منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 " الموسوعة المصغّرة للمصطلحات النفسية " 6

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75822
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

" الموسوعة المصغّرة للمصطلحات النفسية " 6 Empty
مُساهمةموضوع: " الموسوعة المصغّرة للمصطلحات النفسية " 6   " الموسوعة المصغّرة للمصطلحات النفسية " 6 Emptyالجمعة 17 يونيو 2016, 12:01 am

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75822
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

" الموسوعة المصغّرة للمصطلحات النفسية " 6 Empty
مُساهمةموضوع: رد: " الموسوعة المصغّرة للمصطلحات النفسية " 6   " الموسوعة المصغّرة للمصطلحات النفسية " 6 Emptyالسبت 18 يونيو 2016, 5:15 pm

التعلّم



       

التعلّم

عند ملاحظة سلوك الحيوانات، نجد أن كثيراً من التغيرات تطرأ عليه. فالقطة تتعلم كيف تصيد الفئران، والثعلب يتعلم كيف يختبأ من الأعداء، والكلب يتعلم كيف يحرس المكان. والمتأمل لسلوك الإنسان وتصرفاته يجد أنه يتغير، فالطفل يتعلم الامتصاص والرضاعة ثم تناول الطعام، ويتعلم الزحف ثم المشي والجري وركوب الدراجة، ويتعلم الكتابة والقراءة.

وتتضمن المظاهر السلوكية السابقة نوعين من التغيرات، إحداهما ترجع إلى النضج، مثل الزحف والمشي؛ والثانية ترجع إلى عملية الاكتساب والتعلم، مثل تعلم ركوب الدراجة والكتابة والقراءة.

ويلعب التعلم دوراً بالغ الأهمية في تحديد سلوك الكائنات الحية المختلفة، إذ يؤدي إلى اكتساب العديد من المظاهر السلوكية الجديدة، مثل ركوب الدراجة، وطرق التفكير وأساليب حل المشكلات، والميل نحو أمور وموضوعات معينة بدرجات متفاوتة. ويساعد التعلم الكائنات على تعديل أساليبها السلوكية، بما يحقق لها البقاء والاستمرار. فلكل حيوان أسلوبه في الدفاع عن نفسه الذي يتلاءم مع بيئته، والذي يعدله تبعاً لما يطرأ على تلك البيئة من تغيرات. ويتعلم الإنسان طرق التعامل مع الآخرين، حتى يستطيع التوافق معهم والعيش في أمان؛ بل إنه يتعلم بعض الأساليب المَرَضية غير السوّية في التعامل، مثل استخدام التبرير عند فشله في تحقيق أمر ما، أو إسقاط عدم توفيقه على الآخرين المحيطين، أو الخوف المبالغ فيه مما لا يثير الخوف، كالخوف المفرط من الأماكن المرتفعة أو المغلقة وغيرها. وبالتعلم يكتسب الإنسان ثقافة مجتمعة، بل ويكتسب "إنسانيته" من خلال عمليات التطبيع والتنشئة الاجتماعية.

أولاً: تعريف التعلم

للتعلم تعريفات عديدة، ولكن أكثرها شيوعاً أن "التعلم تغير شبه دائم في سلوك الكائن الحي، نتيجة للخبرة والممارسة والتدريب". ويتضمن هذا التعريف عدة عناصر، منها:

1.  التعلم تغير، أي انتقال السلوك من حالة إلى أخرى، من الجهل بالقراءة إلى تعلم كيفية القراءة، ومن المشي إلى ركوب الدراجة، ومن عدم الخوف من مثير ما إلى الخوف منه والابتعاد عنه.

2.  التعلم تغير شبه دائم، أي أنه عرضة للتقدم والتطور، مثل زيادة الحصيلة اللفظية للمتعلم، وعرضة للتدهور، مثل نسيان لغة أجنبية سبق للفرد تعلمها.

ويختلف التغير شبه الدائم عن التغيرات التي تحدث نتيجة لعوامل عارضة، كالتعب أو الإجهاد أو تناول عقاقير وأدوية معينة. فالتغيرات العارضة لا تتمتع بدرجة من الدوام، بل تزول بزوال المؤثر. كما أنها لا تُكتسب أو تحدث نتيجة للممارسة والتدريب.

3.  إذا كان التعلم تغير شبه دائم فليس معناه أنه يكون دائماً للأفضل؛ فبعض التغيرات تكون للأفضل، مثل تحسين وتطوير قدرة الفرد على الكتابة والقراءة وتعلم اللغة؛ ولكن بعض التغيرات قد تكون للأسوأ، مثل التعلم الخاطئ للكتابة على الآلة الكاتبة والحاسب الآلي.

4.  يتكون السلوك من جوانب أو مقومات ثلاث: معرفية ومهارية (حركية) ووجدانية. فالكتابة على الحاسوب تتضمن جانب معرفي، هو معرفة القراءة وحروف الحاسوب... إلخ، وجانب مهاري أو حركي، يتمثل في حركة الأصابع وحركة العين والتآزر بينهما، وجانب وجداني، مثل الارتياح أو عدم الارتياح لاستخدام الحاسوب.

ومعنى هذا أن التعلم كتغير في السلوك، يتضمن تغيرات معرفية وحركية ووجدانية. فمن التغيرات المعرفية تعلم طرق التفكير واكتساب المفاهيم، ومن التغيرات الحركية تعلم المهارات الحركية المختلفة، ومن التغيرات الوجدانية تعلم الاتجاهات والميول. إلا أن التعلم المعرفي والوجداني والحركي لا يجب أن ينسينا أن السلوك وحدة كلية تتضمن الجوانب الثلاثة.

5.  لا يحدث التعلم في كل المظاهر السلوكية؛ فالإرجاع العصبية والأفعال المنعكسة، التي يولد الإنسان مزوداً بها، لا تُعَد سلوكاً متعلماً. فكل الأفراد يستطيعون التنفس منذ ميلادهم، وكذا يحركون جفونهم دون تعلم. وقد أمكن تعديل بعض الأفعال المنعكسة الفطرية باستخدام إجراءات تجريبية معينة؛ فسيلان اللعاب –مثلاً- كفعل منعكس طبيعي أو فطري، يُستثار نتيجة لوضع الطعام في الفم، أمكن تعديله بحيث يُستثار لسماع جرس أو رؤية أو توقع وصول الطعام.

6.  يحدث التعلّم نتيجة للخبرة والممارسة والتدريب. والخبرة هي كل ما يؤثر على الإنسان ويؤدي به إلى الوعي بذلك المثير؛ فلسعة النار للإنسان تجعله على وعي بخاصية الاحتراق، ومن ثَم، يكتسب خبرة خاصة بذلك. أما الممارسة، فهي نوع من الخبرة المنتظمة نسبياً، أي أنها تكرار حدوث الاستجابات نفسها، أو ما يشابهها في مواقف بيئية منتظمة نسبياً، مثل ممارسة الكتابة تحت إشراف المعلم. أما التدريب أو التمرين، فهو أكثر صور الخبرة تنظيماً، ويتمثل في سلسلة منظمة من المواقف التي يتعرض لها الفرد، مثل التدريب المنظم على استخدام الحاسوب في التوصل إلى المواقع الإلكترونية.

7.  لا يُلاحظ التعلم مباشرة، بل يُستدل عليه من آثاره ونتائجه، فعند القول إن التلميذ تعلم الحساب، فإننا نراه ينطق أو يكتب الأعداد، ومنها نستدل على حدوث التعلم. وعند القول إن شخصاً ما يخاف ويرتعد إذا وُضع في مكان مغلق بشكل زائد عن الحد، فإننا نستدل من ذلك على حدوث تعلم الخوف خوفاً مرضياً من الأماكن المغلقة.

8.  التعلم لا يقتصر على الإنسان فقط، بل تتعلم الحيوانات العديد من المظاهر السلوكية. فحيوانات السيرك تتعلم أداء حركات لم تكن تعرفها، بل وتعلمت الأميبا ـ حيوان وحيد الخلية ـ أن تختار حبيبات النشا من بين ذرات الرمل التي قُدمت لها. فقد قدم المجرب للأميبا النشا لتتغذى عليها حتى تعودت على تناول ذلك النوع من الطعام، ثم قدم لها النشا بين ذرات الرمل فاستطاعت التمييز بينها.

وينبغي الإشارة إلى اختلاف تعلم الإنسان عن تعلم الحيوان. فقدرة الإنسان على التعلم تفوق قدرة الحيوان كماً وكيفاً، كذلك يستخدم الإنسان تفكيره المجرد وعملياته العقلية العليا في عمليات التعلم. أما تعلم الحيوان فيكون آلياً. وتختلف دوافع الإنسان للتعلم عن دوافع الحيوان؛ فدوافع الحيوان تكون في الغالب دوافع فسيولوجية بيولوجية، أما دوافع الإنسان فقد تكون فسيولوجية، ولكنها تكون اجتماعية بدرجة كبيرة، كدافع الكفاءة والمنافسة والإنجاز.

9.  لا يقتصر التعلم على الأفراد، بل يشمل الجماعات أيضاً. فالجماعات تكتسب اتجاهات ومهارات ومعارف جديدة؛ فالمجندون، مثلاً، يتعلمون كجماعة عدداً من العادات المرتبطة بالأداء القتالي والانضباطي. وجماعات المراهقين يكونون لأنفسهم ثقافة خاصة بهم، أي مجموعة من الاتجاهات والعادات والمعايير والقيم، التي تميزهم عن غيرهم. وعندما تتعرض المجتمعات للأزمات والحروب أو الاحتكاك والغزو الثقافي، فإنها تغير من أساليب حياتها وتكتسب عادات ومظاهر سلوكية جديدة، تساعدها على البقاء والاستمرار.

10. قد يكون التعلم مقصوداً أو غير مقصود. ويحدث التعلم المقصود عندما تُحدد أهدافه، وتعد مواقفه، وتتوافر الشروط اللازمة لحدوثه. أما التعلم غير المقصود، فيحدث دون أن يكون هدفاً أساسياً مقصوداً نسعى للوصول إليه. فعند تهيئة المواقف اللازمة لتعلم طفل الحروف الهجائية، فإن التغير الحادث لدى المتعلم يكون تغيراً مقصوداً. ولكن إذا تعلم الطفل أثناء تعلمه كتابة الحروف، النظافة والنظام، فإن ذلك يُعَد تعلماً غير مقصود؛ لأنه لم يكن الهدف الأساسي لعملية التعلم.

ثانياً: قياس التعلم

تُستخدم مقاييس متعددة لقياس التعلم بصوره المختلفة (المعرفي والوجداني والحركي). ومن المقاييس التي تُستخدم في هذا الصدد:

1.  السرعة: وتظهر في اختصار الزمن اللازم لإنهاء العمل، مثل سرعة الحفظ أو سرعة تعلم ركوب الدراجة.

2.  الدقة: ويُقصد بها نقص الاستجابات العشوائية وثبات الاستجابات الصحيحة، مثل الدقة في التصويب نحو شبكة الكرة. وتُعَد الدقة دالة لنقص الأخطاء التي كان يقع فيها المتعلم، مثل نقص الأخطاء أثناء الكتابة على الآلة الكاتبة نتيجة للتدريب.

3.  المهارة: ويُقصد بها السرعة والدقة في أداء العمل، مع التكيف السريع للتغيرات الطارئة. فالسائق الماهر لا يستغرق وقتاً طويلاً لإدارة السيارة، ولا يرتكب أخطاء عديدة أثناء القيادة. ويستطيع التكيف السريع للتغيرات، التي تحدث فجأة في الطرق.

4.  عدد المحاولات اللازمة للتعلم: ويُقصد بها عدد المحاولات التي يقوم بها المتعلم حتى يحدث التعلم، مثل حاجة الشخص إلى قراءة مقطوعة شعرية 30 مرة لحفظها، بينما يحتاج شخص آخر إلى عشر محاولات فقط.

5.  تكرار أو احتمال ظهور الاستجابة: مثل زيادة احتمال ظهور الاستجابة الصحيحة لتصويب الكرة نحو المرمى أثناء اللعب.

6.  التعرف: ويتطلب عرض سلسلة من عناصر مُهمَّة التعلم، ثم إجراء اختبار لاحق تُعرض فيه تلك العناصر مختلطة مع عناصر أخرى لم يسبق عرضها في موقف التعلم، ويُطلب من المفحوص تحديد أي عناصر السلسلة الجديدة سبق عرضه. مثل عرض اسم مدينة بالوجه القبلي ضمن مدن بالوجه البحري، ويُطلب من المفحوص تحديد تلك المدينة (وذلك بعد دراسة المدن بالوجهين).

7.  الاستدعاء والاسترجاع: ويتطلب من المفحوص إعادة إنتاج الاستجابة، التي سبق له اكتسابها، مثل تسميع المتعلم لقطعة الشعر السابق له حفظها بالترتيب نفسه (استدعاء تسلسل موجه)، أو ذكر أسماء الأدباء الذين أسهموا في النهضة الأدبية في فترة معينة من دون ترتيب معين (استدعاء حر).

وقد وضعت كل نظرية، من النظريات التي حاولت تفسير التعلم، عدداً من وسائل وطرق قياس التغيرات الحادثة في السلوك، كدالة للتعلم.

ثالثاً: شروط التعلم

ثمة مجموعة من الشروط العامة الواجب توافرها حتى يتم التعلم، وهي:

1. النضج

ويُقصد بالنضج التغيرات البيولوجية الداخلية لدى الكائن الحي، بحيث تجعله قادراً على التعلم، مثل نضج الحبال الصوتية حتى يتعلم الطفل الكلام، ونضج العضلات الدقيقة بالأصابع حتى يتعلم الكتابة. والنضج عملية منتظمة تسير في مراحل محددة تؤثر السابقة في اللاحقة. كما أنه عملية مستمرة طوال حياة الشخص.

إذا كان التعلم تغير في السلوك، وأن النضج يؤدي –بالمثل- إلى تغير في السلوك، فما الفرق بينهما؟ وما العلاقة بينهما؟

أ. الفرق بين النضج والتعلم

·   النضج مشترك عام بين جميع أفراد النوع، خلافاً للتعلم؛ فجميع الأطفال –مثلاً- يمشون في سن معينة ويتعلمون القفز في سن معينة؛ ولكنهم لا يتعلمون جميعهم، بالضرورة، لغتين في وقت واحد.

·   ترجع تغيرات النضج أساساً إلى الوراثة، ثم البيئة. أما تغيرات التعلم فترجع إلى البيئة أساساً، وتتحكم الوراثة في أقصى مدى للتعلم يمكن للكائن الوصول إليه.

ب. علاقة النضج بالتعلم

·   لا يستطيع الفرد اكتساب القدرة على أداء عمل معين، إن لم يكن قد حقق المستوى المناسب من النضج. فلا يمكن للطفل أن يتعلم المشي قبل أن يكون قد تعلم الحبو والوقوف بمساعدة غيره. ويُستخدم مصطلح الاستعداد النمائي للإشارة إلى هذه العلاقة؛ فالاستعداد لتعلم القراءة يكون بين السادسة والسادسة والنصف، وليس قبل ذلك.

ويترتب على هذا أن المهارات التي تعتمد على أنماط السلوك الناضجة، يسهل تعلمها أكثر من غيرها؛ فالكلمات الأولى التي ينطق بها الطفل (بابا ـ ماما ـ دادا) هي كلمات تتناسب مع مناغاته الطبيعية.

ويترتب على هذه العلاقة، أيضاً، نتيجة أخرى هي أن الكائن كلما كان أكثر نضجاً، أحرز مقداراً أكبر من التعلم. أما التدريب المبكر الذي يتلقاه المتعلم قبل بلوغه مستوى النضج المناسب، فقد يحدث آثاراً ضارة في السلوك إذا صاحبه إحباط.

·   النضج وحده غير كافٍ بنفسه لحدوث التعلم، إذ لا بد من وجود فرص الممارسة المناسبة. فإذا كان النضج يحدد إمكانية أداء سلوك معين، فإن الممارسة هي التي تساعد على ظهوره وإبرازه وتطويره وتعديله. فطفل السابعة لا يستطيع تعلم الكتابة والقراءة معتمداً على النضج فقط، بل لا بد من الممارسة والتدريب لاكتساب هذه المهارات. وطفل الثالثة لا يستطيع تعلم الكلام والحديث إذا عاش منعزلاً عن الناس، ولم يتلقَ فرصاً للتدريب والممارسة.

·   بينت الدراسات وجود فترة معينة أثناء النمو تُعرف بـ"الفترة الحرجة للنمو"، وهي الفترة التي يكون التدريب قبلها أو بعدها ذا فائدة ضعيفة أو قليلة، وأحياناً ضارة؛ بينما يحقق التدريب أثناء هذه الفترة أفضل النتائج. فالستة الشهور الأولى من عمر الطفل تمثل الفترة الحرجة في نمو الطفل نمواً طبيعياً، وتمتد الفترة الحرجة للنمو اللغوي حتى العاشرة من العمر؛ بينما تكون نهاية فترة المراهقة هي الفترة الحرجة لاكتساب الاتجاهات، وهي الفترة الحرجة نفسها لتكوين الضمير.

ويترتب على هذا أن معدل النضج يظل موحداً على الرغم من الاختلافات في ظروف التعلم. فقد دُرب أحد توأمين متماثلين على صعود السلم أثناء فترة الحبو، وعندما أتقن تعلم ذلك كان التوأم الآخر قد بلغ مستوى مناسب من النضج لصعود السلم. وعندما دُرب الثاني تعلم صعود السلم بسرعة أكثر من الأول ومن دون إحباطات كثيرة، كما حدث للأول.

2. الممارسة

تتضح، من التعريف السابق للتعلم، أهمية الممارسة ودورها في تغيير أداء الفرد وتعديله. إن التعلم لا يحدث إلا بالممارسة؛ ولكن كل ممارسة لا تكون تعلماً بالضرورة إذ إن:

التعلم = ممارسة + تغير في الأداء

التكرار = ممارسة – تغير في الأداء

وللممارسة أهميتها في إظهار التغير في الأداء، فلولا الممارسة لما أمكن الحكم على حدوث التعلم وقياسه. فمن يدعي معرفة السّباحة ينزل إلى الماء "المياه تكذب الغطاس".

وللممارسة أهميتها في تثبيت المادة المُتَعلَمة؛ فتكرار قراءة القصيدة يساعد على تثبيتها وبلوغها الحد اللازم للحفظ، أي لتثبيتها في الذاكرة.

كما تساعد الممارسة على زيادة الفهم ووضوح الفكر؛ فتكرار قراءة مسألة الحساب يساعد على فهم مكوناتها والعلاقة بين تلك المكونات.

ولكي تحقق الممارسة دورها في إحداث التعلم لابد من الدافعية والتوجيه والتعزيز:

تعلم = ممارسة + دافعية

تعلم = ممارسة + تعزيز للاستجابات المكتسبة

تعلم = ممارسة + توجيه صحيح للاستجابات الجديدة

وللممارسة عدة صور، فقد تكون مركزة أو موزعة، كلية أو جزئية. فعند حفظ قصيدة من عشرة أبيات فإننا نحفظها في فترة زمنية متصلة (ممارسة مركزة). أما إذا كانت القصيدة مكونة من 30 بيتاً، فإننا نحفظها في فترات زمنية منفصلة بينها فترات للراحة (ممارسة موزعة). وعندما نريد تعلم قيادة الدراجة، فإننا نتعلم المهارة كلها كوحدة واحدة (ممارسة كلية)، أما إذا أردنا تعلم قيادة الطائرة فإننا نتعلم المهارة موزعة على أجزاء (ممارسة جزئية).

3. الدافعية

يُجمع عدد من التعريفات على أن الدافعية حالات داخلية (فسيولوجية أو نفسية) وقوى كامنة، تدفع الكائن الحي ليسلك سلوكاً معيناً في اتجاه معين.

وتختلف الدافعية عن الأهداف والمحفزات؛ فالأهداف هي ما نسعى إلى بلوغه، فإذا وصلنا إليها تحقق إشباع الدافع. فالوصول إلى الطعام هدف يسعى الجائع إلى بلوغه، فإذا حصل عليه أشبع دافع الجوع. والمحفزات أشياء أو معنويات موجودة في المواقف تحرك الفرد وتساعده في تحقيق هدفه؛ فإذا كان هدف الطالب هو النجاح (لإشباع دافع التقدير)، فإن التقدير المرتفع أو الجائزة تُعَد من المحفزات، على بذل مزيد من الجهد لتحقيق النجاح.

وترجع وظيفة الدافعية إلى أنها تستثير الكائن الحي وتنشطه، ذلك أن الدافع الذي يبغي الإشباع يؤدي إلى اختلال الاتزان لدى الفرد، ما يولد لديه توتراً يحركه ويستثير نشاطه. فعندما ينقص الماء داخل الجسم يختل اتزان الفرد على نحو يدفعه إلى البحث عن الماء. والدافع يوجه الكائن لاختيار أوجه النشاط التي تساعد في إشباعه؛ فالعطشان يبحث عن الماء ولا يبحث عن الطعام. ومن يسعى للاحتماء والانتماء إلى الجماعة يعمل على تمثل أهدافها والتفاعل البناء مع أعضائها. ومعنى ذلك أن الدوافع تملي على الفرد أن يستجيب لموقف معين دون غيره. ومن وظائف الدافعية، أيضاً، أنها تدعم الاستجابة أو النشاط الذي أدى إلى إشباع الدافع؛ فالسلوك الذي قام به الكائن وأدى إلى إشباع جوعه، يجعل الكائن يميل إلى تكراره كلّما شعر بالجوع.

وللدوافع نوعان أساسيان: دوافع بيولوجية فطرية يولد الإنسان والحيوان مزودَين بها، مثل الجوع والعطش والراحة والجنس. ودوافع اجتماعية يكتسبها الإنسان ويتعلمها أثناء تفاعله الاجتماعي، مثل الحاجة إلى الإنجاز والتقدير وحب الاستطلاع. والدوافع الفطرية ذات أهمية في المحافظة على حياة الكائن واستمرار النوع، أما الدوافع الاجتماعية فهي ذات أهمية في توافق الإنسان مع جماعته. والدوافع البيولوجية غير قابلة للتعديل في ذاتها؛ ولكن طريقة إشباعها هي التي تُعدل. أما الدوافع الاجتماعية فقابلة للتعديل، وكذا طرق إشباعها. والدوافع البيولوجية عامة بين البشر ويشترك فيها مع الحيوان، أما الدوافع الاجتماعية فهي خاصة بالإنسان وحده.

وقد حاول علماء النفس وضع تنظيم خاص للدوافع يبيّن العلاقة بينها. فعلى سبيل المثال، وضع إبراهام ماسلو تنظيماً هرمياً للدوافع، جعل في قاعدته الحاجات البيولوجية أو حاجات البقاء، التي إذا أُشبعت شعر الفرد بالأمان، ومن ثَم، يرتقي الهرم إلى الحاجة للأمان، ثم التقدير... وهكذا حتى يصل إلى قمته وهي الحاجة إلى تحقيق الذات. ويمثل تحقيق الذات حاجة عند الفرد تدفعه إلى أن يكون منفتحاً على الخبرات وليس دفاعياً، وأن يحب الآخرين والذات دون الاستسلام للعدوان، وأن يسلك على نحو مقبول اجتماعياً وطيب أخلاقياً، وأن يعبّر عن استقلاله الذاتي وقدرته على الابتكار، وأن يكون مستكشفاً وتلقائياً في تعامله مع البيئة.

