| " الموسوعة المصغّرة للمصطلحات الاجتماعية " 4 | |
|
|
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75523 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: " الموسوعة المصغّرة للمصطلحات الاجتماعية " 4 الجمعة 10 يونيو 2016, 3:25 pm | |
| بناء اجتماعي
Social Structure
على الرغم من شيوع هذا الاصطلاح في علم الاجتماع، إلا أنه لم يكن دقيقاً ومنضبطاً من ناحية المعنى والأهمية؛ ففي بعض الأحيان يستعمل البناء الاجتماعي ليعني انتظام السلوك الاجتماعي، أي أن السلوك الاجتماعي هو سلوك غير عشوائي، وذلك لتكراره بين فترة وأخرى. وأحياناً يُستخدم هذا المصطلح في صورته الواسعة، ليعني التنظيم الشامل للعناصر والأجزاء والوحدات، التي يتكون منها المجتمع، كالمنظمات والمؤسسات الاجتماعية. وبمعنى ثالث يعني البناء الاجتماعي العلاقة المتداخلة بين المراكز والأدوار الاجتماعية، وأن التفاعل بين الأشخاص داخل النظام الاجتماعي يعبر عنه من خلال المراكز والأدوار الاجتماعية، التي يشغلونها.
وربما كان عالم الانثروبيولوجيا البريطاني راد كليف براون، من أبرز العلماء الذين اهتموا بتحديد مفهوم البناء الاجتماعي في ضوء تحليلات نظرية مستفيضة؛ إذ يرى أن كلمة "بناء" تشير إلى وجود نوع من التنسيق أو الترتيب، بين الأجزاء التي تدخل في تكوين الكل، الذي نسميه بناء. وبمقتضى ذلك تكون الوحدات الجزئية الداخلة في تكوين البناء الاجتماعي، هي الأشخاص، أي أعضاء المجتمع، الذي يحتل كل منهم مركزاً معيناً، ويؤدي دوراً محدداً في الحياة الاجتماعية. وسواء كان البناء الاجتماعي يتألف من وحدات هي الأشخاص أو الجماعات الاجتماعية، التي تتألف بدورها من أشخاص، فإن الشيء المهم في دراسة البناء الاجتماعي هو تحليل العلاقات الاجتماعية المتبادلة، التي تقوم بين هؤلاء الأشخاص أو تلك الجماعات الاجتماعية.
ونميز هنا بين نوعين من البناء، هما:
1. البناء الواقعي، أو البناء من حيث هو حقيقة مشخصة وموجودة بالفعل، ويمكن ملاحظتها مباشرة في الواقع.
2. الصورة البنائية، أو الصورة العامة لعلاقة من العلاقات، بعد تجريدها من مختلف الأحداث الجزئية.
ويرتبط هذا التمييز ارتباطاً وثيقاً بفكرة استمرار البناء الاجتماعي عبر الزمان، وخاصة في المجتمعات الثابتة نسبياً. واستمرار البناء الاجتماعي ليس استمراراً استاتيكياً، كاستمرار مبنى من المباني مثلاً، وإنما هو استمرار دينامي يشبه استمرار البناء العضوي للكائن الحي، الذي يتجدد بغير انقطاع ما دام حياً. وهذا معناه أن البناء الواقعي يتغير بسرعة وباستمرار، خلفاً الصورة البنائية العامة، التي تحتفظ بخصائصها وملامحها الأساسية بغير تغيرات لفترات أطول من الزمن، والتي تتمتع بدرجة عالية نسبياً من الثبات والاطراد.
وقد ذهب ايفانز بريتشارد Evans- Pritchard إلى أن البناء الاجتماعي هو مجموعة العلاقات، التي تقوم بين الجماعات الاجتماعية، التي تتمتع بدرجة عالية من القدرة على البقاء والاستمرار في الوجود، ومن ثم يخرج من هذا المفهوم كل العلاقات السريعة والمؤقتة والطارئة، التي تكون بين الأشخاص في مواقف معينة، ثم تنتهي بانتهاء هذه المواقف. ويمثل ذلك العلاقات التي تنشأ بين البائع والمشتري وتنتهي بعقد الصفقة، أو الانصراف عنها؛ أو علاقات المصلحة السائدة في المدينة والتي تنتهي بانتهاء المصلحة. كما يخرج الجماعات الصغيرة التي لا تستمر في الوجود إلا لفترة قصيرة من الزمن، والتي تخضع للتغيير السريع.
لاقت فكرة ايفانز بريتشارد اهتماماً كبيراً بين العلماء والباحثين، في تعريف البناء، والخاصة بالعلاقات الثابتة التي تقوم بين الجماعات الكبرى، وإغفال العلاقات المؤقتة والسريعة، والتي تقوم عرضاً بين الناس. ومن ثم فقد اتفق كثير من العلماء على أن مصطلح "بناء" يوحي إلى الذهن بوجود علاقات منظمة بين الأجزاء، وكذلك بوجود نوع من الترتيب، الذي بمقتضاه ترتبط عناصر الحياة الاجتماعية ببعضها، على اعتبار أن البناء الاجتماعي نسق متكامل. وتعتمد هذه العلاقات الاجتماعية بعضها على بعض، بحيث تؤلف كلها سلسلة واحدة متصلة، على الرغم من أنها تتفاوت في درجة تعقدها وتباينها.
وقد حدد علماء الاجتماع مكونات البناء الاجتماعي، والتي رأوا أنها تتمثل في: الأدوار الاجتماعية Social Roles، والمعايير الاجتماعية Social Norms، والقيم الاجتماعية Social Values، والكيانات الجمعية Collectivities (مثل جماعات الناس الذين يتقاسمون قيماً مشتركة)، والطبقات الاجتماعية Social Classes، والنخبة Elites، وأنماط الصراع الاجتماعي Social Conflict، والآليات الخاصة بالتوزيع غير المتكافئ للموارد النادرة. بجانب هذا فإن التنظيمات والمؤسسات الرسمية وغير الرسمية، هي الأخرى تقع أيضاً في إطار المفهوم الواسع للبناء الاجتماعي.
ويشير البناء الاجتماعي، عموماً، إلى الملامح العامة للتنظيم الاجتماعي، وما يشتمل عليه من نظم اجتماعية وأدوار ومكونات، من شأنها أن تضمن استمرار السلوك الاجتماعي والعلاقات الاجتماعية عبر الزمن. ولذلك يشير البناء إلى الآليات التي تكفل الاستمرار الاجتماعي، أو الحفاظ على ما هو قائم بالفعل، أو إعادة الإنتاج الاجتماعي.
ومن أكثر تعريفات البناء الاجتماعي قبولاً وعمومية، التعريف الذي ينظر إلى البناء الاجتماعي بوصفه كلاً مركباً، يشتمل على النظم الأساسية السائدة في المجتمع والجماعات المختلفة، التي يتألف منها، أو ما يُطلق عليها علماء الاجتماع المتطلبات الوظيفية. ومن أهم هذه المتطلبات ما يلي:
1. نسق اقتصادي، يختص بأمور الإنتاج وتوزيع السلع والاستهلاك.
2. نسق اتصال، يختص بأجهزة الإعلام المختلفة.
3. أجهزة ومؤسسات (مثل الأسرة، والمدرسة) تتولى تنشئة الأجيال الجديدة.
4. نسق سلطة، يختص بتوزيع محدد للقوة السياسية.
5. نسق طقوس، يصون التماسك الاجتماعي ويدعمه.
وبغض النظر عن الاختلاف بين علماء الاجتماع حول تعريف مفهوم البناء الاجتماعي، إلا أن هناك اتفاقاً ملحوظاً بينهم على مبدأين أساسيين ومتكاملين، هما:
المبدأ الأول: مبدأ الاستمرار عبر الزمن، وينطبق ذلك على الجماعات والأشخاص والعلاقات الاجتماعية، التي تؤلف البناء الاجتماعي؛ فالجماعات الكبيرة التي تحتفظ لعدة أجيال بكيانها وبهيكلها العام وتقسيماتها الداخلية ونمط علاقاتها ببعضها بعضاً، تعد وحدات بنائها في نظر علماء الاجتماع، وذلك خلافاً للجماعات المؤقتة سريعة الزوال، والتي يتفق معظم العلماء على إخراجها من البناء الاجتماعي.
المبدأ الثاني: ويتعلق بالعلاقات الثابتة المستمرة التي تقوم، بالضرورة، بين الجماعات المتماسكة، التي ينقسم إليها المجتمع، وتتخذ شكل أنساق ونظم تلعب دوراً مهماً في الحياة الاجتماعية. بمعنى أنها تؤدي وظيفة اجتماعية معينة، كما هو حال علاقات القرابة، والعلاقات السياسية والاقتصادية.
أي أن البناء الاجتماعي يشير إلى العلاقات الاجتماعية الجوهرية والمنظمة والمستمرة عبر الزمن، والتي تعطي للمجتمع صورته الأساسية، والتي تحدد مجريات الفعل الاجتماعي. كما ينطبق هذا المصطلح (البناء) على كل الترتيبات المنظمة للكيانات المتميزة، كالنظم والمراكز والأدوار والجماعات والمواقف والعمليات الاجتماعية، التي تحدث داخل المجتمع. |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75523 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: " الموسوعة المصغّرة للمصطلحات الاجتماعية " 4 الجمعة 10 يونيو 2016, 3:25 pm | |
| مكانة اجتماعية
Social Status
تشير المكانة الاجتماعية، بشكل عام، إلى المنزلة العالية والسمعة الحسنة التي ينسبها الناس إلى مراكز اجتماعية، ومهن معينة داخل المجتمع. وقد أدرك ماكس فيبر أنه من الممكن تحديد شكل ما من أشكال التدرج، في جماعات المكانة داخل المجتمع، وهو الشكل الذي يجب أن يكون مستقلاً تماماً عن أشكال التدرجات الطبقية، ومن ثم يكون من المتوقع أن تتمايز أساليب المعيشة لدى جماعات كل مكانة، بما فيها ما تمارسه من أنماط السلوك وأنساق المعتقدات، وأنماط التفضيل والاستهلاك. وتتضمن المكانة التوقعات المتبادلة للسلوك، بين الذين يشغلون الأوضاع المختلفة في البناء، أو النسق الاجتماعي.
ويرى فيبر أن نظام الطائفة الاجتماعية المغلقة، يمثل شكلاً لجماعات المكانة وليس للطبقات الاجتماعية، ومن ثم فالأمر الحاسم هنا هو النظر إلى المكانة الاجتماعية، بوصفها تمثل المنزلة العالية التي تُنسب للمركز الاجتماعي، والتي لا يلزم بالضرورة أن تتطابق مع إدراك كل عضو من أعضاء الجماعة لنفسه.
وتتضمن المكانة الوضع الذي يشغله الفرد أو الجماعة، في ضوء توزيع الهيبة في النسق، أو توزيع الحقوق والالتزامات والقوة والسلطة، كأن نقول: مكانة عليا ومكانة دنيا. وقد أوضح العلماء والفلاسفة أن هناك علاقة بين استمرار المجتمع وتباين القوة والامتيازات بين الناس. وفي ضوء هذا يتحدد مصطلح المكانة بأنه وضع الفرد في المجتمع، وأنه مجموع الحقوق والالتزامات. أما الدور، فهو الجانب السلوكي لتنفيذ هذه الحقوق والالتزامات.
ولقد رأى فيبر أن أهم خاصية للمكانة الاجتماعية أنها تتكون من خلال التفاعل الاجتماعي؛ فالمكانة الاجتماعية تشير إلى مدى الهيبة أو الاحترام أو الشرف، الذي يناله الفرد من الآخرين؛ أي أن المكانة تتحدد أساساً من خلال إدراك الناس وتصوراتهم لبعضهم. فالذين يشغلون المكانة الاجتماعية نفسها، يميلون إلى وضع أنفسهم عند نقطة معينة من السلم الطبقي.
وهناك أسباب عديدة تحدد المكانة الاجتماعية، من بينها الأصل الأسري، والجذور العرقية، والحسب والنسب، والتعليم والملكية. وتضم جماعات المكانة Status group الأشخاص الذين حققوا مستوى من الهيبة الاجتماعية، على أساس المعايير القائمة والفاعلة في الجماعة الأكثر اتساعاً التي ينتمون إليها.
ويعتقد ماكس فيبر أن الطبقة الاقتصادية تحتل أهمية خاصة؛ لأنها تبدو في نظر الناس سبباً في تحديد المكانة الاجتماعية، ذلك أن جمع المال أو خسارته أيسر بكثير من اكتساب المكانة أو فقدها. وربما لهذا السبب نجد أن ذوي المكانات المتميزة يفضلون دائماً فصل المكانة عن الطبقة. بمعنى أن المكانة تعكس أساساً الأصول الأسرية والتعليمية والثقافية، وهي الأصول، التي يصعب فقدها على المدى القصير، بعكس الأساس الاقتصادي. لذا اعتقد فيبر أن العلاقات الطبقية تتحدد من خلال التفاعل بين الأفراد المتباينين اقتصادياً في إطار السوق؛ بينما تتحدد المكانة الاجتماعية من خلال التفاعل بين الأفراد المتساويين اجتماعياً واقتصادياً.
كما أنه من الضروري التمييز بين الطبقة والمكانة، على الرغم من الصلة الوثيقة بينهما؛ فالأفراد قد يحتلون مكانات عليا، بينما يحتلون أوضاعاً طبقية أدنى. وهذا التفاوت يساعد على فهم ديناميات التغيير الاجتماعي.
