| " الموسوعة المصغّرة للمصطلحات النفسية " 1 | |
|
|
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75523 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: " الموسوعة المصغّرة للمصطلحات النفسية " 1 الجمعة 10 يونيو 2016, 3:50 pm | |
|
عدل سابقا من قبل ابراهيم الشنطي في الخميس 16 يونيو 2016, 11:43 pm عدل 1 مرات |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75523 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: " الموسوعة المصغّرة للمصطلحات النفسية " 1 الجمعة 10 يونيو 2016, 3:51 pm | |
| إساءة التقدير (خطأ التقدير) Estimation error
تُعَدّ إساءة التقدير[1] عملية عقلية مُعقدة، تتم عندما يكون هناك خطأ في التقدير، يترتب عليه خلل في السلوك والتصرف، أي السلوك اللا سوي. مما قد يوْدي بحياة الشخص، أو حياة الآخرين، كالذي يُغامر بالقفز بين سطحَي منزلين مرتفعين، تفصلهما مسافة، ويُقدر هذه المسافة بعملية عقلية معقدة، ثم يأخذ قرار القفز، ويُنفذه طبقاً لتقديره. فإذا كان تقديره خاطئاً، فإنه سوف يسقط، ويلقى حتفه. وقد يُخطئ الشخص تقديره لواقع آخرين، في موقف خطر، فيلقوا حتفهم، ويكون السبب في ذلك، هو الخطأ في التقدير، أو إساءة التقدير.
والعملية العقلية المعقدة، التي يترتب عليها تقدير الأمور، تقوم على فهْم الواقع من خلال مداخل الإدراك الحسية[2] لدى الشخص، وعندئذ يتم تحليل هذا الواقع بوساطة خبرة الشخص السابقة، التي اكتسبها من تجاربه في مختلف مواقف الحياة. وهكذا يكون الشخص قد قام بتقدير الأمور، ولم يبقَ إلا أن يُعمِل عقله، لاتخاذ القرار المناسب للموقف، وطبقاً لتقديره للأمور.
وفهْم الواقع بصورة طبيعية، يتطلب درجة مناسبة من اليقظة[3]، فلا يمكن لشخص مرهق، لم يأخذ قسطاً كافياً من النوم، أو مخموراً بتأثير تعاطي كحوليات أو مواد مخدرة، أو مختل الوعي، لأي سبب من الأسباب ـ أن يُقدر الأمور، أو يفهم الواقع بصورة صائبة. كما يتطلب كذلك، قدرة على التركيز. إذ لا يستطيع شارد الذهن، ومشتت الانتباه، ومَن تستغرقه أحلام اليقظة[4]، أن يفهم الواقع فهماً سليماً، بل قد تغلبه أحلام اليقظة ، التي يعيشها، فيخلط بينها وبين الواقع، ويخطئ الفهْم والتقدير. وكذلك ، لا يستطيع شارد الذهن تركيز الوعي تجاه الموقف، لإدراكه بصورة كاملة وواضحة. ويتطلب فهم الواقع، كذلك، سلامة المداخل الحسية، من السمع والبصر واللمس والشم والتذوق، مع سلامة مراكز المخ المتخصصة بفهْم المثيرات القادمة عبْر هذه المداخل، وسلامة الربط فيما بينها، مع الربط بالخبرة السابقة المختزنة في مناطق الذاكرة المختلفة، وصولاً إلى الفهْم المتكامل للموقف الحاضر ومقابلته برصيد الخبرة المختزنة، مع تحليل الموقف الحالي، بما يُساعد على الوصول إلى الحلول الممكنة في عملية التفكير، لتنتهي العملية المعقدة بوضع حلول منطقية، يتم المفاضلة بينها، لاختيار أنسبها. وقد تؤثر الانفعالات[5] على أي من العمليات السابقة، فتخل بالأداء العقلي. فانفعال الغضب أو الحزن، يُلوِّن إدراك الشخص للأشياء، ويُلقي بظلاله على عمل العقل، فيؤثر في الفهْم للأمور، ويخل بتقديرها. وكذلك انفعال السرور، الزائد عن الحدّ، يكون له التأثير عينه.
والفرد لا يصل إلى حُسن التقدير، وهو بعد طفل. ولكنه يحتاج الوصول إلى سـن الرشد[6]، حتى يستطيع الفهْم الكامل للأشياء وتجريدها[7] وحتى يستطيع إعمال عقـله، وإجراء الأفكار المجردة، التي تمكِّنه من بناء حلول منطقية قابلة للتطبيق. كما يكـون لديه رصـيد من الخبرة يمكِن أن يستفيـد منه في فهْـم الأمور. وأغلبنا لا ينسى مواقف عشناها في طفولتنا، وأدركناها بصـورة ما، ثم عاودنا معايشتها، بعد أن وصلنا إلى سن الرشـد. وكم لاحظنا أن الفارق في الفهْم قد اختلف اختلافـاً كبـيراً! ذلـك لأن الخبرات التـي نكتسـبها، تُحقق لنا النضـج، بعـد فترة من الزمـن، خاصـة إذا صاحبها نمو العقل نمـواً طبيعياً، من دون مرض يؤثر فيه. كذلك المرض العقلي[8] الـذي يخـل بعمليات الإدراك، أو برصـيد الذاكرة من الخـبرات، أو بعملية التفكير، أو خلل الإرادة[9]، كل هذه عوامل تسهم في إساءة التقدير.
[1] التقدير في اللغة بمعنى التمكن من الشيء وبيان مقداره. ويُقال قدر الأمر بمعنى دبره وفكر في تسويته (المعجم الوسيط، مجمع اللغة العربية، القاهرة، ط3، 1985، ج2، ص 745). ومن الناحية الاصطلاحية يُعد التقديرEstimation بمعنى إعطاء قيمة للشيء. وإساءة التقدير عبارة عن تقدير الخطأ Error estimation أو ما يُعرف بخطأ التقدي Estimation error
[2] الإدراك الحسي Sense perception أو ما يُعرف بصفة عامة الإدراك Perception . ويتم عن طريق الإدراك الخارجي أو الظاهري، والذي تقوم به الأحاسيس القادمة من أعضاء الحس. وهناك إدراك خارج عن الحواس يُطلق عليه الإدراك الداخلي الباطني وهو خارج عن الحواس (لا تستخدم فيه الحواس) Extrasensory perception ( E S P) ( .
[3] اليقظة Wakefulness تعمل على أن ينتبه الفرد لِما سيقوم بفعله، واعياً ومدركاً ـ بدرجة مناسبة ـ لمتطلبات الواقع.
[4] أحلام اليقظة Day dreams تعمل على تحقيق الرغبات وتنهض الذكريات والانطباعات للتجارب السابقة.
[5] الانفعالات Emotions أو العواطف) وهي استجابات شديدة التعقيد، يتمثل فيها درجة عالية من النشاط والتغيرات الحشوية (تنفس / نبض / إفراز غددي / نشاط عقلي) ويصحب ذلك مشاعر قوية تدفع إلى سلوك معين.
[6] الرشد Adulthood مرحلة الرشد / اكتمال النمو) وهي المرحلة العمرية التي يتخطى فيها الفرد مرحلة المراهقة ويحقق لنفسه الاستقلال عن الوالدين (حيث يتحقق للفرد النضج الجنسي والاجتماعي والنفسي، ويمكنه أن يتسامى بدوافعه كلها، ولم تعد له صراعات.
[7] التجريد Abstraction هو عملية التحليل والمقارنة بين أشياء مركبة لتحديد العناصر المشتركة والتوصل إلى تعمميم ما من خلالها.
[8] المرض العقلي Mental disease ويُعرف بالخلل العقلي أو الاضطراب العقلي. ويستعمل المصطلح عند التحليل النفسي، وعند العلاج بين أطباء الأمراض النفسية.
[9] الإرادة Will,Volition أو يُعرف بالقدرة أو المشيئة. |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75523 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: " الموسوعة المصغّرة للمصطلحات النفسية " 1 الخميس 16 يونيو 2016, 11:15 pm | |
| الشخصية غير السوية (اضطرابات الشخصية)
مقدمة
تعرّف اضطرابات الشخصية (Personality Disorders)، بأنها الأنماط من الشخصية، التي تكون غير مرنة، وغير متكيفة. وينشأ عنها فشل، اجتماعي أو وظيفي، أو معاناة ذاتية. ويمكن تعرف مظاهر اضطراب الشخصية، منذ المراهقة أو قبْلها، وتستمر في معظم الحياة البالغة، على الرغم من أنها تصبح أقل وضوحاً، في منتصف العمر أو الشيخوخة.
ويجب ألاّ تشخص اضطرابات الشخصية، إلا عندما تكون ملامحها المميزة منطبقة على الشخص، لوقت طويل من حياته، وليست مقتصرة على فترة بعينها. وليس لها بداية محددة؛ وإنما تتطور مع نمو الشخص، في مراحل حياته المختلفة. وهو ما يميزها عن الاضطراب؛ إذ إن له بداية، قد تكون حادة، وقد تكون متدرجة، وقد تكون متخفية.
وكثيراً ما يكون مضطرب الشخصية غير راضٍ بسبب تأثير سلوكه في الآخرين، أو لعدم قدرته على الأداء الفعال لوظيفته. وقد يحدث هذا، حتى في حالة كون الأنماط المؤدية إلى هذه الصعوبات، متوافقة مع الأنا (Ego-Syntonic)، أي أن سمات الشخصية، لا تُعَدّ مرفوضة من الشخص نفسه. وفي حالات أخرى، قد تكون الأنماط غير متوافقة مع الأنا (Ego-Dystonic)؛ ولكن، يجد الشخص صعوبة في تغييرها، على الرغم مما يبذله من محاولات. واضطرابات الوجدان (القلق والاكتئاب) شائعة، كشكوى رئيسية، مصاحبة لاضطراب الشخصية.
تشخيص اضطرابات الشخصية، في الطفولة والمراهقة
هناك اضطرابات شخصية محددة، تعزى إلى مجموعات تشخيصية نمطية، ضمن الاضطرابات، التي تظهر في الطفولة أو المراهقة. فاضطراب السلوك، مثلاً، قد يؤدي إلى اضطراب الشخصية المضادّ للمجتمع (Antisocial Personality)، واضطراب التجنّب (Avoidance Disorder)، قد يؤدي إلى اضطراب الشخصية المتجنّبة. واضطراب الهوية (Identity Disorder)، قد يؤدي إلى اضطراب الشخصية الحدية (Borderline Personality).
لذا، فإن تشخيص اضطراب السلوك (Conduct Disorder)، أفضل من تشخيص اضطراب الشخصية المضادّة للمجتمع، في من هم دون الثامنة عشرة. إذ أشارت الدراسات إلى أن عديداً من الأطفال ذَوِي السلوك المضطرب (المضاد للمجتمع)، لا يستمرون يظهرون سلوكاً مضادّ للمجتمع، في الرشد. كما أن اضطراب السلوك، قد يشخّص، في الرشد، عندما لا تتهيّأ السمات الكاملة لاضطراب الشخصية المضادة للمجتمع.
ويشخّص اضطراب الشخصية، التجنبيّة والحدّية، في الأطفال والمراهقين، أفضل من تشخيص المجموعات المناظرة، في الطفولة، إذا وجدت سمات اضطراب الشخصية، بعمق وثبات، ولم تكن محصورة في مرحلة من مراحل النمو. أما المجموعات الأخرى لاضطراب الشخصية، فقد تطبق في الحالات غير المعتادة، التي توجد فيها سمات خاصة، من سوء التكيف، وتبدو ثابتة.
بداية اضطراب الشخصية ومسارها
يبدأ اضطراب الشخصية في المراهقة، وأحياناً قبْلها، أو في بداية الرشد. ويظل معظم حياة الشخص. وهو يضايق الآخرين بسلوكه، فتضطرب علاقاته بهم. ولا يدفعه دافع إلى العلاج، فيظل على حاله من الاضطراب وعدم الاستبصار.
وتصنف اضطرابات الشخصية في أربع مجموعات. هي:
المجموعة (أ): وتشمل الشخصيات، الاضطهادية (Paranoid)، وشبه الفصامية (Schizoid)، وفصامية النوع (Schizotypal). وأصحاب هذه الشخصيات، يبدون غريبي الأطوار، منعزلين. المجموعة (ب): وتشمل الشخصيات، المضادّة للمجتمع (Antisocial)، والحدّية (Borderline)، والنرجسية (Narcissistic)، وشبه الهستيرية (Histrionic) وهؤلاء مأسويون، انفعاليون، ذَوُو شطط. المجموعة (ج): وتشمل الشخصيات، المتجنّبة (Avoidant)، والاعتمادية (Dependent)، والوسواسية(Obsessive - Compulsive Personality)، والعدوانية السلبية (Passive Aggressive Personality). وهم قلقون، خائفون. المجموعة (د): وتشمل اضطراب الشخصية غير المحدد الذي يمكن استخدامه في اضطرابات الشخصية الأخرى، أو الحالات المختلطة، التي لا تتفق مع الأنواع المحددة لاضطراب الشخصية، الموصوفة في الأنواع السابقة.
ويصعب، أحياناً، وضع تشخيص واحد لاضطراب الشخصية؛ إذ تتعدد سماته. حينئذٍ، يشخّص غير اضطراب للشخصية. أسباب اضطراب الشخصية 1. العوامل البيولوجية
أ. الجينات الوراثية: لوحظ زيادة كبيرة في معدل تطابق الشخصية، لدى التوائم المتماثلة. كما لوحظ زيادة المجموعة (أ) من اضطرابات الشخصية (الاضطهادية وشبه الفصامية وفصامية النوع)، بين أقارب الفصاميين (Schizophrenics). وهناك تهيئة جينية مشتركة، في الشخصية المضادّة للمجتمع، وإدمان الكحول. ويشيع الاكتئاب في الأسَر، التي ينتمي إليها أصحاب الشخصية الحدّية. كما أن هناك ارتباطاً وثيقاً بين الشخصية الهستيرية واضطراب التجسيد (Somatization Disorder).
ب. الدراسات البيوكيماوية: أشارت الدراسات إلى أن الأشخاص المندفعين، لديهم معدل مرتفع من هرمون التستوستيرون. ويرتبط بزيادته، كذلك، العدوان والسلوك الجنسي. ودلّت على أن انخفاض معدل الإنزيمات المؤكسدة للأمينات الأحادية (Monoamine Oxidase)، في الصفائح الدموية، يرتبط بالنشاط والاجتماعية، في قرود التجارب. وتأكد ذلك في دراسة، شملت طلاب الجامعة.
ج. العوامل العصبية: لوحظ ارتباط التلف الطفيف في الدماغ (Minimal Brain Damage)، في الطفولة، بحدوث الشخصية المضادّة للمجتمع، بعد ذلك. 2. العوامل النفسية
أ. النظرية التحليليـة: اعتقد (فرويد) أن سّمات الشخصية، تنتج من التثبيت على مرحلـة ما من مراحل النمو، ومن التفاعل بين النزعات والأشخاص، في البيئة. وحدد عدة أنواع للشخصية، طبقاً لذلك. هي:
(1) الشخصيات الفمية (Oral Characters): تتّسم بالسلبية، والتواكل، والإفراط في الطعام، وما يشبهه.
(2) الشخصيات الشرجية (Anal Characters): تتميز بالصرامة والبخل والدقة والعناد.
(3) الشخصيات الوسواسية (Obsessional Characters) تتصف بالتصلب، وسيطرة الأنا الأعلى، المتميز بقسوته.
(4) الشخصيات النرجسية (Narcissistic Characters) تتّسم بالعدوان، والتمركز حول الذات. 3. العوامل الاجتماعية الثقافية
لوحظ أن (مزاج) الطفل (Temperment)، يتفاعل مع مزاج الأب (أو الأم)، أو من ينوب عنه أثناء التربية، في الطفولة. فالطفل القلق، الذي ترعاه أم قلقة، يكون لديه قابلية أكثر لاضطراب الشخصية، من ذلك الذي تربيه أم هادئة. كما أن الثقافات، التي تنمي العدوان، وتشجع عليه، تهيئ لاضطراب الشخصية، الاضطهادية أو المضادّة للمجتمع. ولوحظ أن البيئة المعيشية الضيقة، تظهر الطفل أكثر حركة بينما البيئة المتسعة لحركته، تظهره طبيعياً، سواء كان ذلك في فصل دراسي أو منزل. 1. اضطراب الشخصية الاضطهادية (البارانوية) (Paranoid Personality Disorder)
يتميز هذا الاضطراب بالشك غير المنطقي، وعدم الثقة بالناس، بوجه عام. ولا يعترف المبتلَي بمسؤوليته عن مشاعره، بل يعد الآخرين مسؤولين عنها؛ فأفعال الناس محقرة له أو مهـددة. ويتهيأ له، غالباً، أنه مضطهد، أو أنه يؤذى من الآخرين، بطريقة ما. وكثيراً ما يتشكك، من دون منطق، في ولاء أصدقائه أو ثقته بهم. ويستشعر، غالباً، غيرة مرَضية، إذ يدعي، من دون مبرر، خيانة شريك حياته؛ وتفجر المواقف الجديدة شعوره بالاحتقار والتهديد. ويسهل استفزازه، فيندفع في شجارات، لا داعي لها. وقد يحمل الكراهية، لوقت طويل، ولا ينسى الإساءة. ويتردد في أن يثق بالآخرين، خشية أن تستخدم المعلومات (التي يدلي بها) ضده. والمصابون بهذا الاضطراب محترسون، عادة، إلى درجة زائدة. ويأخذون حذرهم ضد أي تهديد. ويتجنّبون اللوم، حتى عندما يكون لسبب منطقي. وينظر إليهم الآخرون على أنهم حذِرون، كُتُمٌ غير مبادرين، ومدقّقُون.
وعندما يوجد صاحب اضطراب الشخصية البارانوية، في موقع جديد، فإنه يسعى، بشدة، لتأكيد توقعاته، من دون فهْم الإطار العام. واستنتاجه النهائي، عادة، يحسم ما توقعه، أول الأمر. وتكون لديه، غالباً، أفكار إشارية عابرة، مثل أن الآخرين يلحظونه، بشكل خاص، أو يقولون عنه أشياء غير سارّة.
الأعراض المصاحبة لاضطراب الشخصية الاضطهادية
تتّسم الشخصية الاضطهادية بسرعة الاستثارة، وتعقيد الأمور. فالمصاب بهذا الاضطراب، يضخم الأمور الصغيرة (يعمل من الحبة قبة). ويصعب عليه الاسترخاء، أو يبدو مشدوداً. وهو يميل إلى الشجار، عند أي تهديد، وينتقد الآخرين، ويحيل الأمور، غالباً، إلى المحاكم؛ بينما لا يتقبّل انتقادهم إياه. وفاعلية صاحب الشخصية البارانوية محدودة، وقد يظهر (بارداً) تجاه الآخرين. وليس لديه إحساس حقيقي بالفكاهة. وقد يفخر بأنه دائماً موضوعي ومنطقي، وأنه غير انفعالي. وتنقصه الرقة، والمشاعر الطيبة، والرأفة.
ويراه الآخرون، أحياناً، ملاحظاً حاسماً، ذا طاقة عالية، شكاكاً، وقادراً. بيد أنهم يرونه، غالباً، متصلباً، رافضاً الحلول الوسط، وكثيراً ما يختلق المصاعب والتعقيدات، ويثير الخوف لديهم؛ فهو غالباً، يخاف من فقْد استقلاله، أو يرغب في تشكيل قوة الأحداث طبقاً لرغباته. ويتجنب، عادة، الألفة، عدا مع أولئك، الذين يثق بهم ثقة مطلقة. ويظهر حاجة شديدة ليكون مكتفياً ذاتياً، بسبب التمركز الشديد حول الذات، وتضخيم أهميتها. ويتجنّب المشاركة في الأنشطة الجماعية، إلا إذا كان في موقع مسيطر.
ويلاحـظ اهتمـام مـن يعـاني اضطـراب الشخصيـة الاضطهاديـة، بالإلكترونيات، والآلات الذاتية. ولا يهتم بالفن أو الإحساس أو الجمـال. ويعي، بشدة، موقع القوة، ومن هو أعلى، ومن هو أدنى. ويحسد، غالباً، مـن هو في مـوقع القوة، ويحتقر من يراهم ضعفاء أو مرضى. وهو عرضة للشعور بأعراض ذهانية (Psychotic Symptoms) عابرة، في فترات التعرض للضغوط.
مسار اضطراب الشخصية الاضطهادية ومضاعفاتها ومآلها
يبدأ في بداية الرشد. ولا توجد دراسات تتبعية طويلة للشخصية الاضطهادية، تحدد مسارها. ولكن، في بعض الحالات، يكون الاضطراب طيلة الحياة. وفي بعضها، يكون بداية للفصام، أو لاضطراب ضلالي. وفي بعضها الآخر، تقلّ حدّة الاضطراب، بالنضج. ونادراً ما يبحث المصاب به عن علاج، خاصة أن بعضهم متعاظمون ويمثلون أدوار قادة لجماعات متطرفة. والإعاقة تكون في صورة مشاكل في العمل، خاصة في العلاقة بالسلطة أو المساعدين. وفي الحالات الشديدة، تختل العلاقات بصورة بارزة .
انتشار اضطراب الشخصية الاضطهادية
يصل معدل انتشاره إلى 2.5 %، ولكن المرضى نادراً ما يمثلون للعلاج، على الرغم مما يسببونه من مشاكل لمن يعايشونهم. ينتشر بين الذكور، أكثر منه بين الإناث. كما يكثر لدى أقارب المرضى المصابين بالفصام العقلي. ولوحظ زيادة انتشاره بين المصابين بالشذوذ الجنسي المثلي (اللواط) (Homosexual)، والمعروفين بالجنوسيين. وكذلك المرضى المصابين بالصمم.
يجب تمييز اضطراب الشخصية الاضطهادية من الآتي:
أ. الاضطراب الضلالي والفصام الاضطهادي، اللذان يتميزان بأعراض ذهانية ثابتة، من الضلالات والهوس وخلل الحكم على الأمور.
ب. اضطراب الشخصية المضادّة للمجتمع، الذي يشترك معه في صعوبة إنشاء علاقات اجتماعية، ونقص الإنجاز الوظيفي.
ج. اضطراب الشخصية شبه الفصامية، الذي يتميز بالغرابة والبرود والانزواء. ولكن، ليس لديه أفكار اضطهادية بارزة .
علاج اضطراب الشخصية الاضطهادية
يُعَدّ العلاج النفسي، هو المفضل، في هذه الحالة. ولكن، على المعالج، أن يعي، أن مناطق الثقة والألفة والتحمل، من قِبل المريض، هي مضطربة؛ فلا بدّ، إذاً، من تمرّسه بالعلاج. والعلاج الجماعي غير ملائم لهؤلاء المرضى. وأحياناً، يلزم بعض العقاقير، في حالات الفوران الداخلي أو القلق. وفي بعض الحالات، قد يكفي عقار (الديازيبام) (Diazepam) الذي يعرف، تجارياً، باسم الفاليوم (Valium). وأحياناً يلزم مضادّات ذهان (Antipsychotics)، بجرعات قليلة، ولفترات قصيرة. 2. اضطراب الشخصية شبه الفصامية (Schizoid Personality Disorder)
يتميز مرضاه بنمط، يسود حياتهم، من العزلة الاجتماعية، وعدم التمايز للعلاقات الاجتماعية، وضيق المدى الانفعالي، خبرة وتعبيراً، ويبدأ في أول الرشد. وهم لا يرغبون، ولا يستمتعون بالعلاقات الحميمة، فيفضلوا أن يظلوا وحيدين، ليس لهم أصدقاء مقربين، يثقون بهم. أو هم يكتفون بصديق واحد فقط، إضافة إلى أقارب الدرجة الأولى. لذا، فهم، دائماً، يختارون أنشطة فردية. وهم غير معبِّرين (عدم تمايز) (Indifference)، في حالات المدح أو الذم، ونادراً ما يخبرون انفعالات قوية، مثل الغضب والسرور؛ فهُم، في الحقيقة، حُصُر('حُصُرٌ : جمع حَصُور؛ وهو الذي يمتنع عن الشيء، عجزاً أو حياءً.')، لذا، يبدون باردين ومتباعدين، وجداناً، عن الآخرين.
ويصاحب ذلك عدم القدرة على إظهار العداء، وغموض الأهداف، والانطواء. ونظراً إلى نقص المهارات الاجتماعية، أو الرغبة في خبرات جنسية، فإن الذكور المصابين بهذا الاضطراب، هم غير قادرين، عادة، على إيلاف[1] امرأة، أو تزوُّجها، ونادراً ما يتزوجون.
البداية والمسار والإعاقة
يبدأ اضطراب الشخصية شبه الفصامية، في الطفولة. وتظل إلى فترة طويلة. ولكن، ليس بالضرورة أن تظل طيلة الحياة. وليس معروفاً النسبة، التي تتحول منها إلى اضطراب الفصام. وتتمثل الإعاقة في ضيق العلاقات الاجتماعية. وقد يختل الأداء الوظيفي، خاصة إذا لزم الاندماج في آخرين. ولكن، من ناحية أخرى، قد يكون المصابون قادرين على زيادة الأداء الوظيفي في المواقف، التي تستدعي إنجازاً عملياً، في ظل ظروف معزولة اجتماعياً.
انتشار اضطراب الشخصية شبه الفصامية
على الرغم من ملاحظة انتشار هذا النمط من اضطراب الشخصية، الذي قد يصل إلى 7.5 % من عامة الناس، وإصابته الذكور أكثر من الإناث، بنسبة (1:2)، فإن حصره في الممارسة الإكلينيكية، لا يزال قليلاً؛ إذ لا يسعى مرضاه للعلاج، كجزء من تجنبهم وعزلتهم الاجتماعية، فهم يميلون إلى اختيار أعمال، يقلّ فيها الاحتكاك بالآخرين، أو ورديات العمل الليلية.
ويلزم تمييز اضطراب الشخصية شبه الفصامية من الآتي:
أ. اضطراب الشخصية فصامية النوع (Schizotypal): يعاني المصابون به شطحات غريبة، في التفكير والسلوك. ولهم أقارب فصاميون (مرضى بالفصام) بخلاف شبه الفصامية.
ب. اضطراب الشخصية التجنبية: يلزم مرضاه العزلة الاجتماعية، تحرّجاً من الرفض. وعلى الرغم من رغبتهم علاقات اجتماعية، فإنهم يحرصون على ضمانات قوية للقبول، وعدم النقد من الآخرين.
ج. اضطراب الشخصية الاضطهادية: ويتميز ببروز الأفكار الاضطهادية، وتوقع الأذى من الآخرين.
علاج اضطراب الشخصية شبه الفصامية
يشبه علاجه العلاج في حالة اضطراب الشخصية الاضطهادية. ولكن صاحب الشخصية شبه الفصامية، يتفق مع توقعات المعالج، من القدرة على الاستبطان (Intorspection) ورؤية الذات من الداخل؛ غير أنه قد يفرط في الخيال، مستغلاً ثقة المعالج. والعلاج الجماعي مفيد له، كذلك (شريطة أن تحميه الجماعة من نوباته العدوانية)؛ إذ يتيح له تفاعلاً اجتماعياً. 3. اضطراب الشخصية فصامية النوع(Schizotypal Personality Disorder)
يتميز اضطراب الشخصية فصامية النوع، بنمط متعمق من غرابة التفكير، والمظهر، والسلوك، وقصور في العلاقات بالآخرين، وهو ليس شديداً بما يكفي لتشخيص الفصام. ويضطرب فيها محتوى التفكير، إذ يشمل أفكاراً اضطهادية (Delusional Ideas)، والتشكك، وأفكاراً إشارية (Ideas of Reference)، واعتقادات غريبة، وتفكيراً سحرياً (Magic Thinking)، لا يتفق مع أسوياء بيئته، ويؤثر على سلوكه وتصرفاته، مثل اعتقاد الخرافات، والكشف والتخاطر (Telepathy)، أو الحاسة السادسة (عندما لا يكون ذلك جزءاً من نظام الثقافة السائدة). وفي حالة الأطفال والمراهقين، قد توجد خيالات غريبة، أو انشغالات، أو خبرات إدراكية غير معتادة، قد تشمل الخداعات (Illusions) أو عدم التناسق (Loose Association) . ويكون الكلام غامضاً، أو غير ملائم التجريد (Abstraction). وقد يعبّر عن المفاهيم بغرابة وغموض. وقد تستخدم الكلمات بطريقة غير معتادة. والمصابون بهذا الاضطراب ذوو سلوك ومظهر غريبَين وهامشيَّين.
وعلاقاتهم بالآخرين مختلة، إلى حد كبير، بسبب نقص التعبير الوجداني، وسخافتهم البادية؛ فنادراً ما يظهرون تعبيرات بالوجه، مثل الابتسام أو الإيماء. وليس لهم أصدقاء مقرَّبون، ويكتفون، أحياناً، بصديق واحد فقط. وينتابهم القلق، إلى أقصى درجة، في المواقف الاجتماعية، التي تضم أشخاصاً لم يألفوهم.
ويصاحب اضطراب الشخصية فصامية النوع، خليط من القلق والاكتئاب، وأحياناً، ملامح من الشخصية الحدّية. وخلال فترات التعرض للضغوط الشديدة، قد تظهر أعراض ذهانية، ولكنها لا تكفي لإضافة تشخيص الذهان (Psychosis).
المسار والتنبؤ بالمآل
لوحظ أن 10% من مضطربي الشخصية فصامية النوع، ينتحرون. وبعضهم يتحول إلى مرض الفصام العقلي. وتشير الملاحظات الإكلينيكية، إلى أن هذه الشخصية، هي شخصية قبل المرض (Premorbid Personality)، في حالات الفصام. ولكن العديد من أصحاب الشخصية فصامية النوع، يمكنهم أن يتزوجوا، ويعملوا، على الرغم من غرابة طباعهم.
انتشـار اضطراب الشخصية فصامية النوع
يصل معدل انتشار اضطراب الشخصية فصامية النوع، إلى 3%. ويكثر بين التوائم المتماثلة، وبين أقارب الدرجة الأولى للفصاميين.
ويجب تمييز اضطراب الشخصية فصامية النوع من الآتي:
أ. الفصام (النوع المتبقي) (Residual Schizophrenia): يتميز بأنه كان فيه تاريخ لمرحلة فصام ناشطة من الأعراض، التي تميز مرض الفصام العقلي.
ب. اضطراب الشخصية، شبه الفصامية والتجنبية: لا يوجد فيه غرابة في التصرفات والتفكير والإدراك والكلام.
ج. اضطراب الشخصية الحدّية: إذا وجدت دلالات من الأعراض المرَضية، تشخص كليهما، يوضع التشخيصان معاً.
د. اضطراب الشخصية الاضطهادية: يسيطر عليه الشك، والأفكار الاضطهادية، من دون غرابة في التصرفات، كالذي يحدث في الشخصية فصامية النوع.
علاج اضطراب الشخصية فصامية النوع
تعطى مضادات الذهان (Antipsychotics)، للتخفيف من أعراض اضطراب التفكير والإدراك، إلى جانب العلاج النفسي. وتطبق عليه المبادئ نفسها، المتبعة في علاج الشخصية شبه الفصامية. ولكن يجب أن تؤخذ أفكار المرضى الغريبة، بحيطة وحذر من جانب المعالِج. 4. اضطراب الشخصية المضادّة للمجتمع (Antisocial Personality Disorder)
ويتميز السلوك المضادّ للمجتمع، بدءاً من الطفولة، أو بداية المراهقة، ويطاول الحياة البالغة. وعلاماته في الطفولة، هي الكذب، والسرقة، والهروب من البيت أو المدرسة، وانتهاك حقوق الآخرين، والشجارات، والاعتداء الجسماني على الآخرين. ويستمر النمط المضادّ للمجتمع، في الكبر؛ إذ يفشل الشخص في العيش شريفاً، كأب أو مسؤول. كما يفشل في المحافظة على عمله وفي امتثال قوانين المجتمع، فيكرر الأفعال المضادّة للمجتمع، فيكون عرضة للمساءلة القانونية.
وأصحاب اضطراب الشخصية المضادّة للمجتمع، يكونون سريعي الاستثارة، عدوانيين، ويتصرفون بإهمال، من دون مراعاة لسلامة الآخرين (مثل قيادة السيارة، وهم مخمورون). وفي علاقاتهم الجنسية، لا يحافظون على علاقة واحدة لأكثر من سنة. ولا يلومون أنفسهم، عندما يسيئون بتصرفاتهم للآخرين.
ويصاحب هذا الاضطراب أعراض الإدمان؛ والممارسات الجنسية المبكرة؛ وأعراض اضطراب التجسيد، مع التوتر وعدم القدرة على تحمّل الملل والاكتئاب؛ واضطراب العلاقة بالآخرين، الناجم عن الإساءة إليهم، والاقتناع بأنهم عدائيون؛ والفشل في المحافظة على علاقة حميمة، ومسؤولة، بأسْرة، أو أصدقاء، أو شريك جنسي.
ويكثر ظهور أصحاب اضطراب الشخصية المضادّة للمجتمع، في صورة المحتالين (النصابين) (Con-men) ، الذين يجيدون خداع الناس، والاستيلاء على أموالهم، أو الأموال العامة. وأحياناً لا تظهر الشخصية المضادّة للمجتمع، في الطفولة. ولا تتداخل مع إنجاز الشخص الدراسي، فينجح في دراسته، بل قد ينجح سياسياً واقتصادياً، ولا تظهر عليه الصورة الكاملة للاضطراب. ويستغل موقعه، العملي أو السياسي، في مصلحته، من دون حسبان لمصلحة الآخرين أو لأي قِيم، أخلاقية أو إنسانية، ومن دون لوم للنفس، أو أدنى شعور بالذنب، تجاه ما تقترفه يداه.
بدء اضطراب الشخصية المضادّة للمجتمع ومساره
يتخذ الاضطراب صورة اضطراب السلوك، عادة، قبل سن الخامسة عشرة. ويبدأ لدى البنين في الطفولة، ولدى البنات في المراهقة. وينجم عنه، غالباً، فشل في الإنجاز الدراسي، وقد يؤدي إلى الهلاك من جراء السلوك المضرب العنيف، غالباً. وقد يقلّ السلوك السيئ المضادّ للمجتمع، بعد سن الثلاثين.
انتشار اضطراب الشخصية المضادّة للمجتمع
قُدِّر معدل انتشار اضطراب الشخصية المضادّة للمجتمع، في البلاد التي دُرِست فيها، مثل أمريكا، بنسبة 3% لدى الذكور، و1% لدى الإناث. وهو معدل ليس بالقليل، ولعل سببه شيوع اضطراب السلوك لدى الأطفال، في العقدَين الأخيرَين، الناجم عن انتشار أفلام العنف، وغياب الأب والأم وانشغالهما بالعمل. ومع أنه لا توجد دراسات انتشارية، يعتمد عليها، في الوطن العربي، إلا أن الانطباع العام، يوحي بازدياد انتشار الشخصية المضادّة للمجتمع، في الفترة الأخيرة، للأسباب الآنفة نفسها، فضلاً عن تشوّه القدوة، بل الافتقار إليها. ويكثر اضطراب الشخصية المضادّة للمجتمع، في الأحياء الفقيرة، والمزدحمة بالسكان، حيث يزداد عدد الأطفال في الأسْرة، بما يقلل رعاية الوالدين ومتابعتهمـا لهم. ويتضاعـف معـدل الانتشار خمـس مرات بين أقـارب الدرجـة الأولى مـن الذكور. وكـذلك يـزداد انتشار هذه الشخصية، بين أقارب مضطربي التجسيد (Somatization ) Disorder والمدمنين.
ويلزم تمييز اضطراب الشخصية المضادّة للمجتمع، من الآتي:
أ. اضطراب السلوك (Conduct Disorder) يتكون، في الطفولة، من علامات نموذجية لاضطراب الشخصية المضادّة للمجتمع. ولكنه قد ينتهي، تلقائياً، أو يتحول إلى اضطراب آخر، مثل الفصام. ويجب ألاّ تشخّص حالات الأطفال باضطراب الشخصية المضادّة للمجتمع؛ فهو خاص بمن أكملوا الثامنة عشرة من العمر، وأظهروا نمطاً كاملاً، لفترة طويلة.
ب. السلوك المضادّ للمجتمع، لدى البالغ، الذي لا يتفق مع المواصفات الكاملة لاضطراب الشخصية المضادّة للمجتمع، ولا يعزى سلوكه المضادّ للمجتمع، إلى اضطراب نفسي آخر.
ج. الإدمـان (Addiction)، بما يصاحبه من سلوكيات مضطربة، بهدف الحصول على المادة المخدرة وتعذّره، ولكن الأساس فيه، ليس تكوين الشخصية.
د. التخلف العقلي والفصام، لا يشخص مع أي منهما اضطراب الشخصية المضادّة للمجتمع، إلا في حالة وجود نمط واضح من السلوك المضادّ للمجتمع.
هـ. نوبات الهوس (Manic Episode)، ويميزها غياب اضطراب السلوك في الطفولة، والطبيعة النوابية، ذات البداية المحددة.
علاج اضطراب الشخصية المضادّة للمجتمع
قبْل بدء العلاج، يجب أن يجد المعالج طريقة لوقف سلوك الشخص التدميري لنفسه، وخوفه من الألفة والصداقة مع الآخرين، وجعله يتفاعل معهم، من دون خوف من الألم، الناجم عن التفاعل. ومن أكثر أجدى الطرائق العلاجية، تكوين جماعات من المرضى، لمساعدتهم (Self-Help Groups)؛ إذ يتعاطفون مع الشخص، ويعطونه الإحساس بالأبوة، التي حُرِمَها خلال طفولته. وأحياناً، تلزم عقاقير، لعلاج الأعراض المصاحبة، مثل القلق أو الاكتئاب. 5.اضطراب الشخصية الحدّية (Borderline Personality Disorder)
يتميز بالنمط المتعمق، من عدم استقرار صورة الذات، والعلاقات بين الأشخاص والوجدان. ويُعَدّ المصابون به على الحافة، بين العصاب والذهان. وأطلق عليه عدة أسماء (الفصام المتغير) و(الفصام العصابي الكاذب) (Pseudoneurotic Schizophrenia) و(الشخصية ذهانية السمات) و(الشخصية غير المستقرة عاطفياً). ويميزه، كذلك، اضطراب الهوية الثابت، وعدم التحديد في نواحي الحياة المختلفة، مثل صورة الشخص عن ذاته، وأهدافه البعيدة، واختيار العمل، ونوع الأصدقاء، والشريك الجنسي، والقِيم التي يتبناها. وغالباً، يسعر بعدم الثبات لصورة الذات، كإحساس مزمن بالفراغ.
وعادة ما تكون علاقة صاحب الشخصية الحدّية بالآخرين، غير مستقرة، وحادة. وتتميز بتغيرات متطرفة، من المثالية الزائدة إلى الانحطاط القمي، مع عدم ثبات الانفعال، إذ يكون الغضب، أحياناً، غير ملائم للموقف. وغالباً ما يفقد الشخص سيطرته على نفسه، فيبدو كثير العراك والشجار، وهو مندفع في تصرفاته، خاصة في الأنشطة، التي تكون مدمرة للنفس، مثل الإدمان، وقيادة السيارة باستهتار، وسرقة المحلات. وكثيراً ما يهدد بالانتحار، ويشوه نفسه بهدف التلاعب بالآخرين. وعند ازدياد الضغط عليه، قد يصاب بخدر نفسي، أو اختلال الإنية (Depersonalization).
ويصاحب اضطراب الشخصية الحدّية، ملامح من الاضطرابات الأخرى للشخصية، مثل فصامية النوع، والهستيرية، والنرجسية، والمضادّة للمجتمع. وخلال فترات الضغط الشديد، قد تحدث أعراض ذهانية عابرة، ولكنها غير كافية الشدة أو المدة، لعمل تشخيص إضافي.
بدء اضطراب الشخصية الحدّية ومساره
يبدأ الاضطراب مبكراً، في الرشد. ويتميز بعدم الثبات. ولكنه لا يتحول إلى فصام (Schizophrenia)، بل إلى نوبات اكتئاب جسيم (Major Depressive Episodes). وأحياناً، يتحول إلى تفاعل ذهاني، قصير المدى (Brief Reactive Psychosis). ومن أهم مضاعفاته الانتحار.
انتشار اضطراب الشخصية الحدّية
يلاحظ انتشاره بين عامة الناس. ولكن، لا توجد دراسات لمعدل انتشاره. ويعتقد أنه يصل إلى 2%، وهو أكثر بين النساء، منه بين الرجال، بنسبة (2 : 1).
ويجب تمييز اضطراب الشخصية الحدّية، من الآتي:
أ. اضطراب الهوية (Identity Disorder)؛ إذ إن الصورة الإكلينيكية فيهما متشابهة. ولكن، إذا وجدت دلالات اضطراب الشخصية، وكان الاضطراب ثابتاً، وعميقاً، وغير مرتبط بمرحلة نمو، فإنه يشخص اضطراب الشخصية الحدّية.
ب. السيكلوثيميا (Cyclothymic Disorder)، يعتري المصابين بها عدم الثبات الوجداني. ولكن، توجد نوبات الهوس، التي تميزها.
علاج اضطراب الشخصية الحـدّية
يُعَدّ العلاج النفسي، هو أفضل أنواع العلاجات لهذا الاضطراب، ويصاحبه العلاج الكيماوي. والعلاج النفسي لهذه الحالات، هو من الأمور العسيرة، على كلٍّ من المعالج والمريض؛ إذ يميل المريض إلى النكوص والتفعيل لنزعاته، فيظهر طرحاً، موجباً أو سالباً، تجاه المعالج. وقد يكون هذا الطرح ثابتاً أو متقلباً، من دون سبب يفسره. كما أن حيلة الانشقاق، الدفاعية، تجعل صاحب الشخصية الحدّية، يتردد بين الحب والكراهية للمعالج، وموضوعات البيئة المحيطة به. ويمكن العلاج السلوكي، من طريق تدريب المريض على التحكم في نزعاته ونوبات غضبه، وأن يتعود النقد ويتقبله، مع تدريبه على المهارات الاجتماعية، لزيادة تعامله مع الآخرين. والعلاج الكيماوي، يشمل مضادّات الذهان أحياناً، ومضادّات الاكتئاب والقلق، أحياناً أخرى، وأحياناً مضادّات الصرع. 6. اضطراب الشخصية الهستيرية (Histrionic Personality Disorder)
يتميز بنمط متعمق، من الانفعالات الشديدة، وجذب الانتباه. والمصاب به يبحث، دائماً، عن الطمأنة أو الموافقة أو الإعجاب من الآخرين. ولا يستريح في المواقف، التي لا يكون فيها محور الاهتمام. ويتميز بتقلب وجداني سريع، وعواطف سطحية، وسلوكه انفعالي أكثر من اللازم. والمثيرات الضئيلة، تعطي إثارة انفعالية مبالغاً فيها. ويعبّر بحدة، عن انفعالاته وبطريقة غير ملائمة. وهو يركز حول نفسه، ولا يحتمل الإحباط من تأخر الإشباع، وأفعاله موجهة إلى الإشباع المباشر.
ويتّسم أصحاب الشخصية الهستيرية بالجاذبية والإغواء. ويبدون لامعين ومشغولين أكثر من اللازم بجاذبيتهم الجسمانية، وطريقتهم في الكلام تعبيرية، تنقصها التفاصيل (مثل من يصف رحلة بأنها كانت خيالية، من دون قدرته على أن يكون أكثر تحديداً).
ويصاحب اضطراب الشخصية الهستيرية، الميول المأسوية، وتضخيم الأحداث والعلاقات، واتخاذ دور الضحية، أحياناً، من دون الوعي بذلك، مع رغبة شديدة في الإثارة، والملل من رُتُوب الحياة (الروتينية). ويوصف المصابون به بأنهم سطحيون، منطوون على أنفسهم، ويحتاجون، دائماً، إلى المساعدة والطمأنة، لشعورهم بالعجز والاعتمادية. وأفعالهم غير ثابتة، غالباً. وقد يسيء الآخرون فهْمهم.
وفي علاقاتهـم بالجنس الآخـر، يحاولـون السيطـرة عليـه، في علاقة اعتمادية. وكثيراً ما يكونون رومانسيين. وعلاقـاتهم الجنسية متفاوتة. فبعضهم داعر. وبعضهم ليس لديه خبرة جنسية، ولا يستجيب. وبعضهم يبدون أسوياء في سلوكهم الجنسي. ويظهرون اهتماماً قليلاً بالإنجاز الذكائي، والتفكير التحليلي. ولكنهم، غالباً، خلاّقون، ولديهم قدرة على التخيل. ويتأثرون بالآخرين. وقابلون للإيحاء. ويظهرون استجابة، مبدئية موجبة، لأي شخص صاحب سلطة قوية، ويعتقدون أنه يمكن أن يقدّم الحلول السحرية لمشاكلهم. وحكمهم على الأمور، ليس عميق الجذور. وعادة، يتوجهون طبقاً للتخمينات. وتكثر شكواهم من ضعف الصحة، والأعراض الجسمانية، مع اختلال الإنية. وخلال فترات الضغط الشديد، قد تصيبهم أعراض ذهانية عابرة، لا تكفي لتشخيص اضطراب ذهاني.
بدء اضطراب الشخصية الهستيرية ومساره
في بداية الرشد، يظهر اضطراب الشخصية الهستيرية. وتقل الأعراض بتقدم السن. وغالباً، تضطرب علاقة المضطرب بالآخرين، وتكون غير مشبعة. وقد يعتريه تفاعل ذهاني، قصير المدى، أو اضطراب التحويل (Conversion Disorder) واضطراب التجسيد.
انتشار اضطراب الشخصية الهستيرية
هذا الاضطراب شائع، خاصة بين الإناث. وتصل نسبته إلى 3% من عامة الناس. ويزداد بين الأقارب من الدرجة الأولى. ويرتبط باضطراب التجسيد والكحولية (إدمان الكحول).
ويجب تمييز اضطراب الشخصية الهستيرية، من الآتي:
أ. اضطراب التجسيد: ويتميز بالشكوى من المرض الجسماني، على الرغم من وجود أعراض الشخصية الهستيرية. وقد يوجدان معاً.
ب. اضطراب الشخصية الحدّية: كثيراً ما تكون مصاحباً. وكذلك اضطراب الشخصية النرجسية.
علاج اضطراب الشخصية الهستيرية
غالباً لا يعي المضطربون، مشاعرهم الحقيقية. لذا، فإن توضيحها لهم، يكون خطوة مهمة في العلاج، الذي يلزم أن يكون نفسياً تحليلياً، وصولاً إلى الاستبصار النفسي. وقد تعطى معه بعض العقاقير، لتخفيف الأعراض، التي قد تكون شديدة، أحياناً، مثل القلق أو الاكتئاب. 7. اضطراب الشخصية النرجسية (Narcissistic Personality Disorder)
يتميز اضطراب الشخصية النرجسية بالشعور بالعظمة، والحساسية لتقييمات الآخرين، ونقص التعاطف معهم. ويتميز المضطربون بتضخيم ذواتهم ومنجزاتهم وذكائهم. ويتوقعون أن يلحظهم الآخرون بخصوصية، حتى من دون إنجاز ملائم، ويشعرون أن مشاكلهم فريدة (لأنهم متفردون)، ولا يفهمها إلا المتخصصون. وكثيراً ما ينتابهم الشعور بالقيمة وعدمها، مثل التلميذ الذي يتوقع مستوى معيناً، ويحصل على مستوى أقل منه، فإنه يعدّ نفسه فاشلاً، وإذا حصل على المستوى المتوقع، فإنه يعدّ ذلك عادياً، ولا يفرح بذلك فرحاً حقيقياً.
والمصابون بهذا الاضطراب، مشغولون، عادة، بخيالات من النجاح غير المحدود، والقوة، والنبوغ، والجمال، والحب المثالي. ولديهم مشاعر مزمنة من الحسد، لأولئك الذين يرونهم أكثر نجاحاً منهم. إلاّ أن هذه الخيالات، كثيراً ما يستبدل بها نشاط حقيقي واقعي، عندما يمكن تحقيق أهدافهم؛ ولكن النجاح، يكون من دون استمتاع. وطموحهم لا يمكن إشباعه. وذواتهم قابلة للكسر، إلى حدٍّ كبير. وقد ينشغل الشخص منهم بكفاءته في عمله، وتسببها بتقديره من قِبل الآخرين وهو ما يأخذ، غالباً، شكل الاستعراضية، وجذب الانتباه المستمر والإعجاب. ويتفاعل مع النقد، بغضب أو خجل أو فقْد الاحترام للْذَّات، ولكنه يغلف هذه المشاعر بمظاهر من عدم التميز.
وعلاقة المصاب باضطراب الشخصية النرجسية، بالآخرين، هي مختلة، إلى حدٍّ ما، ينقصها التعاطف، وهو ينتظر منهم أن يفضّلوه في المعاملة، مثل: أنه يجب ألاّ ينتظر في الصف، مثل الآخرين. ويوسع صداقاته، ابتغاء ميزات، أو لزيادة قوّتـه وحجم معارفه؛ فلا يرتبط بأصدقائه، إلا بعد أن يأخذ في حسبانه كيف يستفيد منهم. وفي العلاقات الرومانسية، يعامل المحبوب، كموضوع، يستخدم، في تدعيم شأن الذات.
ويصاحب الاضطراب النرجسي أعراض اضطراب الشخصية، الهستيرية والحدّية والمضادّة للمجتمع. وفي بعض الحالات، يشخّص أكثر من نوع لاضطراب الشخصية. ويكثر الاكتـئاب، كمصــاحب في هذا الاضطراب. وغالباً يكون مشغولاً بنفسه، حريصاً على أن يظل شاباً. ويتوارى القصور الشخصي تحت ستار الكذب. وتكون المشاعر ظاهرية، للتأثير في الآخرين.
بدء اضطراب الشخصية النرجسية ومساره
هذا الاضطراب مزمن. ويصعب علاجه. ويبدأ في أوائل الرشد. ومرضاه أكثر عرضة من سواهم، لأزمات منتصف العمر. ويعتري الخلل بعض علاقاتهم الاجتماعية. ويعانون الاكتئاب والمصاعب، مع الأشخاص، والأهداف غير الواقعية. ومن مضاعفات الاضطراب النرجسي، التفاعل الذهاني المحدود، والاكتئاب.
انتشار اضطراب الشخصية النرجسية
يكثر انتشار هذا النوع من اضطراب الشخصية، خاصة في العصر الحديث؛ وذلك بسبب الاهتمام بالإنجاز المهني. كما أن المديح الزائد من الوالدَين لأولادهما، وإذكاء روح الشعور بالعظمة، وأنه لا يوجد مثيلهم في الدنيا، جَمالاً وذكاءً، يمهدان لهذا النوع من الشخصية.
يُلاحظ، أحياناً، أن ملامح اضطراب الشخصية، الحدّية والهستيرية والمضادّة للمجتمع تظهر في الاضطراب النرجسي، غالباً، وعندئذٍ، يشخّص اضطراب شخصية متعدداً.
علاج اضطراب الشخصية النرجسية
يصعب علاج هذا النوع من اضطراب الشخصية. ويلزم علاج تحليلي نفسي، طويل المدى، لإحداث تغيير، وصولاً إلى تعديل مكونات الشخصية، من خلال الطرح (Transference). 8. اضطراب الشخصية المتجنّبة (Avoidant Personality Disorder)
تتميز الشخصية المتجنبة بنمط متعمق، من عدم الراحة الاجتماعية، والخوف من التقييم السلبي، والخجل. أغلب الناس ينشغلون بكيفية تقدير الآخرين لهم؛ ولكن المصابين بهذا الاضطراب، يؤلمهم النقد، ويحطم معنوياتهم، ولا يرتبطون بعلاقات، إلا بعد ضمان القبول وعدم النقد. ولذا، غالباً، ليس لديهم أصدقاء مقرّبون، عدا أقاربهم من الدرجة الأولى. ويتجنّبون العمل، الذي يستدعي علاقات اجتماعية. ويتوترون في المواقف الاجتماعية، خوفاً من قول شيء غير ملائم، أو غبي، أو عدم القدرة على الإجابة عن سؤال؛ وينمّ الخوف من الموقف الاجتماعي، احمرار الوجه، أو البكاء، أو علامات الخوف أمام الآخرين.
ويولّد الخوف والجبن مقاومة، لفعل أي شيء، يشذ عن رتوب المعتاد. فقد يلغي المضطرب، مثلاً، رحلة مهمة، بسبب احتمال ضعيف لسقوط أمطار، تجعل قيادة السيارة خطرة.
ويختلف صاحب الشخصية المتجنّبة عن صاحب الشخصية شبه الفصامية، في أنه توّاق إلى علاقات اجتماعية، وإلى الحب والقبول. ومعاناته سببها نقص قدرته على الارتباط بالآخرين، براحة. ويصاحبها أعراض الاكتئاب والقلق والغضب، لفشله في العلاقات الاجتماعية، مع رهابات خاصة، أحياناً.
بداية اضطراب الشخصية المتجنّبة ومساره ومصيره
يبدأ اضطراب الشخصية المتجنّبة مبكراً، في الرشد. وكثير من مرضاه، يستطيعون العمل في جو، يوفر حماية. وبعضهم يتزوج، ويكوِّن أسْرة، يرتبط بها. وإذا انهارت المساندة من حوله، فإنه يصاب بالاكتئاب والقلق والغضب. ويحدث التجنّب الرهابي، عادة، بسبب الرهاب الاجتماعي، الذي يظهر عبر مسار المرض.
انتشار اضطراب الشخصية المتجنّبة
معدل الانتشار، يراوح بين 1 و10%. وهو ما يشير إلى مدى شيوع هذا الاضطراب بين الناس.
ويلزم تمييزه من الاضطرابات الآتية:
أ. اضطراب الشخصية شبه الفصامية: الذي يتميز بعدم وجود رغبة في عمل علاقات اجتماعية، وبإظهار عدم التمييز، عندما يفقد عزيزاً. أما أصحاب الشخصية المتجنّبة، فيبدون معتمدين بمجرد تكوين علاقة، ويميلون إلى الارتباط، ويخشون الفقد.
ب. الرهاب الاجتماعي (Social Phobia): ويتميز بحدوثه في موقف معين، مثل الحديث في مكان عام. ولكن، قد يكون مصاحباً لاضطراب الشخصية المتجنّبة (اُنظر الرهبة).
ج. رهاب الأماكن المتسعة (Agoraphobia): التجنّب فيه، يرجع إلى الخوف من كونه في مكان أو موقف، لا يتيح حماية أو مساعدة.
علاج اضطراب الشخصية المتجنّبة
يعتمد العلاج النفسي على قبول المعالِج لمخاوف المريض، واستقرار العلاقة العلاجية، وازدياد ثقة المريض بنفسه، ثم تشجيعه على الاختلاط بالعالم الخارجي، ولكن بحذر؛ حتى لا يحدث فشل، يدعم موقف المريض الأصلي، ونقص تقديره لذاته. والعلاج النفسي الجماعي، قد يساعد المرضى، من خلال وجودهم في جماعة علاجية، تدعمهم، وتبني ثقتهم بأنفسهم. والتدريب على تأكيد الذات، يُعَدّ إحدى الوسائل السلوكية، لتعليم المريض أن يعبر عن حاجاته، بوضوح أكثر، ويحسن تقديره لذاته. ويمكن إعطاء مضادّات القلق أو الاكتئاب، إذا وجدت أعراض مصاحبة. 9. اضطراب الشخصية الوسواسية (Obsessive-Compulsive Personality Disorder)
ويميزه النمط المتعمق، من الانضباط، وعدم المرونة، والكفاح من أجْل النظام، ولكن بمقاييس، هي، غالباً، غير مرنة، وكثيراً ما تتداخل مع المهام، التي توكل إلى الشخص؛ إذ يكون الانشغال بالقواعد، والكفاءة، والتفاصيل غير المهمة، معوقاً للشخص. مثل الشخص، الذي يصنع قائمة بأشياء سيفعلها، ويعطي وقتاً كبيراً للنظر في القائمة، ثم لحظات لاسترجاعها من الذاكرة، ثم يبدأ بالمهام؛ والوقت ليس له حساب، وأكثر الأمور أهمية، تترك للحظات الأخيرة.
وأصحاب اضطراب الشخصية الوسواسية، هم، عادة، العقل المفكر لأقاربهم، في علاقة سيطرة، في مقابل تنحّي الآخرين. وعلى الرغم من أنهم يقاومون سلطات الآخرين، فهُم معاندون. ومـن دون سبب ملائم، يصـرّون أن يتبع الآخرون طرائقهم في فعل الأشياء. ولا مجال للعلاقات الشخصية في أعمالهم. وينشغلون، غالباً، بالمنطق والذكاء، ولا يتحملون السلوك العاطفي لدى الآخرين. وعندما يقررون الاستمتاع، فإنهم يخططون له، ويؤجلونه، عادة، إلى العطلات، التي تؤجَّل، بدورها، مراراً، حتى إنه ربما لا يحدث أبداً.
وصاحب الشخصية الوسواسية، يتجنّب أخذ القرار، ويؤجله، خوفاً من الخطأ. وهو ذو ضمير قاسٍ، أخلاقاً، يصدر أحكاماً على النفس، وعلى الآخرين. وقلما يعبّر عن مشاعره، أو يعلّق، أو يقدّم هدية. وعلاقاتهم تقليدية، شكلية. ويراه الآخرون متصلباً.
كذلك، يعاني أصحاب الشخصية الوسواسية، صعوبة التعبير عن المشاعر بالكرب، بسبب عدم الحسم والفاعلية. وكلامهم قد يكون التفافاً ودوراناً حول الهدف. ويكثر اكتئابهم. وتشتد حادتهم إلى السيطرة على الآخرين، وعندما لا يستطيعون، فإنهم يجترون الموقف ويصبحون غُضُباً، على الرغم من أن الغضب، لا يعبّر عنه مباشرة، (مثل سوء الخدمة في مطعم، ولكنه بدلاً من أن يشكو إلى المدير، يفكر، اجترارياً، كم سيترك كبقشيش). وهم شديدو الحساسية للانتقاد الاجتماعي، خاصة إذا كان من شخص ذي سلطة.
البداية والمسار، والتنبؤ بالمآل
يبدأ اضطراب الشخصية الوسواسية، في أول الرشد. والمسار متفاوت. فقد يمرض المضطرب بالوسواس القهري. وقد يصبح دافئاً متكيفاً. وقد يصبح مريضاً بالفصام، أو توهم المرض (Hypochondriasis)، أو الاكتئاب. وعادة؛ يصاب باحتشاء عضلة القلب (Myocardial Infarction).
انتشار اضطراب الشخصية الوسواسية
انتشار الشخصية الوسواسية، غير معروف. ولكنها تكثر بين الذكور، وأقاربهم من الدرجة الأولى. وغالباً تكون الخلفية الاجتماعية لهذه الشخصية، شديدة النظام، إذ تكون الأم أو الأب، أو كلاهما، شديداً في النظام والنظافة والالتزام بالتعليمات.
ويجب تمييز اضطراب الشخصية الوسواسية، من ما يلي:
اضطراب الوسواس القهري (Obsessive Compulsiv Disorder): الذي يتّسم بوساوس وعلامات حقيقية. ولها بداية محددة. ويمكن أن يكون مصاحباً لاضطراب الشخصية الوسواسية.
علاج اضطراب الشخصية الوسواسية
يُدرك المضطربون معاناتهم. ويبحثون عن العلاج، خلافاً باضطرابات الشخصية الأخرى. ويفيدهم العلاج النفسي التحليلي. ولكنه، عادة، يحتاج إلى وقت طويل. والعلاج النفسي، الجماعي والسلوكي، أقل فائدة. كما أن هناك عقاقير مفيدة في العلاج (مثل الكلونازيبام) (Clonazepam).
[1] إيلاف فلان الشيء: مصاحبته، ولومه إياه `وفلان قد أَلِف هذا الموضع، بالكسر يألَفُه .. ويُقال، كذلك: آلَفْتُ الموضع أُولِفُه إيلافاً`. المصدر: ابن منظور، `لسان العرب.
|
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75523 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: " الموسوعة المصغّرة للمصطلحات النفسية " 1 الخميس 16 يونيو 2016, 11:18 pm | |
| اكتساب العلم والمعرفة
مجالات اكتساب العلم
اكتساب العلم[1] Knowledge & Science Acquisition ، هو ما نُطلق عليه عملية التعـلم Learning ، وهو مرور الإنسان بخبرات معينة، تغيّر في سلوكه. وتلك الخبرات، هي العملية التعليمية، سواء تمّت في إطار منهج دراسي وخطة دراسية، أو من خلال موقف حياتي، أضاف إلى الشخص ما يجعله يعدل من سلوكه. ولا شك أن ما يتعلمه الإنسان من المواقف الحياتية اليومية، يفوق كثيراً ما يحصّله من تعلم خلال سنوات الدراسة؛ ذلك أن الخبرات الحياتية مستمرة طوال حياة الشخص، بدءاً من ميلاده وانتهاء بوفاته. وما يكتسبه الإنسان، خلال عملية التعلم، يُقسم إلى ثلاث نواحٍ أو مجالات أساسية. وهي:
المجال المعرفي (Knowledge Cognition). المجال المهاراتي، أو ما يسمى: النفس ـ حركي (Skill Psycho-Motor). المجال الانفعالي، أو ما يسمى: الاتجاهات أو القِيم. Emotion Attitudes & Values
وعملية التعلم[2] Learning التي تشتمل هذه المجالات، هي عملية تتكيف فيها نماذج استجابة سابقة مع تغيرات بيئية جديدة. وينطوي التعلم على تعديل سلوك الشخص وإعادة تنظيمه (بما في ذلك تعديل إدراك الفرد واتجاهاته وصورته الذاتية)، كما ينطوي التعلم على تغيرات دائمة نسبياً، تطرأ على السلوك وتكون محصلة التكرار أو الممارسة. أولاً: المجال المعرفي
ويُقصد به تحصيل المعلومات، على المستوى العقلي فقط، من مفاهيم أو قوانين أو مبادئ نظرية بحت، من دون تطبيق. وللمجال المعرفي مستويات للإجادة في تحصيل المعلومة. أدناها هو مستوى التذكر، والقدرة على استدعاء المعلومة، كما هي، مثل مَن حفظ نظرية (بديهية) هندسية، ويطلب منه إعادتها، كما سجّلها في وظيفة الذاكرة، في عقله، فيذكرها كما حفظها. ويعلو هذا المستوى من المعرفة مستوى التفهم، الذي يصبح الشخص فيه، قادراً على فهْم ما سجّله في ذاكرته، ويعرف كيف يشرحه ويوضحه، ويفهم النتائج المترتبة عليه، مثل من حفظ النظرية الهندسية وشرحها وفهْم نتائجها. ويعلو هذا، كذلك، مستوى حل المشكلات، إذ يمكن الشخص أن يطبق ما حصّله من معرفة، اختُزنت في ذاكرته، في حل المشكلات التي تواجهه، كاستخدام الطالب للنظرية الهندسية في حل المشكلات الهندسية التي تواجهه. ثم يعلوه مستوى آخر من المعرفة، هو مستوى التحليل العميق للمعرفة، إذ يصبح لدى المتعلم قدرة على تحليل ما اختزنه في ذاكرته، واستنباط تطبيقات له لم تكن معروفة من قبْل. وهذا المستوى، يُعَدّ ابتكارياً مما سبق تحصيله من المعرفة. مثل الطالب الذي استنبط وسائل جديدة لتطبيق النظرية الهندسية، التي سبق أن اختزنها في ذاكرته، بعد أن فهِم وحلل مكوّناتها، مكتشفاً علاقات جديدة، يطبق من خلالها النظرية في مجالات جديدة أو بطرائق جديدة. وهناك مستوى آخر، ربما لا يكون، بالضرورة، أعلى من المستوى السابق، وهو مستوى تقويم المعرفة، والحكم على قِيمة المادة العلمية أو المعرفة المكتسبة، وذلك في ضوء محكات تقويم موضوعية.
ولقد مرت المعرفة بعصور كانت فيها محدودة، إلى درجة أن عالماً واحداً، كان يمكنه أن يلمّ بما هو معروف في مجالات: الدين والفلسفة والطب والرياضيات والفلك. ومع مر العصور، تراكمت المعارف، واتسعت العلوم، وأصبح كل علم، يشمل عدة فروع، وكل فرع فيه، من التخصصات الفرعية، والدقيقة، العديد. فمثلاً، الطب قسِّم إلى أفرع رئيسية، أول الأمر، البشري والبيطري وطب الأسنان. ثم قسِّم كل منها فروعاً متخصصة، مثل الأمراض الباطنية، التي قسّمت إلى الطب النفسي، وطب الأعصاب، والأمراض الجلدية والتناسلية، وطب المناطق الحارّة، وطب الأطفال، والروماتيزم، والطب الطبيعي. ثم بزغ من كل تخصص من تلك التخصصات تخصصات أخرى دقيقة. فمثلاً، الطب النفسي، برز منه طب نفس الرضَّع، وطب نفس الأطفال والمراهقين، وطب نفس كبار السن، والطب النفسي الشرعي، المختص بالجرائم ذات البعد العقلي، والطب النفسي الاجتماعي، والطب النفسي البيولوجي. من ذلك، يمكننا أن نتخيل حجم المعارف المتراكمة عبر العصور. وكل يوم، تضيف مراكز الأبحاث ومعاهد العلم، الجديد من الاكتشافات أو الابتكارات، أو إيجاد علاقات جديدة. مما أدى إلى تضخم معرفي، لا يمكن العقل البشرى استيعابه، ولو في تخصص واحد. لذلك، فإن طرائق التعليم الحديثة، ينبغي أن تتوجه إلى تعليم الطالب كيف يصل إلى المعلومة، ويحصل عليها، بدلاً من أن يحفظ معلومات في ذاكرته، ويجهد نفسه في حفظها، ثم ينساها، أو يجد أنها أمست غير مفيدة، لظهور الجديد، الذي يفقدها قِيمتها التطبيقية. كما ينبغي أن يقتصر التحصيل، في الجانب المعرفي، على ما له قيمة تطبيقية فقط، من دون الحشو، الذي لا طائل فيه، سوى إجهاد الطالب، وحرمانه من وقت الفراغ، الذي يمكن أن يمارس فيه رياضة بدنية، يبني بها جسمه، في عصر ضعفت فيه الأبدان، لِقِلة الحركة وضيق الوقت لممارسة الرياضة. ثانياً: المجال المهاراتي[3] (النفس ـ حركي):
وهو مجال أداء المهام المختلفة، حركياً، وصولاً إلى مستوى الفعل الهادف، الذي يحدث تغييراً في البيئة. مثل الضرب على مفتاح الآلة الكاتبة (أو الحاسب الآلي) لكتابة حرف، فهذه مهارة، ويلزم لها مراحل، حتى يتم اكتسابها. تبدأ برؤية المتعلم معلمه، يؤدي تلك المهارة، فيلاحظه، ثم يحاول تقليده في أداء مهارة الكتابة على لوحة مفاتيح الحاسب. ثم بتكرار التدريب، مع تمثُّل التعليمات المعطاة في داخله، يصبح مؤدياً بمهارة، إلى درجة من السيطرة ووعي الأسس والتعليمات، التي أعطيَها. ولكن استمرار التدريب، يصل به إلى التلقائية في الأداء، من دون محاولة تذكر تعليمات الإجادة. ذلك، لأن الإجادة أصبحت تلقائية. وأوضح مثال لذلك، تعلّم قيادة السيارات، كمهارة أو مجموعة من المهارات اليدوية والجسدية، يكمل بعضها بعضاً، لتحقق هدفاً، وهو قيادة السيارة. في البداية، يجلس المتعلم إلى جوار المعلم، فيلاحظه، ويستوضحه ما يَعِنّ له فهْمه. ثم يدخل مرحلة التقليد، ومحاولة قيادة السيارة. ثم يحاول الإجادة، مستعيناً بالتعليمات التي أعطيَها، ومركزاً كل قدراته العقلية، وصولاً إلى الإجادة في قيادة السيارة. وإذ كلّمه شخص إلى جواره، فإنه لا يستطيع التركيز معه، إلا إذا أوقف السيارة. ثم ينتقل إلى مرحلة التلقائية والمهارة في أداء قيادة السيارة، فيقودها وهو يتحدث إلى شخص، يجلس إلى جواره، في موضوع يحتاج منه إلى درجة عالية من التركيز، من دون أن يؤثر ذلك في قيادته للسيارة، لأن المهارة وصلت إلى درجة التلقائية. ثالثاً: المجال الانفعالي[4]
ويقصد به الاتجاهات والقِيم الداخلية، التي تحدد مواقف الشخص المختلفة. ويمر المتعلم، في المجال الانفعالي، بمراحل عدة، فيدرك، بوساطة الفهْم، في المجال المعرفي، قِيمة أو اتجاهاً ما، ثم تقبّل ذلك الاتجاه أو تلك القِيمة، واستحسانهما، داخلياً، عن رضا، لا عن خوف. ثم يصل إلى درجة القناعة الداخلية التامة بتلك القِيمة أو ذلك الاتجاه. فتصبح القِيمة مرتبطة بشحنة انفعالية، ثم تأخذ مكانها في النظام الداخلي لقِيم الشخص، وتصبح جزءاً من تكوينه، إلى درجة أنها (أي القِيمة) تصبح من ميزات الشخص، ذات البعد الانفعالي. مثال ذلك الشخص الذي يعرف أهمية احترام رأي الكبار، ثم يتفهم أهمية ذلك في التعلم من خبراتهم، فيقبَله، كاتجاه، في تعامله مع الكبار، ثم يستحسنه، داخلياً، ويصل إلى درجة القناعة الداخلية بهذا الاتجاه في التعامل، مع ربطه بالانفعال، ليصبح جزءاً من النظام القِيمي المميز للشخص.
[1] اكتسب في المعنى اللغوي بمعنى تصرف واجتهد. والاكتساب هو التملك أو الحيازة مثل اكتساب العادات السلوكية واكتساب العلم .المعرفة Knowledge تُمثل الإدراك والتفكير والذاكرة. وهي أيضا من نتاج وعمل وتفكير الإنسان، وتعد في قالب لغوي للعلاقات الموضوعية التي تحكمها قوانين معينة في عالمنا الموضوعي الدائم الصيرورة . ولا يمكن فهم جوهر المعرفة دون كشف الطبيعة الاجتماعية لنشاط الإنسان العملي. وتتركز في المعرفة قوة الإنسان الاجتماعية.
[2] المعرفة Knowledge تُمثل الإدراك والتفكير والذاكرة.
[3] وهي أيضا من نتاج وعمل وتفكير الإنسان، وتعد في قالب لغوي للعلاقات الموضوعية التي تحكمها قوانين معينة في عالمنا الموضوعي الدائم الصيرورة . ولا يمكن فهم جوهر المعرفة دون كشف الطبيعة الاجتماعية لنشاط الإنسان العملي. وتتركز في المعرفة قوة الإنسان الاجتماعية.
[4] الانفعال (العاطفة) Emotion يُمثل حالة نفسية قائمة، تتكون من مركب من المشاعر والإحساسات، وتتميز بأن مصدرها داخلي، وذات صلة بغرض أو دافع معين. وفي نطاق هذا المعنى العام للعاطفة ظهرت نظريات عديدة للتفسير. وفي تعريف آخر فإن الانفعال يمثل تجربة شعورية معقدة، تتضمن إثارة استجابات فسيولوجية أو سيكولوجية (نفسية) سارة أو غير سارة تتميز بالمشاعر القوية، أو التوتر أو الإثارة. ويُعتبر الغضب والخوف والسرور والحب أمثلة للعواطف.
طرائق التعلم
هناك طرائق للتعلم، يحصل بها الإنسان أيّاً من تلك المجالات الثلاثة، المذكورة سابقاً، أهمها: 1. التعلم بالمحاولة والخطأ Trial and Error Learning
إذ يجرب الشخص سلوكيات مختلفة، وصولاً إلى ما يريد. فإذا نجح في ذلك، فإن هذا يُعَدّ تعزيزاً للسلوك، خاصة إذا كانت النتيجة مكافأة، فيكرر السلوك وصولاً إلى المكافأة. أمّا إذا كانت النتيجة مؤلمة (عقاب)، أو إحباط، فإن ذلك يقلل الحافز الداخلي لتكرار المحاولة، أي تكرار السلوك، فينطفئ، ويتم تجنّبه. وهكذا، فإن نتيجة السلوك، إمّا أن تدعمه، فيصبح سلوكاً مرغوباً فيه، لِما يكمن خلْفه من مكافأة، وإمّا أن تحبطه فيصبح سلوكاً مرفوضاً. ومثال ذلك الطفل الذي يبكي، فيلفت انتباه أمه، فيتعلم أن البكاء يلفت انتباه الأم، ويؤمن حاجته، وذلك من طريق المحاولة. وكذلك، الطفل الذي يعيش مع أفراد أُسرته، ويقوم بأولى محاولاته للمشي، عند نهاية عامه الأول، إذا شجّعه أفراد الأُسرة، وأظهروا استحسانهم محاولاته، فإنه سيستمر، يحاول ويخطئ، إلى أن يتعلم المشي، وسط نظرات الاستحسان وعبارات التشجيع. أما إذا وجد الزجر والعقاب، وعبارات انفعالية استنكارية لِما يقوم به من محاولات، فإنه سيكفّ عن محاولات المشي. ومثل ذلك تعلم الطفل الكلام، حينما ينطق كلمة ماما، في أول الأمر، كمحاولة، وكذلك تعلمه التحكم في المخارج، وتعلمه تناول طعامه بنفسه. كل هذه عادات ومهارات، يتعلمها من طريق المحاولة والخطأ، بعد ملاحظتها تؤدَّي بوساطة الآخرين. وهي الطريقة الثانية من طرائق التعلم. 2. التعلم بالملاحظة (متعلق بالملاحظة أي المعاينة أو الرصد) Observational Learning
إذ يلاحظ الإنسان سلوكاً ما، ثم يحاول تقليده أو محاكاته. فهو يلاحظ السلوك ويفهم مكوّناته، ويختزنها في ذاكرته، ثم يحاول أداءها. ونجاح الشخص في أدائه للمهمة، يُعَدّ مكافأة له، خاصة إذا نال استحسان المحيطين وتشجيعهم. وفشله في أداء المهمة، قد يحبطه، ويجعله يتجنب أداءها مرة ثانية. وكذلك رد فعل المحيطين المحبِط، أو ما يناله من عقاب على سلوكه، سيطفئان رغبته في أداء هذا السلوك، خاصة إذا تكرر الفشل أو العقاب. 3. التعلم من طريق الاستبصار[1] Insightful Learning:
إذ يُدرك الشخص الظروف المحيطة به، ثم يعيد ترتيبها، داخله، ليفهم العلاقات بينها، ويغيّر ذلك في سلوكه، لأن التعلم، كما سبق أن وضحناه، هو مرور الشخص بخبرة تعدل في سلوكه. ومثال ذلك مَن أدرك ما يسببه الإدمان من هلاك للمدمنين، وتدمير لصحتهم، واستنبط أن الإدمان يبدأ بالتدخين، فاستبصر بذلك، وتجنّب التدخين والإدمان. وكلما ازدادت خبرته بالآثار السيئة للإدمان، خلال معايشة المدمنين، ازداد استبصاره.
ويُلاحظ أن ما يتعلمه الإنسان من خبرات، يستطيع أن يُعممه في المواقف المشابهة. وأن التعلم يحتاج إلى درجة من النضج في الجهاز العصبي، مثل تعلم الطفل المشي، أو التحكم في مخارجه. والتدريب على سلوك ما، قبْل النضج المناسب للجهاز العصبي، لا يأتي بالنتيجة المرجوة. مثل تعليم طفل الكتابة، قبل النضج الكافي لتعلم مهارة الكتابة، تكون نتيجة ذلك إحباط الطفل، وقد يكره الكتابة، بعد ذلك. ونضج الجهاز العصبي وسلامته، يرتبطان كذلك بسلامة أجهزة الحس والقدرات العقلية.
ويلزم وجود دوافع إلى عملية التعلم، فثمة دوافع أولية، وهي ما يوجد لدى الإنسان، فطرياً، وتهدف إلى المحافظة على حياته ونوعه، مثل تعلم تناول الطعام، بدافع المحافظة على الحياة، وتعلم السلوك الجنسي، بدافع الحفاظ على نوع الإنسان. وهناك دوافع ثانوية، وهي وثيقة الارتباط بالتكوين النفسي، مثل الرغبة في التفوق، في مجال ما، من دون غيره من المجالات.
وهناك بعض الأسس، التي يمكن أن تُحفز[2] (تنبه أو تثير) Stimulate عملية التعلم، وتُضاعف من ثمارها. وهي:
أن يكون المتعلمLearner مشاركاً إيجابياً في العملية التعليمية، وليس متلقياً سلبياً. أن يندمج، وجدانياً، في ما يتعلمه. فحبه للمادة التي يتعلمها، سيزيد من تحصيله لها. أن توضح له القيمة التطبيقية لِما يتعلمه. أن يحصل على نتائج مباشرة لِما تعلمه، ويكافأ، دعماً لعملية التعلم. أن يكون ما يتعلمه مناسباً لحاجته، ومشبعاً لها. أن يوضح له الأهداف التعليمية، المطلوب إنجازها. أن تكون طريقة التعلم مناسبة للهدف، المراد تعلمه. فمثلاً، إذا أردنا تعليم شخص قيادة السيارات، لن يجدي أن يعطى محاضرة في قيادة السيارات، ولكن الأجدى أن يلاحظ شخصاً يقود سيارة، ثم يقوم بمحاكاته وأداء مهارة قيادة السيارة. أن يكرر ما سبق تعلمه، ليصل إلى درجة التلقائية في الأداء. ولهذا، قِيل (أن التكرار يعلم الحمار). أن يحب المتعلم شخص المعلم، مما يقوّي عملية التعلم. ويُلاحظ ذلك عندما يحب التلميذ مدرساً ما، فإنه يصبح متفوقاً في المادة التي يدرسها هذا المدرس.
وهذه الأسس، وكذلك طرائق التعلم، تُطبق في أي من مجالات التعلم الثلاثة: المجال المعرفي والمجال المهاراتي (النفسي ـ حركي) والمجال الانفعالي.
[1] الاستبصار Insight هو نفاذ البصيرة (الاستبصار) وهو الإدراك المباشر لمعنى شيء. وفي علم نفس الجشطلت (أحد المدارس التي تُفسر السلوك الإنساني)، هو الوعي بالصلة بين السلوك وبين الهدف أو الغاية. وفي الطب النفسي (علاج الأمراض النفسية) هو الوعي بحالة الفرد العقلية. وهناك الاستبصار الانفعالي Emotional insight وهو القدرة على الإحساس والإدراك الكامل بمعنى اللا شعور والشواهد الرمزية. كما أن هناك الاستبصار الفكري (العقلي) Intellectual Insight وهو قدرة الفرد على تحديد قوته أو طاقته الطبيعية (ديناميته)، و مرضه النفسي.
[2] الحافز أو المثير Stimulus هو أي تغيير في الطاقة يثير استجابة الكائن العضوي، وعندئذ يطلق عليه مصطلح مثير. ويُطلق المصطلح أيضاً على أي موضوع أو حادثة يؤدي إلى الإثارة.
المصادر والمراجع
حامد عبدالسلام زهران، "قاموس علم النفس" ، مطبوعات الشعب، 1972. عبدالمنعم الحفني، "موسوعة علم النفس والتحليل النفسي" ، مطبعة مدبولي، القاهرة، ط 4 ، 1994. محمد عاطف غيث، "`قاموس علم الاجتماع"، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 1979.
|
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75523 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: " الموسوعة المصغّرة للمصطلحات النفسية " 1 الخميس 16 يونيو 2016, 11:24 pm | |
| الأحداث الجانحون مقدمة
الأحداث الجانحون Delinquents هم الأطفال، الذين يجنحون عن قِيم المجتمع وقوانينه، ويرتكبون أفعالاً، تضعهم تحت طائلة القانون. وتقلّ أعمارهم عن ثمانية عشر عاماً، أي في سن الطفولة. ويطلق عليهم، حالياً، في الطب النفسي، مضطربو السلوك. ويعرفون بأن لديهم نمطاً ثابتاً ومتكرراً من السلوك، العدواني أو غير العدواني، ينتهكون به حقوق الآخرين، أو قِيم المجتمع الأساسية، أو قوانينه الملائمة لسنهم، في البيت والمدرسة، ووسط الرفاق، وفي المجتمع، على أن يكون سلوكهم أكثر خطراً من الإزعاج المعتاد، أو مزاحات الأطفال والمراهقين، أو اضطراب العناد الشارد.
والسلوك العدواني، هو المستخدم فيه العنف الجسماني ضد الأشخاص، مثل الضرب، أو العض، أو الركل، أو الخدش، وما شابه. ويدخل ضمن السلوك العدواني، السرقة، التي تشمل مواجهة مع الضحية، كما في حالات السلب أو الخطف أو الابتزاز؛ أو السرقة تحت تهديد السلاح، والاغتصاب الجنسي، ونادراً القتل.
أما السلوك المضطرب، غير العدواني، فيتسم بغياب العنف الجسماني ضد الأشخاص، مثل السرقة، التي لا تتضمن مواجهة مع الضحية؛ والهروب من البيت أو المدرسة؛ والكذب الدائم الخطير، داخل البيت وخارجه؛ وإدمان مادة ما؛ والتخريب المتعمد للممتلكات العامة، أو التي تخص الآخرين؛ أو إشعال النيران (الحرائق) المتعمد.
ولوحظ أن هؤلاء الأطفال مضطربي السلوك، قد تكون لديهم قدرة على إقامة علاقات اجتماعية، والارتباط الاجتماعي بالآخرين. ولكن الحدث المضطرب، يفعل ذلك مع أشخاص معينين، إذ يرتبط بهم لفترة طويلة (أكثر من ستة أشهر)، ويساعدهم من دون فائدة مباشرة له. ويشعر بالذنب إذا أضر بهم. ويتجنب إلقاء اللوم عليهم، أو الوشاية بهم. ولكنه، مع غير هؤلاء الأشخاص، يصبح فظاً، غليظ القلب، ملتوياً، ويقلّ إحساسه بالذنب، عندما يتألم هؤلاء الأغراب عنه. ولا يساعدهم من دون فائدة تعود عليه. وقد يشي بهم، أو يلقي باللائمة عليهم، في ما اقترف من أخطاء. وعادة يرتكب سلوكياته المضطربة، ضمن هذه الجماعة (العصابة)، وهو ما يطلق عليه مضطرب السلوك، ضمن مجموعة.
ولوحظ أن الحدث المضطرب السلوك، من هذا النوع، يتسم بضعف الإنجاز الدراسي. وقد يكون له تاريخ سابق من الطاعة المبالغ فيها، انتهت بعضويته في جماعة الجانحين. وأسْرته، غالباً، تعاني اضطراباً. وقد يتفاوت موقف الوالدَين من القسوة والشدة المفرطة، إلى التسيب وعدم التخطيط، أو الغياب النسبي للملاحظة والانضباط، إضافة إلى درجة من عدم الانسجام الزوجي، وغياب الارتباط الأُسَري الحقيقي. وغالباً ما يأتي من أسْرة فقيرة، كثيرة العدد. وكثيراً ما يشكو هذا الحدث الإهمال، وعدم الحب والفهم.
أما علاقته برفاقه، فهي أهم من أي أهداف أخرى في حياته. ولديه اقتناع بأن رفاقه من الجانحين، يفهمونه، ويرعونه بطريقة لا يرقى إليها أحد، حتى والده. وهو غير ناضج اجتماعياً، ويتضح ذلك من الصعوبات في مواجهته للغرباء. وهذا الحدث، غالباً، ما يكون طبيعياً، خلال طفولته المبكرة، على الرغم من الفتور بين الوالدَين، والصعوبات العائلية. وكانت عناية الأم، وعلاقتها به كافيتَين، خلال السنتَين، الأولى والثانية، من عمره، ولكنهما اضطربتا، بعد ذلك، بسبب اضطراب السلوك غالباً. وعادة ما يكون الأب متخلياً عن واجباته، إلى درجة تشتكي منها الأم.
وقد يفشل الأطفال مضطربو السلوك في إقامة علاقة طبيعية، من التعاطف والارتباط بالآخرين. وهم غير قادرين على إقامة علاقات اجتماعية، ويسمون بغير الاجتماعيين، ويطلق عليهم مضطربو السلوك العدواني، النوع الفردي.
ويتسم الطفل الجانح، العدواني، ببِنية عضلية قوية، وإحساس شديد برفض والدَيه له. وقد يصاحب بحماية مفرطة، غير حقيقية، من الوالدَين، لوقايته من نتائج سلوكه غير المقبول. وهذا الطفل لديه إحباط غير عادي لحاجاته الإعتمادية. ويتهرب من أي نظام ثابت. وسلوكه العام غير مقبـول، غالبـاً، في أي موقع اجتماعي. وينظر إليه، بصفة عامة، على أنه نموذج سيئ. وغالبـاً ما يعامل بطريقة عقابية، ولكن العقاب، يزيد من تعبيره السيئ عن غضبه وإحباطه، بدلاً من تحسّنه. وهو يعاني البوال، حتى سن متأخرة؛ وكثرة التبول، تعبّر الصعوبة في ضبط النفس. وفي مقابلته الإكلينيكية، يكون عدائياً استفزازياً غير متعاون. ونادراً ما يدلي بمعلومات تتعلق بمتاعبه الشخصية. وإذا وُوْجِه بها، فإنه قد ينكرها. وإذا ضُيق عليه الخناق، فإنه قد يبرر سلوكه برقة، ويدخل في حالة من الشك في مصدر المعلومات، وقد يفر من الحجرة. كما أن عداءه للبالغين، الذين يمثلون السلطة، غير محدود.
وبالنسبة إلى أسْرة هذا الحدث العدائي، فإنها، غالباً، ما تكشف عن عدم توافق الوالدَين، وتعارضهما في معاملته. وغالباً ما تكون شخصية الأب مضادّة للمجتمع. ويكشف الطفل عن محتوى داخلي، من كراهية النفس والاكتئاب واليأس، يموّهه بإدعاء البطولة والتبجح وإظهار عظمة النفس. ومعظم غضبه يوجه إلى العالم الخارجي؛ حتى في حالة الشعور بالحزن أو القلق، فإنه يلوم الآخرين على معاناته.
ويصاحب اضطراب السلوك (الجنوح) بأعراض عديدة. منها التدخين بانتظام، وشرب الكحول، وتعاطي عقاقير ذات مفعول نفسي، غير موصوفة له طبياً. كما أنه قد يأتي سلوكيات جنسية مبكرة، بالنسبة إلى أقرانه. وعادة لا يهتم بمشاعر الآخرين ورغباتهم، ويلاحظ ذلك من خلال سلوكه الفظ وغلظة قلبه؛ إذ يقلّ شعوره بالذنب، وتأنيب الضمير، والتعاطف مع الآخرين. ويقل احترامه لنفسه، ويظهر صلفاً وفظاظة، وعدم تحمّل الإحباط، وسرعة الاستثارة والانفجارات المزاجية، مع استفزازات طائشة؛ إضافة إلى أعراض القلق والاكتئاب، التي قد تتيح تشخيصاً إضافياً لأي منهما، أو لهما معاً. كما يقل الإنجاز الدراسي، خاصة القراءة والمهارات اللفظية، التي غالباً ما تكون أقلّ من المتوقع، على أساس الذكاء والسن. ويصاحب اضطراب السلوك، غالباً، صعوبات في الانتباه، أي قصر شديد في مدى الانتباه، والاندفاعية في التصرفات، وفرط الحركة، خاصة قبل المراهقة.
مظاهر اضطراب السلوك (الجنوح) 1. السلوك المضادّ للمجتمع
وهو السلوك، الذي يسبب أذى للمجتمع. وقد يُنتَهَج في كل مراحل العمر، ولكنه أكثر شيوعاً بين السابعة والحادية عشرة، وفي منتصف المراهقة. ويأخذ شكل الهرب، والتأخر خارج البيت، وتدمير الأشياء، والعدوان على الغير، وسرقة أشياء تافهة، في البداية، تتحول، بعد ذلك، إلى سرقة أشياء قيمة. وأقلّ درجات السلوك المضادّ للمجتمع، تشمل الكذب، والتنمّر لِمَن هو أصغر منه، واستعمال الألفاظ الخارجة عن حدود اللياقة، والسرقات الصغيرة، والتخريب المتعمد لممتلكات الغير، وعدم مراعاة راحة الآخرين. وهناك درجات أشد خطراً للسلوك المضادّ للمجتمع. تشمل الاعتداء الجسماني، وارتكاب السرقات الخطيرة، وسرقة السيارات، وسلب الآخرين، والاغتصاب الجنسي. 2. العـدوان
وهو يرادف السلوك العدواني، وقد يكون العدوان جسمانياً، يشمل أنشطة تدميرية، مثل الضرب والعض والخدش؛ أو لفظياً، يشمل الصياح والسباب والألفاظ النابية وتهديد الغير. ويمكن تلخيص أسبابه، لدى الأطفال، في ما يلي:
* رغبة الطفل في جذب الانتباه، واستعراض قوّته.
* توفير الحماية للنفس، النابع من الشعور بعدم الأمان، واللجوء إلى العدوان، كدفاع.
* التأثر بالشخصيات الخرافية العدوانية، في الأفلام والمسلسلات.
* الغيرة.
* الإحباط المتواصل.
* الاعتقاد أن العدوان شيء مباح، من القوي ضد الضعيف.
* التهاون من الوالدَين (أو تسامحهما)، إزاء سلوكه العدواني.
* التأثر بشخص عدواني يعايشه. 3. الكـذب
هو إخبار الآخرين بما يعرف الشخص، أنه مخالف للحقيقة. أو هو التزييف المتعمد، بقصد الغش والخداع، ولا يوجد ذلك في طفل، قبل الخامسة، لأنه لا يميز الحقيقة من الزيف، ولا يستوعب بعض القِيم النسبية، مثل الكثير والقليل، استيعاباً تاماً. والكذب أنواع. هي:
* الكذب الخيالي: وهو شائع في سن مبكرة، لسعة خيال الطفل. وهو ليس ضاراً، إذا عاد الطفل من وقت إلى آخر، إلى الواقع.
* كذب المحاكاة: إذ يقلد الطفل أسلوب المبالغة، لدى أحد والدَيه؛ وهو سبب شائع للكذب.
* كذب المبالغة أو التفاخر: وقد يكون تقليداً لأحد الوالدَين، كذلك.
* الكذب الاجتماعي: ويستخدمه البالغون في الاعتذار عن موعد، أو الاحتراس من ضغوط اجتماعية. ولا يستطيع الطفل فهْم حقيقة ذلك.
* الكذب الوقائي: يلجأ إليه للهروب من العقاب، الناجم عن اعترافه، فيلجأ إلى الكذب، ليحمي نفسه؛ ويترسخ في نفسه، أن الكذب ليس خطأً.
* الكذب لجذب الانتباه: يعرف الطفل، أنه لن يصدَّق، بل قد يعاقب. ولكنه يفضل ذلك على عدم الاهتمام؛ فإن لم يتأتَّ الاهتمام، بالسلوك السوي، فليكن بالسلوك السيئ.
* الكذب الكيدي: يتوسّله الطفل لمضايقة والدَيه؛ لأنهما متسلطان، أو لإحساسه أنه مظلوم، أو لغيرته من اهتمام والدَيه بإخوته.
* الكذب التعويضي: غرضه كسب الإعجاب والإطراء. إذ يفشل الطفل في تحقيق توقعات والدَيه، فيخترع نجاحات كاذبة، في محاولة منه لبعث السرور في نفوس أسْرته.
* الكذب العدائي: يتمثل اتخاذ الطفل موقف العدوان السلبي، وانتحال أعذار كاذبة، ليظل سلبياً، عندما يطلب منه فعل شيء.
* الكذب المرضي: وهو الكذب المتعمد المتقن، الذي يرتبط باضطراب السلوك، المتضمن لسمات أخرى مضطربة، مثل السرقة، والهروب من البيت أو المدرسة. 4. التقلبات المزاجية
وهي انفجارات من الغضب، أكثر حدوثاً بين الأطفال الصغار، ولا سيما خلال سنواتهم الأربع الأولى؛ إذ يُلْقُون بأنفسهم على الأرض، ويضربون بأرجلهم ويصيحون. وقد يصاحبها إمساك عن التنفس. وقد تستمر بعد سن دخول المدرسة؛ إذ يعتاد الطفل تحقيق رغباته، بوساطة تلك الانفجارات المزاجية، ويصبح غير قادر على تحمّل الإحباط. والانفجارات، في الغالب، نفسية. ونسيان الأحداث خلال التقلبات المزاجية، لا يعني، بالضرورة، الصرع. وهناك اضطراب، يشبه الانفجارات المزاجية، يسمى اللزمة النوابية من انعدام التحكم (Episodic Dyscontrol Syndrome) ويوصف بأنه تعطل عضوي لوظيفة عصبية. وفيه يعاني المريض انفجارات من الغضب الشديد. وقد يكون له علاقة بالصرع، أو الفرط الحركي، أو السيكوباتية. 5. الشجار
وهو عبارة عن جدال أو نقاش غاضب. يبدأ عندما يهاجم الشخص، استفزازاً، شخصاً آخر. وهو فعل مشترك بين اثنين، عكس العدوان، الذي هو فعل فردي، يأخذ فيه أحد المشتركين دور المدافع. ويشترك الشجار والعدوان في أن كليهما شحنة انفعالية من الغضب، واعتداء على شخص آخر. وسبب الشجار، أن الطفل لا يعرف كيف يقيم سلوكيات وارتباطات اجتماعية، تقييماً ناضجاً. وهو أكثر لدى البنين منه لدى البنات. ولكن للشجار وجهه الإيجابي؛ إذ إنه يعلم الطفل، بطريقة عملية، ما يقبَله الآخرون وما يرفضونه. 6. المضايقة والتنمر للغير (Teasing and Bullying)
وهما من وجوه السلوك العدواني. يؤديان، عادة، إلى الشجار. وقد تكون المضايقة بالسخرية من آخر، لإثارة غضبه. أما التنمر، ففيه يحاول المهاجم، أن يسبب ألماً جسمانياً لإنسان آخر، لأنه يتلذذ بمشاهدة معاناته، ومحاولاته الانتقام. ويشمل التنمر أشياء، مثل شد الشعر أو الملابس، أو القرص (وهو الضغط الذي يسبب ألماً). 7. السرقة
وهي عرض شائع في الطفولة، على الرغم من ندرة ظهورها، بسبب تردد أولياء الأمور في مناقشة سرقات أطفالهم، أو الإفصاح عنها. وأسبابها ما يلي:
* نقص الإحساس بحقوق الملكية.
* محاولة استعادة الأم المفقودة.
* العدوانية.
* الرغبة في الامتلاك.
* الدفاع ضد الخوف من الهلاك .
* البحث عن العقاب.
* استعادة اعتبار الذات.
* الرغبة في رشو الزملاء، بغية كسب عطفهم وتأييدهم، أو لتجنب سخريتهم.
* الانتقام من الوالدَين، أو لشد انتباههما، أو التمرد على سلطتهما.
* هوس السرقة (Kleptomania)، وهي السرقة في شكل نوبات، إذ يشعر الشخص بتوتر شديد، قبْل ارتكاب السرقة، وإشباع عند اقترافها. 8. الهروب من المدرسة أو البيت (Truancy)
وقد يعبَّر عنه بالذهول، وقد يكون بسبب حب المغامرة، أو بسبب أن البيت غير مريح؛ وأحياناً، يذهل الصغار، والمتخلفون عقلياً، من دون قصد منهم. ومن أهم أسباب الهروب، الغضب والاستياء من الوالدَين، أو الخوف بسبب تهديد بعقاب، أو نزاع بين الأبَوين، أو صراع بين الطفل وإخوته أو كرهه للمدرسة. ومعظم الذين يهربون من منازلهم، عادة، يتجولون غير بعيد من منازلهم. وعندما تنفد نقودهم، فإنهم يعودون. ولكنهم يهربون، ثانية، عند حدوث موقف غير مريح لهم في المنزل. وبعض الأطفال الذين يتأخرون كثيراً خارج البيت، قد يسرقون، ليظلوا بعيدين عنه فترة أطول.
وهناك هروب من أداء الواجب، من دون إذن، سواء من البيت أو المدرسة أو أي مكان آخر. وقد يكون هروب الطفل من المدرسة، رغبة في فعل شيء آخر، مثل اللعب أو التجوال في الشوارع. ما يجعله، غالباً، يعاني نقصاً في التحصيل الدراسي، ويفشل في دراسته، مما لا يحقق إشباعاً في الذهاب إلى المدرسة.
وعادة، يبدأ اضطراب السلوك (الجنوح) قبل البلوغ، خاصة النمط الفردي للعدوان. أما بعد البلوغ، فيكثر ظهور اضطراب السلوك لدى الإناث. ويتفاوت مساره، فالأشكال البسيطة كثيراً ما تظهر تحسّناً بمرور الوقت. أما الأشكال الشديدة، فتميل إلى أن تصبح مزمنة. كما أن البداية المبكرة، ترتبط بخطر أكبر في الاستمرار إلى الحياة البالغة، في صورة اضطراب شخصية مضادّة للمجتمع. وهؤلاء يشكلون نسبة قليلة، في بعض الحالات. وقد يتكيف مضطرب السلوك في الرشد، خاصة من يمارسون سلوكهم المضطرب، ضمن مجموعة.
الإعاقة ومضاعفات اضطراب السلوك (الجنوح)
تختلف درجة الإعاقة باختلاف شدة الاضطراب، فقد يعوّق الطفل عن الالتحاق بمدرسة عادية، ويستلزم سلوكه المضطرب، إدخاله إلى مؤسسة لرعاية الأحداث. وأهم المضاعفات هي الفشل الدراسي، والخروج عن القانون، والإدمان، والأمراض الجنسية، وحمل المسافحة (لدى الإناث)، إضافة إلى الإصابات الجسمانية الكثيرة، الناتجة من تعدد الشجارات؛ وأحياناً، السلوك الانتحاري.
ويمكن أن يشخص اضطراب السلوك، طبقاً للدلالات التشخيصية، التي وردت في دليل التشخيص الإحصائي الأمريكي الرابع. وهي:
نمط ثابت ومتكرر من السلوك المضطرب، الذي تنتهك فيه حقوق الآخرين، أو قِيم المجتمع الأساسية وقوانينه المناسبة لسن الطفل. كما يظهر في وجود ثلاث أو أكثر من المواصفات الآتية، خلال العام الماضي، على أن تكون صفة واحدة منها، على الأقل، ثابتة، خلال الأشهر الستة الماضية:
العدوان ضد البشر والحيوانات
* غالباً، يتنمر للآخرين ويهددهم، أو يرهبهم.
* غالباً، يبدأ عراكات جسدية.
* يستخدم أسلحة، يمكن أن تسبب أذى جسدياً للآخرين، مثل المطواة.
* يعامل الآخرين بوحشية جسدية.
* يعامل الحيوانات بقسوة ووحشية.
* يسرق، في مواجهات مع الضحايا، نتشاً أو سطواً.
* إكراه آخر على مواقعته جنسياً.
تدمير الممتلكات
* تورط في إشعال حريق، بقصد الإضرار الخطير.
* تدمير ممتلكات الآخرين، بطريقة أخرى، غير إشعال الحرائق.
النصب أو السرقة
* الهجوم على منازل الآخرين أو سياراتهم، بكسرها.
* غالباً، يكذب ويخدع الآخرين لتحقيق طلباته.
* السرقة من دون مواجهات مع الضحايا.
الانتهاك الخطير للقوانين
* غالباً، يتأخر خارج البيت، ليلاً، من دون مراعاة لأوامر الوالدَين.
* تكرر مبيته خارج البيت، مرتَين، على الرغم من رفض الوالدَين لذلك.
* يهرب من المدرسة.
اضطراب السلوك هذا، يسبب خللاً في الوظائف، الاجتماعية والمدرسية، أو الوظيفية. إذا كان الجانح قد تجاوز ثمانية عشر عاماً، فإن مواصفاته؛ لا تتفق مع اضطراب الشخصية المضادّة للمجتمع.
ويختلف اضطراب السلوك باختلاف شدّته:
* اضطراب سلوك خفيف: يتمثل في مشاكل سلوكية قليلة، تفي بالتشخيص، ولكنها تسبب أذى ضئيلاً للآخرين.
* اضطراب سلوك متوسط: تراوح فيه المشكلات السلوكية بين الشدة والخفة.
* اضطراب سلوك شديد: تتعدد فيه المشاكل وتسبب إيذاء شديداً للآخرين، مثل الإصابات الجسمانية الخطيرة للضحايا، أو الانتهاكات الشديدة للقوانين، أو السرقات الكبيرة، والغياب الطويل عن البيت.
يتبع .....
|
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75523 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: " الموسوعة المصغّرة للمصطلحات النفسية " 1 الخميس 16 يونيو 2016, 11:24 pm | |
| تابع ......
الأحداث الجانحون
أسباب اضطراب السلوك
وأسباب اضطراب السلوك متنوعة: بيولوجية واجتماعية ونفسية: أولاً: العوامل البيولوجية 1. الوراثة
يشبه الأطفال آبائهم، من الناحية الجسمانية والعقلية، ويشبهونهم كذلك، سلوكاً وعاطفة. وقد أكدت القول القديم: (وصمة الإجرام تجري في عائلات معينة)، دراسة التاريخ العائلي لمضطربي السلوك. وكشف دراسة التوائم المتماثلة، أنه إذا كان أحدهما مجرماً، كان الآخر مجرماً، بنسبة ثلاثة من كل أربعة. بينما في التوائم غير المتماثلة، تقل النسبة إلى واحد من كل أربعة. وهو ما تأكد، كذلك، في دراسات الأطفال مضطربي السلوك، الذين فصلوا عن والديهم، وتبنّاهم آباء آخرون، إذ وجد ارتباط ذو دلالة إحصائية بين هؤلاء الأطفال وبين آباء بيولوجيين، مضادّين للمجتمع، أو أقارب بيولوجيين، مضادّين للمجتمع، أو مضطربي السلوك. كما وجد أن بين اضطراب نفسي آخر، غير اضطراب السلوك (مثل الفصام) لدى أحد الوالدَين، وبين اضطراب السلوك. 2. شذوذ الكروموسومات الوراثية
لاحظ بعض الدارسين، أن شذوذ الكروموسومات (47-XX) و(47-XXY) يصاحبه اضطراب السلوك، فيكون معدل ذكاء الأطفال ضمن أضعف حدود السواء. ويتأخر إنجازهم اللغوي، غالباً، والصِّبية منهم، لا ينضجون، عاطفياً، ويظلون متقلبين، خجِلين، قلقين، وعديمي الثقة بأنفسهم. وغالباً ما يتفاعلون بسلوك عدواني، هذا بالنسبة إلى النوع (47 -XXY).أما أطفال النوع (47-XYY) فيتميزون بسلوك مضادّ للمجتمع، وطول في قاماتهم، ويكون بعضهم عرضة للتخلف العقلي وكثيراً ما يصاحب هذا الشذوذ بصغر الأعضاء التناسلية، وتعلق الخصيتَين. وليس كل من لديهم شذوذ جيني، تظهر عليهم هذه الأعراض المرَضية. 3. اضطراب وظيفة الدماغ
أشارت الدراسات إلى اضطراب الدماغ، لدى مضطربي السلوك، مقارنة بغيرهم، بفارق ذي دلالة. فلوحظ شذوذ في تخطيط الدماغ، لدى 65% من معتادي العدوان، الجانحين، بينما كانت نسبته 24% في غيرهم من المساجين، غير معتادي العدوان. وكان الشذوذ لدى عامة الناس بنسبة 12%. ولوحظ أن هذا الشذوذ في تخطيط الدماغ، يتشابه مع تخطيط الدماغ لدى الأطفال. واستنتج من ذلك، أن اضطراب السلوك، يرجع إلى نقص نضج الجهاز العصبي، كعامل، يسهم في إحداث اضطراب السلوك؛ إذ إن دور العوامل النفسية أكثر أهمية، في ذلك. 4. عوامل بيولوجية أخرى
تتمثلّ في نواحٍ شتى: خاصية البِنية الجسمانية العضلية؛ عدم اكتمال مدة حمْل الطفل، أي أنه ولد مبتسراً؛ حدوث تسمم أثناء الحمل. ولكن الأكثر أهمية من ذلك، هو تعرض مضطربي السلوك لكثير من الحوادث والإصابات، في طفولتهم، وهذا يعكس إهمال الأسْرة في حماية هذا الطفل.
ومن العوامل البيولوجية ما يرسب اضطراب السلوك، مثل تعاطي مادة ما، تظهر اضطراب السلوك؛ أو إصابة الطفل بمرض، يعوقه، جسمانياً، ويحد من نشاطه، الأمر الذي يجعله أكثر عدوانية؛ أو أن مرضه، جعل الضبط الخارجي، من والدَيه، يقل، فبدأ اضطراب سلوكه. ثانياً: العوامل الاجتماعية
اضطراب الجو العاطفي، داخل الأسْرة، في السنوات الثلاث أو الأربع الأولى من حياة الطفل، في صورة شجارات متكررة، أو طلاق عاطفي بين الوالدَين ـ يحبط الطفل، ويجعله عدوانياً، وعرضة لاضطراب السلوك. عدم وجود شخص بالغ واحد، يرتبط به الطفل الصغير، عاطفياً؛ أو أن هذا الارتباط، قائم، ولكنه غير دافئ، وغير ثابت. اضطراب الأسْرة، بانفصال الوالدَين، أو هجران أحدهما الآخر، أو إدمانهما، كليهما أو أحدهما؛ أو اضطراب سلوك أحدهما أو مرضه النفسي. عدم تخطيط الوالدَين لمسقبل حياتهما، وقسوتهما في عقابهما البدني لأطفالهما. تشجيع الآباء لأبنائهم على خرق القوانين. نقص إشراف الوالدين ورعايتهما ومساعدتهما، لانشغال كلٍّ منهما بعمله عن معايشة الأبناء. إيذاء الأطفال، يجعلهم أكثر عدوانية، ويعرضهم للأمراض، النفسية والجسمية. كما أن العنف، ينمي نفسه نمواً مطّرداً، فيصبح الطفل دائم الاستفزاز، لأنه يرى أن العنف دليل على الاهتمام، فيضطرب سلوكه، لينال العقاب. غياب القدوة لدى هؤلاء الأطفال، غالباً. وهناك عوامل تتصل بالمجتمع؛ إذ إن اضطراب سلوك الأطفال، يعكس بصورة ما الوضع الأخلاقي للأمة، إذ لوحظ، أن المجتمع، الذي يرتفع فيه معدل الطلاق، والأسر الممزقة، وولادات السفاح، وجرائم البالغين ـ يزداد اضطراب السلوك بين الأطفال فيه. كذلك، عدم احترام السلطة، خاصة سلطة البيت والمدرسة، والسلطة الدينية؛ وتخبط المجتمع حول وسائل التربية، والانتقال من تلك التقليدية إلى الطرق الهلامية؛ وعدم التخطيط التربوي الواضح، لعدم رسوخ المفاهيم الجديدة للتربية. ولا يعد فقر المجتمع سبباً لاضطراب السلوك؛ إذ تعانيه أغنى دول العالم، وبالتحديد الولايات المتحدة الأمريكية والسويد وإنجلترا وفرنسا وألمانيا، أكثر من غيرها. كما أن تحطيم المفاهيم الأخلاقية السائدة، واهتزاز القدوة، على المستوى الاجتماعي، يسهم في اضطراب السلوك. ناهيك وسائل الإعلام، خاصة التليفزيون، الذي يعشقه الأطفال ويجلسون أمامه الساعات، ويعايشونه أكثر مما يعايشون والدِيهم، الأمر الذي يجعله أداة بالغة التأثير، خاصة إذا شاع العنف في ما يعرضه من مواد؛ لأن مشاهدة العنف التليفزيوني، في حالة استرخاء جسماني، تؤدي إلى تراكم الانفعال، فيزداد التوتر والإحباط، ومن ثم العنف؛ وذلك عكس الرياضة، التي تخرج الانفعال والتوتر. وقد يترسب اضطراب السلوك لدى الطفل، بدخوله المدرسة، أو الانتقال من مدرسة إلى أخرى، أو الانتقال من مسكن إلى آخر. كما أن دخول الأم إلى المستشفى، أو مرضها مرضاً، يقعدها عن رعاية الطفل، قد يرسب اضطراب السلوك لديه.
ثالثاً: العوامل النفسية
اضطراب علاقة الطفل بالأم، أو من ينوب عنها؛ إذ إن علاقته بأمه عامل مهم للنمو الاجتماعي. فلقد ثبت أن نمو الضمير، الذي هو إدخال، ثم توحد بقِيم الوالدَين، يستلزم علاقة ثابتة، دافئة، بشخص الأم أو بديلها. نقص مستوى الذكاء، الذي لوحظ لدى مضطربي السلوك، عن أقرانهم الأسوياء. كما أن الذكاء المرتفع، قد يكون نقمة، ينشأ عنها اضطراب السلوك، خاصة إذا أصبح ذكاء الطفل محل حديث الأسْرة، وتلتمس له الأعذار، عندما ينحرف سلوكه، ما قد يحمله على التعالي وانحراف السلوك. سيطرة شخصية الأم أو غياب الأب، في تربية الأطفال (خاصة في المستويات الاجتماعية المرتفعة). إذ يكون للأم دور مزدوج في الحب والرعاية والتربية، فيصبح السلوك الحسن نمطاً أنثوياً، من وجهة نظر الطفل. لذا، فإنه عند نمو نزعة الذكورة، التي تحدث خلال المراهقة أو قبْلها، يصبح الطفل الذكر مضطرباً لاشعورياً، في انتهاج السلوك المخالف، بغية إثبات الذكورة. الشعور بالتعاسة والإحباط، والتعبير عن الرفض الداخلي. الشعور بالذنب، والحاجة (اللاشعورية) إلى العقاب.
ويرى بعض الباحثين أن اضطراب السلوك (الجنوح)، هو صرخة من أجْل المساعدة على صعوبة نفسية ما، يعيشها الطفل أو المراهق.
وهناك إيضاح تحليلي للجنوح (اضطراب السلوك)، ارتآه أصحاب المدرسة التحليلية في علم النفس. ومفاده أن سبب اضطراب السلوك، هو نقص في تكوين الأنا الأعلى، الذي هو السلطة الداخلية للإنسان. وهذه السلطة، تكونت باندماج قيم الوالدَين وأخلاقياتهما (أو من ينوب عنهما)، في داخل الطفل. وكلما كبر الطفل، تبلورت هذه السلطة في داخله وأضيفت إليها إضافات من خلفاء الوالدَين، ومن يقوم مقامهما، في المراحل التالية، من المدرسين، والشخصيات البارزة في الحياة العامة، والمثل العليا والأخلاقيات الحميدة في المجتمع. وتتخذ هذه السلطة الداخلية صورة الضمير، الذي يحاسب على العمل، ويؤنب على الخطأ، ويولد مشاعر الإحساس بالذنب. وحين يمسي الخوف من هذه المشاعر، هو وازع الإنسان عن السلوكيات المضطربة، فإنه يصبح ذا ضمير حقيقي.
أما عندما يكون الوازع، هو الخوف من عقوبة، فإن هذا الضمير، يُعَدّ غير مكتمل، ويمكن تسميته ضميراً مزيفاً. وحين لا توجد هذه السلطة الداخلية (الأنا الأعلى)، فلا توجد ضوابط داخلية، ولا ينشأ توتر داخلي بين الشخص وأناه الأعلى. فلا يستشعر الذنب، وإنما تخضع أفعاله لمبدأ اللذة (أي أنه يفعل ما يسرّه ويحقق له إشباعاً، من دون حساب لقِيم المجتمع ومعاييره). ويصبح الناس محبوبين لديه، عندما يشبعون رغباته، ومكروهين عندما يحبطونه. وعلى الرغم من معرفته العقلية بنتيجة أفعاله، إلا أنه ليس لديه استبصار وجداني. وتصبح اللذة الحالية أكثر أهمية من التهديد بالألم المتوقع (العقوبة). والطفل مضطرب السلوك، تكون نرجسيته (حبه لذاته)، أولية، فهو يسعى إلى إشباع نفسه، أكثر مما يسعى إلى إرضاء الآخرين.
أما أصحاب المدرسة السلوكية في علم النفس، فيرون أن الآلية الرئيسية، التي بوساطتها يتعلم الطفل السلوك المقبول، هي تشريط التجنّب؛ إذ إن بعض المواقف والاستجابات المعينة، تؤدي إلى العقاب. وبمرور الوقت، يؤدي هذا إلى تفاعلات تجنّبية عامة. ويصبح الطفل مشرطاً (Conditioned)، أو مكتّفياً، إلى درجة أنه عند موقف مشابه، أو ظهور إغواء، فإنه يشعر بعدم الراحة، عند التفكير في الفعل الخطأ. وهو ما يعني نمو ضبط النفس والضمير، وأي شيء يتداخل مع هذه العملية، يوجد استعداداً لعدم التوافق أو اضطراب السلوك. لذلك، كان للتربية أهمية قصوى، فمن خلالها تعطى الفرصة لتعلّم المواقف. فتطبق فيها موانع للسلوك السيئ. ويتعلم الطفل تجنّب العقاب، من خلال تجنب السلوك المؤدي إليه. ولكن العقاب المفرط (القاسي)، قد يغرق آلية التعلم، ويحدث استجابات متناقضة. وتفقِد التربية كثيراً من فاعليتها، عندما تنشغل الأم عن طفلها، فلا تنتبه له، ولا تهتم به. وكذلك عندما تتناقض أقوال الوالدَين، أي عندما يفتقِد الطفل القدوة، في القول والفعل.
والمدرستان تتفقان على دور الأسْرة، خاصة الأم، في تكوين سلطة الضبط الداخلي، من خلال علاقة، يتخللها الاهتمام الكافي، والانتباه اللازم، لتعليم الطفل، والدفء العاطفي، لتوفير الأمان الداخلي اللازم لسلامة البِنية النفسية.
انتشار اضطراب السلوك
على الرغم من أن اضطراب السلوك شائع جداً، إلا أنه لا يوجد اتفاق على معدل انتشاره. إذ حصل الدارسون على نتائج متباينة إلى درجة كبيرة. والسبب لذلك، أنه لا يوجد تعريف عالمي متفق عليه للمشكلة. لذا، قدِّم عدد من التعريفات المختلفة، أسفرت عن معدلات انتشار مختلفة. فأشارت الدراسات إلى أن نسبة الانتشار، في الولايات المتحدة الأمريكية، وحدها، تراوح بين 5 و15%. كما لوحظ زيادة النسبة بين الأولاد الذكور، في الطبقات الاجتماعية الدنيا. أما اضطراب السلوك، بين أطفال المدارس الابتدائية، في جمهورية مصر العربية، فبلغت نسبة انتشاره 6.35%. وهو أكثر انتشاراً لدى الذكور منه بين الإناث. كما أن النسبة كانت أعلى بين أطفال المدارس العامة، في المدينة منها في مثيلاتها، في القرية، وفي المدارس الخاصة، في المدينة.
مآل اضطراب السلوك
أظهرت الدراسات التتبعية لمضطربي السلوك، أن الغالبية منهم (حوالي 75%)، يعدلون عن سلوكهم المضطرب، بعد بلوغ سن العشرين. وهذا التغيير، قد يحدث استجابة لنصحية إيجابية، أو ينجم عن حدث إيجابي، مثل نجاح، دراسي أو رياضي، أو علاقة عاطفية؛ أو التأثر بواحد أو أكثر من البالغين، المهمين بالنسبة إلى الطفل. وكثيرون منهم، يعدلون عن سلوكهم المضطرب، عندما يتعرضون لموقف سيئ، مثل القبض عليهم بوساطة الشرطة، أو المثول أمام المحكمة، كمتهمين؛ إضافة إلى أن مثل هذه الأحداث، قد يوقظ الأسْرة من غفلتها، وينبهها على مسؤولياتها تجاه الطفل. والنسبة القليلة من هؤلاء الأطفال (25%)، يستمرون كشخصيات مضادّة للمجتمع (سيكوباتية).
والذين يعدلون عن سلوكهم المضطرب، يفعلون ذلك بدافع الحاجة الداخلية إلى الحب والقبول الاجتماعي. إذ يتعلم الطفل قيمة الحب، وقيمة أن يكون محط اهتمام الآخرين وحبهم. كما يتعلم أن الحب ميزة يضحي في سبيلها بأي ميزات أخرى، تتعارض معها (السلوك المضطرب).
وبنظرة إلى مستقبل هذا الاضطراب بين الأطفال، بوجه عام، فإنه يتزايد انتشاراً وخطراً. وذلك لتخلي الوالدَين عن دورهما في تربية أطفالهما، وانشغالهما بتوفير عيشة مريحة، سواء بالسفر إلى الخارج، وترك الأطفال، أو الانشغال في الداخل. فيصبح التليفزيون، وأفلام الفيديو، أكثر مخالطة وتأثيراً في الطفل، من أبوَيه. أو يُلقى الطفل في حضانة، لا توفر الدفء العاطفي، اللازم لبناء السلطة الداخلية، ويستشعر الإهمال من والديه، فيصبح عدوانياً مضطرباً، يفسد ما يصلحان، ويبعثر ما يدخران، لأنهما نسيا أن حاجته إليهما، في طفولته، أكثر من حاجته إلى ما يجمعان من أموال.
علاج الأحداث الجانحين (اضطراب السلوك) أولاً: العلاج الوقائي
ويمكن العلاج الوقائي، بتجنّب الأسباب، التي تؤدي إلى اضطراب السلوك، سواء كانت بيولوجية (ما أمكن)، أو اجتماعية، أو نفسية. فلا شك أن دفء الأسْرة العاطفي واستقرارها، والاهتمام والتفهم للطفل وحاجاته، وعدم الإفراط في إشباع هذه الحاجات؛ ووجود القدوة في تصرفات الوالدَين، والمتابعة للطفل داخل المدرسة، وتوجيهه خارجها ـ تقلل كثيراً من حدوث اضطراب السلوك. وهناك برامج للرعاية الاجتماعية، على مستوى الدول، تقدم لتحسين الظروف الاجتماعية، التي يبدو أنها مسؤولة عن الكثير من حالات اضطراب السلوك. ولكن هذه البرامج، لا تحقق فائدة كبرى. وتظل الوقاية من اضطراب السلوك، في حاجة إلى تكاتف الأسْرة مع مؤسسات الدولة، من مدارس، ومساجد وكنائس، وأجهزة الإعلام (وخاصة التليفزيون)، حتى تحقق الوقاية للنشء من هذا الاضطراب، الذي يهدد أمن الدولة وأمان مواطنيها، قدر ما يهدد سلامة الأسْرة واستقرارها وأملها في مستقبل أطفالها. ثانياً: علاج الأطفال مضطربي السلوك (الجانحين)
إن المصير السيئ، الذي ينتظر مضطرب السلوك، وما يمكن أن يسببه للآخرين من أضرار، يحث على التدخل العلاجي المبكر، في حالات اضطراب السلوك، وبكل الوسائل العلاجية المتاحة، ومن أهمها ما يلي: 1. العلاج النفسي والاجتماعي
وهو يمكن أن يكون تبصيرياً، مع إنشاء علاقة علاجية مؤثرة، ومحدثة لتغيير في سلوك الطفل أو المراهق؛ وذلك في إطار فردي مع المعالج، بهدف بناء السلطة الداخلية (الضمير)؛ أو في إطار مجموعة علاجية. ويمكن أن يكون سلوكياً (مسلكياً)، يركز في إزالة المشكلة السلوكية. وله فنيات عديدة. من أهمها الفنيات الإشراطية، التي تعزّز تعلّم السلوكيات الموجبة، بالمكافأة؛ وتطفئ السلوكيات السالبة، بالعقاب، والتدريب على المهارات الاجتماعية.
ويمكن أن يكون علاجاً معرفياً، يركز في كيفية التفكير لدى الطفل، والتعبير عن النفس؛ وفي مهارات حل المشاكل، كعوامل مسببة لاضطراب السلوك. ويمكن أن يتوجه العلاج إلى الأسْرة، إذ يركز في فهْم تركيبها ودينامياتها وتواصلاتها، والعلاقات بين أفرادها، بهدف تغيير نظامها، وتقليل الأعراض السلوكية، التي يعبر بها الطفل عن اضطرابه، والذي، غالباً، ما يكون انعكاساً لاضطراب في الأسْرة. وقد يلزم إلحاق الوالدَين بجلسات منتظمة، لعدة أشهر، لإعطائهما معلومات وملاحظات عن سلوك الطفل. كما يطلب منهما المعالج تنفيذ أساليب خاصة، داخل البيت. ويفيد هذا في حالة الأعراض المفردة، مثل السلوك العدواني، أو السرقة. ويسمى التدريب العلاجي للوالدَين.
ويمكن أن يكون العلاج بأخذ الطفل من بيئته، كل الوقت أو بعضه، من اليوم، ووضعه في بيئة معدَّة لذلك. ويعرض لجرعات مكثفة من العلاجات المختلفة، من تبصيرية، وعلاقة وتعليم سلوكي، واكتساب مهارات القبول الاجتماعي، ومعرفة آلية تفكيره. فضلاً عمّا يتيحه هذا النظام من إبعاده عن رفاق السوء في بيئته الأصلية، وتوجيهه إلى الاعتماد على النفس. 2. العلاج بالعقاقير
ويقتصر دور هذا النوع من العلاج، على الاضطرابات المصاحبة، مثل اضطراب نقص الانتباه، أو الاكتئاب. وأحياناً، يعطى الليثيوم والهالوبيريدول (Haloperidol)، بجرعات صغيرة؛ ولكن، لم تؤكد الدراسات، إلى الآن، جدوى استخدامها. أحياناً، يكون اضطراب سلوك الطفل، تعبيراً عن اكتئاب داخلي، غير ظاهر، إكلينيكياً. وفي هذه الحالة، يفيد الطفل كثيراً من مضادّات الاكتئاب، مع علاج الاكتئاب، نفسياً. |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75523 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: " الموسوعة المصغّرة للمصطلحات النفسية " 1 الخميس 16 يونيو 2016, 11:28 pm | |
| الأحلام ماهية الأحلام وكيفية حدوثها
تُعَدّ الأحلام[1] Dreams إحدى الظواهر النفسية المهمة، التي تحدث أثناء النوم، والحلم عبارة عن صورة عقلية متسلسلة، يدركها النائم. ويرى المحللون النفسيون أن الحلم، يحقق إشباعاً رمزياً للرغبات. ومن ثم، فهو طريق إلى التفريغ، يؤدي دوراً في التوازن النفسي، وللحلم محتوى ظاهر، من الأفكار والخيالات والأحداث، كما يذكره الشخص الحالم، كما له محتوى كامن، يتكون من الرغبات المكبوتة، التي يتم التعبير عنها بطريقة غير مباشرة في المحتوى الظاهر. والإنسان يحلم كل ليلة ينامها، من دون استثناء. ولكن الغالبية العظمى من هذه الأحلام، تنسى لدى الاستيقاظ من النوم.
وأكثر ما ترتبط الأحلام بالنوم المصحوب بحركة العين السريعة، ويفسر ذلك البيولوجيين بأن هناك نبضات، تخرج من المنطقة السقيفية، ذات الخلايا العملاقة (Giganto-Cellular Tegmental) تثبط النبضات القادمة من الجسم الركبي الجانبي (Lateral Geniculate Body) ويظل هذا التثبيط في حالة اليقظة، وفي النوم غير المصحوب بحركة العين السريعة. ويخبو مباشرة قبْل النوم المصحوب بحركة العين السريعة، بما يسمح لنبضات المنطقة السقيفية، أن تصل إلى الجسم الركبي الجانبي، وهي المحطة بين الشبكية وقشرة المخ البصرية، إذ تفسر هذه النبضات كأنها قادمة من الشبكية، وترى كأحلام.
[1] يُعرف الحلم بأنه تجربة فردية طبيعية نوعية، لا تخضع للسيطرة الواعية للفرد، وهي تعبير عن شكل خاص للنشاط العقلي يحدث فقط في حالة النوم. وأكثر تعبيراته تتجلى في حالة النوم الاستثنائي، كما لوحظ وجودها أيضاً في النوم البطيء.
أنواع الأحلام
ويمكن أن نقسم الأحلام إلى الأنواع الآتية:
حلم يُحقق رغبة: وهو الحلم الذي يأتي لإشباع رغبة، يتمنى الإنسان تحقيقها. وهذا النوع من الأحلام، يكثر لدى الأطفال، الذين يحلمون بما يتمنون، مثل الطفل الذي وعده والده بشراء دراجة، يحلم كل ليلة أنه يركب الدراجة. وهذا النوع هو ما يُقال عنه (الجوعان يحلم بسوق العيش). حلم يُشبع حاجة بيولوجية: كحلم النائم الشاب، الذي تلح عليه الرغبة الجنسية، فيحلم بإشباعها من خلال الحلم. أو النائم الذي تمتلئ مثانته، فيحلم بإفراغها. أو النائم العطشان، فيحلم بالبحث عن الماء والارتواء منه. حلم يُحافظ على النوم: وهو الذي تتحول فيه المثيرات الخارجية إلى حلم. مثل من ينام ثم أتى إلى جواره من يتحدثون، فيتحول كلامهم إلى حلم يعايشه النائم، حفاظاً على النوم. أو من ينام في الظلام، ثم يدخل شخص الغرفة فيشعل ضوءها، فيسقط على عين النائم، فيحلم بنيران مشتعلة أو حريق، حفاظاً على استمرارية النوم.
وقد يهدف الحلم إلى أكثر من معنى، فيحافظ على النوم، في الوقت نفسه، الذي يشبع فيه حاجة بيولوجية. مثل الذي يشعر بالعطش أثناء نومه، ويحلم بأنه يبحث عن الماء، ثم يجده ويرتوي، حلماً، ولكن يظل العطش كحاجة بيولوجية، لم يتم إشباعها، فيستمر كمثير داخلي يعمل على إيقاظ النائم.
حلم يتنبأ بالغيب: وهذا النوع من الحلم، يُطلق عليه الرؤيا. وفيه قد يجتاز الشخص حاجز الغيب الزماني، إذ يرى أشياء قبْل أن تحدث في الواقع، أو يجتاز حاجز الغيب المكاني، فيرى أشياء وقعت فعلاً في مكان آخر من العالم، وهو لا يعلم عنها شيئاً، ثم يعلم أن ما رآه في حلمه قد وقع بالفعل. وهذا النوع من الحلم (الرؤيا) هو الذي قال عنه الرسول – صل الله عليه وسلم: "لم يبق من النبوة إلا المبشرات، قالوا: وما المبشرات؟ قال: الرؤيا الصالحة" (رواه البخاري: 6475). ومن أمثلة الرؤيا ما قصّه علينا القرآن الكريم في سورة يوسف، في قوله تعالى: )إِذْ قَالَ يُوسُفُ لأَبِيهِ يَاأَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ (4) قَالَ يَابُنَيَّ لاَ تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ( (يوسف: 4-5). ثم قبل نهاية السورة، يورد القرآن الكريم قوله تعالى: ) وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَاأَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَا يَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا( (يوسف: 100). ومن أمثلة الرؤيا، كذلك، ما ورد في السورة عينها، في قوله تعالى: )وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلاَتٍ خُضْر ٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ( (يوسف: 43). . ثم يفسره يوسف – عليه السلام- كما ورد في قوله تعالى: )قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلاَّ قَلِيلاً مِمَّا تَأْكُلُونَ (47) ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلاَّ قَلِيلا ً مِمَّا تُحْصِنُونَ (48) ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ( (يوسف: 47-49). وتحقق تفسير يوسف، وأنقذت رؤيا الملك وتفسير يوسف لها، مصر من مجاعة لعدة سنوات بفضل الله.
ومن هاتين الرؤيتين، اللتين أوردهما القرآن الكريم، نرى أن تفسير الرؤيا لا يقدر عليه إلا من أوتي علماً وحكمة. كما يعتمد الحلم (أو الرؤيا) على الموقف النفسي لصاحبه؛ فقد يرى شخصان أحداث حلم واحد وصوره، ولكن يُفسر كل منهما بشكل مختلف عن الآخر، حسب موقفه النفسي ودوافعه اللاشعورية.
سبل التفسير وآدابه وكيفيته من المنظور الإسلامي
1. تنقسم الرؤيا إلى ثلاثة أقسام:
ـ رؤيا حسنة صالحة هي بُشرى من الله.
ـ رؤيا سيئة مكروهة هي أهاويل من الشيطان ليحزن بها ابن آدم وليتلاعب به في منامه.
ـ رؤيا مما يُحدث به المرء نفسه، أو يهم به في يقظته فيراه في منامه ويدخل فيها ما يعتاده الرائي في اليقظة. كمن عادته أن يأكل في وقت فنام فيه، فرأى أنه يأكل، وما عدا ذلك فهي أضغاث أحلام، أي الأحلام المختلطة الملتبسة، ولا يصح تأويلها لاختلاطها وعدم التئامها على أصول التعبير.
2. إذا كانت الرؤيا حسنة صالحة، استُحِبَّ لرائيها أربعة أشياء
ـ أن يحمد الله عليها.
ـ أن يستبشر بها.
ـ أن يتحدث بها لمن يحب دون من يكره.
ـ أن يُفسرها تفسيراً حسناً صحيحاً، لأن الرؤيا تقع على ما تُفسر به.
3. إذا كانت سيئة مكروهة استحب لرائيها سبعة أشياء، إن فعلها لن تضره أن شاء الله تعالى وهي:
ـ الاستعاذة بالله من شرها.
ـ الاستعاذة من الشيطان ثلاثاً.
ـ التفل عن اليسار ثلاثاً.
ـ التحول عن الجانب الذي كان نائماً عليه.
ـ الصلاة.
ـ أن لا يُحدث بها أحداً.
ـ ولا يفسرها لنفسه.
ودليل ذلك كله ما رواه البخاري من حديث آبي سعيد الخدري أنه سمع النبي -صل الله عليه وسلم- يقول: "إذا رأى أحدكم رؤيا يُحبها، فإنما هي من الله، فليحمد الله عليها، وليحدث بها، وإذا رأى غير ذلك مما يكره، فإنما هي من الشيطان، ليستعذ من شرها، ولا يذكرها لأحد فإنها لا تضره".
التفسير والتحليل النفسي للأحلام
الحلم من الناحية النفسية، عبارة عن نشاط عقلي يحدث أثناء النوم، ويتمثل في سلسلة من الصور والأحداث التي تظهر في صور من الخيال، والتي يمكن أن يكون لها معنى نفسي أو محتوى، يمكن تفسيره وتأويله.
من ناحية التفسير والتحليل النفسي للأحلام، نجد ما يأتي:
تحليل الأحلام Dream Analysis : ويقوم على محاولة تفسير الحلم، وكشف المحتوى الباطن له. تكثيف الحلم Dream Condensation : وهي عملية أولية تتم في الحلم، وتنتقل بالحالة من موضوع إلى موضوع بشكل غير استطرادي، وفي شكل صور بصرية غير منطقية، تجاوز منطق الزمان والمكان. محددات الحلم Dream Determinants : وهي عوامل البيئة، التي تلعب دوراً مهماً في وجود الحلم، وتُعطيه مظهراً معيناً.. خداع الحلم Dream Illusion : من وظائف الأحلام، إبقاء حالة النوم، بإيهام الحالم وخداعه، بأن رغباته قد تحققت وإلا أيقظته رغباته. مثيرات الحلمDream Instigators : وهي مخلفات النهار في الأحلامDay residues وهي ما يتبقى من التجارب والأفكار والأحداث التي تُسبب القلق أثناء الحياة اليومية بالنهار، وتمثل إحساساً لا شعورياً بالذنب، وتلعب دوراً مهماً في تشكيل محتويات أحلام الليل. رغبة الحلم Dream Wish يُمثل المحتوى الباطن للحلم رغبة مكبوتة أو لا شعورية عند الفرد. الأحلام النمطية Typical Dreams أحلام تتشابه عند كل الناس، ولها الدلالة نفسها، وهي نوعان:
ـ أحلام لها المحتوى نفسه.
ـ أحلام تتشابه شكلاً ولكنها في الحقيقة تختلف. ويتوقف التمييز بين الاثنين على المتداعيات التي يُكملها بها الحالم لكي يمكن تأويلها.
والأحلام النمطية هي الأصل الذي تستقي منه الأساطير والخرافات.
الأحلام غير المُقنعة Undisguised Dreams تُمثل رغبة مكبوتة، ولكنها رغبة لم تلبس القناع الكافي، بحيث تبدو مكشوفة في الحلم، كأن يحلم الجوعان بوليمة فاخرة.
الأحلام وطبائع البشر
والحلم له علاقة بالبنية البشرية المتميزة في المجتمع. ولذلك هناك ما يُعرف بانثروبولوجيا الحلم أي الجنس البشري والحلم، ولذلك فإن تفسير الحلم يجد جذوره الجماعية في أوضاع اجتماعية ـ ثقافية خاصة.
كما أن الحلم له مكون نفسي ـ فسيولوجي، وفي الوقت ذاته له مدلول عن الخلفية Background النفسية ـ الثقافية للفرد، بل إنه ذو ارتباط بالمعطيات البيئية في العالم الواقعي للفرد.
المصادر والمراجع
1. خالد بن علي بن محمد العنبري، "كيف تعبر رؤياك في ضوء القرآن الكريم"، الرياض، 1412 هـ.
2. عبدالمنعم الحفني، "موسوعة علم النفس والتحليل النفسي"، مطبعة مدبولي، القاهرة، ط 4، 1994.
3. محمود حموده، "الطب النفسي ... النفس أسرارها وأمراضها"، القاهرة، 1997.
4. هيثم مناع، "عالم النوم".
|
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75523 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: " الموسوعة المصغّرة للمصطلحات النفسية " 1 الخميس 16 يونيو 2016, 11:30 pm | |
| الإدراك
مقدمة
يُعرّف الإدراك[1] Perception بأنه فهْم المثيرات، بناء على الخبرة، فهو يشمل عمليتَي استقبال المثير وفهْمه. ويزود الإدراك المخ بالمعلومات والتغيرات، الداخلية والخارجية، ليؤدي وظائفه بكفاءة. ويعتمد الإدراك على الوعي والانتباه.
ويقسم الإدراك إلى:
إدراك حسّي. (الإدراك بالحواس) Sense Perception إدراك يتعدى حدود الحواسّ. (إدراك من غير الحواس) Extrasensory Perception ESP
[1] مصدر الإدراك في اللغة: أدْرَكَ الشيء، بمعنى لحِقَه وبلغه وناله. والشيء يبصره بمعنى رآه والمعنى يعقله إلى فهمه. وتدارك الشيء بالشيء بمعنى أتبعه به. يقال تدارك الخطأ بالصواب، والذنب بالتوبة. والمَدَارِكُ الخمس هي الحواس الخمس. (المعجم الوسيط، ج، ص291) والإدراك من الناحية الاصطلاحيةPerception له ضربان: داخلي وخارجي. والإدراك الخارجي (الظاهري) يقوم على الأحاسيس القادمة من أعضاء الحس أي إدراك حسّي. والإدراك الداخلي أو الباطني يقوم على الشعور. والإدراك يختلف عن الإحساسSensation فالإحساس هو عملية الوعي بالمحسوسات كالحرارة والضوء والصور، وهو غير إدراك التعرف علي ما سبق إدراكه Apperceptionوهو غير عملية التصويرConception أي عملية صياغة أفكار عامة (مفاهيم) تقوم على التعرف على سماته موضوعات أمكن إدراكها على فترة من الوقت.
أولاً: الإدراك الحسّي
ويشمل فهْم جميع المثيرات، القادمة عبْر الحواسّ. وهي إحدى عشرة حاسّة: البصر ـ السمع ـ التذوق ـ الشم ـ اللمس (ويشمل التلامس وإحساس الضغط والدفء والبرودة والألم) والإحساس بالحركة والإحساس بالتوازن.
لكي يتفاعل الجهاز العصبي مع البيئة المحيطة به، لا بد له من جهاز، ينقل إليه المعلومات عن هذه البيئة. وهذا الجهاز يتمثل في الاحساسات، التي تتم بطرائق مختلفة، وتتخصص بنقل مختلف المثيرات، من الصوت والضوء، إلى الروائح والطعوم (المذاقات) والملمس.
وتتميز الاحساسات Sensations ـ وهي عبارة عن تجارب شعورية، يُظهرها منبه تثيره إحدى الحواس الخمس ـ بوجود مستقبلات طرفية لها في الجسم، تنقل الإحساس إلى ألياف عصبية خاصة، ومنها إلى مسارات عصبية خاصة لتصل، في نهاية الأمر، إلى مركز الإحساس في قشرة المخ. والاحساسات متنوعة. منها ما هو سطحي، ومنها ما هو عميق، وما هو قشري، إضافة إلي الاحساسات الخاصة.
1. الاحساسات السطحية: وهي الإحساسات، التي تُعَدّ مستقبلاتها سطحية، ترتبط بسطح الجسم، أي بالجلد Cutaneous or Dermal Sense وتشمل الاحساسات السطحية ما يلي:
أ. الإحساس بالألم Pain Sense : مثل الشعور بوخزة الدبوس، الذي ينقل من الجلد عبْر نهايات عصبية دقيقة، عارية، ثم إلى الأعصاب الطرفية الشوكية، ثم إلى الحبل الشوكي، ليصعد في مسارات خاصة، ثم يعبُر إلى الجانب الآخر، ويصل إلى القشرة الحسية للمخ، مروراً بالمهاد.
ب. الإحساس بالتغيّر في درجة الحرارة Temperature Sense: أي الإحساس بالبرودة أو السخونة، وينقل عبْر مستقبلات متعلقة بالجلد (هي تجمعات كروية من الأعصاب، تسمى بصيلات كراوس، في حالة البرودة، وكريات أخرى، تسمى كريات رفينى، لاستقبال الإحساس بالسخونة)، ثم من المستقبلات إلى الأعصاب الطرفية الشوكية، فالنخاع الشوكى، لتصعد في مسارات خاصة، ثم تعبُر إلى الجانب الآخر، وتصل إلى قشرة المخ، مروراً بالمهاد.
ج. الإحساس باللمس Touch Sense: ونقصد به اللمس الخفيف، ويستقبل عبْر كريات مينر، ثم إلى الأعصاب الطرفية الشوكية، فالحبل الشوكي، ليصعد في مسارات خاصة، لا تلبث أن تعبْر إلى الجانب المقابل، صاعدة إلى المهاد، ثم إلى قشرة المخ .
ويختلف توزيع الاحساسات السطحية من مكان إلى آخر في الجسم، إذ تكثُر المستقبلات في بعض المناطق دون بعض، مثل أطراف الأصابع (الأنامل). ولا تخفي أهمية الاحساسات السطحية، فالجلد يُعَدّ الدرع الواقية للجسم، وهو خط الدفاع الأول ضد الاختراق، بإحساس الألم، أو الاحتراق بإحساس الحرارة، أو التجمد بإحساس البرودة. وبناء على المعلومة الحسية القادمة، يتفاعل الجسم بتنظيماته المختلفة كيماوية أو عصبية.
2. الاحساسات العميقة Deep Sense: وهي التي يتم استقبالها من خلال تراكيب عميقة، قد ترتبط بالعضلات والأربطة حول المفاصل (وهي تساعد الجهاز العصبي على معرفة وضع الجسم، وحالة انقباض العضلات المختلفة في الجسم أو ارتخائها)، أو ترتبط بالأحشاء الداخلية (وهي التي تنقل الإحساس بامتلاء الأحشاء أو خلوّها).
أ: الإحساس بالوضع: يتم استقبال هذا النوع من الإحساس عبْر مستقبلات خاصة في العضلات والمفاصل. ثم تنقله الأعصاب الطرفية إلى مسارات خاصة في النخاع الشوكي، لتصعد إلى قشرة المخ. ويشارك في الإحساس بالوضع المستقبلات البصرية في العينين، ومستقبلات الاتزان في الأذن الداخلية.
ب: الإحساس بالحركة Motion Sensation: وينقل من خلال المستقبلات في العضلات والمفاصل. ويأخذ مسارات الإحساس بالوضع نفسها.
ج: الإحساس الحشوي Visceral Sensation: وهو الإحساس المرتبط بحالة الأحشاء الداخلية، مثل امتلاء المعدة أو المثانة أو القولون أو خلوّها. لذلك، فهو ينقل الإحساس بالجوع والشبع والمغص، من الأحشاء إلى قشرة المخ.
3. الاحساسات القشرية:
وهذا النوع من الإحساس يشمل تعرف الأشياء باللمس، سواء كانت أجساماً أو مخطوطات. والتمييز اللمسي بين نقطتين، وتحديد موضع اللمس من الجسم. ويسمى هذا النوع من الاحساسات بالقشري لحاجته إلى أكثر من منطقة في قشرة المخ. فهو وظيفة مركبة من إحساس وإدراك، وهو إحدى الحواس الخاصة (الحواس الخمس).
4. الاحساسات الخاصة (الحواس الخمس)[1]:
أ. الإحساس البصري Visual Sensation: يحدث الإحساس البصري نتيجة انكسار الأشعة المنعكسة من المرئيات بوساطة عدسة العين. فتسقط على الشبكية، التي تحتوى على المستقبلات البصرية، فتنقلها، بدروها، إلى خلايا عصبية متعلقة بالشبكية، ومنها إلى الألياف العصبية، التي تكوّن العصب البصري (العصب الجمجمي الثاني)، إذ يتكون من كل عين عصب بصري واحد، يكون أيمن للعين اليمني، وأيسر للعين اليسرى. ولا تلبث مكونات العصب البصري أن تنقسم إلى مسارات صدغية، تكمل مسارها البصري في الجانب نفسه، ومسارات أنفية، تعبْر إلى الجانب المقابل. وبذلك، يصبح المسار البصري مشتملاً على الألياف الصدغية من جانب واحد، إضافة إلى الألياف الأنفية من الجانب المقابل، ويصلان معاً إلى الجسم الركبي في المهاد (وبذلك، تنقل العينان معاً صورة واحدة)، ومنه تخرج الإشعاعات البصرية إلى قشرة المخ، في الفصّ الخلفي، حيث يتم فهْم الصورة المنقولة من الشبكية، الذي يرتبط، بدوره، بالذاكرة البصرية، فيعطي المثير معناه، طبقاً للخبرة المختزنة في الذاكرة.
ب. الإحساس السمعي Auditory Sensation: تنتقل موجات الصوت من الهواء الخارجي إلى الأذن، فتهتز الطبلة، التي تهز، بدورها، ثلاثة عظيمات صغيرة، في الأذن الوسطى (المطرقة والسندان والركاب)، فتصل الاهتزازات إلى الأذن الداخلية، فيهتز السائل الذي في داخلها، ومن ثم، تهتز البروزات الشعرية، المتصلة بعضو السمع، المسمى عضو كورتي، ومنه إلى الخلايا العصبية المتخصصة، فالعصب السمعي (القوقعي)، الذي يصل إلى الجسر، ومنه يعبُر إلى الجانب المقابل، صاعداً إلى المهاد، ثم منه تصل الإشعاعات السمعية إلى قشرة المخ السمعية، في الفصّ الصدغي، المرتبط بالذاكرة السمعية، حيث يتم إعطاء المثير معنى.
ج. الإحساس الشمي Smell Sensation: يحمل الهواء الروائح، عند دخوله إلى الأنف، خلال عملية الشهيق، فيختلط جزء من الهواء، في الجزء العلوي من الأنف، بنسيج خلوي خاص (المستقبلات المتعلقة بالشم)، وذلك خلال ذوبان الرائحة في إفرازات الأنف. وتحمل الرائحة عبر ألياف عصبية، تخترق عظام الجمجمة، مكوّنة العصب الشمي (الجمجمي الأول)، الذي يصل إلى الدماغ الأوسط، ومنه إلى الفصّ الصدغي من قشرة المخ، حيث وظيفة الشم ... ويتم تعرّف الرائحة من خلال الخبرة السابقة.
د. الإحساس التذوقي Taste Sensation: والإحساس التذوقي بدايته من اللسان، الذي توجد فيه مستقبلات خاصة، هي براعم التذوق، التي تغطي اللسان. وتتصل هذه المستقبلات، في الثلث الخلفي من اللسان، بالعصب اللساني البلعومي (الجمجمي التاسع). وتتصل، في الثلثين الأماميين من اللسان، بالعصب الوجهي (الجمجمي السابع). وهناك قليل من البراعم التذوقية في لسان المزمار، تنقل عبْر العصب الحائر (الجمجمي العاشر). وينتهي بها الأمر، جميعاً، إلى الفصّ الجداري لقشرة المخ. ويميز الإنسان، عادة، بين أربعة أنواع من التذوق. هي: الحلو والمر والمالح والحامض، ويزيد الإحساس بالطعم الحلو في أطراف اللسان، وكذلك الطعم المالح. ويتشابه الإحساس بالشم والتذوق؛ إذ إن كليهما إثارة كيماوية للمستقبلات.
هـ. الإحساس اللمسي Touch Sensation: وهو تعرف الأشياء باللمس، ويسمى بالإحساس القشري، وسبقت الإشارة إليه.
ويمكن الشخص أن يستقبل غير مثير، في آن واحد، كالطعام، وقت تناوله، يكون مثيراً، بصرياً، وشماً، وتذوقاً ولمساً.
وتتم عملية الإدراك الحسي باستقبال المثير، وتحوّله عبْر جهاز الحس المستقبل إلى تغيرات كهربائية (نبضات عصبية)، تنقل عبْر المسارات العصبية إلى المنطقة المتعلقة بها من قشرة المخ، حيث تترجم هذه النبضات، بمساعدة القشرة الترابطية والذاكرة المتعلقة بالإحساس المدرك. ولا يمكن أن يغفل دور التكوين الشبكي في المخ، الذي يقوم بتنقية المثيرات القادمة إلى قشرة المخ، والحفاظ على درجة اليقظة الموجهة للمثير (الوعي والانتباه)، واللازمة لإتمام الإدراك. وهناك وقت بين ظهور المثير وتعرفه عبْر الشخص المدرك، يسمى وقت الإدراك. وهو الوقت المستغرق خلال انتقال النبضة العصبية من جهاز الاستقبال إلى المراكز المناسبة في المخ. ولكن هناك وقتاً آخر، أكثر أهمية، وهو الوقت اللازم للتغلب على الحاجز الانفعالي، المحدد للإدراك، الذي يُعَدّ حاجزاً يحمي الشخص ضد الإثارة الصدمية، التي قد تحدث نتيجة للإدراك.
الحرمان الحسي: إذا تم وقف المثيرات الخارجية، فإن الإدراك الحسي يتوقف، ويسمى ذلك بالحرمان الحسي، الذي ينشأ عنه اضطراب الجهاز العصبي، نظراً إلى نقص نشاط التكوين الشبكي (الذي ينقّي الجهاز العصبي من المثيرات الداخلية)، فيختل الإدراك، ويسيطر الخيال على إدراكات قشرة المخ. وتلاحظ هذه الاضطرابات الإدراكية، الناشئة عن الحرمان الحسي، في السجون الانفرادية، والمعتقلات السياسية، وسجون أَسرى الحرب. كما يلاحظ، في مجال الطب، بعض حالات الحرمان الحسي، مثل فقد السمع أو البصر، لدى بعض المسنين، أو الحرمان البصري عقب العمليات الجراحية للعينين، والذي يترتب عليه ظهور هلاوس (إدراك من دون مثير)، كرؤية أشياء ليست موجودة، أو سماع أصوات ليس لها وجود حقيقي. العوامل التي تؤثر في عملية الإدراك
إن إدراك الإنسان للمثيرات من حوله، محدود بإمكانات أجهزة الحس لديه. فهو لا يسمع كل الأصوات، إذ توجد طبقات عالية من الأصوات، لا يمكن الإنسان أن يسمعها، على الرغم من أن الخفاش يسمعها. كما أن الكلاب، تستطيع شم الروائح، التي لا يدركها الإنسان. وهو تكيّف خاص في هذه الكائنات، يشبه التكيف الذي يحدث لمكفوفي البصر، في حاستَي اللمس والسمع، كتعويض عن حاسة البصر المفقودة.
وكما يتأثر إدراك الإنسان بخبرته الماضية بالمثير، فإنه يتأثر بمشاعره الداخلية تجاه المثير. فإدراكنا لشيء نفضّله أيسر كثيراً من إدراكنا شيئاً آخر لا نفضّله. وحالة الشخص الانفعالية، تؤثر في إدراكه الأشياء. فالشخص المسرور، يرى الحياة مشرقة زاهية، بينما يراها الحزين سوداء قاتمة. وتؤثر الحالة البيولوجية في الإدراك، فالجائع يدرك رائحة الطعام أسرع من غيره، ويتأثر الإدراك بعملية الإيحاء، ولا سيما الأشخاص القابلين للإيحاء، إذ يدركون ما يوحي به الآخرون لهم. فإذا أوحيت لشخص من هؤلاء، أنه سيشاهد جنيّاً في حجرة مظلمة، فإنه لا يلبث أن يرى ذلك. والتنويم[2] (Hypnosis) ما هو إلا إيحاء، يوجَّه إلى الشخص المراد تنويمه، لإيصاله إلى درجة من تناقص الوعي، والخضوع لإرادة المنوِّم، الذي يوحي إليه بما يرغب، ويستجيب المنوَّم، من دون مقاومة. ويستخدم التنويم في علاج بعض الأعراض المَرضية الجسدية، الناشئة عن شحنة انفعالية متحولة. مثل المريضة التي أصابها الشلل في رجليها، نتيجة لصدمة انفعالية، فإنها تحت تأثير التنويم، تستجيب بزوال العرض المَرضي، بفعل الإيحاء الذي يقوم به المنوِّم. وكانت هذه الطريقة تستخدم في العلاج في نهاية القرن التاسع. ولكن لوحظ انتكاس كثير من المرضى، فبعد زوال العرض المَرضى بفعل التنويم، لا يلبث أن يعود عند التعرض للانفعال مرة أخرى، وذلك لأن الأسباب ما زالت موجودة داخل المريض، ولم يتغير انفعاله بالمواقف الباعثة على الانفعال، كما يحدث، حالياً، من خلال جلسات العلاج النفسي. ولوحظ، كذلك، أن نسبة كبيرة من المرضى غير قابلين لعملية التنويم. ويتم التنويم بأن يركز الشخص المراد تنويمه في شيء ثابت، مع تضييق الوعي على هذا الشيء، ونسيان ما عداه من المثيرات. ثم يتناقص الوعي بفعل الاسترخاء والاستسلام للمنوِّم، الذي يقوم، بدوره، بالإيحاء ويسيطر على عملية التنويم .
[1] والإدراك من الناحية الاصطلاحية Perception له ضربان: داخلي وخارجي. والإدراك الخارجي (الظاهري) يقوم على الأحاسيس القادمة من أعضاء الحس أي إدراك حسّي. والإدراك الداخلي أو الباطني يقوم على الشعور. والإدراك يختلف عن الإحساس Sensation فالإحساس هو عملية الوعي بالمحسوسات كالحرارة والضوء والصور، وهو غير إدراك التعرف علي ما سبق إدراكه Apperception وهو غير عملية التصوير Conception أي عملية صياغة أفكار عامة (مفاهيم) تقوم على التعرف على سماته موضوعات أمكن إدراكها على فترة من الوقت.
[2] وهو ما يُعرف بالتنويم الإيحائي أو النوم الإيحائي أو التنويم المغناطيسي. وهناك ما يُعرف بالنوم الإيحائي الذاتي Self-hypnosis وهو عبارة عن غيبوبة فكرية ذاتية.
ثانياً: الإدراك المتعدي حدود الحواسّ (الإدراك من غير الحواس) Extra Sensory Perception
وهو إحدى الظواهر الميتاسيكولوجية، التي لا تخضع لقوانين الطبيعة. والذين يؤمنون بالإدراك المتعدي حدود الحواسّ، يرون أن هناك تفسيراً لذلك، قد يكشف عنه يوماً ما. ولكن الملاحظ أن ما يسجل في هذا المجال، يرد بصورة عشوائية، متجاهلا الطرائق المنهجية، مما لا يمكِن معه استبعاد عوامل المصادفة والاستنتاج العقلاني والإدراك الحسي الحادّ، كما لا يمكِن استبعاد الغش والتزييف في رصد هذه الظواهر.
وقد يختل الإدراك، أي تحدث اضطرابات الإدراك Disorders of Perception، ويترتب عليه اضطراب إدراك المثيرات، بإحدى طريقتين:
تشوهات الإدراك الحسي: إذ يختل إدراك الموضوعات الحقيقية، فيتم إدراكها بصورة مشوهة، وذلك كما يلي:
(أ) التغير في شدة الإحساس بالزيادة أو النقص: فقد تزداد شدة الإحساس بالمدركات، عند الانفعالات الشديدة. فمثلاً، عندما نكون في حالة خوف وقلق، فإن أي صوت إلى جوارنا سيزعجنا بشدة، على الرغم من أن هذا الصوت نفسه، في أوقات الاسترخاء، لا يزعجنا إلى مثل تلك الدرجة. وقد تقلّ شدة الإحساس بالمدركات، في حالات الاكتئاب. فالشخص المكتئب، يحتاج إلى مثيرات أكثر شدة، ليستطيع إدراكها.
(ب) التغير في كيفية الأشياء المدركة: لوحظ أن بعض المواد السامة، تشوه الإدراك البصري، فتلون كل الادراكات باللون الأصفر، أو باللون الأخضر، أو باللون الأحمر.
(ج) التغير في الحيز المكاني: تأخذ فيه المدركات أحجاماً أكبر من طبيعتها أو أصغر منها. فمثلاً، يشاهد النملة كأنها في حجم الشاة، وهذا قد يحدث في حالات الأحلام أو أمراض الشبكية، أو اضطراب تكيّف العين، أو خلل بالفصّ الصدغي من قشرة المخ، أو في حالات التسمم بالاتروبين أو الهيوسين ... وقد يدرك الشخص الأشياء بعيدة عمّا هي في الواقع.
خداع الحواس Sense Illusion: أو الخداع[1] الحسي وهو إدراك خاطئ لمثير خارجي، ويعد من اضطرابات الإحساس والإدراك، ويتم، خلاله إدراك المثير بصورة خاطئة، وهو ما يُعرف بخطأ التأويل. وذلك مثل الطفل المصاب بحمى، ويرى ميزان الحرارة في يد الممرضة خنجراً ستقتله به. أو يتم الإدراك من دون مثيرات إطلاقاً، وهي الهلاوس. وذلك مثل المريض، الذي يسمع صوتاً يتكلم عليه، من دون وجود لأي صوت. وأهم أسباب الهلاوس، هي الانفعالات الشديدة، مثل الاكتئاب الشديد، والإيحاء، واضطرابات أعضاء الحس، مثل مرض العين أو الأذن، والحرمان الحسي، والفصام العقلي، والآفات المثيرة لمراكز الإحساس في قشرة المخ. وأنواع الهلاوس وخطأ التأويل، ترتبط بالحاسة التي تدرك بها. ولذا، فهي إمّا بصرية أو سمعية أو شمية أو تذوقية أو لمسية. ومن أمثلة الهلاوس البصرية والسمعية، ذلك الشاب السجين، الذي كان في حالة شلل هستيري، وقرر أنه يشاهد في زنزانته، ليلاً، سيدة تجلس قرب السقف، وترتدي ثياباً بيضاء، وتغني له ما شاء من أغاني أم كلثوم. ومرضى الصرع، يشمون، في بداية نوبات الصرع مباشرة، روائح لا وجود لها، أو يرون صوراً لا وجود لها، أو يشعرون بحركة غريبة في أحشائهم. ومدمنو الكوكايين، يشعرون بحركة البق في جلودهم (البق هو نوع من الحشرات، التي تتطفل على الدم، مثل البراغيث) ويحكّون جلودهم إلى درجة إيذائها.
وهناك أنواع أخرى من الهلاوس[2] وهي تهيؤات عصبية Hallucination ، ليس لها علاقة بأعضاء الحس المتخصصة. وهي:
الإحساس العميق بالألم: الإحساس بألم التمزق في الأعضاء، ينتاب مرضى الفصام المزمنين، فيشكون ألم التمزق في البطن، مثلاً. الإحساس بالسقوط في الهواء أو الغوص في الفراش: ويحدث في الحالات العقلية العضوية الحادّة، خاصة حالات الهذيان الارتعاشي، أي المصاحب برعشة. الإحساس بوجود آخر، عندما يكون الشخص بمفرده: ويحدث في الحالات العقلية العضوية، والفصام والهستيريا. هلاوس وظيفية: الهلاوس يكتسب بها مثير، ولكن الهلاوس والمثير كليهما هلوسة. مثل المريض الذي يخبر أن الرب تكلم إليه من خلال ضوضاء، والكلام هنا والضوضاء كلاهما، من قَبيل الهلاوس. الهلاوس المنعكسة: حينما يكون المثير في مجال حسي، يسبب هلوسة في مجال حسي آخر. مثل المريض الذي يحس ألماً عندما يسمع عطس آخر، إلى جانبه. هلاوس خارج مجال الحس، مثل الذي يرى شخصاً واقفاً خلفه. شبح المرآة المتخيل: إذ يرى المريض نفسه كأنه ينظر إلى مرآة. ويحدث في قليل من حالات الفصام، وفي حالات الهذيان (Delirium) أو ما يُعرف بالهُتر (اضطراب الوعي)، والصرع Epilepsy ، الذي تسببه المنطقة المؤخرية الجدارية. رؤية الذات السالبة: ينظر المريض إلى المرآة، فلا يرى نفسه. ويحدث ذلك في حالات الإصابة العضوية للمخ. رؤية الأحشاء الداخلية، عندما ينظر إلى المرآة. هلاوس جسدية: إذ يدرك الشخص خطأ حدوث أشياء في جسمه (غالباً حشوية). اختلال الإنية (Depersonalization) حين يشعر الشخص أنه غير حقيقي، أو غريب، أو غير مألوف لنفسه، أو أنه تغير. وتسمى أيضاً فقدان الشخصية أو فقدان الشعور بالشخصية أو هُذاء تغير الشخصية، وهي عبارة عن اضطراب يحس الشخص فيه بأن أحاسيسه وأفكاره ورغباته غريبة عنه. اختلال إدراك البيئة (Derealization) من حوله، وهو شعور ذاتي بتغير البيئة من حوله، أو أنها غريبة، أو غير حقيقية، وأن الناس حوله يبدون كممثلين، حتى والداه، ليسا هما، ولكنهما ممثلان يتقمصان دوريهما. ويُعرف أيضاً بهذاء تغير الكون. ظاهرة الانزلاق الإدراكي: وهو إدراك غير سوي. يرتبط بتعاطي العقاقير المحدثة للهلاوس (مثل عقار ـ إل. إس. دي ـ المحدث للهلاوس)، التي ترى فيها الموضوعات المتحركة على أنها سلسلة من الخيالات المتقطعة، والمتباعدة. عدم الإدراك: أو اضطراب الإدراك Disorder of Perception أي عدم القــــدرة على تعرف مثير حسي وفهمه، سواء كان مثيراً بصرياً، أو سمعياً، أو تذوقياً، أو شمياً، أو لمسياً. التجاهل للمرض: عدم القدرة على تعرف خلل عصبي حدث للشخص. التجاهل للجسد: عدم قدرة الشخص على تعرف جزء من جسده. فمثلاً، لا يمكنه تعرف يده اليمنى. عدم قدرة التعرف باللمس: (هلوسة لمسية) إذ لا يستطيع الشخص أن يتعرف الأشياء باللمس.
[1] الخِداع Illusion هو صورة خادعة أو إدراك مغلوط أو ظاهرة كاذبة أو وهم أو توهم.
[2] الهلاوس تحدث نتيجة تهيؤات عصبية من خداع الحواس ومنها : هلوسات سمعية، وهلوسات حسية، وهلوسات لمسية، وهلوسات شمية، وهلوسات بصرية. وهناك عقاقير مخدرة تولد الهلوسة (عقار يولد الهلوسة) Hallucinogenic.
المصادر والمراجع
حامد عبدالسلام زهران، "قاموس علم النفس" ، مطبوعات الشعب، 1972. عبدالمنعم الحفني، "موسوعة علم النفس والتحليل النفسي" ، مطبعة مدبولي، القاهرة، ط 4 ، 1994. محمود حموده، "الطب النفسي ... النفس أسرارها وأمراضها"، القاهرة، 1997.
|
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75523 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: " الموسوعة المصغّرة للمصطلحات النفسية " 1 الخميس 16 يونيو 2016, 11:35 pm | |
| الأرق
ماهية الأرق[1]
الأرق Insomnia هو صعوبة بدء النوم، أو المحافظة عليه، أو الشعور بعدم الراحة، بعد النوم، الذي يبدو كافياً في مدته، إلى درجة تجعل الشخص يشكو ذلك. وينتج من الأرق الشعور بالإجهاد، خلال ساعات النهار، مع سرعة استثارة. وقد يحدث خلل في الأداء الوظيفي اليومي للشخص. ويبدأ اضطراب الأرق عند أي سن، ولكن يصبح متزايداً مع تقدم العمر. وهناك تفاوت كبير في الوقت الطبيعي الذي يستغرقه أي شخص للدخول في النوم. كما أن هناك تفاوتاً في فترة النوم الطبيعية، اللازمة لأي شخص، ليشعر بالراحة والتيقظ. ولكن غالبية الناس، يبدءون نومهم خلال ثلاثين دقيقة من تهيئة الجو المناسب للنوم، والاستلقاء في الفراش. ويظل النوم، عادة، من أربع إلى عشر ساعات. وعند معاناة الأرق، قد يلجأ الشخص إلى علاج نفسه بتعاطي حبوب مهدئة، أو كحول، الأمر الذي يحمل خطر أن يصبح مدمناً.
[1] الأرق في اللغة هو السُهد، وسَهِدَ سُهاداً بمعنى أرق. ويُقال في عينه سُهد وسُهاد. ويُقال فلان ذو سَهْدَة في أمره بمعنى ذو يقظة. والأرق من الناحية الاصطلاحية بمعنى سُهد وسُهاد وقلة النوم أو امتناع النوم Insomnia, Asomnia, Sleeplessness وسُهادي Insomnious بمعنى مؤرق. وهو عبارة عن استجابة وقتية (طارئة) لإثارة أو لاضطراب انفعالي. وقد يكون خاصية دائمة تميز نمط نوم الفرد. ويرتبط الأرق الوقتي بالحالة الفيزيقية كالتعب الشديد، أو تغيير مكان النوم، أو تغيير نوع الطعام المعتاد، أو تناول بعض العقاقير أو الأدوية التي تؤدي إلى الأرق. ويؤدي القلق والخوف والشعور بالذنب إلى الأرق. وقد يكون الأرق عرضاً بسيطاً ولكنه يرتبط بحالات مرضية كالاكتئاب والهعوس. وترتبط شدة الأرق بشدة الاضطراب الانفعالي وخصائص الشخصية.
أنواع الأرق
ويُقسم الأرق إلى الأنواع التالية:
أرق يُعزى إلى اضطراب نفسي آخر، مثل الاكتئاب، أو القلق، أو اضطراب الشخصية الوسواسية، أو الكوابيس الليلية، أو خلل إيقاع النوم واليقظة. وعلاج الأرق، في هذه الحال، يكمن في علاج المرض النفسي المسبب له. أرق يعزى إلى عامل عضوي معروف، مثل مرض جسدي، أو تعاطي عقاقير منشطة، مثل القات، الذي يخزنه بعض الأفراد، فيسبب لهم الأرق، فيلجأون إلى الكحول، لجلب النوم، فيصبحون مزدوجي الإدمان. ومن أمثلة الأمراض الجسمانية التي تحدث الأرق، آلام المفاصل والذبحة الصدرية وآلام عرق النسا. وعلاجه هو علاج سببه. أرق أولي: وهو الأرق، الذي لا يُعرف له سبب عضوي أو نفسي. وعادة، يبذل الشخص مجهودات مضنية للدخول في النوم، فيزداد توتره، ويختفي النوم، مع أنه ينام عندما لا يحاول النوم، مثل نومه أثناء مشاهدة التليفزيون. وعلاجه بتوجيه المريض إلى عدم اللجوء إلى الفراش، إلا وقت النوم فقط، وإذا لم يدركه النوم خلال خمس دقائق، عليه أن ينهض لعمل شئ آخر. ويمكن استخدام أشرطة كاسيت باعثة على الاسترخاء، أو ممارسة التمرينات الرياضية أو تمرينات التصوف والتأمل. كما يفيد العلاج النفسي في فهْم أسباب الأرق، والعمل على حلها. أما إعطاء عقاقير مهدئة للحصول على النوم، فيحمل خطر التعود والإدمان. لذا يجب أن تكون تحت إشراف الطبيب النفسي.
أقسام وأعراض الأرق
تنقسم مظاهر الأرق إلى مظاهر ليلية، وأخرى نهارية.
أولاً: المظاهر الليلية للأرق:
صعوبة في الغفو والنوم. الاستيقاظ المتعدد في الليل، دون سبب ظاهر. الاستيقاظ الصباحي المبكر.
ويمكن ملاحظة الشعور بخفة النوم عند بعض الناس، أو شدة في الحساسية للضجيج أثناء الليل، والاستيقاظ في ساعة محددة أو الحديث عن ليال بيضاء لم تغمض فيها العين.
ثانياً: المظاهر النهارية للأرق:
من أهمها النُعاس والإحساس بالإرهاق والتعب أثناء النهار، والصعوبة في العمل، وفي التركيز، والنرفزة والإثارة، والقلق من هموم النوم عند إقبال الليل.
مدة الأرق
يخضع زمن الأرق لعدة عوامل مختلفة، دفعت بأكثر من اتجاه إلى تصنيفه على أساس طول مدته، وإن كان هذا التصنيف شكلياً، إلا أنه يُسهل التعامل مع ظاهرة الأرق، ويوضح الإجراءات الواجب اتباعها في مختلف الحالات:
1. الأرق العابر
وهو الأرق الذي يدوم ليلة أو ليلتين. ويُعرف بحالة نقص النوم الناتجة عن وضع استثنائي عابر، يمر به الشخص مثل: قلق الامتحانات عند الطلبة، النوم في القطار، السفر بين بلدان بعيدة. وهذا الأرق طبيعي، إذ يزول تلقائياً، ويمكن التعويض عن النوم في الليالي اللاحقة.
2. الأرق الانتقالي
وهو الذي لا يتجاوز مدته 3 أسابيع، وينجم غالباً عن ظروف عائلية أو مهنية أو معاشية صعبة، أو تعديل وضع المحيط أو تغيير في نظام العمل. ومن ثم فهناك جملة العوامل الانفعالية الاستثنائية التي تمس توازن النوم ـ اليقظة ولذلك فإن هذا الأرق يرتبط بالألم كالتهابات الفم أو الأسنان والخُناق والقرحة والروماتيزم.
3. الأرق المستمر
ويُطلق عليه أيضاً الأرق المزمن ( متأصل أو زمني). وفي هذا النوع يتم تعزيز الهشاشة الانتقالية في توازن النوم ـ اليقظة، باستمرار العوامل المسببة، أو دخول عوامل جديدة صعبة تُعزز استمرارية الاضطراب. وقد لوحظ أن لتمديد فترة اليقظة في آخر مراحل النمو، دوراً مُهماً في تعزيز حالة التعب والقلق، ويُلاحظ تعزيز هذه الحالة في وضعين محددين:
الأول: هو التمثيل الجسمي للشدة والقلق النفسي.
الثاني: وجود عوامل مشاركة أخرى.
ومن عوامل استمرارية القلق وإزمانه، وقوعه في فترة شدة يمر بها الإنسان، حيث يظهر الأرق في حالات الإفراط في رد الفعل على الشدة، والانطواء على المشكلات.
ومن جهة ثانية، يمكن أن يتطور نقص النوم نتيجة نشوء آلية ذاتية مُعززة للأرق، حتى عند تراجع عامل الشدة، حيث في هذه الحالة يتركز القلق في مشكلة نقص النوم، بشكل يجعل من الفكر المتواصل في المشكلات، السبب الأساسي لاستمرار الأرق. وفي هذه الحالة يتطلب الأمر عدم الوقوع في سهولة الخلط مع الأمراض النفسية المترافقة بالأرق، حيث من الممكن تخطيها بوسائل العلاج الطبيعية الخاصة بالأرق النفس ـ جسمي.
ويحدث الأرق أيضاً في العديد من الإصابات، التي تمس الجملة العصبية المركزية، المرتبطة بانتظام النوم ـ اليقظة. كما أن الأرق ينجم عن الإدمان، وخاصة عند استعمال الأدوية المنومة التي تخلق حالة اعتياد وتطلب مزيداً من الدواء.
هذا فضلاً عن العلاقة بين الكحول والأرق. فالكحول عامل إضعاف للنوم بشكل عام. فالمعتادون الكحول يعانون، عند الانقطاع المفاجئ عنه، أرقاً متميزاً، يتصف بنوم استثنائي خاص (يمتاز باستمرار الشد العضلي)، ويحتاج الرجوع إلى النوم الطبيعي عدة أسابيع.
علاج الأرق
يعتمد العلاج على شخصية المُعالج ووضعه النفسي، كما يعتمد على قواعد الصحة للنوم وعلى اختيار أنسب التقنيات المساعدة، وفقاً لوضع المصاب ومحيطه وإمكانياته المادية وقدرته العملية على متابعة اقتراحات الطبيب.
1. القواعد الصحية للنوم
لكل عنصر مكانه في النوم: الفرد، محيطه، ومكان النوم.
بالنسبة للفرد، فذلك يشمل حياته اليومية، بتفاصيلها، بحيث يؤخذ في الاعتبار وجبة العشاء وطبيعة الغذاء، القهوة والشاي، وقت العشاء وعلاقته بساعة النوم، الهدوء العائلي والشخصي أو المشكلات العائلية، السهر أمام التليفزيون، أو الشعائر على اختلافها، انتظام وقت النوم واليقظة، والتأهب النفسي للنوم، ..الخ.
بالنسبة للمحيط وتأثيره، فإن هناك ارتباطاً للأرق بالعديد من الحالات الاجتماعية والعاطفية، وحيث تؤثر هذه العلاقات تأثيراً كبيراً على قلة النوم، مثل فقدان قريب أو صديق. وبينما يُعد مكان النوم الجيد والهادئ من العوامل المساعدة على النوم كما تساعد الظلمة على الاستراحة والهدوء.
2. التقنيات المساعدة
وهي عديدة تعتمد على العلاج بالمنومات، التي زاد استخدامها في المجتمعات الصناعية.
3. المعالجة النفسية بالاسترخاء Relaxation
تُستخدم في حالات الأرق النفس ـ جسمي، والمتابعة المنتظمة تُعطي نتائج ممتازة. وهي وسيلة منتشرة في الغرب، وتؤدي دون طبيب. وهذه الوسيلة لم تأخذ مكانها في العالم العربي.
4. المعالجة المائية
للماء فعل مزدوج، فهو مريح ومخفف للألم. لذلك يُنصح برش الماء مساءاً على العمود الفقري بحرارة مقبولة وفي حال توافر أحواض في الحمامات، فإن الركون في الحوض المملوء بالماء الفاتر لمدة 10 ـ 15 دقيقة قبل النوم يُساعد كثيراً في حالات الأرق.
5. المعالجة بالأعشاب
من الأعشاب التي تساعد على الراحة والنوم، المليسة، الشبث، الناردين، خزامة (لاوندة)، قويضة (قويسة)، الشوفان (فرطال) والزيزفون.
وعادة تستخدم 30 ـ 40جرام من هذه الأعشاب في اللتر، وتؤخذ نصف ساعة قبل الطعام أو بعد ساعتين منه، على أن يكون العشاء مبكراً.
المصادر والمراجع
حامد عبدالسلام زهران، "قاموس علم النفس"، مطبوعات الشعب، 1972. عبدالمنعم الحفني، "موسوعة علم النفس والتحليل النفسي"، مطبعة مدبولي، القاهرة، ط 4 ، 1994. هيثم مناع، "عالم النوم".
|
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75523 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: " الموسوعة المصغّرة للمصطلحات النفسية " 1 الخميس 16 يونيو 2016, 11:40 pm | |
| الاستجابة
الاستجابة
الاستجابة[1] Response هي السلوك الذي يأتيه إنسان كرد فعل[2] لمثير[3] ما. وقد تكون الاستجابة مجرد تغييرات جسمانية، مثل الانفعال عند رؤية منظر مخيف. وقد يكون سلوكاً بسيطاً كحركة الجسم، أو سلوكاً مُعقداً، مثل إعادة ترتيب البيئة المحيطة بالإنسان (كحجرته أو مسكنه). وكثيراً ما ترتبط استجابة معينة بمثير معين، مثل خوف مريض الرهاب من الأماكن المرتفعة. ونشأة هذا الخوف، يتم عند الارتباط، في ذهن الشخص، بين الخوف وتلك الأماكن، إما بصورة مباشرة، كالسقوط منها ذات مرة، أو مشاهدة من سقط منها، أو أنها ارتبطت بالخوف من شيء آخر، حدث متزامناً مع الوجود في مكان مرتفع، مثل مشاهدة جريمة قتل فيها، وجريمة القتل، هنا، هي المثير المخيف. ولكن نظراً إلى أنه وقع مرتبطاً بالمكان المرتفع، فإن الخوف انتقل، كشحنة انفعالية، لترتبط بالمكان المرتفع. ثم تم نسيان الارتباط بين المثيرين (جريمة القتل والمكان المرتفع)، وبقى الخوف من الأماكن العالية، كاستجابة مَرضية، تعوقه عن الوجود فيها، فيتجنبها من شدة الخوف الذي ينتابه.
ويُلاحظ أن الطفل، يضع إصبعه في فمه، تلقائياً Spontaneous أي ذاتي أو عفوي، ومن دون قصد منه، في أول مرة، فيعطيه ذلك شعوراً بالراحة أو الأمان، كبديل من ثدي الأم. فيُكرر ذلك، ليحصل على الشعور نفسه. وهي استجابة تلقائية، يتعلم الطفل منها، أن وضع إصبعه في فمه يُطمئنه. وهي آلية مهمة في تعلم الإنسان. وقد تكون الاستجابة بسيطة، في صورة فعل منعكس بسيط Simple, Direct (مُفرد / سهل / أو واضح)، على مستوى منخفض من الأداء العصبي والدماغي، وربما تكون الاستجابة مُعقدة، وتتطلب مستوى من التفكير والقدرة على الحكم على الأمور، وهذا يعتمد على نضج الجهاز العصبي وسلامة الدماغ. وهذا النضج يتحقق مع تقدم سن الطفل. ويُلاحظ ذلك في عملية التبول. فالطفل الرضيع، في عامه الأول، عندما تمتلئ مثانته، تحدث إثارة (تنبيه) لجدران المثانة. وينتقل هذا التنبيه إلى الحبل الشوكي، بوساطة الأعصاب. فيُعطي الحبل الشوكي أمراً بالاستجابة البسيطة، لإفراغ المثانة، من دون النظر إلى أي ظروف خارجية، ومن دون فهْم للواقع. فيتبول الطفل في ملابسه، وقد يُبلل من يحمله. أما عندما يكبر الطفل، ويُصبح جهازه العصبي أكثر نضجاً، فإن امتلاء المثانة، يُنبه جدرانها، وينتقل هذا التنبيه إلى النخاع الشوكي، فيُرسل، بدوره، إشارة إلى المخ، الذي تنبع منه الرغبة في التبول. فإذا كانت الظروف غير مناسبة للتبول، فإن قشرة المخ ترسل إشارات عصبية، تثبط جدران المثانة، وتزيد من مرونتها، لتحمل كمية البول الموجودة في المثانة وما يزيد من بول، حتى تصبح الظروف مناسبة للتبول. وهنا، كانت الاستجابة معقدة. وبمنع عملية التبول حتى تتهيأ الظروف، يأخذ الشخص في البحث عن مكان مناسب للتبول. وحتى يتم العثور على المكان المناسب، ويتم إفراغ المثانة، تكون الاستجابة الكاملة لامتلاء المثانة كمثير. وهكذا يمكِن أن تتعقد الاستجابة، وتستغرق وقتاً لتتحقق، كرد فعل للمثير. وكلما حقق الإنسان نضجاً نفسياً وحضارياً، تعقدت استجاباته، وأصبح يحسب حسابها، قبْل أن ينفذها. إنه السعي على بصيرة وحكمة، وعلو عن بدائية الكائنات الأولية.
[1] الاستجابة Response عملية عضوية (عضلية) أو غددية يثيرها مثير أو تمثل سلوكاً مضمراً أو صريحاً، والاستجابة تعبير عام، وهو من أكثر التعابير شيوعاً في علم النفس.
[2] رد الفعل Reaction ويُعرف بالرجع أو رجع الفعل أو الارتكاس.
[3] المثير Stimulus ويُعرف بالمنبه. وهو إما عادي بالنسبة لعضو الحس المستقبل، وعندئذ يُعرف بأنه كافٍ، وإذا لم يكن عادياً سمي `غير كافٍ`. وهو إما خارجي يأتي من البيئة عن طريق الحس، وإما داخلي يأتي من داخل الكائن. وهو دافع فطري. والمثيرات (أو ما تُعرف بالمنبهات)، تزيد التوتر وتُحدث الألم، الذي يتخلص منه عند الإفراغ، عند استشعار الراحة، أو عند تحقيق الواقع.
المصادر والمراجع
حامد عبدالسلام زهران، "قاموس علم النفس"، مطبوعات الشعب، 1972. عبدالمنعم الحفني، "موسوعة علم النفس والتحليل النفسي"، مطبعة مدبولي، القاهرة، ط 4 ، 1994.
|
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75523 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: " الموسوعة المصغّرة للمصطلحات النفسية " 1 الخميس 16 يونيو 2016, 11:42 pm | |
| الاسترخاء
1. تعريف الاسترخاء[1]
الاسترخاء Relaxation حالة من توقف النشاط العضلي والذهني، طلباً للراحة. وكلما استطاع الإنسان أن يُوقف كل أنشطته العضلية، لتسترخي العضلات تماماً، ولا يكون فيها أي درجة من الانقباض أو التوتر، حقق شعوراً أكثر بالراحة الجسمانية. وعندما يستطيع الإنسان أن يبعد تماماً عن عقله كل الأفكار، ويتجنب كل الانفعالات والمشاعر الباعثة على التوتر العصبي، فإنه يُحقق الاسترخاء الذهني. ويُلاحظ أنه يصعب الفصل بين الاسترخاء الجسماني والذهني. فعندما ينشغل الذهن بأفكار معيّنة باعثة على الانفعال، فإن هذا ينعكس على العضلات، التي تتوتر طبقاً لدرجة الانفعال. وكثيراً ما نشاهد شخصاً، يرقد في سريره، محاولاً الاسترخاء البدني، ولكنه لا يُحققه، بسبب نشاط عقله، الذي يؤرقه ويقلقه، ويحدث له درجة من التوتر في صورة انقباض طفيف للعضلات، مصحوب بحركات عضلية لا تكاد ترى في أجزاء كثيرة من جسمه، مثل جبهته وعضلات عينيه. كما أن معدل نبضات قلبه مرتفع مقارنة بحالة الاسترخاء، وكذلك ضغط الدم ودرجة الحرارة. وأما التنفس، فغير منتظم، وضيق المدى، لا تتمدد فيه الرئتان إلى أقصى مدى، إلا في تنهدات متفرقة.
وكثيرون ممن يدخنون، لجأوا إلى التدخين، أول الأمر، لتقليل التوتر، فساعدهم التدخين أن يتنفسوا بصورة طبيعية، يملأون فيها رئاتهم، ثم يُخرجون الهواء ببطء، فتُحقق لهم الاسترخاء إلى درجة ما، فظنوا أن التدخين هو الذي يُحدث ذلك، ولكن تنظيم التنفس، هو الذي قلّل توترهم.
والأمثل أن يأتي الاسترخاء من الداخل إلى الخارج، أي أن يهدأ ذهن الإنسان (أي نشاطه العقلي) وانفعالاته، فتتوقف الشحنات الكهربائية في أعصابه الطرفية، فترتخي العضلات تماماً، وتحدث حالة الاسترخاء. ولكن يكون الذهن، أحياناً، مشغولاً، والإنسان في حاجة إلى راحة. ولذا، ابتكرت تمرينات للاسترخاء، يتعلم خلالها الشخص كيف يرخي عضلاته الإرادية، وصولاً إلى هدوء مماثل في الأحشاء الداخلية، آملاً أن تهدأ الانفعالات. وهذا استرخاء من الخارج إلى الداخل، يمكن اكتسابه بعد فترة من التدريب، وله فنيات عديدة، ومتخصصون يعملون به.
ومن الملاحظ أننا نعيش عصراً، يزيد فيه التفكير ونشاط العقل، إذ اتسعت المعارف والأنشطة الذهنية اتساعاً شاسعاً، وتقدمت الآلة، وأصبحت تقوم بأغلب الأنشطة البدنية. فالمشي، مثلاً، قامت به السيارة نيابة عنا. وكذلك صعود السلم، كفانا إياه المصعد. وترتب على ذلك نقص الطاقة البدنية المبذولة، مقارنة بالعصور السابقة. وهو ما جعل العضلات لا تخرج جميع طاقتها وشحنتها، فتظل فيها شحنة كهربائية لا تسمح للعضلات بالاسترخاء التام، وهو ما نعرفه بالتوتر البدني. ويحتاج هذا إلى إخراج تلك الشحنة في العضلات، بالمجهود البدني في صورة مشي أو ممارسة رياضة بدنية. ويُلاحظ أن العامل، الذي يبذل طاقة بدنية عالية في عمله، يسترخي وينام ملء جفنيه، مقارنة بالموظف الجالس إلى مكتب، يعمل عقله، من دون جسده. فكلما أخرجنا الطاقة البدنية، استطعنا الاسترخاء أفضل، وهذه أهمية ممارسة الأنشطة الرياضية والمشي، في عصرنا الحالي.
[1] الاسترخاء أو التراخي Relaxation هو حالة انفعالية تتسم بالتوافق النسبي بين مكونات الشخصية والواقع الخارجي. وتُمثل حالة من النشوة بدرجة أو أخرى، عندما يتحرر الفرد من التوتر.
2. الاسترخاء والعلاج النفسي
وهناك ما يعرف بمبدأ الاسترخاء Relaxation Principle وهو وسيلة يُلجأ إليها عند التحليل النفسي في علاج الأمراض النفسية، ليجعل المريض على سجيته ويحس المريض كما لو كان يُخاطب نفسه. ويستخدم مبدأ الاسترخاء في علاج اضطرابات الكلام والتوتر العضلي. ويُعد الاسترخاء العضلي طريقة من طرق علاج التلعثم. ومن مظاهره التلجلج أو التهتهة أو ما تُعرف أيضاً باللجلجة Spasmophemia or Stuttering وهي عبارة عن التردد في المقطع، حتى لا يكاد يخرج من الفم. وهناك أيضاً العلاج بالاسترخاء Relaxation Therapy، ويقوم على تعليم المريض كيف يسترخي، بافتراض أن الاسترخاء العضلي يُقلل من التوتر النفسي.
3. الاسترخاء ووقت الفراغ
يرتبط وقت الفراغ بالاسترخاء والاستجمام والراحة. وعند ذلك يحدث الاسترخاء الإيجابي بعمل أي شيء يأتي بطبيعته خلال وقت الفراغ مثل تنسيق حديقة المنزل أو التنزه. أو يكون الاسترخاء سلبياً حيث يمضي الوقت فيما لا يُفيد الجسم أو العقل.
والاسترخاء في حد ذاته يُريح الأعصاب، ومن ثم فهو وسيلة التخلص من التوتر والقلق وشغل وقت الفراغ بدلاً من الإطراق والسرحان وشرود الذّهن.
المصادر والمراجع
حامد عبدالسلام زهران، "التوجيه والإرشاد النفسي"، عالم الكتب، القاهرة، ط2، 1980.
|
|
| |
| " الموسوعة المصغّرة للمصطلحات النفسية " 1 | |
|