مخاوف اسرائيلية من ضربة ثانية لأوباما في 15 يناير
تل أبيب : قال رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، خلال جلسة المجلس الأمني المصغر، اليوم الأحد، أن " هناك ضرورة كبيرة لردع الدول التي أيدت قرار مجلس الأمن الذي اعتبر المستوطنات غير شرعية".
ووفقا للتلفزيون الاسرائيلي القناة الثانية، فان توبيخ نتنياهو لسفراء الدول الغربية التي أيدت قرار مجلس الأمن وإلغاءه للقاء الرئيس الاوكراني ورئيس الحكومة البريطانية يأتي في إطار مخاوف نتنياهو من الضربة الثانية، والتي ربما الرئيس الأمريكي باراك أوباما يخطط لها قبل انتهاء ولاية حكمه بخمسة أيام.
وأضاف نتنياهو: " إسرائيل الأن في حالة خوف كبير من مؤتمر باريس، والذي سيعقد بتاريخ 15 يناير، أي قبل انتهاء حكم أوباما بخمسة أيام من تولي ترامب كرسي الحكم بتاريخ 20 يناير المقبل، فمن المتوقع أن يتحول مؤتمر باريس لمؤتمر دولي يفرض شروط على إسرائيل حيال الحل الدائم مع الفلسطينيين".
والجدير ذكره، فإن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري أعلن في الماضي بأنه لن يحضر جلسات مؤتمر باريس، بسبب موقف إسرائيل الرافض للمؤتمر، ولكن موقف كيري تغير فهو سيتوجه لحضور المؤتمر.
وفي خلال جلسة مغلقة قال نتنياهو: "هناك دول تبصق في وجهنا"، ونحن سنرد على تلك الدول بكل قوة، فهدفي ايجاد سياسة رادعة، ولكن هناك مخاوف في إسرائيل أن يتحول عداء نتنياهو للدول التي أيدت قرار مجلس الأمن ضد الاستيطان لكراهية أخرى في صفوف تلك الدول.
وقد اتهم نتنياهو إدارة أوباما بانها هي من أعدت وبادرت ونسقت ومررت قرار مجلس الأمن ضد المستوطنات، معتبراً القرار بالمخزي.
كاتب اسرائيلي يتوقع ضربة امريكية ثانية لنتنياهو برسم صيغة اتفاق سلام بين الاسرائيليين والفلسطينيين
تل أبيب : كتب ناحوم برنياع الصحفي الاسرائيلي في افتتاحية يديعوت احرنوت ، مقالة وضع فيها امكانية أن يتلقى نتنياهو الضربة الامريكية الثانية من كيري في خطاب له سيلقيه ويرسم فيه صيغة اتفاق سلام مع الفلسطينيين والاسرائيليين .
وجاء في نص مقالة برنياع وهي تحت عنوان " الضربة الثانية.. ضربة تلاحق ضربة".
"بعد الضربة التي تلقتها اسرائيل في مجلس الامن يوم الجمعة ستأتي هذا الاسبوع ضربة اخرى، في شكل خطاب لوزير الخارجية الامريكي كيري، يرسم فيه صيغة لاتفاق سلام اسرائيلي – فلسطيني. وكان يفترض بكيري أن يلقي الخطاب يوم الاربعاء الماضي، ولكنه اضطر لتأجيله بسبب مجلس الامن. وسيلقيه هذا الاسبوع.
سيفصل خطاب كيري مقاييس، مباديء، يفترض بها أن توجه الاسرائيليين والفلسطينيين، بما فيها حدود تقوم على اساس خطوط 67 مع تبادل للاراضي، دولة فلسطينية مجردة، حق عودة للدولة الفلسطينية وغيرها. من هذا الخطاب – وليس من القرار ضد المستوطنات – خافت حكومة اسرائيل في الاشهر الاخيرة؛ وأدارت ضده مساعي ضغط نشطة في واشنطن وفي الاسرة الدولية، بما في ذلك أقوال قاسية على اوباما وعلى كيري على لسان مسؤولين اسرائيليين.
الخطاب، على لسان وزير خارجية في طريقه الى التقاعد لن يغير الكثير. مصدر في البيت الابيض قال لي أمس انه لا توجد نية في هذه اللحظة لدى الادارة لاتخاذ أعمال أخرى تتعلق باسرائيل. ولكن اذا قررت احدى الدول الاعضاء ترجمة الخطاب الى مشروع قرار يطرح على التصويت في مجلس الامن في الاسابيع الثلاثة القريبة القادمة فبانتظارنا دراما اخرى في نيويورك. ادارة اوباما ستجد صعوبة في أن تستخدم الفيتو على مشروع قرار يستجيب كالصدى لاقوال العضو الكبير في وزارتها. ويمكن للنتيجة أن تكون تهديدا اضافيا، اكثر خطورة بكثير على مكانة اسرائيل في الاسرة الدولية.