 




المصادر والمراجع

1.      حسين عبدالعزيز الدريني، "في المدخل إلى علم النفس"، دار الفكر العربي، القاهرة، 1983.

2.      فؤاد أبو حطب، أمال صادق، "علم النفس التربوي"، مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة، 2000.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75822
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

" الموسوعة المصغّرة للمصطلحات النفسية " 6 Empty
مُساهمةموضوع: رد: " الموسوعة المصغّرة للمصطلحات النفسية " 6   " الموسوعة المصغّرة للمصطلحات النفسية " 6 Emptyالسبت 18 يونيو 2016, 5:16 pm

الذكاءات


       

الذكاءات

للذكاء أهميته الخاصة في حياة كل إنسان؛ فهناك علاقة قوية بين الذكاء والتحصيل الدراسي والنجاح الأكاديمي؛ فكلمّا زاد الذكاء ازداد التحصيل، وحقق الفرد نجاحاً دراسياً متميزاً. وثمة علاقة قوية بين الذكاء والنمو الأكاديمي أثناء الدراسة الرسمية وبعد انتهائها. فالمتخلفون عقلياً ينخفض تحصيلهم عن أقرانهم من العمر نفسه، ويكون تقدمهم الأكاديمي أبطأ من متوسطي الذكاء أو الأذكياء. ويتفاوت هذا البطء تبعاً لدرجة التخلف العقلي؛ فكلما زاد التخلف كان البطء أكبر.

وللذكاء أهميته في التوجيه التربوي والمهني؛ بمعنى توجيه الفرد للدراسة التي تتناسب مع مستوى ذكائه وإعداده للالتحاق بها، ثم نجاحه فيها. وكل هذا تمهيد للالتحاق بالمهنة التي تتناسب مع مستوى ذكائه. فذووا الدرجات المنخفضة في الذكاء يصلحون للأعمال غير الخطرة الآمنة، التي تتميز بالآلية ولا تحتاج إلى تفكير خالص وإدراك للعلاقات. وهذا على خلاف مرتفعي الذكاء. كذلك، بينت الدراسات وجود علاقة بين الذكاء العملي ومستوى الخبرة والأداء.

وللذكاء دوره في الصحة النفسية للأفراد؛ فالأكثر ذكاءً يكون –عادة- أكثر قدرة على التكيف مع المواقف المختلفة، وأكثر قدرة على فهم وتفسير سلوك الآخرين. كما يكون أكثر قدرة على حل ما يواجهه من مشكلات. وقد وجد أن من عوامل انحراف الأحداث انخفاض نسبة الذكاء. وثمة نوع من الذكاء يسمى "الذكاء الانفعالي" أو "الوجداني" يتضمن عدة مكونات، منها: إدراك المشاعر والتعبير عنها، واستخدام المشاعر للتأثير في عمليات التفكير، وفهم الفرد واستبصاره بالعلاقات بين أنواع المشاعر المختلفة، وتنظيم ومراقبة وضبط الانفعالات. ولهذه المكونات دورها في التعامل الاجتماعي والتوافق الشخصي. وللذكاء الوجداني دوره في العمليات النفسية؛ فبعض المرضى النفسيين تنقصهم مهارات الذكاء الوجداني، مثل ضعف إدراك تعبيرات الوجه وتوقع ردور الأفعال الانفعالية.

وللذكاء أهميته للمجتمعات؛ لأنه يمثل أغلى عناصر الثروة. فالأمة التي تستثمر ذكاء أبنائها تزيد إنتاجيتها وثقافتها، والأمة التي تعمل على تنمية ذكاء أبنائها تتقدم في ركب الحضارة والتفوق. وقد بينت الدراسات تزايد نسبة الذكاء من جيل إلى آخر، وذلك نتيجة لتفاعل العوامل البيولوجية، مع العوامل البيئية والثقافية.

أولاً: تعريف الذكاء

حاول أحد العلماء حصر تعريفات الذكاء، فتوصل إلى ما يزيد عن 5000 تعريف. لذلك وُضع تصنيف لبعض تعريفات الذكاء يتضمن أربع فئات:

النوع الأول:  يهتم التعريف بتكيف الفرد أو توافقه مع البيئة، مثل تعريف الذكاء بأنه: "القدرة على التكيف بنجاح مع ما يستجد في الحياة".

النوع الثاني: الذكاء هو القدرة على التعلم، مثل تعريف الذكاء بأنه: "القدرة على اكتساب الخبرات والإفادة منها".

النوع الثالث: يُعرف الذكاء بأنه: "القدرة على التفكير المجرد".

النوع الرابع: وهذا النوع من التعريفات أكثر اتساعاً في نظرته للذكاء من الأنواع السابقة، ومن أمثلته تعريف الذكاء بأنه: "القدرة الكلية لدى الفرد على التصرف الهادف، والتفكير المنطقي، والتعامل المُجدي مع البيئة".

وإذا كان هربرت سبنسر هو أول من استخدم مصطلح الذكاء، فإنه قد عرّف الذكاء بأنه: "القدرة على الربط بين خبرات عديدة منفصلة".

ومن التعريفات الحديثة للذكاء تعريف سترنبرج بأنه: "القدرة على تحليل وتقييم الأفكار وحل المشكلات، والقدرة على إنتاج أفكار جديدة والاستخدام غير التقليدي للأفكار القديمة، وقدرة الفرد على المواءمة بين قدراته وحاجاته، من ناحية، وبين متطلبات البيئة، من ناحية أخرى".

والسؤال: لِمَ اختلفت تعريفات الذكاء وتعددت إلى هذا الحد؟

يرجع ذلك إلى عوامل متعددة، منها:

1.  أن الذكاء لا يُدرَك مباشرة؛ إنه كالكهرباء لا ندركها مباشرة بل بآثارها، مثل الإضاءة وحركة المروحة. كذلك الذكاء لا يُدرَك إلا من طريق آثاره ونتائجه، التي تبدو في التحصيل الدراسي والتوافق الشخصي والاجتماعي، أو إدراك للعلاقات وخاصة المجردة... إلخ.

2.  اختلاف اهتمامات العلماء في النظر إلى الذكاء؛ فمن العلماء من اهتم ببنية الذكاء، ومنهم من اهتم بالعمليات المعرفية للذكاء، ومنهم من اهتم بالعمليات البيولوجية للذكاء، ومنهم من اهتم بمعيشة الإنسان في حياته اليومية. وقد يرجع ذلك الاختلاف إلى التوجهات والأهداف، التي يسعى إليها العلماء: هل هي توجهات نظرية، أم توجهات عملية تطبيقية في المجال التربوي والصناعي والعسكري والسياسي؟

3.  تأثر مظاهر السلوك التي تُعبر عن الذكاء بالسياق الاجتماعي الثقافي وبتاريخ النشأة والنمو. فلقد رأت سيكولوجية الملكات في العصور الوسطى أن الذكاء إحدى ملكات العقل. وعندما تقدمت الإحصاء في العصر الحديث، تعددت النظرة للذكاء؛ فمن العلماء من عدّه قدرة عقلية عامة تشترك بنسب مختلفة في سائر القدرات، ومنهم من عدّه إحدى القدرات في بنية العقل. وفي السبعينيات من القرن الماضي، رأت نظرية المعلومات أن الإنسان مخلوق عاقل مفكر باحث عن المعلومات، ومجهز لها ومبتكر فيها. وأن العملية الأولية لتناول وتجهيز المعلومات هي الوحدة التي يمكن أن يحلل إليها النشاط العقلي المعرفي للإنسان، والذي يُعَد محصلة لمجموعة من العمليات الأولية البسيطة. وهي عمليات أولية لا يمكن تحليلها إلى عمليات أبسط منها في إطار مهام محددة. وكثيراً ما استُخدمت هذه التصورات برامج الحاسب الآلي كنموذج لفهم الإنسان وتناوله للمعلومات.

4.  اختلاف النظرة إلى دور الوراثة والبيئة في الذكاء. فمن العلماء من رأى أن الوراثة هي المحدد الأساسي للذكاء، والدليل على ذلك تشابه نسب ذكاء التوائم المتماثلة بدرجة تفوق تشابه نسب ذكاء التوائم الأخوية، وتشابه نسب ذكاء الأخوة الأشقاء بدرجة تفوق نسب ذكاء الأخوة غير الأشقاء. ومن العلماء من رأى أن البيئة هي المحدد الأساسي للذكاء، والدليل على ذلك أثر التخلف الثقافي على نقص ذكاء الأطفال. ومن العلماء من رأى أن تفاعل الوراثة مع البيئة هو المحدد الأساسي للذكاء؛ والدليل على ذلك الاختلاف القليل في نسب ذكاء التوائم المتماثلة، إذا ما رُبي كل واحد منهما منفصلاً عن الأخر في بيئة مختلفة.

5.  تفاوت مدى اتساع السلوك الذي يدخل في الذكاء؛ فالمجال الأكاديمي يتضمن الأنماط السلوكية التي تظهر في العمل المدرسي. والمجال الاجتماعي يتضمن الأنماط السلوكية التي تظهر في التفاعل الاجتماعي. والمجال الشخصي يتضمن الأنماط السلوكية الخاصة بتقدير الذات وفهمها... إلخ. وقد أدى ذلك إلى تنوع الذكاءات.

ثانياً: أنواع الذكاءات

يحفل التراث النفسي بالعديد من النظريات التي حاولت تفسير الذكاء؛ منها من عَدّ الذكاء أحادياً، أي أن له مكوناً واحداً هو العامل العام، الذي يدخل بدرجات متفاوتة في سائر قدرات العقل البشري وأداءاته. ومنهم من عَدّ الذكاء متعدد المكونات، أي يتضمن مكوناً لفظياً وآخر عملياً، إضافة إلى مكون أعم هو السّابق الإشارة إليه على أنه العامل العام.

فإذا انتقلنا إلى أنواع الذكاءات، نجد، أيضاً، تعدد وجهات النظر. ولعل أولى المحاولات هي ما أشار إليه ثورنديك من أن العمليات العقلية تكون نتيجة لعمل الجهاز العصبي. وقد فسّر الذكاء على أساس الوصلات العصبية بين المثير والاستجابة. ويترتب على ذلك أن كل أداء عقلي هو عنصر مستقل عن غيره من العناصر؛ لأن الوصلات العصبية اللازمة لأداء عمل عقلي معين تختلف عمّا يتطلبه أداء عمل عقلي آخر. وبناءً على ذلك، اقترح أنواعاً ثلاثة للذكاء، استناداً إلى نوع الوصلات العصبية:

1.  الوصلات العصبية الخاصة بمعالجة الألفاظ والرموز، تكَوِّن الذكاء المجرد.

2.  الوصلات العصبية الخاصة بمعالجة الأشياء والمواد العيانية، تكَوِّن الذكاء الميكانيكي.

3.  الوصلات العصبية الخاصة بالقدرة على فهم وإدراك العلاقات الاجتماعية والتعامل بفاعلية مع الآخرين، تكَوِّن الذكاء الاجتماعي.

قدم كاتل نموذجاً هرمياً للذكاء على قمته عامل عام. ويوجد في المستوى الثاني نوعين من الذكاء، هما: الذكاء المتبلور، والذكاء السائل. والذكاء المتبلور هو الذكاء اللفظي، الذي ينتُج عن التربية وتراكم المعلومات والمهارات في ثقافة معينة. أما الذكاء السائل، فهو ذكاء مجرد متصل بعمليات التفكير الأساسية، بصرف النظر عن المعلومات المكتسبة من خلال الثقافة.

ووفقاً لنظرية سترنبرج، توجد ثلاثة أنواع مختلفة من الذكاء، هي: الذكاء التحليلي، والذكاء الإبداعي، والذكاء العملي.

1.  الذكاء التحليلي: ويتضمن القدرة على تحليل وتقييم الأفكار وحل المشكلات.

2.  الذكاء الإبداعي: ويتضمن القدرة على التعامل مع المواقف والمثيرات الجديدة بشكل توافقي، يؤدي إلى حل مشكلة قديمة، أو إلى إنتاج منتج إبداعي جديد.

3.  الذكاء العملي: ويتضمن القدرة على فهم وتحليل المواقف في الحياة اليومية والاستفادة منها، وهو قدرة الفرد على المواءمة بين قدراته وحاجاته، من ناحية، وبين متطلبات البيئة، من ناحية أخرى، وعلى تشكيل بيئته بما يحقق له التكيف.

ووفقاً للنموذج الرباعي للعمليات المعرفية، الذي وضعه فؤاد أبو حطب، فإن للذكاء ثلاثة أنواع:

1.  الذكاء الموضوعي: هو في جوهره عمليات التعامل مع المعلومات المحايدة من النوع المادي، الذي ينتمي إلى العالم المادي الخارجي، والذي تتخذ صوره الأشياء (الحقيقية أو التمثيلية أو المصورة) والرموز.

2.  الذكاء الاجتماعي: هو إدراك العلاقات بين الأشخاص. ويشمل الإدراك الاجتماعي، وإدراك الأشخاص، وكل المواد والرموز التي تستخدم اجتماعياً. ويتضمن المعايشة والتعاطف والتفاعل المتبادل.

3.  الذكاء الشخصي: ويُقصد به حسن المطابقة بين التقرير الذاتي للمفحوص عن عالمه الداخلي، ومحكات موضوعية مرتبطة تقبل الملاحظة الخارجية.

ويرجع فؤاد أبو حطب إلى السؤال التقليدي: "هل في العقل الإنساني من العمليات والوظائف ما يؤدي إلى وحدته وتآزره وتكامله؟" ويُجيب على ذلك بأن هناك قدرة تُعد أعلى القدرات هي "الحكمة"، وهي القدرة التي تتوازن عندها جوانب المعرفة والوجداني والفعل في السلوك الإنساني، من ناحية، وهي القدر المشترك بين الذكاء الموضوعي والاجتماعي والشخصي، من ناحية أخرى.

وفي وقت لاحق على وضع فؤاد أبو حطب لنموذجه الرباعي للعمليات المعرفية، وتحديده لأنواع الذكاء الثلاثة، أصدر جاردنر كتابه "أطر العقل"؛ ثم أصدر عدة كتب ومقالات تضمنت أنواعاً متعددة للذكاء:

1.  الذكاء اللغوي: وهو تمكُّن الفرد من اللغة واستخدامها شفوياً وتحريرياً. ويُعد الشعراء والأدباء والخطباء مثالاً واضحاً للذكاء اللغوي، وكذلك المحامين والمعلمين.

ويظهر الذكاء اللغوي في تناول اللغة ومعالجتها، والتعامل مع أصوات اللغة، والمعاني، واستخدام اللغة في الشرح والتوضيح والإقناع، وتذوق القوائم اللفظية المختلفة، كالأشعار والقوافي، وتذوق اللغة عموماً.

2.  الذكاء الرياضي المنطقي: وهو القدرة على الاستدلال الاستقرائي والاستنباطي وحل المشكلات المجردة وفهم العلاقات المعقدة. ويرتفع هذا الذكاء لدى المحاسبين ومبرمجي الكمبيوتر وعلماء الرياضيات.

ويظهر الذكاء الرياضي المنطقي في استعمال الأرقام والرموز، وإدراك العلاقات المنطقية، أو الوصول إلى الاستدلالات بسرعة، والقدرة على التصنيف، والتعميم، ووضع الفروض والتخطيط لاختبارها.

3.  الذكاء البصري المكاني: وهو القدرة على إدراك العالم البصري والتصور المكاني. ويتضمن إعادة تكوين الخبرات البصرية. ويرتفع هذا الذكاء لدى المهندسين والرسامين.

ويظهر هذا الذكاء في القدرة على إدراك الخطوط والأشكال والألوان والعلاقات المكانية، وتمثيل البيانات بصرياً ومكانياً، والقدرة على التوجه السليم في المكان.

4.  الذكاء الجسمي الحركي: وهو القدرة على الاستثمار الأمثل لجسد الفرد في التعبير عن المشاعر والأفكار. ويتضمن مهارات فيزيقية، كالتآزر والتوازن والسرعة والمرونة والإحساس بحركة الجسم بهدف الوصول إلى حل مشكلة ما، أو صنع شيء ما. ويرتفع هذا النوع من الذكاء لدى الرياضي والراقص والممثل والجراح.

ويظهر هذا الذكاء في السيطرة على أجزاء الجسم لأداء حركة ما، أو لمعالجة شيء ما، والإحساس بحركة الجسم ووضعه.

5.  الذكاء الموسيقي: وهو القدرة على إدراك الصّيغ الموسيقية والإيقاع، والتفكير في الموسيقى، والتفاعل ببراعة ومهارة مع القوالب الموسيقية. ويرتفع هذا النوع من الذكاء لدى الناقد والملحن والمؤلف الموسيقي والعازف.

ويظهر هذا الذكاء في الإحساس بجودة الصوت وباتجاهه، وتأليف النغمات، وفهم البناء الموسيقي، والحساسية للإيقاع واللحن.

6.  الذكاء الاجتماعي: وهو القدرة على فهم وإدراك تصرفات الآخرين، والحساسية للتغيرات الطفيفة في أمزجتهم ومقاصدهم ودوافعهم ومشاعرهم، والتمييز بينها والقدرة على الاستجابة بفاعلية لتلك المؤشرات. ويرتفع هذا الذكاء لدى الأخصائيين الاجتماعيين والمرشدين النفسيين والمدرسين.

ويظهر هذا الذكاء في تقييم الأفراد تقييماً دقيقاً فعّالاً، وفي فهم الحالات المزاجية للآخرين ومشاعرهم، والقدرة على قراءة تعبيرات الوجه، والقدرة على حل مشاكل الآخرين.

7.  الذكاء الشخصي: وهو القدرة على فهم الذات ومعرفتها، وما لدى الفرد من إمكانات حتى يمكنه التصرف في ضوئها. وهو، كذلك، القدرة على فهم المشاعر الذاتية والتصرف الذي يتناسب مع تلك المعرفة.

ويظهر هذا الذكاء في تكوين الفرد لصورة دقيقة عن نواحي قوته وضعفه، والوعي بالمزاج الشخصي والدوافع الذاتية، والقدرة على تأديب الذات وتقديرها، والثقة في فهم الفرد لذاته، والقدرة على تكوين أهداف واقعية والتخطيط لتحقيقها، في ضوء إمكانيات الفرد.

8.  الذكاء الطبيعي: وهو القدرة على فهم وتقدير العالم الطبيعي والبيئة حولنا، والاستمتاع بالطبيعة والتأثير الإيجابي على النفس، والإحساس بالسعادة عند التعامل مع الكائنات الطبيعية، والتعامل الفعّال مع البيئة. ويرتفع هذا الذكاء لدى علماء البيئة والجغرافيين وعلماء النبات والحيوان.

ويظهر هذا الذكاء في قدرة التعرّف على عناصر الطبيعة، وتصنيف الأشياء فيها، وفضلاً عن فهم الطبيعة وتقديرها والتواصل معها والإحساس والاستمتاع بها.

9.  الذكاء الوجودي أو الميتافيزيقي: وهو القدرة على التأمل ووضع أسئلة حول الحياة والموت، والقدرة على معالجة الأسئلة التي تتعلق بالوجود الإنساني. ويرتفع هذا الذكاء لدى الفلاسفة وعلماء الدين.

ويظهر هذا الذكاء في القدرة على التأمل والقدرة على وضع أسئلة خاصة بالوجود.

وثمة نوع آخر أشار إليه جاردنر هو الذكاء الروحي، إلاّ أنه يحتاج إلى المزيد من الدراسة. ويتضمن مجموعة من القدرات والاستعدادات، التي تمكِّن الفرد من حل المشاكل وتحقيق الأهداف في حياته اليومية. ومن أمثلة تلك القدرات: القدرة على التسامي والوعي الروحي، والحساسية لما هو مقدس، واستخدام المصادر الروحية في مواجهة مشاكل الحياة اليومية.

تعقيب

يتضح من العرض السابق تعدد أنواع الذكاء، وهنا يُثار السؤال الآتي: ما العوامل التي أدت إلى هذا التعدد؟

سبق عند تعريف الذكاء التعرض إلى بعض العوامل، التي أدت إلى تعدد التعريفات، وهي نفسها تسهم، أيضاً، في تعدد أنواع الذكاء. وثمة مجموعة أخرى من العوامل، منها:

·   تعدد الأنشطة والأداءات والمظاهر الدالة على الذكاء، وفي الوقت نفسه عجز الاختبارات عن الإحاطة بجميع تلك المظاهر وما يكمن وراءها من قدرات؛ فكل اختبار يقيس مظهراً معيناً، أو عدة مظاهر للذكاء؛ ولكنه لا يقيس "كل" مظاهر الذكاء.

·   تراكم المعلومات عن دراسة الذكاء، سواء من الناحية البيولوجية أو العقلية أو الثقافية. هذا التراكم جاء نتيجة عديد من الدراسات التي استخدمت مناهج متعددة، كالاستبطان أو القياس السيكومتري، واعتمدت على وسائل وأساليب متعددة، كالاختبارات أو الملاحظات الإكلينيكية. يُضاف إلى تراكم المعلومات، تطور أساليب ووسائل التحليل العلمي والإحصائي لنتائج الدراسات.

·   مع الانفجار المعرفي الهائل، الذي يتعرض له الإنسان، لم تعد المشكلة هي معرفة المعلومة أو كيفية الوصول إليها؛ بل أصبحت المشكلة هي كيفية التفاعل معها بشكل إيجابي. وأدى هذا إلى إبراز أهمية فهم عمليات التفكير والذكاء، حتى يمكن الوقوف على كيفية التعامل بشكل إيجابي مع المعلومات.

·   وضع الذكاء في إطار الشخصية، فالشخصية تنظيمان: تنظيم معرفي، يتضمن العمليات العقلية والمعرفية التي تساعد الإنسان على إدراك العالم وفهمه وتفسيره؛ وتنظيم وجداني يتضمن السمات الوجدانية في الشخصية، التي تساعد الإنسان على التعامل الناجح مع البيئة، وعلى تحقيق التوافق الشخصي والاجتماعي. والسؤال الذي يُثار في هذا الصدد: هل يُدرس الذكاء بمعزل عن بقية مكونات الشخصية؟ أو يدرس بحكم انتمائه للجانب العقلي المعرفي في الشخصية؟ أم لا يُعزل بحكم تفاعله مع بقية مكونات الشخصية بتنظيميها وبتفاعله مع الجهاز الحركي بالجسم؟

·   زيادة الاعتراف بالفروق الفردية داخل الفرد. فلو أمكن رسم لوحة لذكاءات الفرد، لوُجد أن بعضاً من هذه الذكاءات يرتفع وبعضها ينخفض، بحيث يُصبح لكل فرد لوحة خاصة تميزه. وحتى يمكن الوصول إلى فهم أشمل لكل فرد على حدة، تعددت أنواع الذكاء.

ووفقاً لنظرية جاردنر، تكون الذكاءات مستقلة نسبياً ولكل منها طبيعتها المميزة للتعامل مع المشكلات والوصول إلى النتائج. كما أشار إلى أنها نادراً ما تعمل منعزلة، فكل فرد لديه درجات متفاوتة من كل الذكاءات، ولكن تتنوع طرق اندماجها واختلاطها بتنوع الأفراد.






