُنظر شكل تركيب الخلية العصبية).
ويحتوي جسم الخلية العصبية على عديد من العُضَيَّات من أهمها أجسام يُطلق عليها "أجسام نيسل"Nessel's Granules. ويُعتقد أنه توجد علاقة بين عدد هذه الأجسام، ومقدرة الشخص على التذكر.
والزوائد الشُجيرية هي خيوط سيتوبلازمية رفيعة تتفرع من جسم الخلية لتزيد من السطح المُعرَّض لاستقبال الإشارات العصبية، ويتناقص قطرها كلما ابتعدنا عن سطح الخلية؛ حيث تمتاز بالقصر والدقة والتشعب. وتنتقل الإشارات العصبية من الزوائد الشُجيرية باتجاه جسم الخلية.
والمحور Axon عبارة عن زائدة مستطيلة تخرج من الجسم الخلوي، ويختلف طوله باختلاف نوع الخلية العصبية ومكانها؛ فمنه ما هو قصير جدًّا، ومنه ما قد يبلغ طوله متراً. ويتميز المحور بقلة تشعبه، وقطره الثابت، وبخلوه من أجسام نيسل. وينقل المحور الأسطواني الإشارات العصبية بعيداً عن جسم الخلية.
ويمكن أن يغطى المحور بالغمد النخاعي الذي تفرزه خلايا يطلق عليها "خلايا شوان" Schwann Cells؛ وهو مركب من مادة دهنية يطلق عليها "مايلين" Myelin. ويتميز هذا الغمد بوجود عقد على مسافات متقاربة يطلق عليها "عُقَد رانفيير"Nodes of Ranvier. وهناك بعض المحاور، غير محاطة بهذا الغمد النخاعي، يطلق عليها "المحاور اللاميلينية" Non-myelinated. ويعمل الغمد بمثابة عازل للمحور، ومصدر للطاقة، وكلتا الوظيفتين تساعدان الخلية العصبية على القيام بعملها على أكمل وجه؛ لذا تستطيع المحاور المغطاة بغمد نقل الإشارات العصبية بسرعة 120 متراً في الثانية. في حين تنقل المحاور غير المغطاة الإشارات العصبية ببطء أكثر (0.5-10 متر/ ثانية).
وكل من الزوائد الشجيرية والمحاور يطلق عليها "الألياف العصبية" Nerve Fibers، ويتكون العصب Nerve من حزمة من الألياف العصبية.
ب. أنواع الخلايا العصبية
تقسم الخلايا العصبية طبقاً لعدد محاورها (أُنظر شكل أنواع الخلايا العصبية حسب محاورها ) إلى:
(1) خلايا وحيدة القطب (لها محور واحد)
(2) خلايا ثنائية القطب (لها محوران).
(3) خلايا متعددة الأقطاب (لها أكثر من محورين).
كما تقسم الخلايا العصبية (أُنظر شكل أنواع الخلايا العصبية حسب وظائفها) حسب وظائفها إلى:
(1) خلايا عصبية حسية Sensory Neurons
وتُسمَّى كذلك "خلايا عصبية داخلة" Afferent Neurons، وتحتوى في نهايتها الطرفية على مستقبلات حسية؛ حيث تقوم بنقل الإحساس من تلك المستقبلات إلى الجهاز العصبي المركزي في المخ والحبل الشوكي. وينتشر هذا النوع من الخلايا على الجلد وأعضاء الحس، مثل: العين، والأذن، واللسان، والأنف. ولا يوجد بهذه الخلايا تفرعات شُجيرية، ولكن يخرج من جسمها محور واحد يتفرع بعد مسافة قصيرة من جسم الخلية إلى نتوء طرفي، يدخل جزء منه إلى الجهاز العصبي المركزي، ويكون على اتصال مع خلايا عصبية أخرى.
(2) خلايا عصبية حركية Motor Neurons
وتُسمَّى كذلك "خلايا عصبية خارجة" Efferent Neurons، وتعمل على نقل الأوامر من الجهاز العصبي المركزي إلى العضلات والغدد. وتقع أجسام هذه الخلايا وزوائدها الشجيرية داخل الجهاز العصبي المركزي. وتمتد محاورها خارج الجهاز العصبي، لتُكَوِّن مع محاور الخلايا العصبية الداخلة أعصاب الجهاز العصبي الطرفي.
(3) خلايا عصبية بينية Interneurons
وتُسمَّى كذلك "الخلايا العصبية المنسقة"، نظراً إلى أنها تلعب دوراً هاماً في تنسيق النشاطات المعقدة، وتبلغ نسبتها 99% من مجموع الخلايا العصبية. وتقوم هذه الخلايا بنقل الإشارات العصبية مباشرة من الخلايا العصبية الحسية إلى الخلايا العصبية الحركية. كما أنها قد تنقل الإشارات العصبية إلى أجزاء أخرى من الجهاز العصبي المركزي.
ونسبة تواجد أنواع الخلايا العصبية بالنسبة إلى بعضها تمثل 1 : 10 : 200 ألف للخلايا الداخلة والخارجة والبينية على التوالي.
وهناك عديد من الخصائص الفريدة للخلايا العصبية منها:
(1) يكتمل انقسام الخلايا العصبية قبل الولادة، ولا تنقسم بعد ذلك؛ لذلك فالخلية التي تموت لا يمكن تعويضها؛ الأمر الذي يعني أن إصابة تلك الخلايا سوف ينتج عنها تلف مستديم. وعند قطع المحور العصبي لأي منها، يمكن لباقي المحور المتصل بجسم الخلية أن يمتد مرة أخرى ليصل إلى مكانه الأول، بشرط سلامة جسم الخلية. كما ثبت في تجارب مبدئية أنه عند موت بعض الخلايا العصبية الموجودة في مراكز المخ، فإن خلايا عصبية أخرى تتخصص لتؤدي وظائف الخلايا الميتة.
(2) معدل التمثيل الغذائي للخلية العصبية مرتفع بطريقة غير عادية؛ لذا تحتاج إلى كميات كبيرة من العناصر الغذائية، وإمداد مستمر من الأكسجين. فإذا نقصت كمية الأكسجين الواردة إلى المخ بدرجة كبيرة، تبدأ تلك الخلايا في الموت بعد دقائق قليلة، مثلما يحدث في حالة السكتة القلبية أو الغرق أو الصعق بالتيار الكهربائي؛ ولذلك ففي هذه الحالات يجب إنعاش المصاب في ما لا يزيد عن خمس دقائق.
(3) تعتمد الخلايا العصبية كلية على الجلوكوز لإنتاج الطاقة؛ إذ تُعد غير قادرة على استخدام الأحماض الدهنية لتوليد الطاقة كبقية الخلايا الأخرى، وهي أولى الخلايا التي تتأثر بنقص الجلوكوز في الدم. ومثال ذلك ما يحدث في حالة مرضى البول السكري، عندما ينخفض مستوى جلوكوز الدم بدرجة كبيرة، فتصاب خلايا المخ بالخلل، ويصاب المريض بالدوار، والضعف، وعدم وضوح الرؤية.
ج. الخلايا الدعامية العصبية Neuroglial Cells
تشكل الخلايا العصبية 40- 50% من حجم أنسجة الجهاز العصبي المركزي. أما الباقي، فتملؤه خلايا يطلق عليها "الخلايا الدعامية". وهذه الخلايا ليس لها علاقة بنقل الإشارات العصبية، ولكنها تقوم بحماية النسيج العصبي وتغذيته. وتوجد بالخلايا الدعامية كذلك زوائد متفرعة، لكن بدرجة أقل من الخلايا العصبية. وقد اكتُشف حديثاً أن الخلايا الدعامية لها القدرة على التنسيق فيما بينها لحماية الجهاز العصبي.
ويوجد عدة أنواع من الخلايا الدعامية تختلف في الشكل والوظائف التي تقوم بها (أُنظر شكل أنواع الخلايا الدعامية)، وأهمها ثلاثة أنواع:
(1) الخلايا الدعامية ذات الفروع القليلة Oligodendrocytes
ويطلق عليها كذلك "خلايا شوان" Schwan Cells. فأثناء تطور الجنين، تتصل خلايا شوان بالمحور الأسطواني لبعض الخلايا العصبية، ثم تبدأ في الدوران حوله، وأثناء قيامها بذلك تترك خلفها طبقات عديدة من غشاءها الخلوي. ويطلق على هذه الأغشية "الغمد النخاعي" الذي يتكون من دهون بيضاء يطلق عليها "مادة المايلين".
(2) الخلايا الدعامية النجمية Astrocytes
وهي تقوم بالمحافظة على تركيب السائل الموجود بين الخلايا العصبية في الجهاز العصبي المركزي؛ حيث تزيل منه أيونات البوتاسيوم والناقلات العصبية، كما تقوم بإمداد الخلايا العصبية بالجلوكوز وتخلصها من الأمونيا والفضلات الأخرى. وقد اكتشف حديثاً أن الخلايا النجمية تفرز هرموناً يطلق عليه "عامل نمو الخلايا العصبية" Glial Derived Growth Factor الذي ينشط نمو الخلايا العصبية ونمو محاورها وتفرعاتها الشُجيرية.
(3) الخلايا الدعامية الصغيرة Microglial Cells
وهي خلايا أكولة لها القدرة على التهام الميكروبات التي تصل لأنسجة الجهاز العصبي، كما أنها تتخلص من الخلايا الميتة.
د. انتقال الإشارة العصبية
يفصل غشاء الخلية العصبية بين وسطين؛ أولهما: السائل الخلوي، وثانيهما: السائل الموجود خارج الخلية. ويتفاوت الوسطان في نوع العناصر الموجودة وتركيزها.
كما يفصل غشاء الخلية العصبية بين شحنتين كهربيتين متضادتين؛ الأولى: شحنة موجبة، وتوجد على السطح الخارجي، والثانية: شحنة سالبة، وتوجد على السطح الداخلي؛ لذلك يوصف غشاء الخلية بأنه يعاني فرقاً في الجهد الكهربي؛ أي فرقاً في الشحنة. ويرجع فرق الجهد الكهربي إلى الأسباب الآتية:
(1) يكون السائل الخلوي غنياً بعنصر البوتاسيوم، وفقيراً في عنصر الصوديوم، بعكس السائل الموجود خارج الخلية. وذرات البوتاسيوم والصوديوم بطبيعتها متعادلة كهربياً. إلا أنه عند احتواء بعض السوائل عليها تكتسب شحنات كهربية وتتحول إلى أيونات. والأيون عبارة عن ذرة اكتسبت إلكتروناً فأصبحت أيوناً سالب الشحنة، أو فقدت إلكتروناً فأصبحت أيوناً موجب الشحنة. وعند وجود ذرتين من البوتاسيوم والصوديوم في محاليل معينة، تفقد هاتان الذرتان إلكتروناً، فتتحولان إلى أيونات موجبة. توجد أيونات البوتاسيوم(K+) في السائل الخلوي بتركيز يزيد 30 ضعفاً عن تركيزها في السائل الموجود خارج الخلية. في حين ينقص تركيز أيونات الصوديوم (Na+) في السائل الخلوي من 10- 15 مرة عن تركيزها في السائل الموجود خارج الخلية.
(2) تمتلئ الخلية العصبية بالمواد العضوية (مثل البروتينات) التي توجد على هيئة أيونات ذات شحنة سالبة.
(3) يتميز غشاء الخلية العصبية بنفاذيته للبوتاسيوم حتى يسمح بتسرب كمية من أيونات البوتاسيوم من داخل الخلية إلى خارجها، في حين لا تستطيع أيونات الصوديوم الدخول إلى الخلية.
(4) لا تستطيع أيونات المركبات العضوية (السالبة) أن ترافق أيونات البوتاسيوم (الموجبة)، نظراً إلى كبر أوزانها الجزيئية، الأمر الذي يمنع خروجها من فتحات الغشاء الخلوي.
(5) تستقر أيونات البوتاسيوم المتسربة على السطح الخارجي للغشاء الخلوي؛ لكونها منجذبة من قِبل الأيونات العضوية سالبة الشحنة داخل الغشاء الخلوي، والباقية داخل الخلية؛ فيكتسب الغشاء الخلوي شحنة موجبة على سطحه الخارجي.
(6) ينتج عن توزيع الشحنات على جانبي الغشاء الخلوي حالة من الاستقطاب الكهربي Polarization، الأمر الذي يولد فرقاً في الجهد الكهربي Electrical Potential Difference على جانبي الغشاء الخلوي.
(7) يقاس فرق الجهد بين جانبي الغشاء الخلوي بوضع قطب كهربي على السطح الخارجي لغشاء الخلية العصبية، ووضع القطب الآخر على الجانب الآخر من الغشاء، ثم توصيلهما بجهاز خاص يطلق عليه فولتاميتر Voltmeter الذي يقيس بدقة ميل الأيونات للمرور من أحد الأقطاب إلى القطب الآخر. ويطلق على القوة المحركة لسريان الأيونات "القوة الفولتية "، ووحدة قياسها هي الفولت (Volt). ويقاس فرق الجهد الكهربي عبر الغشاء الخلوي بوحدة الملليفولت (1/1000 من الفولت). وفرق الجهد الكهربي بين جانبي الغشاء الخلوي يراوح من 40- 75 ملليفولت (65 ملليفولت في المتوسط). وحيث إن الشحنة داخل الخلية سالبة بالقياس إلى الشحنة الموجبة خارج الخلية، تُوضع علامة (-) أمام فرق الجهد الكهربي؛ وعلى ذلك يكون متوسط فرق الجهد الكهربي في الخلية العصبية غير المستثارة (-65 ملليفولت).
(
تستهلك الخلايا العصبية كمية هائلة من الطاقة، للمحافظة على فرق الجهد الكهربي ثابتاً؛ فهي تنقل الأيونات الموجبة إلى خارج الخلية، وبهذه الطريقة تحافظ هذه الخلايا على بقاء شحنة موجبة خارج الخلية، والشحنة الكلية داخل الخلية سالبة باستمرار (أُنظر شكل غشاء الخلايا العصبية).
وعند تنبيه خلية عصبية بمؤثر خارجي (مثل رؤية خطر أو شم رائحة)، فإن هذا التنبيه سرعان ما ينتقل عبر الخلية العصبية وحتى نهاية محورها، ويكون انتقال الإشارة العصبية مصحوباً بالتغيرات الآتية:
(أ) يُحدث تنبيه الخلية تغيراً في فرق الجهد على جانبي الغشاء. ويكون هذا التغير مصحوباً بتغيرات أخرى في نفاذية الخلية لأيونات الصوديوم والبوتاسيوم الموجبة، إلا أن توقيت هذه التغيرات تختلف في الصوديوم عنها في البوتاسيوم.
(ب) عند تغير فرق الجهد من - 65 إلى - 50 ملليفولت، تُفتح قنوات خاصة Voltage Dependent Sodium Channels تمكن أيونات الصوديوم من التدفق إلى داخل الخلية، مؤدية إلى زيادة كمية الشحنة الموجبة داخل الخلية وزيادة الشحنة السالبة خارجها، ويصبح للحظة وقتية داخل الخلية موجباً بالقياس إلى خارجها، وهو ما يطلق عليه "زوال الاستقطاب" Depolarization
(ج) فإذا ما بلغ فرق الجهد +40 ملليفولت، فإن قنوات الصوديوم تُغلق، ومن ثَمَّ يتوقف دخول أيونات الصوديوم إلى داخل الخلية، وعندئذٍ تُفتح قنوات خاصة تسمح بخروج أيونات البوتاسيوم إلى خارج الخلية، معيدة الاستقطاب ثانية إلى الخلية Repolarization.
(د) وعلى الرغم من أن التغيرات الموضعية في نفاذية غشاء الخلية لا تتجاوز اللحظات الوجيزة جدًّا، فإنها تسبب تغيرات مماثلة في المنطقة الهادئة المجاورة للمنطقة المنبهة، وهكذا ينتقل فعل الجهد من منطقة إلى منطقة تليها حتى نهاية محور الخلية العصبية (أُنظر شكل انتقال الإشارة العصبية).
(هـ) يطلق على موجات زوال الاستقطاب، وإعادته عبر محور الخلية فعل الجهد المحوري Axonal action Potential، وهو المسؤول عن نقل الإشارة العصبية من مكان صدورها إلى المكان المراد توصيلها إليه.
وكل خلية عصبية هي وحدة قائمة بذاتها، وبعبارة أخرى، لا تتصل الخلايا العصبية عضويًّا بعضها ببعض، إلا أن نهايات أو أطراف إحدى الخلايا قد تقع قرب جسم خلية عصبية أخرى. وعندما تتقارب الخلايا، تتنقل الإشارات العصبية من خلية إلى أخرى. ويطلق على هذه المنطقة التي تلتقي فيها الخليتان العصبيتان معاً بمنطقة "التشابك العصبي" Synapse. وفى الواقع لا تكون الخليتان العصبيتان المتجاورتان متصلتين، بل يوجد ثمة فراغ ضيق جداً بين الخليتين في منطقة التشابك، يسمى "شق التشابك العصبي" Synaptic Cleft (أُنظر شكل التشابك العصبي).
يفصل شق التشابك العصبي بين الأزرار الموجودة في نهايات محور خلية ـ ويطلق عليها الأزرار الطرفية Terminal Button ـ وبين جسم خلية أخرى أو زوائدها. ويطلق على الخلية الأولى، "خلية ما قبل التشابك" Presynaptic Neuron، وعلى الثانية، "خلية ما بعد التشابك" Postsynaptic Neuron.
وتحتوي الأزرار الطرفية على عدد كبير من الحويصلات مُخَّزنٍ بها مواد كيميائية معينة، مثل: مادتي أسيتَيل كولين Acetyl Choline ونور أدرينالين Noradrenaline، وهي مواد هامة في نقل الإشارة العصبية من خلية إلى أخرى، ويطلق عليها "الناقلات العصبية" Neurotransmitters.
وعلى الرغم من وجود هذا الفراغ، تكون الخليتان العصبيتان المتجاورتان قريبتين بصورة كافية؛ بحيث تسمحان للإشارات العصبية بالمرور عبر التشابك بهما، وفي اتجاه واحد فقط، من نهايات خلية عصبية إلى جسم الخلية الأخرى.
وهناك نوعان من التشابك:
(أ) التشابك الكهربائي
وفيه ينتقل جهد فعل خلية ما قبل التشابك إلى خلية ما بعد التشابك مباشرة، فيؤدي إلى نقص في استقطاب غشائها. ويوجد هذا النوع بنسبة ضئيلة في الجهاز العصبي للإنسان.
(ب) التشابك الكيميائي
عند وصول الإشارة العصبية إلى الأزرار الطرفية لخلية ما قبل التشابك، تسبب تغيراً في نفاذيتها لعنصر الكالسيوم، فتُفتح قنوات خاصة تتدفق عبرها أيونات الكالسيوم إلى داخل الخلية، فتدفع الحويصلات المحتوية على الناقل العصبي لتلامس الغشاء الخلوي الموجودة بجوار الأزرار الطرفية، فتلتحم به، وينتج عن هذا تفريغ محتوى الحويصلات من الناقل العصبي.
ثم يلتحم الناقل العصبي مع مستقبلات خاصة به - لا تتحد مع غيره - توجد على جانبي قنوات موجودة في غشاء خلية ما بعد التشابك، فتُفتح، الأمر الذي يؤدي إلى تدفق أيونات الصوديوم إلى داخل خلية ما بعد التشابك، فيزول استقطابها، فتنتقل الإشارة العصبية عبرها.
وينتهي تأثير الناقل العصبي على مستقبلاته بطرق عدة. فإما أن يُكَسَّر بواسطة إنزيمات خاصة به، (ومثاله تكسير الأسيتيل كولين بواسطة إنزيم Choline Estrase، أو عن طريق انتشاره بعيداً عن المستقبلات، أو بدخوله مرة أخرى محور خلية ما قبل التشابك Reuptake مثلما يحدث مع النورأدرينالين Noradrendaline والأدرينالين Adrenaline والدوبامين Dopmine.
هـ. خصائص التشابك العصبي
(1) ينقل الإشارة العصبية باتجاه واحد على طول المحاور العصبية.
(2) يؤخر مرور الدفعات العصبية أكثر مما يفعل العصب نفسه.
(3) له خاصية تجميع الدفعات العصبية وإعاقتها .
(4) سريع التأثر ببعض المواد الكيمائية، فتزداد استجابته نتيجة لبعض المواد، مثل Strychnine، وتنخفض استجابته نتيجة لمواد أخرى.