ان اللغة الفظة التي رد بها نتنياهو أمس على الامتناع الامريكي عن التصويت في مجلس الامن تدل على شدة الضربة. فقد قال رئيس الوزراء ان "هذا كان خطفا معيبا من إدارة اوباما". "عيب". هذه هي كلمات لا يفترض برئيس وزراء اسرائيلي أن يقولها لرئيس امريكي قائم. فما بالك انه في هذه الحالة ليس مؤكدا أنه يوجد اساس حقيقي لمثل هذا الادعاء. نتنياهو يعتقد بان ما يسمح دونالد ترامب لنفسه به يمكنه هو أيضا لم يسمح به لنفسه. الضفدع يريد أن يكون ثورا.
يقضي الرئيس اوباما اجازته في عيد الميلاد في هاواي، حيث ولد. ويوم الاربعاء أدار من هناك حديث مؤتمر بمشاركة كيري، السفيرة في الامم المتحدة سمانتا باور ومسؤولين كبار في مجلس الامن القومي. وكان الموضوع هو المشروع الذي طرح في مجلس الامن في مسألة المستوطنات. وكان السؤال اذا كانت الولايات المتحدة ستستخدم الفيتو أم تمتنع. وخلافا لما نشر، فان الوفد الاسرائيلي لم يفاجأ بطرح المشروع: فقد ظهرت الشائعات قبل بضعة ايام من ذلك. وكان ميلهم الاولي هو التوصية باستخدام الفيتو، بدعوى أن المشروع غير متوازن. اما الوفد الفلسطيني، فبذكاء شديد، نجح في تلطيف حدة المشروع وتكييفه مع السياسة الامريكية. وتدعي الادارة بانها لم تكن لها اي مساهمة في هذه الخطوة.
اوباما تردد. مصدر كبير في الادارة تحدثت معه أمس فقال: "ان الحجة التي رجحت الكفة لدى الرئيس كانت مشروع قانون التسوية وسلسلة تصريحات اخرى، لنتنياهو ووزراء في حكومته، حول المستوطنات. وقال: "الاسابيع الاخيرة شذت عن كل ما قاله نتنياهو في الماضي. هذا سار شوطا بعيدا. ثماني سنوات والادارة تبذل جهدا جبارا لدعم نتنياهو. ولكن هذا ليس فقط لم ينجح – بل كان له أثر معاكس".
وحسب ذاك المصدر، فان الاحساس الداخلي لدى الرئيس بان هذه المرة ينبغي الامتناع عن التصويت. وعلى الرغم من ذلك قرأ الصيغة وأعاد قراءتها، وفقط عندها وصل الى القرار. وعاد وأكد القرار في الغداة، يوم الخميس، حين عرضت من جديد.
هل كان لتدخل ترامب تأثير على القرار؟ يبدو أن نعم. ترامب يعرب كل ليلة عن رأيه في المواضيع التي تطرح على الرئيس القائم لاتخاذ القرار فيها. هذا سلوك استثنائي، ولكنه ليس غير مسبوق. هكذا تصرف ايضا ريتشارد نيكسون، نموذج القدوة لترامب. والنتيجة هي ادارتين امريكيتين تصطدمان الواحدة بالاخرى. اوباما لم يبقَ صامتا: فقد خرج بسلسلة من القرارات التي تثبت حقائق على الارض سيجد ترامب صعوبة شديدة في تغييرها. والقرار في مجلس الامن ينخرط في هذه السياسة.
ما بالك أن حكومة اسرائيل، بوقاحة لا بأس بها، توجهت الى ترامب في هذا الشأن، بل وجندته للضغط على الرئيس المصري السييسي لسحب قراره. فذهلوا في البيت الابيض. فهم لم يحلموا بأن تعمل الحكومتان في القاهرة وفي القدس معا باحباط قرار في الامم المتحدة ضد المستوطنات. كما أنهم لم يحلموا بان تتوجه اسرائيل سرا لروسيا – بوتين كي تستخدم هذه الفيتو على قرار في مجلس الامن قرر الامريكيون الامتناع عن التصويت عليه. كل هذه المناورات المدهشة انتهت بفشل ذريع. المصريون سحبوا مشروعهم ولا النيوزيلنديين سارعوا لان يطرحوه مجددا على جدول الاعمال. وفضل الروس العرب على اسرائيل. هكذا يفعلون بثبات، منذ بداية الخمسينيات من القرن الماضي. وولدت المغازلة الاسرائيلية لموسكو ابتسامة مريرة على فم اصدقائنا في واشنطن. روسيا، حليفة ايران في الحرب في سوريا، هي الامل الكبير لحكومة اسرائيل.
ان المعنى العملي لقرار مجلس الامن محدود. كل ثلاثة اشهر سيرفع الى المجلس تقرير عن البناء في المسوطنات. احد ما سيقترح فرض عقوات على اسرائيل. الولايات المتحدة ستستخدم الفيتو، وفي النهاية سيجر الموضوع للبحث في المحكمة الدولي في لاهاي. الولايات المتحدة ليست عضوا فيها.
ستكون للقرار آثار أخرى. في الكونغرس الامريكي ستطرح اقتراحات لوقف المساعدات الامريكية للامم المتحدة ومؤسساتها. وتتوافق مثل هذه الاقتراحات مع الاتجاه الذي يشد اليه ترامب: ولها آمال طيب في أن تتخذ. اما القطيعة بين الادارة القادمة والامم المتحدة فكفيلة بان تغير كل منظومة العلاقات الدولية. وهذا، بالطبع، البداية فقط. ترامب يريد أن يغير التوازن الحساس بين القوى العظمى النووية في العالم. كيف سيؤثر هذا.
حكومة اسرائيل ستكون ملزمة في السير في اعقاب الامريكيين. والنتيجة ستكون زيادة تعلق اسرائيل بامريكا وابتعاد احتمال تحسين العلاقات مع دول النفط ومع دول في افريقيا. نتنياهو عاقب امس السنغال، اعاد للتشاور السفير من نيوزيلندا وأجل زيارة رئيس وزراء اوكرانيا. قصة كبيرة. لم يعد السفراء من موسكو، بيجين، باريس، لندن أو والعوذ بالله واشنطن.
المشكلة الاساس التي يقف امامها داخلية. البيت الابيض يطالب على سبيل الرد ضم معاليه ادوميم والتوجه الى بناء واسع في الضفة. نتنياهو يعرف بان مثل هذا القرار سيسرع فقط مسيرة تجلبنا حتى المقاطعة على نمط جنوب افريقيا. وهو يعرف ناخبيه: سيردون بالتصفيق العاصف على كل تعبير قتالي، ولكنهم سيغضبون عندما سيطالبون بتقديم تأشيرة في الرحلة التالية الى كلاسيكو بين مدريد وبرشلونا.
مثل اسرائيليين كثيرين، أنا قلق من الاضرار المتوقعة وغاضب من الاخطاء التي ارتكبت على الطريق، من الغرور، من الانجراف، من الجمود. ولكن يسبق كل هذا الجوهر. فبعد خمسين سنة من الغمز، التضليل والخداع الذاتي يسعى العالم لان يقول لنا، باغلبية 14 ضد صفر، حان وقت الحقيقة. لا يمكن الاستمرار في بناء المستوطنات والتطلع الى السلام في نفس الوقت. في هذا الموضوع محقون مستوطنو عمونه ومنظمات حقوق الانسان على حد سواء. لا يمكن مواصلة أكل هذه الكعكة وابقاؤها كاملة. السؤال ليس المستوطنات أم السلام: فالسلام لن يكون في المدى المنظور. السؤال هو المستوطنات أم دولة اسرائيل اليهودية والديمقراطية، العضو في الاسرة الدولية.
ايهود باراك قال امس ان لديه استوطن أربعة اضعاف والعالم حياه لانه في نفس الوقت اظهر جهدا لتحقيق الاتفاق. هذه بالضبط هي الغمزة التي أفشلتنا على مدى السنين. فقد قال امس الناطقون بلسان نتنياهو ان "القرار يخرب على المفاوضات". على اي مفاوضات يخرب، اذا لم تكن هناك مفاوضات.
نتنياهو يعول على ترامب. يحتمل أن يكون محقا: ترامب سيحل كل مشاكله. باستثناء أن من المجدي له أن يتذكر بان في عالم ترامب لا يوجد سوى ترامب واحد. اذا تحدث عن ترامب مثل تحدث عن اوباما، فسيتلقى ضربة اشد بكثير مما تلقاها في نهاية الاسبوع من مجلس الامن".