الملحق الثاني – منظمة النجادة الفلسطينية
مقدمــــة
وبعد، فقد رأيت أنه من المناسب أن أنشر في كتابي هذا معلوماتي الشخصية عن منظمة النجادة الفلسطينية التي تأسست في مدينة يافا عام 1944 وكانت أول منظمة شبه عسكرية أقامها الشعب الفلسطيني في مواجهة المنظمات الصهيونية التي كانت في فلسطين في الأربعينات من القرن الماضي كمنظمة الهاجانا وغيرها. وأنا أقدم للقارئ الكريم هذه المعلومات لأن القصة الكاملة لظهور النجادة تم اختفاؤها لم تنشر من قبل. وهذه المعلومات أسردها الآن من الذاكرة مستعيناً بقصاصات احتفظت بها عن الموضوع. فقد كنت من النجادة الأوائل وكنت مسؤولاً اعلامياً في المنظمة عند تأسيسها وكنت عريف حفل إعلان تأسيس تلك المنظمة الذي أقيم في ملعب النصة في يافا في ربيع عام 1945. وقد أشار إلى ذلك أحمد الشقيري في كتابه “أربعون عاماً في الحياة العربية والدولية”. ولا بد لي أن أذكر هنا أنني اعتمدت في روايتي أيضا على المعلومات التي زودني بها صديقي رشاد محمد عرفة وهو الذي كان من مؤسسي منظمة النجادة وأمين صندوقها العام، فضلاً عن كونه آمر منطقة يافا في تلك المنظمة.
هذا وكنت اطلعت على البحث القيم عن النجادة الذي أعدته مؤرختنا الكبيرة الدكتورة بيان نويهض الحوت والذي نشر في كتابها “القيادات والمؤسسات السياسية في فلسطين” والذي صدر عام 1981 في بيروت، وقد تضمن ذلك البحث ولحسن الحظ نصوص معظم الوثائق عن النجادة والتي كانت محفوظة في مركز الأبحاث الفلسطيني في بيروت ولولا الدكتورة الحوت لما رأت تلك الوثائق النور حيث أن مركز الأبحاث نهبته القوات الصهيونية عند غزوها بيروت عام 1982 وتم عندئذ نقل جميع محتوياته إلى تل أبيب. وسيلحظ القارئ الكريم أن ما أكتبه عن النجادة هو إضافة نوعية إلى البحث الذي نشرته الدكتورة الحوت، وبذلك سيشكل هذان البحثان مجتمعين مرجعا جيداً أرى أنه يمكن الاعتماد عليه في التعريف بحركة النجادة ومعرفة أسباب فشل تلك المحاولة الفلسطينية الرائدة خصوصاً وأن ما كتب عنها في الموسوعة الفلسطينية كان مع الأسف أقل من القليل.
والله ولي التوفيق.
خيري الدين أبو الجبين
تأسيس النجادة
كانت الثورة الفلسطينية الكبرى (36-39) قد توقفت في خريف عام 1939 عند بداية الحرب العالمية الثانية اعتمادا على نصيحة الملوك والرؤساء العرب للشعب الفلسطيني بوقف الثورة لأن “صديقتهم” بريطانيا العظمى وعدتهم بأنها ستقوم بتنفيذ الكتاب الأبيض وترضي عرب فلسطين عند انتهاء الحرب.
هذا ولم تنقطع الهجرة الصهيونية إلى فلسطين خلال الحرب بل إن المنظمات الصهيونية في أواسط الأربعينات أعلنت الثورة على حكومة الانتداب لإجبارها على الانسحاب من فلسطين وتغيير موقفها لصالح الحركة الصهيونية.
لكل ذلك وجد الشباب الفلسطيني آنذاك ضالتهم في إنشاء منظمة النجادة لتحقيق أهدافهم في إعداد الشعب لمواجهة نشاط تلك المنظمات وازدياد الهجرة خصوصا وأن النشاط الحزبي الفلسطيني كان متوقفا نسبيا خلال سنوات الحرب، واقتصر العمل الفلسطيني خلالها على النشاط الإعلامي والدبلوماسي لنصرة القضية الفلسطينية.
وسط تلك الأجواء، اتخذ مجلس ادارة النادي الرياضي الإسلامي بيافا في ربيع عام 1944 قرارا بتأليف فرقة رياضية في النادي على غرار منظمة النجادة اللبنانية وكان ذلك النادي من أكبر وأقدم أندية فلسطين فضلا عن أنه كان مركزا للاتحاد الرياضي الفلسطيني الذي كان يضم معظم أندية فلسطين العربية.
وكل ذلك أهّل النادي المذكور لنشر فكرة إنشاء منظمة النجادة ولم تمض إلا شهور قليلة بعد ذلك حتى انتشرت تلك الفكرة في فلسطين انتشار النار في الهشيم نظرا لحاجة الشعب الفلسطيني إلى مثل تلك المنظمة.
النجـادة فـي يافـا
وانتقلت فكرة إنشاء تلك المنظمة إلى حيز التنفيذ حين أسند مجلس الادارة إلى لجنة ثلاثية من أعضائه مسؤولية المتابعة والتنفيذ وتألفت اللجنة من رشاد الدباغ ورشاد عرفة وعبد السلام الدجاني. وأفرد المجلس للنجادة غرفة مستقلة في مقر النادي الكائن في شارع جمال باشا بيافا. وفي البداية وحسب القرار المذكور كان لابد لمن يريد أن يكون نجادا أن يكون أصلا عضوا في النادي وإن لم يكن من الأعضاء فعليه أن ينتسب أولا للنادي ويقبل فيه ثم يلتحق بالنجادة.
وفي البداية انتسب لفرقة النجادة 24 شخصا من أعضاء النادي كما تقدم الكثيرون من الخارج بطلبات الانتساب للنادي من أجل أن يصبحوا بعد ذلك أعضاء في فرقة النجادة. وكان من بين هؤلاء المحامي محمد نمر الهواري والذي أصبح فيما بعد القائد العام للنجادة وهذا يعني أن الهواري لم يكن مؤسس منظمة النجادة الفلسطينية كما ذكرت بعض المصادر.
النجادة الأوائل
وفيما يلي أسماء النجادة الأوائل من أعضاء النادي الرياضي الإسلامي بيافا وهم:
رشـاد الدباغ، رشاد عرفة، عبد السلام الدجاني، خيري الدين أبو الجبين، فوزي الشنطي، عبد الفتاح الدجاني، علي الشريانـي، محمد سمارة، عمـر الطيبي، عوني شهاب الدين، صالح عطية، يعقوب أبو غزالة، محروس السقا، عمر القطان، محمد الفرا، جميل الحسني، ابراهيم سكجها، موسى سرحان، صدقي سرحان، عمر عبد الرحيم، أنيس أبو خليفة، صلاح الحاج مير ومحمد علي الهباب.
التدريب العسكري
تولى تدريب نجادة النادي الإسلامي في البداية صلاح الحاج منير والذي كان في السابق ضابطا متطوعا في الجيش البريطاني أثناء الحرب العالمية الثانية. وكان التدريب يتم في البداية في المساء على سطح عمارة النادي وكان التدريب أولا عبارة عن تمرينات لياقة بدنية وتدريب على المشي العسكري ثم تطور بعد ذلك إلى تدريب على فك وتركيب الأسلحة الخفيفة ثم إلى تدريب فعلي على السلاح. وقد تدرب النجادة الأوائل على الرماية أيضاً في قرية عرب أبو كشك قرب يافا.
هذا واستمر تدريب النجادة بعد تطورها وكان التدريب على الأسلحة يتم غالبا في القرى المجاورة ليافا … وكما سنذكر فيما بعد قام أفراد فرق النجادة الأخرى في فلسطين بالتدرب على السلاح كل في موقعه وأصبح بشير القيشاوي هو المدرب العام للنجادة كما كان لكل فرقة نجادة مدرب محلي أو أكثر خاص بها. ولكن المشكلة كانت دائما هي نقص السلاح في كل مكان وما توفر منه كان قديما من مخلفات الحرب العالمية الأولى أو الثانية أو ما بينهما.
الاستعراض الأول لنجادة يافا
وفي أول أيام عيدا لفطر في عام 1944 جرى أول استعراض محلي للنجادة في يافا حيث قام نجادة النادي الرياضي الإسلامي باستعراض كبير في شوارع المدينة استمر ساعتين وكانوا يرتدون زي النجادة شبه العسكري وقد قوبلوا من الجمهور بالترحاب ولفتوا الأنظار إليهم وبعدها زاد الإقبال على الانتساب للنجادة من داخل النادي وخارجه.
رحلة النجادة إلى لبنان
وبعد الاستعراض الذي أقامته فرقة النجادة في يافا، قامت الفرقة برحلة إلى لبنان للتعرف على النجادة اللبنانية وأنظمتها وقادتها. واشترك في تلك الرحلة معظم النجادة الأوائل الذين بدأوا رحلتهم ببيروت حيث استقبلهم هناك عدنان الحكيم قائد لواء بيروت وأقاموا بضعة أيام في مقر النجادة اللبنانية وهناك تعرفوا على أنيس الصغير القائد العام وشفيق النقاش السكرتير العام، وكذلك السيدين الحبال والبري وكانا من مسؤولي نجادة بيروت. وأثناء إقامتهم تدارس نجادة يافا مع نجادة بيروت كافة أنظمة النجادة اللبنانية وقوانينها كما تعرفوا على أنشطة نجادة لبنان وتعلموا نشيد النجادة اللبنانية وهو “نجاد يا وجه العلا …”
وبعد ذلك قاموا بالاشتراك مع نجادة بيروت بزيارة قرية شحيم في جنوب لبنان وهناك أجروا معهم استعراضا مشتركا وكان ذلك في أول أيام عيد الأضحى ثم قاموا بجولة في قرى الجنوب اللبنانية، وبعدها عادوا إلى فلسطين وهم في غاية الحماس والرغبة في توسيع حركة النجادة ونشرها في كافة أنحاء البلاد من أجل تحقيق أهدافها في حماية الوطن من الهجمة الصهيونية.
استقلال النجادة عن النادي الإسلامي
وفي آخر عام 1944 وبعد أن ازداد عدد أعضاء فرقة النجادة في النادي رأى مجلس الادارة أن تستقل النجادة عن النادي الإسلامي وتتخذ لها مقرا جديدا وكان ذلك ممكنا لأن رسوم الانتساب والاشتراكات زادت نظراً لازدياد عدد أفراد النجادة فأمكن استئجار طابق في عمارة ضخمة لتكون المقر الجديد للنجادة. وتقع تلك العمارة بقرب محطة القطار في يافا وهي مملوكة لعائلة بيبي اليافية.
الادارة الجديدة للنجادة
وبعد استقلال النجادة عن النادي الإسلامي زاد نشاط منظمة النجادة وتوالى انتساب أعضاء جدد إليها وكان من بينهم عبد الغني الهباب الذي أصبح فيما بعد قائدا لمنطقة يافا وكذلك خليل الشاعر ورفيق السعيد وبشير القيشاوي الذي عمل بعد ذلك مدربا براتب 40 جنيه شهريا ثم عدنان بيبي وخميس الصعيدي الذي أصبح قائد فرقة القرب الموسيقية كما انضم لمنظمة النجادة أيضاً كاظم الحسيني وفيضي الحسيني. وبعد ذلك تم انتخاب لجنة تنفيذية للنجادة من المجلس الأعلى. وتألفت اللجنة من:
المحامي محمد نمر الهواري قائدا عاما
رشاد درويش الدباغ سكرتيرا عاما
رشاد محمد عرفة أمينا عاما للصندوق
وضع قانون النجادة
وبعد انتخابها كلفت اللجنة رئيسها المحامي محمد نمر الهراوي باعداد مشروع قانون النجادة فقام باعداده معتمدا على قانون النجادة اللبناني ومضيفا إليه أهدافا عامة تدعو إلى التلاقي والتعارف وما إلى ذلك بحيث تخفي الهدف الرئيسي من إنشاء النجادة وهو التدريب العسكري واعداد الشباب للدفاع عن بلادهم أمام الهجمة الصهيونية الشرسة. وبعد موافقة المجلس الأعلى للنجادة على المشروع، قدم لدائرة الحاكم في يافا فوافقت عليه حكومة الانتداب وكان ذلك في آخر عام 1945.
فتيان النجادة
ومن الأعمال البارزة التي تمت في المقر الجديد، إنشاء فرقة فتيان النجـادة لتكون رافدا أساسيا للنجادة ولاستقطاب الشباب الصاعد وتدريبهم عسكريا. وقد أشار إلى ذلك صلاح خلف “أبو إياد” أحد قادة حركة فتح المولود عام 1933 في كتابه “فلسطيني بلا هوية”. وقد تألفت فرقة الفتيان آنذاك من صلاح خلف وسليم البيطار الذي كان سكرتيرا لها وشفيق الحوت ومعين خورشيد وعمر الناطور وعصام صنع الله والدكتور محمد أبو لغد وكان من الفرقة الموسيقية ومحمد توفيق الزعبلاوي الذي تميز بطول قامتـه وكلف بحمل علم الفرقة، وفاروق أبو الجبين وابراهيم عبد المالك وخالد الآغـا وشريف العلمي وخضر الآغا وسهيل عرفة وأديب قرنفلة وغازي الزبط وآخرون. هذا وكان فتيان النجادة يشتركون أيضا في الاستعراضات المحلية للنجادة وكذلك في التدريب على السلاح.
مهرجان اعلان تأسيس النجادة
بعد أن استقرت النجادة في مقرها الجديد أقامت مهرجانا كبيرا في شهر أيار (مايو) من عام 1945 أعلنت فيه رسميا عن تأسيسها وقد اشترك في ذلك الحفل جميع أعضاء نجادة يافا بملابسهم الرسمية، وأقيم الحفل في ملعب البصة وهو الملعب البلدي ليافا. وحضر ذلك الحفل جماهير كثيرة يتقدمهم رئيس بلدية يافا الدكتور يوسف هيكل وعدد من الزعماء الفلسطينيين منهم جمال الحسيني وحسين الخالدي وأحمد حلمي وأحمد الشقيري. وتحدث في الحفل جمال الحسيني رئيس الحزب العربي الفلسطيني وأحمد الشقيري وغيرهما. وقمت شخصيا بتقديم المتحدثين إلى الجمهور الحاشد حيث كنت عريف ذلك الحفل. وكان من بين الحاضرين أيضا أنيس الصغير القائد العام للنجادة اللبنانية وشفيق النقاش سكرتيرها العام. وانتشرت أخبار هذا المهرجان الضخم في كافة أنحاء فلسطين مما حدا بالعديد من أندية المدن والقرى إلى المسارعة والاتصال بقيادة النجادة في يافا من أجل تشكيل فرق مماثلة.
التعاون بين النجادة و الاتحاد الرياضي
وكان الاتحاد الرياضي الفلسطيني قد تأسس في خريف عام 1944 واتخذ من النادي الرياضي الإسلامي بيافا مركزا له. وضم الاتحاد معظم أندية فلسطين الرياضية وكان عبد الرحمن الهباب السكرتير العام لذلك الاتحاد. وكان في نفس الوقت من أعضاء مجلس ادارة النادي الرياضي الإسلامي بيافا المتحمسين لفكرة النجادة، كما أن أعضاء اللجنة المركزية لذلك الاتحاد كانوا متحمسين للفكرة أيضاً. لهذا اتخذ الاتحاد قرارا بتأييد النجادة وأصبح مكتوبا على “بطاقـة هوية” لاعبي الاتحاد أنه يمكن اعتبارهم أعضاء في الفرق الرياضية وشبه العسكريـة (النجادة) . ولما كان الاتحاد كما ذكرنا يضم معظم الأندية التي تعج بالشباب الفلسطيني فقد كان من السهل انتشار فكرة النجادة بين شباب تلك الأندية فسارعوا إلى الانضمام للنجادة الأمر الذي أدى إلى انتشار النجادة في معظم مدن وقرى فلسطين.
انتشار حركة النجادة في فلسطين
وكان النادي الرياضي الإسلامي في حيفا من أوائل الأندية التي آمنت بفكرة النجادة وضرورتها بل يمكن اعتبار يونس محمود نقاع رئيس ذلك النادي وجمال محمد الحاج خليل سكرتيره من مؤسسي النجادة في فلسطين مثلهم مثل مؤسسي النجادة في النادي الإسلامي بيافا.
وقال جمال الحاج خليل في مذكرات نشرت في صحيفة الوطن الكويتية بتوقيع الثائر الفلسطيني القديم – ابن حيفا “إن اللقاء من أجل تأسيس فرقة عسكرية فلسطينية شبيهة بالهاجاناه لمواجهة الخطر الصهيوني تم بين عدد من أعضاء النادي الإسلامي في حيفا والمسؤولين في النادي الإسلامي في يافا في حفل شاي أقيم في يافا بعد مباراة لكرة القدم جرت بين فريقي الناديين وتم في ذلك الحفل وضع اللبنة الأولى لتأسيس فرقة رياضة على غرار النجادة اللبنانية. واتفق على استئذان النجادة اللبنانية بأن يستعمل اسمها في فلسطين لهذا الغرض وهكذا كان”… انتهى
وبعد تأسيس فرقة النجادة في يافا، تم تأسيس فرع للنجادة في مدينة حيفا على غرار النجادة في يافا برئاسة يونس نقاع (أبو محمود) والذي أصبح يسمى آمر منطقة حيفا.
وقد شاركت نجادة حيفا في الاستعراض الضخم لجميع نجادة فلسطين والذي أقيم في يافا في ربيع 1946. وذكر لي الزميل جمال الحاج خليل، الذي كان أيضا سكرتيرا لمنطقة حيفا للاتحاد الرياضي الفلسطيني، أن نجادة حيفا بدأوا بالتدريب على السلاح في “الطيرة” ثم في قرية “عجة” وأنه انفجر لغم هناك أثناء التدريب وقال لي أن “وجيه المدني” الذي أصبح فيما بعد قائدا لجيش التحرير الفلسطيني كان من بين الأعضاء البارزين في النجادة في حيفا وهو الذي كان يدرب النجادة على السلاح وكان هو حامل علم النجادة ورفض أمر حكومة الانتداب بترك النجادة. والمعروف أن حكومة فلسطين أصدرت أمرا لموظفيها بعدم الاشتراك في النجادة. وذكر لي “رشاد عرفة” أنه تلقى انذاراً من (عبد اللطيف الطيباوي) مفتش معارف الجنوب بسب اشتراكه في النجادة وذلك عندما كان مدرسا في مدرسة المنشية بيافا.
وقال لي جمال أيضا “أن نجادة حيفا استعانوا بالضابطين فريد وسامي من الأردن لتدريبهم على السلاح وقائدهما هو محمد الحمد الحنيطي”. وأردف جمال قائلا “إن نجادة حيفا كانت تقوم باستعراضات في المدينة وكان من بين قادتها محمد بشير قدورة”. وذكر لي أيضا أن النجادة من جميع أنحاء فلسطين اشتركوا مع نجادة يافا وحيفا في الاستعراض الكبير الذي جرى في يافا عام 1946، وقال أنه بكى يوم الاستعراض المذكور وقال “الحمد لله الآن صار عندنا جيش!”
النجادة في المدن والقرى الأخرى
وعن نجادة صفد ذكر لي الصديقان محمود سعد الدين وحسام سويد أنه كان من قادتها فوزي محمد سويد ومحمد الخضرا ورمزي أحمد سعد الدين وحسني سويد وخالد قدورة. وقالا أنه كان للنجادة في صفد نشاط كبير، وشكلت فرعا لها في الحولة برئاسة فوزي محمد سويد لمقاومة بيع الأراضي لليهود حيث استطاعوا أن يوقفوا كامل الحسين عند حده وهو الذي اتهم بالتعاون مع اليهود آنذاك. وأضاف الصديقان قائلين إن رمزي سعد الدين هو الذي اتصل بأعضاء نادي صلاح الدين الصفدي وأقنعهم بالالتحاق بالنجادة. وذكرا لي أيضا أن فرقة نجادة صفد شاركت مع فرق المدن الفلسطينية الأخرى في استعراض أقيم في دمشق عام 1946 بمناسبة استقلال سوريا. وإنه بعد حل منظمة النجادة رسميا بقي شبابها متحمسين للفكرة وشاركوا في قيادة الحركة الوطنية والجهاد بعد قرار التقسيم.
وكانت غزة من أوائل المدن الفلسطينية التي أنشأت فريقا للنجادة فيها. وكان شباب نادي غزة الرياضي من أوائل أعضاء فرقة النجادة التي كانت بقيادة كاظم بسيسو ومحمد سليم فروانة. وأقيم في غزة استعراض كبير شاركت فيه نجادة غزة ويافا وفرق النجادة الأخرى.
وفي الرملة انتشرت حركة النجادة بقيادة أحمد مصطفى الخيري كما ذكر لي علي حسن أحد أعضائها وشاركت فرقة نجادة الرملة في استعراض يافا عام 1946 الذي نصبت فيه الخيام لمبيت أفراد النجادة القادمين من المدن الأخرى الزائرة وقد جهز تلك الخيام قائد منطقة الرملة أحمد الخيري.
وفي نابلس، كان من النجادة البارزين حكمت المصري ورفعت عوايص وفيصل النابلسي الذي انفصل من النجادة وانضم فيما بعد للفتوة.
وفي قلقيلية، تولى قيادة النجادة محمود عبد الفتاح الحسن.
وفي بيت حنيتا أنشأ شباب النادي العربي فرقة للنجادة شاركت في استعراضات النجادة في المدن الفلسطينية المختلفة كما شاركت في تلك الاستعراضات فرق النجادة التي تألفت في القدس وفي الناصرة وبئرالسبع وترشيحا والبصة وسلمة والمزيرعة وغيرها من المدن والقرى الفلسطينية في الشمال والجنوب. ومن أهم الاستعراضات الأخرى للنجادة الاستعراض الكبير الذي أقيم في مدينة عكا واشترك فيه نحو 2500 نجاد وبالإضافة إلى ما سبق شاركت النجادة عام 46 برحلة رسمية إلى القاهرة وخصصت لفرق النجادة الفلسطينية هناك خيام نصبت في أحد معسكرات الجيش البريطاني السابقة في القاهرة.
كما شاركت النجادة في مهرجانات الشعلة التي أقيمت في القاهرة عام 1947 وتم ذلك بموجب أمر وجه للنجادة وللفتوة صدر من الهيئة العربية العليا.
.... يتبع