ويرى علماء الاجتماع الوظيفيون أن المكانة الاجتماعية، وما يرتبط بها من هيبة واحترام، هي أكثر أنماط التدرج الاجتماعي عمومية وشيوعاً؛ لأن الكائنات الإنسانية تسعى دائماً إلى إشباع ذواتها من خلال ما تناله من تقدير واعتراف متبادل. أما المكافآت الاقتصادية -بعد حد معين- لا تكتسب أهميتها في نظر الناس لذاتها، بل بوصفها مؤشراً يرمز إلى المكانة الاجتماعية العالية. ومن هنا وافق العلماء الوظيفيون على رأي فيبر على أن التدرج هو مظهر أساسي من مظاهر المجتمع الحديث.
إن المكانة الاجتماعية ببساطة هي الوضع الذي يشغله الفرد في مجتمع أو جماعة ما. ولما كان كل فرد لا يقتصر انتماؤه إلى جماعة واحدة فقط، فإن مكانته تختلف وفقاً لنوع الجماعة التي ينتمي إليها، إذ قد يشغل مكانة معينة في جماعة ما غير تلك، التي يشغلها في جماعة أخرى.
ويتضمن مفهوم المكانة تصور الأعلى Higher والأدنى Lower. إن هذين المفهومين يستخدمان لتحديد مكانة شخص ما، في نسق المراتب الاجتماعية. ومثال ذلك أن الرقيب في الجيش له مرتبة أرقى من الجندي، أو المهندس في المصنع له مرتبة أرقى من الموظف الفني. ولذلك يبدو المظهر الكلي للمراتب كما لو كان نسقاً للمكانة. وهذا التصور يركز على فكرة المرتبة Rank. وتحتم المكانات الاجتماعية على شاغلها حقوقاً وواجبات يجب أن يمتثلوا لها جميعاً. ومثال ذلك الحقوق والواجبات المرتبطة بمكانات الآباء والأبناء والأمهات، والعمال والموظفين.
ويجب التمييز بين المكانة المكتسبة Achieved Status، والمكانة الموروثة Ascribed Status؛ فالمكانة المكتسبة هي التي يصل إليها الفرد بجهوده، والتي تتميز في أغلب الأحيان بالمنافسة واستخدام القدرات الخاصة والمعرفة والمهارة. وبناءً على ذلك تعد كثير من المكانات المهنية مكتسبة، كالطبيب أو المحامي مثلاً. وتتعرض المكانة المكتسبة للمنافسة، طالما أنها تعتمد على معايير تستند إلى القدرات الشخصية أكثر من استنادها إلى عوامل متصلة بالمولد، (كالجنس والأسرة، والعنصر والسلالة). أما المكانة الموروثة، فهي مكانة غير قائمة على قدرة خاصة أو مهارة أو جهد أو إنجاز فردي، وإنما تقوم على وضع موروث في المجتمع.
والمكانة الموروثة إما أن تُكتسب عند المولد، أو بطريقة تلقائية؛ أي عندما يصل الفرد إلى سن معينة. وتوجد مكانات كثيرة موروثة في المجتمع، كمكانة الجنس، والسن، والعنصر، والسلالة. كما أن المكانات المهنية في نسق الطبقة المغلقة تُورث أيضاً.
ويعد الدور الاجتماعي المظهر الدينامي السلوكي للمكانة الاجتماعية، أو الطريقة التي ينجز بها الفرد مستلزمات المكانة، أو ما يجب أن يقوم به من سلوك وفعل، ويتمتع به من امتيازات أو حقوق. ويمكن أن يساعدنا تصور الدور الاجتماعي في إدراك العلاقات الاجتماعية، كجزء من البناء الاجتماعي للمجتمع، حيث يُعرف الدور بأنه نمط السلـوك A pattern of behavior مرتبط بمكانة اجتماعية محددة، ومثال ذلك دور الأب أو الموظف أو المدرس، إذ تحدد الأدوار في الواجبات والحقوق، من طريق المكانة الاجتماعية.
كما تُعد الأدوار مكملة أو متبادلة Reciprocal؛ فدور الرئيس يتمم أو يكمل دور المرؤوس، ودور المدرس يكمل دور الطالب، ودور الوالدين في البيت مكمل لدور المدرسين في المدرسة، ودور رجل الأمن مكمل لدور القوات المسلحة. وكلما تحددت الأدوار بوضوح، تأكد التآزر والاتساق في سلوك الأفراد والجماعات.
ولذا كانت الأدوار ذات صلة وثيقة بتقسيم العمل في المجتمع؛ فالمسؤولية محددة لكل شخص، وكلما تعقدت المجتمعات ازدادت وتباينت الأدوار فيها، وتعددت من ثم المراكز الاجتماعية؛ ففي بنية العلاقات القرابية توجد مراكز كثيرة، أو مكانات متعددة، مثل مكانة الأب، والأم، والابن، والبنت. وهذه المكانات كلها هي أحكام ومقاييس أخلاقية واجتماعية تحدد السلوك الاجتماعي اليومي للفرد داخل المجتمع، أو الأسرة، أو الجماعة التي يعيش فيها. |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75523 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: " الموسوعة المصغّرة للمصطلحات الاجتماعية " 4 الجمعة 10 يونيو 2016, 3:27 pm | |
| إيكولوجية اجتماعية
Social Ecology
يرجع استخدام مفهوم الإيكولوجيا إلى العالم البيولوجي أرنست هايكل، حيث استخدم مصطلح Ocologie ليشير به إلى علاقة الكائن الحي ببيئته العضوية وغير العضوية. وقد اشتق المصطلح من الكلمة اليونانية Okios ، ويعني منزل أو مسكن Home. ويشمل المعنى الواسع للمصطلح، أيضاً، من يقيمون في المسكن ونشاطهم اليومي، وتأديتهم لوظائفهم للإبقاء على الحياة وضمان الحصول على مواردها، وهو المعنى المفهوم من لفظ Homing. وبذلك يكون المعنى العام لمصطلح إيكولوجيا أنها العلم الذي يَدْرس الأفراد، الذين يعيشون في بيئة واحدة، والوقوف على مبلغ نشاطهم وتفاعلهم مع عناصر البيئة.
أما علماء الإيكولوجية الاجتماعية، فيحددونها في إطار دراسة البيئة الاجتماعية وتنظيمها، والعلاقات المكانية والنفسية والاجتماعية، التي تربط الجماعات والأفراد بعضهم ببعض، والآثار المتبادلة بين الأفراد والبيئة التي يشغلونها.
وقد أوضح جيمس كوين، وهو من أبرز ممثلي المدرسة الإيكولوجية؛ أن التفاعل الإيكولوجي يتم من خلال الاعتماد على موارد بيئة محدودة، بحيث يصبح كل كائن عضوي قادراً على التأثير في الآخرين، من خلال قدرته على زيادة أو نقص الموارد البيئية، التي يعتمد عليها الآخرون. وهذه العملية بطبيعتها عملية غير شخصية. فهي عملية اجتماعية فرعية، وإن كانت دراستها تحتل أهمية خاصة في التحليل السوسيولوجي.
ويرى بعض الباحثين وأشار بارك إلى أن هناك مستويين إيكولوجيين داخل المجتمعات الإنسانية؛ الأول منهما هو المستوى التكافلي الذي يتمثل في المنافسة غير الشخصية. والمستوى الثاني ثقافي يرتكز على الاتصال والاتفاق. من هنا ذهب الباحث بارك إلى أن الإيكولوجيا الاجتماعية ليست سوى شكل من أشكال تجريد شبكة العلاقات الإنسانية غير المرئية، داخل منطقة تسودها حياة مشتركة.
ولذا، فإذا حللنا أي تجمع بشري إلى عناصره الأولية من الناحية الإيكولوجية، نلاحظ أنه نتاج لسلسلة من عمليات التفاعل بين العناصر الآتية:
1. حياة مجموعة من الأفراد في منطقة محدودة.
2. تفاعلات وتوجيهات من البيئة للإنسان، بشأن استغلال مواردها الطبيعية وتسخير إمكانياتها لخدمة مطالبه؛ لأن الطبيعة في غالب الأمر هي التي توجه الإنسان إلى ما ينبغي عمله.
3. ظهور أنماط وأساليب للتفكير والعمل الإنساني، وذلك لاستغلال الطبيعة أولاً، ثم البحث في تحسين وسائل الاستغلال وتطويرها ثانياً، وبمضى الزمن أصبحت هذه الأساليب قاعدة للتراث الثقافي ومقومات الحضارة.
4. تقسيم العمل وتوزيع الاختصاصات وتنويع الوظائف، التي يتعين على أفراد المجموعة القيام بها. لا يؤدي هذا التقسيم إلى التفرد الذاتي أو الانعزال الوظيفي؛ ولكنه يحقق التكامل في الأهداف ووحدة القصد.
5. التأمين على حياة المجتمع وضمان استقرار أوضاعه، والبعد عن عوامل التفكك والانحلال.
6. تنسيق وتدعيم العلاقات، التي تربط هذه المجموعة بما عداها من الجموعات الأخرى، والبيئة التي يعيشون عليها بما عداها من البيئات المصاحبة لهم. وهذا مظهر من مظاهر تأمين سلامة المجتمع، ليس من الناحية الداخلية فحسب، بل ومن الناحية الخارجية كذلك.
وهذا يوضح أن الإيكولوجيا تهتم بدراسة العلاقات بين الجماعات الإنسانية (السكان) والبيئة المحيطة بها.
إن عالم الاجتماع يستخدم مصطلح "إيكولوجيا بشرية" أكثر من استخدامه "للإيكولوجيا الاجتماعية". وهذا يعني أنهما يتضمنان المعنى نفسه، حيث يُنظر إليها على أنها دراسة لأحد المجتمعات المحلية، من خلال تحليل التوزيع المكاني والزماني للأشخاص والجماعات والخدمات، في ظل ظروف معينة/ متغيرة، إلى جانب دراسة العوامل المرتبطة بتغير نماذج هذه التوزيعات. ويحظى هذا التعريف بموافقة الغالبية العظمى من علماء الاجتماع اليوم. وقد يشير المصطلح إلى معنى آخر، وهو دراسة الطريقة التي يتبعها شعب معين لتنظيم شؤونه، بهدف استمرار وجوده في منطقة بذاتها.
ومن ثم فإن "الإيكولوجيا الاجتماعية" تشير إلى شيء أكثر من التكيف المادي للفرد، أو الجماعة، مع البيئة الفيزيقية. ففي علم النبات لا تقتصر إيكولوجيا النبات على دراسة علاقة النباتات بالتربة أو المناخ، بل تهتم بدراسة علاقة النباتات بغيرها من النباتات والكائنات الأخرى في بيئة معينة. وبالمثل لا تهتم الإيكولوجيا الاجتماعية بالاستجابة المباشرة للبيئة فحسب، بل تهتم بتوزيع وتكوين الجماعات الضرورية لاستغلال الموارد الطبيعية. كما تهتم بالعلاقات غير المباشرة التي تنتج عن هذه التجمعات. وهذا يقودها إلى دراسة أنماط العلاقات الاجتماعية في التجمعات الحضرية والصناعية المختلفة. إضافة إلى التركيز على طبيعة وأهمية العادات والتقاليد، في ضبط سلوك الفرد الاجتماعي.
وفي الفترة الأخيرة توسع مجال الدراسات الإيكولوجية الاجتماعية، بحيث شمل المجتمعات الحضرية الحديثة. فقد درست أنماط وطبيعة العلاقات الاجتماعية في البيئة الحضرية، ودُرست الحريات والقيود، التي تفرضها البيئة الحضرية على العلاقات، التي تسيطر على العمليات التكنولوجية والصناعية.
العمليات الإيكولوجية
ثمة توجد عمليات اجتماعية أوسع نطاقاً وأعم شمولاً، وهي العمليات الإيكولوجية المتصلة بالتنظيم الاجتماعي، وهي:
1. الغزو العمراني Invasion: ويعني انفصال الجماعات والأفراد من منطقة إلى أخرى، ويُسمى أحياناً الهجرة. وقد يكون على نطاق واسع، وقد يضيق نطاقه فيقتصر على تحريك بعض الجماعات بقدر محدود.
2. العزلة Isolation: تتخذ العزلة مظهرين، ويمثل المظهر الأول العزلة الفكرية والمذهبية، بمعنى أن الجماعات، التي تمارس العزلة من الممكن أن تصاهر غيرها، أو تدخل في علاقات اجتماعية مباشرة مع الآخرين، رغم التباعد الفكري أو المذهبي. أما المظهر الآخر فهو العزلة الكاملة من الناحيتين الاجتماعية والمكانية؛ فلا تختلط هذه الجماعات بغيرها ولا تتعامل إلا في أضيق الحدود، وتحافظ بقدر الإمكان على مقوماتها وخصائصها وتراثها الاجتماعي. ويُعبر عن المظهرين معاً بالعزلة البشرية.
3. الإبادة الاجتماعية Social Abolition: تتضمن مظهرين، يشير المظهر الأول إلى حملات الإبادة لجماعات بأسرها، من طريق الاضطهاد الديني أو العرقي أو الاعتقال. أما المظهر الثاني، فيتضمن إفناء التراث الثقافي والقضاء على مقومات الحضارة والدين، وذلك من طريق إغلاق المدارس والجامعات، وتخريب المكتبات، وقتل الأساتذة والطلبة وتشريدهم. وقد ازدادت عمليات الغزو والعزلة والإبادة والتعاقب في المجال العمراني، إثر تطور الهجرة الداخلية والخارجية، وقيام الحروب، سواء كانت حروباً عالمية أو حروب إبادة يشنها المستعمرون من البيض ضد الأعراق الأخرى، ما وسع من نطاق الدراسات المتصلة بالإيكولوجية الاجتماعية.
وعلى الرغم من أهمية إسهامات الإيكولوجية الاجتماعية في تفسير البناءات الإيكولوجية الحضرية، إلا إنها تعرضت لنقد شديد، عندما جرى تحليلها من طريق خاطئ، عندما وجهت كل اهتمامها إلى الجوانب الجيوفيزيقية للمدينة، دون أن تهتم بحياتها الاجتماعية؛ فالحياة الاجتماعية هي بناء التفاعل، وليست بناء الحجر والصلب والأسمنت والأسفلت. وليس أدل على أن الإيكولوجية الاجتماعية قد ضلت طريقها إلى التحليل السوسيولوجي، من اهتمام الكثير من الدراسات الإيكولوجية باكتشاف خصائص المناطق المتخلفة، دون اهتمام بنوع الحياة الذي أدى إلى ظهور هذه المناطق وخصائصها، كمن يهتم بدراسة الجريمة ومسرحها، دون الاهتمام بالمجرم نفسه ودوافعه. |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75523 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: " الموسوعة المصغّرة للمصطلحات الاجتماعية " 4 الجمعة 10 يونيو 2016, 3:27 pm | |
| اجتماع سياسي
Political Sociology
تُعد الدراسة النظامية للظواهر السياسية الجوهرية دراسة قديمة، بدأت منذ أن نشر أرسطو كتابه السياسة، إلا أن اصطلاح "علم الاجتماع السياسي"، الذي يدرس الظواهر السياسية دراسة متعلقة بأجزاء التركيب أو البناء الاجتماعي، ظهر لأول مرة عام 1945. ويرى علم الاجتماع السياسي أن المؤسسات السياسية، بأنواعها الرسمية والدستورية وغير الرسمية، أجزاء أساسية من النظام الاجتماعي؛ فضلاً عن دراسته للطبقة الأرستقراطية، ودراسة مظاهر الصراع وطرق السيطرة عليه، وجماعات المصلحة والضغط، وتكوين الرأي العام، والأحزاب السياسية كمؤسسات اجتماعية، ودراسة الظواهر السياسية المتعلقة بالأنظمة الدكتاتورية، والأنظمة الديموقراطية الدستورية الحديثة.
ومعنى ذلك أن علم الاجتماع السياسي جزء متكامل من علم الاجتماع، استطاع أن يوجه العلم السياسي بصورة متزايدة نحو الاهتمام بالواقع الإمبريقي، والتحليل الاجتماعي للظواهر السياسية المختلفة. وتُعد مرحلة ما قبل الحرب العالمية الثانية وما بعدها هي الفترة التي شهدت ظهور علم الاجتماع السياسي وتألقه، حيث كانت محاولات إعادة بناء أوروبا، وحركات الاستقلال الوطني والنزعات المعادية للاستعمار، وظهور الديموقراطية، كأيديولوجية، بمثابة الأرض الخصبة التي تَخلَّق من خلالها هذا العلم؛ بل إن تطوره كنسق معرفي ارتبط بسعيه ومحاولته لتفسير تلك الظواهر القومية والعالمية.
إذا كان المناخ الفكري الناقد الذي صحب الحرب العالمية الثانية، قد ساعد على مزيد من الاهتمام بقضية العلاقة بين السياسة والمجتمع، ومن ثم انبثاق الحاجة إلى علم الاجتماعي السياسي، إلا أن بعض الدارسين يرى أن الدراسة الاجتماعية للسياسة ارتبطت، كذلك، بظهور السلوكية Behaviorism، التي تؤكد على الوقائع الخاصة، التي يمكن ملاحظتها أكثر من تأكيدها على الخبرات الذاتية للسلوك الإنساني؛ فالاتجاهات السياسية والسلوكيات والإدراكات والمعتقدات، أصبح يُنظر إليها بوصفها انعكاسات للعلاقات البين شخصية Inter Personal Relation، داخل الجماعات الأولية والثانوية. وقد امتد تأثير السلوكية إلى العصر الحديث، حيث ظهر الاهتمام بدراسة الأحزاب السياسية، وبعملية التصويت؛ فضلاً عن تحليل التنظيمات البيروقراطية، والحركات السياسية الشمولية.
وإذا كان علم السياسة، كما يقول لازويل Lasswel، يهتم بدراسة الحكومة والإدارة العامة، أو يدرس الدولة والنظم السياسية المختلفة، أو يُعنى أساساً بدراسة القوة Power، وعملية التأثير أو النفوذ Influence، فإنه يحاول الإجابة على التساؤلات الأربعة: من يحصل؟ وعلى ماذا؟ ومتى؟ وكيف؟.
وإذا كان علم الاجتماع يهتم بدراسة طبيعة البناءات الاجتماعية، فإن علم الاجتماع السياسي قد انبثق من خلال التفاعل بين هذين النسقين المعرفيين (علم السياسة وعلم الاجتماع).
وعلى الرغم من الجهود الضخمة، التي بذلها علماء الاجتماع السياسي خلال العقود الأخيرة، من أجل تحديد دقيق لنطاق عملهم؛ إلا أن التفرقة بين علم الاجتماع السياسي وعلم السياسة قد تبدو أمراً صعباً، في كثير من الأحيان؛ فعلى سبيل المثال، يهتم علم السياسة بدراسة أساليب الحكم وأدواته، بما في ذلك العمليات التشريعية والإدارية والقانونية، دراسة وصفية؛ فضلاً عن الجانب الرسمي للعمليات السياسية، إلا أن الكتابات الحديثة في علم السياسة تشير إلى اهتمام متزايد بالسياق الاجتماعي والاقتصادي، ما جعله أكثر قرباً إلى علم الاجتماع السياسي. وهذا ما دفع عالم الاجتماع السياسي توم بوتومور Bottomore، إلى القول: إن علم السياسة الحديث لا يختلف في اهتماماته كثيراً عن علم الاجتماع السياسي.
لذا، حدد برونجارت Braungart علم الاجتماع السياسي بوصفه: ذلك العلم الذي يُعني بدراسة العلاقة بين المجتمع والسياسة، من خلال القضايا الآتية:
1. الأحوال الاجتماعية للسياسة.
2. بنية السياسة، أو العملية السياسية.
3. تأثيرات السياسة على السياق المجتمعي والثقافة.
ومن ثم فإن الاجتماع السياسي، على نحو ما يرى برونجارت، يُعني بدراسة الأصول الاجتماعية المختلفة للقوة وصنع القرار، كذلك عملية الانغماس في القرار، أو عملية صناعة الحكم وتأثيرات هذا النشاط على المجتمع.
وعلى هذا يُعد علم الاجتماع السياسي وليد فكرة تساند العلوم، خاصة أن أكثر العلوم المعرفية التي لها اتساق علمان، هما: علم الاجتماع وعلم السياسة. وبذلك فعلم الاجتماع السياسي علم قد تخصص في دراسة التفاعلات والصلات، التي تنشأ بين هذين المجالين (علم الاجتماع وعلم السياسة).
مجالات علم الاجتماع السياسي
تتركز مجالات علم الاجتماع السياسي، اليوم، على قضايا مرتبطة بالتنظيم الاجتماعي والسياسي، والتكامل وحماية الحقوق الفردية، في عصر الدولة القومية والمجتمعات الجماهيرية، من خلال المجالات الآتية:
1. يهتم علم الاجتماع السياسي بدراسة الأساس الطبقي للظواهر السياسية، من خلال ربط المتغيرات السياسية بمتغيرات طبقية، كالمهنة والدخل والتعليم والعرق، حيث استطاع علماء الاجتماع السياسي الكشف عن المتغيرات الاجتماعية والطبقية، التي تلعب دوراً مهماً في تحديد ميول الأفراد عند الإدلاء بأصواتهم في صناديق الانتخابات.
2. الاهتمام بدراسة قضية المشاركة السياسية، وذلك لبيان أهمية المشاركة في تحقيق الإجماع السياسي، أو نمو المعارضة. كما تسهم في تعميق الشعور بالمسؤولية لدى الحاكم والمحكوم؛ إضافة إلى أنها تمثل آلية "ميكانيزما" دفاع ضد الظلم والطغيان. ومن ثم دراسة العوامل الاجتماعية والسياسية، التي تدفع إلى الإحجام عن المشاركة السياسية، أو الانسحاب منها، والفتور السياسي، أو السلبية السياسية.
3. تمثل الأيديولوجيا مجالاً مهماً في علم الاجتماع السياسي. والمقصود هنا "بالأيديولوجيا" مجموعة المعتقدات السياسية الشاملة الواضحة، التي تحدد مجال العمل السياسي ومساره. والأيديولوجيا بهذا المعنى تساعد على تشخيص الواقع، بقدر ما تسهم في تحديد الرؤية المستقبلية. ومن هنا نجد علم الاجتماع السياسي يُبدي اهتماماً خاصاً بالأيديولوجيات السياسية، التي ظهرت في دول العالم الثالث منذ حصولها على الاستقلال بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، وتأثير انتشار التعليم، ووسائل الاتصال الجماهيري، ونمو المدن، على الاتجاهات السياسية عموماً.
4. كما يهتم علم الاجتماع السياسي بدراسة الأحزاب السياسية وتصنيفاتها ودورها، في إثراء العملية الديموقراطية، خاصة وأن الأحزاب وسيلة مهمة من وسائل تجنب الحكم الفردي والديكتاتوري، أياً كان نوعه؛ فهي تتضمن الوسائل والأساليب، التي تتقدم جماعات جديدة من خلالها للعمل السياسي. وقد أثبتت الأحزاب السياسية في النظام الديموقراطي والشمولي كفاءتها، في صياغة المشاركة السياسية والمنافسة من أجل التصويت. وقد اهتم علماء الاجتماع السياسي في دراساتهم للأحزاب السياسية بنظرية التنظيم والبيروقراطية، ما دفعهم إلى التركيز على الخصائص البنائية الداخلية والمميزة لها، ودورها داخل البناء الاجتماعي.
5. كذلك، يهتم علم الاجتماع السياسي بدراسة السياق الاجتماعي للقوة، أو السلطة السياسية وتصنيفاتها، وتفسير القوة بوصفها وسيطاً شرعياً لتبادل مصادر القوة وتعبئتها وتجنيدها، من خلال السياسة، تحقيقاً للأهداف الجماعية، ومن ثم يتجه التعدديون إلى رؤية القوة بوصفها عنصراً في المجتمع، تميل إلى أن تكون مركزية تعددية، تنتشر وتتوزع بين جماعات متعددة، وتؤسس وفقاً لمصالح هذه الجماعة؛ بينما القوة تتركز في مالكي وسائل الإنتاج (الخصم الحاكم)، على نحو ما يذهب إليه أصحاب النزعة الطبقية. |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75523 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: " الموسوعة المصغّرة للمصطلحات الاجتماعية " 4 الجمعة 10 يونيو 2016, 3:28 pm | |
| علم الاجتماع الاقتصادي
قبل أن نُعرِّف علم الاجتماع الاقتصادي، لا بد أن نُشير أولاً إلى مفهوم علم الاقتصاد. يُعرّف علم الاقتصاد، بشكل عام، بأنه دراسة للبشرية في ممارسة شؤون حياتها العادية، وخاصة ما يتعلق بتحديد الأسعار، التي تُدفع مقابل السلع والخدمات، وعما يحدد الحصة التي تذهب إلى الأجور والفائدة والأرباح، وكذلك ريع الأرض والأشياء الثابتة وغير القابلة للتغيير المستخدمة في الإنتاج، ونظرية القيمة ونظرية التوزيع.
عُرِّف علم الاقتصاد، بشكل أكثر تحديداً، بأنه الدراسة العلمية لإنتاج وتوزيع واستهلاك السلع والخدمات، لتحقيق رفاهية الأفراد. وكان يُطلق على علم الاقتصاد مسمى "الاقتصاد السياسي" Political Economy، بما يفيد أنه يبحث في موضوعات خاصة بالدولة. غير أنه عندما تناول العلماء هذا الموضوع -في العصور الحديثة- لاحظوا أن ذكر الدولة يتوقف على ذكر المواطنين؛ فتحول اهتمامهم إلى البحث في الوسائل التي تؤدي إلى زيادة ثروة الشعوب؛ ثم ما لبثوا أن اهتدوا إلى أن نمو الثروة الاقتصادية يتوقف على جهود الأفراد في حياتهم الاجتماعية؛ فأصبح موضوع هذا العلم البحث في هذه الجهود، وهو موضوع اجتماعي يختلف عن موضوعه السابق، الذي سُمي من أجله "بالاقتصاد السياسي".
والنشاط الاقتصادي بطبيعته نشاط اجتماعي، ذلك أن الناس لا يبذلون جهودهم الاقتصادية في عزلة عن بعضهم بعضاً؛ إذ يفتقر كل منهم إلى الآخر في مختلف أوجه النشاط الاقتصادي. وينشأ عن هذا الاتصال بين الأفراد علاقات متشعبة لا يمكن حصرها؛ فمن علاقات بين أصحاب العمل والعمال، إلى علاقات بين البائعين والمشترين، إلى أخرى بين المنتجين بعضهم ببعض. ويؤثر التنظيم الاجتماعي على نمو النشاط الاقتصادي، كما يؤثر هذا النشاط بدوره على التنظيم الاجتماعي.
وقد عُرِّف علم الاقتصاد وفقاً لذلك بأنه: دراسة الكيفية التي عليها ينظم الناس استخدام الموارد، لإشباع رغباتهم وحاجاتهم. بمعنى أن علم الاقتصاد يهتم بدراسة التنظيم الاقتصادي، وهذا يتطلب دراسة مختلف النظم الاقتصادية والمشكلات، التي تواجه كل نظام، والطرق الممكنة لحل هذه المشكلات. ولما كانت حاجات الإنسان البيولوجية آمرة، ورغباته التي تحددها الثقافة لا حدود لها، أي أن حاجاتنا لا تنتهي وغير محدودة؛ بينما النشاط والموارد الطبيعية محدودة، لا غنى لكل مجتمع من أن يقتصد، بمعنى أن يقرر (سواء بتدبير أو بغير تدبير) كم من الوقت والنشاط والموارد سوف يستهلك لمواجهة هذه الحاجة؟ وتحقيق تلك الرغبة على حساب الحاجات والرغبات الأخرى؟ وما الذي ينبغي تأجيله؟ وتتخذ هذه القرارات في إطار المركب التنظيمي، الذي سُمي الاقتصاد.
أي أن الاقتصاد هو المركب التنظيمي، الذي يرسم طريق قرارات وأفعال أفراد المجتمع، وهم ينظمون ويقضون وقتهم ونشاطهم وقدراتهم، ويستخدمون الموارد المتيسرة لهم لإنتاج وتوزيع السلع أو الخدمات، التي سوف تتجه لإشباع حاجاتهم ورغباتهم.
ينقسم علم الاقتصاد إلى ميدانين عامين، هما:
الميدان الأول: الاقتصاديات على المستويات الصغرى، التي تتعلق بالقرارات التي تتخذ على مستوى الوحدات الفردية، مثل المنتجين والعمال والمستهلكين.
الميدان الثاني: الاقتصاديات على المستويات الكبرى، التي تتعلق بمستوى السلوك الكلي أو التجمعات الكلية، مثل المنتج Output الذي يحصل عليه كل المنتجين، والكميات التي تُنفق من طريق المستهلكين.
وهذا ما يوصلنا إلى تعريف علم الاقتصاد، بأنه العلم الذي يهتم بدراسة ذلك الجزء من النشاط الفردي والاجتماعي، أو الجزئي والكلي، الذي نكرسه للوصول إلى أحسن الظروف المادية لتحقيق الرفاهية. ويُطلق على هذا النشاط الفردي والجماعي اسم "النشاط الاقتصادي"، وهو أحد أوجه النشاط الاجتماعي، بشكل عام. وتجدر الإشارة إلى أن علم الاجتماع الاقتصادي لا يرمي من دراسته إلى الوصول إلى قوانين اقتصادية بحتة، أو الوصول إلى هذه القوانين بغرض ذاتي؛ وإنما يهدف إلى الانتفاع بها في الارتقاء بالأوضاع والنظم والمستويات الاقتصادية. فإذا كان الاقتصاد يهتم بالمنفعة، فإن علم الاجتماع الاقتصادي يعني العدالة؛ وإذا كان الاقتصاد يضع القوانين، التي يستند عليها النظام الاقتصادي، فإن علم الاجتماع الاقتصادي يستنبط قوانين تدعم البنيان الاجتماعي من الناحية الاقتصادية.
إن علم الاجتماع الاقتصادي يساعد على معرفة أي النظم الاقتصادية، التي يمكن أن تلائم هذا المجتمع أم ذاك، وما الذي يجب الاحتفاظ به؟ وما الذي يجب استبعاده من وسائل النشاط أو الاستغلال الاقتصادي؟. ويرجع ذلك إلى أنه يدرس النشاط الاقتصادي، بوصفه أحد مظاهر النشاط الاجتماعي، بل هو أهم ناحية من سلوك الأفراد، لأنه يتصل بقوام البنيان الاجتماعي، وينظر إلى هذه الظاهرة الاقتصادية نظرته إلى الظواهر الاجتماعية، نظرة لا تقل شأناً عن الظواهر السياسية والدينية والأخلاقية واللغوية، وهي كلها ظواهر تنبع من طبيعة الحياة الاجتماعية، وما تنطوي عليه من تفاعل بين الأفراد واحتكار مشاعرهم، وتقابل رغباتهم وخضوعهم لظروف بيئية واجتماعية تصهرهم جميعاً في بوتقة واحدة، تتحدد آثارها وتتداخل العوامل المؤثرة فيها، بالنتائج المترتبة عليها.
وعلى هذا النحو يكون تعريف نيل سملسر Smelser، هو أفضل التعريفات لعلم الاجتماع الاقتصادي، الذي أشار إليه في كتابه "سوسيولوجيا الحياة الاقتصادية"، بوصفه "العلم الذي يقوم على تطبيق الإطار المرجعي لعلم الاجتماع ونماذجه التفسيرية، لدراسة وتحليل الأنشطة الاقتصادية الحديثة، التي تعالج عمليات الإنتاج، والتوزيع، والتبادل، واستهلاك للسلع والخدمات النادرة".
مجالات علم الاجتماع الاقتصادي
يرتبط علم الاجتماع الاقتصادي في الوقت الراهن بمجموعة حديثة من الموضوعات والقضايا والمجالات، التي تعكس نوع التعريف الحديث له، والذي يسعى لتحليل الظواهر والنظريات الاقتصادية، بوصفها ظواهر اجتماعية تهتم بمعالجة مشكلات مرتبطة بالنسق السوسيولوجي العام. كما يهدف لاستخدام المنظورات الاجتماعية لدراسة تلك الظواهر والمشكلات، بصورة واقعية إمبريقية. وقد ساعد ذلك على ظهور مجالات جديدة يعالجها هذا العلم حالياً، وهي:
1. الاستهلاك والإنتاج، والاختراعات التكنولوجية، والأسواق، والعمل، والمال، والصناعة، والمستهلك.
2. تأثير العوامل الاجتماعية والأخلاقية على الاقتصاد والتنظيمات الاقتصادية، مثل البنوك وشركات التأمين والشركات العالمية والصناعية وغيرها.
3. تحليل العلاقة بين الاقتصاد والتنظيمات غير الاقتصادية الأخرى، مثل الدولة والنقابات والاتحادات العمالية وغيرها.
4. دراسة الطبقات الاقتصادية، والحياة داخل تنظيمات العمل، والحراك الاقتصادي والاجتماعي والمهني.
5. معالجة النظريات والأيديولوجيات الاقتصادية، والاتجاهات نحو الاقتصاد والمهن الاقتصادية، مثل المستثمرين وأصحاب المال والعمل.
6. دراسة اقتصاديات الرفاهية، والنظام الاقتصادي العالمي الجديد، ومشكلات التضخم، والعقود، والقروض والمعونات، والمال والاقتصاد الرسمي، وغير الرسمي.
7. معالجة قضايا التنمية الاقتصادية في دول العالم الثالث، مثل الفقر، والصحة، والعلاج، والتعليم، وغيرها من قضايا أخرى.
ولم يقتصر اهتمام علماء الاجتماع الاقتصادي على تلك المجالات الحديثة، التي تكشف عن دخول هذا الفرع الحديث في جوهر الظواهر والمشكلات الاقتصادية، بقدر ما اهتم المتخصصون بفكرة تنوع الاهتمامات والمجالات الحديثة لعلماء الاجتماع والتعاون، مع غيرهم من المتخصصين في العلوم الاجتماعية الأخرى. كما اهتم علماء الاجتماع الاقتصادي، أيضاً، بالتطورات والتغيرات، التي أدت إلى ظهور عدد من الفروع الوليدة النشأة لعلم الاجتماع. |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75523 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: " الموسوعة المصغّرة للمصطلحات الاجتماعية " 4 الجمعة 10 يونيو 2016, 3:29 pm | |
| أهداف اجتماعية
Social Goals
تُعرف الأهداف الاجتماعية، بشكل عام، بوصفها الرغبات أو النتائج المراد الوصول إليها بإجراءات ووسائل مختلفة ومتنوعة، تؤدي إلى إحداث تغييرات مقصودة. ومن أجل الوصول إلى الأهداف الاجتماعية والثقافية، فقد قسم ميرتون الجماعات الإنسانية إلى قسمين، هما:
1. جماعات تركز كل اهتمامها على الأهداف الاجتماعية والثقافية؛ بينما تهمل الوسائل النظامية لتحقيق هذه الأهداف.
2. جماعات تركز كل اهتمامها على الوسائل النظامية، حتى وإن كان ذلك على حساب الأهداف المحددة اجتماعياً وثقافياً، وهي جماعات تبالغ في تطبيق المعايير النظامية، وتتميز بالامتثال المفرط Over Conformity لها.
وفي هذا الصدد يوجد عنصران لهما أهمية مباشرة، ضمن عناصر البناءات الاجتماعية والثقافية المختلفة، ويتميز كل عنصر منهما بأنه منفصل عن الآخر على المستوى التحليلي، وإن كانا يتكاملان معاً في الواقع الملموس. وهذان العنصران هما:
1. عنصر يتمثل في الأهداف والغايات والمصالح المحددة ثقافياً، والتي تعد بمثابة أهداف اجتماعية مشروعة لجميع أعضاء المجتمع على اختلاف مواقعهم فيه، وهي تشكل إطاراً مرجعياً للطموح.
2. عنصر يتمثل في المعايير النظامية، حيث تعمل كل جماعة اجتماعية على تحقيق أهدافها الاجتماعية باستخدام مجموعة قواعد وأساليب تمتد جذورها إلى الأعراف أو النظم، وتتعلق بالإجراءات المسموح بها للتحرك نحو هذه الأهداف.
إن القول بأن الأهداف الاجتماعية والأساليب النظامية تعمل معاً لتشكل الممارسات السائدة، ليس معناه أن هناك علاقة متسقة وثابتة دائماً بينهما. فقد يختلف التأكيد على بعض الأهداف، عن درجة التأكيد على الوسائل النظامية. فقد ينشأ تركيز شديد جداً على قيمة بعض الأهداف، يصحبه اهتمام ضئيل، نسبياً، بالوسائل المفروضة نظامياً من أجل الوصول إلى هذه الأهداف. وهذا يمثل نموذجاً للثقافة التي وصفها ميرتون بأنها "سيئة التكامل Malintegration". أما النموذج المقابل له، فيوجد في المجتمعات التي تعد أنشطتها بمثابة ممارسات تنجز من أجل ذاتها فقط، ما يؤدي إلى فقدها لأهدافها الاجتماعية الأكثر أهمية.
وهنا يصبح الإذعان للسلوك المفروض نظامياً مسألة شعائرية، أو طقوسية خالصة؛ كما يمثل الامتثال التام والمطلق، قيمة محورية تُقصد لذاتها.
ويرى ميرتون أنه في حالة تقبل أفراد المجتمع لكل من الأهداف الاجتماعية والأساليب النظامية بالدرجة نفسها، فإن حالة من الاستقرار والتناغم ستسود المجتمع، نظراً لتمسك أكثر أفراد المجتمع بهذه الأهداف وتلك الأساليب.
أما عندما يُدفع الأفراد إلى تركيز اهتماماتهم العاطفية والانفعالية، على الأهداف المطلوبة اجتماعياً، مع عدم التركيز على الدعم العاطفي الملائم للأساليب المقررة للتوصل إلى هذه الأهداف، فإن هذا يُعرف بالنموذج المتطرف، الذي يظهر منه تأكيد كبير على أهداف النجاح، دون تأكيد موازٍ على الوسائل النظامية. ومثال ذلك ما يحدث في الثقافة الأمريكية، التي تؤكد على حتمية النجاح، أو الكسب المالي. كما أن ممثلي المجتمع، الذين يتمتعون بالتبجيل والهيبة الاجتماعية، يدعمون هذا التأكيد الاجتماعي بصفة مستمرة، (وليس أدل على ذلك من أن مؤسسات المجتمع الأمريكي، وأهمها الأسرة والمدرسة ومكان العمل، لا تتوقف عن تأكيد قيمة الثراء كرمز أساسي للنجاح، في الموقف نفسه الذي لا يحدث فيه تأكيد مطابق على القنوات الشرعية الموصلة إلى هذا الهدف). ما يؤدي إلى الانحراف عن تحقيق هذه الأهداف الاجتماعية بالوسائل المشروعة، التي أقرها المجتمع ونسق القيم السائدة فيه. |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75523 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: " الموسوعة المصغّرة للمصطلحات الاجتماعية " 4 الجمعة 10 يونيو 2016, 3:29 pm | |
| الالتزام
Obligation
يُعرف الالتزام بأنه ارتباط قانوني يكون على شخص أو أكثر، بمقتضى العُرف أو القانون، أن ينتقل حقاً إلى شخص آخر أو أكثر، أو أن يقوم بعمل معين، أو أن يمتنع عنه. والواقعة القانونيةـ مصدر الالتزام، قد تكون واقعة طبيعية لا ترجع لإرادة الإنسان، وإنما تنتسب إلى القانون. بذلك يكون القانون هو المصدر المباشر للحقوق، التي تنجم عنها، أو أن تكون الواقعة اختيارية، ترجع لإرادة الإنسان. وقد تكون عملاً مادياً نافعاً، كالإثراء على حساب الغير، أو عملاً ضاراً، كالجماعات الإرهابية.
وقد يكون الالتزام التزاماً اجتماعياً Social Obligation، ويعني التزام الفرد أن يجعل سلوكه ممتثلاً للمعايير والقيم المقررة في المجتمع، أو التزاماً خلقياً Moral Obligation، ويصدر عن طبيعة الإنسان من حيث هو كائن قادر على الاختيار، بين الخير والشر.
ويُعرف الالتزام من المنظور القانوني بوصفه رابطة مالية بمقتضاها يكون الشخص مديناً لشخص آخر، أو قابل للتعيين بأداء له قيمة مالية يسأل عنه المدين، أو ضامنه في ماله. ويتضح من هذا التعريف أن الالتزام يتضمن أداء ما يلي:
· الربط بين شخصين برباط مالي.
· يتضمن الالتزام عنصرين هما: عنصر المديونية وعنصر المسؤولية.
· مركز المدين يختلف عن مركز الدائن.
أولاً: أنواع الالتزامات
ثمة أنواع عديدة من الالتزامات، وهذا يؤدي إلى اختلاف الأحكام المنظمة لها. ونعرض فيما يلي لأهم هذه الأنواع.
1. الالتزام الخارجي والداخلي
يُمارس الالتزام الخارجي، أو الضبط الاجتماعي، بواسطة المؤسسات الاجتماعية القائمة، التي يُنشِئها كل مجتمع أو كل جماعة منظمة لتحقيق هذه الوظيفة، كالمحاكم للتحقق من التزام الأعضاء بالنظم والقوانين، وكذلك الشرطة والسجون، والمحاكمات الخاصة بأمور الشرف والكرامة، والإدانة الجماعية العامة، وغير ذلك.
ويوجد في مجتمعنا، وفي أغلب المجتمعات، تعليم إلزامي، حيث تُعاقب الأسرة التي لا تُرسل أبناءها إلى المدرسة، كما أن الطفل الذي يهرب من بيت الأسرة تُعيده الشرطة إليها.
أما الالتزام الداخلي، فيمثله صوت الضمير؛ فعندما يبلغ الأطفال سن الالتحاق بالمدرسة، يعرف كل الأطفال تقريباً (في المجتمعات التي يسود فيها التعليم الإلزامي) أنه يجب عليه الذهاب إلى المدرسة، ولا يشك أحد منهم في هذه القاعدة العامة أبداً. وإذا أخلّوا في أداء واجباتهم المدرسية فإن ضميرهم يؤنبهم فيراجعوا أنفسهم بأنفسهم، وإن لم يفعلوا ذلك من تلقاء أنفسهم، فإن المدرسة تبلغ الوالدين، وفي هذه الحالة يتدخل الإلزام الخارجي لإجبارهم على السير في الطريق الذي ترسمه الجماعة. يتضح من ذلك أن الحدود بين الالتزام الخارجي والالتزام الداخلي، ليست متباعدة؛ بل إنها متداخلة ومتشابكة في أغلب الأحوال.
ويمكن أن نتصور مجتمعاً لا يوجد فيه أي شكل من أشكال الالتزام الخارجي (الضبط الاجتماعي)، إذ يلتزم كافة أعضائه بمعايير وقيم الجماعة، التي ينتمون إليها التزاماً كاملاً، بحيث يتصرفون على النحو المطلوب دون أي التزام خارجي. وفي هذه الحالة يكون الالتزام الداخلي كاملاً وتاماً. وتوجد هذه الحالة فقط في بعض الجماعات الدينية في مراحل التأسيس الأولى (صحابة الأنبياء أو حوارييهم)، أو الجماعات ذات الاتجاهات الاجتماعية اليوتوبية، حيث تختار أعضاءها طبقاً لقواعد صارمة، ولا تكون قد ظهرت بعد صراعات ذات بال بينها وبين العالم الخارجي المحيط بها.
2. الالتزامات الإرادية والالتزامات غير الإرادية
الالتزامات الإرادية هي التي تنشأ من العقد، أو الإرادة المنفردة. أما الالتزامات غير الإرادية فهي التي تنشأ عن العمل غير المشروع.
3. الالتزام المدني والالتزام الطبيعي
الالتزام المدني يتكون من عنصري المديونية والمسؤولية، أما الالتزام الطبيعي فيقتصر على عنصر المديونية. ومعنى ذلك أنه لا يمكن إجبار المدين على تنفيذ التزام طبيعي؛ ولكن إذا وفّى باختياره فإن وفاءه يكون صحيحاً. أي أن الالتزام المدني يكون بإجبار المدين على تنفيذ التزامه، أما الالتزام الطبيعي فينقصه عنصر الإجبار أو القسر.
4. الالتزام بعمل والالتزام بالامتناع عن العمل
في الالتزام بعمل يتعهد المدين أن ينفذه لمصلحة الدائن أداءً إيجابياً، كإتمام عمل فني معين (مثال التزام المقاول بإقامة مبنى، والتزام الطبيب بعلاج مريض، والتزام البائع بتسليم المبيع، والتزام الرسام برسم صورة، وهكذا). أما التزام الامتناع عن العمل، وهو الذي بمقتضاه يعد المدين الدائن بأداء عمل سلبي، ومثاله التزام بائع المحل التجاري بالامتناع عن فتح محل تجاري مماثل لمدة معينة، أو الوعد بعدم البناء على مسافة معينة من ملك الجار.
ثانياً: مصادر الالتزام
تنقسم مصادر الالتزام إلى قسمين أساسيين، هما:
1. المصادر الإرادية
وأساس الالتزام في هذا النوع هو إرادة المدين المنفردة، وقد تشترك مع إرادة الدائن في إنشاء الالتزام. ويُطلق على هذه المصادر الإرادية "التصرف القانوني".
2. المصادر غير الإرادية
لا دخل لإرادة المدين في نشوء الالتزام، وتشمل العمل غير المشروع، والإثراء بلا سبب أو قانون. ويُطلق عليها اسم "الواقعة القانونية"، مثل واقعة الجوار أو القرابة أو الفعل النافع أو العمل غير المشروع. |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75523 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: " الموسوعة المصغّرة للمصطلحات الاجتماعية " 4 الجمعة 10 يونيو 2016, 3:30 pm | |
| تباعد اجتماعي
Social Distance
التباعد الاجتماعي يعني شعوراً بالمسافة بين الأفراد أو الجماعات؛ وكلما زاد التباعد الاجتماعي بين جماعتين -تختلفان في المركز والثقافة- قل بينهما التعاطف والتفاهم، والألفة والتفاعل. وقد يقر هذا التباعد الاجتماعي قواعد مقررة أو رسمية، كما هو الشأن في نظام الطوائف، ويُعد في هذه الحالة من الأوضاع المقبولة والمشروعة. وقد يكون التباعد أفقياً Horizontal، أي بين أشخاص أو جماعات يتمتعون بمراكز اجتماعية متساوية، كما قد يكون رأسياً Vertical، أي بين أشخاص أو جماعات، يتمتعون بمراكز اجتماعية غير متساوية.
ويميل بعض الباحثين إلى مصطلحات أخرى، مثل الاستبعاد الاجتماعي، والانعزال في أحياء مغلقة، أو شبه مغلقة (الجيتو)، والتهميش، والطبقة الدنيا. وهذه المفاهيم ليست متباعدة في معانيها؛ فمن المعتاد أن تفهم الطبقة الدنيا على أنها تتألف من أجيال عديدة من البشر، الذين ينتمون إلى أقليات إثنية، ويعيشون في أحياء مقصورة عليهم، يتلقون فيها خدمات الرعاية الاجتماعية، وقد حيل بينهم وبين الاتصال بأغلبية المجتمع. وقد قدم جينتز شكلين للاستبعاد في المجتمعات المعاصرة، وهما
1. الأول استبعاد أولئك القابعين في القاع والمعزولين عن التيار الرئيسي للفرص، التي يتيحها المجتمع.
2. أما الشكل الثاني عند القمة، فهو الاستبعاد الإرادي، حيث تنسحب الجماعات الثرية من النظم العامة، وأحياناً من القسط الأكبر من ممارسات الحياة اليومية، إذ يختار أعضاؤها أن يعيشوا بمعزل عن بقية المجتمع، وبدأت الجماعات المحظوظة تعيش داخل مجتمعات محاطة الأسوار، وتنسحب من نظم التعليم العام، والصحة العامة الخاصة بالمجتمع الكبير.
وموضوع التباعد الاجتماعي، أو الاستبعاد، اللذان هما نقيض التجانس والاندماج أو الاستيعاب، يشكل موضوعاً حيوياً وكاشفاً لطبيعة البنية الاجتماعية في أي مجتمع؛ فالتباعد هو حصاد بنية اجتماعية معينة، ورؤى محددة، ومؤشر على أداء هذه البنية لوظائفها، وهو ليس شأن الفقراء وحدهم، ولا همّ الأغنياء وحدهم، ولا موقفاً طبقياً فقط، وإنما هو مشكلة الجميع وليس أمامهم سوى تقليل التباعد والاستبعاد، وتعظيم التفاعل والاندماج، وتحقيق الاستيعاب.
وقد أوردت بعض المعاجم مصطلح التباعد، أو المسافة الاجتماعية، للإشارة إلى التشابك أو القرب -بين الأفراد والجماعات- المستند إلى متغيرات أو شبكات اجتماعية، كما هو الحال في الحراك الاجتماعي.
ومن أشهر مقاييس التباعد الاجتماعي مقياس بوجاردوس لقياس المسافة، أو التباعد الاجتماعي، الذي يعتمد على مدى استعداد جماعات عرقية أو سلالية معينة للسماح بوجود درجات من التقارب، أو الألفة فيما بينها. وكان بوجاردوس أول من استعمل هذا المصطلح، عندما أجرى بحوثه المتعلقة بقياس المواقف المتحيزة، أي مواقف الحب والكراهية، التي يعبر عنها الفرد تجاه الجماعات والمنظمات الاجتماعية. التقى بوجاردوس (1725) مواطناً أمريكياً ينتمون إلى أربعين جنسية مختلفة، وطرح عليهم مجموعة من الأسئلة تتعلق بانطباعاتهم عن المجتمعات والشعوب الأجنبية، بهدف قياس المسافة، أو التباعد الاجتماعي، بينهم وبين هذه المجتمعات والشعوب.
وكانت الأسئلة التي طرحها عليهم كانت كثيرة ومتشعبة، أهمها: "بناءً على مشاعري المباشرة اسمح عن طيب خاطر بأن ينضم أفراد من الجماعات لا بوصفها أحسن أفرادها أو أسوأ أفرادها، وإنما رغبتهم بقبول أحد الأجانب، بأن يكون قريبهم من طريق المصاهرة، والعضوية في نادٍ واحد معي مثل أصدقائي، والإقامة في شارع واحد معي مثل جيراني، والاشتغال معي في مهنة واحدة، وأن يكون مواطناً مثلي في بلدي، وأن لا يكون زائر لبلدي، وأن استبعده من بلدي.
وبعد تحليل الإجابات التي استلمها منهم، استطاع تكوين مقياس التباعد الاجتماعي، الذي كان يتمتع بمزايا صريحة تتعلق بقدرته على قياس مواقف الأشخاص من الأجانب والعناصر السكانية الأخرى؛ فالمواقف التي يتخذها الشعب الأمريكي نحو الأجانب تضع الإنجليز والهولنديين في قمة المقياس، وتضع الأتراك في أسفله. |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75523 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: " الموسوعة المصغّرة للمصطلحات الاجتماعية " 4 الجمعة 10 يونيو 2016, 3:31 pm | |
| بدعة دينية
Heresy
تُعرف البدعة لغوياً حسب ما جاء في معاجم وقواميس اللغة (مادة الباء، والدال، والعين)، بأنها تتكون من أصلين، أحدهما ابتداء الشيء وصنعه لا عن مثال؛ والآخر الانقطاع والكلال؛ فالأول قولهم "ابتدعت الشيء قولاً أو فعلاً إذا ابتدأته لا عن سابق مثال، مثل قوله تعالى ]بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ[ (سورة البقرة، الآية 117)، والعرب تقول ابتدع فلان الرّكي إذا استنبطه فلان، وابتدع في هذا الأمر، ومنه قوله تعالى ]قُلْ مَا كُنتُ بِدْعاً مِّنْ الرُّسُلِ[ (سورة الأحقاف، الآية 9)، (أي ما كنت الأول).
أما في اللغة الإنجليزية، فهي كل تغير في عقيدة أو منظومة معتقدات مستقرة، وخاصة في الدين، بإدخال معتقدات جديدة عليها، أو إنكار أجزاء أساسية منها، ما يجعلها بعد التغيير غير متوافقة مع المعتقد المبدئي الذي نشأت فيه هذه البدعة.
أما البدعة اصطلاحاً فثمة اتجاهان لتعريفها، هما
· الاتجاه الأول: يرى أن البدعة شرعاً كل ما أُحدث مما لا أصل له نرجع إليه، أي إن ما له أصل يُرجع إليه فليس ببدعة شرعاً.
· الاتجاه الثاني: أن البدعة كل ما حدث بعد عصر النبوة، سواء كان محموداً أو مذموماً.
أي أن البدعة مأخوذة من البدع، وهو الاختراع على غير مثال سابق، أو ابتداء طريقة لم يُسبق إليها. والبدعة في الدين نوعان:
1. النوع الأول: بدعة قولية اعتقادية، كمقالات المعتزلة والرافضة وسائر الفرق الضالة واعتقاداتهم.
2. النوع الثاني: بدعة في العبادات، كالتعبد لله بعبادة لم يشرعها، وهي أنواع، من أهمها:
أ. ما يكون في أصل العبادة بأن يحدث عبادة ليس لها أصل في الشرع، كأن يحدث صلاة غير مشروعة، أو صياماً غير مشروع، أو أعياداً غير مشروعة، كالموالد وغيرها.
ب. ما يكون في الزيادة على العبادة المشروعة، كما لو زاد ركعة خامسة، في صلاة الظهر أو العصر مثلاً.
ج. ما يكون في صفة أداء العبادة، بأن يؤديها على صفة غير مشروعة، وذلك كأداء الأذكار المشروعة بأصوات جماعة مطربة، كالتمديد على النفس في العبادات إلى حد أن يخرج عن سنة الرسول e.
د. ما يكون بتخصيص وقت للعبادة المشروعة لم يخصصه الشرع، كتخصيص يوم النصف من شعبان وليلته بصيام وقيام، فإن أصل الصيام والقيام مشروع، ولكن تخصيصه بوقت من الأوقات يحتاج إلى دليل.
اختلف العلماء في تحديد مفهوم المحدث والبدعة على قولين، الأول بأنها كل ما لم يُعد على عصر الرسول e؛ فالبدعة بهذا المعنى تشمل البدعة الدينية، والدنيوية. والثاني يتعلق بتعريف العلماء بقولهم ما ابتدع من الدين بعد الكمال، وعليه فالبدعة محصورة هنا بالبدعة الدينية فحسب. وهذا التعريف هو ما أكد عليه ابن تيمية، وذلك بأن البدعة هي الدين الذي لم يأمر الله به رسوله e.
وبناءً عليه، فإن البدعة تشمل أمور الدين والدنيا. فقد جعل حكم البدعة يدور على الأحكام التكيفية الخمس (الواجب، والحرام، والمباح، والمستحب، والمكروه). ولهذا نجد من العلماء مَنْ قسّم البدعة الدينية إلى بدعة مذمومة، وبدعة حسنة، مصداقاً لقول الرسول e ] مَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا بَعْدَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ وَمَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً سَيِّئَةً كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ [ (صحيح مسلم: 1691) . والتقسيم لديهم إلى بدعة حسنة وسيئة لا يتوقف على جعل البدعة الدنيوية حسنة، وجعل البدعة الدينية سيئة، بل إن كلاً من البدع الدينية أو الدنيوية قد تكون حسنة أو سيئة.
أسباب انتشار البدعة الدينية
توجد عدة عوامل وأسباب تتفاعل فيما بينها لنشر البدعة الدينية، وهي:
1. الجهل بأمور الدين والتفسيرات الخاطئة لها.
2. التعصب للمذهب أو للطائفة.
3. الشرك بالله.
4. دور وسائل الإعلام، في نشر البدعة الدينية.
5. النشأة في مجتمع أمي تحيط به البدع والخرافات.
6. إتباع بعض العادات والتقاليد والاعتماد على الأحاديث الموضوعة والضعيفة.
7. الاستناد إلى الأحكام والرؤى الشخصية. |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75523 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: " الموسوعة المصغّرة للمصطلحات الاجتماعية " 4 الجمعة 10 يونيو 2016, 3:32 pm | |
| التأمين الاجتماعي
Social Insurance
يُعرّف التأمين الاجتماعي، بشكل عام، بأنه نظام يهدف إلى الاحتياط من نتائج المخاطر الاجتماعية، التي يتعرض لها العاملون الذين لا يمكنهم مواجهة هذه المخاطر بمفردهم، لضعف إمكانياتهم المادية. وهذه المخاطر على نوعين، مخاطر ذات علاقة بالعمل، كإصابات العمل أو أمراض المهنة؛ ومخاطر عامة مشتركة بين العمال وغيرهم، كالمرض والشيخوخة والعجز والوفاة، وتأمين المعاش، وتأمين الورثة، والتأمين ضد البطالة.
وتتدرج الدول عادة في تطبيق أنواع التأمينات الاجتماعية؛ فتبدأ ببعض منها ثم تمتد حتى تشمل جميع أنواع التأمين. وتدير نظام التأمين الاجتماعي أو تشرف عليه الدولة، ويستند إلى اشتراكات يدفعها الأفراد، ويحافظ على استمرار حصولهم على دخل في حالات البطالة والمرض والتقاعد، وفي حالات أخرى إضافية. وتختلف نظم التأمين ما بين المستوى المحلي والمستوى القومي، وغالباً ما يقتصر نظام تغطية الدخل (عند انقطاعه)، من خلال التأمين الاجتماعي على فترات محددة، وليس إلى ما لا نهاية. كما أن معظم النظم تحدد شروطاً للاستحقاق، إضافة إلى دفع الاشتراكات، وذلك ما يؤدي إلى استبعاد العديد من النساء والشباب المبتدئ.
وعلى هذا فإن الهدف الأساسي من التأمين الاجتماعي، هو ضمان مستوى مناسب لمعيشة كل مُؤَمن عليه عند فقد القدرة على الكسب بصفة مؤقتة، أو لسبب خارج عن إرادته، وتقدم له الضمان المادي، والخدمات الصحية، والتأهيل المهني في حالة العجز. كذلك، يشمل هذا النظام كفالة من يتركهم المؤمن عليه من أفراد أسرته، مِمَن كان يعولهم قبل وفاته.
يخلق التأمين شعوراً بالارتياح والأمان بالنسبة للعامل وأسرته، ولا شك أن لهذا آثاره على إنتاجية العامل والروابط الاجتماعية بينه وبين صاحب العمل الذي يشترك بنصيبه في التأمينات. كذلك فإن في هذا حماية للمجتمع من الفساد والانحراف بما يقدمه هذا النظام من تعويضات للعاطلين. وتعمل الدول أيضاً على استثمار احتياطي التأمين في إقامة المشروعات المختلفة، مما يتيح الفرصة لخلق فرص عمل لكثير من العمال.
ويُقصد بالتأمين الاجتماعي، بشكل أكثر تحديداً، بأنه ذلك "النظام الذي يكفل تعويض المؤمن عليه أو أسرته، عما فقده من كسب في حالة تعرضه لأحد المخاطر، التي تؤدي إلى عدم قدرته على العمل، ومن ثم الحصول على أجر، وكذلك توافر خدمات العلاج والتأهيل. ويقوم هذا النظام على تحصيل اشتراكات مقدمة، لتؤدي منها المزايا في حالات الطوارئ التي يتعرض لها المؤمن عليه". وهذا ما أكده تعريف الموسوعة البريطانية للتأمين الاجتماعي، بأنه البرنامج أو النظام الذي يشترط أساساً الحماية ضد المخاطر الاقتصادية المختلفة؛ وعادة ما يكون هذا النظام إلزامياً من قِبل المجتمع لحماية كافة قطاعاته وفئاته المحتاجة.
ويعد التأمين الاجتماعي وسيلة أو نظام لتعويض الخسائر المادية، ومن ثم فإن فاعليته ترتبط بكفاية هذا التعويض. وكلما كان مبلغ التأمين كافياً لمواجهة الخسائر الناشئة عن تحقق الخطر المؤمن منه؛ أدركنا نجاح التأمين في تحقيق مبررات نشأته وازدهاره.
وللتأمين أنواع متعددة، منها:
1. التأمين الاجتماعي
وهو الذي يهتم -بحكم إجباريته وقومية مجاله- بمدى الوفاء باحتياجات المؤمن عليهم، والذين يمثلون كافة أو أغلب قطاعات المجتمع. ومحوره الأساسي منذ البداية إرادة المجتمع. ومن هنا، فمنذ نشأته وانتشار نظم التأمين الاجتماعي، كان اهتمامها بكفاية تعويضاتها ومزاياها، خاصة لذوي الأعمار المتقدمة، أو الدخول المنخفضة، أو الأعداد الكبيرة من المُعالين. ولذلك يراعي اعتبارات الكفاية الاجتماعية للمزايا، إلى جانب العدالة في توزيع أعباء تلك المزايا، بين مصادر التمويل. ويتسم التأمين الاجتماعي بأنه أقرب لنظم المساعدات العامة منه إلى التأمين. كما أن له طابعاً اجتماعياً أصيلاً، يزداد وضوحه وتتعدد صوره وتطبيقاته، مع تعدد مصادره وامتداده الإجباري ومجاله القومي العام.
2. التأمين الخاص أو التجاري
وهو الذي يعمل على مستوى فردي أو فئوي، وأساسه في هذا إرادة الفرد أو الفئة. ويسعى هذا النوع إلى زيادة الانتشار بزيادة عدد الوحدات المؤمن عليها، ويهتم بأمرين معاً، هما:
أ. كفاية مزاياه، مثل التعويضات، وتحمل المؤمن عليه لأقساط التأمين، أي عدالة توزيع أعبائه، ومن خلال مزاياه يمكن للمؤمن عليه الوفاء بوظيفته الاقتصادية والاجتماعية، لمواجهة الخسائر المادية التي تتحقق، فيقتنع المؤمن عليه بأهميته.
ب. من خلال عدالة توزيع أعبائه، يشعرون بأنهم يحصلون من التأمين على مزايا تقابل ما يؤدونه من أقساط.
3. التأمين التبادلي
وتقوم به مجموعة من الأفراد أو الجمعيات، لتعويض الأضرار التي تلحق ببعضهم.
وعلى هذا، فالتأمين الاجتماعي بأنواعه المختلفة وسيلة فعالة مفضلة لكل من العمال والحكومة. إنه وسيلة مفضلة للعمال لأنها تخلق الثقة والشعور بالكرامة في نفس العامل، وتجعله يشعر بأن ما يُدفع له من طريق التأمين ليس إحساناً؛ ولكنه حق مكتسب. ومن ناحية الحكومة، فإن التأمين وسيلة مالية مفضلة لأنه يمكن رفع اشتراكه عند الاقتضاء، كما يمكن تدعيمه برصيد احتياطي ليُستثمر في مواجهة الطوارئ. |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75523 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: " الموسوعة المصغّرة للمصطلحات الاجتماعية " 4 الجمعة 10 يونيو 2016, 3:32 pm | |
| التغير الثقافي
على الرغم من أن مصطلح "التغير الثقافي"، ينتشر بين علماء الأنثروبولوجيا الأمريكيين، إلا أن علماء الاجتماع يفضلون استخدام مصطلح "التغير الاجتماعي"؛ بينما يفضل غالبية العلماء الاجتماعيين مصطلح "التغير الاجتماعي" والثقافي Socio-Cultural Change.
ويمكن تعريف هذا المفهوم على أنه يشير إلى تعديلات تشهدها الثقافة على مرّ الزمن، ويظهر ذلك بوضوح من تحليل المواقف والعمليات الأساسية في الحياة الاجتماعية؛ أو أنه أي تغير يطرأ على جانب معين من جوانب الثقافة المادية وغير المادية، سواء عن طريق الإضافة أو الحذف، أو تعديل السمات، أو المركبات الثقافية.
ويمكن أن يحدث التغير الثقافي نتيجة لعوامل عديدة؛ ولكن في الغالب يحدث بفعل الاتصال بثقافات أخرى، أو المحدثات والمخترعات التي تدخل إلى ثقافة معينة. وفي الحقيقة عندما تتغير الثقافة، يتغير المجتمع؛ لأن الثقافة من صُنع الإنسان، ولهذا كان التغير الثقافي عملية تفاعل إنساني، ينميها الفكر الخلاق والاختراع. وليس معنى ذلك أن الثقافة من صنع فرد أو جيل معين؛ لأن من أهم خصائصها التراكم والدوام والانتشار. وكل ثقافة مهما كان طابعها تخضع لعمليات التغير. وفي المجتمعات الثابتة نسبياً، أو المنعزلة عن الجماعات الأخرى، يكون التغير بطيئاً جداً؛ بينما يكون التغير في المجتمعات الدينامية سريعاً جداً في ميادين كثيرة، مثل التكنولوجيا، والعادات، والاتجاهات، حتى إن الباحث يمكنه أن يميز الاختلافات الواضحة بين جيلين يعيشان في العصر نفسه.
ويعبر مصطلح التغير الثقافي عن كل تغير يطرأ على الظروف، أو العناصر الثقافية، طالما كان هذا التغير يؤثر على بناء المجتمع موضوع الدراسة، أو على أدائه الوظيفي. وهذا التحديد هو الذي يميز التغير الثقافي، عن التغيرات السطحية أو المحدودة ذات الطبيعة المادية أو الشخصية، التي لا تؤدي إلى إحداث تغيرات بنائية، وهي تغيرات كثيرة متجددة يصعب حصرها، ولا يمكن أن تحظى بالاهتمام نفسه، الذي نوليه لتيارات التغير الرئيسية الكبرى.
وينصب التغير الثقافي على الظواهر التي تتسم بالترابط فيما بينها، والتأثير المتبادل، أي أن ما يرد من تقسيمات وتصنيفات إنما هو بغرض التبسيط والتوضيح. ولا يعني أن تلك الظواهر منفصلة في الواقع على هذا النحو الذي نعرضه بها؛ وإنما هي عوامل متشابكة ومترابطة، ويصعب الفصل بينها على صعيد الواقع. ومن هذه الظواهر.
