| " الموسوعة المصغّرة للمصطلحات النفسية " 5 | |
|
|
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75822 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: " الموسوعة المصغّرة للمصطلحات النفسية " 5 الخميس 16 يونيو 2016, 11:57 pm | |
| " الموسوعة المصغّرة للمصطلحات النفسية " |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75822 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: " الموسوعة المصغّرة للمصطلحات النفسية " 5 السبت 18 يونيو 2016, 4:51 pm | |
| النوم
ماهية النوم[1] وكيف يتم
النوم Sleep هو حالة من فقدان الوعي، يستطيع الشخص أن يفيق منها، ويعود إلى حالة اليقظة الطبيعية، بمثير مناسب. والنوم عبارة عن سلسلة من المراحل المتكررة، تمّت دراستها على مجموعات من المتطوعين، في معامل متخصصة بدراسة النوم، وبأجهزة تخطيط الدماغ الكهربائي، ورسام العضلات الكهربائي. وذلك لدراسة إيقاع الدماغ الكهرومغناطيسي، وإيقاع انقباض العضلات، أثناء النوم. ويبدأ النوم اليومي لأي شخص طبيعي بفترة الدخول في النوم. وفيها تقلّ الاستجابة للمؤثرات الخارجية، وترتخي العضلات، وتزداد موجات ألفا في تخطيط الدماغ الكهربائي (وهي موجات تعبر عن النشاط الكهربائي للمخ وإيقاعها من 8 موجات إلى 12 موجة، في كل ثانية). ومدتها تقلّ عن عشر دقائق. وإذا أوقظ الشخص خلالها، لا يذكر أنه نام. ثم ينتقل إلى النوع الأول من النوم، المعروف بالنوم بطئ الموجة، أو غير المصحوب بحركة العين السريعة (التي يرصدها جهاز رسام العضلات الكهربائي). وهذا النوع من النوم مقسم إلى أربع مراحل، يتدرج عمق النوم خلالها بالترتيب، طبقاً لإيقاع الدماغ الكهربائي، الذي يظهره تخطيط الدماغ. ففي المرحلة الأولى، تسود موجات ألفا (من 8 موجات إلى 12 موجة، في كل ثانية). وفي الثانية، تظهر الموجات المغزلية السريعة الإيقاع (12 ـ 24، في كل ثانية). وفي الثالثة، يبطؤ إيقاع المخ، فتظهر موجات ثيتا (التي يراوح إيقاعها بين 3 و7 موجات، في كل ثانية) وموجات دلتا (التي يراوح إيقاعها بين موجة واحدة وثلاث موجات، في الثانية الواحدة). وأحياناً، يتخللها ظهور بعض الموجات المغزلية. وفي المرحلة الرابعة، يبطؤ إيقاع المخ إلى أدنى درجاته، فتظهر فقط موجات دلتا البطيئة، التي قد تبطؤ إلى حد ظهور موجة واحدة، في كل ثانية. ويعود الشخص النائم من المرحلة الرابعة إلى الثالثة فالثانية فالأولى. ومن المرحلة الأولى من النوم، غير المصحوب بحركة العين السريعة، ينتقل إلى نوع آخر من النوم، هو النوم المصحوب بحركة العين السريعة، وذلك بعد فترة من 70 إلى 100 دقيقة، من بدء النوم. ولا تزيد مدة النوم، المصاحب بحركة العين السريعة، على عشر دقائق. ومنها يعود الشخص إلى المرحلة الأولى من النوع الأول من النوم (غير المصاحب بحركة العين السريعة)، إذ تبدأ دورة ثانية من دورات النوم، يتكرر فيها ما حدث في الدورة الأولى. وتتكرر الدورات بصورة متشابهة، طوال وقت النوم، عدا الجزء الأخير منه (أي بعد عدة دورات)، الذي تطول فيه فترات النوم، المصحوب بحركة العين السريعة.
[1] النوم من الناحية اللغوية مصدره.. نام فلان نوماً، ونياماً بمعنى اضطجع أو نَعسَ. وأنامَة بمعنى أرقده. وتناوم تظاهر أنه نائم. والتنويم المغناطيسي حالة تأثيرية، يظهر فيها النوم على الوسيط تأثيراً بإيحاء المنوم، وتوجيهه إياه إلى الفكرة المقصودة، ويكون الوسيط ـ آنئذ ـ في أثنائها خالي الذهن من هذه الفكرة. من الناحية الاصطلاحية فإن النوم Sleep يُعد حالة فسيولوجية، تتسم بالسكون النسبي وعدم الاستجابة الواعية للمنبهات بشكل كاف. ويحتاج الإنسان إلى النوم للراحة. فالحاجة إلى الراحة من الحاجات الرئيسية للمحافظة على استمرار حياة الكائن. وهناك نوعان من النوم: العادي والحالم. ويتسم الحالم بتحريك العينين دون فتح الجفون، وبالموجات الكهربائية الدماغية أو المخية بطيئة الجهد، ويبدو أن النوم الحالم يمكن المخ من تنظيم أحداث وتجارب اليوم السابق، تماماً كالعقل الإليكتروني. والذي يُنظم عملية النوم، مركز يطلق عليه مركز النوم Sleep center ومكانه المهيد في المخ، وهو مسئول عن تنظيم النمو واليقظة.
مظاهر النوم
ويتميز النوم، المصحوب بحركة العين السريعة، باتصاله بنشاط الأحلام. ويصعب إيقاظ الشخص أثناءه. ويختل انتظام ضربات القلب والتنفس. وتحدث انقباضات عضلية غير منتظمة (مثل حركة العين السريعة)، وارتخاء العضلات التام، ويرتفع ضغط الدم. وتكون موجات الدماغ الكهربائية غير منتظمة، ومنخفضة الجهد، وتشبه بعض حالات اليقظة. أما النوم، غير المصحوب بحركة العين السريعة، فينتظم فيه ويبطؤ إيقاع القلب والتنفس، وتحدث فيه انقباضات عضلية بصورة مباغتة. ويقلّ ضغط الدم، ويسود هذا النوع من النوم الهدوء التام. * نظريات تفسير ظاهرة النوم وتوجد نظريتان لتفسير ظاهرة النوم
أن النوم عملية سلبية، تحدث عند الإجهاد العصبي لآليات الاستيقاظ. أنه توجد مراكز نشطة في المخ، ترسل إشارات إلى الجهاز المنشط الشبكي، لتثبيطه، فيحدث النوم. وهناك نظريات كيماوية، تحاول، كذلك، تفسير ظاهرة النوم. أهمها:
(1) لوحظ وجود مادة في دم الحيوان، الذي حرم من النوم لعدة أيام، وفي السائل النخاعي الشوكي. وعند حقن هذه المادة في حيوان آخر، فإنها تؤدي إلى نومه.
(2) أن إتلاف المسارات السيروتونية أو المنطقة المفرزة للسيروتونين (في المنطقة المتوسطة من جذع الدماغ) يسبب أرقاً. ولذا، يُعتقد أن العقاقير، التي تقلّل السيروتونين، تؤدي، كذلك، إلى الأرق.
(3) لوحظ أن إتلاف الجزء المسمى الموضع الأزرق (Locus Cerules)، يمنع حدوث النوم، المصحوب بحركة العين السريعة. والمعروف أن هذه المنطقة، تفرز النورأدرينالين، ومن ذلك استنتج بعض الدارسين أن السيروتونين مسؤول عن النوم، غير المصحوب بحركة العين السريعة، بينما يتم النوم، المصحوب بحركة العين السريعة، بوساطة الكاتيكولامين.
وللنوم تأثير مهم في الجهاز العصبي للجسم كله. فالحرمان منه لفترات طويلة، يؤثر في الانتباه، بالنقص، ويؤدي إلى أخطاء الإدراك. وقد تحدث هلاوس أو توهان مؤقت، مع البطء في الحركة، ورعشة اليدين، وحساسية زائدة للألم، وتكاسل القلب والرئتين، وذلك لزيادة نشاط الجهاز نظير السمبتاوى، فيقلّ ضغط الدم، ومعدل النبض، وتتسع الأوعية الدموية الجلدية، ويزيد نشاط الجهاز الهضمي، وترتخي العضلات تماماً، ويقل معدل الأيض. ومن ذلك، يُلاحظ حاجة الإنسان إلى النوم، خاصة النوع المصحوب بحركة العين السريعة، الذي تكثر خلاله الأحلام .
اضطرابات النوم
وهناك اضطرابات ترتبط بالنوم، تقسم إلى:
اضطرابات النوم، من حيث كميته، وكيفيته وتوقيته. اضطرابات تخلّ بالنوم.
أولاً: اضطرابات النوم: الكمية .. الكيفية .. التوقيت
اضطراب الأرق (اُنظر الأرق). اضطرابات فرط النوم: ويُعرف بالنُّوَام Hypersomina وهي زيادة النوم التي تظل لفترة طويلة من الزمن، وتحدث خللاً وظيفياً، وإعاقة للأنشطة الاجتماعية المعتادة، أو العلاقات بالآخرين. ويتميز فرط النوم بزيادة النعاس، أو وجود نوبات من النوم خلال ساعات النهار، ليست بسبب نقص كمية النوم، أو أن الشخص يستغرق وقتاً طويلاً للانتقال من النوم إلى اليقظة. ويكون ذلك بشكل يومي، لمدة شهر، على الأقل. ومن مضاعفات فرط النوم نقص احترام الذات، والاكتئاب، والتعرض للحوادث بسبب النوم أثناء قيادة السيارة، أو إدمان المنشطات، التي تؤخذ كعلاج. وفي هذه ما يجعل من فرط النوم مشكلة اجتماعية ومهنية بالغة الأهمية.
وقد يكون فرط النوم بسبب مرض نفسي آخر، مثل مرض الاكتئاب، أو بسبب تعاطي مادة مهدئة، أو عقار مخفض لضغط الدم المرتفع، أو اضطراب مراكز النوم، وتصل نسبتها (85%) من حالات فرط النوم، وتشمل:
(أ) النوم الانتيابي: وهي نوبات من ارتخاء العضلات المفاجئ. وتبدأ بانفعالات قوية، يمكن أن ينتج منها السقوط في نوم غير طبيعي (من النوم المصحوب بحركة العين السريعة)، في نوبات متكررة، تكون مملوءة بالأحلام، ويفهمها الشخص على أنها هلاوس الدخول في النوم، أو المصاحبة للاستيقاظ. ويصاحب النوم الانتيابي شلل النوم (إذ تنعدم حركة الشخص، أثناء النوم، وعند استيقاظه المفاجئ).
(ب) انقطاع التنفس (النفس)، أثناء النوم: ويحدث لمن لديهم سمنة، وهم عرضة لارتفاع ضغط الدم، مع اختلال إيقاع القلب. وأحياناً، يصيبهم الصداع والعنة (الضعف الجنسي). ويبدأ انقطاع التنفس، أثناء النوم، في منتصف العمر، ويشتد مع تقدم السن، فيصاب هؤلاء المرضى بسرعة استثارة، ودرجات متفاوتة من الخلل المعرفي، مثل تشتت الانتباه وتشوش للوعي، ونقص الإدراك والذاكرة. ويندر انقطاع التنفس لدى السيدات، قبْل سن اليأس، ويماثلن الرجال بعده (أي بعد انقطاع الحيض).
(ج) زيادة النوم، الناشئة عن اختلال معروف في الجهاز العصبي المركزي: وهي نوبات من النوم أثناء ساعات اليقظة، ولكنها يمكن أن تقاوم. وهي أطول في مدتها من النوم الانتيابي. ولا يشعر الشخص، بعدها، بنشاط وتسبقها فترات من الدوخة. والبعض يعزوها إلى خلل في التمثيل الغذائي (الأيض) للناقل العصبي، المعروف بالدوبامين.
(د) لزمة كلين ـ لفين (Kleine - Levin Syndrome) ، وهي نادرة، وتحدث فيها فترات طويلة من النوم ومتكررة، مع عزلة عن الناس، أثناء اليقظة، وتبلّد المشاعر، وسرعة الاستثارة وتشويش الوعي، والتثبيطات الجنسية، مع ضلالات وهلاوس، واضطراب الاهتداء، وخلل في الذاكرة، وعدم اتساق الحديث، ويصاحبها زيادة الشهية للطعام … وهو اضطراب متراجع ذاتياً.
(هـ) اللزمة المصاحبة لنزول دم الحيض: إذ يزيد النوم إلى درجة ملحوظة، قبْل نزول دم الحيض مباشرة، وتشبه لزمة كلين ـ لفين إلى حد كبير، ويعزى سببها إلى اختلال هرموني.
(و) ثمالة النوم: وهي شكل شاذّ من الاستيقاظ، الذي تطول فيه فترة عدم وضوح الوعي والتركيز.
اضطراب إيقاع اليقظة والنوم: ويحدث فيه تناقض بين وقت نوم الشخص اليومي والنظام اللازم للبيئة التي يعيش فيها. وقد يكون بصورة عابرة، عندما يغيّر الناس مواطن إقامة، يختلف فيها التوقيت اليومي بسرعة (من خلال السفر بالطائرة) (Jet Lag) . وقد يكون ثابتاً وهو على ثلاثة أنواع. أولها، متأخر المرحلة: وفيه يتأخر بدء النوم، لصعوبته، مع تأخر الاستيقاظ عن الوقت، الذي يرغب فيه الشخص، فيجد صعوبة في استيقاظه لمباشرة مهامه الصباحية. ويكثر هذا النوع لدى الشباب ومحبي السهر، ثانيها، النوع المتقدم: ويكثر لدى كبار السن، إذ يستيقظون مبكراً، وينامون مبكراً. وثالثها، وهو نوع غير محدد: يتميز بالعشوائية، إذ لا توجد فترة عظمى للنوم. ويلاحظ لدى غير الملتزمين بنظام نوم معين. ويصاحب اضطراب إيقاع النوم الشعور بالكدر، والكسل، والوهن، ونقص الطاقة، وعدم التركيز، وخلل في العمل والعلاقات الاجتماعية.
ثانياً: الاضطرابات المخلة بالنوم (اضطرابات النوم) Disorders of Sleep
وتتميز بوقوع حدث غير طبيعي، أثناء النوم. وتشمل:
1. اضطراب الكوابيس الليلية Nightmare
2. اضطراب الفزعات أثناء النوم: وهي نوبات من الاستيقاظ المفاجئ من النوم، مصحوب بصرخة هلع، مع الفزع، وعلامات الخوف، من وقوف شعر الجسم والرأس، وسرعة التنفس والنبض، مع فوران داخلي وتشوش الوعي. ويتم نسيان النوبة كاملة في الصباح. وتقع الفزعات الليلية أثناء المرحلة الرابعة من النوم، غير المصحوب بحركة العين السريعة، والتي يبطؤ فيها إيقاع المخ، إلى درجة كبيرة. وتظل الفزعة من دقيقة إلى عشر دقائق، حتى يقلّ الفوران الداخلي وتشوش الوعي، فيهدأ الشخص.
