التعلم ذاتي التنظيم التعلم ذاتي التنظيم
إذا كان طلب العلم فريضة على كل إنسان، فإن العلي القدير قد زود بني الإنسان بوسائل وأساليب تساعده على التعلم. فالطفل الصغير يسعى إلى معرفة بيئته من حوله، وإلى اكتشاف كل ما يحيط به. والطفل في سعيه هذا يكون مدفوعاً بدوافع ذاتية، ومستخدماً لطرق معينة تحقق له المعرفة. تلك الخاصية تمثل البدايات الأولى للتعلم ذاتي التنظيم، بوصفه العمليات التي ينشط بها الفرد، ويمارس ضبط تفكيره ووجدانه وسلوكه، عند اكتسابه المهارات والمعارف المختلفة، وكذلك بوصفه العمليات التي بواسطتها يستطيع الفرد ممارسة التعلم ذاتي التنظيم، لتصرفاته ودوافعه وتفكيره، سعياً لتحقيق أهداف معينة ومهمة له.
وأثبتت الدراسات أن للتعلم ذات التنظيم أهمية كبيرة في حياة الأفراد وتعلمهم، بسبب الآتي:
· يسهل عملية التعلم باستخدام الإستراتيجيات والطرق والأساليب المناسبة.
· يزود الأفراد المتعلمين بفرص لتطبيق وممارسة تلك الإستراتيجية، وما يستجد أو يكتسبه من إستراتيجيات جديدة.
· يربط المعلومات الجديدة والحديثة بالمعلومات السابقة لدى الفرد، والموجودة في بنيته المعرفية.
· يحسِّن التعلم ذاتي التنظيم من تعلم المتعلمين وأدائهم في العديد من المجالات الأساسية، كالقراءة والكتابة والرياضيات.
· يستخدم التعلم ذاتي التنظيم مع الطلاب العاديين والمتعلمين ذوي مشكلات التعلم المختلفة؛ فهو يحسن من تعلم الطلاب العاديين ويكسبهم المهارات المختلفة، كما يعالج أو يقلل من الصعوبات والمشكلات السلوكية لهم، إضافة إلى تحسين الأداء الأكاديمي لذوي تلك الصعوبات والمشكلات.
· يزيد التعلم ذاتي التنظيم من الدافعية الداخلية أو الذاتية للأفراد، ومن معتقدات الفرد حول فعالية الذات.
· يساعد الطلاب على التكيف مع أو تعديل إستراتيجيات التعلم، بما يتلاءم مع سعيهم لتحقيق أهدافهم.
· يؤدي إلى زيادة الاستعداد للمشاركة في المهام والأنشطة، مع تكثيف المجهود والإصرار الشديد على إنجاز المهام، قبل أو في الوقت المحدد.
· يقلل من صعوبات التعلم النمائية والأكاديمية لدى المتعلمين، كما يقلل من السلوكيات العدائية لديهم.
· يُمكن الأفراد من إدارة معارفهم بطريقة أفضل، ويجعلهم ينظمون ما يتعلمونه ويتبعون خطوات هادفة ومنظمة أثناء تعلمهم.
· يؤدي إلى تمكن المتعلم من استخدام عمليات ذاتية لتنظيم سلوكه وتنظيم بيئة التعلم، لتحقيق أهدافه. ومن هذه العمليات تحديد المهام وتحديد الأهداف، واكتساب إستراتيجيات للتعلم، وتقييم للذات، وتوجيه للذات أثناء العمل في إنجاز المهام، وفهم بيئات التعلم والتحكم فيها، وإدارة مصادر التعلم.
· يؤدي التعلم ذاتي التنظيم إلى اعتقاد المتعلم بأنه قادر على السيطرة على الاتجاه الذي يسير فيه، ومن هنا ينمو لدى المتعلم الإحساس بالثقة والكفاءة الذاتية، والإحساس بالإدارة الذاتية للمواقف التعليمية.
بناءً على ما سبق، فإن التعلم ذاتي التنظيم يُعد أحد الأساليب التربوية الملائمة لمواجهة الانفجار المعرفي، الذي يعيشه العالم في كافة مجالات الحياة. ولما كان من خصائص الألفية الثالثة التقدم التكنولوجي والمعرفي الهائل، فإن التعلم ذاتي التنظيم، الذي يؤدي إلى اعتماد المتعلم على ذاته في التعلم، يكون من أحد وسائل التعامل مع هذا التقدم. ومع تزايد استخدام التكنولوجيا، خصوصاً في المجال التربوي، مثل: التعلم عن بُعد، وبيئات المتعلم المعززة بالحاسوب، وبرامج التعليم المفتوح، والمقررات الدراسية، عبر الإنترنت، زادت من أهمية التعلم ذاتي التنظيم. يرجع ذلك إلى أن استخدام التكنولوجيا يعتمد على قدرة الأطفال على استخدام إستراتيجيات التعلم المُنظم ذاتياً، وتحملهم المسؤولية عن تعلمهم.
أولاً: مفهوم التعلم ذاتي التنظيم
لتعريفات التعلم ذاتي التنظيم فئات متعددة. فقد عرفه بعض العلماء بوصفه عملية، أو عمليات، يمارسها الفرد في مواقف التعلم. وعرفه آخرون بوصفه إستراتيجيات أو خطط يستخدمها المتعلم أثناء تعلمه. وعرفه فريق ثالث بأنه دافع يحرك الفرد للتعلم. وثمة بعض من العلماء عرفه بناءً على ما يتميز به الأفراد المتفوقين في التعلم ذاتي التنظيم من خصائص. وأخيراً نظر إليه بعض العلماء على أنه تكوين فرضي، ومظاهر متعددة.
ومن تعريفات النوع الأول من التعلم ذاتي التعلم بوصفه عملية أو عمليات، التعريف بأنه: عملية بنائية نشطة تؤكد على العمل المستقل في ظل انخراط المتعلمين في سلسلة متكررة من الأنشطة المختلفة، التي تسهم في البناء المعرفي وما وراء المعرفي والدافعي، والقدرة على العمل في سياق بيئي متنوع ومماثل، لما تم التدريب عليه.
بمعنى أنه عملية تخطيط ومراقبة للعمليات المعرفية، والما وراء معرفية، والوجدانية، للوصول إلى أداء ناجح في المهمة الأكاديمية. إنه العمليات التي ينشط بها الطلاب، ويدعمون معارفهم وسلوكياتهم ومشاعرهم الوجدانية، التي يمارس الطلاب من خلالها ضبط تفكيرهم ووجدانهم وسلوكهم، عند اكتسابهم للمعارف والمهارات المختلفة، ومن ثم يتوجهون بانتظام لتحقيق أهدافهم. إنه عملية بناءة نشطة، يضع فيها المتعلم الأهداف، ثم يعمل على تخطيط وتوجيه وتنظيم وضبط معارفه ودافعيته وسلوكياته والسياق، الذي يتم فيه التعلم.
وتتضمن تلك المجموعة من التعريفات أن التعلم ذاتي التنظيم عملية أو سلسلة عمليات (وضع أهداف، تخطيط، مراقبة... إلخ) يمارسها المتعلمون معاً لتحقيق أهداف تعلمية وتعليمية. ويكون المتعلم في سعيه هذا نشطاً إيجابياً مستقلاً، ذلك أن التعلم ذاتي التنظيم لا يقف عند الجوانب المعرفية فقط، بل يشمل جوانب وجدانية أيضاً، مثل ضبط وتوجيه المشاعر. إنه عملية تراكم خبرات مستمرة موجهة ذاتياً، تؤدي إلى إنجاز المهام.
أما المجموعة الثانية من التعريفات، فترى أن التعلم ذاتي التنظيم هو استخدام المتعلم لإستراتيجيات خاصة، تجعله متمكناً من استخدام عمليات ذاتية لتنظيم سلوكه، وتنظيم بيئة التعلم؛ تحقيقاً لأهدافه الدراسية. أي إنه أشبه بمجموعة من الإستراتيجيات المعرفية والما وراء معرفية وإدارة المصادر، التي يستخدمها المتعلمون في مواقف التعلم. إنه مجموعة من الخطوات المتكاملة، تشمل إجراءات محددة ومنظمة يمارسها ويتدرب عليها المتعلم كوسيلة لوصوله إلى تحقيق أهدافه؛ إنه مجموعة من الإجراءات والعمليات الموجهة نحو اكتساب معلومات ومهارات، تشمل مدركات المتعلمين عن الهدف والوسيلة، وهي تشمل بعض الطرق، مثل: تنظيم وتحويل المعلومات، والمتابعة الذاتية، والبحث عن المعلومات، والتكرار، واستخدام معينات الذاكرة.
ويُلاحظ على هذه المجموعة من التعريفات اشتراكها مع العمليات، وذلك بوصف أن الإستراتيجيات هي خطط متكاملة يستخدمها الأفراد لتحقيق أهدافهم.
ومن التعريفات السابقة يتضح أن ثمة خصائص تميز التعلم ذاتي التنظيم كإستراتيجيات، وهي:
· الإستراتيجيات أفعال عمدية تحدث بغرض تحقيق أهداف معينة.
· تتولد تلك الإستراتيجيات بواسطة الشخص ذاته.
· تطبيق تلك الإستراتيجيات اختيارياً، وهي تتصف بالمرونة حيث تتضمن كلاً من المهارات المعرفية والما وراء معرفية والإدارية والدافعية، كما تتصف بالتلقائية في استخدامها وإمكانيات تطبيقها.
· الإستراتيجيات تكتيكات متعلمة تكتسب بمساعدة الآخرين وتستخدم في حل المشكلات، ويستطيع المتعلم تطبيقها مستقلاً بعد تعلمها.
· يمكن أن يصل الفرد نتيجة ممارسته للإستراتيجيات إلى مستويات الخبير، ويؤديها بطريقة آلية مبسطة.
أما المجموعة الثالثة من التعريفات، أي التي تنظر للتعلم ذاتي التنظيم بوصفه دافعاً، فترى أن التعلم ذاتي التنظيم هو ذلك النوع من التعلم الذي يحدث، عندما يكون لدى التلاميذ دافعية للانخراط على نحو تأملي وإستراتيجي في أنشطة التعليم داخل البيئات، التي تشجع على التنظيم الذاتي. إن التعلم المنظم ذاتياً يُعد أكثر من تنظيم ذاتي فقط، وأكثر من طريقة انتقائية للتعلم فقط، إنه أشبه بدافع داخلي يوجه الذات لاستخدام إستراتيجيات فعالة، لتحقيق أهداف مرجوة.
ويُلاحظ على هذه المجموعة الثالثة أنها تناولت إحدى وظائف التعلم ذاتي التنظيم، وهي الوظيفة الدافعية التي تحرك المتعلم عند الانخراط في أنشطة التعلم، وتوجهه لاستخدام إستراتيجيات فعالة تمكنه من أداء الأنشطة بنجاح، وإلى متابعة تقدمه وتقويم ذاته.
أما المجموعة الرابعة من التعريفات، فتركز على ما يتمتع به الأفراد مرتفعي التنظيم الذاتي للتعلم من خصائص وصفات. وهذا ما سنتناوله فيما بعد.
يوضح العرض السابق تباين التعريفات، التي صاغها الباحثون للتعلم ذاتي التنظيم. وهنا يُثار السؤال التالي: ما أسباب هذا التباين؟
1. يرجع ذلك إلى اختلاف الباحثين في تركيزهم على مكونات التعلم ذاتي التنظيم. إن للتعلم ذاتي التنظيم مكونات أربعة، هي: البُعد المعرفي، كالتسميع والتنظيم والتفصيل، وبعد ما وراء معرفي، كالوعي والتخطيط للتعلم ومراقبة الأداء؛ وبُعد دافعي، ويشمل الدافعية الذاتية والضبط الانفعالي والمكانة الذاتية؛ والبُعد البيئي، ويتضمن الضبط البيئي وطلب المساعدة والبحث عن التطبيقات.
2. اختلاف توجهات التعريف، إذ يوجد نوعان من التعريفات:
· التعريف الوصفي للتنظيم الذاتي للتعلم، حيث يوصف المتعلمون بأنهم منظمون ذاتياً، حسب درجة مشاركتهم الفعلية دافعياً وسلوكياً وما وراء معرفياً في عملية تعلمهم الذاتية.
· التعريف الشارح للتنظيم الذاتي للتعلم، ويُشير إلى العمليات التي بواسطتها يستطيع الطلاب القيام بالتنظيم الذاتي لتصرفاتهم وانفعالاتهم وأفكارهم، بغية إحراز أهدافهم الأكاديمية.
3. إن التعلم ذاتي التنظيم تكوين فرضي يعبر عن نفسه من خلال عدة مظاهر. قد تكون تلك المظاهر عمليات أو إستراتيجيات، كما سبق توضيح ذلك، وقد تكون تلك المظاهر إجراءات يمارسها المتعلم. ومن هذه المظاهر أن التعلم ذاتي التنظيم يتضح في المشاركة النشطة للطلاب معرفياً وما وراء معرفياً ودافعياً وسلوكياً في عملية تعلمهم، بهدف تحقيق أهدافهم الأكاديمية. ويتضح التعلم ذاتي التنظيم في تحديد الهدف وتوجيه جهود الفرد، للوصول إلى الأهداف والمراقبة الذاتية وإدارة الوقت في بيئات التعلم.
ثانياً: خصائص التعلم ذاتي التنظيم
لكي يتضح مفهوم التعلم ذاتي التنظيم، فيجب مقارنته بالتعليم التقليدي. والتعليم التقليدي الموجه من المعلم يعتمد على تلقين الطلبة ما يتوجب عليهم أن يتعلموه أو يفعلوه، والتركيز على محتوى المادة بوصفه الهدف النهائي للدرس، ويكون فيه الطالب منصاعاً مستسلماً، ويُزيد التنافس بين المجموعات مع قليل من التفاعل، كما يسوده الاعتماد على المعلم في اتخاذ القرارات، واستخدام أنماط متماثلة من التفكير، وتُستخدم فيه الدافعية الخارجية بكثرة، كما يتولى المعلم عملية التقويم كاملة، وتكون وسائل التعليم فيه ثابتة، وهي الكتاب المقرر، كما تقل روح المغامرة.
أما التعلم المنظم ذاتياً، فيركز على حرية الطالب وفرديته واعتماده على نفسه في اتخاذ القرارات، وتحمل المسؤولية في التعلم. كما يزيد فيه التعاون مع وجود مستوى عالٍ من التفاعل بين الأفراد والمجموعات، وكذلك يستخدم فيه الطالب أنماطاً متنوعة من التفكير، ويركز على الحوافز والدوافع الداخلية. ويعتمد على التقييم والتعزيز والمراقبة الذاتية من الطالب، كما يسوده النمط ما وراء المعرفي في التعليم.
أي أن التعلم ذاتي التنظيم، يتسم بالخصائص التالية:
· يكون لدى المعلم درجة عالية من الاستقلالية في التعلم، وتقييم الأداء.
· يكون المتعلم نشطاً مشاركاً في عملية تعلمه معرفياً وسلوكياً وما وراء معرفياً، ويتحكم في عملية تعلمه.
· يضع المتعلم أهداف تعلمه ويخطط ويراقب معرفته ودافعيته وسلوكه، ويقوِّم ذاته أثناء عملية الاكتساب وممارسته للتعلم.
· يستخدم المتعلم إستراتيجيات متعددة معرفية وما وراء معرفية، وإدارة الذات وإدارة مصادر التعلم.
ثالثاً: خصائص الأفراد مرتفعي التعلم ذاتي التنظيم
تساعد معرفة خصائص الأفراد مرتفعي التعلم ذاتي التنظيم، في إدراك مفهومه، من ناحية، كما تزود القائمين على شأن هؤلاء الأفراد بمعلومات تسهل التعامل معهم وتوجيههم بالطريقة والإستراتيجية المناسبتين، على نحو يفيدهم في عملية تعلمهم.
اختلف الباحثون في عرضهم للخصائص المميزة لهؤلاء الأفراد؛ فمنهم من حددها بناءً على مكونات التعلم المنظم ذاتياً، ومنهم من حصرها في صورة قوائم، منها ما يكوِّن توليفة ذات طابع خاص، ومنها من يذكر الخصائص بصورة عامة.
يمثل النوع الأول توضيح الخصائص بناءً على مكون الما وراء معرفي، الدافعي، السلوكي، البيئي. فالمكون الما وراء معرفي يتضمن وصفهم بأنهم مخططون، منظمون، يتعلمون ذاتياً، ويقيمون ذواتهم. أما المكون الدافعي، فيتضمن وصف هؤلاء الأفراد بأنهم يدركون أنفسهم على أنهم أكفاء ذاتياً، مستقلون، ولديهم دافعية ذاتية داخلية للتعلم. أما المكون السلوكي، فيتضمن وصف هؤلاء الأفراد بأنهم يختارون ويبنون ويطوعون المواقف التعليمية على نحو يساعدهم في تحقيق أهدافهم. أما المكون البيئي، فيتضمن وصفهم بأنهم يحددون مصادر التعلم ويوجهون عملية استخدام تلك المصادر بكفاءة.
أما عن القوائم التي تتضمن حصراً للخصائص في فئات تكوِّن كل منها توليفة معينة، فيمثلها قائمة ترى أن هؤلاء الأفراد "خبراء"، يتصفون بخصائص تندمج في أربعة مظاهر تؤهلهم للنجاح في مسعاهم التعليمي، هي.
· أن لديهم رغبة دافعة للتعلم، تنشأ من الدمج النشط للمعرفة والسلوكيات والوجدان.
· يستفيدون من المعرفة عن محتويات وإستراتيجيات التعلم للتقدم نحو التعلم الناجح. كما يحددون وقتهم ومصادرهم التي تدعمها بيئات التعلم، وعندما تواجههم العقبات (مثل الشروط غير المواتية للمذاكرة، أو كتب مدرسية غامضة).
· إنهم مفكرون متأملون بوصف أن التأمل هو التفكير النشط والمستمر والدقيق في أي معتقدات، وأن التأمل يمكن أن يحدث في العمل، أو على العمل.
وكنموذج آخر لحصر الخصائص في تركيبة معينة، وصف المتعلمون مرتفعو التعلم ذاتي التنظيم، بأنهم يستطيعون القيام بأربع مهام، هي:
· تشخيص الموقف التعليمي تشخيصاً صحيحاً.
· اختيار إستراتيجية مناسبة لحل المشكلة.
· مراقبة فاعلية الإستراتيجية المستخدمة أثناء الأداء.
· دافعية لأداء العمل، والاندماج فيه.
أما الصورة الثالثة لعرض الخصائص على نحو عام، أي في صورة حصرية، فيمثلها ذكر الخصائص المميزة للأفراد مرتفعي التعلم ذاتي التنظيم، دون وضع إطار عام تنظيمي لتلك الخصائص، بل عرض سردي لما أسفرت عنه البحوث:
1. يتميز هؤلاء الأفراد بالآتي:
أ. الوعي بأهدافهم والتخطيط لتحقيقها.
ب. يجيدون استخدام إستراتيجيات التعلم ذاتي التنظيم.
ج. يراقبون تعلمهم ويزودون أنفسهم بأنفسهم بتغذية راجعة، عند الاحتياج إليها.
د. نشطون بناؤون لعملية تعلمهم؛ فهم يستطيعون توظيف المعارف والمعلومات المختلفة لأداء المهام الخاصة بتعلمهم، أي أنهم غير سلبيين في تلقيهم للمعلومات.
هـ. مبادئون مبادأة ذاتية، حيث يظهرون قدراً من إرادة التعلم.
و. ذوو دافعية ذاتية عالية، ويستطيعون توظيفها بصورة مستمرة، حتى الانتهاء من عملية التعلم.
ز. القدرة على التركيز في المهام التي يقومون بها.
ح. الاستقلالية في أداء المهام، ولا يطلبون المساعدة كثيراً؛ بل عند الاحتياج إليها لإنهاء المهام التعلمية بنجاح.
ط. ذوو مفهوم ذاتي أكاديمي مرتفع، مقارنة بالآخرين.
ي. تدور معتقداتهم الدافعية المرتفعة حول فعالية الذات، والتوجه نحو الهدف، والإغراءات السببية (الذاتية غالباً).
2. أ. يؤدي استخدامهم الهادف لمختلف العمليات والإستراتيجيات المناسبة، إلى زيادة تحصيلهم الدراسي.
ب. توجيه عملية التعلم ومراقبتها أثناء حدوثها.
ج. وصف وتبرير "كيف"، و"لماذا" يستخدمون إستراتيجية معينة، من إستراتيجيات التعلم ذاتي التنظيم.
د. الثقة بالنفس والاجتهاد في العمل والكفاءة.
هـ. البراعة وسعة الحيلة والمثابرة.
و. وجود هدف تعلمي واضح ومحدد، يسعى لبلوغه.
ز. نشط يدير تعلمه بكفاءة.
ح. الفعالية الذاتية مع القدرة على التقدير الذاتي، في المواقف التعليمية المختلفة.
ي. يخطط ويتحكم ويوجه عملياته العقلية لتحقيق أهدافه التعليمية، كما يتحكم في الوقت والمجهود الذي يستخدمه لأداء المهمة.
ط. يبني بيئة تعلمية محببة، وينمي أحاسيس إيجابية نحو المهمة، ويبدي جهوداً كبيرة في التحكم في المهام الدراسية وتنظيمها، وكيفية تقييمها، وتصميم الواجبات، والعمل الجماعي.
مما سبق، تتضح أهمية الوقوف على الخصائص المميزة للأفراد مرتفعي التنظيم الذاتي للتعلم، تربوياً ونفسياً واجتماعياً وتنظيمياً لبيئات التعلم.
ومما يجدر الإشارة إليه أن كل خاصية، من الخصائص السابقة، تشبه خطاً متصلاً لا فجوات فيه، يمتد من أعلى درجات الخاصية إلى أدناها. وأن لدى كل فرد درجة من درجات هذه الخاصية، تجعله يقع إما بالقرب من قطب الدرجات المرتفعة، أو قطب الدرجات المنخفضة، أو حول نقطة الوسط بين القطبين، حيث يقع غالبية الأفراد.
ويمكن وضع الخصائص السابقة في كلمات موجزة، مثل: يتصف مرتفعو التنظيم الذاتي للتعلم بأنهم مستقلون، مبادئون، إستراتيجيون، هادفون، منظمون، مخططون، موجهون، متابعون، مقيمون، مرنون، واعون بعملياتهم المعرفية، ذوو دافعية ذاتية داخلية.
إن هذه الخصائص أو السمات، تعمل في تناسق تام وانسجام موجه نحو تحقيق أهداف تعلمية؛ لأن التنظيم الذاتي للتعلم عملية اجتهادية متباينة تكيفية
المصادر والمراجع
1. أيمن منير حسن الخصوصي، "أثر برنامج تدريبي قائم على التعلم ذاتي التنظيم في التلكؤ الأكاديمي لدى طلاب الجامعة"، رسالة دكتوراه غير منشورة، كلية التربية، جامعة الأزهر، 2013، القاهرة.
2. جابر عبدالحميد جابر، "إستراتيجيات التدريس والتعليم، دار الفكر العربي، القاهرة، 1999.
3. داليا خيري عبدالوهاب، "الاتجاهات الحديثة في مجال التفكير ذاتي التنظيم"، بحث مرجعي مُقدم للجنة العلمية لترقية الأساتذة المساعدين، كلية التربية، جامعة الأزهر، القاهرة، 2013.
4. ريم ميهوب سليمون، "أثر برنامج لتعلم مهارات التنظيم الذاتي على الأداء الأكاديمي لدى عينة من طلاب جامعة"، رسالة دكتوراه غير منشورة، كلية التربية، جامعة طنطا، 2003.
5. عصام الدسوقي إسماعيل الجبة، "أساليب التفكير لسترنبرج وعلاقتها بإستراتيجيات التعلم المنظم ذاتياً لدى عينة من طلاب التربية الخاصة بمدينة جدة"، دراسات عربية في التربية وعلم النفس، العدد 26، 2012.
6. محمد محمود خليل سعودي، ماجد محمد عثمان عيسى، منال محمد علي الخولي، "فاعلية التدريب على إستراتيجيات التعلم المنظم ذاتياً في اكتساب المفاهيم الرياضية والدافع للإنجاز الأكاديمي لدى أطفال ما قبل المدرسة الموهوبين بمدينة الطائف"، مجلة كلية التربية، العدد 46، جامعة الأزهر، ط1، 2011.
7. وليد عاطف الصياد، "أثر نموذج للتعلم ذاتي التنظيم في أبعاد مفهوم الذات لدى ذوي صعوبات التعلم بمرحلة التعليم الأساسي"، رسالة دكتوراه غير منشورة، كلية التربية، جامعة الأزهر، القاهرة، 2009.
، يقوم فيها المتعلم بتعديلات مرنة بناءً على التغذية الراجعة، التي تنقلها إليه تلك السمات.
وأخيراً، يمكن تفسير الاختلافات في تعريف التعلم ذاتي التنظيم، تفسيراً مشتقاً من مكونات ذلك النوع من التعلم؛ فإذا كان لذلك النوع من التعلم مكونات أربعة أساسية، هي: المكون المعرفي، وما وراء المعرفي، والسلوكي الدافعي، والبيئي، فإن تفاوت تركيز الباحثين على تلك المكونات ربما يُفسر التباين، في تعريف التعلم ذاتي التنظيم.