1. القيم والميول الفكرية والتصورات الدينية، وأساليب التربية والتعليم ومؤسساتها القائمة في المجتمع.
2. أساليب السلوك الفني (التكنولوجي) والاقتصادي والكفاية الإنتاجية، أساليبها ومستواها.
3. أشكال التعبير في الفنون التشكيلية والموسيقى، والأدب والرقص... إلخ.
4. مدى العلاقات الاجتماعية وكثافتها، والكيانات المترتبة عليها، وأعداد السكان وكثافتهم وتوزيعهم.
عوامل التغير الثقافي
أصبح من الشائع أن يحدث التغير الثقافي نتيجة عوامل داخلية وأخرى خارجية، تحكم عملية التغير تلك؛ فالعوامل الداخلية هي التي تطرأ على التغير المورفولوجي، مثل الزيادة السكانية، وتكون نتيجة للزيادة في معدلات المواليد وانخفاض معدلات الوفيات، أو الهجرة الداخلية، وظهور النفط واستثماره، وارتباط ذلك بالمشروعات التنموية وزيادة الخدمات. أما عوامل خارجية فتتمثل في الهجرة، ووجود العديد من الثقافات العرقية ذات الثقافات المتباينة، ومن ثم زيادة الاتصال الثقافي. إلا أننا لا نستطيع أن نفصل ونحدد فنقول: هذا التغيير مرده إلى عوامل داخلية، وذلك مرده إلى عوامل خارجية؛ بل إن ما نراه اليوم من متغيرات هو في الواقع حصاد التفاعل بين هذه العوامل جميعاً.
وقد ينبع التغير الثقافي عن طريق الاختراع بالاكتشاف، وقد يأتي عن طريق انتشار السمات الثقافية الجديدة من ثقافات أخرى، غريبة أو بعيدة. وتعد الاكتشاف إضافة جديدة إلى المعرفة، كاكتشاف قارة جديدة أو جزيرة مهجورة أو طريق جديد. أما الاختراع فهو عبارة عن تطبيق جديد لمعرفة قائمة بالفعل، وذلك مثل الجمع بين الآلة البخارية والقارب النهري، لصنع سفينة تجارية.
ويعني الانتشار انتشار العناصر من ثقافة لأخرى، وينبغي ألا نسير وراء الأفكار الخاطئة، التي تقول إن الاختراع عمل فردي ظهر من العدم؛ لأنه لا شيء يخرج من العدم. ومصداق هذا القول أن الاختراعات الكبرى في تاريخ الإنسان توصل إليها في وقت واحد، أو في أوقات متقاربة، ولم يكن ذلك ممكناً لو أن الاختراعات لم تقم على المعرفة التراكمية قبل ذلك. ولهذا فالقول إن الحاجة أم الاختراع The Need is the mother of invention، فيه من الصدق ما يجعلنا نُعيد صياغته على النحو التالي: "إن الثقافة القائمة هي أم الاختراع".
وهذا القول، كما يقول رالف بيلز وهاري هوجر، فيه الكثير من الصدق. إننا نجد في مجتمعاتنا المعاصرة كثير من الاختراعات، بوصفها ثمرة البحوث والتجارب الموجهة عمداً، إلا أن هذا الوضع نادر في سائر المجتمعات الأخرى، كما أنه لم يُعرف في مجتمعنا إلا مؤخراً جداً. والأرجح أن معظم الاختراعات التي صنعها الإنسان تمت بطريق المصادفة البحتة، كنتائج غير متوقعة لبعض الأفعال؛ وباستثناء الاختراعات الكثيرة، التي لدينا معلومات وافية عنها في التاريخ الحديث لثقافتنا، فليست لدينا سوى معلومات ضئيلة للغاية عن أصول الاختراعات الأساسية، التي شهدها التاريخ الإنساني.
فمعلوماتنا تظل عامة، مثلاً، عن تاريخ سيطرة الإنسان على النار، واستخداماته للقوس، والأساليب الفنية التي تقوم عليها الزراعة، وتربية الحيوانات الداجنة، وغيرها كثير من الاختراعات الرئيسية، التي تنهض عليها ثقافتنا المعقدة الراهنة، بما فيها العجلة، والقوس، والتقويم، والكتابة، وطرق تصنيع المعادن. وقد انتشرت هذه الاختراعات من مكان نشأتها إلى أن وصلت إلى الأماكن التي تنتشر فيها حالياً، مارة كذلك بعديد من التغيرات والتعديلات والتحسينات، بواسطة اختراعات أخرى ثانوية.
إن الأنثروبولوجيين لا يعجزون فقط عن تحديد طريقاً دقيقاً لزمان ومكان ظهور كثير من الاختراعات؛ بل لايزال أمامهم الكثير الذي ينبغي معرفته عن عمليات الاختراع والانتشار، وعلاقة هاتين العمليتين بالتغيير الثقافي. فقد شهد الشرق الأدنى عدداً كبيراً من الاختراعات الأساسية في ميدان التكنولوجيا، في فترة من فترات تاريخه، صحبتها بعض التجديدات الرئيسية في ميدان التنظيم الاجتماعي والسياسي والديني، وعدد كبير من العناصر غير المادية للثقافة. ويمكن أن نلاحظ الظاهرة نفسها في الصين، شهدت في فترة من تاريخها بعض الاختراعات المهمة، مثل نسج الحرير، وتصنيع الورق، والطباعة بالحروف المتحركة، وتصنيع البارود، والبوصلة الملاحية.
وقد أكد بعض المؤرخين أن ثمة أربعة اختراعات أساسية فجرت، إبان عصر النهضة الأوروبية، سلسلة ضخمة من التغيرات الثقافية، ماتزال موجودة في كل من أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية حتى الوقت الحاضر؛ وهي الورق والطباعة، ما أدى إلى سرعة انتشار المعرفة، ثم البارود ثالثاً، الذي ساعد على قيام دول استعمارية عظمى، ورابعاً البوصلة، التي أدت إلى تسهيل الملاحة وتقدمها، وما ترتب على ذلك من عصر الاكتشافات والتجارة الدولية والاستعمار. وقد حدثت هذه الاختراعات الأربعة كلها في أول أمرها خارج أوروبا.
وتوضح هذه الأمثلة أن التجديدات الرئيسية، سواء أكانت نتيجة الاختراع أم الانتشار، لا تتم منفردة وإنما في مجموعات، كما كانت هناك علاقة وظيفية تربط بينهما.
وللحقيقة فإن بعض الأنثروبولوجيين يؤكدون أن الاختراعات التكنولوجية الأساسية، وخاصة ما يتعلق منها بالبحث عن الطعام، تؤدي دائماً إلى تفجير حلقات من التغيرات الاجتماعية والثقافية السريعة، وإلى تنشيط حركة التغيير في كافة ميادين الثقافة الأمرى. والشواهد على هذا الرأي ماتزال قليلة، ذلك أن بعض ميادين الثقافة، كاللغة والفنون، وأنساق المعتقدات الدينية، تبدو فيها التجديدات مستقلة بشكل واضح عن التكنولوجيا. كما تبدو فيها التجديدات، على الأقل، غير مرتبطة ارتباطاً وثيقاً مباشراً بالتغيير التكنولوجي.
ويتبين بوضوح من العرض السابق أن الانتشار، كالاختراع تماماً، يمثل حقيقة من حقائق الثقافة. إلا أن الدراسات الخاصة بالانتشار اليوم تزداد ندرة لعدة أسباب، يأتي في مقدمتها أن دراسات الانتشار يمكن أن تدلنا بالقدر الكافي، على كيفية حدوث ذلك، أو سبب حدوثه؛ أي أن دراسات الانتشار تدل على الطابع الوصفي، وليس التفسيري، بمعنى أنها تطرح مشكلات أكثر مما تقدم إجابات. ومن الأسباب الأخرى تركيزها المتزايد على التحليل المركز على ثقافات بعينها؛ فإذا نظرنا من وجهة نظر ثقافة معينة، فسوف نجد أنه ليس من الأمور ذات الشأن إن كان عنصر معين قد نشأ نتيجة عملية اختراع داخلي، أو أنه استُعير وتم تكيفه مع بقية عناصر الثقافة. ويبدو أن المشكلة المهمة اليوم تتمثل أساساً في موضوع التجديد والتغيير، وتطرح تساؤلات عن أشخاص المخترعين, وعن عمليات التجديد والقبول الثقافي.
وقد يحدث التغير الثقافي عن طريق المجال الديني (نجد على سبيل المثال أن ظهور الدين الإسلامي قاد أكبر حركة تغير في ثقافة المجتمع العربي، ثم الإسلامي فيما بعد، وفي تنظيمه الاجتماعي، وشتى نواحي حياته). كما قد تنطلق شرارة التغير الثقافي والاجتماعي من داخل المجال الاقتصادي (كتطور نظم التجارة، وأساليب الإدارة والصناعة... إلخ). أو من داخل المجال السياسي (كظهور بعض النظم الديكتاتورية، أو نمو الاتجاهات الديموقراطية، أو تطور الحركات العمالية وتعاظمها واتخاذها دوراً سياسياً مؤثراً... إلخ). كل تلك الظواهر المؤثرة هي طاقات فكرية وروحية جبارة، يتطلب تحقيقها سلوكاً اجتماعياً واسع النطاق بعيد المدى، يكون هو نفسه حركة نمو للتغيير. ويدلنا التاريخ الإنساني على أن مظاهر التغير الثقافي موجودة لا تنقطع ولا تتوقف، في شتى أشكال ومراحل التنظيم الاجتماعي، وأن التغير طبيعة كامنة في ذات الإنسان، وجزء لا يتجزأ من تركيبه النفسي، وأحد المقتضيات الأساسية لوجوده الاجتماعي، وأدائه لواجبات حياته اليومية.
وقد يرجع التغير الثقافي، كذلك، إلى بعض الظروف الطبيعية، أو الأفعال الإنسانية. كما أن التغير يمكن أن يكون تلقائياً عارضاً، أو مخططاً له أو مقصوداً لذاته؛ وربما يتم على مدى طويل، أو على فترة وجيزة قصيرة. ومعنى هذا أن مفهوم التغير في حد ذاته مفهوم محايد؛ لأن التطورات التي تتم في الثقافة يمكن أن تتخذ اتجاهاً إيجابياً، كما قد تنمو نمواً سلبياً، وقد تقود إلى النمو والازدهار، كما قد تدفع إلى الذبول أو الانهيار، أو على الأقل التقلص.
وعلى هذا يمكن أن نُشير إلى أهم المبادئ العامة في التغير الثقافي على النحو التالي:
1. أن التغير الثقافي يشمل كل تغير في أساليب السلوك والعمل التقليدي، في أي قطاع من قطاعات الثقافة؛ طالما كان هذا التغير يؤثر في حياة جانب كبير من أعضاء الجماعة، وفي البناء الاجتماعي لها.
2. تنطوي عملية التغير الثقافي على عملية اختيار، قد تكون واعية في أغلب الأحيان، بين العناصر الثقافية والعناصر الجديدة والمستحدثة. كما تنطوي دائماً على ضرورة استبعاد بعض العناصر الثقافية الموروثة، التي يثبت عجزها عن التوافق والتناغم مع العناصر المستحدثة؛ ومن ثم يُصبح من اللازم التخلي عنها ونبذها. وكثيراً ما تتأخر عملية الاستبعاد هذه إلى ما بعد فترة التجربة الأولية للاختراع أو التجديد، وهو ما يمكن أن نسميه "فترة انتقال"، يظهر فيها بكل جلاء عدم اتفاق بعض العناصر الجديدة مع العناصر القديمة. وبعد أن تتم عملية الاستبعاد هذه، يتحقق تكامل جديد للثقافة، إذا فهمنا التكامل أو التوازن بمعناه الدينامي المستمر في الحدوث، للتلاؤم مع الظروف المتغيرة.
3. تميل بعض نواحي الثقافة إلى التغير أكثر وأسرع من نواحي أخرى ـ وهذا يرجع إلى طابع المجتمع ونمط الثقافة؛ وربما كان هذا هو سر التخلف الثقافي في عدد من المجتمعات. فقد تتغير التكنولوجيا، مثلاً، ولا يتغير نظام الأسرة، أو القوانين المنظمة للعلاقات الدولية.
4. قد يكون انتشار العناصر الثقافية نتيجة لاتصال عرضي غير مخطط بين ثقافتين. وقد يكون راجعاً إلى تأثير وسائل الإعلام أو النشر؛ وربما يكون نتيجة لثورة تغير من نظام الحكم، ومن التنظيم الاجتماعي.
5. قد تكون الاختراعات أو التجديدات أو العناصر المستعارة من ثقافات أخرى، أسهل في تقبلها أو الأخذ بها أثناء الأزمات وفي أوقات التفكك الاجتماعي، خلافاً للحال أثناء فترات الاستقرار. فقد تغير مركز المرأة كثيراً إبان الحرب العالمية الثانية، وفي الفترة التي أعقبتها مباشرة، وهي فترة تفكك اجتماعي؛ ولهذا قامت المرأة بأعمال واحتلت وظائف كانت ممنوعة عنها.
6. يقبل الناس عناصر الثقافة الجديدة إذا تأكدوا من فائدتها، وبشرط ملاءمتها لبقية عناصر الثقافة. وينطبق هذا على عناصر الثقافة المادية وغير المادية، على الرغم من المقارنة التي تحدث في أول الأمر.
7. كلما كانت الثقافتان متوازنتين، كان من السهل استعارة عناصر من الثقافة (أ) إلى الثقافة (ب)، والعكس صحيح. ولذلك تقر الثقافة الغربية باستعارتها عناصر معينة من الثقافة الروسية، وكذلك تقر الروسية بذلك.
8. يكون انتشار شكل العنصر الثقافي أسهل، سواء في معناه أو وظيفته، إذا تشابهت اللغات، وذلك خلافاً لما يحدث عند استعارة بعض عناصر الثقافات اليابانية أو الهندية أو الصينية.
9. تبقى الرواسب الثقافية Cultural Residuals، التي غزتها العناصر الثقافية الجديدة، ذات فاعلية لبعض الوقت، وتظهر مقاومة تخف قوتها تدريجياً، خصوصاً إذا كان المجتمع يحاول إنهاء فترة الانتقال بسرعة.
10. التغير في جانب من الثقافة، غالباً، ما يؤدي إلى تغير في جانب آخر. مثال ذلك أن تغير الأساس الاقتصادي للمجتمع، لابد أن يستتبعه تغير في التسلسل الطبقي، وفي نظام التربية، وفي طبيعة العلاقات الاجتماعية، وتغير أيديولوجية المجتمع المتعلقة بالرفاهية الاجتماعية.
11. تدخل العناصر الثقافية الجديدة عن طريق الأفراد، باعتناقهم المستمر لها واستخدامهم إياها، وتأخذ صفة العمومية تدريجياً عن طريق التقليد أولاً، ثم عن طريق الإقناع ثانياً. وفي الغالب يقبل الشباب على الترحيب بمثل هذه العناصر، خاصة إذا كانوا غير مرتبطين بمصالح تقليدية يخافون عليها. |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75523 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: " الموسوعة المصغّرة للمصطلحات الاجتماعية " 4 الجمعة 10 يونيو 2016, 3:33 pm | |
| المجتمع المدني
Civil Society
يُشير مصطلح المجتمع المدني إلى مفهوم الحياة العامة، وليس إلى الأنشطة الخاصة، أو أنشطة وحدة المعيشة (العائلة). وهو موجود جنباً إلى جنب مع مصطلحي الأسرة والدولة، كما أنه موجود داخل إطار النظام القانوني. ومن ثم فإن التصور الشائع للمجتمع المدني لدى غالبية المفكرين، يدل على مجال المشاركة العامة في الجمعيات والمؤسسات الطوعية، ووسائل الاتصال الجماهيري، والهيئات المهنية، والنقابات العمالية، وما إلى ذلك.
ووجود المجتمع المدني في مركز متوسط بين الأسرة والدولة، كان يمثل في رأي بعض المفكرين ظاهرة مؤقتة، يمكن تجاوزها عندما تتوحد المصالح الخاصة والعامة. وفي تصور نفر غير قليل منهم أن المجتمع المدني يمثل المجال الخاص في مواجهة الدولة. في حين يرى أنطونيو جرامش أنه يمثل حصناً قوياً للهيمنة الطبقية، التي تعمل في النهاية على التدعيم الأساسي للدولة. أما المفهوم الأحدث لمصطلح المجتمع المدني، فيرى أنه كيان دينامي يستوعب فكرة الحركات الاجتماعية والمواطنة، ويربط بين الحقوق والواجبات المعترف بها، ويتيح لها فرص الممارسة والتمحيص والتنقيح، وإعادة التعريف على مستوى المجتمع المدني باستمرار.
وهناك العديد من المسميات والمفاهيم التي تعبر عن المجتمع المدني، ومن ذلك:
· المنظمات غير الحكومية N.G.O.S.
· القطاع الثالث Third Sector.
· القطاع التطوعي Voluntary Sector.
· القطاع الخيري Philanthropic Sector.
· المنظمات غير الربحية Non profit organizations .
وعلى البرغم من هذا التباين في المسميات، إلا أنها كلها تتسم بوجود معايير واحدة وقواسم مشتركة، على النحو التالي:
1. أن المجتمع المدني لا يهدف إلى الربح، ويسعى إلى تحقيق النفع العام.
2. أنها منظمات تطوعية إرشادية، نشأت بمبادرات ذاتية من أعضائها.
3. أنها تحكم وتُدار ذاتياً، وليس من قبل قوة خارجية.
4. أنها تؤدي خدمة عامة لكل من يستحقها؛ وليس فقط لأعضائها المساهمين.
5. أنها قادرة على الوصول إلى المناطق النائية والمحرومة في المجتمع، وتقديم الخدمة بتكاليف منخفضة.
إن المجتمع المدني من حيث المبدأ، نسيج متشابك من العلاقات التي تقوم بين أفراده، من جهة، وبينهم وبين الدولة، من جهة أخرى. وهي علاقات اجتماعية تعتمد على تبادل المصالح والمنافع، والتعاقد والتراضي، والتفاهم والاختلاف، والحقوق والواجبات والمسؤوليات، ومحاسبة الدولة عندما يستدعي الأمر محاسبتها. وهذا النسيج من الناحية الإجرائية هو شبكة العلاقات الاجتماعية، ويستلزم -لكي يكون ذا جدوى- أن يتجسد في مؤسسات طوعية اجتماعية واقتصادية وثقافية وحقوقية متعددة، تُشكل في ومجموعها القاعدة الأساسية، التي ترتكز عليها مشروعية الدولة، من ناحية، ووسيلة مراقبتها ومحاسبتها إذا اقتضى الأمر، من ناحية أخرى.
وقد رأى كريستوفر بيرسون Pirson، المجتمع المدني بوصفه المجال البعيد عن سلطة الدولة Non stat-sphere، والذي يتضمن تشكيلة من المؤسسات الاجتماعية تنتظم بطريقة ديموقراطية، وتنطوي على ضمانات شرعية.
ومعنى ذلك أن المجتمع المدني هو مجتمع مستقل، إلى درجة كبيرة، عن إشراف الدولة المباشرة. فهو يتسم بالاستقلال، والتنظيم العفوي والتلقائي، وروح المبادرة الفردية، والجماعية، والعمل التطوعي، والحماس من أجل خدمة المصلحة العامة، والدفاع عن حقوق الفئات المهمشة والضعيفة. وعلى الرغم من أن المجتمع المدني يُعلي من شأن الفرد، إلا أنه ليس مجتمعاً فردياً؛ بل هو مجتمع التضامن والتكافل عبر شبكة من العلاقات الواسعة، من المؤسسات والهيئات المختلفة.
ويرى إيزاك Issac أن المجتمع المدني هو بناء يضم شبكة من العلاقات الإنسانية، التي تقع مستقلة عن، أو سابقة على الدولة أو المجتمع السياسي. وتُعد هذه الشبكة ذات أهمية وأولوية أخلاقية كبرى. وهنا يكون النظر إلى الدولة بوصفها إحدى وسائل حماية هذه الشبكات. ويؤكد إيزاك أن الحديث عن مجتمع مدني، عادة، يستحضر إلى الذهن مباشرة تلك الروابط، التي تعتمد على النقد اللاذع والدعاية لأعمالها ووظائفها. إنها تلك الروابط التطوعية المستقلة عن الدولة، والتي تهدف دائماً لخلق مساحات متنامية من المعارضة، من أجل إقصاء البيروقراطية المعوقة، والبناءات التقليدية.
وهذه السياسات، غالباً، توجه إلى الدولة وضدها؛ ولكنها لا تهدف إلى السيطرة أو التحكم في الدولة، مثلما تهدف الأحزاب السياسية. كما أنها لا تنخرط ولا تستوعب في نسيج الدولة، من أجل تحقيق مكاسب ومميزات محددة، كحال جماعات المصالح؛ ولكنها أكثر من ذلك فهي سياسات للإقناع الأخلاقي، تقدم لأعضائها الشعور بالفخر والكرامة والقوة، وتؤثر في العالم السياسي، من خلال قوة النموذج الذي تقدمه، ومن خلال نتائجها المحددة جداً والقريبة.
وعلى الرغم من شمولية هذا التعريف لمفهوم المجتمع المدني، من حيث كونه يشير إلى القيم الأولية، التي تشكل الركائز المعيارية لأي تنظيم مدني مستقل عن الدولة، إلا أنه وقع في شراك الاتجاه السائد، الذي يميل إلى قصر مفهوم المجتمع المدني على التنظيمات والجمعيات الأهلية، بمختلف أنماطها الاجتماعية، والثقافية، والاقتصادية، وغيرها. إن هذه الجمعيات، في واقع الأمر، لا تمثل إلا مكوناً واحداً فقط من مكونات المجتمع المدني. ويتضح ذلك بجلاء عندما عدّ إيزاك الأحزاب السياسية وجماعات المصالح كيانات، مستبعدة من مؤسسات المجتمع المدني. كذلك، نلاحظ أن الباحث قد أضفى النزعة الخلافية على العلاقات بين هذه المؤسسات الأهلية وبين الدولة، على الرغم مما قد ينشأ بين الطرفين من تعاون يحقق المصلحة الاجتماعية، ويكمل دور الدولة الاجتماعي في مجالات كثيرة ومتنوعة.
ويذهب باول هيرست Hirst، إلى أن المجتمع المدني هو ذلك الفضاء، الذي تُدار فيه القضايا والأمور الاجتماعية بعيداً عن سلطة الدولة الممتدة؛ فتنتقل هذه الإدارة بقدر المستطاع من أيدي الدولة، إلى تلك المؤسسات الجمعية الطوعية ذات الحكم الذاتي الديموقراطي. ويهدف المجتمع المدني إلى الربط وتحقيق الائتلاف، بين الاختيار الفردي للمبادئ الليبرالية وبين المساعدة الجمعية العامة Collectivism؛ فمساحة تدخل الدولة وتوجيهها للعمل، تتناقص كثيراً؛ ولكن ليس على حساب وظائف التمويل والمساعدة الاجتماعية. ويتم التمويل الحكومي والشعبي لهذه الجمعيات، من أجل قيامها بوظائف مثل التعلم والصحة. ويهدف هذا التوجه في نهاية الأمر إلى تقوية الدولة، من خلال المجتمع المدني.
لكن هناك من يرى أن المجتمع المدني يشير إلى جملة التنظيمات غير الحكومية، غير التابعة لسلطة الدولة مباشرة، كالنقابات المهنية والاتحادات العمالية، وكذلك الجمعيات الاجتماعية المختلفة، كالثقافية، والاقتصادية والاجتماعية، والخدمية، والقانونية، والأحزاب السياسية، وبعض وسائل الإعلام، وبعض دور العبادة، ونوادي أعضاء هيئة التدريس، والاتحادات الطلابية بالجامعات.
وتضطلع مؤسسات المجتمع المدني بمهام كثيرة في ميادين مختلفة، على الصعيدين الوطني والدولي؛ فبوسعها توفير المعارف والمهارات الحماسية والنهج غير البيروقراطي، والمنظور الشعبي، وتكملة موارد الإدارات الحكومية، وجمع الأموال الكبيرة من أجل التنمية والأبعاد الإنسانية. كما تُشجع احترام حقوق الإنسان، وتعزز تسوية المنازعات. على أن الأمر لا يخلو، كذلك، من بعض مؤسسات المجتمع التي قد لا تكون ديموقراطية في هيكلها وتخدم مصالح ضيقة، خاصة في المجال السياسي.
وفي ضوء ذلك يحدد الباحث الدكتور سعد الدين إبراهيم، معالم المجتمع المدني بوصفه يشير إلى تلك التنظيمات غير الحكومية التابعة للدولة مباشرة، وغير الإرثية ـ أي لا تكون عضويتها إجبارية، ولا على أساس المولد، كالأسرة والعشيرة والقبيلة والدين والطائفة والعرق والسلالة. وبهذا المعنى فإن تنظيمات المجتمع المدني تقوم على عضوية مكتسبة واختيارية، كالنقابات المهنية، والروابط، والاتحادات، والأحزاب، والجمعيات، وغيرها من المؤسسات التطوعية.
وعلى هذا يمثل المجتمع المدني جزءاً من القطاع المجتمعي في المجتمعات الإنسانية الحديثة. وتقع هذه المنظمات كهمزة وصل بين القطاعين العام والخاص، ومن ثم فهي أداة ربط ووصل بين مكونات وبناءات المجتمع. وعلى الرغم من اختلاف المنظمات الأهلية من حيث الشكل، والحجم، والأهمية، والأدوار، التي تؤديها بين الدول والثقافات المتباينة، فإن لتلك المنظمات وظائف وأدواراً محددة؛ فهي تناصر المحرومين والمهمشين، والضعفاء، والمستبعدين، وتسعى للتغيير الاجتماعي المنشود، وتقدم الخدمات الاجتماعية والبرامج الثقافية، التي تنمي الوعي الاجتماعي والثقافي.
مما سبق يمكن تعريف منظمات المجتمع المدني بوصفها "مجموعة التنظيمات التطوعية الحرة، التي تملأ المجال العام بين الأسرة والدولة، لتحقيق مصالح أفرادها، ملتزمة في ذلك بقيم ومعايير الاحترام والتسامح والإدارة السلمية للتنوع والاختلاف". |
|
| |
| " الموسوعة المصغّرة للمصطلحات الاجتماعية " 4 | |
|