3. المشي أثناء النوم[1]: وهو تكرار نوبات من ترك الفراش والتجول، من دون وعي الشخص بالنوبة أو تذكرها. ويكون خلالها لونه شاحباً، ومحملقاً، وغير مستجيب للآخرين في محاولات الكلام معه. مع ضعف التحكم الحركي أثناءها. وكثيراً ما يسقط أو يصطدم بالأشياء، وقد يصاب من جراء ذلك. وقد يعود إلى فراشه، وقد يستلقي في مكان آخر، ليواصل نومه حتى الصباح. ويندهش عندما يجد نفسه، في الصباح نائماً في مكان آخر. ويمكِن إيقاظ الشخص، أثناء نوبة المشي، وهو نائم، بصعوبة. ويجدر بنا أن ننوه بأن ما يذكر عن قدرة الشخص، المصاب بالمشي أثناء النوم، على حفظ توازنه خلال نوبة المشي، إنما هو من قبيل الخرافات، وليس صحيحاً. بل على العكس، يكون الشخص عرضة للاصطدام بالأشياء أكثر من حالة اليقظة. وتحدث نوبات المشي أثناء النوم، في المرحلتين، الثالثة والرابعة من النوم، غير المصحوب بحركة العين السريعة، واللتين يبطؤ فيهما إيقاع المخ.
4. مرض النوم أو النوام أو التهاب المخ السباتي: Sleeping Sickness or Encephalitis Lethargica
وهو التهاب حاد في الدماغ أو غطائه يترك آثاراً خطيرة في الشخصية، كثيراً ما تتطلب إيداع المريض أحد المستشفيات. * الحاجة إلى النوم .. ضرورة لاستمرار بقاء حياة الإنسان
يُعد النوم، آية من آيات الله تعالى، إذ له قيمة حيوية في حياة الإنسان، فهو عملية ضرورية لراحة الجسم والعقل بل عملية نفسية ضرورية لتحقيق الصحة الجسمية والنفسية. ومعظم الدراسات تهتم بالاضطرابات والمشكلات النفسية أثناء اليقظة Awareness أكثر من الاهتمام باضطرابات النوم Disorders of sleep على الرغم من أن الإنسان ينام ثلث عمره تقريباً، وقد يحدث في حياته ما يؤدي إلى اضطراب النوم. ويُعد النوم من الحاجات الأساسية (الفطرية) للإنسان، لذلك في حال المرض وعدم القدرة على النوم تتأثر صحة الإنسان تأثراً بالغاً، بل أن قلة النوم تسبب الأمراض. * أسباب اضطرابات النوم
تُعزى أهم أسباب اضطرابات النوم إلى الآتي:
الأسباب الحيوية Biological: مثل الأمراض، الإجهاد الجسمي، الإجهاد العصبي عدم ملاءمة مكان النوم، أو التعود على تعاطي أقراص منومة (المنومات والمهدئات) أو منبهات السهر. الأسباب النفسية Psychological: مثل الاضطراب الانفعالي والتوتر وعدم الاستقرار وكثرة الهموم، والاكتئاب وعدم الشعور بالأمن والخوف (كما في حالات الخوف من الظلام أو القصص المخيفة) ومشكلات الحياة والهروب منها إلى النوم، وعدم إشباع الحاجات. الأسباب البيئية Environmental: مثل اتجاهات الوالدين الخاطئة عن مدة النوم ومتطلباته، وإجبار الطفل لينام في وقت محدد حسب ظروف الوالدين، والنوم مدة أقل أو أكثر من اللازم، واستعمال النوم أو التنويم كتهديد أو عقاب، وأساليب المعاملة السيئة، والاعتماد على المربيات والخدم الذين يدفعون الصغار إلى النوم بشتى الوسائل التي قد تكون ضارة.والعوامل الاجتماعية مثل ضيق المسكن، ونوم الأطفال مع الوالدين في الحجرة نفسها وما إلى ذلك من الأسباب.
متى يضطرب النوم؟
النوم جزء لا يتجزأ من طبيعة البشر، وهو من مقومات الحياة وشروط استمرارها، بمعنى أنه من الأسلحة الطبيعية التي تملكها الكائنات الحية، لتحقيق الديمومة والاستمرارية في الحياة. وكل إنسان يحتاج إلى النوم بمعدل 6 ـ 10 ساعات تقريباً في اليوم، أي ما يعادل رُبع إلى ثُلث حياة الإنسان. والحرمان الكلي من النوم، يعني الحكم على الإنسان بالأسوأ أي حرمانه من الحياة نفسها.
ويرتبط النوم بمفاهيم الزمان (مبكر ـ متأخر ـ قليل ـ كثير ـ ليلي ـ نهاري ـ منتظم ـ غير منتظم الخ ) والمكان (أين ننام وكيف ومع من ؟، الضجيج، البيئة .. الخ).
ومن الصعب عزل النوم عن المتطلبات الاجتماعية والمهنية (اللا توافق بين الآباء والأطفال، أوقات العمل وطبيعته، مشكلات الحياة اليومية) والمسائل الاجتماعية / الثقافية (الشعائر الدينية، والنظم الاجتماعية).
ويأتي النوم بعد العمل المرهق، والعلاقة بين اليقظة والنوم موضوع متعدد العلاقات ومتعدد الأسباب، الأمر الذي يجعل اضطراب النوم موضوعاً هاماً وحيوياً بالنسبة للإنسان. * علاج اضطرابات النوم
تتلخص أهم التوصيات الخاصة بعلاج اضطرابات النوم فيما يلي:
العلاج النفسي: الفردي والجماعي وإزالة الأسباب الانفعالية، والتقليل من الارتباطات الشرطية مع النوم وخاصة عند نوم الصغار. ومحاولة التخلص من متاعب الحياة اليومية وإبعاد التوتر والقلق والخوف. العلاج البيئي: خاصة علاج الظروف والضغوط البيئية المسببة للحالة، سواء في الأسرة أو المدرسة أو العمل. وبالنسبة للصغار عدم نوم الطفل مع الوالدين خشية أن يكون ذلك سبباً في إقلاق الوالدين، مع وجود الأم بجوار الطفل عندما يأوي إلى الفراش، وعدم إجبار الطفل على النوم.
العلاج الطبي: يتناول علاج الأسباب الصحية واستخدام العقاقير المهدئة أحياناً، وعدم تناول المنبهات قبل موعد النوم بوقت كاف، وتنظيم النوم ومدته ومكانه وموعده، ومراعاة الشروط الصحية المناسبة في حجرة النوم مثل التهوية والتدفئة، واستخدام العقاقير المنومة، في حالة الأرق، أو في حالة كسر عادة البكاء طويلاً عند الصغار، وهذه تستخدم للمنع والوقاية أكثر منها للعلاج.
[1] المشي أثناء النوم أو ما يُعرف بالتجوال الليلي Sleep - walking or Somnambutism ويُعرف أيضاً بالجوّال. وهو عبارة عن استجابة انحلالية يُخرج بها المريض الدفعات اللاّ شعورية المستهجنة اجتماعياً إلى حيز الفعل، وهو في حالة النوم. ويتم الشفاء منها بالتنويم المغناطيسي، وإن كان الأمر يحتاج إلى علاج نفسي طويل وعميق.
المصادر والمراجع
حامد عبدالسلام زهران ، "الصحة النفسية والعلاج النفسي". عبدالمنعم الحفني، "موسوعة علم النفس والتحليل النفسي"، مطبعة مدبولي، القاهرة، ط 4 ، 1994. كمال إبراهيم مرسي، "المدخل إلى علم الصحة النفسية"، الكويت، دار القلم، 1409هـ. هيثم مناع ، "عالم النوم"، دمشق.
|
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75822 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: " الموسوعة المصغّرة للمصطلحات النفسية " 5 السبت 18 يونيو 2016, 4:53 pm | |
| الهستيريا
الهستيريا
كان شاباً في الخامسة والعشرين من عمره، أحب زميلته في سنوات دراسة الجامعة، وتعاهدا على الزواج، ثم عمل في تجارة والده، بعد تخرجه مباشرة. وحينما أصبح يملك مبلغاً من المال يكفي لشراء الشبكة، طلب من والده أن يخطبها له، فرفض الأب لأنه يرغب في تزويجه من قريبته. وتحت إلحاح الابن، وافق الأب وخطب الفتاة، وحددوا يوم الشبكة والموعد، واتفقوا على الترتيبات. وفي اليوم المحدد، أعدّ أهل العروس الزينات، وذهبت العروس إلى محل تصفيف الشعر، وارتدى الشاب ثيابه وتهيأ لإحضار عروسه والذهاب معها إلى الحفل، ولكنه فوجئ بأعمامه وأخواله يمسكون به ويمنعونه من الخروج، فحاول أن يخلص نفسه منهم، ولكن دون جدوى، فاحتبس صوته وظل على ذلك عدة أيام، حتى أُحضر إلى الطبيب النفسي.
وكثيراً ما نشاهد فتاة (أو سيدة) تسمع خبراً يصدمها، عاطفياً، فلا تتحمل الصدمة، وتسقط مغشياً عليها. وفتاة كانت تركب المترو في طريقها إلى بيتها، وإذا بالركاب يصبيهم الهرج والمرح ويتصايحون أن المترو يحترق، ويقفز بعضهم من النوافذ، ويتجه البعض صوب الأبواب في خوف عام، كل يود النجاة بحياته، إلاّ هذه الفتاة، فلقد أصابها الشلل في رجليها، فلم تعد قادرة على الحركة.
وذلك الشاب، بطل فيلم الشموع السوداء، الذي أصابه العمى طيلة الفيلم، والذي صوّر مشهداً عاطفياً مثيراً بين خطيبته ورجل آخر؛ مما سبب له صدمة عاطفية، نتج منها العمى، الذي أصابه طيلة الفيلم. ويصف الشاعر هذا المشهد في قصيدته (لا تكذبي) بقوله: (إني رأيتكما معاً، ودَعِي البكاءَ فقد كرهت الأدمع، ما أهون الدمع الجسور إذا جرى من عين كاذبة، فأنكر وادّعى، إني رأيتكما. إني سمعتكما. عيناك في عينيه، في شفتيه، في كفيه، في قدميه. ويداك ضارعتان، ترتعشان، من لهف عليه).
وتلك السيدة، التي إذا احتد عليها زوجها في الكلام، استلقت على الأرض في حالة تشنتجات، ويعتقد من حولها أن عليها أسياد أو عفاريت، من معتقدات لا تتفق مع المنطق والدين والعلم. وسيدة أخرى عاقراً، تظهر عليها أعراض الحمل، وتظل تسعة أشهر تنتظر الولادة وتنتفخ بطنها، وفي موعد الولادة، تشعر آلاماً كآلام المخاض، ولكن يكتشف الطبيب المأساة، فهي ليست حامل حقيقة، ولكنه حملٌ كاذب.
هذه الأمثلة جميعها لظاهرة نفسية واحدة، على الرغم من اختلاف الشكل الظاهري. وهذه الظاهرة هي ما يُطلق عليها الهستيريا Hysteria أو اضطراب التحول (Conversion Disorder). (ويتميز اضطراب الهستيريا اضطراب التحول أو عصاب الهستيريا)، بتغير أو فقد الوظيفة الجسمانية الناتج من صراع نفسي أو حاجة نفسية. وهذا الفقد أو التغير في الوظيفة، لا يفسره مرض طبي معروف، أو آلية باثوفسيولوجية. ومرضى هذا الاضطراب، لا يعون الأساس النفسي لأعراضهم، ولا يمكنهم التحكم فيها بإرادتهم. فالشاب الذي أصابه احتباس الصوت لم يكن به مرض في أحباله الصوتية، أو آفة في مركز الكلام بالمخ، ولكنه الصراع النفسي الشديد في تلك اللحظة، الذي تحول إلى احتباس الصوت (Aphonia) ، وفقدت لذلك وظيفة الكلام. والفتاة التي يغشى عليها عندما تسمع خبراً يصدم عواطفها، لم تصب بغيبوبة لمرض عضوي، ولكنها لم تحتمل الموقف، فكان الهروب اللاإرادي منه، وعدم مواجهته بالإغماء. وبطل فيلم الشموع السوداء، لم يحتمل المشهد الذي رآه، فتحول الصراع النفسي الشديد إلى عرض العمى، حلاً للموقف (حلاً هروبياً)، من دون وجود خلل عضوي يفسر حدوث العمى. وتلك السيدة، التي تتشنج، تحول، كذلك، صراعها إلى عرض جسماني هو التشنج. أمّا السيدة العاقر، فكان لديها حاجة نفسية شديدة، ورغبة ملحة، في أن تصبح حامل، وهذا ما تحقق لها، من حدوث الحمل الكاذب (Pseudocyesis)، في صورة تغيرات جسمانية تشبه الحمل.
وأكثر أعراض اضطراب التحول وضوحاً وتقليدية، تلك التي توحي بمرض عصبي مثل الشلل واحتباس الصوت، ونوبات التشنج واضطراب التحكم الحركي والعمى والرؤية الأنبوبية (Tunnel Vision) وفقد حاسة الشم (Anosmia)، وخدر أو تنميل في جزء أو كل الجسم، ونادراً ما تحدث الأعراض التحولية في الجهاز العصبي المستقل أو جهاز الغدد الصم، فالقيء، كعرض تحولي، يمكن أن يمثل رفض وقرف، والحمل الكاذب (Pseudocyesis) يمكن أن يمثل رغبة في الحمل والخوف منه معاً.
وتوجد آليتان لتفسير تكون تلك الأعراض في حالات الهستيريا:
الأولى: المكسب الأولي (Primary Gain)
حيث يحتفظ الشخص، بصراعه الداخلي، أو حاجته النفسية، بعيداً عن دائرة الوعي، ووجود علاقة مبدئية بين المثير البيئي الذي له علاقة بالصراع النفسي أو الحاجة النفسية وبدء أو تفاقم العرض (مثل الاستفزاز، الذي يحدث صراعاً داخلياً حول التعبير عن الغضب، فيعبّر هذا الصراع باحتباس الصوت، أو رؤية منظر صدمة يثير صراعاً يعبر عنه بالعمى الهستيري، وفي مثل هذه الحالات للعرض، دلالة رمزية، تمثل حل جزئي للصراع النفسي الكامن).
الثانية: المكسب الثانوي (Secondary Gain)
بتجنبه النشاط المزعج له، فضلاً عمّا يحصل عليه من مساندة وتعاطف وإشفاق من البيئة المحيطة، مثل الجندي الذي يصاب بالشلل، فيتجنب حمل السلاح، إضافة إلى ما يناله من إشفاق المحيطين واهتمامهم. والشخص ذو الميول الاعتمادية، قد يحدث له العمى، أو عدم القدرة على المشي أو الوقوف (Astasia -Abasia)، ليمنع مغادرة شريكه له، مع أن كل حركات الرجلين طبيعية.
ويتميز اضطراب التحول بأنه، غالباً، عرض واحد خلال النوبة، ولكنه قد يتفاوت في المكان وطبيعته إذا وجدت نوبات تالية، وأن الأعراض تحدث فجأة في موقف ضاغط. ويصاحب العرض التحولي سمات الشخصية الهستيرية، وعدم المبالاة تجاه العرض، حتى أطلق على من لديها اضطراب التحول (الجميلة اللامبالية) (Labelle Indifference) ، وهذه العلامة ليست ذات قيمة تشخيصية عالية، لأنها قد توجد لدى بعض المرضى بمرض جسماني خطير.
يبدأ الاضطراب، عادة، في المراهقة أو بداية الرشد أو منتصف العمر، أو حتى العقود الأخيرة من العمر، بداية مفاجئة، والمسار، عادة، قصير، والشفاء مفاجئ، كذلك. وأحياناً تتكرر النوبات ويصبح المسار مزمناً، فحوالي 25% من المرضى يحدث لهم أعراض تحولية أخرى خلال السنوات الخمس التالية. وبصفة عامة، يوجد عرض واحد خلال نوبة الاضطراب، وفي النوبات التالية إمّا أن يكون العرض نفسه، وإمّا غيره.
ولاضطراب التحول تأثير ملحوظ على الأنشطة الحياتية، وكثيراً ما يعوقها. كما أن الفقد الطويل لوظيفة قد ينتج عنه مضاعفات حقيقية وخطيرة، مثل تقوسات في الأطراف، أو ضمور العضلات المشلولة، لإهمالها وعدم استعمالها (Disuse Atrophy)، خاصة عندما يرتبط بشخصية معتمدة مضطربة، فإن العرض التحولي يشجع على نمو الدور المرضي المزمن (Chronic Sick Role)؛ وقد يحدث تشوه أو عجز، بصورة ما، من جراء الأساليب التشخيصية غير اللازمة.
ولقد كان (فرويد) وصديقه (بروير)، الطبيبان النمساويان، هما أول من وصف الديناميات النفسية في حالات الهستيريا. إذ نشرا أبحاثاً بعنوان "دراسات عن الهستيريا"، في عام 1895، وذلك بعد معرفتهما لأعراضها من خلال معالجة الفتاه (أنا) (Anna O).، التي كانت تعاني الشلل والغثيان وفقدان الذاكرة واضطراب الرؤية واحتباس الصوت، وكانت تلك الأعراض تختفي أثناء التنويم بتأثير الإيحاء، ثم بعد ذلك، بتأثير التداعي الحر للذكريات (Free Association)، أثناء جلسات العلاج النفسي، الذي ابتكره (فرويد) بديلاً من التنويم المغناطيسي (Hypnosis).
ويلزم تمييز الهستيريا (اضطراب التحول) عن الأمراض التالية:
بعض الأمراض الجسمانية ذات الأعراض الغامضة والمتعددة، مثل التصلب المتناثر (Multiple Sclerosis) ، وهو مرض يصيب النخاع الشوكي أو المخ، ويحدث شللاً متناثراً، وغير مستقر، في مكان واحد، وكثيراً ما يخطأ ويشخص على أنه هستيريا. أو مرض الذئبة الحمراء الجهازي(Systematic Lupus Erythematosus)، خاصة في المراحل المبكرة من مساره، فيخطأ في تشخيصه على أنه اضطراب تحول. يتم تشخيص اضطراب التحول، إذا كانت الأعراض لا تتفق مع مرض جسدي معروف، مثل الشكاوى التي يتضح أنها غير متسقة مع التوزيع التشريحي للجهاز العصبي، أو وظيفة حركية جيدة لجزء من الجسم مفترض أنه مشلول، أو عمى هستيري لدى شخص، وعلى الرغم من ذلك، توجد استجابات سوية لإنسان العين (Pupil). كما أن زوال الأعراض خلال الإيحاء أو التنويم المعناطيسي أو الحقن بالصوديوم أموباربيتال (Amobarbital) ، يوحي بتشخيص اضطراب التحول. الأمراض الجسمانية التي تلعب فيها العوامل النفسية دوراً مهماً، مثل القولون المتصلب (Spastic Colon)، وهو اضطراب القولون الذي يحدث فيه تقلصات القولون وانتفاخه مع آلام، وتكون الغازات وشعور بعدم الراحة في البطن. أو الأزمة الربوية(الشعبية) (Bronchial Asthma)، وهي نوبات ناتجة من ضيق الشعيبات الهوائية بالرئتين، فتحدث شعوراً بالاختناق، فينهج المريض، ويشعر بصعوبة التنفس، ويزرق لونه، مع تزييق بالصدر، وهو صوت يحدث لصعوبة دخول الهواء عبر الشعب الهوائية. هذه الحالات لا يجب تشخيصها اضطراب تحول، لأن لها آليات مرضية محددة، أو آليات باثوفسيولوجية مسؤولة عن الاضطراب. اضطراب التجسيد، ونادراً الفصام: ففي اضطراب التجسيد، تكون الأعراض كثيرة ومنتشرة في أجهزة الجسم، خلافاً للهستيريا التي غالباً ما تكون عرضاً واحداً درامياً. وفي الفصام العقلي تكون الشكاوى الجسمانية غير محددة. ولا يشخص اضطراب التحول، عندما تعزى الأعراض لأيٍّ من هذين الاضطرابين. الاضطرابات الجنسية: نظراً لأنه يصعب تحديد ما إذا كان الارتخاء الجنسي (العنة)، مثلاً، لدى الرجال (أو البرود الجنسي لدى الإناث وهو عدم الاستجابة بالإثارة الجنسية)، يمثل تفاعلاً فسيولوجياً للقلق أو أنه تعبير مباشر عن الحاجة النفسية أو الصراع النفسي، إضافة إلى وضع كل الاضطرابات الجنسية معاً في مجموعة، فإن الأعراض التحولية المتضمنة اختلالاً في الوظيفة الجنسية، لا تشخص على أنها اضطراب تحول. الألم الجسدي الشكل[1]: يمكن أن يفهم على أنه عرض تحولي، ولكن، نظراً لاختلاف المسار والعلاج ونتائجه فإنه يوضع كاضطراب منفصل (اُنظر الألم). توهم المرض: إذ توجد أعراض (شكاوى) جسمانية، ولكن لا يوجد فقد أو تشوه فعلي لوظائف الجسم. اضطراب استحداث أعراض جسمانية (Factitious Disorder): تحدث الأعراض فيه عن قصد، ويصعب أن تميز نوبات صرعية هستيرية من أخرى مستحدثة. إدعاء الأعراض: الذي يكون عن قصد، ولتحقيق هدف واضح.
[1] الألم هو الإحساس السيئ، المصاحب بانفعال مزعج، والناشئ عن تلف أصاب أنسجة الجسم، سواء كان هذا التلف حقيقي أو مدرك من قبل الشخص. ويهدف الألم إلى حماية جسم الإنسان بتحذيره من المثيرات التي قد تدمر أنسجته، ولذا، تزيد مستقبلات الألم السطحي التي تنتشر في الجلد، لأنه الدرع الواقي لأنسجة الجسم من الأذى، ليس بسبب مكانته أو صلابته، ولكن لكثرة المستقبلات فيه، سواء كانت للحرارة أو الرطوبة أو اللمس أو للألم، بصفة خاصة. إذ أن النهايات العادية للأعصاب، والمنتشرة بين خلاياه، (أي الجلد) لحمايته بتنبيه الإنسان للابتعاد عن المثير وإنقاذ جسمه. وهناك نوعان من الألياف العصبية المتخصصة في نقل الإحساس بالألم، أحدهـما ألياف صغيرة مغطاة بالميلين ( myelinated) ، وهي سريعة جداً فd نقل الإثارة المؤلمة، إذ تنقلها بسرعة تتراوح بين اثنتي عشر مترا وثلاثون متراً في الثانية الواحدة، وهو أسرع معدل للنقل العصبي في الجسم. وثاني النوعين ألياف غير مغطاة بالميلين، وهى بطيئة جداً، مقارنة بالنوع الأول، إذ أن سرعتها من نصف متر إلى متربين في الثانية الواحدة، وحين يطعن شخص ما بآلة حادة، فإنه يحس بألم حاد شديد ومحدد الموضع في نفس لحظة الطعن، وهذا ما تنقله الألياف العصبية سريعة النقل، ثم يعقبه نوع آخر من الألم غير محدد الموضع وشديد ومنتشر وغير مريح، وهو ما تنقله الألياف البطيئة، وكأن الألم الأول هو صرخة الجزء المصاب من أنسجة الجسم، بينما الألم المنتشر الذي يليه هو صرخة الأنسجة المجاورة للجزء المصاب.
انتشار الهستيريا (اضطراب التحول)
تشير الإحصاءات في الدول المتقدمة إلى أن اضطراب التحول، حالياً، يُعَدّ نادراً. ولكن بعض الدراسات المسحية تشير إلى أن معدل حدوث أعراض تحولية في وقت ما من حياة الشخص (Life Time Incidence) يراوح من 25% إلى 33%، وأن انتشار اضطراب التحول بين مرضى المستشفيات العامة، الذين يَمْثلون للفحص النفسي، يتفاوت من 5% إلى 16%. ويكثر اضطراب التحول بين الإناث من مرتين إلى خمس مرات، عنه بين الذكور، كما يكثر بين المراهقين والشباب وبين الطبقات الاجتماعية الفقيرة وفي المجتمعات الريفية والأميين، ولعل هذا يفسر انتشاره بدرجة ملحوظة في الدول الفقيرة، ودول العالم الثالث، التي يكثر فيها الفقر والأمية فضلاً عن الكبت.
هذا الاضطراب، أصبح نادراً في المجتمعات المتقدمة، التي حققت نضجاً، نفسياً وعقلياً. أمّا في الدول المتخلفة، والتي ينتشر فيها الجهل والفقر، فلا زال هذا الاضطراب شائعاً، وذلك لما يرتبط بظهور هذه الأعراض من مكاسب ثانوية، في صورة تعاطف المحيطين، بل وعزوهم إياها للأسياد وعالم الجان المجهول! ولقد لوحظ أن أكثر معدلات انتشاره بين الطبقات الفقيرة، وبين الإناث المراهقات. وأحياناً تظهر الهستيريا، كوباء جماعي، بين مجموعات من المراهقين (غالباً المراهقات) في أماكن التجمعات، مثل المدارس والمعسكرات، إذ تظهر الهستيريا لدى إحدى الفتيات وتتعاطف معها زميلاتها فيتقمصن الأعراض نفسها، ثم تنتقل، بالإيحاء، من شخص إلى آخر، ومن مكان إلى أماكن أخرى، وحين تكتب عنها وسائل الإعلام فإنها تساعد على نشرها من بلد إلى بلد آخر.
أسباب الهستيريا
عوامل بيولوجية: يعتقد البعض أن اضطراب التحول له أساس نيوروفسيولوجي Neurophsiology، في صورة اضطراب في يقظة الجهاز العصبي المركزي لدى من يصابون به، وافترض أن أعراضهم تنشأ من فرط اليقظة القشرية، التي تولد تغذية مرتجعه سالبة، بين قشرة المخ والجهاز المنشط الشبكي، الذي يوجد في جذع الدماغ، وزيادة معدلات (Corticofugal Output) بدوره يثبط النبضات الحسية الحركية الصاعدة، وهكذا يقل الوعي باحساسات الجسم، التي تظهر في بعض مرضى اضطراب التحول، كنقص حسي. عوامل نفسية: ترجع النظرية التحليلية، التي أسسها (سيجموند فرويد)، اضطراب التحول إلى كبت الصراعات الداخلية اللاشعورية، وتحويل القلق إلى عرض جسماني، والصراع يقع بين حفزة غريزية (عدوانية أو جنسية)، وحرمة التعبير عنها، أو منع ظهورها، والعرض يسمح بالتعبير الجزئي للرغبة الممنوعة، ولكنها (أي الحفزة) تثير الاشمئزاز والرفض الشعوري لدى المريض لدرجة أنه لا يواجهها شعورياً، أي أن العرض التحولي له علاقة رمزية بالصراع اللاشعوري (Unconscious Conflict)، كما أن الأعراض التحولية تمكن المريض من نيل اهتمام خاص ومعاملة خاصة. وهكذا، فإن هذه الأعراض تُعَدّ وسائل اتصال غير لفظي، للسيطرة على المحيطين به، وتسخيرهم للاهتمام به، وهذا ما أُشير إليه كمكسب ثانوي، ضمن الآليتين الأساسيتين، في حدوث الهستيريا (اضطراب التحول).
عـلاج الهستيريا
إعلام المريض أنه لا يوجد خلل بجسده، وأن العرض سوف يختفي. والمدخل المفضل، في علاج اضطراب التحول، هو العلاج النفسي، خاصة العلاج النفسي التحليلي، الذي يهدف إلى استكشاف الديناميات الداخلية، وفهم جوانب الصراع، ورمزية العرض، وآلية حدوثه، مع تحقيق درجة من النضج لذات المريض (الأنا)، تجعله يتحمل الاحباطات، ولا يتكرر الاضطراب عند مواجهة الصدمات العاطفية. وهذا مفيد جداً في علاج هذه الحالات. وهناك العلاج بالتنويم المغناطيسي، الذي يتم فيه الإيحاء للمريض بزوال العرض المرضي، وهو تحت تأثير التنويم. وأحياناً قد ينجح الإيحاء من دون تنويم في إزالة العرض، وهذا علاج ناقص؛ فالعرض قد يختفي ولكن قد يعود من جديد أو تظهر أعراض أخرى، ما لم يتم حل الصراع النفسي الموجود لدى المريض. كما تستخدم مضادات القلق وتمارين الاسترخاء، وقد يلزم الحقن الوريدي لأميتال الصوديوم (Amytal)، خاصة في حالة الصدمات العاطفية، وذلك لمساعدة المريض على إزالة الكبت وإعادة معايشة الصدمة. ويلاحظ أن استمرار العرض، لفترة طويلة، يثبِّت العرض، ويعود المريض على استمرار تقمص الدور المرضي، مما يجعل علاجه مهمة صعبة، وتستغرق وقتاً طويلاً.
|
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75822 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| |
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75822 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: " الموسوعة المصغّرة للمصطلحات النفسية " 5 السبت 18 يونيو 2016, 4:57 pm | |
| الهوية
الهوية
يمكن تعريف الهوية Identity بأنها ماهية الشخص (أو الشيء)، مما يتسم به من مجموعة الصفات، التي تميزه عن الآخرين، وتجعله متفرداً بها. ومن ثم، فإنها، أي الصفات، تشمل كل جوانبه، أي الشخص أو الشيء، وهي، بالنسبة إلى الشخص، تنتظم في مواصفات، جسدية ونفسية واجتماعية، وفي تكامل ينمّ على روح الهوية والشعور بها. لذلك، فإنه يمكن أن نقسم هوية الشخص إلى هوية جسدية، وهوية نفسية، وهوية اجتماعية.
والهويـة الجسديـة (Physical Identity)، هي السّمات الفيزيائية، من حيث البنيان الجسماني، وما يتميز به من الطول والقصر، البدانة أو النحافة، لون جلده وشعره، من حيث وجوده من عدمه، نعومته أو خشونته، لون العينين، قسمات الوجه، تناسق الملامح، تناسق الجسد، عدم وجود إعاقات تعطل قدرات الفرد الجسدية، أو تحول دون إدراكه للعالم من حوله، ومقارنة نفسه بمن حوله. والأهم من ذلك، في حالة الإعاقات الحسية (Loss of Sensation)، هو عدم نمو الوعي بوجوده، فلا يدرك هويته المادية، ولا أداءه العقلي. فمن تكن لديه إعاقة مثل فقْد السمع والبصر، أو خلل المسارات الحسية (Afferent Sensory Tracts)، الداخلة إلى الدماغ لتوصيل الاحساسات الجسدية ـ لا يمكنه إدراك المثيرات الجسدية، التي تكوِّن هويته الجسدية، ومن ثم تكون هويته الجسدية غير واضحة بالنسبة إليه، وهذا لن يمكنه، كذلك، من مقارنة نفسه بالآخرين، وعدم معرفة من يشبهه من المحيطين به في بيئته، فلا يكتشف السّمات المشتركة مع أعضاء جماعته، وهو ما يؤثر في هويته، النفسية والاجتماعية.
أمّا الهوية النفسية (Psychological Identity)، بالنسبة إلى الشخص، فهي ما تعيه النفس وتشعر به من سمات، عقلية وانفعالية، وسلوك ناتج من تلك السّمات النفسية، تجاه ما لديه من قدرات عقليـة (Mental Abilities)، واهتمامات واتجاهات داخلية (Attitudes)، تعبّر عن نظامه القيمي (The Value System)، أو ما يُسمى بالأنا الأعلى (Super Ego)، وما تعكسه تلك الاتجاهات من نظرة إلى العالم الخارجي، تتسق مع إدراك الشخص للعالم من حوله، الذي هو انعكاس للقدرات العقلية وخبرة الشخص الخاصة، المعرفية والانفعالية، والتي هي معياره لقياس العالم الخارجي وفهْمه والتعامل مع مثيراته، هذا التعامل الذي يبرز في سلوكيات الشخص وتصرفاته اليومية.
والهوية النفسية، يمكن أن تشمل ما تنطوي عليه النفس من جزء بدائي، يعبّر عن عفوية الطفل في داخل الإنسان، ويختزن طاقات الغرائز والحاجات الأساسية، من متطلبات البقاء؛ وجزء مجتمعي، يعكس قِيم المجتمع، وأخلاق الوالدين والأسرة، كبيئة محيطة مباشرة، تكون جزءاً مقابلاً، كابتاً للغرائز في الجزء البدائي، أحياناً، ومشبعاً لها، أحياناً أخرى. وهو يرسي أُسُس الواقع الخارجي، كرد فعل أو كأطروحة مقابلة لأطروحة الغرائز. وهذا الجزء يكون باندماج القِيم الخارجية، والتوحد مع أفراد من العالم الخارجي، خاصة الوالدين، أو من يقوم مقامهما بالرعاية، في السنوات الأولى. وينمو من خلال تفاعل هذان الجزآن، كأطروحتين متقابلتين، جزء ثالث، هو الوسيط بين البدائية الغرائزية، والقِيم والعادات الخارجية المجتمعية. وهو جزء توفيقي، يسعى للجمع بينهما، ليبدو كحصيلة نهائية لهما. وكلما كان هذا الجزء الوسيط متكاملاً ومتسقاً وقليل الصراعات، عكس هوية سوية. وكلما كانت صراعاته شديدة، تؤدي إلى عدم استقراره، كان هناك أزمة هوية (Identity Crisis).
والهوية الاجتماعية (Social Identity)، وهي الصورة التي يراها الآخرون للشخص، إذ يعيش داخل جماعة تساعده على الشعور بوجوده، وتوجهه لتكوين هويته، وينتمي إليها. وهي، أي الجماعة، كما تشبع حاجاته المادية، تشبع، كذلك، حاجاته المعنوية، فتعطيه الشعور بتقدير الذات، إذ يقارن نفسه بالآخرين، فيلاحظ أوجُه الشبه والاختلاف بينه وبين أفراد الجماعة. وكلما لاحظ أنه أكثر قبولاً اجتماعياً وتميزاً عن الآخرين، شعر بهويته الاجتماعية المتسقة.
وهناك مؤهلات اجتماعية، تسهم في شعور الشخص بهويته. وهي المهنة التي يمارسها، ومدى إسهامها في رفاهية الآخرين وراحتهم، والشهادة التي حازها، وموقعها من الثقافة السائدة في المجتمع، وما يملكه من ماديات، تيسر له سُبُل العيش، وامتداد مظلتها إلى الآخرين من عدمه (أي يعمل لديه آخرون)، ونمط الحياة التي يحياها، ومدى قبولها من المحيطين به، واتساقها مع عادات وتقاليد المجتمع الذي يعيش فيه.
فلا شك أن شخصاً حائز شهادة مرغوبة، اجتماعياً، ويمارس مهنة مرموقة، تفيد المجتمع، ويملك، مادياً، ما يجعله يستخدم (يستوظف) لديه آخرين من أفراد مجتمعه، ويفتح لهم أبواب رزق، ويعيش أسلوباً حياتياً، يتفق مع عادات وتقاليد مجتمعه ـ سيكون هوية موجبة، من خلال التقدير الاجتماعي، الذي سيلقـاه من المحيطيـن به. بخلاف شخص آخر، لم يحز شهادة تعليميـة، ولا يمارس مهنة مناسبة، ولا يمتهن عملاً مقبولاً من المجتمع، وليس لديه ما يكفيه، مادياً، ويعيش نمط حياة، لا يتسق مع عادات وقِيم مجتمعه (مثل الشخص المدمن) ـ فإنه يكون غير مقبول من مجتمعه، وملفوظاً وفاقد التقدير. وهذا يسهم في خلق أزمة هوية، أو هوية سلبية، لا تحقق له الإشباع الذي ينشده.
والهوية ليست جامدة، ولكنها تتطور من خلال التوحدات، والاختيار بين تلك التوحدات، خلال مراحل النمو المختلفة، إذ إنها دينامية داخلية، تعيد تنظيم نفسها، من دون توقف، ويمكن ملاحظتها خلال مراحل النمو، كما يلي:
الطفل في عامه الأول (مرحلة الأمان)، أو ما يسمى بمرحلة الثقة الأساسية، في مقابل الشك (Trust versus Mistrust) وفيها تكون هوية الطفل تابعة لهوية الأم؛ فهو لا ينفصل عنها، يعتمد عليها في كل شيء. وهي تلبي حاجاته، من وجهة نظرها، من دون احتجاج منه أو رفض. وهي عندما تشبع حاجاته، بصورة مناسبة، وتستجيب لبكائه، فإنها تصبح لديه أمّاً طيبة (Good Mother)، وتعطيه بذلك الشعور بالأمان والثقة، بأن الآخر، سيخف إلى نجدته وإشباع حاجاته، عندما يطلب ذلك، وهذا يبني ثقته الأساسية بالآخر. أما عدم الاستجابة، والإهمال في رعايته، فيخل بثقته بالآخر، وشعوره بالأمان. ومن ثم، ينمو الشعور الداخلي بالرفض من الآخرين، فيقل الشعور بالقيمة، ويقل، تبعاً له، الشعور بتقدير الذات (Self Esteem). فتهتز الهوية التابعة للأم، والأساس الذي تبنى عليه الهويات اللاحقة. الطفل في عامَيه، الثاني والثالث، من العمر: إذ تكون عضلات المشي قد نمت، وأمكنه الانفصال عن أمه. فهو يمشي بعيداً عنها، سعيداً بقدرته على الانتقال من مكان إلى آخر، منتصباً على قدَميه. وهو سعيد، كذلك، بقدرته على الاستقلال، والشعور بأناه المنفصل (بذاته). ويؤكد ذلك بظهور كلمة "لا"، التي تعني الرفض للتبعية، وتأكيد "الأنا" المنفصل بظهور كلمة "أنا". وفي هذه المرحلة، يظهر العناد، كصفة سلوكية، لتأكيد الاستقلال وعدم التبعية. وهنا، تكون الهوية المنفصلة قد بدأت بالظهور. وإذا حاولت الأم أن تعوق شعور الطفل بالاستقلال، مفضلة أن تجعله تابعاً، في هذه المرحلة، كذلك، فإن ذلك سيؤدى إما إلى استسلامه وتبعيته، من دون صراع، أو إلى إفراط في العناد ومحاولات الاستقلال. وكلاهما تطرّف، أحدثه إصرار الأم على عدم انفصاله ورعايتها المفرطة (Over Protective Mother). وسيُحدث ذلك مشاكل لاحقة، في مرحلة البلوغ. الطفل في أعوامه، من الرابع إلى السادس: وهي المرحلة، التي يشعر فيها بقدراته الجسدية المتميزة، في الحركة والجري والرقص، ومعرفته إلى أي من الجنسين هو ينتمي (الذكور أو الإناث)، ومقدار اعتزازه بهذا الانتماء، وعدم شعوره بالنقص الجسدي، وقبوله الاجتماعي والسرور من قِبل الآخرين لمبادرته، وإعطائه الاهتمام الذي ينشده. وكل هذا يسهم في شعوره بهوية، جسدية ونفسية واجتماعية، متميزة. وعدم تحقق ذلك، يجعله محبطاً، شاعراً بالذنب، بما يؤثر في شعوره بالهوية، في هذه المرحلة، ويؤثر فيها، مستقبلاً، في مرحلة البلوغ. الطفل في أعوامه من السابع إلى البلوغ: وهي مرحلة التوحدات المتعددة، التي يبدأها بالتوحد مع الأب، من نفس الجنس، ومع المدرس ورفاق المجموعة، بغية الوصول إلى الأنا المثالي (Ego Ideal)، وذلك من خلال استدخال صفات الآخر واستدماجها، لتكون جزءاً من الذات (الأنا). وعدم وجود نماذج مناسبة في حياة الطفل، يتوحد بها، يجعله مرتبكاً فاقداً، للثقة بنفسه، وليس له مرجع، يقارن نفسه به. سنوات المراهقة: وهي المرحلة الانتقالية، بين الطفولة والرشد. فبعد أن كان الطفل، في كل تلك السنوات السابقة، خاضعاً لسيطرة الكبار، وليس له خيارات مطلقة، وغالباً يؤدي، من دون نقاش، ما يطلبه منه الآخرون من الكبار، أصبح يفرض اختياراته، ويتشبث بها، إذ توقّف عن توحداته الجزئية السابقة، وأصبح يبحث عن ذاته، مسترشداً بمستوى الطموح، وثائراً على طفولته بقدر ما هو ثائر على الكبار، فيفقد الوالدان موقعهما المرموق في نفسه، وتقل الشحنة العاطفية تجاههما، التي يوجه جزءاً منها تجاه نفسه. فأصبح يهتم بجلده وملابسه ومظهره، وجزء آخر، يوجهه نحو رفاق المجموعة. وجزء ثالث نحو أبطال التاريخ، ومن يجسدون له الأنا المثالي. ومع نقص العاطفة، ظهرت السخرية من الكبار، لتبرير الثورة عليهم. ولكنه، في الوقت نفسه، يحاول أن يوفق بين رغباته الداخلية وثورته، وبين ما يطلبه منه المجتمع، بشكل عام، وليس الوالدين فقط، ولذا فإنه يكون في صراع، لتحقيق هوية، يرضى هو نفسه عنها، ويقبلها الآخرون، الأمر الذي قد يوقعه في أزمة، أطلق عليها "أزمة الهوية" (Identity Crisis) وأحياناً تشتد تلك الأزمة، وتصل إلى الاضطراب. وهو ما أورده الدليل الإحصائي التشخيصي الثالث، المُرَاجَع للاضطرابات العقلية(Diagnostic and Statistical Manual of Mental Disorders-III-) (Revised)(DSM-III-R) (1987)، ويمكن تفصيله في ما يلي:
اضطراب الهوية (Identity Disorder)
ويتميز هذا الاضطراب بالكرب الداخلي، المرتبط بعدم القدرة على تكامل نواحي النفس، إلى شعور متسق، ومقبول، نسبياً، للنفس. إذ يوجد عدم تحديد لأشياء مختلفة، ترتبط بالهوية وتشمل: الأهداف على المدى البعيد، واختيار العمل، وأنماط الصداقة، والتوجه الجنسي، والسلوك، والتوحدات الدينية، وجهاز القِيم الأخلاقي، والولاء لمجموعة. وتظل هذه الأعراض، على الأقل، لمدة ثلاثة أشهر، وينتج منها إعاقة في الأداء، الاجتماعي أو الوظيفي (أو الدراسي)، ولا يحدث هذا الاضطراب كجزء من اضطراب الوجدان (Mood Disorder)، أو الفصام (Schizophrenia)، أو الاضطراب فصامي الشكل (Schizophreniform Disorder) والاضطراب ليس مشوهاً، ولا ثابتاً بما يكفي لتشخيص اضطراب الشخصية الحدية (Borderline Personality).
وعدم تحديد الأهداف، على المدى البعيد، قد يعبّر عنه بعدم القدرة على اختيار أو تبنِّي نمط حياة، مثل من يكرس نفسه للنجاح المادي، أو من يكرس نفسه لخدمة المجتمع، أو الجمع بينهما. والصراع المتعلق باختيار العمل، قد يعبِّر عنه بعدم قدرة الاستقرار في عمل، أو عدم قدرته على الاجتهاد في مهنة اختارها. والصراع المتعلق بأنماط الصداقة، قد يعبِّر عنه بعدم قدرة على تحديد نوعيـة الناس الذين يصادفهم، ودرجة الألفة معهم. والصراع المتعلق بالقِيم والانتماء، قد يشمـل ما يتعلق بالتوحد الديني، والجوانب الأخلاقية، والسلوك الجنسي.
ويخبر الشخص هذه الصراعات، كنواحٍ متناقضة في شخصيته. ونتيجة لذلك، يفشل في إدراك نفسه، كهوية متسقة، وكثيراً ما يلخص الشخص الاضطراب بسؤاله (من أنا؟). وهو ما عبَّر عنه إريكسـون (E. Erikson) بغموض الدور، إذ يصاب الشاب بالشك الشديد، وعدم القدرة على اتخاذ قرارات، والشعور بالعزلة والخواء الداخلي، وعدم الارتباط والانتماء إلى مجموعة، وارتباك التوجه الجنسي.
ويصاحب اضطراب الهوية بأعراض القلق والاكتئاب، والشك في النفس، والشك حول المستقبل، وصعوبة الاختيارات، أو الاندفاع في تجارب، مع السلبية والعناد، في محاولة لإقرار هوية مستقلة بعيداً عن الأسرة. وقد تشمل هذه المحاولات، مراحل تجريبية عابرة من السلوك المفرط، في اتجاهين متناقضين، لأن الشخص يحاول البحث في اتجاهات مختلفة عن هويته.
بدء الاضطراب ومساره ومضاعفاته
يبدأ اضطراب الهوية في المراهقة المتأخرة (Late Adolescence)، عندما يصبح المراهق في صدد إقرار هوية مستقلة عن أسرته، ونظراً إلى أن جهاز القِيم يتغير، فإن هذا الاضطراب قد يظهر في الشباب، أو حتى منتصف العمر (Middle Age)، إذا بدأ الشخص التساؤل عن قرارات حياته الباكرة ومعنى وجوده. وقد يشتد الكرب في هذه الفترة، وهو ما يعرف بأزمة منتصف العمر (Middle Age Crisis). وهناك بداية حادّة، لفترة، ثم يختفي الاضطراب بمرور الوقت، أو يصبح مزمناً. وأحياناً، تكون البداية متدرجة. وإذا بدأ الاضطراب في المراهقة، فعادة، يحل في منتصف العشرينيات. وعندما يصبح مزمناً، يصبح الشخص غير قادر على اختيار عمل أو يفشل في تكوين ارتباط عاطفي دائم، مع انتقالات كثيرة في العمل والعلاقات واتجاهات العمل. ومن مضاعفاته الفشل، الدراسي والعملي، إذ يكون أداؤه أقل من قدراته الذكائية.
ويمكن تشخيص اضطراب الهوية بالمواصفات التالية:
الشعور بالانزعاج لعدم تحديد أشياء مختلفة، ترتبط بهويته، وتشمل ثلاثة مما يلي:
* الأهداف على المدى البعيد.
* اختيار العمل.
* أنماط الصداقة.
* التوجه والسلوك الجنسي.
* التوحد الديني.
* أنظمة القِيم الأخلاقية.
* الانتماء إلى جماعة.
ينتج من ذلك إعاقة، اجتماعية أو وظيفية (بما في ذلك الإنجاز الدراسي). مدة الاضطراب، على الأقل، ثلاثة أشهر . حدوثه ليس خلال مسار اضطراب الوجدان، أو اضطراب ذهاني، مثل الفصام. الاضطراب ليس مشوهاً، ولا ثابتاً بما يكفي لتشخيص اضطراب الشخصية الحدية.
ويلزم تتميز اضطراب الهوية، من الآتي:
الصراعات العادية : المرتبطة بالنضج مثل تقلب مرحلة المراهقة، أو أزمة منتصف العمر. وهي، عادة، لا ترتبط بكرب شديد وإعاقة في الأداء، الوظيفي أو الاجتماعي. ولكن عند توافر الدلالات، يشخص اضطراب الهوية، من دون اعتبار للسن أو مرحلة النمو.
الفصام والاضطراب فصامي الشكل واضطراب الوجدان: ويصاحبها اضطراب هوية. ولكن هذه التشخيصات، لها أولوية على اضطراب الهوية.
اضطراب الشخصية الحدية: اضطراب الهوية، يكون أحد جوانبها، وعادة، معه اضطراب وجدان. والاضطراب ثابت ومشوه للشخصية. انتشار اضطراب الهوية
يبدو أن اضطراب الهوية، قد أصبح شائعاً جداً، الآن، أكثر من العقود السابقة، وذلك لزيادة الاختيارات المرتبطة بالقِيم والسلوك وأنماط الحياة، وزيادة الصراع بين المراهق، وقِيم رفاقه ووالدَيه، والقِيم الاجتماعية، إضافة إلى أن وسائل الإعلام والتعليم، تعرض لعديد من التناقضات، سواء الأخلاقية أو السـلوكية. وعلى الرغم من أن الدليل التشخيصي الإحصائي للاضطرابات العقلية الرابع (DSM-IV)، قد أغفله، إلا أن الملاحظات الإكلينيكية، تشير إلى أنه ما زال منتشراً، كاضطراب منفصل. أسباب اضطراب الهوية
سبب هذا الاضطراب نفسي. وهو حدوث تحولات داخلية، في مرحلة المراهقة، لازمة لنضج الأنا (Ego)، (من الطفولة إلى الشباب). هذه التحولات والصراعات قد تحدث ظواهر نكوصية (Regressive phenomena) لدى المراهق، تؤدي إلى خلق أزمة. وإذا لم تحل، باستجابة مناسبة، يحدث اضطراب الهوية. العلاج
العلاج الأجدى في اضطراب الهوية، هو العلاج النفسي الفردي، الذي يهدف إلى تشجيع النمو، ونضج الأنا، في مواجهة الصراع، إذ يبصّر المريض بنكوصه ودفاعاته غير الناضجة (Immature Defensive Mechanisms)، التي يستخدمها، ويوجه نحو النضج والاختيار والتطبيق في الواقع، ونتائج علاج هذا الاضطراب طيّبة.
|
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75822 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: " الموسوعة المصغّرة للمصطلحات النفسية " 5 السبت 18 يونيو 2016, 4:58 pm | |
| الوجدان
الوجدان
الوجـدان[1] (المزاج Mood) وهي وظيفة تصف الحالة الداخلية للفرد، التي نطلق عليها الشعور (وهي الخبرة الذاتية التي يدركها الفرد، كحالة داخلية، مثل السرور والحزن)، وما يصاحبها من تغيرات فسيولوجية داخلية، والتي تسمى بالانفعال، (وهي حالة الحيوية، التي تنشأ عن التغيرات الفسيولوجية الحادثة، كاستجابة لشعور ما، وتميل إلى المحافظة عليه أو إلغائه). لذا، فالوجدان يتكون من شقين، أحدهما خارجي، وهو الوجدان، أي أنه الانفعال، الذي يلاحظه الآخرون المحيطون بالشخص، كتعبير لشعور داخلي. بينما الشق الآخر داخلي، لا يمكِن ملاحظته، ولكنه خبرة ذاتية. أما الحالة الوجدانية Mood ) (فتصف الانفعال، الذي يبقى لفتـرة، ويلون أفكـار الشخص وسلوكـه تجـاه العالـم ـمن حوله، وهي حالـة مؤقتة، إذا قورنت بمـزاج الشخـص المميـز (Temperament)، الذي يُعَدّ التهيئة الانفعالية المتأصلة لدى الشخص، فتجعله يتفاعل بطريقة معينة مع المثيرات والمواقف، ويتحدد الانفعال مبكراً في حياة الفرد. ويمكننا أن نشبه الحالة الوجدانية بالحالة الجوية، التي تصف تغيراً مؤقتاً في حالة الجو، بينما نشبه المزاج بالمناخ، الذي يصف حالة شبه دائمة من الحرارة والبرودة. فمثلاً قد نعرف عن شخص أنه مرح، فهذا هو مزاجه المميز له طوال حياته. ولكن أن يكون متضايقا لعدة أيام، فهذه حالة وجدانية مؤقتة كالحالة الجوية، لا تلبث أن تتغير، وقد تشتد فتكون مَرضية تستحق العلاج. وهناك أشخاص ذوو مزاج مرح. أما ذو المزاج القلق، فهو الشخص الذي يسيطر عليه القلق، كسمة ثابتة طوال حياته، وليس مرضاً. وثمة ذو المزاج الاكتئابي، الذي نطلق عليه (النكدي). وهناك ذو المزاج المتقلب بين المرح والاكتئاب، أو ما يُسمى بصاحب المزاج الدموي.
ومراكز الوجدان في الدماغ، هي الجهاز الطرفي (الانفعالي)، وقشرة المخ، حيث يستقبل المثير، عبْر الحواس، وتمر المعلومات المتعلقة به إلى قشرة المخ المناظرة (حسب نوع المثير، بصري أو سمعي… إلخ). فيتم إدراكه، ويؤدي الارتباط بين مناطق قشرة المخ المختلفة، إلى بعث كل الذكريات المرتبطة بالمثير. كما ترسل، في الوقت نفسه، إشارات إلى الجهاز الانفعالي لإحداث الحالة الانفعالية المناسبة. ويؤدي المهيد، كأحد أجزاء الجهاز الانفعالي، والمتحكم في نشاط الجهاز العصبي المستقل (السمبثاوي ونظيره) دوراً مهماً في الانفعال. فينشط الجهاز السمبثاوي[2]، إذا كان المثير يتطلب إعلان حالة الطوارئ في الجسم، والاستعداد للقتال، أو الهرب. وينشط نظير السمبتاوي، إذا كان المثير باعثاً على الطمأنينة والاسترخاء، في الوقت نفسه، الذي يرسل فيه الجهاز الانفعالي إشارات إلى قشرة المخ لإحاطتها بمعلومات عن الانفعال الموجود. فمثلاً، إذا حدث زلزال شديد، فإن الشخص يدركه، ثم تعمل قشرة المخ على بعث الذكريات والأخطار المرتبطة بالزلازل، في الوقت عينه، الذي ترسل فيه إشارات إلى الجهاز الانفعالي، الذي ينشط، بدوره، الجهاز السمبتاوي (الذي يُعِدّ جسم الإنسان لمواجهة الخطر، فيزيد من سرعة ضربات القلب وسرعة التنفس، ويزيد الدم إلى العضلات والمخ، وتتسع فتحة إنسان العين، إلى آخر تلك التغيرات، التي تُعِدّ الإنسان للقتال أو الهرب)، ويأخذ الإنسان قرار الهرب من مكان الزلزال، أو الاحتماء المناسب، الذي يراه.
ويلاحظ أن الانفعال يتشابه في حالات الخوف والخجل والغضب، على الرغم من اختلاف الشعور الداخلي في كل منها. وذلك لأن ردود فعل الجهاز العصبي متشابهة. ومن ثم، فإن المحدد لنوع الانفعال، هو الشعور أو التفسير الذاتي له .
يتأثر الانفعال بحالة الوعي والانتباه والإدراك والخبرة السابقة، بالمثير (الذاكرة). وللانفعال فوائد، أهمها: أنه يُعِدّ الفرد لمواجهة المثير (بالاستعداد للقتال أو الهرب). ويعطي التعبير الانفعالي ترابطاً بين الأشخاص، وفهماً اجتماعياً متبادلاً، من طريق المشاركة الوجدانية. فمثلاً، عندما نقابل إنساناً، ويبتسم لنا ابتسامة، تعبّر عن سروره بلقائنا، فإن هذا سيولد شحنة انفعالية طيبة، داخلنا، تجاهه. كما أن الانفعال يولد شحنه داخلية، تُعَدّ الوجود الداخلي للرغبات والدوافع، التي ينشأ منها التفكير والسلوك الموجَّه نحو الأهداف.
[1] الوجدان أو المزاج: الوجدان يُطلق على كل إحساس أولي باللذة أو الألم كما يُطلق على ضرب من الحالات النفسية من حيث تأثرها باللذة أو الألم في مقابل حالات أخرى تمتاز بالإدراك والمعرفة. والمزاج من الناحية اللغوية هو استعداد لمسمى عقلي خاص كان القدماء يعتقدون أنه ينشأ عندما يتغلب في الجسم أحد العناصر الأربعة: الدم، الصفراء، والسوداء، والبلغم. ومن ثم كانوا يقولون بأربعة أمزجة: الدموي، الصفراوي، السوداوي، والبلغمي. وفي علم النفس المعاصر تُفسر الأمزجة من ناحية المؤثرات الجسمية، ويعتبرون إفرازات الغدد (الغدة الصماء/ الغدة الدرقية / الغدة الكلوية) هي الأساس في تكوين المزاج.
[2] الجهاز السمبثاوي: الجهاز العصبي السمبثاوي Sympathetec nervous system هو جزء الجهاز العصبي الذاتي، ويتكون من السلسلة العقدية الواقعة خارج الحبل الشوكي وفي موازاته.
اضطرابات الوجدان
يمكن أن يضطرب الوجدان، في صورة من الصور الآتية:
أ. التهيئة العاطفية الشاذة: أي الاستعداد النفسي غير الطبيعي. ويحدث لدى الأشخاص غير الأسوياء، الذين تكون أمزجتهم شاذة، مثل المزاج سريع الاستثارة، أي الذين يستشيطون غضباً لأتفه الأسباب، فيثورون ثورة عارمة، من دون مبرر يستحق. كذلك، الذين يتميزون ببرود عاطفي، ونقص الانفعالات، فلا يعبرون عن انفعالاتهم. وهؤلاء لا يريحون من يتعامل معهم، إذ لا يدري أراضون هم أم ساخطون؟! ويكونون كأنهم مرتدين أقنعة، تخفي تعبيراتهم، فلا يظهرون استحساناً أو استياء.
ب. التعبير عن الانفعالات بطريقة مَرضية، أو غير عادية
(1) انشقاق الوجدان: وهو تفاعل دفاعي، لاشعوري، ضد القلق. إذ يتجنب الشخص القلق، بأن يصبح في حالة انفعالية، مختلفة عمّا هو مفترض أن يظهر عليه، ويصف ما حدث بأنه كان خائفاً (مثلاً) إلى درجة أنه لم يشعر بأي شعور، أو كان شعوره غامضاً، غير الخوف، ويحدث هذا في المواقف المثيرة للقلق الشديد، لدى بعض الأشخاص.
(2) فقدان الشعور والتعبير: يفقد المريض الخبرة الانفعالية، وكذلك، القدرة على التعبير الانفعالي. ويصبح متبلداً انفعاليا. مثل مريض الفصام العقلي، الذي يكون فاقداً للشعور والتعبير.
(3) عدم التمايز: إذ يشعر المريض بالشعور المناسب، ولكنه لا يستطيع التعبير عن ذلك. فهو يخبر الشعور، ولكنه لا يظهر عليه التعبير الانفعالي في أي صورة.
(4) الارتباك الانفعالي: ويشير إلى الارتباك، الذي يحدث في حالات القلق وانحجاب الوعي، والفصام الحادّ.
(5) التناقض الوجداني: إذ يظهر المريض تفاعلاً، يتناقض مع مشاعره الداخلية.
(6) التقلب الوجداني: وهي حالة التغير الانفعالي، من نقيض إلى نقيض، بسرعة، من دون سبب مناسب. وهذا يحدث في حالات الفالج (الشلل النصفي) الناجم عن تلف في المخ، يؤثر في مراكز الانفعالات.
(7) الضحك القسري والبكاء القسري: يعبّر المريض بالضحك أو البكاء، في غياب السبب المناسب.
وهناك اضطرابات انفعالية، مثل القلق والهلع والاكتئاب والرهاب.
|
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75822 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: " الموسوعة المصغّرة للمصطلحات النفسية " 5 السبت 18 يونيو 2016, 4:59 pm | |
| اليقظة
اليقظة
وهي حالة الوعي، التي بها يستطيع الشخص أن يدرك نفسه وما حولها. وحالة اليقظة، هذه، تُنظم بواسطة الجهاز المنشط الشبكي (Reticular Activating System) إذ إن زيادة نشاطه تمنع حدوث النوم، بينما نقص نشاطه لا يؤدي، مباشرة، إلى حدوث النوم.
ولوحظ أن تنبيه أجزاء معينة من قشرة المخ (التلفيف الصدغي العلوي والسطح الحجاجي من الفص الجبهي) (Orbital Surface of The Frontal Lobe, Superior Temporal Gyrus) يسبب زيادة النشاط الشبكي، وموجات تخطيط الدماغ الكهربي Electroencephalography E E G ، ويوقظ حيوان التجارب من نومه، على الرغم من أن تأثير نفس الإثارة على حيوان متيقظ لا يذكر. كما لوحظ أن إثارة مناطق أخرى من قشرة المخ لا ينتج منه التأثير عينه مهما بلغت شدة المثير. وذلك، يعني أن مسارات معينة تمر من القشرة إلى التكوين الشبكي، ومن طريقها يمكن للأحداث داخل القشرة أن تسبب حالة اليقظة، وقد يكون هو المسئول عن استجابات اليقظة المصاحبة للانفعالات وما إليها من ظواهر نفسية تحدث في غياب المثيرات الخارجية، كالأرق الذي يحدث في حالات القلق، إذ يزداد نشاط الجهاز السمبتاوي المصاحب بزيادة إفراز الأدرينالين والنورأدرينالين المسؤولين عن حالة اليقظة (الأرق). وقد لوحظ أن حقنها يسبب حالة اليقظة، وذلك خلافاً للسيروتونين، الذي له دور في إحداث النوم، وقطع المسارات المخية الخاصة به يؤدي إلى حالة الأرق.
ولذلك خلص بعض الدارسين إلى أن حالة الوعي (اليقظة) يلزم لها شيئان:
وجود حد أدنى من نشاط الجهاز المنشط الشبكي. تصريف النشاط العصبي للمخ في الاتجاهات السليمة، فمن المعروف أنه أثناء النوبات الصرعية الكبرى (Grand-Mal Fits) يكون نشاط المخ أكثر من الطبيعي عدة مرات، وعلى رغم من ذلك يكون المريض فاقداً الوعي.
ويتغير الوعي طبقاً للشعور بالتعب، أي إجهاد آليات الاستيقاظ. فحين تتضاءل درجة اليقظة يقل إدراك الفرد للبيئة المحيطة به، والعالم الواقعي من حوله، ويزيد إدراكه، نسبياً، للعالم الداخلي. إذ يدرك الخيالات التي يسقطها على العالم من حوله، أو التي يعايشها كأفكار وصور عقلية داخلية فتتجسد أمامه في حالة تناقص الوعي، وتسمى هلاوس الدخول في النوم (Hypnagogic Hallucination) ، وقد يخلط الشخص بينها وبين الأحلام.
وتنعكس حالة الفرد الوجدانية على اليقظة، فمثلاً الشخص المسرور الذي يزيد لديه إفراز ونشاط النورأدرينالين والأدرينالين، غالباً ما يجافيه النوم، وحتى لو حاول النوم فإنه لن يستطيع. وكذلك الشخص الذي يشعر بانفعال الغضب تكون يقظته حادة، بسبب زيادة إفراز تلك الهرمونات، ولو حاول النوم فإنه سوف يجافيه كذلك.
وتضطرب حالة اليقظة، في الحالات المرضية، فتحدث الأعراض الآتية:
عادة تتغير اليقظة كماً في حالة النوم، إذ يتناقض وعي الشخص بذاته وما حوله، ولكن عند تنبيهه يعود إلى حالة الوعي الطبيعي. وقد يصبح النوم مرضياً في حالات:
كثرة النوم (Hypersomnia). أو فرط النوم والنوم الانتيابي (السبخ)[1]
وهناك حالات أخرى من اضطراب الوعي الكمي، هي:
الغيبوبة (السبات)(Coma) وهى حالة فقدان الوعي الشديد، التي لا يمكن إيقاظ الفرد منها مهما كانت شدة المثير. ومن أهم الحالات التي تحدث فيها الغيبوبة النزف تحت الغشاء العنكبوتى (Subarachnoid Haemorrhage) ، نزف تحت الأم الجافية (Subdural Haemorrhage) أو فوقها، ارتجاج المخ (Brain Concussion) ، الصرع (Epilepsy) ، هبوط الدورة الدموية (shock)، الارتفاع الشديد في درجة الحرارة (الحمى) أو الانخفاض الشديد، زيادة السموم الأيضية (Metabolic Intoxication) مثل حالات الفشل الكلوي والكبدي، وزيادة أو نقص السكر في الدم بدرجة شديدة لدى مرضى البول السكري(Diabetes Mellitus)، أو التسمم الكحولي (Alcoholic Intoxication) ، وحالات أورام المخ وخراج الدماغ ونزف الدماغ والتهابه الفيروسي، واحتشاء الدماغ أي احتباس الدم عن جزء منه (Brain Infarction). وهناك الغيبوبة بسبب انفعالي، وهي التي تدخل تحت اضطراب التحول (Conversion Disorder) ، أو ما يسمى بالإغماء الهستيري، إذ يفقد المريض وعيه بتأثير الانفعال. الغيبوبة الساهرة (السبات السهري): (Coma Vigil)، وهي حالة فقدان الوعي التام، والتي تبقى فيها العينان مفتوحتان، وتحدث في الحالات التي تكون فيها الآفة (نزف أو ورم أو خلافه) في الجزء المركزي لجذع الدماغ، إذ يصيب الخلل الجهاز المنشط الشبكي. شبه الغيبوبة (الذهول) :(Stuper) وهي حالة من نقص التفاعل للمثيرات، ونقص الوعي بالبيئة المحيطة. ويستخدم اللفظ عينه، في الطب النفسي كمرادف للبكم. وليس بالضرورة أن يكون متضمناً اضطراب الوعي كما يحدث في الفصام الكتاتوني إذ يكون واعياً بكل ما حوله، (مثل المريض الشاب الذي أحضرته والدته وهو في حالة يقظة ولكنه لا ينطـق ولا يجيب على أي من الأسئلة التي وجهت إليه، وشكت أمه أنه على تلك الحال منذ ثلاثة أيام لا يأكل ولا يشـرب ولا يتكلم، ولا حتى يتحرك من مكانه لدخول دورة المياه إلا بصعوبة شديدة، فعلى الرغم من أنه في حالة يقظة، إلا أنه في ذهول، وعندما أعطى جلستان من النوبات المحدثة كهربائياً تحسن، وأصبح يأكل ويتكلم ويتحرك بسهولة ). تشوش الوعي أو تغيم الوعي (Confusion - Clouding): إذ يضطرب الوعي بدرجة لا يستطيع المريض إدراك البيئة المحيطة به من زمان ومكان وأشخاص، ويحدث في حالات الهذيان (Delirium) ، فيسبب خلل الانتباه (صعوبة المحافظة على الإنتباه وقلة التركيز والتشتت) وعدم اتساق التفكير وتناثره، ويضطرب الإدراك في صورة خطأ تأويل أو هلاوس مع استجابة انفعالية ترتبط بمحتوى الهلاوس (أو خطأ التأويل)، فمثلاً الشخص المصاب بالهذيان يرى الستارة فى حجرته على أنها كائنات غريبة من عوالم مخيفة، وينتابه الخوف الشديد من جراء ذلك، وقد يخرج من أقرب نافذة على أنها الباب، وذلك لخلل الإدراك المترتب على خلل اليقظة (تغيم الوعي). الخدار (Torpor): وهى حالة من تناقص الوعي غير المصحوبة بهلاوس أو خطأ تأويل (illusion) أو ضلالات أو عدم استقرار. ويكون المريض لا مبالي وخامل، وغير قادر لأن يعبر عن نفسه بوضوح. الغيبة (Trance): وهي حالة تشبه النوم، من نقصٍ للوعي والنشاط.
وهناك تغيرات كيفية (نوعية) في حالة الوعي نذكر منها:
الانشقاق( Dissociation): وهى حيلة دفاعية يحدث فيها عزل بعض الوظائف العقلية أو السلوكية عن باقي النشاط النفسي الشخصي، كما يحدث في الاضطرابات الانشقاقية مثل النساوة الانشقاقية والشراد الانشقاقي وكذلك المشي أثناء النوم. التغير بما يشبه الحالم (Dream Like Change of Consciousness): حيث يتناقص مستوى الوعي (وهي خبرة ذاتية)، وتزيد عتبة الإدراك الحسي لكل المثيرات ويكون المريض غير مدرك للزمان والمكان، إلاّ أنه يكون مدركاً للأشخاص وتكون حالة التغير هذه مصحوبة بهلاوس بصرية لحيوانات صغيرة مع خوف، ونادراً ما تصاحب بهلاوس سمعية وشمية وهى غالباً مرتبطة بتلف (آفة) في الفص الصدغي (Temporal Lobe Lesion). تضيق الوعي (Restriction of Consciousness): وفيها يضيق وعي المريض، إذ يطغي على عقله مواقف قليلة، وأفكار قليلة، فضلاً عن عدم إدراكه للزمان والمكان، وتشمل:
أ. حالة تشبه نوم الفجر (Twilight State): وهي تضيق الوعي المرضي الطاريء، الذي يمنع استمرار حالة الوعي الطبيعي والسلوك السوي. وتحدث في حـالات الصرع، وحـالات الهستيريا. وفيهـا يحدث تضيق الوعي لأسبـاب ودوافـع لا شعورية وتسمى (كاتاثيميـا) (Catathymia).
ب. حالة الشراد (Fugue) ، وتطلق على حالات التجوال المصحوبة بفقدان ذاكرة إلى حدٍّ ما.
المشي أثناء النوم (Somnambulism): وهي حالة من الانشقاق، يكون فيها النشاط الحركي واعياً في حين يكون النشاط الفكري غير واعي. وتحدث، غالباً، للأطفال. وعندما تحدث للكبار فإنها غالباً ما تكون مرتبطة باضطرابات نفسية أخرى، مثل الشخصية الشبه فصامية أو الفصام.
التنويم (Hypnosis): وهو تغير صناعي في الوعي يتميز بقابلية شديدة للايحاء. ويترتب على خلل اليقظة، غالباً، اضطراب الاهتداء (إدراك البيئة) (الذي يشمل الوعي بالزمان والمكان والأشخاص) فيحدث:
أ. عدم الوعي بالزمان (Disoriented for Time): إذ لا يعرف الشخص الزمن الذي يعيشه، حالياً، وهو اليوم من الأسبوع والساعة بالتقريب، وتاريخ اليوم والسنة والفصل من السنة.
ب. عدم الوعي بالمكان (Disoriented for Place): إذ لا يعرف المكان الموجود فيه، حالياً، وعنوان البيت وسبب وجوده في هذا المكان في هذا الوقت.
ج. عدم الوعي بالأشخاص(Disoriented for Persons): إذ لا يعرف الوعي بهوية نفسه وهوية الآخرين في بيئته المباشرة، فيما يتعلق بأسمائهم ودور كل منهم في البيئة المشارك له فيها.
[1] النوم الانتيابي (السبخ): وهي نوبات من ارتخاء العضلات المفاجئ. وتبدأ بانفعالات قوية، يمكن أن ينتج منها السقوط في نوم غير طبيعي (من النوم المصحوب بحركة العين السريعة)، في نوبات متكررة، تكون مملوءة بالأحلام، ويفهمها الشخص على أنها هلاوس الدخول في النوم، أو المصاحبة للاستيقاظ. ويصاحب النوم الانتيابي شلل النوم (إذ تنعدم حركة الشخص، أثناء النوم، وعند استيقاظه المفاجئ).
|
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75822 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: " الموسوعة المصغّرة للمصطلحات النفسية " 5 السبت 18 يونيو 2016, 5:02 pm | |
| |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75822 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: " الموسوعة المصغّرة للمصطلحات النفسية " 5 السبت 18 يونيو 2016, 5:05 pm | |
| الكبت
مقدمة
الكبت Repression عملية غير شعورية، تستبعد الأنا، بموجبها، الحفزات الغريزية، والأفكار، والصراعات، والذكريات المؤلمة، والمثيرة للقلق، والرغبات المستكرهة، من مستوى الشعور، إلى مستوى غير الشعور. لأن هذه الأشياء، إذا بقيت في شعور الفرد، مثلت له تهديداً لذاته، وأشعرته بالذنب، والألم، والتوتر؛ لأنها غير مقبولة اجتماعياً. ولهذا تقوم الأنا بنقلها، من الشعور، إلى غير الشعور، وتمنعها من التعبير عن نفسها، بشكل مباشر وصريح، وذلك حماية للنفس مما يؤلمها ويحقرها، وخفضاً للتوتر والقلق، الذي تعانيه.
يختلف الكبت عن القمع Suppression، فالكبت عملية غير شعورية غير إرادية، بينما القمع عملية واعية إرادية، من خلالها يضبط الفرد نفسه، وينهاها عن الهوى، أو يمنع بعض مشاعره وانفعالاته غير المقبولة. عن أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: لَيْسَ الشَّدِيدُ بِالصُّرَعَةِ، إِنَّمَا الشَّدِيدُ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ" (البخاري: 5649). وغالباً، يشعر الفرد بدوافعه وانفعالاته، خلال عملية القمع، ويعترف بها، ويتحكم فيها، لكنه لا ينساها ولا ينكرها، كما هو الحال في الكبت.
كما يختلف الكبت عن النسيان Forgetting، فالمادة، التي ينساها الفرد، من خلال الكبت، ينكر وجودها أصلاً، ولهذا تندثر، ولا يمكنه استحضارها واستعادتها، إلا بمساعدة اختصاصي تحليل نفسي أو تنويم مغناطيسي. ويعجب الفرد ـ في الغالب ـ عندما تعود في وعيه ويكتشف وجودها. أما في النسيان المعتاد، فإن نسيان المادة يرجع ـ في الغالب ـ إلى عامل الزمن (طول المدة) أو لأنها غير مهمة، أو غير جذابة للفرد، لكن يسهل استعادتها، من خلال الإرادة والتركيز، أو بإعادة تعلمها.
وظائف الكبت
يؤدي الكبت وظيفتين رئيسيتين، هما:
الوظيفة الأولى: وتتمثل، في أنه من أهم الآليات الدفاعية Defense mechanisms، التي يلجأ إليها الفرد لحماية ذاته. فهو وسيلة دفاعية وقائية، إذ يقي الفرد من حالة القلق، والتوتر، والضيق، والناشئة من الإحباط أو الصراع؛ أو مما تعافه نفسه؛ أو مما لا ينسجم مع قيمه الخلقية، والاجتماعية؛ أو مما يمس احترامه لنفسه. أي أنه وسيلة للتقليل من التوتر النفسي. الوظيفة الثانية: وتتمثل في أنه يقوم بمنع الدوافع الثائرة المحظورة، ولا سيما الدوافع الجنسية، والعدوانية، من الإفلات من تحكم الفرد، والتحقق، بصورة سافرة، مما يترتب عليه خطر على الفرد، أو إضرار بمصالحه في المجتمع.
أنواع الكبت
ينقسم الكبت من حيث المستوى إلى نوعين:
أ. كبت سطحي: وذلك عندما يتم نقل الرغبات من الشعور، إلى ما قبل الشعور، بحيث ينساها الفرد في تلك اللحظة. لكنه، بشيء من الجهد، يستطيع، بسهولة، تذكرها واستعادتها، في أي وقت.
ب. كبت عميق: وذلك عندما يتم نقل الرغبات من الشعور، إلى غير الشعور. وفي هذه الحالة، ينساها الفرد، ولا يتمكن من استعادتها وتذكرها بإرادته؛ لأنها أصبحت دفينة، في منطقة بعيدة عن الإدراك والوعي.
وكبت الرغبات، سواء في ما قبل الشعور، أو في غير الشعور، ليس محواً لها، وإنما إبعاد لها من الوعي. فهي تظل حية، تتحرك في الخفاء؛ سعياً للظهور، إلا أن الأنا تمنعها، وقد تفلت ـ في بعض الأحيان ـ من رقابة الأنا، فتظهر في فلتات اللسان، أو الأحلام، أو في صورة أعراض عصابية، وانحرافات سلوكية.
خصائص السلوك الصادر عن الكبت
يتصف السلوك الصادر عن الدوافع المكبوتة، بالعديد من الخصائص، من أهمها ما يلي:
الطابع الرمزي: يؤدي كبت الدافع إلى منعه من التعبير عن نفسه، تعبيراً سوياً صريحاً بالفعل أو القول، ولهذا يلجأ إلى التعبير عن نفسه ـ في كثير من الأحيان ـ بصورة رمزية، في زلات القلم، وفلتات اللسان، والأحلام، وأحلام اليقظة، أو في أعراض الأمراض النفسية، كالمشي أثناء النوم، والإسراف في غسل اليدين، أو المخاوف الشاذة، أو التبول غير الإرادي عند الأطفال. الطابع القهري: غالباً ما، يكون السلوك الصادر عن الدوافع المكبوتة، سلوكاً قهرياً، يحدث رغماً عن إرادة الفرد. فالدوافع المكبوتة ـ في الغالب ـ أصعب ردعاً من الدوافع الشعورية؛ لأنها مجهولة لا تمكن الفرد من إرضائها إرضاءً تاماً، أو التحكم فيها، أو توجيهها وجهة مناسبة. فمعرفة الدوافع تمكن الفرد من التحكم فيها، أما إذا جهلها فقد تتحكم هي فيه. الطابع الغريب والشاذ: غالباً، ما يرى الناس السلوك الصادر عن الدوافع المكبوتة، لدى الفرد، سلوكاً شاذاً أو غريباً، أو متنافياً مع ما عهده الناس، من خلق لدى الفرد، كارتكاب الطالب المثالي الخلق، للسرقة. والدوافع المكبوتة قد تجبر الفرد على أن يأتي بتصرفات غريبة، وغير منسجمة مع الموقف، كأن يكون منقبضاً في ظرف سار، أو غيوراً من أطفاله، مع معرفته أن ما يقوم به غريب.
أضرار الكبت
يؤدي الإسراف في استخدام الكبت، آلية دفاعية، إلى مضار كثيرة على الصحة النفسية للفرد، من أهمها ما يلي:
خداع النفس: إن إنكار الدافع يثني الفرد عن مواجهته، وتناوله بحكمة، والتماس النصح والتوجيه لمواجهته. فمن يكبت شعوره بالنقص ـ على سبيل المثال ـ لا يعترف بنقصه، وبالتالي لا يسعى إلى تقويم هذا النقص وعلاجه. انشطار الشخصية: قد يشطر الكبت شخصية الفرد إلى شطرين متنازعين: شطر يريد وشطر لا يريد، شطر يكره وشطر يحب … وهكذا. مما يولد لدى الفرد صراعاً نفسياً بين الشعور وعدم الشعور، قد يترتب، عليه، توتر نفسي. العقد النفسية: قد تؤدي الدوافع المكبوتة إلى تكوين ما يعرف بالعقد النفسية، لدى الفرد. والعقدة النفسية حالة غير شعورية، قد لا يفطن الفرد إلى وجودها، ولا يعرف منشأها، وإنما يشعر بآثارها، كالقلق والشكوك. كما أنها تضغط على الفرد، في محاولة للظهور والتعبير عن نفسها. وقد ترغم الفرد على اتباع أساليب شاذة من السلوك، كعقدة النقص. تبديد الطاقة النفسية واستنزافها: الكبت عملية ناقصة. فنقل المواد المستكرهة، والمحظورة، والمؤلمة للفرد، من الشعور، إلى غير الشعور لا يعني الخلاص النهائي منها، إذ تبقى كامنة، تتحين الفرصة للنفاذ، مرة أخرى، إلى الشعور، إلا أنها تواجه بالمقاومة من الأنا. وهذا يستهلك جزءاً من طاقة الأنا، فتنقص وتضعف تدريجياً. وعندما تعجز الأنا وتنهار، دفاعاتها، فإن المكبوتات قد تنجح في التعبير عن نفسها، ولو بشكل مقّنع ورمزي، تمويهاً للأنا، وخداعاً لها، وإرضاءً للدفعات الغريزية للهُو، ومن دون إثارة للأنا الأعلى (الضمير)، كما في بعض الأعراض المرضية، كالهستيريا، التي يعد الكبت آليتها الأساسية.
وتؤثر المكبوتات في سلوك الفرد، وتظل واحدة من أهم موجهاته، بشكل مباشر. وتفلت المكبوتات في بعض الأحيان من رقابة الأنا، فتعبر عن نفسها بطريقة مموهة، من خلال آليات عمل الحلم، كالتكثيف، والإزاحة، والرمزية، ومن خلال زلات القلم، وهفوات اللسان.
والكبت عملية ناقصة؛ لأنه لا يكفل التخلص النهائي من المواد الغريزية المحظورة، بل إنها تظل حية في قاع الحياة النفسية، تتحين الفرصة للنفاذ، مرة أخرى، إلى الشعور. كما أنه حيلة وهمية خادعة، تشعر الأنا بالراحة المؤقتة، بصورة تعميها عن إدراك نقائصها وعيوبها. وهو لا يتعامل مع مصادر الإحباط والصراع، بشكل مباشر، وبالتالي فإنه ـ على المدى البعيد ـ لا يقضي تماماً على القلق والتوتر. ولهذا يتبع، الكبت، سلسلة من الحيل الدفاعية، كالإسقاط، والتقمص، وأحلام اليقظة، التي تعبر المكبوتات، من خلالها، عن نفسها، بصور، وأشكال قهرية، ورمزية غريبة. والإسراف في استخدام الآليات الدفاعية، التي من أهمها الكبت، يؤدي إلى إضعاف وظيفتها الأصلية، المتمثلة في حماية الأنا، من التهديد والقلق. كما يؤدي إلى إنهاك الأنا واستنزاف طاقتها، ومن ثم إضعافها وانهيارها، فتصبح عاجزة عن النمو والارتقاء وبالتالي يصبح الفرد فريسة للأمراض والاضطرابات النفسية والعقلية.
المصادر والمراجع
عبدالمطلب أمين القريطي، "في الصحة النفسية"، القاهرة، دار الفكر العربي، 1418. أحمد عزت راجح، "أصول علم النفس". القاهرة: دار المعارف، 1999. عودة محمد محمد وكمال إبراهيم مرسي، "الصحة النفسية في ضوء علم النفس والإسلام"، الكويت: دار القلم، 1994.
|
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75822 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: " الموسوعة المصغّرة للمصطلحات النفسية " 5 السبت 18 يونيو 2016, 5:12 pm | |
| النفس
مقدمة
تُطلق كلمة "نفس" في معاجم اللغة، على عدة معانٍ، منها:
1. الرّوح: يُقال خرجت نفسه، أي روحه.
2. الدم: يقال سالت نفسه، أي سال دمه.
3. شخص: يقال قابلت ثلاثة أنفس، أي أشخاص.
4. نَفَسُ: يقال تنفس، إذا دخل الهواء إلى رئتيه وخرج.
5. نفيس: أي ما يتنافس فيه ويرغب، وهذا أنفس مالي، أي أحبه وأكرمه عندي.
وما يهم في هذا المبحث هو "النفس" بمعنى شخص (أو ذات)، وهذا المعنى هو الذي شغل الفلاسفة والمفكرين والأطباء وعلماء الدين، منذ أمد طويل، وما يزال، وذلك لثرائه موضوعاً للفكر والتأمل.
وقد عرّف أرسطو "النفس" بأنها: "كمال أول لجسم طبيعي آلي ذي حياة بالقوة "، ويرى أرسطو أن النفس والجسم يكمل أحدهما الآخر، ولا استقلال لأحدهما عن الآخر.
وعرّفها ابن سينا بأنها: "كمال أول لجسم طبيعي آلي له أن يفعل أفعال الحياة"، ويؤكد ابن سينا على خلود النفس وروحانيتها ومخالفة طبيعتها عن البدن، ويرى أنها حاصلة على كمالاتها قبل اتصالها بالبدن.
أما الإمام الغزالي فيعرفها بأنها: "كمال أول لجسم طبيعي آلي من جهة ما يفعل الأفاعيل، بالاختيار الفكري والاستنباط بالرأي، ومن جهة ما يدرك الأمور الكلية"، ويرى الغزالي أن النّفس هي الأصل الجامع للصفات المذمومة (القوة والغضب والشهوة في الإنسان) ويستدل على ذلك بقول الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ "أعدى عدوك نفسك بين جنبيك". ويرى أيضا أنها توصف بأوصاف مختلفة، بحسب اختلاف أحوالها؛ فإذا سكنت وزايلها الاضطراب، بسبب مُعارضي الشهوات، سميت "النفس المطمئنة"، وإذا صارت معترضة على النفس الشهوانية سميت "اللوامة"، وإذا تَركت الاعتراض، وأذعنت لمطالب الشهوات والشيطان، سميت "النفس الأمارة بالسوء".
وفي ضوء معطيات العلم الحديث، فإن النفس هي: محصلة لنشاط الجهاز العصبي، خاصة المخ، (أي أنها العقل)؛ وفهم النفس لا يتم بمعزل عن الجسد، فهي لا تقوم إلا به.
فالإنسان مادة حية، هي الجسد الذي يتكون من خلايا تتمايز فيما بينها لتكوّن الأنسجة والأعضاء والأجهزة، وهذه المادة الحية تسري فيها الحياة المتكاملة بفعل الروح، التي هي من أمر الله قال تعالى: )وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلا قَلِيلا( (الإسراء: 85). ولعل النفس هي الجزء الإنساني، الذي يقترب من كونه وسيطاً بين الجسد والروح، فهي تشبه الروح في كونها أثر لا مادة، وتقترب من الجسد في كونها ناتجة عن أجزاء معينة منه، وهذا التقارب أدى إلى تعريفها: (أي النفس) بأنها محصلة الوظائف العليا من نشاط الجهاز العصبي، خاصة المخ.
وظائف النفس
يتكون جسد الإنسان من أجهزة، ولكل جهاز وظيفته، أو وظائفه الخاصة به. وتتكامل هذه الوظائف فيما بينها، كما تتكامل مع وظائف الأجهزة الأخرى، لتكوّن وحدة الجسد المتكاملة الوظائف. والنفس ـ كما ذكرنا ـ هي محصلة نشاط المخ، أي أنها مجموعة الوظائف العليا للدماغ. وهذه الوظائف يكتنفها غموض النفس وتعقدها. وحين يتناول العلماء وظائف النفس بالدراسة، فإنهم يبرزونها بشكل متشابك غير متسلسل يصعب فهمه، خاصة للمبتدئين في مجال دراسة النفس، أو لعامة المثـقفين. وهذا ما جعل هذا البحث يضع تصنيفاً لوظائف النفس ييّسر فهمها بشكل متكامل، وبأقل قدر من التشابك والغموض.
لذلك، يمكن تقسيم الوظائف النفسية إلى وظائف بسيطة، وأخرى مركّبة. وتعتبر الوظيفة البسيطة وظيفة أساسية أما الوظيفة المركبة فتتألف من مجموعة من الوظائف البسيطة.
وتشمل الوظائف النفسية البسيطة:
1. الوعي
2. الانتباه
3. الإدراك
4. الذاكرة
5. الوجدان
6. التفكير
7. الحركة
8. الكلام
أما الوظائف النفسية المركبة فمثل:
1. الاهتداء (إدراك البيئة) (Orientation)
2. التعلم
3. الذكاء
أولاً: الوظائف النفسية البسيطة
عندما يكون الشخص جالساً، في مكان ما ويقبل عليه صديق عزيز لم يلتق به منذ فترة طويلة، فإنه ينهض للترحيب به، بحرارة تتناسب مع مكانة هذا الصديق لديه؛ فقد يصافحه ويقبله وتنطق بكلمات الترحيب والاشتياق لمثل هذا اللقاء. ولكن هذا "السلوك الترحيبي" لم يحدث فجأة، بل سبقته عمليات عقلية (نفسية)، تبدأ بأن الشخص في حالة وعي، فلو كان فاقداً للوعي، بسبب غيبوبة أو نوم، لما بدأت العمليات العقلية، التي عبّر عنها بسلوك الترحيب. ومن هنا كانت الوظيفة الأساسية الأولى هي الوعي (Consciousness).
ولو فرض أن شخصاً كان يجلس في حالة وعي، لكنه متجه بوعيه إلى شئ آخر يقلبه بين يديه، فإن انشغال وعيه بالشيء الذي بين يديه سوف يحجب عنه رؤية الصديق، وتبعاً لذلك لن تبدأ العمليات العقلية، التي انتهت بسلوك الترحيب. لأن انشغال الوعي عن الصديق هو عدم الانتباه إليه؛ ولذا فالوظيفة الأساسية الثانية هي الانتباه (Attention).
ونظراً لأن الشخص كان في حالة وعي وانتباه موجه إلى صديقه، فإن صورته سوف ترتسم على شبكية عينيه، وتنتقل إلى مخه، الذي سوف يدرك أبعاد هذه الصورة، ويفهم أن القادم رجل مواصفاته كذا وكذا، وذلك طبقاً للخبرة السّابقة بالألوان والأطوال والأحجام، إلى غير ذلك من التفاصيل، وهذا هو الإدراك (Perception)، وهي الوظيفة النفسية الثالثة.
ولكن هذه التفاصيل المدركة لمواصفات الصديق، تجري مضاهاتها بالخبرة السابقة المختزنة في العقل، فتقفز المعلومات المختزنة عن هذا الصديق إلى بؤرة الانتباه، فيتذكر اسمه ومهنته وآخر لقاء بينهما، إلى غير ذلك من الذكريات التي ترتبط به، وهذه هي الوظيفة النفسية الرابعة، التي يطلق عليها الذاكرة (Memory).
ولأن هذا الصديق عزيز، فلا شك أن رؤيته تسر، وهذا السرور شعور داخلي وجزء تعبيري يظهر على قسمات الوجه. ويُسمى الشعور الداخلي، وما يصاحبه من تعبير خارجي الوجدان (Mood)، وهي الوظيفة النفسية الخامسة.
ولا شك أن المشاعر السّارة سوف تتحول إلى أفكار تناسب هذا الموقف السار، وتحدد أسلوب الترحيب: هل يكون نهوضاً لملاقاة بالأحضان، أم جلوساً ومصافحة باليد؟ هذه الأفكار التي تمر بالذهن، هي في إطار الوظيفة السادسة، وتسمى التفكير (Thinking).
أما السلوك النهائي من حركة النهوض، لملاقاة الصديق واحتضانه أو مصافحته، فهي وظيفة الحركة (Motility) ؛ وكلمات الترحيب هي وظيفة الكلام (Speech)، وهما سابع وثامن الوظائف النفسية.
إن هذه الوظائف النفسية هي وحدة متكاملة؛ فلو فرض أن الشخص المقبل لم يكن صديقاً، بل شخصاً غير مقبول لدى الشخص الذي في المجلس، وبينهما سوء تفاهم، أو مشكلة متفاقمة، فإن وعيه وانتباهه سوف يؤديان إلى إدراكه، وسوف يذكر ما بينهما من سوء تفاهم، فيتولد لديه شعور داخلي مناسب، هو الضيق والكدر. وينعكس ذلك في تعبير وجهه، وتكون الأفكار الداخلية عدائية، والسلوك الحركي مطابقاً لها، فيشيح بوجهه عنه أو يتأهب حركياً لعراك معه، كما يكون الكلام عدائياً أيضاً، يعكس تلك الأفكار.
ومن هذا العرض لطبيعة المواقف، يتضح ترتيب الوظائف النفسية، وكيف تُبني كل منها على ما يسبقها من وظائف. وفي إيجاز نعرض لكل من هذه الوظائف:
1. وظيفة الوعي
يُعرّف الوعي بأنه: حالة اليقظة اللازمة لإدراك الشخص لنفسه، وما حولها.
2. وظيفة الانتباه
وهو تركيز حالة اليقظة (الوعي) تجاه مثير معين، وهو عملية انتقاء إيجابي لمثير، أو أكثر، من بين المثيرات الداخلية والخارجية التي تتزاحم على مداخل الإدراك للإنسان.
3. الإدراك
يعرّف الإدراك بأنه: فهم المثيرات بناء على الخبرة، ومن ثم فانه يشمل عمليتي استقبال المثير وفهمه. ويزود الإدراك المخ بالمعلومات والتغيرات، الداخلية والخارجية، ليؤدي وظائفه بكفاءة، ويعتمد الإدراك على الوعي والانتباه.
4. الذاكرة
وهي تسجيل الأحداث واستدعائها عند اللزوم، وتتكون من مراحل، هي: الانطباع (التسجيل) والتخزين.
5. الوجدان
وهي وظيفة تصف الحالة الداخلية للفرد، يُطلق عليها الشعور (Feeling)، ويُسمى ما يصاحبها من تغيرات فسيولوجية داخلية الانفعال (Emotion)، ولذا فالوجدان يتكون من شقين، أحدهما خارجي (Affect)، يلاحظه الآخرون المحيطون بالشخص، بينما الشق الآخر داخلي، لا يمكن ملاحظته ولكنه خبرة ذاتية.
أما الحالة الوجدانية (Mood)، فتصف الانفعال الذي يبقى لفترة، ويلوّن أفكار الشخص وسلوكه تجاه العالم من حوله، وهي حالة مؤقتة إذا قورنت بمزاج الشخص المميّز (Temperament)، الذي يُعد التهيئة الانفعالية المتأصلة لديه، والتي اعتاد الناس أن يرونه عليها، ويصفونه بها؛ فيقولون: "فلان طبعه مرح (خفيف الظل)، وفلان طبعه قلق، وفلان طبعه نكدي"، وهكذا، فمزاج الشخص المميز يجعله يتفاعل بطريقة خاصة، مع المثيرات والمواقف، ويتحدد مبكراً في حياة الفرد. ويمكن أن تُشبّه الحالة الوجدانية بالطقس، الذي يصف تغيراً مؤقتاً في حالة الجو، بينما يُشبه المزاج بالمناخ، الذي يصف حالة شبه دائمة من الحرارة والبرودة.
ومراكز الوجدان في الدماغ هي الجهاز الطرفي (الانفعالي) وقشرة المخ، حيث يُستقبل المثير عبر الحواس، وتمر المعلومات الخاصة به إلى قشرة المخ المناظرة (حسب نوع المثير: بصري أو سمعي أو شمي أو لمسي أو تذوقي... الخ)، فيتم إدراكه. ويؤدي الارتباط بين مناطق قشرة المخ المختلفة، إلى بعث كل الذكريات المرتبطة بالمثير. كما تُرسل في الوقت نفسه إشارات إلى الجهاز الانفعالي، لإحداث الحالة الانفعالية المناسبة.
ويؤدي "المهيد"، كأحد أجزاء الجهاز الانفعالي المتحكم في نشاط الجهاز العصبي المستقل (سمبتاوي ونظيره)، دوراً مهماً في الانفعال؛ فينشط الجهاز السمبتاوي إذا كان المثير يتطلب إعلان حالة الطوارئ في الجسم، والاستعداد للقتال أو الهرب. وينشط نظير السمبتاوي إذا كان المثير باعثاً على الطمأنينة والاسترخاء، في الوقت نفسه الذي يرسل فيه الجهاز الانفعالي، إشارات لقشرة المخ لاحاطتها بمعلومات عن الانفعال الموجود.
ويُلاحظ أن الانفعال يتشابه في حالات الخوف والخجل والغضب، على الرغم من اختلاف الشعور الداخلي في كل منها. وسبب ذلك أن ردود أفعال الجهاز العصبي متشابهة، ومن ثم فإن المحدد لنوع الانفعال هو الشعور، أو التفسير الذاتي له.
ويتأثر الانفعال بحالة الوعي والانتباه والإدراك والخبرة السابقة بالمثير (الذّاكرة)؛ فعندما يكون شخص ما ـ مثلاً ـ في حالة وعى وانتباه وينظر أمامه فيجد نمراً مفترساً، تنتقل صورة النمر إلى مركز الإبصار في المخ، الذي يفهم الصورة وينقلها إلى قشرة المخ الارتباطية، ومنها إلى منطقة الذّاكرة، التي تستدعي الخبرات المختزنة الخاصة بالنمر، من الافتراس والخطورة على حياة الإنسان، ومع ابتعاث تلك الذكريات يكون الانفعال المناسب، وهو الخوف الشديد.
وللانفعال فوائد، أهمها:
أنه يُعد الفرد لمواجهه المثير (بالاستعداد للقتال أو الهرب) (fight-flight)، وذلك عن طريق إثارة الجهاز العصبي المستقل (Autonomic Nervous System)، خاصة شقه السمبتاوى (Sympathetic)، حيث يفرز الأدرينالين والنورأدرينالين بكميات كبيرة، تزيد من سرعة ضربات القلب، وترفع ضغط الدم، وتسرع وتعمق من التنفس، وتزيد من كميات الدم المتدفق إلى العضلات. كل ذلك وغيره هو من التغيرات الفسيولوجية، التي تعد الشخص لمواجهة الموقف الخطر إما: بالقتال أو الهرب. يعطي التعبير الانفعالي ترابطاً بين الأشخاص، وفهماً اجتماعياً متبادلاً عن طريق المشاركة الوجدانية. فعندما تشعر بالسرور لرؤية شخص، وتعبر عن ذلك بملامح وجهك، ويرى ذلك الشخص تعبيرك عن مشاعرك، فإنه يعرف أنك تحبه وتسر لرؤيته، وهذا يقوي من التفاهم والعلاقة بينكما، ويُلاحظ أن ما يجذب الكبار إلى الأطفال هو ابتسامتهم الفطرية، التي أودعها الله سبحانه وتعالى فيهم؛ ليجتذبوا الكبار لرعايتهم والعناية بهم. يولّد الانفعال شحنة داخلية تُعد الوجود الداخلي للرغبات والدوافع، التي ينشأ منها التفكير والسلوك الموجه نحو الأهداف.
6. التفكير
يُطلق التفكير على عملية التخيّل العقلي الداخلي للأفكار دون النطق بها. ويعتمد التفكير على المفاهيم التي تتكون بدءاً من الطفولة، عندما يتعلم الطفل خصائص وأسماء الأشياء والأحداث ويختزنها في ذاكرته، كي يستخدمها في عملية التفكير.
7. الحركة
وهي ما يتم من انقباض العضلات، سواء أحدث ذلك تغيراً في عضو من الجسم فقط، أو أحدث تغييراً في البيئة الخارجية. وللحركة مستويات؛ فإذا كانت حركة عضلات ومفاصل فقط، فإنها تعد حركة بدائية بسيطة، مثل حركة إصبع اليد دون هدف؛ أما إذا اتجهت الحركة إلى هدف، وإحداث تغيير في البيئة الخارجية، فهذا هو الفعل، مثل حركة الإصبع على لوحة المفاتيح (Key board) لكتابة حرف.
وتتم الحركة من طريق الجهاز الحركي، المكوّن من العضلات، والمحكوم بواسطة الجهاز العصبي. وتُشكِّل العضلات حوالي (70%) من وزن الجسم في الإنسان، وتزيد هذه النسبة لدى الذكور عن الإناث قليلاً.
والعضلات على أنواع ثلاثة
1. عضلات مخططة (Striated muscles)
وسميت كذلك لبروز خطوطها تحت المجهر، وهي عبارة عن حزم منتظمة من الألياف العضلية، وتكوّن أغلب العضلات الإرادية في الجسم، وكلها متصلة بالهيكل العظمي، وإن كان القليل منها غير متصل بالعظام مباشرة، مثل بعض عضلات الوجه. وأغلب حركات العضلات المخططة محكومة إرادياً، مثل حركة الكتابة باليد، ولكن أحيانا تكون حركتها لا إرادية، مثل رعشة اليدين، والحركات المنعكسة (Reflex) المحكومة بمستوى النخاع الشوكي (Spinal Cord)، مثل سحب اليد عند اللسع بالنار، أو الوخز بالدّبوس.
2. العضلات الملساء (Smooth muscles)
وهي أقل توازياً في ترتيب أليافها العضلية، وتعمل في الأنشطة غير الإرادية مثل الهضم. كما توجد في الأماكن التي تتطلب انقباضاً لفترات طويلة، مثل العضلة المكونه لفتحة المثانة البولية (Internal urinary sphincter). وتُنتج إثارة العصب المحرك للعضلات الملساء انقباضاً أكثر بطئاً من العضلات المخططة، وعند توقف الإثارة ترتخي العضلات ببطء أيضاً.
3. عضلة القلب (Cardiac muscle)
وهي عضلة وسط بين المخططة والملساء وتوجد في القلب فقط، وتنقبض إيقاعياً حتى من دون إثارة عصبية. وتنتشر النبضات من المنطقة التي يحدث فيها تغير تلقائي في استقطاب الخلايا، يتولد عنه نشاط ضربات القلب. من هذه المنطقة تبدأ ضربات القلب حتى من دون سيطرة الجهاز العصبي.
كيف تنقبض العضلات لتحدث الحركة؟
هناك أجزاء انقباضية في العضلة من البروتين، إحداهما تسمى الأكتين (Actin)، والأخرى تسمى الميوسين(Myosin)، تنزلق بعضها على بعض، حيث يدخل أيون الكالسيوم الليفة العضلية، ويسبب رؤوساً جزئية على خيوط الميوسين، التي تتعشق مع خيوط الأكتين وتنثني معها، مقصرة طول العضلة، ومحدثة انقباضها فتحدث الحركة.
وتُعد وظيفة الحركة طريقة للتعبير والتواصل بين البشر. فالإيماء بالرأس علامة على الموافقة، والتلويح باليد علامة على الوداع. وهكذا، فإن حركات الجسم، أو أجزائه، قد تعطي معانٍ يفهمها المستقبل لها، وهذا ما يسمى بالتواصل غير اللفظي.
ثانياً: الوظائف النفسية المركبة
وهي الوظائف التي تتألف من أكثر من وظيفة بسيطة، فمثلاً وظيفة الاهتداء، فهي تجمع: إدراك وذاكرة (مثل إدراك الشخص والتعرف من خلال ما هو مختزن بالذاكرة من معلومات عن هذا الشخص) ويشترط لذلك أداء وظيفتي الوعي والانتباه لدورهما. كذلك وظيفة التعلم، فهي عملية انتباه للمعلومة، يسبقه وعي، ويتبعه إدراك وفهم لها، ثم تسجيلها واختزانها في الذاكرة. أما وظيفة الذكاء، فتعد محصلة لعدد كبير من الوظائف النفسية، هي: الإدراك الذي يلزم له وعي وانتباه، ثم ذاكرة وتفكير وحركة وكلام.. من هذا نرى أن الوظائف النفسية البسيطة تتألف معاً، لتكوّن وظائف نفسية أكثر تعقيداً، هي الوظائف النفسية المركبة.
وعلى الرغم من أن النفس هي إفراز للجزء البيولوجي في الإنسان وهو الدماغ، إلاّ أنه يعلو عليها في السيطرة، ذلك أن الإنسان قادر من خلال فعل إرادي على المستوى النفسي، أن يعدّل من وظائف الأعضاء، فيمكنه أن يعكس حالات شعورية نابعة من مثيرات لألم حقيقي، بسبب حرق (مثلاً)، فيستطيع أن يكفها من خلال فعل إرادي على المستوى النفسي، وهذا ما يسميه بعض العلماء (Biological primacy psychological supremacy)، أي أن النفس أعلى من ناحية التحكم من المستوى البيولوجي، ولكن من دون الجزء البيولوجي لا يوجد نفس.
من هذا نرى تكامل النفس والبدن، فما النفس إلاّ أثراً لجزء من البدن هو الدماغ، وهي تمرض بمرضه وتصح بصحته، وهذا أبسط انعكاس للبدن على النفس. وهناك انعكاسات أخرى لمرض أجهزة الجسم المختلفة على النفس، فحين يمرض القلب يؤثر في الدم الواصل إلى الدماغ، فتتأثر النفس لاختلاف وظيفة الدماغ، كما تتأثر النفس لشعور الشخص بالمرض، أي أن النفس تتأثر مادياً ومعنوياً. فعند ما تمرض الكلى، ويقل ترشيح السموم، وتزداد نسبتها في الدم الواصل إلى الدماغ، فتختل وظائفه، ومن ثم تتأثر النفس، إضافة للأثر المعنوي لمرض الكلى.
وبالمثل هناك انعكاسات للنفس على البدن. فالصراع النفسي يتحول إلى عرض جسماني في مرض الهستيريا، مثل: (الشلل الهستيري، والعمى الهستيري، واحتباس الصوت)، وقد يُحدث الصراع النفسي تغيراً في بعض أنسجة الجسم، كما يحدث في الأمراض السيكوسوماتية، مثل: قرحة المعدة، والتهاب القولون المتقرح، وارتفاع ضغط الدم. ويتكامل الجسد والنفس مع الظروف الاجتماعية، فلا ينشأ الفرد في فراغ، ولكنه ينشأ في أسرة، أو على أسوأ تقدير يولد لأم (كما في حالات السّفاح وفاقدي الأب) ترضعه وترعاه، ويرتبط بها وتلقنه قيمها، ثم يحتاج الفرد في مراحل لاحقة من حياته إلى مشاركة آخر له، في تزاوج يشبع حاجاته البيولوجية والنفسية، ويترتب على ذلك تكوين أسرة تنتمي إليه، ويحقق إشباعاً نفسياً واجتماعياً من خلالها. فاحتياج الفرد إلى الآخر هو الذي يعطي معنى للوجود الإنساني وتفسيراً لمعنى أن الإنسان حيوان اجتماعي بطبعه. وهكذا نرى أن النفس تتكامل مع الجسد والظروف الاجتماعية، إضافة إلى التكامل بين وظائف النفس المختلفة. فالإدراك لا يتم من دون الوعي والانتباه، وهو مبني على الذاكرة، ويؤثر في الشعور (الوجدان)، وهذا بدوره يؤثر في التفكير، الذي يُترجم إلى سلوك حركي، أو لفظي.
المصادر والمراجـع
1. القرآن الكريم.
2. مختار الصحاح، باب السين، فصل النون.
3. جمال رجب سيد بي، "نظرية النفس بين ابن سينا والغزالي"، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 2000.
4. محمود حمودة، "الطب النفسي... النفس أسرارها وأمراضها"، المؤلف، القاهرة، 1998.
4. الحكم على الأمور.
|
|
| |
| " الموسوعة المصغّرة للمصطلحات النفسية " 5 | |
|