المصادر والمراجع

1.      إيناس العشري، "أثر برنامج مقترح لتنمية الذكاء الطبيعي لدى عينة من أطفال ما قبل المدرسة"، رسالة دكتوراه، غير منشورة، كلية التربية، جامعة طنطا، 2005.

2.      جابر عبدالحميد جابر، "الذكاء ومقاييسه"، دار النهضة العربية، القاهرة، ط10، 1997.

3.      جابر عبدالحميد جابر، "الذكاءات المتعددة والفهم"، دار الفكر العربي، القاهرة، 2003.

4.      سيلفر وسترونج، "تكامل الذكاءات المتعددة وأساليب التعلم"، ترجمة مراد علي عيسى سعد، وليد السيد خليفة، دار الوفاء لدنيا الطباعة والنشر، الإسكندرية، 2006.

5.      فؤاد أبو حطب، "القدرات العقلية"، مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة، ط5، 1996.

6.      محمد طه، "الذكاء الإنساني"، عالم المعرفة (330)، الكويت، 2006.



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75822
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

" الموسوعة المصغّرة للمصطلحات النفسية " 6 Empty
مُساهمةموضوع: رد: " الموسوعة المصغّرة للمصطلحات النفسية " 6   " الموسوعة المصغّرة للمصطلحات النفسية " 6 Emptyالسبت 18 يونيو 2016, 5:17 pm

التفكير العلمي



       

التفكير العلمي

للتفكير العلمي أهميته للأفراد والمجتمعات. فقد أصبح الإنسان يعيش في عالم يتميز بالانفجار المعرفي، والتسارع في إنتاج المعلومات، والتزايد في الوصول إلى المكتشفات. من هنا، يكون التفكير العلمي إحدى الوسائل ـ إن لم يكن أهمها ـ للتعامل مع التغيرات المعاصرة والثورة المعرفية العارمة؛ لأنه أسلوب للبحث في الكون والأحداث، وطريقة للتوصل إلى المعارف واستخدامها.

يساعد التفكير العلمي الإنسان على تقديم الأدلة والبراهين على صحة آرائه ورؤياه. فباستخدامه للملاحظة والتحليل والتجريب يستطيع أن يثبت ـ أو يرفض ـ واقعة معينة، ويكَوِّن رأيه تجاهها بحيث يكون رأيه مبنياً على أدلة وبراهين علمية، يمكن التحقق منها وإثباتها.

وباستخدام التفكير العلمي يصل الإنسان إلى العوامل التي تسهم في إحداث ظاهرة معينة، والعوامل المصاحبة لها أثناء حدوثها. وهذا من شأنه أن يساعد على التنبؤ بالظاهرة قبل حدوثها بدرجة عالية من الاحتمال. فعند تعرض الشخص للإصابة بضربة شمس –مثلاً- سيدرك دور التعرض للشمس ومدة التعرض لها في إصابته. كما سيدرك أن التغذية والإرهاق ونقص المياه عوامل أخرى تسهم في الإصابة بضربة الشمس، وسيدرك أن ارتفاع حرارة الجو، بصفة عامة، ونقص حركة الهواء، كانت عوامل مصاحبة للتعرض للشمس والإصابة بضربة الشمس. بناءً على هذا يتنبأ أنه إذا تعرض للشمس في ظل ظروف معينة (خاصة بالحرارة ـ ومدة التعرض ... إلخ) فإنه سيُصاب بضربة شمس. لذلك فالتفكير العلمي يساعد الإنسان على التحكم في بيئته، على نحو يحقق له حياة أفضل.

يسهم التفكير العلمي في مساعدة الفرد على إدراك المشكلات والعمل على حلها، بناءً على إدراك عناصر الموقف والعلاقات بينها، والوقوف على نواحي الخلل والضعف، التي أدت إلى إيجاد المشكلة. ويقوده ذلك إلى وضع مجموعة من الاحتمالات، التي تساعده على فهم المشكلة، من ناحية، وعلى حلها، من ناحية أخرى.

وعلى كلٍ، فالتفكير العلمي هو طريق الوصول للمكتشفات والمخترعات، وهو منهج يكتشف نواحي القصور في الحياة ويعمل على علاجها، ومن ثَم، يسهم في تقدم المجتمعات وتنمية الشعوب.

أولاً: تعريف التفكير العلمي

قبل تعريف "التفكير العلمي" ينبغي الوقوف على معنى "التفكير" ومعنى "العلم.

التفكير نشاط رمزي يستمر دون علاقات مباشرة بالمثيرات الخارجية، أو هو مجرى من المعاني التي تُثار في الذهن، عندما يواجه الإنسان مشكلة ما، أو يريد القيام بعمل معين. ويشمل التفكير كل أنواع النشاط العقلي أو السلوك المعرفي، الذي يتميز باستخدام الرموز التي تمثل الأشياء والأحداث، أي أنه يعني معالجة الأشياء والأحداث من طريق الكلمات والمفاهيم والصور العقلية، بدلاً من معالجتها من طريق النشاط الفعلي أو من طريق النشاط العياني المباشر. والتفكير عملية عقلية معرفية، تتضمن انعكاس العلاقات والروابط بين الظاهرات أو الأشياء، أو الأحداث في وعي الإنسان.

يتصف التفكير بعدة خصائص: فهو نشاط خفي لا يُدرك مباشرة، بل يُستدل عليه من طريق آثاره، كالحديث أو حل مسألة في الرياضيات... إلخ. وأن التفكير ينطلق من الخبرة الحسية الحية؛ ولكنه لا ينحصر فيها ولا يقتصر عليها، إذ يوظف كلاً من الخبرات الجديدة المستمدة من الواقع، وما استقر في الذهن من معلومات، عن الظواهر والعلاقات بينها. ولذلك يكون التفكير انعكاساً للعلاقات والروابط بين الظواهر والأحداث والأشياء في شكل لفظي أو رمزي. ويستخدم التفكير الرموز، مثل الصور الذهنية، والمعاني والألفاظ، والأرقام، والذكريات، والإشارات، والتعبيرات والإيماءات، والرموز التي تحل محل الأشياء، والأشخاص، والمواقف، والأحداث المختلفة التي يفكر فيها الشخص، تحقيقاً لهدف معين.

أما العلم فيتصف بعدة خصائص؛ فقد يُنظر إليه على أنه النتاج الملموس للتفكير العلمي في شكل معلومات أو معارف. وأن هذا النتاج يكون هادفاً فلا يُبتغى لذاته، ويكون منظماً بشكل معين. أي أن العلم مجموعة منظمة من المعلومات والمعارف، التي يتوصل إليها باستخدام التفكير العلمي، الذي يدور حول موضوع معين.

ومن خصائص العلم الاعتماد على إجراء التجارب، والقيام بالملاحظات الموضوعية، على نحو يؤدي إلى التوصل إلى معلومات يمكن التحقق منها بإعادة التجريب وتكرار الملاحظات، تحت الظروف أو الضوابط نفسها. ويُوصف العلم بأنه منظم، أي يسير من الملاحظة إلى المبدأ إلى الملاحظة مرة ثانية، أي يختصر ويلخص الملاحظات في مبدأ، ثم يعود ثانية للواقع لاختبار تلك الملاحظات (مثل ملاحظة تمدد النحاس والحديد... إلخ بالحرارة وانكماشها بالبرودة، ثم التوصل إلى مبدأ أن المعادن تتمدد بالحرارة وتنكمش بالبرودة، ثم العودة مرة ثانية للواقع لدراسة مدى انطباق هذا المبدأ على معادن جديدة لم يسبق دراستها في المرحلة الأولى). ويتضمن ذلك أن نتائج العلم احتمالية في ضوء تكرار إثبات ـ أو نفي ـ المبدأ (وهذا ما يُعرف بخاصية نسبية ثبات الصدق).

ومن خصائص العلم أنه يقوم على مجموعة من الفروض عن العلاقات القائمة بين الظواهر، واختبار تلك الفروض أو التحقق منها، كافتراض العلاقة بين الشعور بالجوع وعدد ساعات الحرمان من الطعام؛ أي كلما زاد عدد ساعات الحرمان من الطعام، ازداد الشعور بالجوع. هذا الفرض يمكن اختباره تجريبياً بحرمان الكائن من الطعام لعدد متفاوت من الساعات، ودراسة أثر ذلك على شعوره بالجوع. وبناءً على خاصية "الفرضية" للعلم، يُوصف العلم بأنه منطقي يستخدم أنواعاً مختلفة من الاستدلال؛ فمن الفروض يصل الباحث إلى استنتاجات، وبالتحقق من الاستنتاجات يتثبت من الفروض (أو ينفيها)؛ فإذا تثبت منها في العديد من الحالات، فحينئذٍ يستخدم الاستدلال الاستقرائي في الوصول إلى قانون عام. فمثلاً: إذا اختبر باحث الفرض السابق على طفل وشاب وشيخ ورجل وامرأة وأنواع مختلفة من الحيوانات، فبالاستدلال الاستقرائي يصل إلى قانون ينص على أنه: كلما ازداد عدد ساعات الحرمان من الطعام، زاد الشعور بالجوع (في ظل ظروف معينة كالحرارة والقوة البدنية وغيرها).

والعلم حل للمشكلات، أي يحدد المشكلة ويدرسها ليضع حلولاً مقترحة، ويختبر تلك الحلول؛ فإذا نجح أحد تلك الحلول في التغلب على المشكلة، زادت الحصيلة المعرفية للعلم. فإذا استخدمت تلك الحصيلة في نطاق التطبيق العملي، أصبحت تكنولوجيا.

والسؤال ما التفكير العلمي؟

يمكن وضع التعريف الآتي للتفكير العلمي:

"عملية عقلية إرادية رمزية منظمة، لا تُدرك مباشرة بل يُستدل عليها من آثارها، تُستثار عند مواجهة مشكلة معينة، وتنطلق من تفاعل الخبرة الحسية الحية مع الخبرات القديمة، على نحو يُمكِّن من الوصول إلى فهم وتفسير عناصر المشكلة (أو الظاهرة) ما يؤدي إلى حلها. ويعمل على معالجة البيانات من خلال عملية معرفية تقوم على تحديد للمشكلة، ووضع فروض لحلها، ثم اختبار تلك الفروض والوصول إلى نتائج، واختبار انطباق تلك النتائج على عدة أمثلة للظاهرة؛ تمهيداً لوضع مبدأ أو قانون يوصف بالاحتمالية والثبات النسبي، إلى حين ظهور ما ينفي هذا المبدأ أو القانون".

يتضمن هذا التعريف تحديداً لخصائص التفكير العلمي، بأنه:

·   عملية عقلية يمارسها الإنسان باستخدام الرموز والمعاني والصور.

·   إرادي يمكن توجيهه لدراسة موضوع معين دون آخر.

·   هادف يسعى إلى حل مشكلة ما، أو فهم وتفسير ظاهرة معينة.

·   لا يُدرك مباشرة، بل يُستدل عليه من طريق آثاره ونتائجه، مثل: جمع البيانات وتلخيصها وتحليلها ومقارنتها، والوصول إلى نتائج، أو حل للمشكلة المعروضة.

·   يعمل على توظيف للمعلومات الجديدة والمعلومات القديمة.

·   يعمل على معالجة البيانات والمعلومات، في سلسلة خطوات منتظمة.

·   يصل إلى حل المشكلة، أو تفسير للظاهرة وما يشابهها من مشكلات وظواهر، وبذلك يصل إلى مبدأ أو قاعدة عامة.

·   نتائجه احتمالية وثباته نسبي إذ تظل مبادئه أو القوانين التي يصل إليها ثابتة، طالما تصلح للتطبيق على حالات مماثلة للحالات التي دُرست؛ فإذا ظهر خلاف ذلك أُعيد النظر في المبدأ أو القانون.

كما يُوصف التفكير العلمي، أيضاً، بأنه:

·   عملية متكاملة حيث ينظر إلى الموقف المُشكل نظرة كُلية لجميع عناصره وجوانبه، ودراسة سائر احتمالاته والظروف التي تؤثر فيه.

·   تفكير مرن بعيد عن الجمود؛ فكل مراحله وخطواته قابلة للمراجعة والتحقق، بل إن النتائج قابلة للتعديل والتطوير.

·   تفكير موضوعي، أي ينصب على الموقف بعناصره وأبعاده وظروفه وشروطه، وينأى -قدر المستطاع- عن كل ما يتعلق بالذات.

وأخيراً، يُوصف التفكير العلمي بأنه منظم، أي يسير في سلسلة متتابعة ومرنة من الخطوات.

ثانياً: خطوات التفكير العلمي

1. الشعور بالمشكلة

يُستثار التفكير عندما يواجه الفرد مشكلة ما، تسبب له حيرة واضطراباً، أو ليس لها حل سابق. لنفترض أنك فتحت باب شقتك وعندما دخلت حجرة النوم وجدت الدولاب مفتوحاً وبعض قطع الملابس مبعثرة، عندئذ تتساءل: ما هذا؟ وهذا معناه أنك شعرت بمشكلة معينة أو أمر محير. ويحدث الشيء نفسه في أي قضية علمية، مثل: ملاحظة صدأ الحديد، وتعطل بعض المعدات والآلات.

2. تحديد المشكلة

تكون المشكلة في البداية غامضة، ولذلك يلجأ الشخص إلى صياغتها بوضع سؤال يحدد موضوعها الرئيسي. وفي المثال السابق يُثار السؤال: التالي "من فعل هذا؟"، ولصدأ الحديد يُثار السؤال: "ما العوامل التي أدت إلى إصابة الحديد بالصدأ؟". ولكي يصل الشخص إلى تحديد دقيق للمشكلة، فعليه أن يجمع بعض البيانات والمعلومات اللازمة.

3. وضع الفروض واختبارها

الفرض هو حل مقترح للمشكلة. وترجع قيمة الفرض إلى أنه يوحي بتفسيرات محتملة للمشكلة أو الظاهرة موضوع الدراسة، كما يوجه الباحث لجمع معلومات معينة، ثم إلى وضع هذه المعلومات في نظام معين. في المثال السابق، يضع الشخص فرضاً تلو الآخر؛ فمثلاً: يَفْترِض دخول لص إلى المنزل، فيجمع معلومات ويجري ملاحظات على الأبواب والشبابيك بالشقة، فإذا وجدها سليمة رفض هذا الفرض ليضع فرضاً آخر. فيفترض، مثلاً، دخول أحد الأهل إلى الشقة أثناء غيابه، ويستنتج منه بعض الاستنتاجات ليختبر بها صحة الفرض؛ فيتصل بالأهل ليسألهم أو يبحث في الشقة عن رسالة تركها من دخل منهم، أي يختبر صحة الفرض.

وفي مثال صدأ الحديد، قد يفترض الباحث أن صدأ الحديد يرجع إلى وجوده في الشمس، أو في درجة حرارة عالية، أو نتيجة للماء، أو نتيجة لبخار الماء الموجود في الهواء. ويأخذ الباحث في اختبار كل فرض من الفروض الأربعة بإجراء تجارب وملاحظات؛ مثلاً بتعليق قطعة حديد في الشمس، وإدخال قطعة أخرى مماثلة للقطعة الأولى في فرن حار، وغمر قطعة ثالثة مماثلة للقطعتين السابقتين في الماء، وتعليق قطعة رابعة مماثلة في الهواء. ويجري ملاحظاته ويسجلها، ثم يحللها ليصل إلى نتيجة تفسر الظاهرة المدروسة.

4. الوصول إلى مبدأ أو قاعدة

إذا أجرى الباحث التجربة نفسها عدة مرات ووصل إلى النتيجة ذاتها، فإنه يصل إلى مبدأ. فيعرف أن الحديد يصدأ بسبب تعرضه لبخار الماء الموجود في الهواء. ويظل المبدأ موضعاً للاختبار عدة مرات، حتى يصل الباحث إلى قانون يكون صدقه نسبي.

ويتضح مما سبق أن التفكير العلمي لا يقتصر استخدامه على إجراء التجارب العلمية أو المعملية، بل يستخدم، أيضاً، في حياة الأفراد لحل مشكلاتهم وتفسير ما يواجههم من ظواهر جديدة. وتجدر الإشارة إلى أن الحركة بين هذه الخطوات تكون دائمة ومستمرة؛ فمثلاً جمع المعلومات يزيد من وضوح المشكلة ويوحي بفروض جديدة، واختبار الفروض وعدم تحققها قد يقود إلى مراجعة تحديد المشكلة وإعادة صياغتها.

ثالثاً: المقومات الأساسية للتفكير العلمي

1. قواعد أساسية

·   الامبيريقية: يقوم التفكير العلمي على استخدام معطيات الخبرات الحسية، أي ما نشاهده أو نسمعه أو نلمسه أو نتذوقه أو نشمه. وهذه المعطيات هي معارف يمكن إدراكها بواسطة الآخرين، وأنها قابلة للتكرار، ويمكن التحقق منها. أي أن التفكير العلمي لا يتناول الأحداث الخرافية والقوى الغيبية، بل يتناول الأحداث الطبيعية بالدراسة والبحث.

·   ممارسة الاستدلال المنطقي: يستخدم التفكير العلمي الاستدلال المنطقي بصورتيه الاستقرائي والاستنباطي. فمن ملاحظة ودراسة عدد من الحالات، يصل الفرد أو الباحث إلى قاعدة عامة أو مبدأ عام. وهذا يمثل الاستدلال الاستقرائي.

ومن ملاحظة ودراسة العديد من قطع الحديد تحت تأثير الحرارة والبرودة، يمكن التوصل إلى أن الحديد يتمدد بالحرارة وينكمش بالبرودة. فإذا وجدت قطعة معدن جديدة لها خواص الحديد فيمكن استنتاج أن:

 

للحديد خواص أ، ب، ج

قطعة المعدن الجديدة لها الخواص نفسها

\ قطعة المعدن الجديدة تدخل ضمن الحديد

 

قطعة المعدن الجديدة تدخل ضمن الحديد

الحديد معدن يتمدد بالحرارة وينكمش بالبرودة

\ قطعة المعدن الجديدة تتمدد بالحرارة وتنكمش بالبرودة

المثالان أعلاه يترجمان كيف يُستخدم الاستدلال الاستنباطي في التفكير العلمي.

أي أن الاستدلال الاستقرائي هو الوصول إلى قاعدة عامة من عدة حالات أو أمثلة، والاستدلال الاستنباطي هو انطباق تلك القاعدة على حالة أو مثال جديد لم يدخل ضمن الدراسة.

·   التشكك أو التساؤل: يقوم التفكير العلمي على ممارسة التشكك أو التساؤل فيما لدى الشخص من معتقدات مرتبطة بالظاهرة موضوع الدراسة، وفي النتائج التي توصلت إليها دراسات سابقة. ويقود هذا التشكك إلى المزيد من الموضوعية في دراسة الظواهر، وإلى البحث عن الأسباب والأدلة المناسبة لفهم الظاهرة ودراستها، ما يضيف جديداً للعلم.

2. مهارات التفكير

هي نشاط عقلي يمارسه الفرد وبواسطته يكتسب المعلومات ويحل المشكلات ويتخذ القرارات. من هذه المهارات: الملاحظة، والتساؤل، والمقارنة، والتخيل، والتفسير، وتحديد المشكلات، والتحليل، والتصنيف، والاستنتاج، والتنبؤ، والتقييم.

ويتضمن استخدام هذه المهارات أن يتساءل الشخص: لِمَ أقوم بهذا العمل؟ ماذا سأفعل؟ متى أفعل؟ ما الأدوات اللازمة؟ كيف أفعل؟... إلخ.

3. سمات شخصية

يتصف كل من يستخدم التفكير العلمي بكفاءة بحب الاستطلاع، والنضج العقلي، والشغف لحل الألغاز، وفحص المتناقضات، والمثابرة، والموضوعية، ومرونة الفكر، والنظام، والواقعية، وقبول الاحتمالات ودراستها.

رابعاً: معوقات التفكير العلمي

1. الأخطاء المنطقية

يُقصد بها التطبيق الخاطئ للاستدلال، نتيجة للتسرع في الوصول إلى النتائج من مقدمات ومعلومات محدودة، أو التسليم بمقدمات خاطئة؛ ما يؤدي إلى الوصول إلى نتائج خاطئة. كالقول "عند رؤية القطة السوداء حدثت لي حادثة مروعة، إذاً فالقطة السوداء نذير شؤم يؤدي إلى وقوع الحوادث المروعة". أي أن تلازم واقعتين معاً (رؤية القطة في لحظة وقوع الحادث)، يؤدي إلى التسليم بالسببية بينهما، وهذا خطأ.

2. العوامل الانفعالية والوجدانية

تؤثر رغباتنا على تفكيرنا، فكثيراً ما نفسِّر الأمور والوقائع كما نرغب. ويصبح التفكير –بذلك- موجهاً بالرغبات لا الواقع والوقائع. والتفكير "الارتغابي" (أي المبني على الرغبات) لا يتقيد بالواقع، ولا يحفل بالقيود الاجتماعية والمنطقية، ويعمينا عن إدراك الحالات السلبية، ويشوه الأمور في أعيننا فنراها كما نريد لا كما هي في الواقع، ويصبغ تفكيرنا بالصبغة الذاتية غير الموضوعية.

ولسمات الشخصية تأثيرها على تفكيرنا؛ فالمستوى المناسب من القلق يؤدي إلى شحذ التفكير؛ ولكن إذا زاد القلق اضطرب التفكير. والاستعداد للمخاطرة يدفع للتفكير، ولكن إذا زادت المخاطرة واقتربت من الاندفاع اختل التفكير.

3. المعلومات الخاطئة

للمعلومات الخاطئة تأثير ضار على التفكير من ناحيتين: الأولى، إضافة خصائص غير حقيقية للفكرة، والثانية التأثير على اتجاهات الفرد على نحو يوجه تفكيره وسلوكه نحو ما يحب ويميل إليه، أو خلاف ذلك.

4. انتقاء المعلومات والاستنتاجات

يميل الشخص إلى انتقاء المعلومات التي تؤيد وجهة نظره، وإلى تجاهل المعلومات التي تناقضها. كما يميل إلى الوصول للاستنتاجات التي تتسق مع كمية المعلومات التي انتقاها ونوعها، والتي تؤكد على نجاح تنبؤاته التي بناها على هذه الاستنتاجات، وإلى تجاهل التنبؤات الخاطئة التي استمدت من هذه الاستنتاجات.

5. تقبل المعلومات دون تمحيص

إن تسليمنا وتقبلنا للآراء التي يقول بها أهل الحجة في مجالاتهم، أو الشائعة بين الناس، من دون تمحيص أو نقد، قد يفقدنا الفهم الدقيق للموضوع. ذلك أن آراءهم تكون متخصصة دقيقة وفي سياقات معينة قد لا تصلح لما نفكر فيه. إضافة إلى أثر الزمن على صلاحية الأفكار والآراء والمعلومات.



       

المصادر والمراجع

1.      حسين عبدالعزيز الدريني، "في المدخل إلى علم النفس"، دار الفكر العربي، القاهرة، 1983.

2.      سعد يسي زكي وآخرون، "التفكير العلمي: مشروع تنمية أساليب التفكير لدى الطلبة في مرحلة التعليم قبل الجامعي"، المركز القومي للامتحانات والتقويم التربوي، القاهرة (ب. ت).

3.      طلعت منصور وأخرون، "أسس علم النفس العام"، مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة، 1978.

4.      عبدالحليم محمود السيد وآخرون، "علم النفس العام"، مكتبة غريب، القاهرة، 1990.



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75822
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

" الموسوعة المصغّرة للمصطلحات النفسية " 6 Empty
مُساهمةموضوع: رد: " الموسوعة المصغّرة للمصطلحات النفسية " 6   " الموسوعة المصغّرة للمصطلحات النفسية " 6 Emptyالسبت 18 يونيو 2016, 5:19 pm

" الموسوعة المصغّرة للمصطلحات النفسية " 6 Sbullet82   القدرات العقلية



       

القدرات العقلية

زود الله الإنسان بقدرات عقلية متعددة، اختلف العلماء في تصنيفها وتحديد العلاقات بينها. ويشير ذلك إلى أهمية هذه القدرات في حياة الفرد الحالية والمستقبلية، فضلاً عن حياته المهنية والتعليمية والاجتماعية.

وللقدرات أهميتها في عملية التوجيه التربوي. ويُقصد بالتوجيه التربوي اختيار الفرد لنوع الدراسة المناسبة لقدراته وإعداده للالتحاق بها، ثم النجاح فيها، ما يساعده على تحقيق ذاته. فالقدرة الميكانيكية المرتفعة تؤهل صاحبها لدراسة الهندسة الميكانيكية بتفوق، والقدرة اللغوية العالية تؤهل صاحبها لدراسة اللغويات بتميز، والقدرة المميزة على فهم المسائل الرياضية المتميزة تؤهل صاحبها لدراسة الرياضيات والهندسة بنجاح.

وللقدرات فائدتها في مجال التوجيه المهني. ويُقصد بالتوجيه المهني عملية فنية منظمة تهدف إلى مساعدة الفرد على اختيار المهنة المناسبة له، وإعداده للالتحاق بها والنجاح فيها. كما تهدف إلى مساعدة الفرد على تنمية وتحقيق صورة متكاملة لذاته تتلاءم مع إمكانياته، وعلى أن ينمي ويتقبل الدور الذي يقوم به في عالم العمل. فالقدرة الفنية العالية تؤهل صاحبها للالتحاق والنجاح في المهن الفنية، كالفنون التشكيلية والعمارة؛ والقدرة الإدارية المرتفعة تؤدي إلى النجاح في ممارسة المهن ذات الطابع الإداري، مثل رئاسة العمال؛ والقدرة الاجتماعية المتميزة تؤهل صاحبها للتفوق في ممارسة الأعمال السياسية، والتدريس، والخدمة الاجتماعية، وخدمات الإرشاد النفسي.

وللقدرات النوعية، ومنها القدرات الابتكارية، دورها المهم في الاكتشاف والاختراع؛ إذ تتضمن الحساسية للمشكلات ووضع حلول جديدة وأصيلة لحلها. فبالقدرة الابتكارية توصل العلماء إلى تطوير الكتابة اليدوية إلى الكتابة بالآلة الكاتبة، ثم بالحاسب الآلي؛ وبالقدرة الابتكارية توصلوا إلى علاج العديد من الأمراض، بدءاًً من العلاج بالأعشاب إلى العلاج بالعقاقير والأدوية، إلى العلاج بالأشعة، إلى العلاج الجيني.

وتُعَد قدرات التفكير الناقد ذات فائدة كبيرة في التعرف على دقة الاستنتاجات وصحتها، والتمييز بين الحقيقة والخيال، وبين المعلومات المرتبطة وغير المرتبطة بالموضوع، والمقارنة بين وجهات النظر المتعارضة، ومناقشة القضايا وتقويم الحجج.

وتلعب قدرات الذكاء الاجتماعي دوراً مهماً في توافق الفرد الاجتماعي؛ لأنها تساعده على تحليل المشكلات المرتبطة بالعلاقات الاجتماعية واختيار أفضل الحلول لها، وكذلك في الوقوف على حالة المتكلم النفسية، وعلى تذكر الأسماء والوجوه، وعلى ملاحظة السلوك الإنساني والاستفادة من الخبرات المستمدة من تلك الملاحظة في فهم السلوك الإنساني، وعلى إدراك وتذوق النكات، التي تؤدي إلى المرح والمداعبة.

وإذا كانت القدرات العقلية تسهم في التفوق والإبداع والابتكار، فإن انخفاضها بشكل ملحوظ يؤدي إلى تخلف أداء الفرد وتدهوره في قطاع معين دون غيره. ويدل على ذلك أنه عند رسم مخطط نفسي (بروفيل) لقدرات شخص ما، نلاحظ ارتفاع بعض القدرات، ووقوع البعض منها في النطاق المتوسط، وانخفاض بعضها الآخر. وهذا الانخفاض من شأنه أن يفسر تعثر الفرد في ممارسة الأنشطة الدالة على تلك القدرة.

أولاً: تعريف القدرة العقلية

اختلف علماء النفس في تعريفهم للقدرة العقلية؛ فمنهم من عدّها الإمكانية أو القوة الفعلية على الأداء، ومنهم من عدّها نشاط معين، أو مجموعة من الأداءات أو الاستجابات.

ويمثل النوع الأول تعريف محمود عبدالقادر، الذي يرى أنها الإمكانية الحالية للفرد على الأداء، الذي وصل إليه من طريق التدريب أو من دونه، ومن ثَم، فإنها تمثل إمكانية الفرد حالياً فيما يمكنه القيام به من أعمال، في حالة توافر الظروف الخارجية اللازمة.

ويرى عطية محمود أنها القوة الفعلية على الأداء، التي يصل إليها الإنسان من طريق التدريب أو دونه. أي أنها هي قوة الإنسان الحالية للقيام بعمل ما، إذا توافرت الظروف الخارجية المناسبة.

ويعرّف محمد عبدالسلام أحمد القدرة بأنها المستوى الراهن من الوظيفة، سواء كان متأثراً بالتدريب أم لم يكن متأثراً به.

ويمثل النوع الثاني من التعريفات إشارة محمد عبدالسلام أحمد إلى أن القدرة تتكون من مجموعة من الاستجابات، ترتبط ارتباطاً كبيراً فيما بينها. وكذلك ما أشار إليه عطية محمود من أن مصطلح القدرة يُطلق على مجموعة من الأداءات، التي ترتبط فيما بينها ارتباطاً عالياً، سواء كانت هذه الأداءات في ميدان الدراسة أو العمل. وقد أشار فؤاد البهي السيد إلى القدرة بأنها تصنيف لنشاط العقل وتجميع له في طوائف، بحيث ترتبط كل مكوناته الطائفية ارتباطاً عالياً يبرز هذا التجمع.

إن وجود هاتين الفئتين (كنماذج) لتعريف القدرة العقلية يرجع إلى عوامل متعددة، منها:

1.  أن القدرة تكوين فرضي، نفترض وجوده لإعطاء معنى لمظاهر وأداءات متعددة. "فالغضب" تكوين فرضي لا نراه بل نرى مظاهره، مثل تغير ملامح الوجه واندفاع الدم وعلو الصوت وحدته... إلخ. كذلك "القدرة" تكوين فرضي نستشفه أو نستنتجه من أساليب الأداء، التي يمكن ملاحظتها مباشرة. فَمِن تفوق الشخص في علاج المشكلات الميكانيكية وزيادة معلوماته الميكانيكية، نستنتج وجود قدرة ميكانيكية عالية. ومِن ارتفاع الحصيلة اللفظية للفرد وقدرته وطلاقته في التعبير، نستنتج وجود قدرة لفظية عالية.

2.  تعدد مظاهر تلك القدرات، فمنها مظاهر خاصة بالأداء الميكانيكي، ومظاهر خاصة بالأداء اللغوي، ومظاهر خاصة بالأداء الرياضي أو العدد، ومظاهر خاصة بالإبداع والابتكار، ومظاهر خاصة بالنقد والتحليل، ومظاهر خاصة بالحساسية الجمالية والحكم الجمالي والتفصيل الجمالي والتذوق الجمالي، وغيرها.

3.  وجود الفروق داخل الفرد الواحد في الأداءات المختلفة، إذ لا تكون جميع أداءات الفرد على المستوى نفسه؛ فبعضها قد يرتفع، وبعضها قد يكون متوسطاً ، وبعضها قد يكون منخفضاً. ويذكر تراث علم النفس حالات تُسمى "الحكماء المعتوهين"، مثل الموسيقي الصيني البارع الذي كان ذكاؤه منخفضاً، وطفل عمره 11 عاماً كانت ذاكرته للكلمات ومهارته العددية غير عادية، بينما انخفضت نسبة ذكائه.

4.  اختلاف النظرة في علاقة القدرات العقلية بالذكاء؛ فمِن العلماء من رأى أن الذكاء عامل عام يدخل بنسب متفاوتة في القدرات العقلية المختلفة، ومنهم من رأى أن القدرات العقلية الأولية بمثابة قوالب الطوب، التي تنتظم مع بعضها لتكوين الذكاء (أو العامل العام)؛ بل يرى علماء النفس المعرفيين أن تفسير السلوك الذكي يكون بالتعرف على "العمليات" الأولية الخالية من المحتوى. أو بعبارة أخرى، يسعون إلى معرفة أي نوع من أنواع "آلات" معالجة المعلومات هي التي تؤدي للظاهرة التي نعرّفها بالتفكير. فالفرد لا يؤدي بشكل سيئ في الرياضيات، مثلاً، لأنه حصل على درجة منخفضة في اختبار "للقدرة الرياضية"، بل إن الأداء على الاختبار في حد ذاته مقياس لعمليات التفكير المسؤول عن الأداء. ومن ثَم، يظل فهم القدرات ناقصاً ما لم يتناول هذه العمليات المسؤولة عن الأداء.

5.  اختلاف النظرة إلى طبيعة القدرات العقلية ذاتها: هل هي قدرات أولية لا تنقسم إلى قدرات أبسط منها، أم تقبل الانقسام؟. رأى أناس أن القدرات الأولية تمثل اللبنات الأولى للعقل البشري، كما تمثل عناصر المادة الوحدات الرئيسية للكون المادي الذي نحيا في إطاره. وتعتمد فكرة القدرات الأولية (الطائفية) في جوهرها على تصنيف النشاط العقلي المعرفي إلى أنواع منفصلة، غير مرتبطة أو متداخلة. وبذلك تصبح العلاقة بين أي قدرتين من هذه القدرات تساوي صفر، ويتلاشى بذلك التداخل بينهما. وهكذا يختفي مفهوم الذكاء ليحل محله مفهوم جديد يؤكد المواهب العقلية المتعددة، ولا يؤكد المحصلة العامة لهذه المواهب.

إلا أن وجهة النظر الأخرى ترى أن القدرات الطائفية الأولية يمكن أن تنقسم إلى قدرات أبسط منها؛ فانقسمت القدرة الميكانيكية إلى قدرتين بسيطتين، وانقسمت القدرة العددية الأولية إلى ثلاث قدرات طائفية بسيطة.

6.  اختلاف النظرة إلى العلاقة بين القدرات المختلفة. فمن النماذج من حدد العلاقة بين القدرات المختلفة في شكل هرمي، يعتمد على وضع فئات للقدرات وعلى التعرف على الفئات الفرعية داخل تلك الفئات. ويترتب على ذلك أن يصبح أسلوب التصنيف كالشجرة المعكوسة، جذرها إلى أعلى وأغصانها إلى أسفل.

أما النوع الآخر من النماذج، فهي نماذج المصفوفة التي تعتمد على تداخل فئات التصنيف. وفي هذا النموذج تُصنف العناصر في صورة سطور وأعمدة، وتدل كل خانة يلتقي عندها سطر مع عمود على قدرة معينة لها خصائصها وأبعادها.

7.  تراكم قدر كبير من المعلومات عن بنية العقل البشري ومكوناته، وذلك بسبب تقدم أساليب ووسائل الدراسة والتحليل، وقابليتها للاستخدام في دراسة العمليات المعقدة وفي بناء النظريات. هذا بالإضافة إلى تراكم البحوث عن القدرة العقلية في المجالات التطبيقية كالتربية والصناعة والإدارة والجيش.

8.  تداخل مفهوم القدرة العقلية مع مفاهيم أخرى مختلفة، كالاستعداد والكفاية والمقدرة والموهبة. فالاستعداد هو إمكانية الوصول إلى درجة من الكفاية من طريق التدريب المقصود أو غير المقصود، أي أنه قوة كامنة لدى الفرد تتضح بالتدريب فتصبح قدرة. والكفاية هي القدرة على القيام بالأعمال التي تتطلبها مهنة من المهن، أو هي القدرة على ممارسة الأعمال، التي تتطلبها وظيفة من الوظائف، مثل الكفاية في تصليح الأجهزة الدقيقة. والمقدرة أقصى قدرة للإنسان يستطيع أن يصل إليها مع أفضل تدريب ممكن. والموهبة أقصى درجات الاستعداد أو القدرة.

وأخيراً، فإن القدرة هي مجموعة من أساليب الأداء، التي ترتبط فيما بينها ارتباطاً عالياً، بما يميّزها عن غيرها من أساليب الأداء الأخرى، أي تلك التي ترتبط مع غيرها ارتباطاً ضعيفاً.

ثانياً: نماذج من القدرة العقلية

1.  القدرة الميكانيكية

تُعَد القدرة الميكانيكية من أهم القدرات العملية، التي تتصل اتصالاً مباشراً بالصناعة. وتدور هذه القدرة حول التعامل مع الآلات وكيفية أدائها وفكها وتركيبها، وإدراك العلاقات بين أجزائها، والعمل على إصلاحها وصيانتها.

وقد أوضحت البحوث التي أُجريت في مجال التوجيه التربوي والمهني، أن للقدرات الميكانيكية دوراً مهماً في اختيار من يصلحون للأعمال الهندسية، التي تحتاج إلى فهم عمل الآلات المختلفة. وأن لهذه القدرة صلة كبيرة بالقدرة على التصور البصري، والقدرة على الإدراك السريع، وقدرات التوافق الحركي والمهارات اليدوية. وعلى هذا تكون القدرة الميكانيكية بمعناها الضيق قدرة عقلية، وبمعناها الواسع قدرة عقلية وحركية.

وقد توصل العلماء إلى أن هناك قدرة ميكانيكية مركزية عامة، أسموها "القدرة الميكانيكية العامة". وإلى جانب هذه القدرة العامة قدرات متخصصة، أو عوامل نوعية، منها:

أ. عامل التصور البصري

وهو القدرة على إدارة الأشكال المسطحة والمجسمة وتقليبها في الذهن وتصور ما ستؤول إليه بعد دورانها، أو تصور حركات الآلات والأجسام وأوضاعها المختلفة أثناء هذه الحركة، وكيف تتطور هذه الأوضاع.

ب. عامل العلاقات المكانية

يبدو في القدرة على تقدير المسافات والأبعاد بدقة ـ الطول والعرض والارتفاع والعمق والسُمك أو المساحة أو الحجم ـ وكذلك في ملاحظة ما بين الأشكال من تشابه واختلاف، والمقارنة بين أشكال الأشياء وأوضاعها وحجومها. كما يبدو في القدرة على تكوين شكل من أجزائه المبعثرة.

ج. عامل المعلومات الميكانيكية

وتبدو في رصيد الفرد المعرفي من معلومات ومعارف مرتبطة بالفك والتركيب، وأسماء المُعدات والآلات. ومما يُذكر في هذا الصدد أن ذا القدرة الميكانيكية العالية يكون في، العادة، أميل إلى التقاط المعلومات الميكانيكية أكثر من غيره، وبسرعة أكبر.

2.   القدرة اللغوية

للقدرة اللغوية أهميتها الخاصة لكون اللغة هي الإنجاز الثقافي للإنسان. وهي مسؤولة عن استفادته من التربية والتعليم، لاتصالها بالتحصيل الدراسي في جميع العلوم. ويُعد تدهور القدرة اللغوية مسؤولاً عن معاناة الطلاب من بعض الصّعوبات اللغوية.

وتلعب القدرة اللغوية دورها في معظم صور التفكير الإنساني، كالتفكير العلمي والابتكاري والناقد. فكل نوع من أنواع التفكير يحتاج إلى اللغة، لفهم الألفاظ وإدراك العلاقات والمعاني، واستعادة أو تذكر المواد السابقة المرتبطة، بأي موضوع يخضع للدراسة.

وإضافة إلى ما سبق، فإن دراسة القدرة اللغوية لدى الأفراد وفهم الفروق الفردية بينهم في مكونات تلك القدرة، يساعد في علاج مشكلات النطق والحديث والتعبير.

أما عن تعريف القدرة اللغوية، فقد تعددت التعريفات؛ ولكنها تشترك في تحديدها لخصائص هذه القدرة اللغوية، ومنها أنها:

·   قدرة مكتسبة لأنها تعتمد على استخدام اللغة والألفاظ، التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بثروة الفرد اللفظية، ولا يتم ذلك إلا من خلال وجود الفرد داخل الأسرة أو جماعة، التي تلقنه المفردات اللغوية وكيفية استخدامها في الأداء اللفظي. إلا أن هذا لا يعني عدم وجود "استعداد" لغوي كامن لدى الفرد، يظهر نتيجة معايشته لجماعته. وأن هذا الاستعداد يمكن قياسه بالاختبارات النفسية الموضوعية.

·   تتميز بالقدرة على فهم معاني الكلمات، والجمل التامة أو فهم الفقرات، سواء أكان فهماً سطحياً أم فهماً عميقاً.

·   تظهر في الأداء اللفظي التحريري والشفوي للفرد، ومعرفته بمفردات الكلمات ومترادفاتها وأضدادها.

كما تظهر في إدراك العلاقات بين الألفاظ؛ وإنتاج أكبر عدد من الكلمات أو الجمل.

وقد تعددت الدراسات حول مكونات القدرة اللغوية، إلاّ أن إحدى الدراسات المصرية توصلت إلى أن القدرة اللغوية قدرة مركبة، يمكن تحليلها إلى:

أ. الفهم اللفظي: القدرة على فهم الألفاظ والعبارات، ويظهر هذا واضحاً في الاختبارات التي تقيس معاني الكلمات، والتماثل اللفظي، والأضداد، والأمثال، والتكميل.

ب. طلاقة الكلمات: القدرة على إنتاج أكبر عدد ممكن من الكلمات تحت ظروف بنائية معينة، وتظهر واضحة في اختبارات الأضداد والمقارنات اللفظية.

ج. الطلاقة الارتباطية: القدرة على إنتاج أكبر عدد ممكن من الكلمات لتحقيق مطالب معينة من حيث المعنى، وتظهر واضحة في اختبارات المعاني اللغوية والأضداد والتكميل والتشبيهات.

د. إدراك العلاقات اللفظية: القدرة على فهم العلاقات بين الألفاظ والعبارات اللغوية، وتظهر واضحة في اختبارات المفردات والأمثال.

هـ. الاستدلال اللفظي: القدرة على استخلاص النتائج من مقدمات معطاة في صورة لفظية، وتظهر واضحة في اختبارات تكميل القصة والاستدلال.

و. الذاكرة اللفظية: القدرة على تذكر أشياء أو وحدات من مادة مرتبطة، وتظهر واضحة في اختبارات تَعَرّف الكلمات.

ز. القواعد والتهجئ: القدرة على اكتشاف الأخطاء الهجائية واللغوية وتصحيحها، وتظهر واضحة في اختبارات الهجاء.

تعقيب

1. يتضح من العرض السابق أن كل قدرة تترجم عن نفسها في مجموعة معينة من الأداءات التي تميزها. وأن هذه الأداءات يكون الارتباط بينها عالياً، بينما يكون ارتباطها بالأداءات الدالة على قدرة أخرى منخفضاً. وهذا لا يعني أن القيام بعمل معين يستلزم قدرة واحدة فقط دون غيرها، بل قد يحتاج إلى عدد من القدرات بدرجات متفاوتة. فالتعامل مع الحاسب –مثلاً- يحتاج إلى تضافر أربع مجموعات من القدرات منها:

أ. قدرات لازمة لتحليل النظم (كالذكاء العام، والقدرة على تحليل المواقف المركبة، والقدرة على إدراك العلاقات المنطقية بين العناصر... إلخ).

ب. قدرات لازمة للبرمجة، وهي القدرات نفسها السابق الإشارة إليها، ويُضاف إليها القدرة على التعامل مع التفاصيل بدقة.

ج. القدرة المكانية والقدرة الرياضية (معاني الكلمات، الاستدلال، القدرة العددية، الرسم التخطيطي).

د. القدرة الكتابية التي تتضمن السرعة والدقة في الأداء.

2. كان العرض السابق للقدرات العقلية يستخدم المنحى السيكومتري، القائم على قياسات القدرات باستخدام الاختبارات النفسية؛ إلا أن ثمة منحى جديداً يُعرف بالمنحى المعرفي، وهو يختلف عن المنحى السيكومتري في:

أ. يهتم المنحى المعرفي "بعملية" المعرفة أكثر من اهتمامه "بالنواتج" النهائية للأداء. ومن ثَم، فإن الفروق الفردية في القدرات يجب أن تكون جزءاً من منظور "عملياتي".

ب. يقوم المنحى المعرفي على دراسة عمليات الاستجابة في الأداء على الاختبارات السيكومترية، لا على نتائج الأداء على الاختبارات.

ج. يهتم المنحى المعرفي بالإستراتيجيات المعرفية المستخدمة في الأداء على اختبارات القدرات العقلية المختلفة، وهذا من شأنه أن يؤدي إلى:

·   اكتشاف كيفية أداء المهام المعرفية المعقدة، وكيفية تجميع الإجراءات البسيطة في تتابع من الأنشطة الأكثر تعقيداً.

·   عزل الإستراتيجيات المعرفية المستخدمة عن الجوانب غير الإستراتيجية في معالجة المعلومات.

·   تصميم وسائل إرشادية تؤدي إلى وصول الأداء المعرفي إلى أقصى إمكانياته.

 وعلى ذلك تُشكل الإستراتيجيات المعرفية مصدراً أساسياً للفروق الكيفية والكمية، في الأداء بين الأفراد (المنحنى السيكومتري يوضح الفروق الكمية فقط)؛ بل أنها تمثل محدداً مركزياً لأداء المهام ولفهم بعض الظواهر التربوية والسيكولوجية المختلفة، مثل الفروق عبر الثقافية، والفروق بين المجموعات المتطرفة في القدرات المختلفة، وفي حل بعض مشكلات التعليم.





       

المصادر والمراجع

1.      أحمد زكي صالح، "الأسس النفسية للتعليم الثانوي"، النهضة المصرية، القاهرة، 1959.

2.      أحمد عزت راجح، "علم النفس الصناعي"، الدار القومية للطباعة والنشر، القاهرة، 1965.

3.      حسين عبدالعزيز الدريني، "مقياس جامعة جورج واشنطن للذكاء الاجتماعي"، صحيفة التربية، اللجنة الوطنية القطرية للتربية والثقافة والعلوم، وزارة التربية والتعليم بقطر، 1984، 64.

4.      عطية محمود هنا، "التوجيه التربوي والمهني"، النهضة المصرية، القاهرة، 1959.

5.      فؤاد أبو حطب، "القدرات العقلية"، مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة، 1996.

6.      فؤاد البهي السيد، "الذكاء"، دار الفكر العربي، القاهرة، 1976.

7.      فؤاد البهي السيد، "القدرة العددية"، دار الفكر العربي، القاهرة، 1958.

8.      فتحي السيد محرز، "أثر تفاعل كل من القدرة اللفظية والميل نحو اللغة مع أسلوب التعلم على التحصيل النحوي"، رسالة دكتورا، غير منشورة، كلية التربية جامعة الأزهر، 1992.

9.      محمد خليفة بركات، "تحليل الشخصية"، دار الطباعة بمصر، القاهرة، 1954.

10.  محمد طه، "الذكاء الإنساني"، عالم المعرفة (330)، الكويت، 2006.

11.  محمود عبدالسلام أحمد، "القياس النفسي والتربوي"، المجلد الأول، النهضة المصرية، القاهرة، 1960.

12.  محمود عبدالقادر، "دراسة تجريبية للعوامل التي تتضمنها القدرة الميكانيكية"، رسالة ماجستير غير منشورة، كلية الآداب جامعة عين شمس، القاهرة، 1963.

13.  نادية محمد عبدالسلام، "دراسة تجريبية للعوامل الداخلة في القدرة اللفظية باستخدام التحليل العاملي"، رسالة دكتوراه، غير منشورة، كلية البنات، جامعة عين شمس، 1974.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75822
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

" الموسوعة المصغّرة للمصطلحات النفسية " 6 Empty
مُساهمةموضوع: رد: " الموسوعة المصغّرة للمصطلحات النفسية " 6   " الموسوعة المصغّرة للمصطلحات النفسية " 6 Emptyالسبت 18 يونيو 2016, 5:20 pm

السلوك



       

السلوك

يُستخدم "السلوك" في لغتنا الدارجة للإشارة إلى معنى أخلاقي، عندما نقول: فلان طيب السلوك. وكذلك نشير به إلى ما يصدر عن الإنسان من أفعال حركية ظاهرة، كالجري والمشي والكتابة. ولكن "السلوك" يعني ما هو أكثر من ذلك. وقد أدى هذا إلى تعدد تعريفاته.

يعرّفه أحمد راجح بأنه: "أي نشاط يصدر عن الإنسان ذهنياً كان أم حركياً، أي أنه كل ما يصدر عن الفرد من استجابات مختلفة إزاء موقف يواجهه ـ إزاء مشكلة يحلها، أو خطر يتهدده، أو مشروع يخطط له، أو درس يحفظه، أو مقالة يكتبها، أو آلة يصلحها، أو أزمة نفسية يكابدها".

ويعرّفه وليم الخولي بأنه مصطلح يُشير إلى "وصف موضوعي لما يصدر عن الكائن الحي؛ فالكلمة قريبة في معناها من كلمة نشاط، وإنما يمكن القول إن النشاط أعم من السلوك؛ لأن النشاط تعبير عام عن كل ما يصدر عن الخلايا والأنسجة أو عن الكائن كله، وليس من الضروري أن يشير إلى غرض معين. أما كلمة السلوك، فيقتصر استخدامها، عادة، على ما يصدر عن الكائن كله، لا مجرد جزء صغير منه، متضمناً غرضاً أو معنى. فإذا تحدثت عن فعل خميرة داخل خلية، أو تحولات كيميائية حيوية، أو عمل غدة، أو عمليات هضمية، استخدمت كلمة "نشاط"؛ أما إذا تحدثت عن استجابة الكائن إذا هدده خطر، استخدمت كلمة "سلوك".

ويرى عز الدين جميل عطية "أن السلوك كل أوجه نشاط الفرد القابلة للملاحظة المباشرة أو غير المباشرة. ومن أمثلة السلوك القابل للملاحظة: المشي والكلام والحركات اللاإرادية التي تصدر عن الفرد. أما السلوك القابل للملاحظة غير المباشرة، كالتفكير والتذكر والعواطف، فيمكن الاستدلال عليه من كلام الفرد وأفعاله الظاهرة".

ويعرّفه جابر عبدالحميد وعلاء كفافي بأنه: "أفعال الفرد السيكولوجية وردود الأفعال والتفاعلات استجابة منه للمثيرات الخارجية والداخلية، ويتضمن ذلك الأنشطة التي تُلاحظ ملاحظة موضوعية، أو الأنشطة التي تلاحظ ملاحظة استبطانية (بالتأمل الذاتي)، وكذلك العمليات اللاشعورية".

من التعريفات السابقة، وكثير غيرها، يمكن تعريف السلوك على أنه النشاط الذي يصدر عن الكائن الحي، نتيجة لتفاعله مع ظروف بيئية معينة لمحاولة تعديلها وتغييرها. وما النشاط الذي يصدر عن الكائن الحي إلاّ مجموعة من الاستجابات التي يقوم بها، للرد على مثيرات ومنبهات معينة. وقد تكون تلك الاستجابات:

·   حركية: كتحريك الذراع للرد على تحية شخص آخر، أو اتساع حدقة العين نتيجة للضوء.

·   لفظية: كالرد على سؤال، أو الصراخ طلباً للإغاثة، أو تعبيراً عن استنكارٍ باستخدام اللغة.

·   فسيولوجية: كارتفاع ضغط الدم عند الغضب، أو تقلص المعدة عند الجوع.

·   انفعالية: كالحزن لسماع خبر مؤسف، أو الفرح والطرب لسماع أخبار سارة.

·   معرفية: يُراد بها كسب معلومة أو معرفة، كالنظر والسمع والتفكير والتذكر.

·   وقد تكون الاستجابة بالكف عن نشاط، كالتوقف عن السير أو الأكل أو التفكير عند سماع أمر معين.

على ذلك يشمل السلوك:

1. كل ما يفعله الإنسان ويقوله.

2. كل ما يصدر عنه من نشاط عقلي، كالإدراك والتفكير والتخيل.

3. كل ما يستشعره من تأثيرات وجدانية، كالإحساس باللذة والألم، وكالشعور بالضيق والارتياح، بالخوف أو الغضب... إلخ، وما يصاحب ذلك من أنشطة فسيولوجية شتى.

أولاً: خصائص السلوك

·   نشاط كلي مركب يتضمن جانباً معرفياً ووجدانياً وحركياً. فعند تحليل أي سلوك توجد هذه الجوانب الثلاثة؛ ولكن بدرجات تتفاوت من موقف لآخر. فعند رؤية ثعبان "نعرف" أنه مصدر خطر، "فنخاف" منه، ولذلك نسعى "للهرب"، وما يصاحب ذلك من تغيرات فسيولوجية داخلية. وهذا معناه أن السلوك يصدر عن الإنسان كوحدة جسمية ونفسية متكاملة لا تتجزأ.

·   لا يقتصر السلوك على الإنسان، بل يصدر عن الحيوان مظاهر سلوكية مختلفة، على الرغم من وجود تفاوت واختلاف بين سلوك الإنسان والحيوان. فالله -العلي القدير- ميز الإنسان على الحيوان، بالقدرة على التفكير المجرد، وممارسة عدد من العمليات العقلية العليا، والقدرة على تقدير مشاعر الآخرين وانفعالاتهم.

·   يتميز السلوك بأنه موجه في اتجاه معين دون آخر، وأن له كمية أو مقداراً كما يبدو في شدة السلوك أو مدى استمراره. وأنه يتميز بالدقة كما تظهر في نقص الوقت المستغرق لأداء السلوك ونقص عدد الأخطاء، التي تصدر عن الفرد قبل صدور الاستجابة الصحيحة.

·   يوصف السلوك بأنه دينامي، أي يتغير من وقت لآخر وبسرعة؛ فعند حديثك مع صديق سمعتم صوت انفجار شديد فأصابكما الفزع، ثم تصرف كلاً منكما بطريقته؛ إما لاستكشاف الموقف أو للهرب منه. وهذا الموقف يعبر عن دينامية السلوك وقابليته للتغير، بناءً على ما يتعرض له الفرد من مثيرات ومنبهات موقفية.

·   يتحدد السلوك بعوامل متعددة، منها عوامل مستمدة من الوراثة أي من الخصائص الوراثية، التي انتقلت إلى الفرد من والديه وأجداده، ومنها عوامل مستمدة من تاريخ حياة الفرد وما مر به من خبرات، ومنها عوامل مستمدة من حاجات الفرد وبنية شخصيته، ومنها عوامل مستمدة من البيئة التي يعيش فيها.

·   يتميز السلوك بالمرونة، فلكل إنسان مهاراته ومعلوماته التي تعلمها، ولكنه يعدلها وفقاً لما يمر به من ظروف وأحداث. وكل إنسان يتعلم بطرق مختلفة، ويصل، من ثَم، إلى نتائج مختلفة.

·   السلوك محصلة فعل ورد فعل، أي محصلة التعرض للمثيرات والرد عليها بالاستجابات. والمثيرات كل ما يؤثر على الفرد من خارجه وداخله. فالأصوات والأضواء والروائح من حولنا تمثل بعضاً من المثيرات الخارجية، وتقلص المعدة عند الجوع وخطورة فكره على الذهن، تمثل نوعاً من المثيرات الداخلية. وكلا النوعين يدفعان الفرد للاستجابة بالطريقة التي تتناسب معه، وتحقق أهدافه.

·   نمائية السلوك، ذلك أن للسلوك هدفاً يسعى لبلوغه؛ فإغلاق العين عند اقتراب جسم منها يهدف إلى حمايتها. وقد وجد أن تنبيه الطفل حديث الميلاد بضوء قوي موجه للعينين، يدفعه إلى تحريك رأسه حركة خفيفة لتجنب الضوء وآثاره.

ويهدف السلوك إلى إشباع حاجات الكائن الحي. فالإنسان يبحث عما يشبع حاجته للطعام والشراب والراحة وتجنب الألم، وكذلك حاجته إلى التقدير الاجتماعي وإلى الشعور بالأمن والاطمئنان، وإلى حل ما يعترضه من مشكلات، أو مواجهة ما يعانيه من صراعات داخلية بين دوافعه، أو خارجية ضد الظروف التي تعترض طريق تحقيق إشباع حاجاته.

·   السلوك مركزي التنظيم، إذ تنظمه ذات الفرد. فكل مثير أو خبرة له دلالته بالقياس إلى ذات الفرد، وإلى المعنى الذي تخلقه الذات على هذا المثير. فعدم رد صديقك التحية، قد تراه غطرسة منه أو عدم احترام، بينما قد يراها آخر عدم انتباه الصديق لك. فكل استجابة، مهما بدت بسيطة أو جزئية، تحمل في ثناياها كل خصائص الشخصية، التي صدرت عنها تلك الاستجابة.

·   تنمو شخصية الفرد في تتابع معين موجه؛ فالنمو سلسلة متصلة الحلقات تعتمد كل واحدة منها على سابقتها، وتمهد للتالية عليها، وفي كل مرحلة يتغير سلوك الفرد ويتعدل. فطريقتنا في التفكير أثناء الطفولة تعتمد على المحسوسات والماديات؛ ولكن مع النضج يصبح تفكيرنا مجرداً.

·   السلوك دائماً توافقي؛ فالفرد يسعى إلى حل ما يعترضه من مشكلات، وإلى تحقيق التواؤم والتوازن بينه وبين بيئته المادية والاجتماعية. ويكون ذلك من طريق الامتثال للبيئة، أو التحكم فيها، أو إيجاد حل وسط بينه وبينها.

·   للسلوك دوافع وبواعث وغايات تحركه. فمن الدوافع ما هو بعيد (التخرج من الجامعة)، ومنها ما هو قريب (اجتياز العام الدراسي بنجاح)، ومنها ما لا نشعر به (الدوافع اللاشعورية)، ومنها ما نشعر به (الرغبة في النجاح والتقدير الاجتماعي)، وهي في هذه الحالة تتحول إلى بواعث (الحصول على الشهادة). إن البواعث والغايات معانِ يتمثلها الذهن، فهي أمور نشعر بها، وتوجه السلوك بتعيين طرقه وتحديد غرضه النهائي.

·   يختل السلوك أو يُستثار في حالات عدم التوافق، بين إمكانات الفرد واستعداداته ودوافعه، من جهة، وبين مطالبه ومطالب بيئته، من جهة أخرى.

·   يرتقي السلوك من الأفعال المنعكسة إلى الأفعال الإرادية. ويكون الفعل المنعكس –دائماً- لا إرادياً وقهرياً جبرياً، وهو غير قابل للتعديل إلاّ في حدود ضيقة جداً. ومن أمثلته: سيلان اللعاب عند وضع الطعام في الفم، وحركة العين لحمايتها من جسم مؤذِ أو ضار، واتساع إنسان العين أو ضيقه بسبب كمية الضوء الساقطة عليه. أما الفعل الإرادي، فهو الفعل الذي تتمثل فيه بجلاء قدرة الشخص الكُفء على تنظيم دوافعه وعواطفه وأفكاره وتوجيهها نحو غرض محدد، يسعى الفرد إلى تحقيقه، وهو شاعر بحريته الذاتية وقدرته على الاختيار.

ويرتقي السلوك الحركي من استخدام الأشياء إلى استخدام رموزها؛ فالطفل يستجيب لعناصر الموقف الذي أمامه، (كالاستجابة للأم عند رؤيتها)، ثم يرتقي السلوك ليتعلم الطفل أن يستجيب لجزء من الموقف كله أو ما ينوب عنه، أو ما يرمز إليه (كتوقف الطفل عن البكاء لسماع صوت أمه). وكلّما نجح الفرد في الاستبدال بالأشياء رموزها، زادت قدرته على الفهم والاستبصار والاستدلال والتبصر بعواقب الأمور.

ويرتقي السلوك المعرفي من الإحساس إلى التصور الذهني؛ فارتقاء السلوك من استخدام الأشياء إلى استخدام رموزها يساعد الفرد في استعادة الصور الذهنية للأشياء في حال غيابها، وهذا يمهد إلى إدراك أن وراء الألفاظ، التي يستخدمها، أو الصور الحسية، التي يتخيلها، معانٍ وعلاقات بين المعاني وبعضها بعضاً، وإلى أن يكون الفرد قادراً على تصور المعاني الكلية، وتعقل المعاني المجردة، وتنظيمها في التفكير.

يمكن القول، مما سبق، إن كل إنسان على نحو ما يشبه كل الناس، وعلى نحو آخر يشبه بعض الناس، وعلى نحو ثالث لا يشبه أحداً. فكل إنسان له الحاجات والرغبات نفسها التي تحركه لإشباعها، وكلنا يفكر ويتألم؛ ولكن منا القروي والحضري، المصري والأمريكي، ومنا أصحاب الديانات، وأصحاب المهن المختلفة، وكل فئة من هذه الفئات لها تصرفاتها وأنماطها السلوكية الخاصة بها. وأخيراً، فإن لكل فرد خصائصه المميزة له عن غيره. فهذا سريع الانفعال وذلك هادئ، وهذا فهلوي، وذلك جاد منضبط.

ثانياً: أنواع السلوك

سبقت الإشارة إلى بعض أنواع السلوك، مثل: الحركي والمعرفي والوجداني، والسلوك الإرادي واللاإرادي (الفعل المنعكس). وثمة أنواع أخرى من السلوك، منها:

1. السلوك الفطري والسلوك المكتسب

السلوك الفطري هو السلوك العام والمشترك بين جميع أفراد النوع. أما السلوك المكتسب فهو مُتعلم خاص بالفرد، ولا يشمل، حتماً، جميع أفراد النوع الواحد. فالمشي سلوك نوعي؛ ولكن التزحلق على الجليد سلوك فردي، أي أن الأول فطري والثاني مكتسب.

والسلوك الفطري هو نتيجة مُعدات الكائن الحي الطبيعية، أي نتيجة التركيب العضوي الداخلي والتركيب الحسي الحركي، ونتيجة عملية النمو عموماً. في حين أن السلوك المكتسب يقوم فقط على التعلم، أي على أثر التمرين والتدريب.

والعلاقة بين النوعين علاقة وثيقة؛ فالسلوك المكتسب، مثل ركوب الدراجة، يُبنى على أساس من السلوك الفطري كالمشي. وهذا يتضمن أن السلوك الفطري قابل للتغيير والتعديل بفعل التعليم والتدريب؛ فالتزحلق على الجليد هو تغيير وتنظيم لحركات المشي.

2. السلوك الفوري والسلوك المُرجأ

لمّا كان السلوك هو مجموعة الاستجابات، التي يقوم بها الكائن الحي للرد على مثيرات أو منبهات معينة، فإن تلك الاستجابات يمكن تصنيفها إلى: استجابات فورية مباشرة، واستجابات مرجأة:

·   تصدر الاستجابة الفورية مباشرة عقب تلقي المثير، أو بعد فترة زمنية قصيرة؛ فالعطس استجابة فورية ومباشرة لتهيج الغشاء المخاطي.

·   يؤجل صدور الاستجابة المرجأة لفترة من الوقت، أي لا تصدر عقب تلقي المثير مباشرة بل تصدر بعد فترات زمنية متفاوتة، كتأجيل الانتقام أو رد الإهانة (كما هو الحال في عادة الأخذ بالثأر في صعيد مصر).

ويمكن أن تكون الاستجابة المرجأة تراكمية، أي تحدث وتتشكل بفعل تراكم التعرض لتنبيهات متتابعة لمدة طويلة من الوقت، مثل الاتجاهات الاجتماعية والميول.

3. سلوك إحجامي وسلوك إقدامي

السلوك الإحجامي هو استجابة هروبية يبتعد بها الفرد عن نوع من المثيرات التي يتعرض لها. وهذا يعني أن الفرد لا يجد أسلوباً لمواجهة الموقف، فيستجيب بالسلوك الإحجامي، أي بالابتعاد عن الموقف بما فيه من مثيرات. فالفشل المتكرر للمتخلف عقلياً في المدرسة، يجعله يحجم عن الذهاب إليها، وعن المذاكرة والتحصيل.

أما السلوك الإقدامي، فهو الطرف الآخر للسلوك الإحجامي. وهذا السلوك يعني اندفاع الفرد لكي يقترب من المثير، لكي يعالجه أو يواجهه بحلول مناسبة، ما يعني أن لديه دوافع قوية مصحوبة برغبة تجعله يقترب ويستجيب للمثير في الموقف. فالشخص المتدين لا يتردد في التوجه للصلاة، بل يقدم عليها خاشعاً.

4. سلوك فردي وسلوك جماعي

السلوك الفردي هو مجموعة الاستجابات التي تصدر عن شخص ما، فتميزه عن غيره. ويكون ذلك نتاجاً لبنية الفرد الموروثة، ولِما مرّ به من خبرات خاصة. فالمريض النفسي له معالم وخصائص سلوكية تميزه، ولرئيس العمل سلوكه الخاص به.

والسلوك الجماعي تعبير عن الصيغة الاجتماعية، التي تطبع سلوك الأفراد حين ينتمون إلى جماعة واحدة. فيتغير السلوك الفردي لكي يلائم سلوك الجماعة، كضرورة لاستمرار الفرد في تمتعه بالانتماء الاجتماعي. أي أن سلوك الجماعة يصبح تكويناً نوعياً مختلفاً عن مجموع آراء أفراد الجماعة؛ لأن الامتزاج الحادث نتيجة الاجتماع بين الأفراد، يترتب عليه اختلاف سلوكهم الجمعي لدرجة قد تصل إلى حد التضاد في الوجهة والمضمون، مع سلوك كل فرد على حدة. فالسلوك الجماعي، إذاً، ظاهرة اجتماعية تعكس نواتج عملية التفاعل الاجتماعي بين الأفراد، وتوضح كيف أن الجماعة تشكل تفكير أفرادها، وتحدد رؤاهم الخاصة، وتقارب وجهات نظرهم، وتوجه سلوكياتهم الوجهة التي تريدها.

5. سلوك سوي وسلوك شاذ

لتحديد السلوك الشاذ استخدمت عدة معايير، منها: المعيار الإحصائي، والمعيار الثقافي، والمعيار المرضي، والمعيار المثالي. يقوم المعيار الإحصائي على أساس خصائص المنحنى الاعتدالي (أو المنحنى الجرسي المقلوب)؛ فلو قسنا أطوال عينة كبيرة من الأفراد، لوجدنا غالبيتهم متوسطي الطول بينما الأقلية إما طوال جداً، أو مفرطين في القِصر. ولذلك فالأفراد الذين يقعون في الوسط هم الأسوياء، أما من يقعون في الأطراف فهم غير أسوياء. فشديد النزعة العدوانية والقاسي هو والجبان غير أسوياء. أما متوسطي العدوانية ومَن يستخدمونها بحكمة، فهم الأسوياء.

والمعيار الثقافي هو استخدام لمعايير الثقافة وقيمها في تقييم سلوك الأفراد، والحكم على مدى انتمائهم سلوكياً لهذه الثقافة أو الانحراف والخروج عنها. فالإباحية الجنسية سلوك شاذ ومجرم في المجتمعات الإسلامية، بينما هي سلوك مقبول، وغير شاذ في بعض المجتمعات الغربية.

ويرى المعيار المرضي أن السلوك شاذ إذا مارس الفرد سلوكاً يندرج تحت الدلالات المرضية. فمن يخاف من الأماكن الفسيحة أو الضيقة خوفاً شديداً مبالغاً فيه، يُعَد سلوكه سلوكاً شاذاً، ومن يعزل نفسه عن الآخرين بشكل كامل ولفترات طويلة، يُعَد سلوكه مرضياً.

أما المعيار المثالي فهو المعيار الذي يأخذ الفرد على عاتقه الاحتذاء به، ومحاولة الاقتراب منه، بحيث يجعل سلوكه متطابقاً معه. ومن يبتعد عن هذا المعيار يُعَد شاذاً.

ثالثاً: محددات السلوك

يُعَد السلوك محصلة لتفاعل عدة عوامل، وهذا التفاعل هو الذي يفسر تعقد السلوك البشري.

1. العوامل الجينية أو الجبلية (الوراثية)

يولد الإنسان وهو مزود ببعض الخصائص، التي يشترك فيها مع غيره من أفراد الجنس البشري. كما أن ثمة مجموعة من الخصائص التي يُولد الإنسان مزوداً بها، وتكون خاصة به وحده، وليست مشتركة بينه وبين سائر البشر، وهي تُعرف بالخصائص الجينية الوراثية. فكل منها لديه عتبة دنيا للإحساس (أي الحد الأدنى من المثير الذي يشعر الفرد به)، وعتبة قصوى (الحد الأقصى من المثير الذي يستشعر الفرد عنده بتغيير الإحساس، مثل الدرجة التي يتغير عندها الإحساس اللمسي ليصبح إحساساً بالضغط). إلا أن مقدار كل عتبة منهما يختلف من فرد لآخر.

وتلعب الوراثة دوراً مهماً في تزويد الفرد بالإمكانات، التي يمكن أن تنمو بفعل التدريب. فقد نرث الاستعداد الموسيقي، ولكن من دون التدريب لن ينمو هذا الاستعداد. وقد بينت الدراسات أننا نرث الاستعداد للذكاء، والانفعال، واحتمال الإصابة بالمرض العقلي، والمرض النفسي.

2. الحالة الفسيولوجية

يُعَد الجهاز العصبي مسؤولاً عن تحقيق التكامل داخل الجسم، إذ يسيطر وينظم عمل ووظائف الجهاز الغدي والدوري، وحركات العضلات الإرادية وغير الإرادية. ولذلك فإن أي تأثير على الجهاز العصبي يؤثر في سلوك الشخص؛ فالأدوية المهدئة والمخدرات والحرمان من النوم، مثلاً، تؤثر على السلوك من خلال الجهاز العصبي.

وإذا كان للجهاز العصبي دوره المهم في السلوك، فإن للحالة الفسيولوجية للكائن -قبل وأثناء ممارسة السلوك- دورها في الأداء. فالجائع تكون استجابته للمثيرات المرتبطة بالطعام مختلفة عن غير الجائع، ومن ثَم، يمكن تعديل سلوك الشخص بالتحكم في حالته الفسيولوجية (بحرمانه من الطعام مثلاً لعدة ساعات) وبالتحكم في بيئته الخارجية (ظروف تقديم الطعام).

وينبغي الإشارة إلى أن الحالات الفسيولوجية للكائن قد تكون جِبِلية دائمة، مثل ضغط الدم، أو مؤقتة، مثل الحرمان من النوم أو الطعام.

3. الخبرات السابقة المُتعلَمة

يُعد كثير من الاستجابات نتيجة لتاريخ طويل من التعلم، ولذلك فإن التنبؤ بالسلوك إنما يكون على أساس معرفتنا بخبرات الشخص المكتسبة من قبل. فالطفل الذي تعلم البكاء من أجل الحصول على ما يريد، يظل يستخدم هذا السلوك كلما أراد شيئاً. وعلى ذلك فإن التنبؤ بسلوكه يكون على أساس ما تعلمه فيما سبق، أي أنه سيبكي إذا أراد الحصول على شيء ما.

والخبرات السابقة قد تكون فردية الطابع، مثل أن يتعلم الطفل ممارسة العدوانية كأسلوب للتعامل مع أقرانه. وقد تكون جماعية يتعلمها الفرد بناءً على ضغط الجماعة عليه للانصياع لمعاييرها؛ فلكل ثقافة أنماطها السلوكية الخاصة بها.

4. المؤثرات البيئية المحيطة بالفرد

يُقصد بالبيئة بمعناها العام مجموعة المؤثرات، أو المثيرات التي يتعرض لها الفرد ويستجيب لها استجابات متعددة، تساعده على التعامل معها. هذه المثيرات قد تكون جغرافية، كطبيعة البيئة وتضاريسها ومناخها. وقد تكون تاريخية متمثلة فيما مر به المجتمع من أحداث شكلت واقعه. وقد تكون اجتماعية ثقافية، كالعادات والتقاليد والقيم وأنماط التعامل الاجتماعي. وقد تكون سيكولوجية متمثلة في اهتمامات الفرد واتجاهاته وآرائه نحو الموضوعات المختلفة. وبهذا المعنى يختلف تأثير البيئة على الأفراد؛ فسلوك القروي يختلف عن سلوك الساحلي، وسلوك الطفل الأول يختلف عن سلوك الطفل الثاني والأخير.

أما البيئة بمعناها الخاص فهي الوقائع التي تسبق السلوك، أو النتائج المترتبة عليه. تلك الوقائع أو النتائج يمكن ملاحظتها وتسجيلها والتحكم فيها، بحيث يتغير السلوك. فالتلميذ الذي لا ينتبه إلى المعلم يمكن وضعه في الصف الأول أمام المدرس (تحكم في الوقائع التي تسبق السلوك)، ويمكن إثابته عندما ينتبه للمدرس (تحكم في النتائج). وبتكرار تدعيم السلوك المرغوب فيه وفقاً لأسلوب معين، تتكون لديه عادة الانتباه للمدرس.

رابعاً: تفسير السلوك

ينزع الناس إلى تفسير السلوك بطرق متعددة. فمنهم من يفسر سلوك الفرد بالربط بين مواضع النجوم وحركتها وبين سلوكه، ومنهم من يفسره بالربط بين عدد الحروف التي يتكون منها اسم الشخص أو عنوانه وسلوكه وتصرفاته، أو بالربط بين سلوك الشخص وفصول السنة والفصل الذي وُلد فيه، ومنهم من ذهب إلى المقارنة بين شكل الإنسان ونظائره من الحيوانات. فهذا صبور لأنه يشبه الجمل، وذاك مكار لأنه يشبه الثعلب. ومنهم من يفسره بحساب أبعاد الجسم الإنساني، وشكل الرأس، ولون العينين والجلد والشعر وخطوط راحة اليد (الكف)، وكذلك الملامح العامة للوجه.

وقد جرت محاولات عديدة لتفسير السلوك. فمن الباحثين من أرجع السلوك إلى مجموعة من الملكات الموجودة في المخ، مثل ملكة التخيل وملكة الذاكرة وغيرها. وكيف أن تدريب هذه الملكات يؤدي إلى تطوير السلوك وتحسينه؛ فحفظ كثير من الحكم والقواعد الأخلاقية يقوي الملكة الخاصة بالأخلاق، فتتحسن أخلاق الفرد وتصرفاته.

وفي مرحلة من مراحل التطور العلمي لعلم النفس، رأى بعض العلماء أن تفسير السلوك يكون بإرجاعه إلى مجموعة من الغرائز الموروثة. ومن هذه الغرائز مجموعة مرتبطة بالحاجات الفسيولوجية، كالجوع والعطش والجنس، ومجموعة من الميول الفطرية المتفاعلة مع الغرائز السابقة وتسهم في المحافظة على بقاء الفرد والنوع، مثل الميل إلى الاستيلاء والمقاتلة والدفاع، وميل فطري للملاحظة والتنقيب وحب الاستطلاع، وغريزة التجمع وغيرها.

إن التفسيرات السابقة تعكس أنه لا يمكن التحكم في الأسباب المؤدية للسلوك؛ فلا يمكن التحكم في حركة النجوم أو فصول السنة أو الملكات أو الغرائز. كما أن تلك التفسيرات تقوم على تصور السبب أو العامل الواحد، في حين أن السلوك معقد ومتشابك العوامل. ويبدو هذا التشابك من أن للسلوك شروطه الداخلية كالدوافع، وشروط خارجية هي المنبهات الحسية، التي لا بد منها لاستثارة الدوافع وتنشيطها؛ ولكن هناك وسيطاً بين الشروط الداخلية والخارجية وهو الجهاز العصبي والخبرات السابقة المتعلمة، والعوامل الجبلية الوراثية.

يتضح، مما سبق، أننا إذا أردنا تفسير السلوك فيجب عدم الاعتماد على عامل أو سبب واحد، بل على مجموعة من العوامل المتفاعلة. كما يجب عدم "التعميم" عند التفسير: "فهذا الولد مثل خاله" تعميم يتضمن أن كل تصرفاته ذات طابع عام خاص بها، وأن هذا الطابع منقول وراثياً من الخال إلى الولد. فالشخص العدواني –مثلاً- في موقف قد لا يكون كذلك في حضور مجموعة من الأقوياء الأشداء. ومن العوامل التي تساعد في تفسير السلوك، الاعتماد على الشواهد والأدلة التي يمكن التحقق منها؛ فنحن –مثلاً- لا نستطيع التحقق من وضع النجوم وحركتها، أو من وجود الجن المتحكم في سلوك الفرد.

وحتى يمكننا تفسير السلوك بطريقة علمية، يمكن إتباع الآتي:

·   ملاحظة الفعل أو السلوك أثناء وقوعه، حتى يمكن جمع أكبر قدر من المعلومات عن السلوك والظروف السابقة عليه، والظروف المصاحبة له، والنتائج المترتبة عليه. على أن تكون نظرتنا للسلوك موضوعية خالية من التحيز والانتقائية، لما يؤيد وجهة نظر الملاحظ.

·   الحكم على القصد. ويمكن التعرف على القصد من خلال التصرفات غير إرادية أو المتعمدة للفاعل؛ لأن الأفعال غير الإرادية قلما تُفسر أسباب تصرف الفاعل، مع أنها قد تكشف للملاحظ، في بعض الأحيان، إذا تمت بصورة معينة، عن حالة الفاعل الانفعالية. ويمكن التعرف على القصد بملاحظة سلوك الفاعل إذا ما أُعيق عن بلوغ هدفه، فإنه قد يلجأ إلى أسلوب آخر للوصول إلى الهدف نفسه. ومن معرفتنا لمقدار الجهد الذي يبذله الفرد لبلوغ هدف ما، نستطيع استنتاج نواياه، بل ومدى صدق هذه النوايا تجاه الهدف.

·   إرجاع السلوك إلى العوامل الشخصية أو النفسية، التي دفعت الفاعل إلى هذا السلوك، وإلى العوامل الموقفية التي أثارت السلوك. وليس معنى هذا تفسير السلوك بناءً على الحظ أو الصدفة، بل إلى قدرة الفرد وجهده وسماته وخصائصه.



   


المصادر والمراجع

1.      أحمد عزت راجح، "أصول علم النفس"، دار المعارف، القاهرة، 1979.

2.      أحمد عزت راجح، "علم النفس الصناعي"، الدار القومية للطباعة والنشر، القاهرة، 1965.

3.      جابر عبدالحميد جابر، علاء الدين كفافي، "معجم علم النفس والطب النفسي"، المجلد الثاني، مطابع الزهراء للإعلام العربي، القاهرة، 1989.

4.      حسين عبدالعزيز الدريني، "في المدخل إلى علم النفس"، دار الفكر العربي، القاهرة، 1983.

5.      سعد عبدالرحمن، "السلوك الإنساني"، مكتبة الفلاح، الكويت، 1983.

6.      عبدالحليم محمود السيد، "علم النفس العام"، مكتبة غريب، القاهرة، 1990.

7.      عز الدين جميل عطية، "تفسير الناس للسلوك والمواقف"، عالم الكتب، القاهرة، 1999.

8.      فرج عبدالقادر طه، "موسوعة علم النفس والتحليل النفسي"، دار سعاد الصباح، الكويت، 1993.

9.      وليم الخولي، "الموسوعة المختصرة في علم النفس والطب العقلي"، دار المعارف بمصر، القاهرة، 1976.

10.  يوسف مراد، "مبادئ علم النفس العام"، دار المعارف، القاهرة، 1957.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75822
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

" الموسوعة المصغّرة للمصطلحات النفسية " 6 Empty
مُساهمةموضوع: رد: " الموسوعة المصغّرة للمصطلحات النفسية " 6   " الموسوعة المصغّرة للمصطلحات النفسية " 6 Emptyالسبت 18 يونيو 2016, 5:22 pm

الحيل العقلية الدِّفاعية




       

الحيل العقلية الدِّفاعية

يسعى كل فرد إلى تكوين علاقات طيبة مع الآخرين، وأن يكون راضياً عن نفسه، وأن يُشبع حاجاته الجسمية البيولوجية والاجتماعية النفسية. وخلال سعي الفرد لتحقيق ذلك، يمارس أنشطة متعددة تساعده وتيسر له الوصول إلى ما يسعى إليه، أي إلى تحقيق التوافق الشخصي والاجتماعي. وتتضمن حياة الإنسان توافقاً مستمراً. وما دام الإنسان قادراً على تحقيق التوافق، فإنه يستطيع الحياة والبقاء. أما إذا عجز عن الوصول إلى هذا التوافق، فإنه سيلقى الموت والفناء.

قد تكون عملية التوافق أحياناً سهلة ميسرة، يقوم بها الكائن دون مشقة أو عناء. فقد يشعر بالجوع ويجد الطعام في متناول يده. إلا أن عملية التوافق قد تكون في أحيان أخرى صعبة وشاقة، لوجود مجموعة من العوائق التي تمنع الكائن من الوصول إلى هدفه. فقد يشعر بالجوع ولكن لا يجد المال اللازم لشراء الطعام، وفي هذه الحالة يشعر الفرد بالإحباط.

والإحباط هو الإعاقة أو المنع من بلوغ الهدف، الذي يسعى الفرد نحو تحقيقه. فالطفل الذي يحال بينه وبين اللعبة، والموظف الذي لا يحصل على رضاء رئيسه عن أدائه، والطالب الذي يرسب في دراسته، والعامل الذي يفشل عدة مرات في إصلاح الآلة، كلهم يشعرون بالإحباط. ولكي يحدث الإحباط لا بد من وجود دافع يحرك الفرد ويوجهه نحو هدف معين؛ ولكن ثمة عائق يمنع الفرد من الوصول إلى هدفه. فدافع الطفل هو اللعب وهدفه الوصول إلى اللعبة، والعائق إخفاء اللعبة عنه أو وضعها في الدولاب وإغلاقه. ودافع الطالب هو النجاح وهدفه اجتياز الامتحان، والعائق قد يكون عدم المذاكرة، أو سوء المذاكرة، أو صعوبة الامتحان، أو عدم فهم الطالب للأسئلة.

وللإحباط أسباب متعددة، منها ما هو مادي ومعنوي، وشخصي ومجتمعي. فنقص النقود عائق، وضياع مفتاح الشقة عائق مادي. أما الشذوذ النفسي، كالتخلف العقلي وسرعة الانفعال والتبلد الانفعالي، فهي عوائق معنوية. والعائق الشخصي يرتبط بالفرد ذاته، مثل: نقص الذكاء وحدة الانفعال وارتفاع مستوى الطموح، مع نقص الإمكانيات. أما العائق الاجتماعي، فيتمثل في بعض الأعراف الاجتماعية غير المناسبة، مثل المغالاة في المهور كعائق لمن يسعى للزواج، والحروب والأزمات الاقتصادية نماذج أخرى للمعوقات الاجتماعية.

ويُعَد الصراع من بين العوامل المؤدية للإحباط؛ لأنه يتضمن إشباع أحد الدوافع دون الآخر. فحل الصراع بين الرغبة في المذاكرة والرغبة في مشاهدة التليفزيون، يتضمن إشباع الرغبة في المذاكرة دون الرغبة في الترفيه، أو خلاف ذلك.

أولاً: النتائج المترتبة على الإحباط

يترتب على الإحباط نتائج متعددة، منها نتائج مباشرة وأخرى غير مباشرة:

1. النتائج المباشرة

هي المظاهر السلوكية الدالة على الإحباط، والتي يؤديها الفرد في الموقف الإحباطي. فعندما لا نجد مفتاح الباب لدخول الشقة نؤدي عدة مظاهر سلوكية تُعَد نتائج مباشرة لضياع المفتاح (عائق يحول دون دخول الشقة). من تلك النتائج المباشرة:

أ. التوتر وعدم الاستقرار

يتخذ التوتر مظاهر متعددة، منها: الضيق الشديد، والقيام بحركات عصبية، والتردد، وكثرة الحركات العشوائية. وهذه الأدوات يكون الهدف منها خفض التوتر، ولكنها في حقيقة الأمر تزيده زيادة متتالية بحيث إنها يمكن أن تعوق الأداء الذي يساعد على الحل.

ب. زيادة الجهد

يهدف الإنسان بزيادة الجهد تحطيم العائق أو إزالته. فعند ضياع مفتاح الشقة واكتشافنا لذلك يزداد جهدنا؛ فندفع الباب بشدة أو نحاول كسره. وإذا رسب طالب في الامتحان فإنه سيحاول زيادة مجهوده في الاستذكار، لكي ينجح في الامتحان المقبل.

ولا تقتصر زيادة الجهد على الجانب الحركي فقط، بل يزداد تفكير الفرد في كيفية التغلب على العائق. ففي حالة ضياع مفتاح الشقة نبدأ في التفكير أين ضاع؟ أو أين تركته؟ وكيفية استعادته؟. وفي حالة عدم وجوده هل نتصل بالنجار أو عامل متخصص؟.. وهكذا.

إن زيادة الجهد الموجه نحو التخلص من العائق، يساعد في حل المشكلة وفي نقص التوتر الناتج عن مواجهة العائق.

ج. تغيير الطريقة

إذا وجد الفرد أن زيادة المجهود لا تجدي في حل المشكلة، فإنه يلجأ –عادة- إلى تغيير طريقة الحل التي كان يتبعها، ويبحث عن طريقة أخرى يمكن أن توصله إلى هدفه. فإذا لم تنفع محاولة فتح الباب –مثلاً- بدفعه بالقوة، يفكر الشخص في تغيير الطريقة كتجربة مفتاح آخر، أو الاستعانة بشخص خبير. والطالب الذي يفشل في الامتحان، قد يحاول التغلب على تلك المشكلة بتغيير طريقته في المذاكرة.

د. التأجيل

قد يلجأ الشخص إلى أن يشغل نفسه فترة مؤقتة بأعمال أخرى، بعيدة عن موقف الإحباط ومغايرة له، مثل الخروج للجلوس على المقهى للاسترخاء المؤقت، والتفكير في كيفية التغلب على العائق وفتح الباب. وميزة التأجيل أنه يتيح الفرصة لخفض التوتر، والتفكير الهادئ في حل المشكلة.

هـ. تغيير الهدف

إذا فشلت الطرق السابقة في حل المشكلة والتغلب على العائق والتخلص من الموقف الإحباطي، فقد يلجأ الإنسان إلى تغيير هدفه، واتخاذ هدف آخر يكون أكثر سهولة؛ فالمدرس الذي فشل في التعامل الناجح مع زملائه في المدرسة، قد يطلب نقله إلى مدرسة أخرى، والطالب الذي فشل عدة مرات في إحدى الكليات، قد يترك هذه الكلية ويلتحق بأخرى.

وتعتمد الطرق السابقة على خفض توتر الفرد، وعلى التروي والتفكير، وتحليل المسألة، والاختيار الإرادي. وتهدف هذه الطرق إلى حل المشكلة والتخلص من الموقف الإحباطي؛ ولكن إذا فشلت تزداد حدة التوتر النفسي وتستمر فترة طويلة، فتسبب كثيراً من الألم والضيق. لذلك، يتلمس الإنسان طرقاً غير مباشرة أو بديلة، هدفها الأساسي التخفيف من التوتر والضيق النفسي. وتُعرف هذه الطرق غير المباشرة بـ"الحيل الدفاعية" أو "الحيل العقلية".

2. النتائج غير المباشرة للإحباط (الحيل العقلية)

هي أنواع من السلوك أو التصرفات غير الإرادية أو غير الشعورية، يلجأ إليها الفرد للتخفيف من حدة التوتر النفسي المؤلم، وحالات الضيق التي تنشأ عن استمرار الإحباط لمدة طويلة، بسبب عجزه عن التغلب على ما يحول دون إشباع حاجاته ودوافعه. وهذه الحيل تكون عادة لا شعورية ولا إرادية؛ لأن الفرد يقوم بها وهو غير مدرك مباشرة للدوافع الحقيقية لها، أو الأغراض التي تهدف إليها؛ بل وقد ينكر الفرد قيامه بهذه الحيل أصلاً إذا حاولت توجيه نظره إلى حقيقة سلوكه.

والحيل العقلية شائعة بين الناس؛ فكلنا يحلم بأحلام اليقظة، وكلنا يلجأ إلى تبرير سلوكه بحيث يصبح مقبولاً، وكلنا يتعرض للنسيان بكبت بعض الخبرات غير المقبولة لديه.

ويمكن تصنيف هذه الحيل في حيل دفاعية، كالتعاظم لتغطية النقص، أو حيل هروبية، كالانكماش والانسحاب والابتعاد في حالة النكوص، أو حيل كبتية، كإبعاد خبرة مؤلمة عن مجال الشعور. ومن هذه الحيل:

أ. الكبت

هو التخلص غير الإرادي أو غير الشعوري من الدوافع غير المقبولة، أو الذكريات المؤلمة أو المشينة أو المخيفة، بإقصائها عن دائرة الشعور والإدراك، واختزانها وإخفائها في العقل الباطن أو اللاشعور. ولا يكون هذا التخلص نهائياً؛ بل يكون وسيلة لإقصاء تلك الدوافع أو الذكريات عن دائرة الشعور للتخلص مما يصاحبها من قلق؛ ولكن تظل نشطة في اللاشعور مكونة العقد النفسية. وتحاول الظهور في صور مقنعَّة، كالأحلام وفلتات اللسان. وعند محاولة تلك الدوافع والذكريات الظهور، يتجدد الصراع ضدها؛ لأنها غير مقبولة اجتماعياً، وتصطدم بالقيم الاجتماعية وبضمير الفرد.

ومن صور الكبت ما يحدث للأحلام، من أن حوادثها وتفاصيلها سرعان ما تُكبت وتُنسى. ويختلف الكبت عن القمع؛ لأن القمع هو الإقصاء الإرادي لبعض الدوافع والذكريات من نطاق الشعور، أما الكبت فهو لا إرادي ولا شعوري. أي أن القمع طريقة واعية يتحكم فيها الفرد في دوافعه وذكرياته المؤلمة ويبعدها عن تفكيره؛ فكلمّا جاء تفكيره فيها، فإنه يحول انتباهه عنها وينشغل بأمور أخرى.

ب. التبرير

يروى أن الثعلب عندما عجز عن الوصول إلى العنب، لارتفاعه عن مستوى قفزته، قال: "إن كل العنب مر". فقد حاول الثعلب تبرير فشله في الوصول إلى العنب بتحقير الهدف الذي كان يسعى إليه. فالتبرير هو التفسير المنطقي للأفعال والاتجاهات والأفكار، التي قررتها الدوافع غير الشعورية، من ناحية، أو غير المقبولة (للفرد أو المجتمع)، أو التي عجز عن تحقيقها، من ناحية أخرى. ويظهر التبرير سلوك الفرد في صورة مقبولة، على الرغم من أن الأسباب التي يبديها تكون زائفة وغير حقيقية.

ومن صور التبرير إلقاء اللوم على أسباب عارضة يراها الفرد مسؤولة عن فشله. فالطالب الذي يرسب في مادة دراسية يُلقي اللوم على مدرسه. ومن صور التبرير إظهار حسن النية عند أداء السلوك: "لم أقصد كذا، بل أقصد كذا".

ويختلف التبرير عن الكذب في أن الكذب إرادي، يهدف به صاحبه إلى خداع الآخرين. أما التبرير فهو لا شعوري يهدف به صاحبه إلى خداع نفسه.

ج. أحلام اليقظة

هي تخيل إشباع الفرد للدوافع والرغبات، التي لا يستطيع إشباعها في الواقع لوجود عقبات معينة، أو بسبب الكبت. وأحلام اليقظة شائعة لدى الناس جميعاً وفي جميع مراحل العمر تقريباً، إلاّ أنها تكثر في فترة الطفولة والمراهقة.

فالطفل يتخيل عصاه حصاناً ويركبه ويقوده بسرعة. إن هذا النوع من أحلام اليقظة يعرف باسم "اللعب التخيلي"، ويحدث، عادة، لأن الطفل لا يستطيع التمييز بين الواقع والخيال. والمراهق يتخيل نفسه موضع حب وإعجاب الآخرين، أو يتخيل نفسه بطلاً شهيراً يحظى بإعجاب الناس واحترامهم. ويحدث هذا للمراهق، عادة، نتيجة لما يعانيه من صراعات مختلفة، بين رغباته وعجزه عن إشباعها.

وتكثر أحلام اليقظة في أوقات الأزمات التي يمر بها الفرد ولا يجد لها حلاً، فيتصور حلها في الخيال. وقد يكون هذا أحياناً مدخلاً لحلها.

د. التعويض

إذا أُصيب الفرد بعجز أو نقص ما، نحا بطبعه نحو التعويض عن ذلك النقص حتى لا يؤثر في كفاءته أو في قيمته، من شتى النواحي العضوية والمعنوية. ويكون ذلك بموازنة النقص بالتفوق في جانب آخر. فالتعويض، إذاً، هو الاهتمام الزائد بسلوك معين (والتفوق في ممارسته)، كوسيلة لتخفيف حدة التوتر النفسي، الذي ينشأ عن فشل أو عيب أو نقص في بعض نواحي الشخصية، يؤثر على قيمة الشخصية ونظرة الإنسان لذاته.

قد يكون التعويض سوياً، كالطفل ضعيف البنية الذي لا يحبه زملاؤه؛ فيحاول التعويض باتخاذ الدراسة وسيلة للتفوق، فيعود إليه تقدير أصدقائه وحبهم إياه. وقد يكون التعويض غير سوي إذا كان التفوق الناتج عنه تفوقاً مريضاً فاشلاً، وفي الجانب غير النافع من الحياة. فالطفل ضعيف البنية قد يحاول التعويض باتخاذ مظاهر القسوة والعنف والالتجاء إلى السلوك العدواني ضد الأطفال الأصغر منه وضد الخدم والحيوانات.

وقد يكون التعويض مباشراً أو غير مباشر؛ فالتعويض المباشر هو محاولة الفرد التفوق في الميدان نفسه الذي يشعر فيه بالنقص. فالفتاة غير الجميلة قد تحاول لفت الأنظار إليها بالإكثار من المساحيق والزينة وارتداء الملابس الزاهية وغير المحتشمة، لتلفت الأنظار إليها.

أما التعويض غير المباشر، فهو محاولة الفرد التفوق في ميادين أخرى غير الميادين التي يشعر فيها بالنقص. فالطالب ضعيف التحصيل قد يحاول التفوق على زملائه في الألعاب الرياضية.

هـ. النكوص

هو رجوع الفرد إلى أنماط من الدوافع أو من السلوك، أو طرق الإشباع النفسي للرغبات القديمة التي لا تتفق مع مرحلة النمو التي وصل إليها. ويحدث هذا، عادة، إذا فشل المرء في تحقيق رغباته بطريقة إيجابية بناءة؛ فيرتد إلى أساليب الإشباع القديمة، التي لم تعد تتناسب مع مرحلة نموه الحالية.

فالرجل الذي فشل في حبه، قد يقنع نفسه بالعيش في كنف أمه، أو إحدى قريباته، أو سيدة عجوز تعطف عليه (كبدائل لأمه). وكالفتى الذي يتطلع عند زواجه إلى زوجة تقوم مقام أمه الحنون. وكالفتاة التي تخشى كبر السن قبل أن يتحقق لها الزواج، فتظهر بمظهر الفتيات الصغيرات في ملبسها وحركاتها وحديثها. ويوضح ذلك كيف يؤدي النكوص إلى أن يصبح سلوك الشخص غريباً.

وللنكوص صور، منها ما هو ضار ومنها ما هو نافع. فمن النافع ميل الإنسان إلى تذكر أيام طفولته الأولى، التي كان يشعر فيه بالسعادة والراحة والطمأنينة، وزيارته من وقت لأخر للأماكن التي نشأ فيها وقضى فيها أيام طفولته، لأن ذلك يشعره بأن هذه الصور مألوفة وشائعة، وتحقق درجة من الراحة النفسية له.

ومن صور النكوص الضار، عودة بعض الأطفال إلى التبول غير الإرادي، بعد أن يكونوا قد ضبطوه من قبل. ويحدث ذلك حينما يشعر الطفل بقلق من فقدان حب والديه وانصرافهما كلية إلى المولود الجديد. ومن الصور المتطرفة للنكوص، والتي تدل على اضطراب الشخصية، تراجع الراشد إلى دوافع وأساليب إشباع غير ناضجة، لم تعد تتفق مع مستوى نضجه الجسمي وعمره الزمني. لذلك، تضطر النفس البشرية إلى تحريف دوافعها وأساليبها الطفيلية حتى تموهها على الآخرين، وعلى نفسها أيضاً، بما يزيد من صعوبة تشخيص تلك الأعراض، ويجعل الانحرافات النفسية غير مفهومة.

ثانياً: منافع الحيل العقلية الدفاعية وفوائدها

الحيل العقلية سلاح ذو حدين، فهي نافعة وضارة. ويظهر نفعها في:

1. أن ظهور القلق هو الإشارة أو العلامة على أن هناك خطراً قائماً، وتكون الحيل العقلية الدفاعية وسيلة للوقاية من الخطر أو منعه أو اعتراضه. فالتعويض عن الفشل الدراسي بالتفوق الرياضي، وسيلة تقي الفرد من انخفاض تقدير الذات وما يصاحبه من قلق وتوتر.

2. تؤدي الحيل العقلية إلى تأمين الشخصية من مزيد من الأخطار، وإلى خفض مستوى القلق والتوتر النفسي الذي يعانيه الفرد، ويعوقه عن التكيّف الناجح.

3. كنتيجة لخفض مستوى القلق مؤقتاً، يمكن أن يتحرر الفرد من العجز والضعف (مؤقتاً) بحيث يستطيع أن يجرب أساليب متعددة للتكيف. ويعطيه ذلك وقتاً كافياً للتمييز بين جوانب المشكلة والتفكير في بدائل لحلها، والتخطيط لتنفيذ الحل تمهيداً لوضعه موضع التجربة الواقعية.

4. تُهيئ الفرصة للفرد لكي يجرب نفسه في أدوار جديدة، وتعلم وسائل جديدة للتكيف. فبالتبرير يوجد الإنسان أسباباً منطقية يفسر بها سلوكه ويقنع بها نفسه، ما قد يؤدي إلى أن يفتح أمامه مجالاً للتفكير السليم المبني على إدراك العلاقة بين الأسباب والمسببات. وبالتعويض قد يحقق الفرد تفوقاً في مجالات جديدة، تساعده على التكيف.

5. قد يؤدي سلوك معين مبني على عمليات دفاعية لا شعورية إلى نتائج إيجابية. فقد يكون التعبير عن رغبة مكبوتة في صورة عمل فني رائع، وقد يكون إعلاء دافع العدوان بالتفوق في مجال الرياضة البدنية (الإعلاء هو تحويل الطاقة النفسية المتعلقة بالدوافع المكبوتة، إلى أداء بعض الأعمال البدنية المقبولة والمفيدة).

6. لبعض الحيل العقلية دور مهم في عملية التنشئة الاجتماعية؛ فارتباط الطفل بأحد والديه أو تقمصه لأي منهما (التقمص عملية يرتبط فيها الشخص انفعالياً بشخص آخر فتندمج ذاتهما لتصبح ذاتاً واحدة)، يؤدي إلى استيعاب الطفل لأخلاق أبويه وغيرهم من الكبار؛ فينشأ ويتكون لديه الضمير الذي يقوم على استيعاب تعريفات السلوك وضوابطه، التي يتلقاها من الآخرين.

7. تلعب الحيل دوراً في التفاعل الاجتماعي. فالتقمص عملية أساسية في المشاركة الوجدانية والتعاون؛ لأنها تساعد الفرد على معايشة مشاعر الآخرين. فالطفل يعايش مشاعر والديه ومن يحب من الكبار، وعندما يكبر يمتد التقمص إلى أشخاص آخرين، كالمدرسين والأصدقاء؛ ثم يمتد إلى أنواع من الرموز الاجتماعية، كالجماعة التي ينتمي إليها أو النادي الذي يشترك في أنشطته. والتبرير كحيلة عقلية ييسر التفاعل الاجتماعي، إذ تساعدنا المبررات التي تتقبلها الجماعة على أن نتعامل مع الجماعة في سهولة ويسر، ودون تعرض للكف.

8. تفسر الحيل بعض الظواهر الاجتماعية، كالتعصب العنصري. فعندما تُحبط الجماعة الأقوى فإنها "تحوِّل" مشاعر العدوان إلى جماعة الأقلية الضعيفة، بدلاً من أن تتجه إلى المصادر الحقيقية للإحباط (والتحويل هو نقل الدوافع والرغبات والانفعالات من مسالكها الأصلية، إلى مسالك أخرى بديلة).

    مضار الحيل العقلية:

1. كثيراً ما تتحول الحياة بدورها إلى عوائق تمنع تحقيق التوافق؛ فحين يحدث الكبت قد يتعذر استعادة المادة المكبوتة، ما يسبب المزيد من القلق، وخصوصاً عند محاولة المادة المكبوتة الظهور والوصول إلى منطقة الشعور.

2. لا يتيسر تعديل هذه الحيل بسهولة لما تلقاه من تدعيم ناتج من خفضها للقلق الذي يعانيه الفرد، وشعوره بالراحة لفترة زمنية طويلة نتيجة لاستخدامها.

3. تشوه هذه العمليات الواقع ما قد يؤدي بالفرد ـ الذي يعتمد عليها ـ إلى الابتعاد عن الواقع. فالإفراط في أحلام اليقظة والنكوص، مثلاً، يعزلان الفرد عن الواقع، فلا يرى أو يرتاح إلا لما في خياله، أو في ممارسة الأساليب الطفلية، ما يؤدي به إلى الانسحاب من الواقع.

4. يؤدي الإفراط في استخدامها إلى الاعتماد عليها كوسائل للتكيف، ما قد يؤدي إلى الإصابة بالمرض النفسي أو العقلي، كما في الحالات التي تستخدم النكوص بكثرة، أو التي تستخدم الانسحاب من المشاركة الاجتماعية كوسيلة للتكيف.

5. كرد فعل للإحباط يتولد العدوان، الذي قد لا يستطيع الفرد توجيهه إلى مصدر الإعاقة أو الإحباط؛ فيحوله إلى ذاته. فيلوم نفسه وينتقص من قدراته وإمكانياته. وقد يؤدي تحويل العدوان إلى ذات الشخص إلى الانتحار.

معنى هذا أن من الحيل الدفاعية ما يؤدي إلى تحطيم الذات في صور متعددة، كالانسحاب المفرط والانطواء الشديد والانتحار وإزهاق الروح.

رابعاً: الحيل العقلية الدفاعية ومواجهة الواقع

خلال سعي الإنسان إلى تحقيق أهدافه وإشباع رغباته، يصطدم بعدد من العوائق. ويؤدي ذلك إلى شعوره بالإحباط؛ ما يدفعه إلى محاولة إعادة التوافق واستعادة الاتزان، ببذل الجهد أو التأجيل (النتائج المباشرة)، أو باستخدام بعض من الحيل العقلية الدفاعية، التي تساعده على التخفيف من توتره. ولعل مواجهة الواقع من الأساليب المناسبة لعدم الانغماس أو الإغراق، في الحيل الدفاعية.

تقتضي مواجهة الواقع التفكير في الموقف وتحليله بعناية، والتوصل إلى مستوى سلوكي يستطيع أن يقوم به الشخص وأن يعززه، ويتمشى مع صورة ذاته وتكوينه العام وما لديه من قيم. وفي كثير من المواقف التي من هذا النوع، يتضمن السلوك الجديد اختيار الصالح ونبذ الطالح، بغض النظر عن أنماط السلوك الشائعة. ومن الضروري أن نعيش في الواقع مع الناس، وأن نتوافق مع مقتضيات المجتمع؛ ولكن هذا لا يعني أن نتنازل عن قيمنا الأساسية ومعاييرنا.

وتقتضي مواجهة الواقع احترام العقل والاحتكام إلى الواقع الحقيقي لإصدار الحكم، أو الوصول إلى المعرفة الحقيقية، والتفرقة بين الفاسد والصحيح، من دون الاستناد في ذلك إلى خرافات وغيبيات. ومن هذا المنطلق يتسق السلوك مع المنهج العلمي في التفكير وفي علاج المشكلات؛ كذلك، فإن تغيير السلوك لا بد أن يبدأ من العقل، ومناقشة أفكار الفرد غير المعقولة، ومن ثم تتغير الطريقة التي يدرك بها الواقع وتتغير مشاعره إزاء المواقف. ولمّا كانت الصلة مباشرة بين التفكير والانفعال، فكل تغيير في التفكير إلى الأفضل يترتب عليه تحسن في انفعالات الفرد، ومن ثم تعديل في سلوكه.

وتقتضي مواجهة الواقع وعي الفرد بذاته، أي فهمه لها، وتقديره الموضوعي الواقعي لإمكاناته، واكتشاف ما لم يُستخدم من تلك الإمكانيات، وإعادة تقييم كل ذلك في ضوء الإمكانات البيئية والاجتماعية.

وتقبل الفرد لذاته من الوسائل التي تساعد على مواجهة الواقع بنجاح. إن فكرة الإنسان عن نفسه من أهم العوامل التي تؤثر في سلوكه؛ فإذا كانت هذه الفكرة حسنة مشوبة بالرضا، فإن ذلك يدفعه إلى العمل والتوافق مع المجتمع والنجاح حسب قدراته. أما الفرد الذي لا يتقبل ذاته، فإنه يتعرض للمواقف الإحباطية التي تجعله يشعر بالعجز والفشل؛ ما يدفعه إلى استخدام الحيل العقلية الدفاعية كوسيلة لا شعورية للتوافق والتكيف.

 



       

المصادر والمراجع

1.   جابر عبدالحميد جابر، محمد مصطفى الشعبيني، "النمو النفسي والتكيف الاجتماعي"، دار النهضة العربية، القاهرة، 1962.

2.   حسين عبدالعزيز الدريني، "في المدخل إلى علم النفس"، دار الفكر العربي، القاهرة، 1983.

3.   ريتشارد م. سوين، "علم الأمراض النفسية والعقلية"، ترجمة أحمد عبدالعزيز سلامة، دار النهضة العربية، القاهرة، 1979.

4.   سعد جلال، "في الصحة العقلية"، مكتبة المعارف الحديثة، الإسكندرية، 1980.

5.   عبدالعزيز القوصي، "أسس الصحة النفسية"، مكتبة النهضة المصرية، القاهرة، ط 6، 1962.

6.   فرج عبدالقادر طه، "موسوعة علم النفس والتحليل النفسي"، دار سعاد الصباح، الكويت، 1993.

7.   محمد عثمان نجاتي، "علم النفس في حياتنا اليومية"، دار القلم، الكويت، ط10، 1983.

8.   وليم الخولي، "الموسوعة المختصرة في علم النفس والطب العقلي"، دار المعارف بمصر، القاهرة، 1976.



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75822
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

" الموسوعة المصغّرة للمصطلحات النفسية " 6 Empty
مُساهمةموضوع: رد: " الموسوعة المصغّرة للمصطلحات النفسية " 6   " الموسوعة المصغّرة للمصطلحات النفسية " 6 Emptyالسبت 18 يونيو 2016, 5:23 pm

صعوبات التعلم


       

صعوبات التعلم

توجد نسبة من التلاميذ لا تستفيد من البرامج العادية داخل حجرة الدراسة، ما يؤدي إلى انخفاض تحصيلهم العلمي. وعند دراسة عينات من هؤلاء التلاميذ، يتضح أنهم لا يعانون من مشكلات نفسية أو إعاقة بدنية، كما لا يعانون من حرمان بيئي أو ثقافي أو اقتصادي، بل قد وتكون قدراتهم العقلية أعلى من المتوسط. ويسمى مثل هؤلاء التلاميذ "ذوي صعوبات التعلم".

وتختلف نسبة حدوث صعوبات التعلم من مدرسة إلى أخرى، ومن ثقافة إلى أخرى، ومن جنس إلى آخر. كما تحدث في أعمار مختلفة.

ويترتب على المعاناة من صعوبات التعلم العديد من المشكلات المدرسية والنفسية والسلوكية، التي تؤثر على التلميذ وأقرانه في الفصل الدراسي، بما تسببه من اضطرابات نفسية واجتماعية وأسرية ومدرسية؛ فضلاً عن أن صعوبات التعلم تؤدي إلى ضعف التحصيل الدراسي، وتقدم للمجتمع فرداً مُشكلاً يعاني من سوء التوافق الشخصي والاجتماعي والدراسي.

ويظهر التلميذ، الذي يعاني من صعوبة التعلم وعياً غير ناضج بالمواقف. ويكون –عادة- تلميذاً غير نشيط ولا يستفيد من أنشطة التعلم، ويوصف بالكسل والتراخي في حجرة الدراسة، كما أن فهمه لذاته عموماً والأكاديمية خصوصاً، يكون متدنياً. ويتزايد لديه الشعور بالفشل عندما لا يصل إلى مستوى الأداء الذي يحققه زملاؤه، ما يؤدي إلى ضعف ثقته بنفسه وبقدرته على التعلم ومثابرته من أجل التحصيل.

ومما يجدر الإشارة إليه أن صعوبات التعلم لا توجد فقط لدى الأطفال، بل ولدى الكبار أيضاً، إذ قد يعانون من صعوبات خاصة في الانتباه والتفكير. ولا توجد هذه الصعوبات لدى المتخلفين عقلياً فحسب؛ بل ولدى المتفوقين عقلياً كذلك. ويُطلق عليهم "الموهوبون ذوو الخصوصية المزدوجة".

أولاً: تعريف صعوبات التعلم

يمكن تصنيف تعريفات "صعوبات التعلم" في المحاور التالية:

1. تعريفات عامة

أ. يُشير مفهوم صعوبات التعلم إلى مجموعة غير متجانسة من الاضطرابات، تعبر عن نفسها من خلال صعوبات في اكتساب واستخدام قدرات الاستماع أو الحديث أو القراءة أو الكتابة أو الاستدلال.

ب. الشخص الذي يعاني من اضطراب في إحدى العمليات السيكولوجية الأساسية، حين تستعمل اللغة مشافهة أو حين يتعلمها كتابة وقراءة.، وتبدو هذه الاضطرابات في عدم قدرة الفرد على أن يسمع أو يفكر أو يقرأ أو يتحدث أو يكتب، أو أن يقوم بعمليات حسابية.

2. تعريفات نوعية

أ. يمكن تحديد صعوبات التعلم، في ضوء منحى صعوبات التعليم الأكاديمية، على أنها اضطراب يظهر في صورة واضحة في استخدام قدرات الاستماع والكلام والقراءة والكتابة. وهذا الاضطراب ناتج عن خلل وظيفي في الجهاز العصبي المركزي.

ب. تتمثل صعوبات التعلم النمائية في نقص المهارات التي يحتاجها الطفل، بهدف تحصيل الموضوعات الأكاديمية، مثل الانتباه والذاكرة والإدراك والتفكير.

3. تعريفات بناءً على معيار معين

أ. عدم قدرة التلاميذ على الوصول إلى مستوى النجاح الخاص بكل مهارة من المهارات الأساسية، التي تُقاس بالاختبارات التشخيصية.

ب. "صعوبات التعلم" مفهوم يصف مجموعة من الأفراد يتميزون بذكاء متوسط أو أعلى من المتوسط؛ إلا أنهم يظهرون تحصيلاً أدنى من المتوقع منهم في الاختبارات التحصيلية.

يتضح مما سبق تعدد تعريفات صعوبات التعلم، وذلك بناءً على:

·   وجهة نظر الباحث، وتباين المدارس الفكرية.

·   عدم تجانس ذوي صعوبات التعلم، وفئات وتصنيفات صعوبات التعلم.

·   صعوبات التعلم غير قاصرة على الأطفال، إذ قد توجد أيضاً لدى الكبار، ولدى الموهوبين ومتوسطي الذكاء.

·   اشتراك "ذوي صعوبات التعلم" مع فئات أخرى -كأصحاب التخلف العقلي والمتأخرين دراسياً- في بعض الخصائص.

·   تباين الأسس الشخصية لذوي صعوبات التعلم.

·   تداخل الصعوبات وتداخل تأثيرها؛ فمثلاً صعوبات الانتباه تؤثر على الفهم والتفكير والتحصيل.

بناءً على ذلك يمكن تحديد صعوبات التعلم بأنها قصور في أداء التلميذ التعليمي، بحيث يكون ذلك الأداء أقل من المتوقع من هذا التلميذ بناءً على نسبة ذكائه. وأن هذا القصور يرجع إلى أسباب عصبية ونفسية وعقلية واجتماعية. وتظهر هذه الصعوبات في صورة قصور في الانتباه والتذكر والتفكير، أو قصور في الأداء الأكاديمي، مثل صعوبات في تعلم القراءة، أو في تعلم الكتابة والحساب.

وتختلف صعوبات التعلم عن التأخر الدراسي في أن المتأخر دراسياً يكون منخفض الذكاء، إذ يتراوح ذكاؤه ما بين 70 وما دون 90. أما من يعاني من صعوبة تعلم فإن ذكاءه يكون في المتوسط، أو أعلى من المتوسط. وبالقدر نفسه يختلف التأخر الدراسي عن التخلف العقلي، إذ إن المتخلف عقلياً تكون نسبة ذكائه أقل من 70.

كذلك تختلف صعوبات التعلم عن اضطراب التعلم، إذ يشير اضطراب التعلم إلى إعاقة في الجهاز العصبي ترجع إلى الجينات الوراثية، أو إصابة دماغية أثناء الولادة، أو حرمان حسي. أما صعوبة التعلم فتشير إلى عدم قدرة التلميذ على إنجاز مهام دراسية معينة، على الرغم من امتلاكه لقدرة عقلية كافية لإنجازها.

ثانياً: خصائص ذوي صعوبات التعلم

1. الخصائص المعرفية

أ. صعوبة في الفهم.

ب. اضطراب في عمليات التفكير.

ج. الافتقار إلى التنظيم والتخطيط.

د. صعوبات في القراءة والكتابة والحساب.

هـ. قصور في الذاكرة.

و. نقص الدافعية.

ز. القصور في مراقبة الذات أو الرقابة العقلية النشطة.

ح. ضعف القدرة على انتقاء أو اختيار الإستراتيجية الملائمة، التي تساعده على التعلم، أو عند معالجته للمهام المعرفية.

ط. الفشل في تطبيق الإستراتيجيات الناجحة حتى مع توافرها.

ي. سوء تقويم القدرات عند معالجة المهام المعرفية.

ك. الفشل في تقويم المهام.

ل. الفشل في اكتشاف الأخطاء، أو تصحيحها، أو تعديل الإستراتيجيات.

م. ضعف القدرة على تقويم الإستراتيجيات المستخدمة.

ن. انخفاض مستوى الذكاء الاجتماعي.

2. الخصائص السلوكية

أ. النشاط الحركي الزائد.

ب. العدوانية المرتفعة والاندفاع.

ج. الاتكالية والاعتماد على الآخرين.

د. الانسحاب وضعف القدرة على التصرف في المواقف المختلفة.

هـ. صعوبة الالتزام بالقواعد والقوانين.

و. قلة الالتزام بالأوامر الخاصة بتنظيم السلوك في سياق المجتمع.

ز. نقص القدرة على المحافظة على علاقات مُرضية مع الأصدقاء.

ح. نقص الكفاءة الاجتماعية.

ط. الرفض من الآخرين.

3. الخصائص النفسية (الوجدانية والانفعالية)

أ. انخفاض تقدير الذات.

ب. نقص الدافعية للإنجاز.

ج. انخفاض مستوى الطموح.

د. الميل إلى وجهة الضبط الخارجية أكثر من الداخلية.

هـ. ارتفاع مستوى القلق العام.

و. صعوبة فهم مشاعر الآخرين.

ز. مشكلات في التوافق.

ح. الشعور بالإحباط.

ط. سهولة الانقياد للآخرين.

ي. تقلب المزاج.

ك. الشعور بالإهمال.

ل. ضعف المثابرة.

م. ضعف الاهتمام بالمدرسة.

ن. ضعف القدرة على أداء الأدوار الاجتماعية المطلوبة.

بناءً على الاستعراض الموجز السابق، يتعين على المربين والتربويين النظر إلى الطفل أو الراشد ذي الصعوبة بوصفه شخصاً متفرداً في خصائصه المعرفية والأكاديمية والاجتماعية والانفعالية، والسلوكيات المرتبطة بها. ويتعين أن يُقارن كل فرد من هؤلاء بنفسه، وليس بأقرانه المماثلين له في العمر أو الصف الدراسي؛ لأن كل فرد مختلف عن الآخر وأن مجموع اختلافاته تكوِّن شخصيته. ومن ثم فإن أي تقدم يحرزه أي من هؤلاء الأفراد يمكن أن يُرد إليه، أي يُنسب إلى ما كان عليه قبل إحراز التقدم. كما أن هؤلاء الأفراد، بما لهم من خصائص تختلف عن أقرانهم من التلاميذ العاديين، فهم يحتاجون إلى قدر من التربية الخاصة.

ثالثاً: أنواع صعوبات التعلم

ثمة تصنيفين لأنواع صعوبات التعلم، هما: تصنيف ثنائي (وهو الأكثر شيوعاً)، وتصنيف ثلاثي (وهو تصنيف جديد ومقترح).

1. التصنيف الثنائي

أ. صعوبات تعلم نمائية: وتشمل صعوبات الانتباه والذاكرة والإدراك والتفكير واللغة الشخصية.

ب. صعوبات تعلم أكاديمية: وتشمل الصعوبات التي تظهر لدى تلاميذ المدارس في المستويات الصفية المختلفة، وتتضمن صعوبات القراءة (فك الشفرة، والفهم القرائي)، والكتابة والتهجئ والحساب.

هذان النوعان من الصعوبات غير مستقلين تماماً، بل ثمة علاقة قوية بينهما؛ فالطفل الذي يعاني من صعوبات تعلم نمائية، لا بد وأن يؤدي به ذلك إلى صعوبات تعلم أكاديمية، حيث تشير الأولى إلى الاضطرابات في العمليات الضرورية اللازمة للأداء الأكاديمي الجيد، في حين تستخدم الثانية حينما ينخفض مستوى أداء التلميذ الفعلي في القراءة أو الكتابة أو الحساب أو التهجئ، عن المستوى المتوقع له، عندئذ يكون لديه صعوبة نوعية.

2. التصنيف الثلاثي

أ. صعوبات التعلم المعرفية: وتتضمن قصور الانتباه، واضطراب الإدراك، واضطراب الذاكرة، واضطراب الميتامعرفة، واضطراب التفكير وحل المشكلة.

ب. صعوبات التعلم الأكاديمية: وتتضمن ضعف المهارات الأساسية للقراءة، وصعوبة الفهم القرائي، وصعوبة معالجة العمليات الحسابية، وصعوبات الاستدلال الرياضي، وصعوبات التعبير الشفهي/ الكتابي، وصعوبات الفهم السماعي.

ج. صعوبات السلوك الاجتماعي الانفعالي: وتتضمن مشكلات الضبط الذاتي، وفرط النشاط، والتشتت، والحيرة، والتردد، والارتباك، وضعف دافعية الإنجاز.

وثمة تداخل وتفاعل بين هذه الأنواع الثلاثة، أي أنها ليست فئات مستقلة عن بعضها البعض تماماً.

رابعاً: برامج رعاية وتدريب ذوي صعوبات التعلم

توجد إستراتيجيات ثلاث لتدريب ورعاية ذوي صعوبات التعلم:

1. التدريب القائم على تحليل المهمة: ويكون التركيز فيه على تسلسل وتبسيط المهمة، التي سيتعلمها التلميذ.

2. التدريب القائم على العمليات النفسية: ويكون التركيز فيه على علاج صعوبات التعلم الإنمائية.

3. التدريب القائم على تحليل المهمة والعمليات النفسية: ويقوم هذا التدريب على ثلاث مراحل:

أ. تحليل الطفل: تقييم نوحي القوة والعجز لدى الطفل.

ب. تحليل المهمات: تحليل المهمات التي يفشل فيها الطفل، وذلك من أجل تحديد تسلسل المهارات السلوكية والمعرفية المطلوبة، لأداء تلك المهمات.

ج. الجمع بين المعلومات، الخاصة بتحليل الطفل وتحليل المهمات من أجل تصميم الأساليب التدريسية والمواد التربوية، التي سيتم تقديمها بشكل فردي.



       

المصادر والمراجع

1.      أحمد عواد، "تشخيص وعلاج صعوبات التعلم الشائعة في الحساب لدى تلاميذ الحلقة الأولى من مرحلة التعليم الأساسي"، رسالة دكتوراه غير منشورة، كلية التربية، جامعة بنها، 1992.

2.      أحمد محمد شبيب حسن، "الاتجاهات الحديثة في مجال صعوبات التعلم"، بحث مرجعي مقدم للجنة ترقية الأساتذة، كلية التربية، 2001.

3.      إسماعيل إسماعيل الصاوي، "صعوبات الفهم القرائي المعرفية والميتامعرفية"، دار الفكر العربي، القاهرة، 2009.

4.      جمال فرغلي الهواري، "الاتجاهات المعاصرة في مجال صعوبات تعلم الكتابة"، بحث مرجعي مقدم للجنة ترقية الأساتذة المساعدين، كلية التربية، جامعة الأزهر، القاهرة، 2006.

5.      فتحي الزيات، "صعوبات التعلم: الأسس النظرية والتشخيصية والعلاجية"، دار النشر للجامعات، القاهرة، 1998.

6.      فيصل الزراد، "صعوبات التعلم لدى عينة من تلاميذ المرحلة الابتدائية في دولة الإمارات العربية المتحدة"، رسالة الخليج العربي، العدد 38، 11، مكتب التربية العربي لدول الخليج.

7.      مجدي الشحات، "تشخيص وعلاج القصور في حل المشكلات الرياضية اللفظية لدى التلاميذ من ذوي صعوبات التعلم"، رسالة دكتوراه غير منشورة، كلية التربية، جامعة بنها، 1999.

8.      محمد عبدالرحيم عدس، "صعوبات التعلم"، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، عمان، 2000.

9.       محمد علي كامل، "سيكولوجية الفئات الخاصة"، مكتبة النهضة المصرية، القاهرة، 1996.

10.  محمد مصطفى الديب، "الفروق بين ذوي صعوبات التعلم والعاديين في بعض سمات الشخصية من طلاب الجامعة"، مجلة كلية التربية، العدد 34، كلية التربية، جامعة الزقازيق، 2000.

11.  محمود عوض الله سالم، "صعوبات التعلم بين الواقع والمأمول"، المؤتمر العلمي الأول، كلية التربية، جامعة بنها، 2007.



       

صعوبات التعلم

توجد نسبة من التلاميذ لا تستفيد من البرامج العادية داخل حجرة الدراسة، ما يؤدي إلى انخفاض تحصيلهم العلمي. وعند دراسة عينات من هؤلاء التلاميذ، يتضح أنهم لا يعانون من مشكلات نفسية أو إعاقة بدنية، كما لا يعانون من حرمان بيئي أو ثقافي أو اقتصادي، بل قد وتكون قدراتهم العقلية أعلى من المتوسط. ويسمى مثل هؤلاء التلاميذ "ذوي صعوبات التعلم".

وتختلف نسبة حدوث صعوبات التعلم من مدرسة إلى أخرى، ومن ثقافة إلى أخرى، ومن جنس إلى آخر. كما تحدث في أعمار مختلفة.

ويترتب على المعاناة من صعوبات التعلم العديد من المشكلات المدرسية والنفسية والسلوكية، التي تؤثر على التلميذ وأقرانه في الفصل الدراسي، بما تسببه من اضطرابات نفسية واجتماعية وأسرية ومدرسية؛ فضلاً عن أن صعوبات التعلم تؤدي إلى ضعف التحصيل الدراسي، وتقدم للمجتمع فرداً مُشكلاً يعاني من سوء التوافق الشخصي والاجتماعي والدراسي.

ويظهر التلميذ، الذي يعاني من صعوبة التعلم وعياً غير ناضج بالمواقف. ويكون –عادة- تلميذاً غير نشيط ولا يستفيد من أنشطة التعلم، ويوصف بالكسل والتراخي في حجرة الدراسة، كما أن فهمه لذاته عموماً والأكاديمية خصوصاً، يكون متدنياً. ويتزايد لديه الشعور بالفشل عندما لا يصل إلى مستوى الأداء الذي يحققه زملاؤه، ما يؤدي إلى ضعف ثقته بنفسه وبقدرته على التعلم ومثابرته من أجل التحصيل.

ومما يجدر الإشارة إليه أن صعوبات التعلم لا توجد فقط لدى الأطفال، بل ولدى الكبار أيضاً، إذ قد يعانون من صعوبات خاصة في الانتباه والتفكير. ولا توجد هذه الصعوبات لدى المتخلفين عقلياً فحسب؛ بل ولدى المتفوقين عقلياً كذلك. ويُطلق عليهم "الموهوبون ذوو الخصوصية المزدوجة".

أولاً: تعريف صعوبات التعلم

يمكن تصنيف تعريفات "صعوبات التعلم" في المحاور التالية:

1. تعريفات عامة

أ. يُشير مفهوم صعوبات التعلم إلى مجموعة غير متجانسة من الاضطرابات، تعبر عن نفسها من خلال صعوبات في اكتساب واستخدام قدرات الاستماع أو الحديث أو القراءة أو الكتابة أو الاستدلال.

ب. الشخص الذي يعاني من اضطراب في إحدى العمليات السيكولوجية الأساسية، حين تستعمل اللغة مشافهة أو حين يتعلمها كتابة وقراءة.، وتبدو هذه الاضطرابات في عدم قدرة الفرد على أن يسمع أو يفكر أو يقرأ أو يتحدث أو يكتب، أو أن يقوم بعمليات حسابية.

2. تعريفات نوعية

أ. يمكن تحديد صعوبات التعلم، في ضوء منحى صعوبات التعليم الأكاديمية، على أنها اضطراب يظهر في صورة واضحة في استخدام قدرات الاستماع والكلام والقراءة والكتابة. وهذا الاضطراب ناتج عن خلل وظيفي في الجهاز العصبي المركزي.

ب. تتمثل صعوبات التعلم النمائية في نقص المهارات التي يحتاجها الطفل، بهدف تحصيل الموضوعات الأكاديمية، مثل الانتباه والذاكرة والإدراك والتفكير.

3. تعريفات بناءً على معيار معين

أ. عدم قدرة التلاميذ على الوصول إلى مستوى النجاح الخاص بكل مهارة من المهارات الأساسية، التي تُقاس بالاختبارات التشخيصية.

ب. "صعوبات التعلم" مفهوم يصف مجموعة من الأفراد يتميزون بذكاء متوسط أو أعلى من المتوسط؛ إلا أنهم يظهرون تحصيلاً أدنى من المتوقع منهم في الاختبارات التحصيلية.

يتضح مما سبق تعدد تعريفات صعوبات التعلم، وذلك بناءً على:

·   وجهة نظر الباحث، وتباين المدارس الفكرية.

·   عدم تجانس ذوي صعوبات التعلم، وفئات وتصنيفات صعوبات التعلم.

·   صعوبات التعلم غير قاصرة على الأطفال، إذ قد توجد أيضاً لدى الكبار، ولدى الموهوبين ومتوسطي الذكاء.

·   اشتراك "ذوي صعوبات التعلم" مع فئات أخرى -كأصحاب التخلف العقلي والمتأخرين دراسياً- في بعض الخصائص.

·   تباين الأسس الشخصية لذوي صعوبات التعلم.

·   تداخل الصعوبات وتداخل تأثيرها؛ فمثلاً صعوبات الانتباه تؤثر على الفهم والتفكير والتحصيل.

بناءً على ذلك يمكن تحديد صعوبات التعلم بأنها قصور في أداء التلميذ التعليمي، بحيث يكون ذلك الأداء أقل من المتوقع من هذا التلميذ بناءً على نسبة ذكائه. وأن هذا القصور يرجع إلى أسباب عصبية ونفسية وعقلية واجتماعية. وتظهر هذه الصعوبات في صورة قصور في الانتباه والتذكر والتفكير، أو قصور في الأداء الأكاديمي، مثل صعوبات في تعلم القراءة، أو في تعلم الكتابة والحساب.

وتختلف صعوبات التعلم عن التأخر الدراسي في أن المتأخر دراسياً يكون منخفض الذكاء، إذ يتراوح ذكاؤه ما بين 70 وما دون 90. أما من يعاني من صعوبة تعلم فإن ذكاءه يكون في المتوسط، أو أعلى من المتوسط. وبالقدر نفسه يختلف التأخر الدراسي عن التخلف العقلي، إذ إن المتخلف عقلياً تكون نسبة ذكائه أقل من 70.

كذلك تختلف صعوبات التعلم عن اضطراب التعلم، إذ يشير اضطراب التعلم إلى إعاقة في الجهاز العصبي ترجع إلى الجينات الوراثية، أو إصابة دماغية أثناء الولادة، أو حرمان حسي. أما صعوبة التعلم فتشير إلى عدم قدرة التلميذ على إنجاز مهام دراسية معينة، على الرغم من امتلاكه لقدرة عقلية كافية لإنجازها.

ثانياً: خصائص ذوي صعوبات التعلم

1. الخصائص المعرفية

أ. صعوبة في الفهم.

ب. اضطراب في عمليات التفكير.

ج. الافتقار إلى التنظيم والتخطيط.

د. صعوبات في القراءة والكتابة والحساب.

هـ. قصور في الذاكرة.

و. نقص الدافعية.

ز. القصور في مراقبة الذات أو الرقابة العقلية النشطة.

ح. ضعف القدرة على انتقاء أو اختيار الإستراتيجية الملائمة، التي تساعده على التعلم، أو عند معالجته للمهام المعرفية.

ط. الفشل في تطبيق الإستراتيجيات الناجحة حتى مع توافرها.

ي. سوء تقويم القدرات عند معالجة المهام المعرفية.

ك. الفشل في تقويم المهام.

ل. الفشل في اكتشاف الأخطاء، أو تصحيحها، أو تعديل الإستراتيجيات.

م. ضعف القدرة على تقويم الإستراتيجيات المستخدمة.

ن. انخفاض مستوى الذكاء الاجتماعي.

2. الخصائص السلوكية

أ. النشاط الحركي الزائد.

ب. العدوانية المرتفعة والاندفاع.

ج. الاتكالية والاعتماد على الآخرين.

د. الانسحاب وضعف القدرة على التصرف في المواقف المختلفة.

هـ. صعوبة الالتزام بالقواعد والقوانين.

و. قلة الالتزام بالأوامر الخاصة بتنظيم السلوك في سياق المجتمع.

ز. نقص القدرة على المحافظة على علاقات مُرضية مع الأصدقاء.

ح. نقص الكفاءة الاجتماعية.

ط. الرفض من الآخرين.

3. الخصائص النفسية (الوجدانية والانفعالية)

أ. انخفاض تقدير الذات.

ب. نقص الدافعية للإنجاز.

ج. انخفاض مستوى الطموح.

د. الميل إلى وجهة الضبط الخارجية أكثر من الداخلية.

هـ. ارتفاع مستوى القلق العام.

و. صعوبة فهم مشاعر الآخرين.

ز. مشكلات في التوافق.

ح. الشعور بالإحباط.

ط. سهولة الانقياد للآخرين.

ي. تقلب المزاج.

ك. الشعور بالإهمال.

ل. ضعف المثابرة.

م. ضعف الاهتمام بالمدرسة.

ن. ضعف القدرة على أداء الأدوار الاجتماعية المطلوبة.

بناءً على الاستعراض الموجز السابق، يتعين على المربين والتربويين النظر إلى الطفل أو الراشد ذي الصعوبة بوصفه شخصاً متفرداً في خصائصه المعرفية والأكاديمية والاجتماعية والانفعالية، والسلوكيات المرتبطة بها. ويتعين أن يُقارن كل فرد من هؤلاء بنفسه، وليس بأقرانه المماثلين له في العمر أو الصف الدراسي؛ لأن كل فرد مختلف عن الآخر وأن مجموع اختلافاته تكوِّن شخصيته. ومن ثم فإن أي تقدم يحرزه أي من هؤلاء الأفراد يمكن أن يُرد إليه، أي يُنسب إلى ما كان عليه قبل إحراز التقدم. كما أن هؤلاء الأفراد، بما لهم من خصائص تختلف عن أقرانهم من التلاميذ العاديين، فهم يحتاجون إلى قدر من التربية الخاصة.

ثالثاً: أنواع صعوبات التعلم

ثمة تصنيفين لأنواع صعوبات التعلم، هما: تصنيف ثنائي (وهو الأكثر شيوعاً)، وتصنيف ثلاثي (وهو تصنيف جديد ومقترح).

1. التصنيف الثنائي

أ. صعوبات تعلم نمائية: وتشمل صعوبات الانتباه والذاكرة والإدراك والتفكير واللغة الشخصية.

ب. صعوبات تعلم أكاديمية: وتشمل الصعوبات التي تظهر لدى تلاميذ المدارس في المستويات الصفية المختلفة، وتتضمن صعوبات القراءة (فك الشفرة، والفهم القرائي)، والكتابة والتهجئ والحساب.

هذان النوعان من الصعوبات غير مستقلين تماماً، بل ثمة علاقة قوية بينهما؛ فالطفل الذي يعاني من صعوبات تعلم نمائية، لا بد وأن يؤدي به ذلك إلى صعوبات تعلم أكاديمية، حيث تشير الأولى إلى الاضطرابات في العمليات الضرورية اللازمة للأداء الأكاديمي الجيد، في حين تستخدم الثانية حينما ينخفض مستوى أداء التلميذ الفعلي في القراءة أو الكتابة أو الحساب أو التهجئ، عن المستوى المتوقع له، عندئذ يكون لديه صعوبة نوعية.

2. التصنيف الثلاثي

أ. صعوبات التعلم المعرفية: وتتضمن قصور الانتباه، واضطراب الإدراك، واضطراب الذاكرة، واضطراب الميتامعرفة، واضطراب التفكير وحل المشكلة.

ب. صعوبات التعلم الأكاديمية: وتتضمن ضعف المهارات الأساسية للقراءة، وصعوبة الفهم القرائي، وصعوبة معالجة العمليات الحسابية، وصعوبات الاستدلال الرياضي، وصعوبات التعبير الشفهي/ الكتابي، وصعوبات الفهم السماعي.

ج. صعوبات السلوك الاجتماعي الانفعالي: وتتضمن مشكلات الضبط الذاتي، وفرط النشاط، والتشتت، والحيرة، والتردد، والارتباك، وضعف دافعية الإنجاز.

وثمة تداخل وتفاعل بين هذه الأنواع الثلاثة، أي أنها ليست فئات مستقلة عن بعضها البعض تماماً.

رابعاً: برامج رعاية وتدريب ذوي صعوبات التعلم

توجد إستراتيجيات ثلاث لتدريب ورعاية ذوي صعوبات التعلم:

1. التدريب القائم على تحليل المهمة: ويكون التركيز فيه على تسلسل وتبسيط المهمة، التي سيتعلمها التلميذ.

2. التدريب القائم على العمليات النفسية: ويكون التركيز فيه على علاج صعوبات التعلم الإنمائية.

3. التدريب القائم على تحليل المهمة والعمليات النفسية: ويقوم هذا التدريب على ثلاث مراحل:

أ. تحليل الطفل: تقييم نوحي القوة والعجز لدى الطفل.

ب. تحليل المهمات: تحليل المهمات التي يفشل فيها الطفل، وذلك من أجل تحديد تسلسل المهارات السلوكية والمعرفية المطلوبة، لأداء تلك المهمات.

ج. الجمع بين المعلومات، الخاصة بتحليل الطفل وتحليل المهمات من أجل تصميم الأساليب التدريسية والمواد التربوية، التي سيتم تقديمها بشكل فردي.



       

المصادر والمراجع

1.      أحمد عواد، "تشخيص وعلاج صعوبات التعلم الشائعة في الحساب لدى تلاميذ الحلقة الأولى من مرحلة التعليم الأساسي"، رسالة دكتوراه غير منشورة، كلية التربية، جامعة بنها، 1992.

2.      أحمد محمد شبيب حسن، "الاتجاهات الحديثة في مجال صعوبات التعلم"، بحث مرجعي مقدم للجنة ترقية الأساتذة، كلية التربية، 2001.

3.      إسماعيل إسماعيل الصاوي، "صعوبات الفهم القرائي المعرفية والميتامعرفية"، دار الفكر العربي، القاهرة، 2009.

4.      جمال فرغلي الهواري، "الاتجاهات المعاصرة في مجال صعوبات تعلم الكتابة"، بحث مرجعي مقدم للجنة ترقية الأساتذة المساعدين، كلية التربية، جامعة الأزهر، القاهرة، 2006.

5.      فتحي الزيات، "صعوبات التعلم: الأسس النظرية والتشخيصية والعلاجية"، دار النشر للجامعات، القاهرة، 1998.

6.      فيصل الزراد، "صعوبات التعلم لدى عينة من تلاميذ المرحلة الابتدائية في دولة الإمارات العربية المتحدة"، رسالة الخليج العربي، العدد 38، 11، مكتب التربية العربي لدول الخليج.

7.      مجدي الشحات، "تشخيص وعلاج القصور في حل المشكلات الرياضية اللفظية لدى التلاميذ من ذوي صعوبات التعلم"، رسالة دكتوراه غير منشورة، كلية التربية، جامعة بنها، 1999.

8.      محمد عبدالرحيم عدس، "صعوبات التعلم"، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، عمان، 2000.

9.       محمد علي كامل، "سيكولوجية الفئات الخاصة"، مكتبة النهضة المصرية، القاهرة، 1996.

10.  محمد مصطفى الديب، "الفروق بين ذوي صعوبات التعلم والعاديين في بعض سمات الشخصية من طلاب الجامعة"، مجلة كلية التربية، العدد 34، كلية التربية، جامعة الزقازيق، 2000.

11.  محمود عوض الله سالم، "صعوبات التعلم بين الواقع والمأمول"، المؤتمر العلمي الأول، كلية التربية، جامعة بنها، 2007.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
" الموسوعة المصغّرة للمصطلحات النفسية " 6
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: موسوعة البحوث والدراسات :: بحوث متنوعه-
انتقل الى: