منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

  " الموسوعة المصغّرة للمصطلحات الاجتماعية " 3

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75523
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

 	 " الموسوعة المصغّرة للمصطلحات الاجتماعية " 3 Empty
مُساهمةموضوع: " الموسوعة المصغّرة للمصطلحات الاجتماعية " 3    	 " الموسوعة المصغّرة للمصطلحات الاجتماعية " 3 Emptyالجمعة 10 يونيو 2016, 3:11 pm

المجتمع المحلي

Local Community

 

يُشير مفهوم المجتمع المحلي، بشكل عام، إلى مجموعة من الناس يقيمون في منطقة جغرافية محددة، ويشتركون معاً في الأنشطة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ويكّونون فيما بينهم وحدة اجتماعية ذات حكم ذاتي، تسودها قيم عامة يشعرون بالانتماء إليها. ومن أمثلة المجتمع المحلي: المدينة، والمدينة الصغيرة، والقرية. وعلى الرغم من أن المجتمع المحلي يشكل وحدة جغرافية محلية، ويوفر لسكانه السلع والخدمات، فليس من الضروري أن يتحدد بحدود قانونية، كما هو الحال في المدينة؛ وليس بالضرورة، أيضاً، أن يمثل كياناً سياسياً مستقلاً. وقد يُستخدم مصطلح "المجتمع المحلي" مرادفاً لمصطلحات أخرى، مثل: المجتمع، والتنظيم الاجتماعي، والنسق الاجتماعي، إلا أن كثيراً من الدارسين يتفقون على أنه يشير إلى منطقة محلية محددة لها طابع خاص. أي أن المجتمع المحلي، كما يقول بارسونز، هو "تجمع الفاعلين في منطقة محددة بصورة تتيح ظهور الأنشطة اليومية المشتركة". ويتضمن هذا التعريف تفاعل الأفراد في إطار نظامي محلي معقد، يقدم خدمات أساسية للأفراد، مع الأخذ في الاعتبار أن المجتمع المحلي ليس وحدة مستقلة ذاتياً بالضرورة.

ويُشير مفهوم المجتمع المحلي إلى الجماعات الإنسانية، التي تُصنّف وفقاً لبُعد الإقامة في إقليم محدد والتشابه في اللون والسُنن وغيرها. وتكتسب هذه الأبعاد قيمتها من حيث ارتباطها بنسق التفاعل. ويحدد ليندبرج هذا النوع من المجتمعات على أساس أبعاد ثلاثة، هي: الزمان، والمكان، والتفاعل. هذا في الوقت الذي يشير فيه ماكيفر إلى أن المجتمع المحلي هو "منطقة تسود فيها حياة مشتركة ـ سواء كانت قرية أو مدينة صغيرة ـ بحيث تتميز هذه الحياة المشتركة بمجموعة خصائص تجعلها متميزة عن المناطق الأخرى". وعلى الرغم مما أُثير في هذه المسألة، إلا أن هذه العناصر عُدّت محكات أساسية لتحديد مفهوم المجتمع المحلي وانعكاساته الواقعية.

حاول لويس ويرث Wirth تعريف المجتمع المحلي بشكل أكثر تحديداً، وبأنه "يتميز بموقع جغرافي إقليمي يتوزع من خلاله الأفراد والجماعات والأنشطة، وبما يسوده من معيشة مشتركة تقوم على أساس الاعتماد المتبادل بين الأفراد".

وبوجه عام، حُظى التصور العام الذي قدمه آموس هاولي Hawley لتعريف المجتمع المحلي،  بقدر كبير من القبول من جانب علماء الاجتماع. وفيه يؤكد أن "المجتمع أكثر من مجرد تنظيم لعلاقات التكافل بين الأفراد، وأن الحياة الجمعية تشتمل على قدر من التكامل النفسي والأخلاقي، إلى جانب التكامل التكافلي أو المعيشي، وأنه يتعين على الباحث أن ينظر إلى الجوانب النفسية والأخلاقية، على أنها مظاهر متكاملة، وليست مختلفة ...، خاصة وأن الأنشطة المعيشية وما يرتبط بها من علاقات تكافلية تتداخل وترتبط بمجموعة المشاعر والأحاسيس وأنساق القيم والمعايير الأخلاقية وغير ذلك من موجهات السلوك والتفاعل اليومي".

خصائص المجتمع المحلي

وفقاً للتعريفات السابقة للمجتمع المحلي، يتضح أن هذا المفهوم يشتمل على مجموعة من الخصائص المميزة للمجتمع المحلي على النحو الآتي:

1. الإقليم أو المكان المحدد

يتحدد المجتمع، بالضرورة، بموقع ومكان محددين، وتتعين حدود المجتمع المحلي أو تثبت من طريق ما تمارسه جموع السكان من نشاطات، ومن ثم يُشير المصطلح، عادة، إلى منطقة محددة ذات خصائص ـ طبيعية أو مصطنعة ـ فريدة ومتميزة، تتوافق، بالضرورة، مع ما يطوره المجتمع من نسق خاص للتنظيم الاجتماعي. وتتأكد أهمية خاصية الموقع Location بوصفها مقوماً أساسياً من مقومات المجتمع المحلي من نواحٍ عديدة؛ فمن ناحية، يعين الموقع أو المكان حدود كلٍ من التجمع البشري والنسق الاجتماعي، تلك الحدود التي تتمايز من خلالها المجتمعات المحلية. ومن ناحية ثانية، يُعد الموقع محل التوجيه الاجتماعي والنفسي، إذ ا تتحدد علاقات الأفراد وأصولهم –عادة- في ضوء المنطقة التي يشغلها المجتمع المحلي، سواء من طريق الموطن الأصلي أو محل الإقامة. ومن ناحية ثالثة، يلاحظ أن للموقع تأثيره الواضح على تنظيم النشاط الاجتماعي وما يرتبط به من عمليات اجتماعية، كالتعاون أو الاعتماد المتبادل. كما أن خصائص الموقع قد تفرض شكلاً معيناً من أشكال التوافق الاجتماعي، سواء بين الأفراد بعضهم ببعض أو بينهم وبين البيئة المحيطة. ومن هنا قد يكون من الصعب في كثير من الأحيان فهم طريقة الحياة في مجتمع ما وتفسيرها، دون الرجوع إلى خصائص المكان، بوصفه متغيراً أساسياً يميز المجتمعات المحلية عن بعضها.

2. الاستقلال والاكتفاء الذاتي

يمثل المجتمع المحلي جماعة من الأفراد مكتفية بذاتها. ففي إطار المجتمع المحلي وحدوده يعتمد الأفراد على بعضهم للقيام بالوظائف الأساسية. كما ترتبط الأهداف الجمعية والنشاطات الفردية بتنوع واسع النطاق، من الاحتياجات والمصالح والاهتمامات التي لا يمكن لمؤسسة أو تنظيم بعينه مهما كبر أن يواجهها أو يشبعها. فالمجتمع المحلي ـ كما رأى روبرت ماكيفر ـ باستطاعته أن يستوعب حياة الفرد كلها داخله. ففي الوقت الذي لا يستطيع الفرد أن يقضي حياته داخل مصنع أو تنظيم، فإنه يستطيع أن يفعل ذلك في قبيلة من القبائل، أو في إحدى المدن. فكأن المعيار الأساسي للمجتمع المحلي، إذن، هو قدرته على أن يستوعب داخل حدوده كل حياة الفرد وعلاقاته الاجتماعية وأوجه نشاطه.

3. الوعي الذاتي

تُعد خاصية الوعي الذاتي أو الوعي بالذات Self awareness من أهم الخصائص المميزة للمجتمع المحلي. وتتضمن هذه الخاصية الاعتراف المتبادل بين الأفراد، إلى جانب الشعور بالانتماء والتميز. يترجم هذا الوعي –عادة- في اتجاهات الأفراد، كالاعتزاز والمباهاة بالمجتمع المحلي والولاء له والدفاع عنه. كما أن المنافسة مع المجتمعات المحلية الأخرى والتدعيم المتحمس للمشروعات المحلية، تؤكد بدورها آليات (ميكانزمات) توحد الأفراد والجماعات بالمجتمع المحلي، الذي ينتميان إليه. وكثيراً ما تخلق مثل هذه الاتجاهات والآليات (الميكانزمات) النفسية والاجتماعية حواجز نفسية ذات أهمية قصوى بين المجتمعات المحلية المتجاورة، قد تفوق أحياناً ما للحدود أو الحواجز الطبيعية من دور في هذا السياق.

4. القيم والمعايير المشتركة

من أهم ما يميز المجتمع المحلي عن أشكال التنظيم الاجتماعي الأخرى، هو ما يسوده من أنساق خاصة للقيم والمعايير؛ إذ عادة ما تُعاد صياغة الكثير من القيم المطلقة في الثقافة الكبرى، في ضوء الرموز والأحداث ذات الدلالة والمغزى ـ في السياق المجتمعي المحلي. كما أن ما يسود المجتمع المحلي من نسق قيمي خاص من شأنه أن يدعم الاتفاق والاتصال بين الأفراد بطريقة متميزة ومتكاملة، ويدعم -في الوقت نفسه- الشعور بالنحن والوعي بالذات بين أفراد المجتمع المحلي، إلى جانب إنماء الشعور بالتمايز عن كل ما هو خارج المجتمع.

5. المجتمع المحلي كوحدة نفسية وثقافية

أوضح علماء الاجتماع أن المجتمع المحلي يمثل وحدة نفسية، يكتسب الأفراد ـ من خلال توحدهم بها ـ شعوراً بالأمن والانتماء والاستقرار النفسي. وقد تأكدت الفكرة نفسها لدى بعض علماء الاجتماع والأنثروبولوجيا، ممن تبنوا منظوراً ثقافياً بحتاً في تحليلهم للمجتمع المحلي؛ فذهبوا إلى أن توحد الأفراد بمجتمعاتهم المحلية ينجم أصلاً عن مشاركتهم في عدد من القيم والمعايير والأهداف المشتركة والمعتقدات... إلخ، ومن ثم يصبح المجتمع المحلي في نظرهم وحدة ثقافية في المقام الأول. إن الفكرة نفسها بمعناها النفسي والثقافي عبّر عنها ماكيفر وبيج، وتعني عندهما: "الوعي بالمشاركة في طريقة واحدة للحياة في أرض أو إقليم واحد مشترك".

وعلى هذا فالمجتمع المحلي هو وحدة نظامية يُشبع الأفراد من خلالها كل حاجياتهم اليومية، داخل منطقة مكانية محددة. وبهذا الاستخدام السوسيولوجي والأنثروبولوجي، فإن مفهوم "المجتمع المحلي" يقابل مفهوم "المجتمع" أو "الرابطة". ولذلك، فالمجتمع المحلي يعني العلاقات الشخصية أو علاقات الوجه للوجه، في إطار شبكة علاقات اجتماعية محدودة النطاق (وذلك في مقابل العلاقات غير الشخصية أو التعاقدية، التي تميّز المجتمعات الصناعية والحضرية الحديثة).
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75523
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

 	 " الموسوعة المصغّرة للمصطلحات الاجتماعية " 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: " الموسوعة المصغّرة للمصطلحات الاجتماعية " 3    	 " الموسوعة المصغّرة للمصطلحات الاجتماعية " 3 Emptyالجمعة 10 يونيو 2016, 3:14 pm

الفساد الإداري
[ltr]Administration Corruption[/ltr]
 
تُشير كلمة "فساد" في اللغة العربية إلى العطب، وتأتي من الفعل: فَسَدَ، وهو بمعنى أعطب أو أنتن اللحم أو اللبن أو نحوهما، وتفاسد القوم أي تدابروا وقطعوا الأرحام، والفساد هو التلف والعطب والاضطراب والخلل وإلحاق الضرر. وفي التنزيل العزيز، يقول تعالى: ]ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ[ (سورة الروم: الآية 41)، ويقول تعالى: ]وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً[ (سورة المائدة: الآية 33). وهكذا تُشير كلمة "فساد" في اللغة العربية إلى كل سلوك يتضمن معاني الضرر والخلل والتلف وتقطيع أوصال المجتمع.
أما الفساد في اللغة الإنجليزية فيعني التلف وتدهور التكامل والفضيلة ومبادئ الأخلاق، وأيضاً الرشوة. وهكذا يتضح أن مفهوم الفساد في اللغة الإنجليزية يشير إلى السلوك الفعلي، الذي ينطوي على التلف والتدهور الأخلاقي.
وتأسيساً على ما سبق، يمكن القول إن الدلالة اللغوية لكلمة الفساد تعني: الإتلاف وإلحاق الضرر والأذى بالآخرين.
والتعريفات التي تناولت مفهوم الفساد عديدة ومتنوعة، وتختلف من باحث إلى آخر. وربما يرجع هذا التعدد إلى أن الفساد مفهوم مركب ومطاط وينطوي على أكثر من بعد؛ فضلاً عن غياب تعريف واحد متفق عليه بين جمهرة الباحثين، علاوة على أن هذا المفهوم يختلف من عصر إلى آخر، ومن مكان إلى آخر. كذلك يمكن أن تختلف النظرة إلى السلوك الذي تنطبق عليه خاصية الفساد طبقاً لدلالته؛ فالمحسوبية والمحاباة، على سبيل المثال، ربما يُنظر إليها على نحو مختلف تماماً في المجتمعات التي بها التزامات قرابية، فضلاً عن صعوبة وضع معايير عامة تنطبق على ظاهرة الفساد في كل المجتمعات؛ لأن المعايير الاجتماعية والقانونية إذا انطبقت في بعض الجوانب، فإنها قد تكون متعارضة تماماً في جوانب أخرى في عديد من الدول والأمم المختلفة. في هذا الإطار يمكن تحديد أهم الاتجاهات الأساسية في تعريف الفساد على النحو الآتي:
1. الاتجاه الأول: الفساد هو إساءة الوظيفة العامة، من أجل تحقيق مكاسب خاصة
يؤكد أنصار هذا الاتجاه أن الفساد هو وسيلة لاستخدام الوظيفة العامة، من أجل تحقيق منفعة ذاتية ـ سواء في شكل عائد مادي أو معنوي ـ وذلك من خلال انتهاك القواعد الرسمية والإجراءات المعمول بها. ومن هذه التعريفات على سبيل المثال، تعريف كريستوفر كلافان، الذي عرّف الفساد بأنه "استخدام السلطة العامة من أجل تحقيق أهداف خاصة"، وأن تحديد هذا المفهوم ينشأ من خلال التمييز بين ما هو عام وما هو خاص.
ويأتي في هذا الإطار، أيضاً، تعريف كوبر Kuper بأن الفساد الإداري هو "سوء استخدام الوظيفة العامة أو السلطة للحصول على مكاسب شخصية أو منفعة ذاتية، بطريقة غير شرعية".
وقد سار على المنوال نفسه كثير من الباحثين في ربط الفساد الإداري بإساءة استخدام الوظيفة العامة؛ فيرى روبرت بروكس Brooks أن الفساد الإداري هو "سلوك يحيد عن المهام الرسمية لوظيفة عامة بهدف الحصول على منافع خاصة؛ أو أنه الأداء السيئ المقصود، أو تجاهل واجب محدد معروف، أو الممارسة غير المسموح بها للسلطة، وذلك بدافع الحصول على مصلحة شخصية مباشرة بشكل أو بآخر. وهكذا يتبين أن هذا الاتجاه يوضح أن السلوك المنطوي على الفساد ليس بالضرورة مخالفاً لنصوص القانون، وإنما يعني استغلال الموظف العام سلطته ونفوذه لتحقيق مكاسب خاصة، وذلك من خلال تعطيل نصوص القانون، أو من طريق زيادة التعقيدات البيروقراطية في تنفيذ الإجراءات، أو انتهاك القواعد الرسمية.
2. الاتجاه الثاني: الفساد هو انتهاك المعايير الرسمية والخروج على المصلحة العامة
يركّز هذا الاتجاه على أن السلوك المنطوي على الفساد هو ذلك السلوك الذي ينتهك القواعد القانونية الرسمية، التي يفرضها النظام السياسي القائم على مواطنيه. ويُعد جارولد مانهايم Manhiem من أهم العلماء المعبرين عن هذا الاتجاه القانوني. عرف مانهايم الفساد بأنه "سلوك منحرف عن الواجبات والقواعد الرسمية للدور العام، نتيجة للمكاسب ذات الاعتبار الخاص (سواء شخصية أو عائلية أو الجماعات الخصوصية)، والتي تتعلق بالثروة أو المكانة. أو السلوك الذي ينتهك الأحكام والقواعد المانعة لممارسة أنماط معينة من التأثير والنفوذ ذوي الطابع الشخصي الخاص".
وكذلك تعريف هينتجتون للفساد الإداري بأنه "سلوك الموظف العام الذي ينحرف عن القواعد القانونية السائدة، بهدف تحقيق منفعة ذاتية".
وعلى الرغم من أهمية هذا النوع من التعريفات للفساد، إلا أنها لا تعبر بالضرورة عن كل أشكال الفساد عن الخروج على القانون؛ إضافة إلى أن التعريفات القانونية للفساد غير كافية؛ لأن المميزات المحددة غالباً ما تحدد من خلال العرف الاجتماعي والعكس بالعكس؛ فضلاً عن ذلك فإنه من الصعب وضع معايير عامة للسلوك المقبول، خاصة في الدول الأكثر عرضة للتغير السياسي والاجتماعي.
3. الاتجاه الثالث: الفساد كأوضاع بنائية هيكلية
ينظر هذا الاتجاه إلى الفساد بوصفه نتيجة مجموعة من الاختلالات الكامنة في الهياكل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية للمجتمع. وعلى هذا الأساس فلكي يتم الكشف عن أسباب الفساد ومظاهره داخل المجتمع، يجب تحديدها داخل البناء الاجتماعي الشامل. ومن أهم التعريفات التي تمثل هذا الاتجاه تعريف عبدالباسط عبدالمعطي، الذي يرى أن الفساد "أسلوب من أساليب الاستغلال الاجتماعي المصاحب لحيازة القوة الرسمية داخل التنظيمات الإدارية، وهو نتاج لسياق بنائي قائم على العلاقات الاستغلالية التي تؤثر في صور هذا الفساد ومضموناته وموضوعاته وأطرافه، التي يُستغل فيها دوماً من لا يحوزون القوة والسلطة بجوانبها المختلفة، خاصة الاقتصادية والسياسية".
وعلى هذا يُلاحظ وجود علاقة جوهرية بين الفساد البنائي والفساد السلوكي؛ فوجود النمط الأول يزيد من احتمالات حدوث النمط الثاني بالضرورة، حيث إن السعي إلى تغيير البناء الاجتماعي يرتبط –غالباً- بمجموعة من التوترات والاختلالات، التي تتضمن ألواناً عديدة من الفساد السلوكي داخل المجتمع.
بعد عرض الاتجاهات الثلاثة السابقة في تعريف الفساد بشكل عام، يمكن تحديد مفهوم الفساد الإداري بوصفه "استغلال رجال الإدارة ـ العاملين في كافة أجهزة الدولة ومؤسساتها ـ للسلطات الرسمية المخولة لهم والانحراف بها عن المصالح العامة، تحقيقاً لمصالح ذاتية وشخصية من أجل الحصول على مزيد من المكاسب بطريقة غير مشروعة".
والفساد الإداري بهذا المعنى ينطوي على صور عديدة، أهمها:
·   استغلال المنصب العام للصالح الخاص، أو ما يُسمى: الفساد الذاتي لرجال الإدارة Auto- Corruption.
·   تقاضي الرشوة Bribe.
·   العمولات Commission.
·   الاختلاس Misappropriation.
·   محاباة الأقارب Nepotism.
·   المحسوبية Patronage.
·   التهرب من الضرائب.
·   بيع المناصب العامة نظير مقابل مالي.
إن هذه الصور المعبِّرة عن الفساد الإداري، توجد على مستويات مختلفة في كل النظم، سواء في المستويات العليا من السلطة التنفيذية، أو بين موظفي الجهاز الإداري، أو في جميع المستويات العليا والوسطى والدنيا من الجهاز البيروقراطي، بل وفي جميع الأنشطة الحكومية المختلفة. ويتسم الفساد، عامة، بخاصية أساسية، وهي الممارسة السرية الماكرة للسلطة الرسمية، في ظل التظاهر بالقانونية أو الشكل القانوني؛ فالغرض الحقيقي لسوء استخدام السلطة يظل دائماً سراً خافياً.
أسباب الفساد الإداري ومنابعه الأساسية
ترجع الأسباب الأساسية للفساد الإداري إلى شبكة معقدة من العوامل الإدارية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية، التي توحد هذه العوامل المسببة للفساد معاً في مُركَّب واحد، تتداخل عناصره وأبعاده على المستوى الواقعي، بحيث يصعب التمييز بينها تمييزاً واضحاً. ومن أهم هذه الأسباب:
1. الأسباب الاقتصادية للفساد الإداري
تلعب العوامل الاقتصادية السائدة في بعض المجتمعات دوراً مؤثراً في انتشار قيم الفساد وتغلغلها في أحشاء المجتمع. وتزداد فاعلية هذه العوامل، بصفة خاصة، في الدول التي تتبنى سياسة إنمائية رأسمالية محورها التركيز على اعتبارات النمو الاقتصادي الحر، دون الاهتمام بتحقيق عدالة في التوزيع. ويترتب على ذلك ظهور شرائح اجتماعية جديدة تملك الثروة دون أن يكون لها نفوذ سياسي، عندئذ تلجأ تلك الشرائح إلى استمالة أصحاب النفوذ السياسي باستخدام أساليب فاسدة، كالرشوة والعمولات والإغراءات المختلفة التي تُقدم للمسؤولين، بهدف الحصول على تأثير سياسي مباشر يتمثل في عضوية المجالس النيابية.
2. الأسباب السياسية للفساد الإداري
يتفق أغلب الباحثين على أن أكثر النظم إفرازاً للفساد الإداري ومظاهره هو النظام الديكتاتوري الأبوي Patrimonial Rule، الذي يتركز في شخصية حاكم مستبد مستنير يتمتع بسلطة مطلقة ـ تصل –عادة- إلى حد الاستبداد الكامل ـ وتحيط به نخبة محدودة من أهل الثقة، الذين يتصفون بالولاء الكامل لشخصه، ويعملون على إجهاض روح المبادرة والرقابة الشعبية والإدارية، ما يشجع على ظهور صور الفساد المختلفة. والهدف الأساسي للفساد هو القضاء على الشفافية والمنافسة، وخلق شريحة أو فئة محظوظة ومسارات داخلية سرية. والفساد بهذه الصورة مضاد للديموقراطية؛ فكما يقولون: السلطة المطلقة مفسدة مطلقة.
3. الأسباب الاجتماعية والثقافية
تُعد العوامل الاجتماعية والثقافية سبباً له أهميته الخاصة في نشأة الفساد الإداري وانتشاره داخل المجتمع. وتؤكد بعض القيم الثقافية التقليدية السائدة في الدول النامية على فكرة العائلة الممتدة، وارتباط الفرد بعائلته وأقاربه وأصدقائه وأبناء قريته التي ينتمي إليها؛ ولذلك يتوقع منه في حالة توليه منصباً إدارياً مهماً في الجهاز الإداري بالدولة، أن يقدم خدماته لهؤلاء الأفراد الذين تربطه بهم صلات خاصة. وتتمثل هذه الخدمات في إيجاد الوظائف وفرص التعليم والحصول على مزايا عينية وأدبية، ويصل الأمر إلى مخالفة القانون أو مبدأ تكافؤ الفرص، من أجل محاباة الأهل والأصدقاء، ما يترتب عليه ظهور قيم الفساد بكافة صوره في ممارسة الوظيفة العامة.
4. الأسباب الإدارية والقانونية للفساد الإداري
يحدث الفساد الإداري، في كثير من الأحيان، نتيجة لاعتبارات إدارية وقانونية، تتمثل في غياب الأبنية والمؤسسات، فضلاً عن عدم وجود القوانين الرادعة للفساد. ويؤدي هذا إلى إطلاق يد العناصر البيروقراطية ـ وخاصة العناصر العليا منها ـ في تنفيذ ما تراه محققاً لمصالحها الخاصة، مستخدمة في ذلك الأساليب المتنوعة للفساد الإداري. وهذا ما يؤكده أرثر لويس قائلاً: "إن الشخص حينما يكون متقلداً منصباً وزارياً في الدول النامية، تكون لديه فرصة حياته لتكوين الثروة من خلال اللجوء إلى الفساد واستغلال النفوذ"؛ إضافة إلى اتجاه القادة الإداريين لاستغلال مناصبهم العامة في تحقيق مصالحهم الذاتية، وتكديس الثروات وتقاضي الرشاوى والعمولات، أو من خلال الأساليب التي يلجأ إليها أصحاب رؤوس الأموال الخاصة ـ المحلية والأجنبية ـ لحماية مصالحهم وتجاوز الإجراءات الروتينية المعقدة للإدارات البيروقراطية، بتقديم الرشاوى والعمولات إلى مديري تلك الإدارات. ويترتب على هذه الأوضاع ظهور الفساد في ممارسة الوظيفة العامة. ويصدق هذا الوضع على الدول النامية؛ فكما يقول جونار ميردال في تحليله للفساد الإداري في دول جنوب آسيا، فإن "الرشوة صارت من الحقائق الثابتة في الأجهزة الإدارية في هذه الدول، حيث تعاني كل الإدارات الحكومية والوكالات والشركات العامة ومكاتب التصدير وإدارات الضرائب، من انتشار الرشوة على نطاق واسع، بحيث يمكن القول إنه متى أُعطيت السلطة لأي موظف، سيكون هناك مجال للرشوة، والتي من دونها لا يسير دولاب العمل الإداري".
وهكذا، فإن البُعد الإداري -بمعنى ضعف الأنظمة الإدارية والقانونية في مواجهة الفساد- فضلاً عن عدم الاتساق بين النظام الإداري ومتطلبات الحياة الاجتماعية، يمكن أن تكون من مسببات الفساد المهمة داخل المجتمع.
ولا شك أن انتشار صور الفساد الإداري، وما يرتبط بها من ضعف الانتماء والشعور بالهوية الوطنية، يقود إلى عدة احتمالات، مثل: قلة الكفاءة في الأداء، وإضعاف القواعد القانونية، واهتزاز صورة الشرعية القانونية، وتقليل قدرة المؤسسات على ممارسة وظائفها على الوجه الأكمل. كما أنه في ظل ممارسات الفساد تتراجع معايير الكفاءة والقدرة على الأداء، كشرط لشغل المناصب داخل المؤسسات، نتيجة لانتشار المحاباة والمحسوبية، ويصل إلى المؤسسات مَن لا يتمتعون بالمهارات والكفاءات المطلوبة، ما يؤدي إلى انخفاض قدرة المؤسسات وكفاءتها.
ومن هنا يربط بعض الباحثين بين انتشار قيم الفساد وعدم الكفاءة،  وانتشار المحسوبية والمحاباة، وظاهرة هجرة الكفاءات العلمية والفنية، التي تُعرف بظاهرة "نزيف العقول" Brin Drain.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75523
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

 	 " الموسوعة المصغّرة للمصطلحات الاجتماعية " 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: " الموسوعة المصغّرة للمصطلحات الاجتماعية " 3    	 " الموسوعة المصغّرة للمصطلحات الاجتماعية " 3 Emptyالجمعة 10 يونيو 2016, 3:15 pm

الوصمة الاجتماعية

Social Stigma

 

يُعرف "الوصم" -بشكل عام- بأنه إطلاق أو إلصاق مسميات غير مرغوب فيها بالفرد من جانب الآخرين، على نحو يحرمه من التقبل الاجتماعي أو تأييد المجتمع له؛ لأنه شخص مختلف عن بقية الأشخاص في المجتمع. ويكمن هذا الاختلاف في خاصية من خصائصه الجسمية أو العقلية أو النفسية أو الاجتماعية، التي تجعله مغترباً عن المجتمع الذي يعيش فيه ومرفوضاً منه، ما يجعله يشعر بنقص التوازن النفسي والاجتماعي.

ظهر مفهوم الوصمة في نظرية التسميةLabeling  لجوفمان Goffman في كتابه "الوصمة"، عام 1963، ويشير إلى علاقة التدني التي تجرد الفرد من أهلية القبول الاجتماعي الكامل. وتركّز البحث في هذا المجال بصفة أساسية على المشاكل الناجمة عن وصم الأفراد والجماعات، وعلى آليات التكيف التي يستخدمونها لمجابهة هذه المشاكل. والوصمة، التي يُوصم بها الفرد، قد تكون جسمية (العدوى بأمراض جنسية)، أو وثائقية (صحيفة حالة جنائية)، أو قرينية (صحبة سيئة)، سواء كانت منسوبة أو مكتسبة.

إن الوصمة هي العملية التي تنسب الأخطاء والآثام الدالة على الانحطاط الخلقي إلى أشخاص في المجتمع، فتصفهم بصفات بغيضة أو سمات تجلب لهم العار أو تثير الشائعات. وتشير الوصمة إلى أكثر من مجرد الفعل الرسمي من جانب المجتمع تجاه العضو، الذي أساء التصرف أو كشف عن أي اختلاف ملحوظ عن بقية الأعضاء. وقد ذهب جورج هربرت ميد إلى أن الوصمة الاجتماعية تزداد بناءً على حجم العقوبات المفروضة على مخالفي القانون ونوعها. فأكد أن العقوبات الصارمة المرتبطة بالمتابعة والمقاضاة، مسألة تتعارض مع إعادة تكييف المنحرف. كما أن الإجراءات التي تُتخذ نحو مخالفي القانون، تؤدي إلى تدمير التفاعل بينهم وبين المجتمع، ما يخلق روح العداوة عند المنحرف. وينطوي توجه ميد هذا على أن نظام العقوبات الصارمة هو نظام فاشل تماماً، وأن فشله لا يقتصر على عجزه عن ردع الانحراف فقط، وإنما يمتد إلى تكوين فئة إجرامية.

إن المبالغة في تطبيق الجزاءات تُثير الحقد والعداوة عند المنحرف. كما يؤدي الاتجاه العدائي من جانب المجتمع إلى مزيد من الانحراف. وأن عدم الاتساق في فرض العقوبات هو أهم ما يعرض الشباب لاحتراف الجرائم، لإحساسهم المتزايد بالظلم؛ إذ مهما كانت فداحة الذنب الذي يرتكبه الفرد، فربما تكون هناك درجات من الإجرام لم يصل إليها بعد. فإذا شعر أن المجتمع يتصرف نحوه بطريقة طاغية وعنيفة، فالنتيجة الطبيعية لذلك هي الشعور بالاغتراب عن المجتمع، والنظر إلى زملائه من المجرمين بوصفهم الأشخاص الذين يعاملونه باحترام ورفق. لذا، قد يغادر السجين السجن وهو عدو للمجتمع، وأكثر ميلاً عن ذي قبل إلى مواصلة الانحراف الإجرامي.

لذا أكد ليمرت على أن رد الفعل المجتمعي إزاء السلوك المنحرف، غالباً ما يُفضي إلى تقويته، وليس إلى اختزاله؛ فالسجون –مثلاً- تلعب دوراً فعالاً في إفراز المجرمين والعتاة منهم أكثر من إصلاحهم. وأيما كانت الأسباب الأصلية للسلوك المنحرف أو للانحراف الأولي، فإن الجزاءات الاجتماعية تؤدي إلى الانحراف الثانوي، حسبما يقول المثل: "إذا افترضت الشر في شخص ما فسوف يعيش شريراً".

ويوضح هذا اعتماد مفهوم الوصمة على عدد من المعاني المرتبطة بالفعل، والفاعل، والظروف، وأفكار وشخصية ومعتقدات الفرد الموصوم، وكذلك أفكار ومعتقدات المجموعة التي تطبّق الوصم.

وبناءً على ذلك يوضح بيكر Becker أن الانحراف يُنشئه ويخلقه المجتمع. وهو لا يعني المفهوم العام الذي يشير إلى أن أسباب الانحراف تنبع من الواقع الاجتماعي للمنحرف أو من المتغيرات الاجتماعية التي تدفعه إلى الانحراف، وإنما يعني أن الجماعات تساعد على خلق الانحراف بوضعها القواعد التي يمثل الخروج عنها انحرافاً، وتطبيقها لهذه القواعد الاجتماعية ضد بعض الأشخاص، ومن ثم وصمهم بالخارجين Outsiders عن القواعد الاجتماعية. ووفقاً لذلك يصبح تعريف الانحراف لا علاقة له بواقع أو خصائص الفعل الذي يخالفه الفرد، وإنما هو نتاج مباشر لما قد يترتب على تطبيق القواعد الجزائية ضد المخالف من آثار سلبية. ومن ثم فالمنحرف هو الشخص الذي يتم إلصاق الوصمة به، أو السلوك الذي يوصم الفرد به من قِبل الجماعة أو المجتمع.

يتضح مما سبق أن المجتمعات هي التي تحدد الانحراف بإقرار بعض القواعد، التي يُعد انتهاكها انحرافاً من منظور بناء ذلك المجتمع. وأن الانحراف ليس خاصية للفعل الذي يرتكبه الفرد، وإنما هو مسألة تتعلق بثقافة المجتمع وبنظرة أبنائه؛ وبمعنى آخر فإن الانحراف ليس صفة يوصف بها السلوك في ذاته، وإنما خاصية يخلعها المجتمع على سلوك معين، في ضوء القيم والمعايير السائدة.

أما عن كيفية حدوث عملية الوصم، فيذهب بيكر إلى أن المضمون الرئيسي لهذه العملية يتركز أساساً على التأثيرات المهمة، التي يحدثها إلصاق صفة الانحراف بأفراد معينين. مثال ذلك: كيف يُنظر إلى هؤلاء من قِبل بقية أفراد المجتمع، وكيف ينظرون لأنفسهم؟ وأخيراً أثر هذا الوصم على أنماط التفاعل بين هؤلاء الأفراد وبين الآخرين؛ لأن وصف فرد ما بصفة الانحراف يعني أن هذا الفرد والجماعة المحيطة به ينبغي أن يكيفوا أنفسهم على التعامل معاً بوصف أن هذا الفرد ذو شخصية غير سوية، ومن ثم تحدث عملية الوصم.

وبناءً على ذلك يتحدد مفهوم الوصم من خلال العناصر الآتية:

1. يتسم المجتمع الإنساني بوضع العديد من القواعد الاجتماعية، التي تنظِّم السلوك الإنساني وتحفظ للمجتمع توازنه واستقراره.

2. يتحدد نوع سلوك الفرد من خلال تطبيق هذه القواعد المنظمة للسلوك عليه، ومن ثم فإن تحديد السلوك بكونه (منحرفاً) يكون من خلال رد الفعل تجاه هذا السلوك ولا يرجع إلى السلوك ذاته، فإذا لم يكن هناك رد فعل فلا يكون هناك انحراف Deviance.

3. عندما يدرك المشاهدون الاجتماعيون سلوكاً ما ويصمونه بالانحراف، فإن مرتكب هذا السلوك يوصم أيضاً بالانحراف، ويكتسب صفة مجرم أو منحرف.

4. ينظر المشاهدون إلى الفرد حال وصمه بأنه يتصرف في ضوء ما وُصم به؛ فالشخص الموصوم بأنه مجرم يُنظر إليه بالدرجة الأولى على أنه مجرم، مع تجاهل السمات الأخرى التي يُسلّم بها.

5. يراقب –عادة- من صدر عنهم رد الفعل (الأفراد، الجماعات) هؤلاء الذين وُصموا بأنهم منحرفين، لأن من المحتمل عودتهم لارتكاب السلوك الإجرامي نفسه مرات أخرى.

6. يكون رد الفعل الاجتماعي –غالباً- تجاه الموصومين ـ وما يصاحبه من مواقف واتجاهات سلبية نحوهم من أفراد المجتمع وجماعاته ومؤسساته الرسمية ـ معبراً عن الاستنكار والسخرية والرفض والنبذ الاجتماعي لهم ولأسرهم بصفة خاصة، ما يفرض عليهم نوعاً من العزلة الاجتماعية.

7. يترتب على رفض المجتمع ونبذه الموصوم سلوكاً منحرفاً (انحراف ثانوي)، ويعد نتاجاً لتقبل الوصم بوصفه هوية ذاتية تؤدي بالموصوم إلى الاتجاه نحو امتهان الجريمة والانحراف، والابتعاد عن مزاولة النشاط المشروع.

أنماط الوصم

يمكن تحديد أهم صور الوصم الاجتماعي وأنماطه، على النحو الآتي:

1. الوصمة الجسمية

وهي المرتبطة بالإعاقة الجسمية، تلك الإعاقات التي تنتج عن قصور أو عجز في الجهاز الحركي، وتحدث نتيجة لحالات الشلل الدماغي أو شلل الأطفال أو بتر طرف من أطراف الجسم، نتيجة مرض أو حادث يؤدي إلى تشوه في العظام أو المفاصل أو ضمور ملحوظ في عضلات الجسم، وربما تكون العوامل المسببة لهذه الإعاقات عوامل وراثية أو مكتسبة.

2. الوصمة العقلية

وهي المرتبطة بالضعف العقلي أو التخلف العقلي، على نحو لا يساعد الفرد على التعلم المعتاد، وإلى نقص القدرات اللازمة للتوافق في وسط بيئي وثقافي معين ـ نتيجة لعدم الإدراك والتصرف المناسب في المواقف المختلفة ـ ما يؤدي إلى عدم القدرة على مواجهة البيئة الاجتماعية التي يعيش فيها الفرد؛ وكذلك انعدام الكفاءة الاجتماعية والمهنية، ونقص القدرة على الاستقلال في كافة شؤون الحياة الاجتماعية دون رقابة أو إشراف من الآخرين.

3. الوصمة الحسية

وهي المرتبطة بالإعاقة الحسية، أي فقدان كفاءة وظيفة إحدى الحواس أو بعضها بدرجة كلية أو جزئية، خاصة حاستي البصر والسمع. ويُشير مصطلح الإعاقة البصرية إلى مجموعة الأشخاص الذين لديهم جوانب قصور في تكوين ووظيفة حاسة الإبصار. أما الإعاقة السمعية فتمتد لتشمل كلاً من الصمم والضعف السّمعي.

4. الوصمة اللغوية

وهي المرتبطة بعيوب استخدام اللغة والكلام؛ فالكلام يكون غير سوي حينما ينحرف كثيراً عن كلام الآخرين بدرجة تستلفت الانتباه، ويعوق الاتصال، ويسبّب حالة من الضيق للمتحدث أو المستمع.

5. الوصمة العرقية

وهي المرتبطة بوجود اختلافات في السّلالة والوطن والدين داخل المجتمع الواحد. ولعل التمييز العنصري، الذي كان من قبل في الولايات المتحدة الأمريكية وجنوب أفريقيا، أو صراع الطوائف قديماً وحديثاً في الهند، أكبر دليل على مدى سيطرة هذه الاختلافات العرقية على كثير من المجتمعات.

6. الوصمة الجنائية

تشير الوصمة الجنائية إلى العملية التي تُنسب الأخطاء والآثام الدالة على الانحطاط الخلقي إلى أشخاص في المجتمع، فتصفهم بصفات بغيضة، أو سمات تجلب لهم العار، أو تثير حولهم الشائعات؛ ولذلك تشير هذه العملية إلى أكثر من مجرد الفعل الرسمي من جانب المجتمع تجاه الفرد، الذي أساء التصرف أو كشف عن أي اختلاف ملحوظ عن بقية الأعضاء داخل المجتمع.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75523
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

 	 " الموسوعة المصغّرة للمصطلحات الاجتماعية " 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: " الموسوعة المصغّرة للمصطلحات الاجتماعية " 3    	 " الموسوعة المصغّرة للمصطلحات الاجتماعية " 3 Emptyالجمعة 10 يونيو 2016, 3:15 pm

الوعي الاجتماعي

Social Consciousness

 

تُعرِّف الموسوعة الفلسفية "مفهوم الوعي" بوصفه حالة عقلية من اليقظة، يُدرك فيها الإنسان نفسه وعلاقاته بما حوله من زمان ومكان وأشخاص، كما يستجيب للمؤثرات البيئية استجابة صحيحة. وبالرجوع إلى أصل الكلمة في اللغة اللاتينية، يتضح أنها تعني أشياء معروفة على نحو متصل، ويرجع بعض الناس الوعي إلى المعرفة.

يُعرف الوعي، بشكل عام، بأنه اتجاه عقلي انعكاسي، يُمَكِّن الفرد من إدراك ذاته والبيئة المحيطة به بدرجات متفاوتة من الوضوح والتعقيد. ويتضمن الوعي، إذاً، وعي الفرد بوظائفه العقلية والجسمية، ووعيه بالأشياء وبالعالم الخارجي، وإدراكه لذاته بوصفه فرداً وعضواً في الجماعة. ويذهب جورج ميد G. Mead، إلى أن عمليات الاتصال تساعد الفرد على تأمل ذاته، والقيام بدور الآخرين. هذا الاستدماج للآخر Other شرط أساسي لظهور الوعي، طالما أنه يتضمن عملية انعكاسية Reflexive.

أبعاد الوعي الاجتماعي

تكاد تتفق الدراسات التي اهتمت بموضوع الوعي الاجتماعي وبأنماطه النوعية ـ سواء كانت طبقية أو سياسية أو تعليمية... إلخ ـ على أن للوعي أبعاداً أساسية، هي:

1. البعد الأول: وجود اتجاه أو موقف إيجابي أو سلبي نحو القضية أو الموضوع المراد استطلاع الوعي بشأنه، وهو ما يُسمى: البعد النفسي الاجتماعي في الوعي.

2. البعد الثاني: ويقوم على إدراك القضية أو الموضوع من خلال تفسيره، وإبراز إيجابياته وسلبياته، وهو ما يُسمى: البعد العلمي للوعي.

3. البعد الثالث: ويقوم على تقديم تصور بديل للواقع الراهن لهذه القضية أو ذلك الموضوع الذي يُستطلع الوعي بشأنه، وهذا ما يُعبر عنه بالبعد الأيديولوجي.

ويتحدد الوعي بناءً على البنية الاجتماعية للمجتمع (أو الجماعة)، والمرحلة التاريخية التي تمر بها، وما يسودها من علاقات وأوضاع خاصة، وتوزيع للفرص الاجتماعية والاقتصادية والسياسية داخل هذه البنية.

أنواع الوعي

1. الوعي الاجتماعي

إن كان الوعي الاجتماعي تصويراً وانعكاساً للوجود الاجتماعي ـ أي العلاقات الاجتماعية والحياة الاجتماعية بجميع مظاهرها ـ فهو أيضاً حصاد لمجمل تفاعلات الوعي الطبقي. كما أن الوعي الطبقي نفسه انعكاس وتصوير لوجود الطبقة، ولحصاد تفاعلات وعي أعضائها.

فالوعي الاجتماعي، إذاً، هو منظومة عامة من الأفكار والنظريات للطبقات حول مجمل العلاقات الاجتماعية القائمة، ويمثل فهماً كلياً لها. وهذا الفهم الكلي يُعد الشكل الأرقى والأعلى للوعي الاجتماعي.

2. الوعي الفردي

يستند الوعي الفردي إلى أن الإنسان في الجوهر كائن مدرك لتصرفاته المتعددة (بتعدد أبعاد الحياة اليومية وزواياها، أي جميع أنواع النشاط الإنساني المادي والروحي). ويرتبط الوعي الفردي بالوجود المحدد للفرد في جماعة وطبقة ومجتمع معين، وبكل أساليب وفرص إشباع حاجاته الروحية والمادية. إن هذا الوعي الفردي ظاهرة اجتماعية ذات محتوى اجتماعي يتضمن الوجود الشخصي للفرد والطبقة التي ينتمي إليها، والوسط الروحي والمادي المؤثر في الوجود الفردي. ولهذا لا يستخلص الوعي الفردي من الظروف الفردية الشخصية فقط، بل من وجود الفرد في طبقته وجماعته ومجتمعه.

أما عمّا يحدث داخل الفرد، فإن الوعي هو العملية التي يقوم بها العقل باستخدام المعرفة المختزنة لديه، لتحديد دلالات المدركات الحسية ومعانيها. فالفرد لا يُفسر الرسائل التي يستقبلها في معانٍ مطابقة لها تماماً، ولكن يكون التفسير في إطار التفاعل بين الرموز Symbols التي يتم استقبالها، وبين المعرفة السابقة ذات العلاقة التي يستعين بها الفرد المتلقي.

وقد أوضح جون لوك J. Lock، أن الوعي هو إدراك ما يدور داخل عقل الإنسان، وهو انعكاس لملاحظات الشخص أو لملاحظة عقله للعمليات المتداخلة. وأشار إلى أن صور الوعي متعددة ومتباينة؛ فمنها الأفكار المدركة، والتفكير، والمعرفة، والشكوك. ويتم تعلم هذه القضايا الذهنية في أي لحظة. ويسمي لوك هذه العمليات "الإحساس الداخلي".

أما الوعي على المستوى المعرفي لدى الفرد، فينقسم إلى نوعين: وعي يومي (تطبيق)، ووعي نظري.

·   يُقصد بالوعي اليومي، وعي ينشأ من الشروط التطبيقية للحياة الاجتماعية، وفيه تعبر الحاجات والمطالب البشرية عن نفسها.

·   ويُقصد بالوعي النظري، وعي يطمح إلى التعبير عن جوهر الظواهر الاجتماعية.

ويكمن الاختلاف بين هذين النوعين ـ اليومي والنظري ـ في أن الوعي الأول يبقى على سطح الظواهر دون أن تصل تعميماته إلى عمقها، ويحاول الثاني التعمق في جوهر الظواهر وكشف قوانين وجودها الفعلي وتطورها.

الأيديولوجية والوعي الاجتماعي

بُذلت المحاولات لتوضيح العلاقة بين الأيديولوجية والوعي الاجتماعي، من زاوية ما يجمع بينهما وما يمكن أن يميز بينهما. ولعل أول ما يجمع بينهما من خصائص هو نشأة كل من الوعي والأيديولوجية في سياق تكوين اجتماعي له خصائصه، وتأثرهما سوياً بأنماط العلاقات الاجتماعية الأساسية في هذا التكوين الاجتماعي أو ذاك (والتي تأتي في مقدمتها علاقات الإنتاج والتوزيع). وفضلاً عن ذلك، فإذا كان الوعي يشتمل على أفكار وتصورات أخلاقية ودينية وجمالية وقانونية... إلخ، فبالمثل تشتمل الأيديولوجية على أفكار حول الموضوعات ذاتها؛ لكن الاختلاف الجوهري هو بين مضمون الأفكار هنا وهناك، وأيضاً الشكل الذي تُصاغ من خلاله هذه الأفكار.

وكما تختلف الأيديولوجية مع غيرها من تجليات الوعي، فإن العلاقة بينهما علاقة الجزء بالكل. وقد يكون مفيداً التذكير بأن الأيديولوجيات في كل مجتمع يربطها بالواقع الاجتماعي ما يربط الأجزاء بالكل الاجتماعي، وما يربط ذلك الكل بمكوناته الجزئية، وأنهما في علاقاتهما الجدلية يعطيان الحياة الاجتماعية طابعها المميز، الذي تتجسد فيه وتتصارع عوامل الثبات والتغير.

