قراءة وإضاءة حول المعيار الشرعي رقم (1) بشأن المتاجرة بالعملات (2)
1. يتابع هذا المقال مسائل المعيار الشرعي للعملات قراءة وإضاءة، ويتناول «القبض في بيع العملات»، بعد أن تناول المقال السابق «الحكم الشرعي للمتاجرة بالعملات».
2. القراءة: القبض: هو تسليم جميع المبالغ موضوع المتاجرة قبل التفرق، ولا يجوز تأجيل تسليم أحد البدلين، وإن سلم جزءًا من أحد البدلين صح فيما تم قبضه فقط,
3. القبض حقيقي، وحكمي؛ ويتحقق القبض الحقيقي بالمناولة بالأيدي، ويتحقق الحكمي بالتخلية مع التمكين من التصرف، ومن صوره: 1-القيد المصرفي، كما في حالة الإيداع في الحساب، (ويغتفر تأخير القيد المصرفي -بالصورة التي يتمكن بها من التسلم الفعلي-إلى المدة المتعارف عليها في أسواق التعامل، على أنه لا يجوز للمستفيد أن يتصرف في العملة خلال المدة المغتفرة إلا بعد أن يحصل أثر القيد المصرفي بإمكان التسليم الفعلي) أو الاقتطاع منه.
4. تابع صور القبض: 2-تسلم الشيك إذا كان له رصيد قابل للسحب بالعملة المكتوب بها عند استيفائه، وتم حجز المؤسسة له، 3-تسلم البائع قسيمة الدفع الموقعة من حامل بطاقة الائتمان في الحالة التي يمكن فيها للمؤسسة المصدرة للبطاقة أن تدفع المبلغ إلى قابل البطاقة بدون أجل.
5. المستندات الشرعية: استدل المعيار لجواز القبض الحكمي بما تعارف عليه الناس، وبقرار المجمع على ذلك، ولكنه استدل لجواز القبض بقسيمة التاجر في بطاقة الائتمان بفتوى ندوة البركة الثانية عشرة ونصهاك «قسيمة الدفع الموقعة من حامل البطاقة تقوم مقام القبض كالشيك، بل هي أقوى منه، كما أفاد الفنيون، لأنها ملزمة للتاجر، وتبرأ بها ذمة حامل البطاقة من الدين حالًّا، وليس له الاعتراض على الوفاء بقيمتها». واستدل للتعامل بوسائل الاتصال بقرار مجمع المنظمة بشأن صحة التعاقد بكل ما يستجد من وسائل.
6. الإضاءة: اغتفار تأخير القيد المصرفي: حدده المعيار بضابطين؛ الضابط الأول: التأخير للمدة المتعارف عليها في أسواق التعامل، (ولكنه لم يسم تلك التعاملات المتعارف عليها، ومن الملائم النص عليها وهي التعاملات الفورية في سوق العملات وأشهرها spot الذي يحدث فيه التقابض خلال يومي عمل غير يوم التعاقد (t+2) أي اليوم + يومي عمل. بمعنى إذا تخلل اليومين عطلاً رسمية وأعيادًا لا تحسب من المدة المغتفرة).
7. والضابط الثاني: عدم جواز التصرف في العملة المتسلمة إلا بعد أن يحصل أثر القيد بإمكان التسليم الفعلي. (ولم يحدد المعيار كيفية تطبيق هذا الضابط، ومتى تتحقق المخالفة؟ فالعادة أن البنوك تبيع من أرصدتها في حساباتها، فإذا كانت تملك ما يكفي للبيع في تلك الحسابات فكيف نتصور مخالفة الضابط المذكور؟ وهل يعد البيع الموازي الوارد في المعيار فقرة 2/9/2-كما سيأتي بيانه في المقال القادم- مثالاً تطبيقيًا على المخالفة؟).
8. القبض بالشيك: حدد المعيار مواصفات الشيك الذي يحقق القبض الشرعي، (وهو ما ينطبق على الشيك المصدق المحجوز قيمته في المصرف، كما ينطبق على شيك الإدارة العامة كما يعرف في بعض التطبيقات).
9. القبض ببطاقة الائتمان: قيد المعيار قبول القبض ببطاقة الائتمان في الحال التي يمكن للمؤسسة المصدرة للبطاقة أن تدفع المبلغ إلى قابل البطاقة (التاجر) بدون أجل. والمستند الشرعي لهذه الفقرة فتوى البركة السابق على أساس أن قسيمة التاجر أقوى من الشيك.
10. تابع القبض ببطاقة الائتمان: (عند التأمل نجد أن الفقرة غير مستقرة، فهي تنص على قبول قسيمة التاجر وسيلة للقبض، لكنها تضطرب بقصر الجواز على الحالة التي تدفع فيها المؤسسة المبلغ للتاجر بدون أجل وكأنها تلغي أثر القسيمة. والدفع بدون أجل لا يتحقق في الواقع في جميع بطاقات الائتمان إلا بعد مضي فترة إجرائية قد تصل إلى 72 ساعة).
11. (كما يلاحظ أن المعيار لم يعمل بفتوى ندوة البركة المذكورة لأن الفتوى نصت على القبول مطلقاً بدون ذكر القيد الوارد في المعيار. ومن الملائم أن نشير إلى ان قرار مجمع الفقه الإسلامي لم يجز شراء الذهب والفضة والعملات ببطاقات الائتمان، وفي ضوء ما سبق من استشكال لا يمكننا نسبة القول بتحقق القبض الشرعي عند الشراء ببطاقة الائتمان للمعيار). ونتابع في المقال القادم مسائل أخرى في معيار العملات.