ومن أوجه الاختلاف بين الوعي والأيديولوجية، أن الوعي الاجتماعي يشتمل على التلقائية والعفوية، في حين تشتمل الأيديولوجية على مستوى عالٍ من الفكر والعلم يأتي بعد الوعي المباشر.

السيكولوجيا الاجتماعية والوعي

تمثل السيكولوجيا الاجتماعية مجموعة من المشاعر والاتجاهات الاجتماعية، التي تتحدد بمقتضيات وديناميات الوجود الاجتماعي للأفراد والجماعات. وتمثل هذه السيكولوجيا حلقة وصل تنقل تأثير الوجود المادي إلى مستوى الوعي.

ولا يُعد الوعي الاجتماعي أيديولوجيا أو سيكولوجيا، بل هو جميعها متفاعلة متبادلة التأثير. وهو –كذلك- ليس ذاتياً ولا موضوعياً، بل هو حصاد تفاعلها جدلياً. وإنه ليس إدراكاً للواقع أو تصوراً له، بل هو نتاج لحركة جدلية يندمج فيها الفردي في الاجتماعي، والذاتي في الموضوعي، والإدراك في التصور. ومن ناحية أخرى، تُعد الأبعاد السيكولوجية والإدراك السيكولوجي الاجتماعي مستوى أولياً للوعي، وتُعد الأيديولوجيا مستوى أكثر تنظيماً.

وهكذا يتضح أن الوعي الاجتماعي هو الحصيلة المستمرة لعملية الإدراك الشاملة للواقع الاجتماعي، ذلك الإدراك الذي يشمل إدراك الفرد وتصوره من القضايا الاجتماعية ـ سواء المجتمعية العامة أو الخاصة النوعية ـ والتي يأخذ منها موقفاً، إما تسليماً أو رفضاً بناءً على تفسيره لهذه المواقف.

ويمكن مما سبق وضع تعريف محدد للوعي الاجتماعي، بوصفه اتجاه عقلي يمكِّن الفرد من إدراكه لذاته وللواقع المحيط به. ويعد الوعي نتاجاً للتطور الاجتماعي، ولا يوجد بعيداً عن المجتمع الذي يحيا فيه الإنسان. ويتضمن الوعي الإدراك والحكم والتمييز.

ومن خصائص الوعي، إحاطته بكل أبعاد الواقع المحيط بالإنسان والمجتمع والطبقة، كما يتصف بالشمول والتنوع والتعقيد، كما أنه أكثر ارتباطاً بالوجود الاجتماعي كله في لحظة تاريخية معينة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75523
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

 	 " الموسوعة المصغّرة للمصطلحات الاجتماعية " 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: " الموسوعة المصغّرة للمصطلحات الاجتماعية " 3    	 " الموسوعة المصغّرة للمصطلحات الاجتماعية " 3 Emptyالجمعة 10 يونيو 2016, 3:16 pm

البحث الاجتماعي

Social Research

أولاً: مفهوم البحث الاجتماعي وطبيعته

تتعدد تعريفات البحث الاجتماعي العلمي بتعدد الباحثين، وانتماءاتهم الأيديولوجية، فضلاً عن تعدد وتنوع أساليب البحث في العلوم الاجتماعية. لذا نعرض لبعض التعريفات في هذا السياق، حيث يرى البعض أن البحث الاجتماعي هو استقصاء منظم يستهدف إضافة معارف يمكن توصيلها، والتحقق من صحتها من طريق الاختبار العلمي. بينما يرى فريق آخر بأنه استقصاء دقيق يستهدف اكتشاف حقائق وقواعد عامة يمكن التحقق منها مستقبلاً. أما الفريق الثالث فيرى أنه وسيلة للدراسة يمكن بواسطتها الوصول إلى حل لمشكلة محددة، وذلك من طريق الاستقصاء الشامل والدقيق لجميع الشواهد والأدلة، التي يمكن التحقق منها، والتي تتصل بهذه المشكلة المحددة.

إن البحث بشكل عام هو عملية تجميع للبيانات والحقائق عن العناصر المادية والمعنوية، حول موضوع معين دقيق في مجال التخصص، لفحصها وفق مناهج وأساليب علمية مقررة، يكون للباحث منها موقف معين، ليتوصل من كل ذلك إلى نتائج جديدة، هذه النتائج هي ثمرة البحث الاجتماعي.

والغاية التي ينشدها الباحث من وراء العملية العلمية الفكرية ـ سواء كانت نظرية أو تجريبية ـ هي ما يُعبر عنه علمياً بالإضافة الجديدة المطلوبة في البحوث الاجتماعية العلمية، إذ فيها تتمثل الأصالة. وتتخذ الإضافة الجديدة في البحوث صوراً شتى، فإما أن تكون أفكاراً جديدة في المجال العلمي، أو حلاً لمشكلة علمية، أو بياناً لغموض علمي، إلى غير ذلك من الأغراض المطلوبة، مما يتفق ومدلول كلمة البحث الاجتماعي العلمي.

اكتفى بعض الباحثين عند تحديدهم للمقصود بالبحث العلمي، بالاقتصار على المعنى البسيط للبحث، والقول بأن عملية البحث تتم في أبسط صورها في حياتنا اليومية، بأكثر من مظهر وشكل، مثل ما يحدث عندما تصادفنا بعض المشكلات ونحاول الوصول إلى حلول لها بطريقة أو أخرى. إن البحث بهذا المعنى البسيط هو محاولة لحل مشكلة ما. وبقدر زيادة المواقف المشكلة التي تحتاج إلى بحث، تنمو قدراتنا على إجراء البحث والتوصل إلى حلول سليمة، ما أمكن ذلك.

لكن رأى البعض أن هذا التعريف شكلي لا يمس مضمون عملية البحث وجوهره. لذا فكروا في تقديم تعريفات أخرى أكثر دقة، يمكن تصنيفها في ثلاث فئات أساسية، هي:

1. تعريف البحث الاجتماعي من خلال أهدافه

يُعرف البحث بوصفه مسؤولية علمية تعتمد على طرق منسقة ومنطقية في تحقيق الأهداف التالية:

أ. اكتشاف وقائع جديدة، أو التحقق من وقائع قديمة.

ب. تحليل تتابع هذه الوقائع وعلاقاتها المتبادلة، وتفسيراتها العلمية أو السببية، والتي تم اشتقاقها من إطار مرجعي أو نظري مناسب.

ج. تنمية أدوات علمية جديدة ومفاهيم ونظريات، قد تُعين في الدراسة الثابتة والصادقة للسلوك الإنساني.

2. تعريف البحث الاجتماعي من خلال إجراءاته ومنهجه

يُعرف البحث الاجتماعي بوصفه وسيلة لغاية ما، بمعنى أنه يستهدف حل مشكلة عملية أو منهجية، كما يستهدف كشف العلاقات بين البيانات المتراكمة، أو التحقق من صدقها بواسطة المنهج العلمي. بمعنى التطبيق المنطقي والمنسق لأسس العلم على التساؤلات العامة والشاملة للدراسة، واستخدام الطرق العلمية التي تمدنا بالأدوات العلمية والإجراءات الخاصة والوسائل الفنية، التي تستهدف توفير البيانات وترتيبها قبل معالجتها منطقياً وإحصائياً.

3. تعريف البحث الاجتماعي بوصفه سلوكاً

يحدد البعض الآخر البحث الاجتماعي بوصفه سلوكاً مناسباً، يتمسك بقيم معينة في علاقات الباحث بإخبارييه، وبمن يمدونه بالبيانات. ويحتاج الباحث، بالإضافة إلى تدريبه على فنون العلم والبحث وخبرته بها، إلى أن يكون متميزاً بالحساسية للعلاقات الإنسانية.

على الرغم من تعدد وتنوع تعريفات البحث الاجتماعي، إلا أنها تشترك في بعض العناصر التالية:

·   أن البحث الاجتماعي محاولة علمية منظمة، تتبع أسلوباً أو منهجاً علمياً محدداً، يسعى للوصول إلى حقائق معينة.

·   أن البحث الاجتماعي يعني التنقيب عن الحقائق الجديدة للوصول إلى إضافة جديدة إلى معارفنا، وبالتالي زيادة دائرة المعارف والحقائق التي يعرفها الإنسان.

·   أن البحث الاجتماعي يسعى للوصول إلى حل لمشكلة محددة في جميع ميادين الحياة.

·   أن البحث الاجتماعي يختبر المعلومات والعلاقات التي يتوصل إليها، بفحصها وتأكيدها تجريبياً.

·   أن البحث الاجتماعي يسعى إلى تفسير الظواهر الاجتماعية، وتوضيح المشكوك فيها، وتصحيح الحقائق المتعلقة بالحياة الاجتماعية التي أُسيئت معرفتها أو فهمها.

وعلى هذا فالبحث الاجتماعي يعني بشكل أكثر تحديداً، طريقة في التفكير، وأسلوب للنظر إلى الوقائع، بحيث يًصبح معنى المعطيات التي تم جمعها واضحاً في ذهن الباحث. كما أنه أسلوب يحل به المتخصصون المشكلات الصعبة، ويحقق فهم السلوك الإنساني والحياة الاجتماعية، حتى تزيد قدرتنا على التحكم فيها.

ثانياً: خصائص عملية البحث الاجتماعي

يتميز البحث الاجتماعي بخصائص متعددة، تظهر تباعاً، بحيث تبدو وكأنها خطوات ومراحل متعددة، وهي:

1. يبدأ البحث بسؤال في ذهن الباحث

فالإنسان كائن محب للاستطلاع، ينظر إلى الظواهر التي تثير ذلك الحب، وتثير لديه الدهشة والتأمل، وتجعله يطرح التساؤلات في وجود ظاهرة ما قد لاحظها الباحث ووجد أنها تثير في نفسه الحيرة، ويجد من خلال طرح الأسئلة المناسبة ما يعينه على تحديد وجهته في مطلبه من أجل الحقيقة.

2. البحث يتطلب خطة محددة   

يسير البحث في اتجاه هدف محدد، ابتداءً من الشعور بالحاجة إلى المعرفة، حتى النقطة التي تتحدث فيها الوقائع ذات الصلة إلى الباحث وتمده بإجابة. وبين هذين الطرفين يجب أن تكون هناك قضية واضحة تعبر عن مشكلة البحث، وتطوير للفروض، وتصميم على جمع وتفسير الوقائع، ثم اختبار الفروض، ثم التوصل إلى النتائج المستمدة من الوقائع. وهكذا فإن البحث يعد إجراء منظماً ومخططاً ومنطقياً في تصميمه.

3. يحتاج الباحث إلى عرض مشكلته في تعبير واضح

يبدأ البحث بعبارة واضحة وبسيطة، تعبر عن مشكلته. تتبلور تلك المشكلة في التساؤلات المحيرة التي لم يجب عنها، ويجد الباحث أنها أساسية منذ بداية العمل في البحث. ويجب أن تكون المشكلة دقيقة، لتحدد مقدماً وبوضوح ما الذي يسعى الباحث إلى اكتشافه، وأن تكون دقيقة الصياغة.

4. معالجة البحث للمشكلة الرئيسية من خلال مجموعة مشكلات فرعية

إنه من الملائم عملياً أن نقسم المشكلة الأساسية للبحث بين مشكلات فرعية مناسبة، بحيث يؤدي حل كل واحدة منها تلو الأخرى إلى حل مشكلة البحث الأساسية.

5. اعتماد البحث على فروض مناسبة

بعد تحديد المشكلة والمشكلات الفرعية المرتبطة بها، يجب أن ينطلق البحث من فروض مناسبة لمعالجة مشكلات الحياة اليومية، والفرض عبارة عن قضية منطقية أو تخمين معقول أو علاقة مدروسة، قد توجه أو تحدد وجهة الفكر للمشكلة، الأمر الذي يساعد على حلها.

6. البحث يتناول وقائع ويحدد معانيها

بعد عزل المشكلة وتقسيمها بين مشكلات فرعية مناسبة، ووضع الفروض التي سوف تُشير إلى الوجهة، التي قد نجد فيها الوقائع، تأتي الخطوة التالية وهي جمع الوقائع التي تبدو أن لها صلة بالمشكلة، ثم تنظيمها في مجموعات ذات معنى تمكن من تفسيرها.

7. البحث عملية حلزونية

لأنه في العملية الحلزونية لحل المشكلات، ستظل تطرح مشكلات أكثر، ونتيجة لذلك يستمر البحث في السير قدماً إلى الأمام. بالنظر إلى البحث بهذه الطريقة، نجده يمتاز بخاصية دينامية وليست استاتيكية.

ثالثاً: أنواع البحوث الاجتماعية

تعددت تصنيفات البحوث بتعدد المعيار أو المعايير التي أُخذت أساساً للتصنيف. فهناك من اعتبر المنهج معياراً للتصنيف، فيقولون دراسات تاريخية وأخرى تجريبية. ومنهم من وضع الأهداف النهائية للبحث معياراً، كأن يُقال دراسات تطبيقية وأخرى نظرية أو أساسية.

لكن قدم معظم علماء المناهج وعلماء الاجتماع ثلاثة أنماط رئيسية للبحوث الاجتماعية، تركزت في البحوث الكشفية الاستطلاعية، والبحوث الوصفية، والبحوث التشخيصية أو التي تختبر فروضاً سببية.

وقد أوضح بعض الباحثين أهم الفروق بين هذه الأنواع الثلاثة الأكثر تواتراً في كتابات البحث الاجتماعي، الاستطلاعية، والوصفية، والتشخيصية، كما يلي:

1. مقدار المعرفة والبيانات المتاحة حول الظاهرة التي ستُبحث، فكلما كانت هذه البيانات محدودة، كان البدء ضرورياً بالدراسات الاستطلاعية، وبعدها الوصفية، ثم التشخيصية.

2. مقدار الوفاء بخطوات أو أكثر من خطوات المنهج العلمي، فالدراسات الاستطلاعية تحاول الإجابة عن سؤال ماذا حول الظاهرة أو تلك؟ أي استطلاع وجودها وبعض تضاريسها. والدراسة الوصفية تحاول الإجابة عن سؤال كيف توجد هذه الظاهرة؟ أي وصف ملامحها وتحليل أبعادها. أما الدراسة التي تختبر الفروض، فهي تحاول تقديم إجابة، أو المساعدة على الإجابة عن لماذا هذه الظاهرة على ما هي عليه أو ما كانت عليه؟

ونحاول فيما يلي توضيح هذه البحوث بإيجاز، على النحو التالي:

1. البحوث الكشفية Exploratory

ويُقصد بها تلك التي يتمكن فيه الباحث ـ من طريق الكشف عن حلقات مفقودة أو غامضة في تسلسل التفكير الإنساني بوجه عام ـ أن يساعد على الربط والتحليل والتفسير العلمي الذي يُضيف إلى المعرفة الإنسانية ركائز جديدة. وهذا النوع من البحوث هو أكثرها مشقة بالنسبة للباحث، لما يتطلبه من قدرات ذاتية ومهارات استدلالية على درجة عالية من الكفاءة. ويمكن تحديد أهداف هذا النمط من البحوث فيما يلي:

·   صياغة مشكلة البحث تمهيداً لإجراء بحث أدق لها.

·   تنمية فروض البحث وتوضيح المفاهيم.

·   زيادة ألفة الباحث بالظاهرة التي يرغب في دراستها فيما بعد.

·   توضيح القضايا التي ينبغي أن يكون لها السبق في البحث مستقبلاً.

·   جمع المعلومات عن الإمكانيات العملية للقيام ببحث في المجال الواقعي الحي الذي تُجرى فيه الدراسة.

·   الحصول على قائمة بالمشكلات التي يراها الخبراء في الميدان جديرة بالبحث العاجل.

2. البحوث الوصفية Descriptive

تتضمن البحوث الوصفية دراسة الحقائق الراهنة المتعلقة بطبيعة ظاهرة، أو موقف، أو مجموعة من الناس، أو مجموعة من الأحداث، أو مجموعة من الأوضاع. إن هذا النوع من البحوث لا يتضمن فروضاً تذهب إلى أن متغيراً معيناً يؤدي إلى متغير آخر.

إن هذا لا يعني أنها تحصر أهدافها في جمع الحقائق فقط، ذلك لأن الباحث يتناول البيانات التي جمعها بالتحليل والتفسير، لكي يفيد من هذه البيانات في توضيح مجموعة من العلاقات المحتملة بين الظواهر دون أن يؤكدها، وهذا يتطلب قدراً كبيراً من المعلومات والمعطيات والبيانات، التي تدور حول المشكلة موضوع البحث. وتقوم البحوث الوصفية على مبدأين أساسيين، هما التجريد والتعميم. والتجريد عبارة عن تحديد وتمييز خصائص أو سمات موقف ما. أما التعميم فهو أحد الأهداف الرئيسية للعلم، ووظيفته سد الثغرة بين ما لاحظناه في الحياة الاجتماعية من وقائع، وبين ما لم نلاحظه.

3. البحوث التشخيصية Diagnostic

يُطلق عليها البحوث التي تختبر الفروض السببية، لأنها تتناول الأسباب المختلفة المؤدية إلى الظواهر الاجتماعية، وما يمكن عمله لتعديل بعضها، والمفهوم الدارج للسببية هو أنها حادث أو واقعة معينة، أو عامل يؤدي إلى حدوث حادث أو ظاهرة أخرى.

وإلى جانب هذه الأنواع الثلاثة المتواترة للبحث الاجتماعي، يُضيف عبدالباسط عبد المعطي نوعين، هما:

1. بحوث الاستشراف الاجتماعي

ويعني هذا النوع من البحوث استشراف أبعاد المستقبل، من خلال مناقشة بدائل تتناول مصير مجتمع ما، أو ظاهرة أو جماعة ما أو طبقة ما. وسواء كانت الدراسة لبنية المجتمع في كليتها أو لأحد أبعادها، ففي الحالتين نحن في حاجة إلى دراسة التفاعلات والعلاقات الجدلية بين مكونات هذه البنية الاجتماعية وبين غيرها من عوالم تشاركها في المرحلة التاريخية، ووحدة المصالح وصراعها، سواء كانت هذه العوالم طبيعية أو نظماً إقليمية أو دولية. وهدف هذا النوع من البحوث هو أن يكون للمجتمع أو الطبقة إرادة في اقتراح إستراتيجيات وسياسات حاضرة ومستقبلية تسهم في تحويل الإمكانات بالقوة إلى إمكانات بالفعل. كما أن هذا النوع من البحوث يجعلنا أكثر استبصاراً بصناعة مستقبل مجتمعاتنا.

2. البحوث التقويمية ودراسات الجدوى الاجتماعية

تُشير عملية التقويم إلى تقدير الأهمية النسبية لبنود الاختلاف والتباين بين مميزات وعيوب الخطط، وغالباً ما يقتصر على وصف المقترحات التخطيطية وإصدار أحكام على أسسها، ومقدار الاتساق الداخلي بين هذه المقترحات. أما عملية التقويم فهي عملية شمولية بالتصور أو بالتناول، فهي تشمل تقويم الإطار الفكري والأيديولوجي للخطة، أو المشروع القائم، ومقارنته بغيره من البدائل والممكنات المتاحة في الخطة الزمنية نفسها. فإذا أردنا تقويم جدوى الانفتاح الاقتصادي، فيجب علينا أن نقارنه بفلسفات وتوجهات تنموية أخرى، كالاعتماد على الذات مثلاً.

كما يشمل التقويم إطار التحليل والقياس المستخدم في المقارنة، ويحمل رؤية تاريخية زمنية معينة. فالجمهور أو الجماعة المستهدفة من التخطيط، يقتضي التقويم تحليلاً وتوقعاً للآثار والمصاحبات التي سيحدثها المشروع في تلك الجماعة عبر الزمن الكلي، وليس عند نقطة زمنية معينة، قد تكون الآثار بعدها سلبية. كما يشتمل التقويم على إبراز الجدوى الاجتماعية للمشروع من منظور الفلسفة والتوجه التنمويين.

رابعاً: أهداف البحث الاجتماعي

يسعى البحث الاجتماعي العلمي إلى تحقيق هدف فما فوقه من الأهداف التالية:

1. الوصف: ويعني رصد وتسجيل ما نلاحظه من الأشياء والوقائع والظواهر، وما ندركه بينها من علاقات متبادلة، وتصنيفها وترتيبها، واكتشاف العلاقات بينها. أي أنه كشف دلالات المعطيات الحسية بالاعتماد على الملاحظة والتجربة، ودراسة ما بينها من علاقات متبادلة. ويلاحظ أن الوصف يعتمد أساساً على المدركات الحسية، ولكنه ينطوي مع ذلك على عمليات عقلية يتفاوت تعقيدها، كتصنيف الأشياء وتصنيف خصائصها، وبيان العلاقات بينها، وتحديد مدى ما بينها من ارتباط، وكشف دلالتها.

2. التفسير: وهو محاولة الكشف عن أسباب وقوع الظواهر والأحداث. ويُفترض في التفسير الإيمان بمبدأ العلية الذي يربط بين الأسباب والنتائج، ويعتمد التفسير على العقل بدرجة أكبر من الوصف الذي يعتمد أساساً على الحواس والملاحظة والتجربة. فإذا كان الوصف هو كشف الدلالات الظاهرة في المعطيات الحسية، فإن التفسير هو كشف الدلالات التي تتجاوز تلك المعطيات. وإذا كان الوصف يمدنا بخبرات ومعلومات عن الظواهر والأحداث، فإن التفسير يحول تلك الخبرات والمعلومات إلى فروض تخضع للاختبار التجريبي.

3. الوصول إلى معارف وحقائق جديدة: يستهدف العالم من بحثه الوصول إلى حقائق علمية جديدة، إما عن الكون الذي يعيش فيه وظواهره المختلفة، وإما عن المجتمع الذي نعيش فيه والظواهر الاجتماعية والثقافية التي قد تميزه عن أي مجتمع آخر مثل الظواهر الاقتصادية والاجتماعية والدينية.

4. التنبؤ: ويعني استنتاج حقائق ووقائع جديدة ممكنة الحدوث في المستقبل من الحقائق التي وصلنا إليها وعبرنا عنها بالقوانين العلمية. أي الاستفادة من القوانين والحقائق التي توصلنا إليها في التنبؤ بالمستقبل. وكلما كان القانون أكثر عمومية، أمكن التنبؤ بحالات أكثر، وكلما كان القانون أكثر احتمالاً وأقرب إلى الواقع، كان التنبؤ صحيحاً أو ذا احتمال أكبر.

5. التحكم: ويعني إيجاد الظروف والشروط المحددة التي تتحقق فيها ظاهرة معينة، وبالتالي الحصول على الظاهرة في الوقت الذي نريده والمكان الذي نختاره. وقد يعني منع حدوث الظاهرة بمنع حدوث الظروف التي تحدث فيها. كما قد يعني التحكم السيطرة على القوى الطبيعية وتسخيرها لخدمة الإنسان، وذلك بعد أن تعرف القوانين المتحكمة فيها. ويُلاحظ أن التحكم قد يكون فعلياً، وقد يكون فرضياً، حين يتعذر بناء الظاهرة بصورة عملية.

6. التطبيق العملي: يستهدف البحث العلمي تحويل المبدأ الذي عبر عنه تولستوي بقوله "العلم من أجل العلم"، إلى "العلم في خدمة المجتمع"، لأن كل شيء يُقدر بفائدته أو منفعته أو بما له من استخدام أو تطبيق. ولم يقتصر هذا الاتجاه على الأشياء المادية، بل تعداها إلى الأفكار والمعاني العقلية.

7. حل المشاكل الإنسانية والعلمية: ويمثل حل مشاكل المجتمع الهدف الأخير من البحث الاجتماعي. وهذه المشاكل قد تنشأ عن الظروف الطبيعية كالجفاف والتصحر، وقد تنشأ عن التجمع البشري، كالانفجار السكاني وأزمة المساكن، وتفشي الأمراض والأوبئة، وازدياد الجريمة، وغيرها. وبالتالي فالعلماء يحاولون إيجاد حلول ملائمة للمشاكل التي تعترض طريق التقدم، أو التي تهدد حياة البشرية، أو التي تقلل من رفاهية الإنسان وسعادته، أو حتى تُهدد بانقراض بعض الأنواع الحيوانية والنباتية.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75523
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

 	 " الموسوعة المصغّرة للمصطلحات الاجتماعية " 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: " الموسوعة المصغّرة للمصطلحات الاجتماعية " 3    	 " الموسوعة المصغّرة للمصطلحات الاجتماعية " 3 Emptyالجمعة 10 يونيو 2016, 3:17 pm

التعاون الاجتماعي

Social Co-operation

يُشير هذا المصطلح إلى التفاعل أو إلى العمل العام لتحقيق أهداف مشتركة. ويوضح التراث أهمية التعاون الاجتماعي الذي يُشير إلى كل من الأنشطة الداخلية والعلاقات بين الجماعات، التي تعبر عن الموافقة الجماعية حول فعل مشترك، أو وحدة الجهود المتماثلة وغير المتماثلة من أجل استمرار الحياة. تسود الوحدة بين الجهود المتماثلة أو المتشابهة في الجماعات الأولية والمجتمعات المحلية الصغيرة كالقرى، بينما تتحقق وحدة الجهود غير المتماثلة في الجماعات والروابط الثانوية، وفي المجتمعات الحضرية.

والتعاون قد يكون مباشراً، مثل التعاون للقيام بأنشطة مترابطة ومتشابهة في صورة جماعية. يرجع هذا الطابع الجماعي إلى الطبيعة الخاصة بهذه الأنشطة، والتي بدونها لا يمكن الجماعة أن تعمل كأفراد مستقلين.

والتعاون قد يكون غير مباشر، مثل التعاون الذي يقوم على إنجاز أنشطة غير متشابهة يكمل بعضها بعضاً، وتؤدي جميعاً هدفاً مشتركاً. ويتضمن التعاون غير المباشر تقسيماً للعمل وأداء مهام متخصصة.

وعلى هذا يُطلق اصطلاح التعاون على التفاعل الذي ينطوي على قيام فردين فما فوق بالعمل معاً لتحقيق غاية مشتركة. وهو بهذه الصورة لا يتحقق إلا من طريق العمل الجماعي، خلافاً لعمليات أخرى كالمنافسة والصراع حيث يستطيع الفرد الواحد أن يعمل بمفرده لتحقيق أهدافه.

والتعاون سلوك شائع في أغلب المجتمعات، وفي كل مجال من مجالات الحياة، غير أنه يبدو بوضوح شديد في النشاط الاقتصادي والمجالات التي يسودها تقسيم العمل. والتعاون يربط أفراد المجتمع الإنساني برباط وثيق، فلا يقتصر على المستويات المحلية والإقليمية، وإنما يتعداها إلى المجتمع العالمي الكبير وهيئاته المختلفة. وللتعاون أهمية كبيرة بالنسبة للأفراد والجماعات والمجتمعات، من حيث تحقيق الحاجات والشعور بالثقة والأمن والمحافظة على البقاء وحفظ النوع.

ولذا فالتعاون سمة ضرورية للحياة الإنسانية. ويصف "كولي" وظيفة التعاون قائلاً بأنه يظهر حينما يلحظ البشر أن لهم اهتماماً مشتركاً، وأن لهم في الوقت نفسه مصلحة عامة في استمرار هذا الاهتمام ودعمه من طريق فعل متوحد، ولذلك فهم يقبلون وحدة الاهتمام واستمرار التنظيم على أنهما حقيقتان جوهريتان في التوفيق للوصول إلى هذه الغايات.

لا يُمارس التعاون لذاته، وإنما يتعاون الأفراد والجماعات بغية الوصول إلى أهداف معينة بالذات. فالتعاون عبارة عن تفاعل في حدود إدراك عام للحاجات الإنسانية. ويعني ذلك العمل معاً بغية تحقيق غايات وأهداف عامة مشتركة من ناحية، والوحدة من ناحية أخرى.

وفي هذا السياق، يمكن الإشارة إلى التعاون بأنه ذلك الفعل الاجتماعي القائم على المعاضدة والمساعدة والتحالف مع الآخرين لتحقيق أهداف مشتركة. وحتى تنمو أنماط المساعدة البسيطة لا بد أن يكون لدى الأفراد دوافع لتحقيق أهداف يمكن أن تكون مشتركة، ثم لا بد أن يكون للأفراد علم أو معرفة بفوائد ذلك النشاط، كما لا بد أن يكون لدى أولئك الأفراد اتجاه إيجابي نحو المشاركة في العمل والحوافز تجاه ذلك الموضوع، وأخيراً لا بد لأولئك الأفراد من الإلمام التام بالمهارات اللازمة لجعل البرنامج التعاوني فاعلاً.

تظهر أهمية التعاون الاجتماعي بالنسبة للأفراد والجماعات والمجتمعات على حد سواء. فالفرد بطبيعته ينضم إلى جماعة تحقق حاجته للاجتماع وتكسبه مكانة، وهذا يتحقق من خلال تعاونه مع الآخرين. وتعتمد الجماعة الإنسانية على التعاون حتى تستطيع المحافظة على وجودها وتحقيق أهدافها.

ويؤكد كثير من علماء الاجتماع وعلماء النفس والأنثروبولوجيا، أهمية التعاون في المحافظة على توازن الشخصية، واستمرارية المجتمع وبنائه. ومن ثم فإن لثقافة المجتمع بما تحتويه من قيم ومعايير وعادات وتقاليد أثراً كبيراً في تحديد نوع السلوك التعاوني الذي يسود الجماعة. وهم يؤكدون كذلك دور ثقافة المجتمع، بما فيها من قيم ومعايير وعادات وتقاليد في تحديد نوع السلوك التعاوني أو التنافسي بين أعضاء الجماعة.

حدد علماء الاجتماع ثلاثة أنماط للتعاون على النحو التالي:

1. التعاون الأولي Primary Co-operation

يظهر هذا النمط من التعاون واضحاً في المجتمعات البسيطة، حيث تسود العلاقات الأولية وتذوب شخصية الفرد في إطار الجماعة التي ينتمي إليها. ويكون التعاون واضحاً في المجال الاقتصادي، حيث يشترك الجميع، ذكوراً وإناثاً، في مجالات الزراعة أو صيد الأسماك أو الرعي أو غيرها، ويتقاسمون معاً عائد العمل.

ويعتبر التعاون الأولي من أهم قيم المجتمعات البسيطة، ويحرص عليه أفراد المجتمع ويعززونه بشتى الوسائل. ينتشر هذا النمط في المجتمعات القبلية والقروية، حيث يظهر التعاون الأولي بين أفراد المجتمع في جميع أنشطة الحياة الاجتماعية، فيتعاون الأفراد نساءً أو ذكوراً، في إقامة حفلات الزواج أو المآتم، أو الاستعداد للأعياد، وكذلك في الألعاب الجماعية والرقصات والأغاني الشعبية.

2. التعاون الثانوي Secondary Co-operation

يمتاز التعاون الثانوي بالخاصية الرسمية التخصصية، ومن ثم فإنه يعتبر إحدى خصائص المجتمعات الحديثة التي تُبنى على التخصص وتقسيم العمل. ونظراً إلى أن كل فرد يقوم بوظيفة معينة متخصصة ضمن إطار متكامل، فإنه يشعر بأن عليه التزامات محددة نحو الجماعة التي ينتمي إليها. وبالتالي يحرص على تعزيز عضويته من خلال وعيه بواجباته والتزاماته نحو الجماعة، وتعاونه مع باقي الأفراد.

ويُنظر إلى التعاون الثانوي باعتباره وسيلة لتحقيق أهداف خاصة بالفرد ذاته، وبالجماعة التي ينتمي إليها. أي أن الفرد يشارك الآخرين في العمل، لأن ذلك العمل التعاوني يعود عليه بالنفع الخاص والفائدة الشخصية.

3. التعاون الثلاثي Tertiary Co-operation

يحدث هذا النمط من التعاون عندما يوجد صراع بين جماعتين، ثم تظهر جماعة ثالثة تناصبهما العداء، فتتفق الجماعتان المتصارعتان على التعاون معاً على الجماعة الثالثة، بصورة مؤقتة، للقضاء على خطرها الذي يهددهما. ويتسم هذا النمط من التعاون بالاستغلال والانتهازية وعدم الاستمرارية، إذ إنه تعاون مؤقت ينتهي بانتهاء السبب الذي أدى إلى ظهوره، كالتعاون بين حزبين في القضاء أو الفوز على حزب ثالث، كما هو الحال في الانتخابات البرلمانية، على سبيل المثال لا الحصر.

كما قدم "نيسبت" أربعة أنماط أخرى للتعاون، هي:

1. التعاون التلقائي: ويُقصد به المساعدة المتبادلة، مثل مساعدة المارة لشخص مصاب في الطريق.

2. التعاون التقليدي: حيث أصبح مبدأ المساعدة المتبادلة أمراً تقليدياً تتناقله الأجيال، بحيث يصبح تعاوناً تقليدياً.

3. التعاون الموجه: وهو نمط من التعاون، يتمثل في المجتمعات الحديثة، حيث يكون التعاون موجهاً من قِبل الشخص الذي يملك حق اتخاذ القرارات وإصدار التعليمات.

4. التعاون التعاقدي: وهو تعاون يوجد في المجتمعات الحديثة، يشمل المجتمعات والجماعات والأفراد. ويظهر في اتفاق مجموعة من الأمهات العاملات على رعاية أبنائهن بطريقة تعاونية، حيث تقوم كل واحدة منهن بالإشراف على الأطفال في يوم محدد من أيام الأسبوع.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75523
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

 	 " الموسوعة المصغّرة للمصطلحات الاجتماعية " 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: " الموسوعة المصغّرة للمصطلحات الاجتماعية " 3    	 " الموسوعة المصغّرة للمصطلحات الاجتماعية " 3 Emptyالجمعة 10 يونيو 2016, 3:17 pm

التكيف الاجتماعي

Social Accommodation

يُعرف التكيف الاجتماعي بشكل عام بوصفه عملية اجتماعية وظيفتها تقليل أو تجنب الصراع، أو هي عملية تلاؤم اجتماعي تؤدي إلى وقف الصراع بين الجماعات، من طريق التدعيم المؤقت أو الدائم للتفاعل السلمي.

أما المضمون النفسي للتكيف الاجتماعي فيشير إلى السلوك الفردي أو السلوك الجماعي الذي يسعى للتوافق مع مواقف الصراع، من خلال تجنب كافة مظاهر العداء، من طريق منح تعويضات اقتصادية واجتماعية ونفسية لجماعة من جماعات الأقلية.

وقد استخدم هذا المصطلح لأول مرة عالم النفس "بالدوين" Baldwin، في مؤلفه الصادر عام 1895، ويعني عنده التوازن الاجتماعي للتكيف البيولوجي كصورة من صور التوافق مع البيئة.

لذا فقد فرق علماء الاجتماع بين التأقلم والتكيف، من حيث إن التأقلم Adaptation يُستخدم ليدل على تلاؤم السلوك الإنساني مع ظروف البيئة الطبيعية، أما التكيف فيرتبط بظروف البيئة الاجتماعية. وبالتالي يُعرف التكيف الاجتماعي بأنه عبارة عن التفاعل الذي يستهدف التوفيق بين الأفراد والجماعات، بحيث يتفهم كل طرف من الأطراف أفكار ومشاعر واتجاهات الطرف الآخر، ليحدث بينهما تقارب يؤدي إلى تحقيق مصلحة مشتركة. ويحدث التكيف في كل مجالات الحياة، من أمثلة ذلك التكيف بين الزوجين، والتكيف بين الرؤساء والمرؤوسين في العمل، أو بين أصحاب العمل والعمال.

وهناك صور سلوكية متنوعة يتخذها التكيف أو التوافق في الحياة الاجتماعية، هي المهادنة Truce، والتوفيق Compromise، والتحكم Arbitration، والتسامح Tolerance.

يختلف تأثير التكيف باختلاف الظروف، فمثلاً قد يسهم التكيف في تخفيف حدة الصراع بين الأفراد والجماعات، بحيث يؤدي إلى إيجاد صيغة مشتركة بين الأطراف المتصارعة أو المتنازعة. وقد يؤدي إلى تأجيل النزاع مدة معينة، من خلال إبرام المعاهدات والاتفاقيات بين الدول، وقد يؤدي إلى تقريب المسافة بين الجماعات المتباينة اجتماعياً ونفسياً. لذلك تنظر الجماعات إلى عملية التكيف باعتبارها عملية مهمة ذات فائدة كبيرة في التوافق داخل المجتمع. وكلما ازداد تكيف الناس مع عناصر الحياة الاجتماعية والثقافية، رسخت تلك العناصر في عقلية المجتمع.

ولأن المجتمع في تغير مستمر، ولأن التكيف يتميز بالدينامية، فإنه يَحدث توازن بين الاثنين بصورة منتظمة. وهذا يعني أن هناك وسائل مختلفة لتحقيق التكيف الاجتماعي بالنسبة للأفراد والجماعات. وهذه الوسائل نحددها على النحو التالي:

1. التكيف من خلال القسر أو الإجبار Coercion: القسر وسيلة من وسائل التكيف يتحدد من خلالها الفعل، والتفكير في العلاقات الاجتماعية بناءً على الضغوط وممارسة القوة. بمعنى أن الإجبار أو القسر يتضمن وجود طرفين أحدهما ضعيف والآخر قوي في أي موقف صراعي، وهذه الوسيلة للتكيف لها شكلان أحدهما فيزيقي أو استخدام مباشر للقوة، والثاني سيكولوجي أو غير مباشر في استخدام القوة.

2. التكيف من خلال التسوية Compromise أو التوفيق: وهو يختلف عن التكيف القسري، إذ إنه يتضمن درجة عالية من المساواة في استخدام القوة بين طرفين، إذ يرغب الطرف القوي في استخدام العدالة بدلاً من القوة  والنفوذ كمصدر قوة في تحديد الاتفاق. وتُعرف وسيلة التكيف من خلال التسوية كأسلوب واعٍ لحل النزاع، تتخلى فيه كل الأطراف عن بعض شروطها رغبة منها في إيجاد حل توفيقي أو وسطي يرضي جميع الأطراف.

3. التكيف من خلال التحكيم Arbitration: وهو وسيلة خاصة للوصول للتسوية، تستعين بها الأطراف المعنية عندما تفشل في الوصول إلى حلول ترضي الجميع، ويحل الخلاف طرف ثالث محايد يختاره المتنازعون، ويتم الاستعانة بهذا النمط من التكيف بصورة خاصة في النزاعات الدولية، وتحديداً تلك المتعلقة بالنزاعات أو الخلافات الحدودية، وكذلك في الخلافات الأسرية في كثير من المجتمعات.

4. التكيف من خلال القدرة على الاحتمال: وهو وسيلة أخرى من وسائل أو أساليب التكيف، يظهر من خلال سياسة "عش واترك غيرك يعش"، وهو شكل للتكيف بدون اتفاقيات رسمية، وربما لا يكون منبثقاً من وعي أو شعور، ولكنه ينمو من خلال المعايشة الطويلة لتجنب تطوير العداء واستمراريته.

وعلى هذا، فالتكيف عملية اجتماعية مكونة من نشاط وسلوك الأفراد والجماعات، وتستهدف إلى تحقيق الملاءمة والتجانس بين الأفراد أو بين الجماعات المختلفة، بهدف استقرار المجتمع. أو هو عملية تكيفية ترمي إلى التخلص من صراع محتمل بين أقلية عنصرية معينة ومجتمع كبير. وهذا الإجراء يعمل كل ما في استطاعته لتجنب الأساليب والأعمال العدائية التي تقع بين الطرفين، وذلك من خلال قيام المجتمع الكبير بمنح المكاسب الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للجماعة الأقلية.

إذاً فالتكيف هو أحد مظاهر التفاعل الاجتماعي، وهو الحالة التي يتفق فيها المتصارعون على إخفاء صراعاتهم، ووقف التنافس بينهم بصورة مؤقتة. ويلجأ الأفراد أو الجماعات إلى التراضي المتبادل بتأثير إدراك الموقف، وتبين استحالة تحقيق الفوز على الغريم. ولا يلغي التراضي المتبادل الصراع أو ينهيه، بل يؤجله فقط، ويخفيه.

لذا يرى كل من "كامبل يونج" و"ريموند ماك" أن التكيف بصفته عملية هو الجهود الواعية للأفراد من أجل تنسيق العمل فيما بينهم، وبالتالي فهو يوقف الصراع من أجل جعل علاقاتهم أكثر تسامحاً وأقل إهداراً للجهد والتعب، بمعنى أنه حل للصراع بشكل سلمي، وبدون القضاء على الطرف الآخر.

كما أنه يمكن أن يؤدي إلى إرجاء الصراع بشكل فوري، مدة محددة من الوقت؛ فضلاً عن أنه يساعد الجماعات المنفصلة على العمل معاً بشكل جماعي.

التكيف الاجتماعي بين الماضي والحاضر

في القرون الماضية كان سكان هذا الكون يشعرون بتهديد الطبيعة لهم، ويعيشون في دنيا خطرها دائم. ومنذ نجح الرجل الحديث ـ بصورة ملحوظة ـ في التحكم في البيئة الطبيعية، بدأ يهتم بعلاقاته بالآخرين، بدل أن كان سلفه يبذل قُصارى جهده واهتماماته بالبيئة الطبيعية.

ومنذ أن ارتبطت حياة الإنسان بحياة أفراد الجماعة، تعرض لمشكلات عديدة، من أبرزها خطراً تلك الأهوال التي يتعرض لها عند قيام الحروب بين أفراد الشعوب المختلفة.

وبالإضافة إلى مشكلات الحروب وما تسببه من مشاعر عدم الأمن، نجد مشكلات أخرى نجمت عن المدنيات الحديثة، بعض هذه المشكلات نفسية مرتبطة بحياة الجماعة وطبيعة النمو الاجتماعي والاقتصادي الذي يتم داخل المجتمعات. إن من أهم مظاهر هذا النمو، وخاصة في المجتمعات الرأسمالية، التنافس وعدم المساواة في جميع الميادين، كالممتلكات وفرص التعليم والاستغلال.

وأهم ما يمتاز به القرن الحالي هو سيطرة عوامل الصراع والتطاحن والحرب النفسية، لدرجة أن كثيراً من سكان العالم صاروا يعيشون على حافة الهاوية. كل هذا دعا الباحثين في العلوم الإنسانية أن يطلقوا على هذا العصر لقباً مميزاً، هو "عصر الحرب النفسية". وليس بدعاً من الأمر أن يُطلق هذا الاسم على عصرنا هذا؛ ذلك أن الظاهرات التي تسيطر على حياة الناس في أي عصر من العصور تكون كفيلة أن تحتكر العصر كله، وأن يُسمى العصر باسمها.

إن الشعور بعدم الأمن، الناجم عن عدم التكيف، قد تفشى الناس، وأصبح يسيطر على الكثير من مظاهر سلوكهم، إلى حد أنه صار المحور الذي تدور حوله الأبحاث المختلفة في تعليل ما يعانيه الكثير من أبناء الشعوب الرأسمالية من تعْسٍ واضطراب وسوء تكيف اجتماعي.

إن هناك عوامل أخرى مميزة لعصرنا الحالي، فقد تعرض عالمنا لحربين عالميتين نشرتا الذعر، وأشاعتا الخوف والارتباك في النفوس، وجرتا على الإنسانية ضغطاً اقتصادياً خانقاً، أصاب البشر منه أنواعاً كثيرة من الضيق والاضطراب، وقاسوا ضروباً شتى من العوز والحرمان.

إن اضطراب العلاقات بين الناس ـ في أي صورة من صوره ـ سواء أكان نتيجته استغلال الأقوياء للضعفاء، أو ضعف الإمكانيات المادية، أو الضغوط الاقتصادية، أو العوامل الثقافية والحضارية والاجتماعية السائدة في مجتمع من المجتمعات ـ هذا الاضطراب يولد الانعزال الوجداني والفقر العاطفي، والشعور بفراغ الحياة، وفقدان التوازن النفسي، فيشعر الفرد نتيجة لكل ذلك بأنه مهدد قلق، لا يجد من يحميه ويقيه شرور العالم.

إن العوامل السابقة الذكر وغيرها من العوامل الأخرى، جعلت الناس يعيشون في قلق دائم وخوف من الحاضر والمستقبل، وتشاؤم وشعور بالنقص، وتردد، وعدم التحمس للحياة والإقبال عليها. وكل هذه مظاهر دالة على سوء التكيف النفسي والاجتماعي.

وتسهم المجتمعات في سوء التكيف الاجتماعي بعدة طرق وأساليب، منها:

1. من طريق خلق الضغوط والعناء مباشرة: على سبيل المثال تشجيع الرغبات المتعارضة، أو سيادة ظروف البطالة الحادة، أو من طريق انهيار المجتمع نفسه وتصدعه.

2. من طريق زيادة قابلية أعضاء المجتمع للتأثر بالضغوط والعناء: ومثال ذلك أن عضوية الفرد في جماعات الأقلية قد تعني حرمانه بعض خبرات الحياة، ما يمنع الفرد من اكتساب مهارات الصحة العقلية التي تسمح له بالتوافق مع الضغوط والعناء.

3. من طريق التشجيع المباشر للعوامل التي تؤدي إلى المرض وسوء التكيف: مثال ذلك الاشتراك في طقوس تتضمن الهُلاس أو عقاقير الإدمان.

4. من طريق تأثير أساليب تنشئة الأطفال: إن الفروق في الشخصية تبدو بوضوح أنها مرتبطة بأساليب الأمهات في التنشئة التي تتقبلها كل حضارة.

5. من طريق الآثار غير المباشرة لمرحلة التقدم التي وصل إليها المجتمع: مثال ذلك أن الدول المتخلفة أقرب إلى أن تكون فيها نسبة عالية من المرض العقلي العضوي، بسبب سوء الخدمات الطبية، على حين أن الأمراض العقلية المرتبطة بتقدم السن أقرب إلى أن تزداد في المجتمعات التي يرتفع حظها من المعرفة الطبية التي تؤدي إلى إطالة مدى الحياة.

هذا ويعيش العالم في ظل العولمة صراعات عديدة نتيجة للغزو الثقافي لشعوب وحضارات معينة شعوباً وحضارات أخرى. وقد نتج من ذلك الغزو كذلك شعور الأبناء بالاغتراب داخل مجتمعاتهم، وازدياد الفجوة بينهم وبين آبائهم، بل معلميهم؛ وتغير مستوى طموحات ا\لأفراد من مجتمعاتهم زيادة قد تعجز الهيئات والمؤسسات عن الوفاء بها.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75523
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

 	 " الموسوعة المصغّرة للمصطلحات الاجتماعية " 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: " الموسوعة المصغّرة للمصطلحات الاجتماعية " 3    	 " الموسوعة المصغّرة للمصطلحات الاجتماعية " 3 Emptyالجمعة 10 يونيو 2016, 3:18 pm

السلوك الجمعي

Collective Behavior

يُشير السلوك الجمعي بشكل عام إلى استجابات وأنماط من السلوك متشابهة يقوم بها بعض الأشخاص استجابة لمؤثر مشترك. والسلوك الجمعي غير تقليدي، أي لا يخضع لمعايير مقررة واضحة. والمعايير الاجتماعية تحدد إلى حد ما السلوك الاجتماعي، إلا أنه في حالة السلوك الجمعي، فإن التوقعات تكون كامنة وغير محددة، وقد تكون في بعض الأحيان متعارضة بحيث تترك الموقف غير محدد إلى درجة كبيرة.

يختلف السلوك الجمعي عن سلوك الجماعة Group behavior، حيث يفتقد السلوك الجمعي التنظيم والتفاعل بين الأشخاص، اللذين يجعلان منهم جماعة اجتماعية. وتظهر أشكال السلوك الجمعي في صور مختلفة من سلوك الجماهير، منها انتشار التقاليد، وتكوين الرأي العام، وقيام الحركات الاجتماعية Social Movements.

والسلوك الجمعي، كما حدده "هربرت بلومر" في مقالته الكلاسيكية التي تحمل الاسم نفسه، والصادرة عام 1951، هو نمط معين من السلوك الاجتماعي لا يلتزم فيه الناس بمعايير الحياة اليومية، ويستجيبون للأحداث والظواهر والأفكار بطرق غير تقليدية، مثل الحركات الاجتماعية. يبدأ السلوك الجمعي غالباً بالحشد أو بمجموعة مؤقتة من الناس، ترتبط معاً بخبرات مشتركة، ويُصنف في أربعة أنماط هي:

1. السلوك الجمعي السببي.

2. السلوك الجمعي التقليدي.

3. السلوك الجمعي العاطفي.

4. السلوك الجمعي المرتبط بالعنف.

وقد اهتمت الدراسات المبكرة في علم النفس الاجتماعي بدراسة سلوك الحشد Crowd. وهو أنماط سلوكية غير منتظمة، تختلف عن السمات والطباع الشخصية الحقيقية للأفراد المكونين لهذا الحشد. ويرجع إلى "جوستاف لوبون" الفضل في الكشف عن دراسة سلوك الحشد الذي يراه بصورة عامة تجمعاً للأفراد في مكان معين حسب المهنة أو الجنس في فرص معينة، حيث يحفز كل منهم الآخر.

ويُفترض أن للحشد أهمية خاصة من وجهة النظر السيكولوجية، ففي ظروف معينة يتجمع الناس مكونين خصائص جديدة، تختلف عن خصائص الأفراد المكونين لهذا التجمع، فيأخذ إحساس وأفكار أشخاص هذا التجمع شكلاً خاصاً واتجاهاً واحداً.

ويتكون السلوك الجمعي بخصائصه المميزة، من ثلاثة عناصر رئيسية:

·   تجمع لكائنات إنسانية بصورة مؤقتة.

·   يتسم هذا السلوك بأنه دون تنظيم.

·   المشاركة الوقتية في انفعال أو اهتمام أو هدف عام.

وللحشد خصائص معينة، مثل:

1. يعتبر الحضور في مكان معين الخاصية الأولى له، ويوجد الحشد أو التجمع حينما يكون هناك تفرّق، ولذا فهو جماعة مؤقتة، أما إذا كان الانضمام مخططاً، فالحشد يكون في طريقه لأن يصبح جماعة لها تنظيم شعوري.

2. يتميز التفاعل الاجتماعي في الحشد بأنه غير مضبوط، ولا يمكن التنبؤ به.

3. السلوك الجمعي لأعضاء الحشد على درجة معينة من التشابه.

4. كما يوصف الحشد بأنه تجمع غريزي، ومن عوامل تكوينه الإعجاب بالقائد وشعور أعضائه بالأمن والضمان.

وهناك تفسيرات مختلفة للسلوك الجمعي، فبعضها يرجعه إلى الانتشار والعدوى، مثل جوستاف لوبون. والعدوى ظاهرة عن طريقها يكون من السهل بناء السلوك الجمعي، فكل إحساس أو سلوك جمعي في الحشد إنما هو عدوى، بمعنى أن الفرد مستعد للاستجابة للمصالح الجمعية. وتفسيرات أخرى تنظر للسلوك الجمعي بوصفه تعبيراً عن تقارب الأفراد في الميول، والاستعدادات، والأفكار، والأهداف، والآمال. وترى نظريات أخرى بأنه سلوك منظم من طريق معيار اجتماعي يظهر في موقف أو مواقف اجتماعية معينة.

وعلى هذا فالسلوك الجمعي نتيجة مباشرة لمواقف عامة، تتميز بالتفاعل الواضح بين الأفراد، فتظهر الدوافع والنزعات، وتنتشر وتنتظم وتتحرك في اتجاه معين. وقد وصف "روبرت بارك" هذا السلوك في مقال له، يحمل عنوان "السلوك الجمعي" بقوله: "إنه السلوك الناتج من أي نوع من التماثل بين الكائنات الإنسانية، حينما يتحرك كل فرد ويفكر ويسلك تحت تأثير نزوع معين أو حالة عقلية، يشترك فيها مجموعة أفراد، بغض النظر عن الظروف العامة".

وقد انتشر هذا المصطلح بين علماء الاجتماع الأمريكيين، واستخدمه علماء النفس الاجتماعي، وعلماء السياسة في الإشارة إلى سمات معينة ترتبط بالسلوك الجمعي، مثل الإثارة الجمعية، والتوتر، وعدم الاستقرار الاجتماعي، والتمرد، والحركات الثورية، والحركات الإصلاحية، والاستهتار، والانفعال، والهوس الجمعي. فكأن السلوك الجمعي له خصائص متميزة تجعل منه شكلاً خاصاً من أشكال السلوك الاجتماعي.

وعليه توجد مجموعة من القضايا التي تعتبر أساساً للسلوك الجمعي:

1. يظهر عند وقوع حادث معين يُشبه حادث وقع في الماضي، إلا أنه يحدث في الحاضر. أي أن دافع الموقف الحاضر مأخوذ من الماضي.

2. إن نشاط الإنسان يؤثر في نشاط الآخر، كما قد يخضع الآخرون لهذا النشاط الإنساني.

3. إن وحدة النشاط التي يتلقاها الإنسان من الآخرين أكثر قيمة، بل إنه يعطي النشاط قيمته من خلال نشاط الآخرين.

4. يتوقع الإنسان نشاط الآخرين بدرجة عالية.

5. يستاء الإنسان لاضطراب العدالة وما ينتج منه من فشل في تقصي الحقيقة.

لذا اهتم نفر غير قليل من علماء الاجتماع وعلماء النفس الاجتماعي بدراسة السلوك الجمعي أو سلوك الجمهور، وذلك لرغبتهم في معرفة الحقائق الموضوعية المتعلقة بالجمهور وأفراده، وطريقة سلوكهم وتفاعلهم الواحد مع الآخر وقت اجتماعهم. فقد شاهد هؤلاء العلماء التغير الملحوظ الذي يطرأ على سلوك الأفراد وقت تجمهرهم واجتماعهم في مكان معين، خصوصاً عندما يتسم سلوكهم بصفات غريبة تختلف كل الاختلاف عن الصفات الاعتيادية التي تميز سلوكهم عندما يكونون في حالة استقلال وانفراد.

فسلوك الأفراد المتجمهرين يتسم عادة بالطابع الانفعالي والعاطفي، وذلك لما يقومون به من أعمال شاذة وغريبة لا يقومون بها في حياتهم الاعتيادية ـ كأعمال العنف والصياح والركض والقتل والحرق... إلخ.

وعلى الرغم من أن دراسة الجمهور تركز في الناحية غير المنظمة للسلوك الجمعي، إلا أن هناك صوراً أخرى من السلوك الجمعي المنظم الذي يتعلق بالجماهير، مثل المودات، وتعاقب حركات الركود والانتعاش الاقتصاديين.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75523
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

 	 " الموسوعة المصغّرة للمصطلحات الاجتماعية " 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: " الموسوعة المصغّرة للمصطلحات الاجتماعية " 3    	 " الموسوعة المصغّرة للمصطلحات الاجتماعية " 3 Emptyالجمعة 10 يونيو 2016, 3:19 pm

مفهوم التطرف

Extremity

تُعد مشكلة التطرف من القضايا الرئيسية التي يهتم بها الكثير من المجتمعات المعاصرة، فهي قضية يومية حياتية، تمتد جذورها في التكوين الهيكلي للأفكار والمُثل والأيديولوجية التي يرتضيها المجتمع. فالفكر المتطرف شأنه شأن أي نسق معرفي، هو ظاهرة اجتماعية تتأثر وتؤثر في غيرها من ظواهر، مرتبطة إلى حد كبير بالظروف التاريخية والسياسية والدينية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها من ظروف يتعرض لها المجتمع.

يُعد مفهوم التطرف من المفاهيم التي يصعب تحديدها أو إطلاق تعميمات بشأنها، نظراً إلى ما يُشير إليه المعنى اللغوي للتطرف من تجاوز لحد الاعتدال. وحد الاعتدال نسبي، يختلف من مجتمع إلى آخر وفقاً لنسق القيم السائد في كل مجتمع. فما يعتبره مجتمع من المجتمعات سلوكاً متطرفاً من الممكن أن يكون مألوفاً في مجتمع آخر، فالاعتدال والتطرف مرهونان بالمتغيرات البيئية والحضارية والثقافية والدينية والسياسية التي يمر بها المجتمع.

كما يتفاوت حد الاعتدال والتطرف من زمن إلى آخر، فما كان يُعد تطرفاً في الماضي ربما لا يكون كذلك في الوقت الحاضر ومع ذلك حاول بعض الباحثين التوصل إلى تعريفات لمفهوم التطرف، نتناولها في ما يلي:

فُسر التطرف على أنه "اتخاذ الفرد موقفاً متشدداً يتسم بالقطيعة في استجاباته للمواقف الاجتماعية التي تهمه، والموجودة في بيئته التي يعيش فيها هنا والآن؛ وقد يكون التطرف إيجابياً في القبول التام، أو سلبياً في اتجاه الرفض التام، ويقع حد الاعتدال في منتصف المسافة بينهما".

واستُخدم مفهوم التطرف في الإشارة إلى الخروج عن القواعد الفكرية والقيم والمعايير والأساليب السلوكية الشائعة في المجتمع، مُعبراً عنه بالعزلة أو بالسلبية والانسحاب، أو تبني قِيَم ومعايير مختلفة، قد يصل الدفاع عنها إلى الاتجاه نحو العنف في شكل فردي أو سلوك جماعي منظم، بهدف إحداث التغيير في المجتمع وفرض الرأي بقوة على الآخرين.

ويُعرف التطرف كذلك بأن "قد يتحول من مجرد فكر إلى سلوك ظاهري أو عمل سياسي، يلجأ عادة إلى استخدام العنف Violence وسيلة إلى تحقيق المبادئ التي يؤمن بها الفكر المتطرف، أو اللجوء إلى الإرهاب النفسي أو المادي أو الفكري ضد كل ما يقف عقبة في طريق تحقيق تلك المبادئ والأفكار التي ينادي بها هذا الفكر المتطرف".

يرتبط التطرف بالعديد من المصطلحات، منها الدوجماطيقية والتعصب. إن التطرف وفقاً للتعريفات العلمية يرتبط بالكلمة الإنجليزية Dogmatism أي الجمود العقائدي والانغلاق العقلي. والتطرف بهذا المعنى هو أسلوب مُغلق للتفكير يتسم بعدم القدرة على تقبل أية معتقدات تختلف عن معتقدات الشخص أو الجماعة أو على التسامح معها. ويتسم هذا الأسلوب بنظرةٍ إلى المُعْتقَد، تقوم على ما يأتي:

1. أن المُعْتقَد صادق صدقاً مطلقاً أو أبدياً.

2. أن المُعْتقَد يصلح لكل زمان ومكان.

3. لا مجال لمناقشته ولا للبحث عن أدلة تؤكده أو تنفيه.

4. المعرفة كلها بمختلف قضايا الكون لا تُستمد إلا من خلال هذا المُعْتقَد دون غيره.

5. إدانة كل ما يخالف هذا المُعْتقَد.

6. الاستعداد لمواجهة الاختلاف في الرأي ـ أو حتى التفسير ـ بالعنف.

7. فرض المُعْتقَد على الآخرين ولو بالقوة.

يعتمد التطرف اتجاهاً عقلياً وحالة نفسية تُسمى بالتعصب Prejudice للجماعة التي ينتمي إليها، والتعصب حالة من الكراهية تستند إلى حكم عام يتسم بالجمود وعدم المرونة، وأنه قد يكون على مستوى الإحساس، وقد يُعبر صاحبه عنه. وقد يوجه إلى جماعة بكمالها أو إلى عضو فرد يمثل هذه الجماعة. ويُلاحظ أن الأكثر ميلاً إلى اعتماد النظرة التعصبية هم المتطرفون. وفي حالة غياب الحوار واللغة المشتركة، يكون الدفاع المتشدد عن المبادئ التي يؤمن بها الفرد المتعصب.

إن التعصب هو انحراف عن معيار العقلانية لعدد من المعايير السلوكية المثالية، يكون على شكل حكم متعجل، ورفض تعديل مسبق أو تعميم مفرط، أو التفكير في إطار القوالب النمطية، ورفض تعديل الرأي في ظل ظهور دلائل جديدة، ورفض السماح أو الاهتمام بالفروق الفردية.

وبالتالي فالمتطرف المشحون بصبغة تعصبية وغالباً ما ينعزل عن الفكر السائد، خاصة في الحالات التي يمثل فيها الأقلية عن الأغلبية. وقد يصل التطرف إلى نهاية مقياس الاعتدال، إما بسبب شطط في الأفكار أو السلوك، أو بسبب أساليب قمعية يقوم بها النظام مع معتنقي هذا الفكر. ويتحول المتطرف من فكر أو سلوك مظهري إلى عمل سياسي. هنا يلجأ المتطرف إلى استخدام العنف في تحقيق المبادئ التي يؤمن بها الفرد أو جماعته الدينية أو السياسية أو الفئوية. وعندما تستطيع الجماعة المتطرفة أن تحقق بعض الانتصارات، أو تملك وسائل العنف والقوة، قد تلجأ ـ سواء على المستوى الفردي أو المجتمعي أو الدولي ـ إلى استخدام الإرهاب الفكري أو النفسي أو المادي ضد كل من يقف عقبة أمام تحقيق أهدافها.

وبهذا فالتطرف في جوهره حركة في اتجاه القاعدة الاجتماعية أو القانونية أو الأخلاقية، ولكنها حركة يتجاوز مداها الحدود التي وصلت إليها القاعدة وارتضاها المجتمع. إن هذا يشكل صعوبة جمة، إذ يصعب تحديد أين يبدأ التطرف وأين ينتهي. فالمتطرف يبدأ كما يبدأ سائر الناس في موقفه من القاعدة الاجتماعية وفي اتجاهها الصحيح، ولا يمكن في هذه المرحلة مؤاخذته لأنه يتحرك مع القاعدة الاجتماعية وفي اتجاهها، بينما يمكن الدولة أن تؤاخذ المجرم أو تحاسبه من اللحظة الأولى لنشاطه، لأنه حركة في اتجاه مضاد للقاعدة الاجتماعية. ومن الصعوبة كذلك تحديد اللحظة التي يتجاوز فيها المتطرف حدود الحركة المقبولة اجتماعياً، والتي يمكن عندها فقط وصفه بالتطرف والغلو.

فمثلاً في حالة التطرف الديني، يكون الفرد متديناً عادياً يأخذ نفسه بتعاليم الدين ومبادئه، ويدعو الناس إلى الأخذ بذلك، وهو حتى هذه اللحظة يدعو إلى شيء لا يملك المجتمع إزاءه إلا تعبيراً عن الرضا والتشجيع. هذا الداعية غالباً ما يواصل مسيرته نحو التشدد مع نفسه أولاً ومع الناس، ثم يتجاوز ذلك إلى إصدار أحكام قاطعة بالإدانة على من لا يتبعه في مسيرته أو دعوته، وقد يتجاوز ذلك إلى اتخاذ موقف ثابت ودائم من المجتمع ومؤسساته وحكومته.

يبدأ هذا الموقف بالعزلة والمقاطعة، حتى يصل إلى إصدار حكم فردي على ذلك المجتمع بالردة والكفر، والعودة إلى الجاهلية. ثم يتحول هذا الموقف الانعزالي عند البعض إلى موقف عدواني يرى معه المتطرف أن هدم المجتمع ومؤسساته هو نوع من التقرب إلى الله وجهاد في سبيله، لأن هذا المجتمع ـ في نظر المتطرف ـ مجتمع جاهل منحرف، لا يحكم بما أنزل الله. هنا يتدخل المجتمع لوضع حد لهذا التطرف ومصادره، باعتباره نشاطاً يصل بصاحبه إلى الاصطدام بالعديد من القواعد الاجتماعية والقانونية. فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أساء هؤلاء استخدام تفسيرهما، ودعاهم هذا إلى الاعتداء على حقوق ليست لهم، وإلى تهديد أمن الأفراد وحرياتهم أو حقوقهم.

معنى هذا أن حدود التطرف نسبية وغامضة ومتوقفة على حدود القاعدة الاجتماعية والأخلاقية التي يلجأ المتطرفون إلى ممارساتها. إذاً التطرف ظاهرة مَرضَيًّة بكل معنى الكلمة وعلى المستويات النفسية الثلاثة، المستوى العقلي أو المعرفي، والمستوى العاطفي أو الوجداني، والمستوى السلوكي. فعلى المستوى العقلي يتسم المتطرف بانعدام القدرة على التأمل والتفكير وإعمال العقل بطريقة مبدعة وبناءة، وعلى المستوى الوجداني أو العاطفي يتسم المتطرف بالاندفاعية الوجدانية وبشدة الاندفاع والمبالغة فيه. فالكراهية المطلقة للمخالفة في الرأي أو المعارضة الشديدة، أو حتى للإنسان بصفة عامة، بما في ذلك الذات. أنها كراهية مدمرة، والغضب يتفجر بلا مقدمات ليدمر كل ما حوله أو أمامه. وعلى المستوى السلوكي تظهر الاندفاعية من دون تعقل، ويميل السلوك دائماً إلى العنف.

1. مظاهر التطرف

تتمثل أهم مظاهر التطرف في ما يلي:

أ. إن أول مظهر من مظاهر التطرف هو التعصب للرأي تعصباً لا يعترف للآخرين برأي، وهذا يُشير إلى جمود المتعصب مما لا يسمح له برؤية مقاصد الشرع ولا ظروف العصر، ولا يسمح لنفسه بالحوار مع الآخرين. فالمتطرف يرى أنه وحده على الحق، وما عداه على الضلال، كذلك يسمح لنفسه بالاجتهاد في أدق القضايا الفقهية، ولكنه لا يجيز ذلك لعلماء العصر المتخصصين منفردين أو مجتمعين، ما داموا سيصلون إلى ما يخالف ما ذهب هو إليه.

ب. ومن مظاهر التطرف كذلك التشدد والغلو في الرأي، ومحاسبة الناس على الجزئيات والفروع والنوافل، كأنها فرائض، والاهتمام بها والحكم على إهمالها بالكفر والإلحاد.

ج. وهناك مظهر آخر من مظاهر التطرف، وهو العنف في التعامل والخشونة في الأسلوب دون التعامل بالحسنى والحوار والاعتراف بالرأي الآخر.

د. ومن مظاهر التطرف ولوازمه سوء الظن بالآخرين والنظر إليهم نظرة تشاؤمية لا ترى أعمالهم الحسنة، وتضخم من سيئاتهم، فالأصل هو الاتهام والإدانة. قد يكون مصدر ذلك هو الثقة الزائدة بالنفس التي قد تؤدي في مرحلة لاحقة بالمتطرف إلى ازدراء الغير.

هـ. يبلغ هذا التطرف مداه حين يسقط في عصمة الآخرين ويستبيح دمائهم وأموالهم، وهم بالنسبة له متهمون بالخروج عن الدين. وتصل دائرة التطرف مداها في حكم الأقلية على الأكثرية بالكفر والإلحاد. إن هذه الظاهرة متكررة وليست وليدة العصر، بل وقعت في مختلف العصور وفي كل الديانات السماوية.

و. ومن مظاهر التطرف العزلة عن المجتمع، والعزلة تؤدي وظيفتين؛ الأولى تجنب المتطرفون المنكرات التي تملأ جوانب المجتمع وحمايتهم من أن يشاركوا في نهج الجالية؛ والوظيفة الأخرى تكوين مجتمع خاص بهم تُطبق فيه أفكارهم ومعتقداتهم، وتتسع دائرة هذا المجتمع شيئاً فشيئاً حتى تستطيع غزو المجتمع من خارجه. وكما هو واضح فإن الوظيفة الأولى فكرية دينية، بينما الوظيفة الأخرى سياسية حركية.

2. آثار التطرف

أما عن الآثار الاجتماعية للتطرف، فيمكن عرضها في ما يلي:

على أساس أن التطرف حالة من الجمود والانغلاق العقلي وتعطيل القدرات الذهنية عن الإبداع والابتكار، وعن إيجاد الحلول في عالم سريع التغير، فإن انتشار هذه الحالة يكون مهدِّداً، ليس لتطور المجتمع فحسب، بل لوجوده واستمراره. والجدير بالذكر هنا أنه لا بد أن نُدرك أن التطرف سبب ونتيجة في آن واحد للتخلف والركود. وتتلخص آثار التطرف الخطيرة في ما يلي:

أ. التدهور في الإنتاج، حيث إن أهم عنصر في قوى الإنتاج هو الإنسان العامل الذي لا بد ـ لكي يطور إنتاجه ـ من أن تتطور قدراته العقلية، بحيث يكون قادراً على الإبداع والابتكار والتجديد. فإذا ما كان أسيراً لأفكار جامدة وعاجزاً عن التفكير وإعمال العقل، فإن ذلك يجعله متمسكاً بالأساليب البالية العتيقة في الإنتاج، بل بتنظيم العمليات الإنتاجية ذاتها كذلك.

ب. يمثل التطرف دائماً حنيناً إلى الماضي والعودة إلى الوراء، أي أنه يكون دائماً ذا منحى رجعي أو محافظ على أحسن الأحوال، وبالتالي فإنه يجر العلاقات الاجتماعية إلى أوضاع بالية لا تلائم تقدم العصر.

ج. يرتبط التطرف بالتعصب الأعمى والعنف، الأمر الذي يؤدي في النهاية إلى صراعات مدمرة داخل المجتمع.

د. يرتبط التطرف بالتدهور الثقافي والفكري والعلمي والفني، إنه قتل للإنسان باعتباره كائناً مبدعاً وخلاقاً.

هـ. يُعطل التطرف الطاقات الإنسانية كافة ويستخدمها في الصراعات والعداءات، ويحول دون تكامل المجتمع.

و. إن الغلو في التطرف يؤدي إلى عجز المجتمع عن التفكير في حلول مبدعة لمشكلاته وعن تطوير ذاته، ويصبح تابعاً ويفقد استقلاليته وتحديد مصيره ومستقبله.

3. الشباب والتطرف

يُعتبر الشباب من أكثر فئات المجتمع عرضة للتطرف في السلوك، نظراً إلى ما تتميز به مرحلة الشباب من خصائص عمرية وسمات نفسية خاصة. يميل الشباب إلى إحلال ثقافات خاصة بهم بخلاف الثقافات التقليدية الخاصة بالكبار، ويحاولون من خلالها تأكيد خصوصيتهم، ورغبتهم في الاستقلال النسبي وعدم امتثالهم القِيَم والمعايير التي تقف أمام رغبتهم المنشودة.

وتظهر بين فئات الشباب مظاهر للاتجاهات المتطرفة، من أوضحها اتجاه بعضهم نحو العزلة والسلبية، واتباع البعض الآخر اتجاهات سلوكية متطرفة تصل إلى حد استخدام العنف والإرهاب، محاولين فرضها على الآخرين رغماً عنهم.

وتعبر هذه الاتجاهات عن ثقافة شبابية تتسم بخاصية الرفض للمعايير والقيم والسلطة التي يمارسها الكبار في المجتمع، حتى أصبحت (خاصية الرفض) تمثل موقفاً عاماً موحداً يظهر بصورة سافرة في مواقف عديدة ومجتمعات مختلفة. لذا فإن بعض الكتابات الغربية فسرت ثقافة الشباب بصفة عامة بأنها أسلوب حياة مستقل عن عالم الكبار، سواء معهم أو بعيداً عنهم، لا يخضع لمعايير الكبار وقيمهم، ومعتقداتهم وأساليب سلوكهم؛ بل هو أسلوب يقوم على نسق من القيم والمعايير والأفكار وأساليب السلوك غير الملتزمة. فثقافة الشباب نوع من اللغة والقيم الخاصة والتصرفات المتميزة التي يغلب عليها روح التمرد والعناد تجاه الكبار. وبذلك تتحول هذه الثقافة إلى ثقافة وظيفية، ربما لا تخدم عمليات البناء التي ينشدها المجتمع، وتتجه نحو اعتماد أفكار مضادة تعبر عن تحدٍ سافر للقيم والمعايير التي يرتضيها المجتمع لنفسه.

كما يغلب على ثقافة الشباب الطابع الراديكالي الذي يرفض القديم وينزع إلى التجديد وعدم الأخذ بالنظم التقليدية، فضلاً عن انفتاحهم على الأيديولوجيات الحديثة ورغبتهم في خلق مجتمع أفضل ملاءمة لهم. إن انتقال بعض الأيديولوجيات الحديثة إلى مجتمع يعجز عن مسايرتها واستيعابها قد يُعرض البعض لمزيد من التوترات النفسية، والتي قد تؤول بهم إلى مشاعر الاغتراب.

وإن ميل الشباب المتزايد نحو استقلاليتهم، ومحاولات اعتمادهم على خبراتهم الشخصية، ورفضهم لسلطة الكبار التي تُفرض عليهم بسياسة تنزع نحو استهجان سلوك الشباب ومحاولات قمعهم ـ قد يترتب عليى كل ذلك أن يشعروا بالتقليل من شأنهم وبدورهم في المجتمع، ما يعرضهم لمشاعر الفشل والإحباط التي تنعكس في مظاهر سلوكية تُعبر عن الاستياء أو قد تأخذ صوراً غير وظيفية كالتمرد والعدوان أو التطرف في السلبية والانسحاب، أو اعتماد قيم تبعد عن القيم التي تحدد أهداف المجتمع.

وتختلف اتجاهات الشباب وأساليبهم السلوكية في التعبير عن الاحتجاج والاستياء باختلاف طبيعة مجتمعاتهم، كذلك تتأثر بطبيعة النظام الاجتماعي والاقتصادي والسياسي القائم في المجتمع. إلا أن غالبية هذه الاتجاهات تكون في صورة خروج عن القواعد الفكرية والقيم والمعايير والأساليب السلوكية السائدة في المجتمع. ويعبرون عن ذلك إما بالعزلة والسلبية، أو اعتماد معايير مختلفة قد يصل الدفاع عنها إلى حد الاصطدام بالمجتمع واستخدام العنف.

وتُعد حركة التمرد العالمية التي اجتاحت دول العالم سنة 1968، دليلاً واضحاً على احتجاج هؤلاء الشباب على الأنظمة القائمة، وعلى قصور هذه الأنظمة عن استيعاب حركتهم ومواجهة احتياجاتهم وطموحاتهم، وخاصة في الدول النامية التي غالباً ما يعاني فيها الشباب ضيقهم بالواقع الذي لا يحقق الآمال المستقبلية التي يطمحون إلى تحقيقها.

هذا وقد كان لسرعة الاتصالات بين الدول في عصر تلاشت فيه المسافات، أثرها في انتقال بعض الأفكار والاتجاهات المتطرفة للشباب بصفة خاصة، بصفتهم شريحة لها وزنها في المجتمع.

وقد حاولت العديد من التوجهات النظرية معالجة وتفسير الاتجاهات المتطرفة وتحديد أبعادها ومسبباتها وخصائصها لدى الشباب. هذه التوجهات النظرية المتعددة لم تكن متضاربة في تحليلها، ولكن يرجع هذا التعدد والتنوع إلى تباين وجهات النظر في معالجة الجوانب المختلفة لتلك الاتجاهات في علاقتها بالواقع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي للمجتمع. كذلك يرجع هذا التنوع في المنطلقات النظرية التي تعالج تلك الاتجاهات المتطرفة في ما يتعلق بأوضاع الشباب واتجاهاتهم وقيمهم السلوكية وحركاتهم السياسية إلى نماذج الامتثال والمسايرة والرفض والمغايرة مع النسق القيمي السائد في المجتمع.

من الباحثين من يرى أن ما يعتمده الشباب من اتجاهات متطرفة ما هو إلا استجابة أو رد فعل لأحوالهم وأوضاعهم المعيشية. فالفكر المتطرف نتاج وحصيلة لما هو قائم بالفعل في المجتمع.

ويعتبر بعض الباحثين أن اعتماد الشباب الاتجاهات المتطرفة والفكر المتطرف مرده أو يرجع إلى المرحلة النمائية التي يعيشها الشباب، وما تتميز به من خصائص تضعهم في مرحلة انتقالية بين الطفولة والرشد.

وهناك من يفسر تطرف الشباب بالصراع الثقافي الذي يعيشونه بين ثقافتين، هما ثقافة الطفولة وثقافة الرشد، والصراع بين القيم المعاصرة والقيم التقليدية. إن هذا من شأنه أن يُوجِد تباعداً بين الشباب نفسياً وفكرياً عن عالم الكبار، مما يُوجِد ما يُعرف بالفجوة بين الأجيال. إن هذا يدفع بعض الشباب إلى التجمع معاً في شكل يُسمى "الثقافة المضادة". ذلك النمط أو التضامن الثقافي يتميز بابتعاده المتعمد والمقصود ثقافياً عن النظام الاجتماعي القائم، وأحياناً الهجوم عليه بصور وأشكال متعددة، كالعزلة والسلبية واستخدام العنف.

إن الشخصية المتطرفة ما هي إلا إفراز طبيعي للتناقضات الاجتماعية والسياسية للمجتمع، تظهر في أشكال وصور مختلفة، منها انتهاك القواعد التي أرساها المجتمع كقيم اجتماعية تميزه، وإظهار العداء المقصود تجاه ما اعتمده المجتمع لنفسه وأفراده من أيديولوجيات وعادات وتقاليد، ويتجسد هذا الرفض المقصود والعداء السافر في أعمال التخريب، والخروج عن المشاركة الاجتماعية، والابتعاد عن الجماعة ومخالفتها، بصورة فردية أو جماعية أو تنظيمات متطرفة.

4. أشكال التطرف

قد يأخذ التطرف أشكالاً متعددة، أهمها ما يلي:

أ. التطرف الفكري: ويتمثل في الخروج عن القواعد الفكرية أو الثقافية التي يرتضيها المجتمع لأي موقف من المواقف الحياتية.

ب. التطرف المظهري: ويُقصد به إثارة الرأي العام بالخروج عما هو مألوف لدى العامة من حيث المظهر، كارتداء ملابس مخالفة للجمهور، أو التبرج في الملبس، أو الحديث بطريقة تَجذب الانتباه.

ج. التطرف الديني: وهو مجاوزة حد الاعتدال في السلوك الديني فكراً وعملاً، أو الخروج عن مسلك السلف في فهم الدين، وفي العمل به سواء بالتشدد أو بالتسيب والتفريط.

بالإضافة لما سبق ذكره من أشكال للتطرف، فهناك أشكال أخرى أقل شيوعاً، مثل التطرف السياسي، والتطرف في الاتجاهات الوجدانية، والتطرف الأخلاقي، والتطرف في المشاعر، والتطرف الاجتماعي والرفض والاحتجاج على غياب العدالة الاجتماعية بصورها المختلفة في نظام المجتمع.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75523
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

 	 " الموسوعة المصغّرة للمصطلحات الاجتماعية " 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: " الموسوعة المصغّرة للمصطلحات الاجتماعية " 3    	 " الموسوعة المصغّرة للمصطلحات الاجتماعية " 3 Emptyالجمعة 10 يونيو 2016, 3:20 pm

التاريخ الاجتماعي

Social History

يُشير التاريخ الاجتماعي، بشكل عام، إلى دراسة الماضي، والتي تركز أساساً في الاهتمامات الاجتماعية. وقد ازدهر التاريخ الاجتماعي بصفته تخصصاً معترفاً به خلال الستينيات والسبعينيات من القرن العشرين، مجسداً رد فعل واعياً لتركيز دراسات التاريخ الاقتصادي والسياسي في فئات الصفوة.

أصبح التاريخ الاجتماعي مرادفاً للتعبير عن صوت المواطنين العاديين. وقد انعكس ذلك في الازدياد السريع للاهتمام بالقيم وأنماط حياة الناس العاديين، رجالاً ونساءً، وبخبرات الحياة اليومية الخاصة بهم. وقد اتسع نطاق هذه الدراسة وموضوعها من خلال استخدام عدد كبير من مناهج البحث وأساليبه، مثل الخاصة بالتاريخ الشفاهي. كما ظهرت مجموعة من الدوريات المتخصصة الجديدة في التاريخ الاجتماعي. وقد وسع كثير من العلماء والباحثين المهتمين بالتاريخ الاجتماعي، من نطاق هذا الاهتمام، وأخذوا يفصلون فيه. وقد توصل هؤلاء العلماء إلى صياغة تعميمات حول عقلية الجماهير، أو العقل الجمعي Collective Mind، خلال مراحل تاريخية محددة تحديداً دقيقاً.

إن هذا المجال (التاريخ الاجتماعي)، يُعتبر مجالاً بيئياً دينامياً سريع النمو، له تداخل مع علم الاجتماع، وعلى صلة مهمة به. ووفقاً لذلك، يشير مفهوم التاريخ الاجتماعي إلى دراسة شبكة العلاقات الاجتماعية المتغيرة، وتطور النظم الاجتماعية، والتعديلات التي تطرأ على التصورات الاجتماعية والقيم.

كان التاريخ الاجتماعي قديماً يهتم بوصف عادات وتقاليد وأخلاق الشعوب، وأصبح الآن يدرس تاريخ العلاقات والمنظمات الاجتماعية التي ينتمي إليها الأفراد. وقد ارتبط التاريخ الاجتماعي بالتاريخ الاقتصادي، ذلك الموضوع الذي يدرس أسباب ونتائج التغير الاقتصادي وما يتركه من آثار في الحياة الاجتماعية ومنظماتها، والتي تتسم بالفوائد أو المضار الاقتصادية. أي أن التاريخ الاجتماعي والتاريخ الاقتصادي يكمل أحدهما الآخر، ما دامت الموضوعات التي يتخصصان بها مترابطة متكاملة. وفي بعض الأحيان لا يمكن فهم أحدها دون التطرق إلى الموضوعات الأخرى.

وفي الواقع، إن التاريخ الاجتماعي والتاريخ الاقتصادي هما نتاج لما يُسمى بالتاريخ السياسي، وبخاصة تاريخ الحكومات. وقد أوضح "فيكو" في مؤلفه "العلم الجديد"، أن هناك تغيراً يجب أن يحدث من دراسة التاريخ الشخصي إلى دراسة العادات والقوانين والنظم، وأشكال التنظيم الاجتماعي والاقتصادي، واللغة، والفن، والدين، والعلم.

اهتم "ماركس وأنجلز" بأفكار "فيكو" واستعانا بالقضية القائلة بأن الإنسان يصنع تاريخه، وهي التي كانت نقطة الانطلاق في تحليلاتهما التاريخية. يعتقد ماركس أن العلاقات الاقتصادية وظيفة لقوى الإنتاج الاجتماعية، وأن قوى الإنتاج تحدد كافة العلاقات الاجتماعية والاقتصادية، والعلاقات الطبقية والقانونية والأخلاقية، وبطريقة غير مباشرة كل ما ينتجه العقل والتخيل. ولم يعزل ماركس أبداً التاريخ الاجتماعي عن التاريخ الاقتصادي، وبالتالي لا يعزل العوامل الاقتصادية عن العوامل الاجتماعية.

تشمل دراسات التاريخ الاجتماعي عدة موضوعات، هي البناءات الاجتماعية، والنظم التاريخية، والتغير الاجتماعي، وتطور المفاهيم الاجتماعية، والتحولات التي تطرأ على القيم الاجتماعية. ويرجع الفضل إلى كل من "ابن خلدون" و"فيكو Vico"، في وضع أصول التاريخ الاجتماعي. فقد حدد أولهما التاريخ الاجتماعي بقوله "يهدف التاريخ إلى إفهامنا الحياة الاجتماعية للإنسان أعني الحضارة، ويهدف كذلك إلى أن يعلمنا الظواهر التي ترتبط بهذه الحضارة، وإلى معرفة الحياة البدائية وتهذيب الأخلاق، وروح الأسرة والقبيلة، وتباعد وجهات النظر في أن سمو شعوب على شعوب أخرى يؤدي إلى نشأة إمبراطوريات وأسر حاكمة، وفوارق بين الطبقات والمصالح، التي يكرس لها الناس أعمالهم ومجهوداتهم، مثل المهن المربحة، والصناعات التي تعين على الكسب، والعلوم والفنون، وأخيراً جميع التغيرات التي تحدثها طبيعة الأشياء في سلوك المجتمع".

ويهتم علم العمران البشري ـ أو ما يُسمى بعلم الاجتماع ـ الآن بدراسة التاريخ الاجتماعي على هذا النحو ببحث مسائل الاجتماع الإنساني والعمران البشري وما يلحقها من عوارض، كأن يدرس العمران البدوي، والأمم الوحشية، والدولة، والخلافة، والمُلك، والعمران الحضري، والبلدان والأمصار، والصنائع، والمعاش والكسب، والعلوم واكتسابها وتعلمها.

ومنهج الدراسة الاجتماعية للتاريخ عند "ابن خلدون" منهج دينامي بالضرورة، يسير مع حركة التاريخ ويستوعب تطور الحياة الاجتماعية وانتقالها من حالة إلى أخرى. إن الأحوال الخاصة بالأمم وعوائدهم ونحلهم لا تدوم على وتيرة واحدة ومنهاج مستقر، وإنما هو اختلاف عبر الأيام والأزمنة، وانتقال من حال إلى حال. ويرجع هذا الاختلاف والتباين في أحوال المجتمعات إلى عوامل اقتصادية، وجغرافية، وثقافية. ذلك لأن المجتمع عند "ابن خلدون" شأنه شأن الفرد، يمر بمراحل منذ ولادته حتى وفاته.

يمر المجتمع بثلاث مراحل، هي مرحلة البداوة التي تقتصر على الضروري لإشباع الاحتياجات، ثم مرحلة المُلك وفيها يتحول المجتمع من البداوة إلى الحضارة ومن الشظف إلى الترف، ثم مرحلة الحضارة التي تُسمى مرحلة الترف والنعيم.

وقد سار "فيكو" على المنوال نفسه في فهمه للتاريخ الاجتماعي، إذ رأى أن مضمون التاريخ الاجتماعي يتعلق بنظرية التطور ذي المراحل الثلاث. وتشمل هذه المراحل تطور البشرية والحضارة، من المرحلة الدينية إلى مرحلة البطولة، ثم أخيراً مرحلة الإنسانية. وهو يعتقد أن هذه المراحل الثلاث تتعاقب بشكل دوري منتظم، بحيث إن الحالة أو المرحلة الأخيرة تمهد لظهور المرحلة الأولى. وتعاقب هذه الحالات أو الدورات، يمثل في رأي فيكو قانوناً عاماً تخضع له حوادث التاريخ عند سائر الأمم.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75523
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

 	 " الموسوعة المصغّرة للمصطلحات الاجتماعية " 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: " الموسوعة المصغّرة للمصطلحات الاجتماعية " 3    	 " الموسوعة المصغّرة للمصطلحات الاجتماعية " 3 Emptyالجمعة 10 يونيو 2016, 3:21 pm

التفكك الأسري

Family Disorganization

تتباين الاتجاهات الفكرية في دراسة الأسرة بصفتها كياناً اجتماعياً، وما يتصل بها من قضايا. ويُعد التفكك الأسري من أشد المشكلات والقضايا التي تواجه النظام الأسري خطراً. ويمثل الطلاق أعلى مرحلة من مراحل النزاع والصراع، تتحقق بموجبه عملية التفكك الأسري.

ويختلف الباحثون في ما بينهم في تحديد مدلول التفكك الأسري، حيث يُعرف التفكك الأسري بأنه حالة تُشير إلى التوتر أو التصدع أو ضعف يطرأ على النسق الأسري. والتفكك الكامل الذي يؤدي إلى تحطيم أو انهيار النسق ـ كما يستخدمه معظم علماء الاجتماع ـ هو حالة التدهور التي تُصيب الضوابط الاجتماعية. بينما يعرفه البعض بوصفه انهيار الوحدة الأسرية، وتحلل أو تمزق نسيج الأدوار الاجتماعية، عندما يخفق فرد فما فوق من أفرادها في القيام بالدور المنوط به على نحو سليم وملائم.

كما يُعرفه البعض الآخر بأنه فقدان أحد الوالدين أو كليهما، أو الطلاق، أو الهجرة، أو تعدد الزوجات، أو غياب رب العائلة لمدة طويلة. ويعرفه فريق رابع بأنه الخراب الذي يحدث نتيجة الطلاق أو الفراق أو موت أحد الوالدين أو كليهما. إن هذا المفهوم يحمل تعبير الأسرة المحطمة التي تتم بالطلاق أو المشاجرة المستمرة، أو سجن أحد الوالدين أو غيابه بصورة مستمرة.

كما حدد بوجاردوس التفكك بالموت، والطلاق، والانفصال، والفقر المزمن، وانشغال الآباء، وعدم العناية بالأبناء. خاصة أن للزواج ـ شأنه شأن الحياة ـ نهاية محتومة. فهناك زواجات تنتهي إلى الطلاق، وأخرى تنتهي إلى الوفاة، وثالثة قد تستمر سنوات محدودة، متخذة بذلك شكلاً رسمياً. ولما كانت الحياة الأسرية مرتبطة أوثق ارتباط بالعاطفة، فإننا نجد عنصر الإرادة الإنسانية فيها ضعيفاً نسبياً، خاصة بالنسبة إلى الذين لا يستشعرون السعادة في علاقاتهم الأسرية، أو الذين يريدون نهاية هذه العلاقات. ومن المتوقع أن نجد أغلب الناس يتعرضون خلال حياتهم لأشكال عديدة من التفكك الأسري.

حدد ويليام جوود الأنماط الرئيسية للتفكك الأسري على النحو التالي:

1. التفكك الأسري الناتج من الانفصال الإرادي لأحد القرينين، وقد يتخذ ذلك شكل الانفصال أو الطلاق أو الهجر. ويرتبط بذلك الهجر الذي تفرضه أعباء الوظيفة التي يشغلها أحد الزوجين، وعلى الأخص حينما يجد أحد القرينين في ظروف عمله ما يسمح له بالبقاء خارج مسكنه مدة طويلة.

2. الانفصال والطلاق والهجر، هنا يحدث التفكك بسبب قرار أحد طرفي العلاقة الزوجية أو كليهما ترك الآخر. ومن ثم يتوقف أداؤهما للالتزامات المترتبة على دوريهما بصفتهما زوجين.

3. الكوارث الداخلية التي تؤدي إلى إخفاق غير متعمد في أداء الأدوار الأسرية، كما هو الحال بالنسبة إلى الأمراض العقلية أو العاطفية أو الفسيولوجية. ويدخل ضمن ذلك التخلف العقلي لأحد الأطفال، والذهان الذي قد يصيب الطفل أو القرين، والحالات المرضية التي قد تصيب أحد الزوجين.

4. الأزمة الأسرية الناجمة عن الغياب المتعمد لأحد الزوجين.

5. الأسرة التي تُشكل ما يُطلق عليه "البناء الفارغ"، وهنا نجد الزوجين يعيشان معاً، ولكنهما لا يتواصلان إلا في أضيق الحدود. ويبدو الإخفاق هنا متمثلاً في عدم قدرة كل منهما على منح الآخر دعماً عاطفياً.

إن هذا التنميط الأولي يستند إلى قضية أساسية، هي أن الأسرة تنظيم مؤلف من أدوار، وأن الاستمرار في أداء الأدوار أمر ضروري إذا ما أُريد للأسرة الاستمرار في البقاء. والواقع أن أنماط التفكك الأسري السالفة الذكر توجد في كل المجتمعات، وإن كانت معدلاتها وأسبابها تختلف من مجتمع إلى آخر، وبالتالي يمكن أن نتوقع كذلك اختلافاً في تكيف الأفراد مع أنماط التفكك. والملاحظ أن أعضاء الأسرة يخبرون التفكك بطريقة خاصة متميزة، ذلك لأن العلاقات الأسرية علاقات عاطفية. فالأطفال يستشعرون وفاة أمهاتهم بطرق مختلفة، كما أن الآباء المطلقين ينظرون إلى خبراتهم الزوجية السابقة بطرق متباينة. بناءً على ذلك فكل حادثة تتخذ طابعاً فريداً، سواء نظرنا إليها في خصوصياتها أو وتفاصيلها.

ومع ذلك كله، فإن ذلك لا يمنع عالم الاجتماع من الوصول إلى أنماط عامة لهذه الخبرات الإنسانية. إذ من المحتم أن تنتهي كل الزواجات إما بوفاة أحد الزوجين أو كليهما، غير أن الأسرة بكونها نسقاً تظل قائمة في هذا المجتمع ولا يطرأ عليها أي تأثير. وقد نلاحظ أن معدلات الطلاق في مجتمع معين مرتفعة جداً، لكننا ـ مع ذلك ـ نجد الأسرة بكونها نسقاً قائمة دون تغيير.

ومن بين التعميمات التي توصل إليها علماء الاجتماع في هذا المجال، أن معدلات التفكك الأسري تزداد حدة خلال مراحل التغير السريع الذي لا يخضع لتخطيط دقيق، وربما لهذا السبب بدأت بعض الدول الصناعية المتقدمة مواجهة مشكلة التفكك الأسري بنشر الوعي بخطر هذه الظاهرة، وبإدخال مقررات دراسية في الجامعات تتيح للدارسين فهماً أفضل لقضايا الأسرة، كالميزانية، والتكيف الجنسي، ووسائل تنظيم الأسرة. كما تحقق مهنة الإرشاد الزوجي ازدهاراً في هذه المجتمعات، حيث يلجأ الذين يعانون مشكلات أسرية حادة إلى المرشد الزواجي، بهدف الحصول على النصح والمشورة. ويُشير ذلك إلى أن المجتمع الحديث، وإن كان قد أسهم في ظهور الصراع الزواجي، إلا أنه يحاول الحد منه، ومع ذلك فإن الحلول التي تُقدم في هذا المجال لا تزال حلولاً فردية. فالمتخصص بالإرشاد الزواجي يحاول حل مشكلات الأسرة والتفكك دون أن يغير البناء الاجتماعي الذي أدى إلى ظهور هذه المشكلات.

وتوضح الدراسات الاجتماعية وجود عوامل متعددة ومتباينة تساعد على حدوث التفكك الأسري، ومن بينها اختفاء الأهداف المشتركة، وظهور الاتجاهات الفردية بين الزوجين، وانسحاب داخل الوحدة الأسرية، وتلاشي التعاون، والتناقض في العلاقات الشخصية، والاتجاهات العدوانية واللامبالاة.

وتختلف معدلات التفكك من مجتمع إلى آخر تبعاً لظروفه الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وتبعاً للقيم والمعايير التي يؤمن بها المجتمع، والديانة التي يدين بها الأفراد. فمثلاً ارتفعت معدلات التفكك في الدول العربية في الآونة الأخيرة، ومن أهم العوامل التي ساعدت على ذلك عدم تقبل الزوج والزوجة كلاً منهما للآخر، وانعدام التوافق النفسي والتكيف مع الواقع، والفشل في القيام بالأدوار المنوطة بكل منهما. وقد أكد في هذا السياق ويليام جوود، ارتفاع معدلات الطلاق والتفكك الأسري في الدول العربية، باعتبار أن الطلاق يكون سهلاً في هذه المجتمعات. فالرجل ممكن أن يطلق زوجته بقوله: فقط "أنت طالق"، إذا قال هذه العبارة ثلاث مرات، وبالتالي يُعتبر الطلاق نهائياً ولا يمكنه الرجوع مرة أخرى، إلا إذا تزوجت وعاشرت رجلاً آخر ثم تُطلق منه. كما أن الزواج يعتبر سهلاً بالنسبة إلى الرجل، لأن الدين الإسلامي يسمح بتعدد الزوجات.

ووفقاً لذلك، يمكن استخلاص تعريف محدد للتفكك، بوصفه انهيار الأسرة بصفتها وحدة اجتماعية، وانحلال بناء الأدوار الاجتماعية المرتبطة بها عندما يفشل أحد أفرادها أو ما فوقه في القيام بالواجبات والالتزامات التي يتطلبها دوره بشكل مُرضي. وقد يأخذ التفكك صورة التفكك الكلي، ويتم انتهاء العلاقات الزوجية إلى الطلاق، أو تحطيم حياة الأسرة بموت أو سجن أحد الزوجين أو كليهما معاً.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75523
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

 	 " الموسوعة المصغّرة للمصطلحات الاجتماعية " 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: " الموسوعة المصغّرة للمصطلحات الاجتماعية " 3    	 " الموسوعة المصغّرة للمصطلحات الاجتماعية " 3 Emptyالجمعة 10 يونيو 2016, 3:22 pm

التماسك الاجتماعي
[ltr]Social Cohesiveness[/ltr]
التماسك الاجتماعي من المفاهيم المهمة والصعبة والمشوقة التي يهتم بدراستها علم الاجتماع وعلم النفس، ومع هذا ليس هناك معنى واضح وقاطع لمفهوم التماسك الاجتماعي. يُستعمل المفهوم في وصف الحالات التي يرتبط فيها الأفراد بعضهم ببعض بروابط اجتماعية وحضارية مشتركة، ويُستعمل عادة في تفسير أسلوب تماسك أفراد الجماعات الصغيرة، الذي يكون إما بدافع الإغراء ـ أي إغراء الجماعة الصغيرة لأعضائها ـ أو بدافع المصالح والأهداف ـ أي المصالح التي حققها أعضاء الجماعة نتيجة انتسابهم إليها وعضويتهم فيها.
وقد استخدم عالم الاجتماع "إيميل دوركايم" اصطلاح التماسك الاجتماعي استعمالاً علمياً في كتابيه: "تقسيم العمل"، و"العمل الانتحاري". وهو يقول في هذا الصدد إن درجة التماسك الاجتماعي تعتمد على طبيعة الجماعة والمنظمات والمجتمعات التي تؤثر تأثيراً كبيراً ومباشراً في أنماط سلوك الأفراد.
كان "دوركايم" مهتماً بخاصة بالدراسة الدقيقة للصلة بين الفرد والمجتمع في وقت كانت تنمو فيه روح الفردية والاضطراب الاجتماعي والتشدد الأخلاقي. وفي دراسته سالفة الذكر طرح ثنائيته الشهيرة التماسك أو التضامن الذي يقوم على التشابه المميز للمجتمعات الانقسامية البسيطة والذي أسماه التضامن الآلي، والتضامن القائم على الاعتماد المهني المتبادل في المجتمعات ذات التنظيم الأخلاقي الكثيف والذي أسماه التماسك العضوي. ويُشير التماسك إلى الإيمان بالاشتراك في الأهداف والمصالح. لذلك يُعد التماسك أمراً عظيم الشأن بوصفه مصدراً للقوة والمقاومة.
وقد أكد "ابن خلدون" أهمية التماسك الاجتماعي، فقال إن المجتمع وعمرانه لا يمكن أن يظهرا إلى الوجود من خلال تفرق جهود الأفراد وتبعثرها، فالإنسان الذي يدرك بفطرته سبل عيشه، يُدرك كذلك ضرورة تعاونه وتماسكه مع الجماعة، إذ ليس في مقدور كل إنسان أن يوفر حاجاته لنفسه. إن ذلك يتطلب تماسكاً وتعاوناً بين الناس. ويضرب "ابن خلدون" مثالاً رائعاً على ذلك يبرر أهمية التماسك وتقسيم العمل بين الناس. فإذا كان لدى الإنسان قوت يوم من الحنطة، فإنه لا يستطيع أن يأكل هذا القوت دون أن يمر بعمليات أخرى من الطحن والعجن والطبخ. وكل واحدة من هذه العمليات تحتاج إلى تعاون وتكاتف الجهود. وبالتالي فإن التماسك والتضامن يبدو عند "ابن خلدون" أمراً ضرورياً لا يمكن للفرد أن يستغني عنه، ولا يمكن للمجتمع أن يتأسس من دونه. فإذا لم يكن هذا التضامن فلا يحصل على قوت أو غذاء، ولا تتم حياته ولا يستطيع كذلك الدفاع عن نفسه.
ويستخدم بعض العلماء مصطلح التماسك الاجتماعي في الإشارة إلى الجماعة الصغيرة أو الكبيرة التي تكشف عن ثلاث خصائص أساسية، هي:
·       ارتباط الأفراد بمعايير وقيم عامة.
·       الاعتماد والتبادل بين الأفراد، الذي يكون نتيجة لمصالح مشتركة.
·      توحد الأفراد بالجماعة.
وقد عرف "إتزيوني" Etziuni التماسك بأنه علاقة إيجابية معبِّرة بين فاعلين فما فوق. غير أن هذا التعريف يتجنب عن عمد استخدام مصطلح الجماعة، مع أن التماسك نفسه غالباً ما يكون خاصية مميزة للجماعات. ولم يتضمن الإشارة إلى قيم وأهداف مشتركة، بل يكتفي بالإشارة إلى المعايير العامة التي تحدد ظروف وشروط العلاقة بين الأفراد.
وباعتبار أن الجماعات لا تكون ثابتة أو ساكنة على الإطلاق، فإن علاقات التماسك الاجتماعي قد تتعرض للتفكك، وقد تتجدد عضويتها باستمرار وبشكل دائم. لكن استمرار وجود الجماعة أو عدم استمرارها رهن باتخاذ وظائفها شكلاً تضامنياً منظماً أو لا.
ومن الواضح أن في كل مجتمع اتجاهاً نحو إضفاء صفة الاستمرار والدوام على تماسك العلاقات الاجتماعية، أي تكرار العلاقات الاجتماعية وإخضاعها لعدد من القواعد، وإكسابها صفة الروتينية. ولكننا على وعي في الوقت نفسه بأن هناك اتجاهاً مضاداً، هو الاتجاه نحو الخروج على القواعد ومخالفتها، أو نحو تطوير السلوك الاجتماعي وتغييره، ولا يمكن أن نحدد أي الاتجاهين هو الأقوى في جماعة ما، إلا إذا درسنا سلوك أفرادها في حالات محددة وظروف معينة.
ومما تجدر الإشارة إليه أن جميع العلاقات التي تقوم بين الناس في المجتمع هي علاقات اجتماعية، ذلك لأن الكائن الإنساني لا يستطيع أن يعيش وينمو ويتطور خارج المجتمع. فالإنسان كائن اجتماعي يتضامن مع الآخرين، كما لاحظ المفكرون منذ فجر الحضارة الإنسانية. ولكن ما الذي يحافظ على تماسك واستمرارية هذه العلاقات؟
إن الذي يساعد على تماسك الجماعة وتطور علاقاتها الاجتماعية هو "الثقافة"؛ لأنها هي الأرضية التي يتغذى بها المجتمع، والتي تنمو عليها العلاقات الاجتماعية، وتعمل على تضامن العلاقات بين الأفراد داخل المجتمع، وهي في الوقت نفسه العصا التي تشكل هذا المجتمع، وتصوغ قيمه ومعاييره، أي أن الثقافة هي الخلاصة التي تستقطر من العلاقات الاجتماعية المتكررة بين الناس. وبالتالي فالثقافة هي القواعد التي ترسخ التماسك الاجتماعي، من خلال القواعد الثقافية والعادات الثابتة المحددة والمعروفة للجميع. ونستطيع أن نضع أيدينا على المعيار الثقافي عندما نجد أن أعضاء المجتمع المتضامنين يتبعونه بانتظام، وأحياناً بلا استثناء في ظل ظروف معينة.
والفرد الذي ينتمي إلى جماعة معينة لا يمكن أن يصبح عضواً متماسكاً في الجماعة، إلا إذا تعلم عناصر تلك الثقافة. وبالتالي فالعلاقة وثيقة بين تماسك علاقات الجماعة والقواعد التي تنظم هذه العلاقات، تلك التي هي جزء لا يتجزأ من الثقافة.
العوامل المؤثرة  في التماسك الاجتماعي
1. تعتبر الحروب والنزاعات المسلحة، وعمليات الغزو والكوارث، من العوامل التي تؤثر في التماسك الاجتماعي. ويرجع ذلك إلى أنها تدفع المجتمع إلى إعادة تنظيم أولوياته، وتدفع الأفراد إلى إعادة النظر في أهدافهم وسبل تحقيقها، كما تؤدي إلى اهتزاز قيم الأفراد، ونشأة الصراعات النفسية داخل الفرد وبينه وبين غيره من أعضاء المجتمع، ونقص إشباع حاجات الأفراد المختلفة، والشعور بالتهديد.
2. كلما ازدادت المدنية قل التماسك الاجتماعي، فمع ازدياد معدل المدنية تقل العلاقات الحميمية بين أفراد المجتمع، ويزداد تنافسهم، وترتفع نفقات المعيشة، وتزداد مطالب الحياة المادية مما يُضيف أعباءً جديدة على الأفراد. وتزداد العزلة الاجتماعية مما يشجع على الانطواء وتصدع التفاعل السوي.
3. الهجرات المتعددة، أمن داخل المجتمع كانت إلى أجزاء وأقاليم أخرى منه، أم من خارجه. فالمهاجر ـ وخاصة إلى الخارج ـ يفقد ذاتيته حين يواجه قيماً جديدة، كما يشعر بالعزلة عن الآخرين شعوراً قوياً. ويفقد الإحساس بقيمته بسبب أنه لا يملك من أنواع المهارات ما يلزم لتحصيل العمل والمركز في المجتمع الجديد، بالإضافة إلى ذلك يشعر المهاجر بالوحشة والإحباط وانعدام الطمأنينة، مما يؤثر في توافقه الاجتماعي. وقد أدت الهجرات المتعددة من خارج المجتمعات إلى بعض الظواهر، مثل تكوين أحياء خاصة بالمهاجرين، وتكوين جماعات عنصرية، وإصابتهم ببعض الاضطرابات النفسية والعقلية بنسبة أعلى من أبناء المجتمعات الأصلية.
4. التغير الثقافي نتيجة للغزو الثقافي أو الاحتكاك بثقافات مختلفة احتكاكاً مستمراً، مما يؤدي إلى صراع بين القيم الأصيلة والقيم الواردة أو الغازية. من هذه القيم الغازية مجموعة قيم ترتبط بالحداثة وما بعد الحداثة، بالعلمانية، بالتدمير الخلاق للقديم، بالهيمنة الاقتصادية والثقافية والسياسية، بالماكدونالية (كنشاط إنساني عقلاني يعتمد على الإنجاز السريع والإنجاز الشخصي).
تماسك الجماعات Group Cohesiveness
يتكون المجتمع من عدة جماعات، سواء كانت أولية تعتمد على علاقات الوجه للوجه، أو ثانوية تعتمد على علاقات غير مباشرة. ومما لا شك فيه أن تماسك الجماعات يؤثر في التماسك الاجتماعي العام.
تعددت تعريفات تماسك الجماعة، وفي ما يلي بعض الأمثلة:
·       ناتج مجموع القوى التي تؤثر في أعضائها للبقاء في الجماعة.
·       درجة جاذبية الجماعة للأفراد للعضوية فيها.
·   درجة توحد الأعضاء مع حيز الجماعة ومجالها، وبمقدار تداخل حيز الحياة لكل فرد مع الآخر (من أعضاء الجماعة) يكون مقدار مشاركتهم في حيز الجماعة ومجالها. ويتضح تماسك الجماعة في مقدار التشابه بين الأعضاء ومشاركتهم في إطار مرجعي معين، وتصورهم لبنية مشتركة للجماعة.
·       التقدير الإيجابي للجماعة من أعضائها، ورغبتهم في استمرار انتمائهم إليها.
·       مجموع قوى المجال التي تؤثر في الأعضاء لتبقيهم في الجماعة، وتتوزع هذه القوى توزعاً مختلفاً بين الأعضاء.
من التعريفات السابقة، يتضح تعدد تعريفات تماسك الجماعة وفقاً لوجهة نظر صاحب التعريف والنظرية التي يعتمدها. وقد أدى هذا إلى محاولة تصنيفها في فئات:
1. النوع الأول: يستخدم مفهوم تماسك الجماعة في الدلالة على جوانب من سلوك الجماعة. فيُعرف تماسك الجماعة في ضوء الروح المعنوية، والإقبال على نشاط الجماعة، وروح الجماعة.
2. النوع الثاني: يُعرف تماسك الجماعة بأنه حصيلة القوى التي تجذب الأعضاء إلى الجماعة وتدفعهم إلى البقاء فيها ومقاومة التخلي عن عضويتها.
وثمة تصنيف آخر لتعريفات تماسك الجماعة:
·       انجذاب الأفراد نحو الجماعة ورفض مغادرتها.
·       الروح المعنوية التي يبديها أعضاء الجماعة.
·      تآزر جهود أعضاء الجماعة.
إلا أن المتأمل في هذه المعاني يجد أنها تدور حول رغبة الأفراد في البقاء داخل الجماعة وعدم مغادرتها، وتعبر هذه الرغبة عن درجة انجذاب الأفراد نحو الجماعة لعوامل معينة. إذا وُجدت تلك الرغبة تآزرت الجهود للنهوض بالجماعة ولتحقيق أهدافها، مما يؤدي إلى رفع الروح المعنوية لأعضاء الجماعة، وبالتالي ازدياد رغبتهم في البقاء داخلها وعدم مغادرتها.
خصائص الجماعات مرتفعة التماسك
1. الإعلاء من قيمة العمل الجماعي مقابل التقليل من قيمة العمل الفردي: ففي الجماعة المتماسكة يتحدث كل عضو نيابة عن الجماعة، ويعمل على خدمتها أكثر من خدمة نفسه، ويظهر هذا واضحاً في استخدام الأعضاء للفظ "نحن" في مقابل "أنا". فكأن الأعضاء يؤكدون ارتفاع قيمة الأهداف المشتركة للجماعة على أهدافهم الفردية.
2. التضامن والمسؤولية الجماعية لتحقيق أهداف الجماعة: تتميز الجماعة المتماسكة بأن أعضاءها متضامنون بعضهم مع بعض. فيشعر كل عضو بأنه هو المسؤول عن عمل الجماعة، وأن أهداف الجماعة تتحقق بقدر الجهد الذي يبذله. ببساطة فإن العضو في الجماعة المتماسكة كالشريك المتضامن في الشركة المساهمة تضامناً يؤدي إلى بقاء الجماعة، أما عدم تضامنه فيؤدي إلى خسارة الجماعة.
3. إحساس العضو بجذب الجماعة المستمر والقوي له لكي يبقى عضواً فيها.
4. تتميز الجماعة المتماسكة بروح معنوية مرتفعة، وإقدام أعضائها على تأدية واجباتهم بشغف وبروح متوثبة.
5. المبادأة في اقتراح الوسائل التي تمكنهم من حل المشكلات وتحقيق الأهداف: فقد يسهم الفرد من طريق أداء ما يُطلب منه فقط، وإنما المبادأة هي التي يبديها العضو نفسه ومن ذاته بالاقتراح والتجديد والابتكار ولحل المشاكل.
6. التنسيق بين أنشطة أفراد الجماعة ـ بدرجة عالية من الفاعلية ـ لتحقيق أهدافها.
7. الاعتزاز والفخر بالانتماء إلى جماعة بعينها، مثل الانتماء إلى نادٍ بعينه دون الآخر، ويبدو هذا في استخدام الفرد لضمير "نحن" أكثر من "أنا"، والدفاع عن الجماعة في حالة غيابه عنها.
8. يتميز أعضاء الجماعة المتماسكة بتأكيد ولائهم لها ولأهدافها، فلا يخون العضو الأهداف ولا يسعى إلى تفكيكها، بل يسعى إلى تحقيقها.
9. شعور وإحساس أعضاء الجماعة المتماسكة بأن جماعتهم في مركز التفوق والريادة على الجماعات الأخرى.
وقد يُعبر البعض عن الخصائص السابقة بمصطلح "الالتزام" الذي يُعرف بأنه رغبة قوية من جانب العضو في الاحتفاظ بعضويته في الجماعة، وعزمه على بذل الجهد في سبيلها، وتقبله لأهدافها وقيمها؛ فمن الواضح إذاً أن هناك ارتباطاً بين الالتزام وتماسك الجماعة.
ويتمثل سلوك الأعضاء الذين يحسون بشدة جاذبية الجماعة لهم، في ما يلي:
1. نشاط يدل على شعور بالمسؤولية نحو الجماعة، ويتسم بقدر أكبر من المشاركة في اجتماعاتها، وبالمثابرة مدة أطول على العمل لتحقيق أهداف صعبة، والتمسك بعضوية الجماعة مدة أطول كذلك.
2. تبادل التأثير، فيكون هؤلاء الأعضاء أشد استعداداً للتأثير في غيرهم، وأكثر تقبلاً لآراء الغير.
3. نزعة إلى إدراك الآخرين الذين يحبونهم على أنهم يشبهونهم، وأنهم يبادلونهم الحب، كما أنهم يقيمونهم تقييماً إيجابياً.
4. ازدياد الاتصال بتزايد علاقات الود بين العاملين والمشرفين عليهم، وبالتالي زيادة التجاذب بينهم، وإقلال الاتصال مع من يقل حب العاملين لهم من المشرفين، وبالتالي نقص التجاذب بينهم.
5. ازدياد شعور الأعضاء بالأمن والاطمئنان في نشاطهم الجماعي الذي يجدون فيه تخففاً من التوتر.
طبيعة تماسك الجماعات
من التخطيطات التي توضح طبيعة تماسك الجماعات ومحدداته ونتائجه، التخطيط الرائد الذي وضعه "كارتريت وزاندر".
 	 " الموسوعة المصغّرة للمصطلحات الاجتماعية " 3 Image002
لشرح هذا النموذج، نتناول العناصر الآتية:
أولاً: تعريف تماسك الجماعة
1. العوامل التي تؤدي إلى ازدياد جاذبية الجماعة لأفرادها
أ. نوع العمل الذي تقوم به الجماعة: فالفرد ينضم إلى الجماعة التي تؤدي نوع العمل الذي يشبع رغبته وميوله، ويحرص على البقاء فيها. فمن يحب التنس ينضم إلى نادي التنس، ومن يحب الخدمة الاجتماعية ينضم إلى جماعة الخدمة الاجتماعية.
ب. أعضاء الجماعة: ينضم الفرد إلى الجماعة التي تربط بين أفرادها علاقات طيبة، فكلما كانت علاقة الفرد بأعضاء جماعة ما علاقة طيبة، ازدادت رغبته في الانضمام إليها والبقاء فيها. كذلك كلما ازداد التشابه بين الفرد وأعضاء الجماعة، ازدادت شدة انجذابه إليها، ويكون التشابه في القيم والآراء. وأحياناً ينضم الفرد إلى جماعة معينة لأنه يفضل أنشطتها وتربطه علاقات طيبة بأعضائها، أو تشابه قيمه وآراؤه بقيم أعضائها وآرائهم.
ج. إشباع حاجات الفرد الموجودة خارج الجماعة: ينضم الفرد إلى الجماعة ويحرص على البقاء فيها، إذا كانت عضويته وسيلة إلى إشباع حاجات معينة موجودة خارج الجماعة نفسها. فالعامل ينضم إلى اتحاد العمال، لأن هذا يكسبه مركزاً اجتماعياً مرموقاً بين زملائه، داخل الاتحاد نفسه وخارجه.
د. الهيبة والاحترام: يزداد انجذاب الأفراد نحو الجماعة كلما حصلوا على الهيبة والاحترام داخلها أو خارجها أو كليهما.
هـ. الجو الاجتماعي: كلما كان الجو الاجتماعي داخل الجماعة قائماً على أساس التعاون والأخوة والصداقة، ازدادت درجة انجذاب الأفراد نحو الجماعة.
و. حجم الجماعة: كلما صغر حجم الجماعة ازدادت درجة جاذبيتها للأفراد، ذلك لأن الحجم الصغير يساعد على معرفة الأعضاء بعضهم لبعض، واكتشاف اهتماماتهم المشتركة، وشعورهم بأهميتهم داخل الجماعة.
ز. النجاح: ينضم الأفراد إلى الجماعة ويحرصون على البقاء فيها حينما تحقق لهم النجاح، أمادياً كان النجاح أم معنوياً.
2. العوامل التي تؤدي إلى نقصان درجة جاذبية الجماعة لأفرادها
أ. عندما لا تتفق الجماعة على وضع حلول للمشكلات التي تواجهها، ينصرف الأفراد عن الاجتماعات والمناقشات، لأن حضورهم يشعرهم بالفشل والإحباط وعدم الكفاءة.
ب. إذا طالبت الجماعة أفرادها بمطالب تعلو على مستوى إمكانياتهم، فيشعر الأفراد بالفشل والإخفاق والإحباط، وتصبح الجماعة مصدراً للألم النفسي والتوتر والضيق.
ج. إذا كان في الجماعة أفراد ذوو خصائص شخصية منفرة، مثل عدم اتباع قواعد المناقشة السليمة، كالاستئثار بها أو تسفيه وتحقير آراء الآخرين، أو يكونون مغرورين غروراً قاتلاً.
د. إذا كانت عضوية الفرد في الجماعة تؤدي إلى حرمانه مكاسب خارج الجماعة نفسها.
هـ. عندما يتعرض أفراد الجماعة لتقييم سلبي بصورة دائمة خارج الجماعة نفسها نتيجة لعضويتهم فيها، مثل العضوية في زُمَر المراهقين المنحرفين.
و. إذا كانت الجماعة قائمة على المنافسة الشديدة بين أعضائها، لأن المنافسة الشديدة قد تنقلب إلى صراع؛ فضلاً عن أنها تستلزم قدرات خارقة، مما يشعر متوسطي القدرات بالخيبة والفشل.
ز. قد يترك الفرد جماعة ما لينضم إلى جماعة أخرى، إذا كانت الجماعة ستشبع حاجياته بدرجة أكبر، كالرياضي الذي ينتقل من نادٍ إلى آخر لتحقيق المزيد من المكاسب.
ثانياً: محددات تماسك الجماعة
1. ما يتاج داخل الجماعة من بواعث وحوافز، مثل أهداف الجماعة وبرامجها، أو خصائص بعض أعضائها، أو نموذج أداء العمل داخل الجماعة.
2. درجة إشباع الجماعة لحاجات أعضائها، مثل الحاجة إلى التواد والأمن والتعاطف والتقدير والمال والشهرة.
3. مستوى توقع الفرد من عوائد يجنيها من عضويته، وهذا المستوى يتحدد بعوامل ذاتية لدى الفرد وبخبراته المستمدة من عضويته السابقة في جماعات مختلفة.
4. مستوى المقارنة لدى الفرد، أي درجة تصور الفرد لمستوى ما يحصل عليه من عوائد ونتائج من جماعة ما، ويكون هذا المستوى معياراً يستخدمه الفرد في الحكم على تلك الجماعة ومقارنتها بجماعات أخرى.
ثالثاً: النتائج المترتبة على تماسك الجماعة
1. كلما ازدادت درجة جذب الجماعة لأعضائها نقصت رغبتهم في مغادرتها، وكلما نقصت درجة الجذب ازدادت الرغبة في المغادرة.
2. كلما ازدادت درجة تماسك الجماعة ازدادت درجة انقياد الأفراد وخضوعهم لمعاييرها، وازداد تأثر وتأثير كل عضو في الآخر، وازداد تقبل الأعضاء لأهداف الجماعة وقراراتها وتحديدها لمهام الأعضاء ومسؤولياتهم.
3. كلما ازدادت درجة تماسك الجماعة ازدادت درجة ثقة الأعضاء بأنفسهم وببعضهم، وازدادت درجة تقديرهم لأنفسهم ولجماعتهم، وازداد إحساس الأعضاء بالأمن النفسي والانتماء إلى الجماعة.
4. كلما كانت الجماعة أعلى تماسكاً، ازدادت قدرتها على مواجهة الضغوط والتوترات بصورة إيجابية، مما يسهم في تحسين الصحة النفسية للأعضاء.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75523
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

 	 " الموسوعة المصغّرة للمصطلحات الاجتماعية " 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: " الموسوعة المصغّرة للمصطلحات الاجتماعية " 3    	 " الموسوعة المصغّرة للمصطلحات الاجتماعية " 3 Emptyالجمعة 10 يونيو 2016, 3:23 pm

العمل التطوعي

Voluntary Work

يُعد العمل التطوعي سمة إنسانية عظيمة، تتضمن معاني كالصبر والقدرة على العطاء والتكافل والتعاون عبر تاريخ الإنسانية الطويل. كما يسود العمل التطوعي روح العطاء دون مقابل أو نظير.

لقد عرفت الإنسانية العمل الاجتماعي التطوعي منذ عهود سحيقة، وكان هذا العمل في بدايات ظهوره يتم بشكل عفوي وتلقائي، وينطلق من الإرادة الخيرة والتضحية والمبادأة الذاتية التي تدعو إليها الحاجة، وينبع من الرغبة في مساعدة الآخرين. وقد حثت الديانات السماوية، وما تضمنته من قيم إنسانية نبيلة، الإنسان على مساعدة أخيه الإنسان في كل المواقف الإنسانية، دون انتظار لمقابل معين. فالدين الإسلامي يدعو إلى الإيثار والسماحة، ويحث الإنسانية على العطاء.

قال تعالى: ]وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ[ (سورة الحشر: الآية 9).

والإسلام بهذه الصورة يؤكد أمرين أساسيين:

الأول: أن يعيش الإنسان في الحياة ليحفظ لنفسه العيش والبقاء.

الثاني: أن يشارك الآخرين في الأنشطة المختلفة المحققة لمصالح الفرد والجماعة.

أي أن العمل التطوعي ممارسة إنسانية ارتبطت ارتباطاً وثيقاً بكل معاني الخير والعمل الصالح عند كل المجتمعات البشرية منذ الأزل، ولكنه يختلف في حجمه وشكله واتجاهاته ودوافعه من مجتمع إلى آخر، ومن حين إلى آخر.

من حيث الحجم، يقل في زمن الاستقرار والهدوء، ويزيد في أوقات الكوارث والنكبات والحروب. ومن حيث الشكل، قد يكون جهداً يدوياً أو عقلياً أو مهنياً أو تبرعاً بالمال أو غير ذلك. ومن حيث الاتجاه، قد يكون تلقائياً أو موجهاً من قِبل الدولة في أنشطة اجتماعية أو تعليمية أو تنموية. ومن حيث دوافعه، قد تكون دوافع نفسية أو اجتماعية أو سياسية أو دينية.

أولاً: مفهوم العمل التطوعي وخصائصه

العمل التطوعي هو تقديم العون والنفع إلى شخص أو مجموعة أشخاص يحتاجون إليه دون مقابل مادي أو معنوي.

والتطوع بهذا يتضمن جهوداً إنسانية يبذلها أفراد المجتمع بصورة فردية أو جماعية، وهو يقوم بصفة أساسية على الرغبة والدافع الذاتي، أشعورياً كان هذا الدافع أم غير شعوري. ولا يستهدف المتطوع تحقيق مقابل مادي أو ربح خاص، بل هدفه الشعور بالانتماء إلى المجتمع، وتحمل بعض المسؤوليات التي تسهم في تلبية احتياجات اجتماعية ملحة، أو خدمة قضية من القضايا التي تهم المجتمع.

أي أن العمل التطوعي دافع أساسي من دوافع التنمية بمفهومها الشامل اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً وثقافياً, ودليل واضح على حيوية المجتمع واستعداد أفراده للبذل والتضحية. وبالتالي فالعمل التطوعي نوع من الاختيار الحر للعمل، وقناعة بمشاركة الأفراد تطوعاً في العمل من واقع الشعور بالمسؤولية.

وبمفهوم آخر للعمل التطوعي، فإنه ما تبرع الإنسان به من تلقاء نفسه، سواء كان تبرعه برأي أم بالعمل أم بالتمويل، وغير مُلزم به وبلا مقابل مادي.

وصفوة القول أن العمل التطوعي هو عمل الخير في كل جوانبه، وهو كذلك خدمة إنسانية وطنية تستهدف حماية الوطن وأهله من أي خطر. يقوم العمل التطوعي على منهجين، أحدهما طبيعته وأهدافه، والآخر هو علاقة المنظمات التطوعية بالكيانات المجتمعية المختلفة، وهي الدولة والقطاع الخاص والعائلة. وعلى هذا يمكن تعريف العمل التطوعي تعريفاً أكثر تحديداً بوصفه "الجهد والعمل اللذين يقوم بهما فرد أو جماعة أو تنظيم طواعية واختياراً، بهدف تقديم خدمة للمجتمع أو لفئة منه، دون توقع جزاء مقابل جهوده التي يقدمها".

ووفقاً لذلك يتسم العمل التطوعي بالخصائص التالية، أنه:

1. جهد وعمل يلتزم بهما الفرد طواعية من غير إلزام.

2. عمل يهدف إلى سد ثغرة في مجال الخدمات الاجتماعية.

3. تنظيم محكوم بأطر إدارية مؤسسية جماعية (جمعيات عمومية ومجلس أمناء).

4. تنظيم لا يستهدف البرح المادي ولا يستفيد منه أعضاء المؤسسة، الذين يشرفون عليه ولا يحققون أرباحاً شخصية توزع عليهم.

5. تنظيم تحكمه تشريعات محددة تنظم أعماله وتتصف بالشفافية والاستقلالية والتكافل والأمانة والنزاهة والصدق والمساواة والبعد عن الصراعات.

بناءً على الخصائص السابق ذكرها، فإن هناك عدة ثوابت لا بد أن يتحلى بها العمل التطوعي، وهي:

·   العمل التطوعي لا يتم سراً، وإنما لا بد من إشهاره، ولا يتأتى الإشهار إلا وفقاً للتشريعات المعمول بها في الدول. ويشترط في معظم دول العالم ترخيص رسمي لإقامة مؤسسات العمل التطوعي.

·   يجب أن يكون له نظام أساسي يحدد مهام كل المشاركين فيه، ويحدد أهداف المؤسسة ورسالتها ورؤيتها بشكل واضح.

·   توفير البيئة الملائمة لتشجيع واستقطاب المتطوعين وتأهيلهم وتدريبهم وتزويدهم بالمهارات الملائمة للعمل، ضمن الأهداف التي وضعتها المؤسسة التطوعية لنفسها، ويجب ألا يُكتفى بالنيات الحسنة للمتطوعين.

·   يجب أن يحقق العمل التطوعي آمال واحتياجات فئات المجتمع المختلفة، من غذاء وكساء ومأوى وأمن واستقرار نفسي وأُسري.

ثانياً: صور وأشكال العمل التطوعي

يمكن التمييز بين شكلين أساسيين من أشكال العمل التطوعي:

1. العمل التطوعي الفردي: وهو عمل أو سلوك اجتماعي يمارسه الفرد من تلقاء نفسه، وبرغبة منه وإرادة، ولا يبغي منه أي مردود مادي، ويقوم على اعتبارات أخلاقية أو اجتماعية أو إنسانية أو دينية. ففي مجال محو الأمية مثلاً، قد يقوم فرد بتعليم مجموعة من الأفراد القراءة والكتابة ممن يعرفهم، أو يتبرع بالمال لجمعية تعنى بتعليم الأميين.

2. العمل التطوعي المؤسسي: وهو أكثر تقدماً من العمل التطوعي الفردي، وأكثر تنظيماً، وأوسع تأثيراً في المجتمع في الوطن العربي، حيث توجد مؤسسات متعددة وجمعيات أهلية تسهم في أعمال تطوعية كبيرة لخدمة المجتمع.

ثالثاً: آثار العمل التطوعي وأهميته

يُعتبر العمل التطوعي تجسيداً عملياً لمبدأ التكافل الاجتماعي، بوصفه مجموعة الأعمال الخيرية التي يؤديها بعض الأفراد الذين يتحسسون آلام الناس وحاجاتهم، فيدفعهم ذلك إلى التبرع بجهودهم وأوقاتهم وأموالهم لخدمة هؤلاء الناس، وتحقيق الخير والنفع لهم اقتصادياً واجتماعياً. والأهم أن المتطوعين يسهمون في إزالة الصعاب التي يواجهونها في الطريق لإقامة مستقبل أفضل للآخرين.

كما أن العمل التطوعي يعمل على تنمية الإحساس لدى المتطوع، ومن يستفيد من خدماته بالانتماء وتقوية الترابط الاجتماعي بين فئات المجتمع. كما أن الأعمال التطوعية تكون لوناً من ألوان المشاركة الإيجابية، ليس في تقديم الخدمة فقط، وإنما في توجيه السياسات التي تقوم عليها تلك المؤسسات الاجتماعية. بالإضافة إلى أن العمل التطوعي يُعد من أهم معالم التنمية البشرية المستدامة، لأن نمو حركتها واتساع قاعدتها واشتراك أعداد كبيرة من الأفراد فيها، يعتبر دلالة كبيرة على أن المجتمع استطاع أن يبني طاقة ذاتية قادرة على النهوض به، وصنع التقدم فوق أرضه، وقادرة على دفع الأخطار التي قد يتعرض لها.

ومن آثار التطوع كذلك، أن للمشاركة في الأعمال التطوعية آثاراً فردية واجتماعية مهمة، منها:

·   شعور الفرد بالراحة النفسية عند قيامه بأي عمل تطوعي.

·   شعور الفرد بأهمية الترابط بين أفراد المجتمع، فيسعى إلى المشاركة.

·   ازدياد قوة الانتماء الوطني بين الأفراد وتنمية الوازع الديني.

·   تقوية الترابط والتعاون والتكاتف بين أفراد المجتمع.

·   شعور الجماعة بحاجة الفرد، وشعور الفرد بحاجة الجماعة.

·   ازدياد الإحساس بذات الفرد وأهميته في المجتمع.

·   استغلال أوقات الفراغ استغلالاً نافعاً للفرد والمجتمع.

·   تنمية روح التنافس بين الجماعات التطوعية، بما يسهم في جودة الخدمات.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75523
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

 	 " الموسوعة المصغّرة للمصطلحات الاجتماعية " 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: " الموسوعة المصغّرة للمصطلحات الاجتماعية " 3    	 " الموسوعة المصغّرة للمصطلحات الاجتماعية " 3 Emptyالجمعة 10 يونيو 2016, 3:23 pm

تحليل المضمون

Content Analysis

إذا أراد باحث الوقوف على محتوى الاتصال، أو أراد دراسة ثقافة مجتمع، أو إجراء دراسة تحليلية لعملية التفاعل الاجتماعي، فإنه يستخدم تحليل المضمون. وتحليل المضمون هو أسلوب أو أداة يستخدمها الباحث ضمن أساليب وأدوات أخرى، في إطار منهج متكامل، هو منهج "الحصر" في الدراسات الإعلامية.

لتحليل المضمون تعريفات متعددة، منها:

·   محاولة الوصول إلى وصف سببي للمضمون، من أجل الكشف، موضوعياً، عن طبيعة المثيرات وعمقها النسبي.

·   يسعى تحليل المضمون إلى تحديد المعاني التي ينطوي عليها نسق الاتصال بطريقة منطقية وكمية.

·   يُشير تحليل المضمون إلى الوصف الكمي الموضوعي لأي سلوك مؤثر.

·   أسلوب للبحث يستهدف الوصف الكمي الموضوعي المنظم للمحتوى الظاهر للاتصال.

من التعريفات السابقة، والتراث العلمي، تتضح خصائص تحليل المضمون:

1. أسلوب أو طريقة للبحث، تُستخدم مع غيرها من الأدوات.

2. يستهدف تحليل المضمون توضيح الدوافع والأهداف التي يرمي إليها الكاتب أو المتحدث، ومعرفة مدى تأثير محتوى مادة الاتصال في أفكار الناس واتجاهاتهم.

3. يقوم تحليل المضمون على أساس مسلمة مؤداها أن لكل إنسان بصمة فكرية تميز شخصيته وتكشف عن هويته، أي أنه من الممكن اعتبار السلوك اللغوي للإنسان شفوياً كان أم تحريرياً هو أدق تعبير عن هويته وميوله واتجاهاته.

4. يسعى تحليل المضمون إلى وصف المضمون الصريح أو المحتوى الظاهر للمادة الإعلامية.

5. لا يقتصر تحليل المضمون على المحتوى فقط، وإنما يشمل الجوانب الشكلية كذلك.

6. يتميز تحليل المضمون بالموضوعية، ويخضع للمتطلبات المنهجية.

7. يستخدم تحليل المضمون في مجالات بحثية متنوعة، كالإعلام، وعلم النفس، والتربية.

8. يقدم تحليل المضمون للقارئ وصفاً موضوعياً منظماً وكمياً للمحتوى الذي أخضعه الباحث للدراسة.

محتوى تحليل المضمون

هناك محاولات متعددة يُستخدم فيها تحليل المضمون، كما سبق الإشارة لذلك. وهناك مادة بحثية يستخدمها الباحثون، منها تحليل الشعارات التي تُستخدم في المناسبات المختلفة، وتحليل التمثيليات والأفلام والجرائد التي عالجت موضوعاً أو مدة زمنية معينة، وتحليل دعاية الأعداء وشخصية الكاتب، وتحليل النكتة والأدب الشعبي، وبرامج الإذاعة والتليفزيون، وتحليل القيم التي تتضمنها المواد الأدبية.

استخدامات تحليل المضمون

1. دراسة التفاعل الاجتماعي

يُستخدم تحليل المضمون في دراسة عملية التفاعل الاجتماعي داخل الأنساق الاجتماعية الصغيرة، كالجماعات، والكشف عن اتجاه هذا التفاعل. يقوم الملاحظون بطريقة غير مباشرة بتسجيل التصرفات والأفعال التي تصدر عن الأفراد، ثم تحليلها للوصول إلى أنماط التفاعل في الجماعات الصغيرة، مما يساعد على الكشف عن طبيعة بناء هذه الجماعات ودينامياتها.

2. الدراسات العلاجية

استخدم تحليل المضمون في دراسة التفاعلات الدائرة في العمليات العلاجية في مجال الخدمة الاجتماعية والطب النفسي. وكان الهدف من هذه الدراسات هو الوقوف على العوامل المؤثرة في العلاقة بين المعالج والعميل، حيث لوحظ أن هذه العلاقة تتغير في مضمونها الأساسي خلال الزمن وباختلاف طرق العلاج. كما طُبقت طريقة تحليل المضمون في اليابان على الخطابات المتبادلة بين بعض الأفراد الذين يطلبون المشورة في مشكلات الحياة من الأبواب المخصصة لذلك في الجرائد والمجلات، للكشف عن نوعية هذه المشكلات.

3. دراسة القيم

يُستخدم تحليل المضمون في دراسة القيم دراسة علمية كمية. فقد قام "رالف وايت" عالم النفس الاجتماعي، بتحليل مضمون كتاب "الولد الأسود"، بقصد تأكيد إمكانية دراسة القيم علمياً، وتوضيح طبيعة ومدى تحليل المضمون بصفته أسلوباً في البحث العلمي، وقام بتحديد فئات القيم التي صنفها بين فيزيقية واجتماعية وعلمية ومعرفية... إلخ. ثم وضع رموزاً تُشير إلى كل قيمة من القيم، ثم بوَّب هذه الرموز في جداول رقمية، بقصد تفسير كل نتيجة رقمية في ضوء الصورة الشاملة.

4. دراسة الحالة السيكولوجية للقائم بعملية الاتصال

وذلك من خلال تحليل مضمون أنواع الاتصال التي يقوم بها الأفراد، كالخطابات وسير الحياة، وما يقدمه المحررون في الجرائد ومعدو برامج الإذاعة والتليفزيون، بوصفها مشيراً إلى دوافعهم وبواعثهم.

5. دراسة بعض الملامح الثقافية للمجتمعات الإنسانية

استخدم تحليل المضمون في الكشف عن بعض سمات الطابع القومي للمجتمع، مثل الدراسة الذائعة الصيت للسيد عويس، التي تناولت ملامح المجتمع المصري المعاصر، من خلال ظاهرة إرسال الرسائل إلى ضريح الإمام الشافعي، وتحليل مضمونها كماً وكيفاً.

6. دراسة وسائل الاتصال الجمعي

بقصد الوقوف على مضمونها وما تحويه، وما تشتمل عليه من أهداف. وقد كان هذا النوع من الدراسة أكثر جذباً لانتباه عدد كبير من المشتغلين بالرأي العام ووسائل الاتصال الجماهيري.

7. دراسات سوسيولوجيا الأدب

ازداد استخدام تحليل المضمون لدراسة الظاهرة الأدبية دراسة تحليلية اجتماعية، بقصد توضيح مواكبة الأدب لظواهر الحياة الاجتماعية والقضايا الجماهيرية، وقد تمخض ذلك عن محاولة تطوير الأساليب الفنية المستخدمة في البحث الاجتماعي لدراسة الأعمال الأدبية، وقد أتاح ذلك فرصة لأن يغزو تحليل المضمون هذا المجال، وحقق نتائج مهمة وإيجابية.

وحدات تحليل المضمون

يمكن أن نحصر وحدات تحليل المضمون في خمسة أنواع، على النحو التالي:

1. وحدة الكلمة

الكلمة هي أصغر وحدة تُستخدم في تحليل المضمون، وقد تشير الكلمة إلى معنى رمزي معين، كما قد تتحدد من طريق بعض المصطلحات أو المفاهيم التي تعطيها معنى خاصاً. وعندما تُستخدم الكلمة بصفتها وحدة في تحليل المضمون، فإن الباحث يضع قوائم يُسجل فيها تكرارات ورود كلمات أو فئات مختارة في شأن المادة موضوع التحليل، وتُستخدم الكلمة في التحليل الأدبي والسياسي ومواد الاتصال التعليمي.

2. وحدة الموضوع

ويُقصد بها الوقوف على العبارات أو الأفكار الخاصة بمسألة معينة، ويعتبر الموضوع أهم وحدات تحليل المضمون عند دراسة الآثار الناجمة عن الاتصال وتكوين الاتجاهات.

3. وحدة الشخصية

ويُقصد بها تحديد نوعية وسمات الشخصية الرئيسية التي ترد في العمل الأدبي بصفة خاصة، وقد تكون الشخصية خيالية، كما قد تكون حقيقية كذلك.

4. وحدة المفردة

ويُقصد بها وسيلة الاتصال نفسها، فقد تكون كتاباً أو مقالة أو قصة أو حديثاً إذاعياً أو برنامجاً أو خطاباً، وتُستخدم المفردة وحدة في التحليل إذا كان هناك عدة مفردات.

5. وحدة المساحة والزمن

وتتمثل في تقسيم المضمون تقسيمات مادية، سواء بالنسبة لمواد الاتصال المرئية مثل الأعمدة وعدد السطور وعدد الصفحات، أو المسموعة مثل عدد الدقائق التي يستغرقها برنامج معين، أو المرئية المسموعة مثل طول الفيلم ومدة إذاعة برنامج تليفيزيوني.

فئات التحليل Categories of Analysis

يعتمد تحليل المضمون في دقته على تصنيف المادة حسب مضمونها، ذلك التصنيف الذي يسهم إسهاماً مهماً في التحليل العلمي من أي نوع. فالتصنيف ـ كما يقول "هوايت هيد" ـ نصف الطريق إلى الحقيقة، ويجب أن تكون الفئات محددة تحديداً واضحاً وجامعاً مانعاً، ما وسع الباحث إلى ذلك سبيلاً. ومن نماذج فئات التحليل ما يلي:

أولاً: فئات ماذا قيل

توجد عدة فئات تندرج تحت ماذا قيل في مادة الاتصال، ولعل أكثر الفئات عمومية في دراسة تحليل المضمون هي فئة موضوع الاتصال، وهي فئة عامة تتعلق بالموضوع الذي تدور حوله مادة الاتصال. ثم فئة اتجاه مضمون الاتصال، وهي تتمثل في تعرُّف وجهات النظر لمنتج مادة الاتصال. ثم فئة المعايير التي تطبق على مضمون الاتصال، وهي تتعلق بالمعايير التي يضعها الباحث للحكم على مادة الاتصال، وعادة ما يلجأ الباحث إلى وضع مقياس كمي يُصنف وفقه الاتجاهات المختلفة.

ثم فئة القيم، وهي تتعلق بالوقوف على القيم التي تتضمنها مادة الاتصال. ثم فئة طرق تحقيق الغايات، وهي تحدد الطرق التي تُستخدم في تحقيق الغايات داخل المضمون. ثم فئة السمات، أي السمات الشخصية للأفراد المذكورين في المادة، كالسن والجنس والمهنة، وبعض الخصائص النفسية... إلخ.

ثم فئة الفاعل، وتتعلق بتحديد الأشخاص الذين يقومون بالأدوار الأساسية في قصة أو رواية. ثم فئة المرجع، ويُقصد بها تحديد الشخص أو الجماعة التي تُساق التعبيرات على لسانها. ثم فئة المكان، وهي تتعلق بتحديد المكان الذي تصدر عنه مادة الاتصال. وأخيرا فئة المخاطبين، أي الجماعات التي توجه إليها مادة الاتصال.

ثانياً: فئات كيف قيل

وتشتمل على فئات كثيرة، منها فئة شكل أنواع الاتصال، فإذا كان مصدر التحليل كتباً مثلاً، يُصنف شكلها إلى روائية وغير روائية. ثم فئة الشكل الذي يتخذه الموضوع، بقصد الكشف عن شكل العبارات التي ترد في المضمون، وهل تعبر عن حقائق أو أماني. ثم فئة التعبير، ويُطلق عليها الفئة الانفعالية، وتتعلق بقياس مدى الانفعال الذي يظهر في المضمون. وأخيراً فئة الوسيلة، ويُقصد بها الوسيلة التي يتبعها المضمون، كالتقييم أو الاستشهاد بمصادر أخرى.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
" الموسوعة المصغّرة للمصطلحات الاجتماعية " 3
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» " الموسوعة المصغّرة للمصطلحات الاجتماعية " 4
» " الموسوعة المصغّرة للمصطلحات الاجتماعية " 5
»  " الموسوعة المصغّرة للمصطلحات الاجتماعية " 1
» " الموسوعة المصغّرة للمصطلحات الاجتماعية " 2
» " الموسوعة المصغّرة للمصطلحات النفسية " 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: موسوعة البحوث والدراسات :: بحوث متنوعه-
انتقل الى: