الفصل الثاني
البنية التحتية لمنظمة التحرير الفلسطينية
المبحث الثاني
السلطة التنفيذية والسلطة القضائية
أولاً: السلطة التنفيذية:
تشمل اللجنة التنفيذية للمنظمة، والتي تُعَدّ مجلساً للوزراء، وتتبعها دوائر، تمثل الوزارات المختلفة.
1. اللجنة التنفيذية:
هي- طبقاً للنظام الأساسي- "أعلى سلطة تنفيذية للمنظمة. تكون دائمة الانعقاد. وأعضاؤها متفرغون للعمل. وتتولى تنفيذ السياسة والبرامج والمخططات، التي يقررها المجلس الوطني، وتكون مسؤولة أمامه مسؤولية تضامنية وفردية". وتتمثل اختصاصاتها- طبقاً للنظام نفسه- في:
أ. تمثيل الشعب الفلسطيني.
ب. الإشراف على تشكيلات المنظمة ومؤسساتها.
ج. إصدار اللوائح والتعليمات، واتخاذ القرارات الخاصة بتنظيم أعمال المنظمة، على ألاّ تتعارض مع الميثاق، أو النظام الأساسي، أو قرارات المجلس الوطني.
د. تنفيذ السياسة المالية، وإعداد الميزانية.
كما نص النظام الأساسي على أن المجلس الوطني الفلسطيني، الذي كان يتولى اختيار أعضاء اللجنة التنفيذية، هو نفسه ينتخب رئيسها. وفي عام 1968، عُدِّل هذا النص، ليقصر اختيار المجلس الوطني على اللجنة التنفيذية، من بين أعضائه، الذين يتولون انتخاب رئيسها.
وقررت الدورة السابعة عشرة للمجلس الوطني، أن يختار المجلس رئيس اللجنة التنفيذية وأعضاءها، البالغ عددهم 15 عضواً، بمن فيهم رئيسها، ورئيس مجلس إدارة الصندوق القومي الفلسطيني، الذي ينتخبه المجلس الوطني، وينضم إلى عضوية اللجنة التنفيذية، بهذه الصفة.
وفي عام 1991، وافق المجلس الوطني، في دورته العشرين، على زيادة عدد أعضاء اللجنة التنفيذية إلى ثمانية عشر عضواً، بمن فيهم رئيس الصندوق القومي؛ لتعزيز الوحدة الوطنية، ومواجهة الأعباء الجديدة، في المسيرة القائدة. ويكتمل النصاب القانوني لاجتماعات اللجنة بحضور ثلثَي الأعضاء.
وطبقاً للنظام الأساسي، اختيرت مدينة القدس مقراً دائماً للجنة، ولكن الخلافات بين المنظمة والأردن، حملت السلطات الأردنية على دهْم مقر اللجنة وإغلاقه. وقد استمر مغلقاً حتى عودة الشقيري، مع الملك حسين، إلى عمّان، قبيل حرب يونيه 1967، حينما أعيد إلى المنظمة. غير أنه لم يلبث أن أغلق، على إثر احتلال إسرائيل للقدس؛ لتنتقل مكاتب اللجنة التنفيذية إلى القاهرة، فعمّان، ثم توزعت بين القاهرة وبيروت ودمشق وبغداد، واستقرت، بعد الخروج من بيروت، عام 1982، في تونس.
تُوزَّع الحقائب الوزارية (الدوائر)، في الاجتماع الأول للجنة التنفيذية المنتخبة. ويعلن ذلك في بيان رسمي عام.
وقد انتخبت الدورة العشرون، للمجلس الوطني، عام 1991، آخر لجنة تنفيذية، تكونت من:
ياسر عرفات (رئيساً)، فاروق القدومي، محمود عباس، جمال الصوراني، سليمان النجاب، محمود درويش، عبد الله الحوراني، المطران إيليا خوري، ياسر عبد ربه، محمد زهدي النشاشيبي، ياسر عمرو، شفيق الحوت، عبد الرحمن ملوح، سمير غوشة، علي إسحق، محمود إسماعيل، تيسير خالد، جويد الغصين (رئيس الصندوق القومي الفلسطيني).
يتولى أحد أعضاء اللجنة التنفيذية أمانة السر، وهي تعادل وزارة دولة لشؤون مجلس الوزراء، ومهمته التنسيق بين مختلف دوائر المنظمة، وكذلك مع أجهزة الدولة العربية المضيفة لمقر اللجنة، وإقرار جدول أعمال اجتماعات اللجنة، بالتشاور مع رئيسها، وإعداد محاضر اجتماعاتها وقراراتها.
وقد أدّت اللجنة التنفيذية الأولى دوراً مهماً في تأسيس المنظمة، فعكفت، في أعقاب مؤتمر القمة العربي الثاني، على تكوين الهياكل والمؤسسات، اللازمة لمباشرة المنظمة مهامها وتنفيذ واجباتها. ونجحت في إنشاء الدوائر، وافتتاح مكاتب للمنظمة في الدول العربية وغيرها، وتأسيس مكتب دائم في الأمم المتحدة، وإنشاء محطة إذاعة في القاهرة، وإنشاء مركز الأبحاث في بيروت، والبدء بتشكيل جيش التحرير الفلسطيني، وإقامة الصندوق القومي الفلسطيني؛ ما أرسى أساساً ومنطلقاً لمنظمة التحرير.
2. دوائر منظمة التحرير الفلسطينية:
بادرت اللجنة التنفيذية إلى إنشاء دوائر أربع للمنظمة، تطبيقاً للمادة 18 من النظام الأساسي، وهي:
أ. الدائرة التحريرية (أي العسكرية).
ب. دائرة الشؤون السياسية والإعلامية.
ج. دائرة الصندوق القومي الفلسطيني.
د. دائرة الشؤون العامة والتوجيه القومي.
وفي يونيو 1965، قرر المجلس الوطني، في دورته الثانية، إنشاء دائرة خاصة، باسم.
هـ. دائرة التنظيم الشعبي
وفي الدورة الرابعة، قرر تسمية الدائرة التحريرية باسم الدائرة العسكرية.
وفي الدورة الرابعة ايضاً تم استحداث دائرتَين، هما:
و. دائرة البحوث والمؤسسات المتخصصة.
ي. دائرة الشؤون الإدارية.
وأعطى النظام الأساسي اللجنة حق إنشاء أيّ دائرة، ترى ضرورتها، وتحديد اختصاص كلٍّ من الدوائر بنظام خاص، على أن يكون لكلٍّ منها مديرعام، والعدد اللازم من الموظفين (الشكل رقم 1).
وفي الدورة الثالثة عشرة، قرر إنشاء مجلس أعلى للتربية والتعليم العالي، يتبع رئيس اللجنة التنفيذية، ثم تغيير اسم دائرة الشؤون التربوية والثقافية، ليصبح "دائرة التربية والتعليم العالي". كما قرر إنشاء دائرة، باسم "الشؤون الاجتماعية والعمل"، وأخرى باسم "دائرة العلاقات القومية"، ضمن بنية المنظمة، للتعامل مع المنظمات غير الرسمية، بالتشاور والتنسيق مع الدائرة السياسية. وقرر، في الدورة الخامسة عشرة، تشكيل مجلس أعلى لشؤون الوطن المحتل، على أُسُس جبهوية، من فصائل المقاومة. وتقرر، عام 1981، إحداث دائرة الشؤون الاقتصادية، وإلحاق المكتب المركزي للإحصاء بها، بدلاً من تبعيته للصندوق القومي. وبلغ عدد الدوائر، التي شكلتها المنظمة، في خلال دوراتها العشرين، سبع عشرة دائرة.
وتعرضت المنظمة، في إثر حرب الخليج الثانية، لظروف صعبة اضطرتها، عام 1993، في إطار سياسة التقشف المالية التي اتبعتها، إلى إغلاق ثلاث من دوائرها، هي: الإعلام والثقافة والشؤون الاجتماعية، من دون أن يلغي ذلك مناصب رؤسائها.
وقدرت إحدى الدراسات، عدد العاملين في الخدمة المدنية، في المنظمة، عام 1982، بنحو ثمانية آلاف عامل، عدا الكوادر العسكرية.
دوائر وأقسام منظمة التحرير هي كما يلي:
1. الدائرة السياسية:
تؤدي هذه الدائرة مهام وزارة الشؤون الخارجية، إذ تدير علاقات المنظمة بالدول؛ فتقبَل أوراق اعتماد سفراء تلك الدول لديها، وتنشئ فيها مكاتب وسفارات فلسطينية. وتتولى عقد الاتفاقيات، التي تنظم علاقات المنظمة بمختلف دول العالم. وترعى مصالح الشعب الفلسطيني في الدول المختلفة. وتطبق البرنامج السياسي لعلاقات المنظمة بدول العالم، وفق قرارات اللجنة التنفيذية. وتتكون بنية الدائرة من: رئيس، وهو عضو في اللجنة التنفيذية للمنظمة، ومدير عام، ومدير، وتنقسم الدائرة إلى عدة أقسام هي:
قسم الدول العربية، وقسم الدول الأوروبية، وقسم أوربا الشرقية، وقسم آسيا، وقسم إفريقيا، وقسم المنظمات الدولية والإقليمية، وقسم شؤون الموظفين، وقسم الصحافة، وقسم الأرشيف، وقسم الشؤون الإدارية.
تولّى رئاسة الدائرة نمر المصري، في فبراير 1967، ثم تولاها خالد الحسن، مدة أربع سنوات، من عام 1969 حتى استقالته، في يناير 1973، وخلفه محمد يوسف النجار (أبو يوسف)، من الدورة الحادية عشرة، يناير 1973 حتى اغتياله، في عملية فردان، في 10 أبريل 1973، حين وُكلت إلى فاروق القدومي (أبو اللطف)، وحتى الآن. وتضطلع مختلف دوائر المنظمة بإدارة علاقات خارجية، محورها استقطاب الاهتمام الدولي بالبعد الفلسطيني في الصراع العربي ـ الإسرائيلي. كما أن التنظيمات والفصائل الفلسطينية، لها أجهزتها الخاصة، التي تعنى، كذلك، بالأنشطة الخارجية.
2. دائرة العلاقات القومية والدولية:
استحدثتها الدورة الثالثة عشرة للمجلس الوطني، في مارس 1977. مهمتها تنظيم العلاقات، بالتشاور مع الدائرة السياسية، بالمنظمات والأحزاب العربية القومية، والمنظمات العالمية، غير الحكومية؛ لإيجاد عمق شعبي للثورة الفلسطينية. والعمل مع المؤسسات، التي تتسم بتأييدها ودعمها لقضية الشعب الفلسطيني، سواء كانت في الحكم أو خارجه، وتطوير وتفعيل الرأي العام، العربي والدولي، المناصر لهذه القضية، وتحقيق المشاركة الفلسطينية في المؤتمرات، التي تنظمها تلك المؤسسات، والإشراف على أنشطة اللجان المناصرة لفلسطين، في دولها. والتعريف بانتهاكات حقوق الإنسان الفلسطيني، داخل فلسطين المحتلة.
تولّى رئاسة الدائرة، عند إنشائها، عبد المحسن أبو ميزر. واكتسبت فاعلية خاصة، حينما تولى محمود عباس (أبو مازن) رئاستها؛ لاهتماماته العديدة بالشؤون الإسرائيلية، وطبيعة التركيبة الاجتماعية للمجتمع الإسرائيلي، والمشاركة في محاورة قوى إسرائيلية.
وتضم الدائرة عدداً من الإدارات: إدارة الصداقة، إدارة السلم والتضامن، إدارة الشؤون الإسرائيلية، إدارة المنظمات غير الحكومية.
3. دائرة شؤون الوطن المحتل:
تختص هذه الدائرة بدراسة الأوضاع، الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية والنضالية، في الأراضي المحتلة، وإعداد وتنفيذ الخطط المتعلقة بصمود الشعب العربي الفلسطيني؛ ووضع برامج التنمية، ودعم التطور، الاقتصادي والتربوي، وبرامج البلديات، في الأراضي العربية المحتلة؛ كما تقدِّم الدعم، المادي والمعنوي، لتنفيذ المشاريع، الإسكانية والاقتصادية والزراعية والاجتماعية. وترعى لجنة الدفاع عن السجناء الفلسطينيين. وتدعم القوى الوطنية، في الداخل، والفعاليات المناهضة للاحتلال الإسرائيلي.
وقد واجهت الدائرة انتقادات عديدة؛ لتحوُّلها إلى جبهة صرف، وافتقارها إلى رؤية عملية إستراتيجية، لكيفية التعامل مع شؤون الداخل وقضاياه وهمومه.
عُهد برئاستها إلى فهد القواسمة، بعد انتخابه في الدورة السابعة عشرة للمجلس الوطني حتى اغتياله. وخلفه محمد ملحم، ويتولًى رئاستها، حالياً، سليمان النجاب.
4. دائرة شؤون العائدين:
استحدثت هذه الدائرة، في عام 1987، لتكون امتداداً وظيفياً لدور اللجنة السياسية العليا لشؤون الفلسطينيين في لبنان، المختصة بوضع ضوابط العمل الفلسطيني وتنسيقه مع سلطاته، بعد تمركز الوجود المسلح الفلسطيني فيه وتتولى تلك الدائرة تنفيذ المخططات، المتعلقة برعاية شؤون العائدين الفلسطينيين، في أماكن وجودهم، والإشراف على إدارة المخيمات والتجمعات الفلسطينية، فيما يتعلق بالمعاملات المدنية، والإشراف على عمل اللجان، الشعبية والاجتماعية والأمنية، والمشاريع الإنشائية الاستهلاكية والخدمات، في المخيمات، ومتابعة القضايا المتعلقة بوكالة الغوث الدولية وخدماتها للفلسطينيين، وتمثيل المنظمة في المؤتمرات، العربية والدولية، المتعلقة بالعائدين الفلسطينيين، بالتعاون مع الدائرة السياسية.
5. دائرة المنظمات الشعبية:
تتولّى هذه الدائرة مسؤولية التنسيق، بين المنظمة ومختلف الاتحادات والمنظمات الشعبية الفلسطينية. غير أن دورها يقتصر على الاستشارة والتنسيق مع هذه التنظيمات، من دون التدخل في شؤونها؛ فتحتفظ باستقلالها، تنظيمياً وسياسياً ومالياً. ولكنها تشرف على نشاطها وانتخاباتها، وتشارك في مؤتمراتها العامة، بالتنسيق مع مجلسها الأعلى. وتمثّل الدائرة المنظمة، في مؤتمرات منظمة العمل الدولية.
6.دائرة الشؤون الاجتماعية:
ترعى هذه الدائرة الخدمات الاجتماعية لجماهير الشعب الفلسطيني. وتشرف على أعمال جمعية رعاية أُسر مجاهدي الثورة الفلسطينية وشهدائها، بالتعاون مع المجلس الأعلى للشؤون الاجتماعية، الذي تتمثل فيه مختلف المنظمات والمؤسسات، المهتمة بتلك الشؤون، في الساحة الفلسطينية. تمثّل الدائرة المنظمة، في المؤتمرات، العربية والدولية، التي تعنى بالشؤون الاجتماعية.
7.دائرة التربية والتعليم:
تتولّى الدائرة مسؤولية صياغة السياسات والمواد التربوية، في المدارس التي تديرها المنظمة، وتنظيم برامج تربوية، وكافة القضايا التعليمية، سواء المنح في الدول المختلفة للطلاب الفلسطينيين، أو متابعة مدارس وكالة الغوث، والعمل على افتتاح مدارس لتعليم الفلسطينيين، في بعض البلدان العربية خاصة. وقد أسهم مركز التخطيط، حتى عام 1982، من خلال قسم تربوي، في وضع الفلسفة والخطط، في هذا المجال.
وفي عام 1977، قرر المجلس الوطني، في دورته الثالثة عشرة، أن تشكل اللجنة التنفيذية المجلس الأعلى للتربية والثقافة والعلـوم، الذي يتبع مباشرة رئيس اللجنة؛ لرسم السياسات، ووضع الخطط وإقرارها، والتنسيق بين الأجهزة، في هذا المجال. ويرأسه أحمد صدقي الدجاني، ويشارك في عضويته: رئيس دائرة الثقافة والإعلام، ومدير مركز التخطيط، ومدير مركز الأبحاث، ومدير مؤسسة الدراسات الفلسطينية، وممثل المنظمة في اليونسكو وفي المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم.
8.الدائرة الاقتصادية:
أنشئت عام 1984، عقب الدورة السابعة عشرة للمجلس الوطني. وعهد إليها بجهازَين، كانا قائمَين من قبل:
*المكتب المركزي للإحصاء الفلسطيني، ومقره دمشق.
*جمعية معامل أبناء شهداء فلسطين.
وأصبح رئيس مؤسسة "صامد"، أحمد قريع (أبو علاء) المدير العام للدائرة الاقتصادية، بعد اندماج المؤسسة في الدائرة.
وتشمل مهام الدائرة:
أ. إعداد الدراسات الاقتصادية لحاجات الشعب الفلسطيني، والمخططات الإسرائيلية الاقتصادية، ودراسة اتفاقيات التعاون الاقتصادي مع الدول والهيئات، وتمثيل المنظمة في كافة المؤتمرات والاجتماعات الاقتصادية؛ لتصب مجمل هذه المهام في البنية الأساسية للاقتصاد الوطني الفلسطيني، وتنمية العلاقات الاقتصادية الفلسطينية وتطويرها، عربياً ودولياً.
ب. الإشراف على مركز "صامد" للمعلومات، ومقره في عمّان، والذي تأسس في نهاية عام 1989، بهدف تنظيم الوثائق والمعلومات المتوافرة في الدائرة.
ج. إصدار نشرات إحصائية للشعب الفلسطيني، وتدريب الكوادر الفلسطينية وإعدادها، في مجال الإحصاء ويتولّى ذلك المكتب المركزي للإحصاء الفلسطيني، التابع للدائرة.
د. إدارة "مؤسسة صامد": أسستها "حركة فتح" عام 1970، في الأردن، ثم بيروت، وتوسعت أعمالها، في مجال التدريب المهني، وإنشاء المشاغل؛ لتوفير فرص عمل للفلسطينيين، وتطورت لتصبح نواة للحياة الاقتصادية، تعمل في المجالات الزراعية، والصناعية والسينما والنشر. وفي عام 1985، اندمجت "صامد"، بجميع أقسامها، في الدائرة الاقتصادية. وامتد نشاطها إلى أكثر من ثلاثين دولة، في أربع قارات، لتشمل تجربة قطاع عام لحركة تحرر وطني في الشتات، في مجالات الصناعات الخفيفة والزراعة، إذ تتولّى زراعة عشرات الآلاف من الأفدنة، في أفريقيا والشرق الأوسط. وقد أدّت "صامد" دوراً مهماً في سد جزء من الحاجة المالية الضخمة للمنظمة.
9.دائرة الشؤون الإدارية:
تعنى هذه الدائرة بالأمور الإدارية، المتعلقة بالمنظمة والعاملين فيها.
10.الدائرة العسكرية:
يرأسها أبو عمار. وتتولى قضايا جيش التحرير الفلسطيني، وإعداد المشورة في الأمور، العسكرية والتنظيمية، المتعلقة به وبقوات الثورة الفلسطينية، ورعاية أُسر شهداء الجيش، بالتعاون مع الصندوق القومي الفلسطيني.
يُعَدّ جيش التحرير الفلسطيني، المؤسسة العسكرية النظامية للمنظمة،وقد تأسس فور إنشائها، عام 1964. ورحب بإنشائه مؤتمر القمة العربي الثاني، في سبتمبر من العام نفسه. وكان إنشاؤه طبقاً للنظام الأساسي للمنظمة، الذي نص، في مادته الثانية والعشرين، على أن "تشكل وحدات فلسطينية خاصة، وفق الحاجات العسكرية، والخطة التي تقررها القيادة العربية الموحدة، بالاتفاق وبالتعاون مع الدول العربية المعنية". وقد عُدِّلت هذه المادة، في الدورة الرابعة للمجلس الوطني، لتنص على أن "تنشئ منظمة التحرير الفلسطينية جيشاً، من أبناء فلسطين، يعرف بجيش التحرير الفلسطيني. وتكون له قيادة مستقلة، تعمل تحت إشراف اللجنة التنفيذية، وتنفذ تعليماتها وقراراتها، الخاصة والعامة. وواجبه القومي، أن يكون الطليعة في خوض معركة تحرير فلسطين".
ويتألف الجيش من ثلاث قوات رسمية:
أ. قوات "عين جالوت"، وترابط في مصر.
ب. قوات "القادسية"، وقد رابطت في العراق، ثم في الأردن، ثم سورية.
ج. قوات "حطين"، وترابط في سورية.
وكان قوام جيش التحرير الفلسطيني ودعائمه، هي الكتائب التي أنشأتها مصر، باسم الكتائب الفلسطينية، في الجيش المصري، وفيها يقول السيد غالب إبراهيم الوزير: "شكلت القيادة المصرية، في قطاع غزة، كتيبة الحراسات الفلسطينية، كأول نواة نظامية لجيش فلسطين، عام 1953. كان يقابلها، في سورية، تشكيل كتيبة المغاوير الفلسطينية... اتسعت كتيبة الحراسات، في قطاع غزة، وازداد الإقبال عليها، من قبل شباب قطاع غزة، وشاركوا في الدفاع عن قطاع غزة، في حرب العدوان الثلاثي، 1956. وشهد لهم الرئيس جمال عبد الناصر بأدائهم القتالي المتميز". وكانت تلك الكتيبة بقيادة اللواء عبد المنعم عبد الرؤوف، وهو أحد الضباط الأحرار، الذين شاركوا في الثورة المصرية، عام 1952.
أعلن معظم الدول العربية، منذ ذلك الوقت، حق منظمة التحرير الفلسطينية في تمثيل الفلسطينيين. وسمحت لها بعقد اجتماعاتها على أراضيها، وإصدار إنتاجها الأدبي، وأن يكون لها مكاتب وجرائد وإذاعات، وأن تختار المتطوعين للعمل في جهازها، وفي صفوف جيش التحرير الفلسطيني.
عقد أحمد الشقيري مؤتمراً صحفياً، في القاهرة، في 15 سبتمبر 1964، أعلن فيه ولادة جيش التحرير الفلسطيني، وتعيين المقدم وجيه المدني، الضابط الفلسطيني في الجيش الكويتي، قائداً له، وعضواً في اللجنة التنفيذية للمنظمة. ومن الفور، منحته المنظمة رتبة لواء، لتسهيل مسؤولياته، الإدارية والعسكرية، وعُهد برئاسة أركان الجيش التحرير إلى العقيد صبحي الجابي.
وصل اللواء وجيه المدني إلى القاهرة، في 24 سبتمبر 1964، لتسلم مهام منصبه. وأعرب عند وصوله، عن أمله أن يوفق في المهمة التي أسندت إليه. واجتمع، في اليوم نفسه، بالسيد أحمد الشقيري.
انطلقت منظمة التحرير الفلسطينية تدافع عن قضيتها، سياسياً وعسكرياً. وأخذت تعمل على إبراز الدور العسكري لشعب فلسطين، إذ كان من أهم قراراتها العسكرية، في مؤتمر التكوين، في القدس، افتتاح معسكرات لتدريب جميع القادرين على حمل السلاح، من أبناء الشعب الفلسطيني، رجالاً ونساءً، وتشكيل الكتائب، العسكرية النظامية والفدائية، وتزويدها بمختلف أنواع الأسلحة الحديثة، وإعدادها في الكليات العسكرية لدى الدول العربية والصديقة، حيث أطلق على هذه الكتائب جيش التحرير الفلسطيني، الذي قال عنه أحمد الشقيري، في مؤتمر صحفي، عقد في مكتب المنظمة، في بيروت، في 19 ديسمبر 1964: "إن الجيش الفلسطيني، ليس تابعاً لأية حكومة عربية، وهو جيش الشعب الفلسطيني وحده".
بدأت مراكز التعبئة والتجنيد، في قطاع غزة والعراق وسورية، تستقبل المتطوعين من أبناء الشعب الفلسطيني، للتدريب على حمل السلاح، والانضمام إلى صفوف جيش التحرير. وأخذ اللواء وجيه المدني يتنقل بين الدول العربية، حيث أماكن التدريب؛ فوصل بغداد على رأس وفد عسكري، بعد أن أعلن قائد الجيش العراقي، الفريق الركن عبد الرحمن عارف، في 12فبراير1965، قبول 60 ضابطاً فلسطينياً في دورة تدريب، تستمر ستة أشهر.
تخرجت أول كتيبة لجيش التحرير الفلسطيني، في سورية، في 3 مايو 1965، في احتفال كبير، في بلدة حرستا، بالقرب من دمشق، حضره اللواء وجيه المدني، الذي سلّمها العلم الفلسطيني، وبحضور الفريق أمين الحافظ. ووافق مجلس الوزراء السوري على مشروع قانون، يعفي المستوردات الحربية، العائدة لجيش التحرير، من الضرائب.
احتفل قطاع غزة، في الأول من سبتمبر 1965، بالذكرى الأولى لإنشاء جيش التحرير الفلسطيني تحت سيادة الإدارة المصرية. فشهدت مدنه استعراضات عسكرية، حضرها حاكم القطاع العام، المصري، الفريق العجرودي، واللواء وجيه المدني؛ وكبار ضباط الجيش الفلسطيني.
أطَّردت قوة جيش التحرير ازدياداً، يوماً بعد يوم، وخاصة بعد أن وافق الرئيس جمال عبد الناصر، في مؤتمر القمة العربي الثاني، على وضع قطاع غزة وسيناء تحت تصرف ذلك الجيش. أمّا الأردن، فعارض منحه مساحة من أرضه، لأن إنشاء جيش فلسطيني مستقل فيه سيؤثّر في الأوضاع الأردنية، إذ أن الجيش الأردني مكون من عناصر أردنية وفلسطينية. وتقرر، في مؤتمر القمة العربي الثاني، أن تسهم الدول العربية في ميزانية جيش التحرير- كلٌّ حسب نصيبها في ميزانية الجامعة العربية- مضافاً إليها مليون دينار أو مليونان من الكويت، ومليون من العراق، ومليون من المملكة العربية السعودية. وكذلك أقر الملوك والرؤساء العرب، كافة خطط منظمة التحرير الفلسطينية، على المستوى العسكري والسياسي والمالي والتنظيمي والإعلامي.
وكان عام 1967، عام بداية التجربة الكبرى لجيش التحرير الفلسطيني، فقد شارك في حرب يونيو 1967، مشاركة فعليَّة؛ فبعد خروج قوات الطوارئ الدولية من غزة، وجّه رئيس المنظمة رسالة إلى الرئيس جمال عبد الناصر، في 21 مايو 1967، أعلن فيها وضع وحدات جيش التحرير في قطاع غزة، تحت تصرف الجمهورية العربية المتحدة. وعلى الرغم من النهاية، التي آلت إليها هذه الحرب، فقد أعاد ذلك الجيش تجميع نفسه، قبْل أن ينصرم العام، ليبرز، من جديد، في العام الذي تلاه، على مسرح الكفاح المسلح، الذي أجمعت عليه جميع التنظيمات الفلسطينية المسلحة. وفي فبراير 1968، تأسست قوات التحرير الشعبية، التابعة لجيش التحرير الفلسطيني. وتبنّت في حربها على العدوّ، نظام القطاعات والوحدات والقواعد، على غرار الفدائيين. وبعد خروج قوات المقاومة الفلسطينية من الأردن، عام 1971، بقيت فيه إحدى كتائب قوات القادسية، وتحولت، لاحقاً، إلى كتيبة زيد بن حارثة المستقلة. وكذلك تشكلت كتيبة جديدة، في سورية، وكتيبة مدفعية، بين عامَي 1971 و1973، تابعة لكتيبة القادسية، كما تشكلت كتيبة مصعب بن عمير المستقلة، وضمت ضباطاً مفرزين من جيش التحرير الفلسطيني، وبقايا قوات التحرير الشعبية.
وشاركت وحدات جيش التحرير الفلسطيني في حرب أكتوبر، إذ حاربت قوات عين جالوت، وقوة من الثورة الفلسطينية، وخاصة من "حركة فتح"، في الجبهة المصرية، على قناة السويس؛ وكتيبة مصعب بن عمير، مع قوة من "حركة فتح"، في الجنوب اللبناني؛ وقوات حطين والقادسية، في الجبهة السورية.
وبعد حرب 6 أكتوبر 1973، ظل جيش التحرير الفلسطيني موزعاً في الدول العربية، على النحو الآتي:
أ. كتيبة زيد بن حارثة، في الأردن.
ب. كتيبة عين جالوت، في مصر.
ج. كتيبتا حطين والقادسية، في سورية.
د. كتيبة مصعب بن عمير، في لبنان.
أماكن تدريب جيش التحرير الفلسطيني:
واكب قيام منظمة التحرير الفلسطينية ظروف صعبة. وقد أسفر تعدد التنظيمات، السياسية والحزبية، في الساحة الفلسطينية، إضافة إلى المواقف العربية المختلفة من الكيان الفلسطيني، عن اختلاف وجهات النظر في كثير من القضايا. غير أن التفاف الشعب الفلسطيني حول المنظمة، ودعم مصر لها، بقيادة زعيمها، جمال عبد الناصر ـ أسهما في تمكينها من تخطي مصاعب المرحلة الأولي من التأسيس، وساعداها على إرساء المؤسسات العسكرية، وافتتاح أماكن للتدريب. فاستقبلت مراكز التعبئة والتجنيد، في قطاع غزة، المتطوعين، بعد صدور القانون رقم 4، لعام 1965، في شأن الخدمة، العسكرية والوطنية، في القطاع، والذي نص، في المادة الأولى، على أن الخدمة العسكرية إجبارية، ومفروضة على الذكور، ابتداء من سن الثامنة عشرة حتى الثلاثين. وأقيمت معسكرات لتدريب الفلسطينيين على حمل السلاح، في كلٍّ من مصر وسورية والعراق والجزائر، فأشرفت عليه الإدارة المصرية، واتخذ جيش التحرير الفلسطيني سيناء ميداناً لتدريباته ومناوراته العسكرية بالذخيرة الحية. وقد تخرجت أول دفعة من جيش التحرير، في سورية.
غير أن عدد أولئك المتدربين، كان قليلاً؛ بسبب الافتقار إلى أماكن تدريب ملائمة، إذ إن بعض الدول العربية، رفضت استقبال فلسطينيين، لهذا الغرض، مثل لبنان، الذي أصدر قانوناً، عام 1962، يمنع أي فلسطيني من السفر إلى الخارج، من أجل التدريب، ثم العودة إليه. أمّا الأردن، فقد بلغ رفضه التدريب الفلسطيني على أراضيه، حدَّ الخلاف مع المنظمة؛ وهو ما اضطر المنظمة إلى البحث عن أماكن أخرى، مثل موسكو والصين، والتي كشف عنها رئيس المنظمة، في اجتماع الدورة الثالثة للمجلس الوطني الفلسطيني، في غزة، في 20 مايو 1966؛ إذ أعلن أن الصين، تقدم العون العسكري إلى المنظمة، من دون شرط، ومن غير قيد.
شارك جيش التحرير الفلسطيني في كافة العمليات العسكرية، في حربَي 1967 و1973، ومعارك سبتمبر 1970، في الأردن، فضلاً عن حصار بيروت، وحصار طرابلس، وحصار المخيمات، إبّان الحرب اللبنانية. وأعيد تنظيمه عام 1982، بعد الخروج من بيروت، واندمجت فيه معظم قوات "حركة فتح" العسكرية (العاصفة).
وتشرف الدائرة العسكرية للمنظمة، إستراتيجياً، على القوات العسكرية التابعة لها، وذلك من خلال القيادة العامة لقوات الثورة. وتتولّى اللجنة التنفيذية تعيين القائد العام لهذه القوات، ورئيس أركانها. ويعيِّن القائد العام أعضاء المجلس العسكري الأعلى، برئاسته.
وتشرف الدائرة العسكرية، كذلك، على كلية أركان حرب الثورة الفلسطينية، التي تضطلع بتدريب الضباط وإعدادهم للخدمة في صفوف القوات، التي عانت محدودية فاعليتها؛ لوجودها خارج أراضي فلسطين.
11.الصندوق القومي الفلسطيني:
عام 1964، وبموجب المادة الرابعة والعشرين من النظام الأساسي للمنظمة، أنشئ الصندوق القومي الفلسطيني؛ ويديره مجلس إدارة، يشكَّل بموجب نظام أساسي خاص بالصندوق، يقره المجلس الوطني، كما ينظم أعمال مجلس الإدارة في:
أ. تسلّم جميع الموارد المختلفة للصندوق.
ب. تمويل المنظمة، وجميع الأجهزة التي تنبثق منها، وفق ميزانية سنوية، تضعها اللجنة التنفيذية، ويقرها المجلس الوطني.
ج. تنمية موارد الصندوق، بكافة الوسائل والإمكانات.
د. الإشراف على أعمال الجباية، وتأليف اللجان التي تضطلع بذلك.
هـ. الإشراف على النفقات، التي تحتاج إليها المنظمة، وتنظم وسائل صرفها ومراقبتها.
و. وضع نظام مالي خاص، تنظم بموجبه عمليات سحب الأموال وصرفها، ضمن حدود الميزانية.
وتودع أموال الصندوق المصارف العربية، التي يختارها مجلس الإدارة. وفي عام 1970، قرر المجلس الوطني، في دورته السابعة، أن الصندوق هو الجهاز الذي يتلقى سائر المعونات والمساعدات المالية، المتعلقة بالصمود.
تبلغ مدة مجلس الإدارة ثلاث سنوات، قابلة للتجديد، بعد موافقة اللجنة التنفيذية. بينما ينتخب المجلس الوطني رئيس مجلس الإدارة، منذ الدورة الأولى، من بين أعضاء المجلس الوطني، ويُعَدّ، بهذه الصفة، عضواً في اللجنة التنفيذية، التي تختار أعضاء مجلس الإدارة، وعددهم أحد عشر عضواً، على الأقل. ويعقد المجلس اجتماعات دورية، يحضرها رئيس تلك اللجنة.
يمثل الصندوق المنظمة في المؤسسات والمنظمات الاقتصادية، العربية والدولية، ويشارك في مؤتمراتها. وقد تابع الصندوق، من خلال وحدة الحوار العربي ـ الأوروبي في المنظمة، الجانب الاقتصادي من الحوار. وتولى رئاسة مجلس الإدارة: عبد المجيد شومان عام 1964، خالد اليشرطي عام1969، زهير العلمي عام 1970، يوسف الصايغ عام 1971، وليد قمحاوي، عام 1974، صلاح الدباغ عام 1981، جويد الغصين عام 1983 وحتى الآن.
12.مصادر موارد الصندوق:
حددت المادة الرقم 25 من النظام الأساسي، ستة مصادر للصندوق:
أ. ضريبة محددة، تُفرض على الفلسطينيين، وتُجبى حسب قواعد خاصة توضع لهذا الغرض:
وتسمى هذه الضريبة بضريبة التحرير. وكانت تشكل، في بداية إنشاء المنظمة، 84 % من ميزانيتها، حتى عام 1974. وهي تستقطع، بمعرفة الحكومات العربية، من دخول الفلسطينيين العاملين في عدد من الدول العربية، وتراوح قيمتها بين 3 و6 % من دخل كلٍّ منهم. وأصدرت وزارة الخزانة المصرية، في 3 نوفمبر 1969، تعليماتها إلى الوزارات، باقتطاع 3% من رواتب أبناء فلسطين العاملين فيها، في مصلحة الصندوق القومي الفلسطيني، بدءاً من نوفمبر 1969.
ب. المساعدات المالية، التي تقدمها الحكومات العربية، بعد أن تقررها مؤتمرات القمة العربية:
1. أقرت القمة، عام 1964، منح المنظمة إسهاماً مالياً سنوياً.
2. قررت القمة العربية، في الرباط، عام 1974، دعم المنظمة بخمسين مليون دولار، تدفعها الدول العربية المنتجة للنفط.
3. أقرت القمة العربية، في بغداد، عام 1978، بعد اتفاقات كامب ديفيد، دعم المنظمة بثلاثمائة مليون دولار، سنوياً، للعشر سنوات التالية.
ج. التبرعات والهبات:
كانت الكويت تقتطع نسبة 1 % من مرتبات المدرسين الكويتيين، في مصلحة المنظمة. وللغاية نفسها، فرضت دبي ضرائب على الفنادق والتلغراف وتذاكر الطائرات. فضلاً عن إسهامات الغرفة التجارية الأردنية، والتبرعات الشعبية. ويتولّى الصندوق صرف هذه الأموال، وفقاً للصيغة التي تضعها اللجنة التنفيذية.
د. طابع التحرير، الذي تصدره الدول العربية؛ لاستخدامه في المعاملات البريدية وغيرها.
هـ. القروض والمساعدات، العربية والصديقة.
و. أيّ موارد أخرى، يقرها المجلس الوطني الفلسطيني.
13. جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني:
تؤدي الجمعية مهام دائرة الصحة في المنظمة. وقد أسستها "حركة فتح"، في نهاية عام 1968، في الأردن. وعهد إليها المجلس الوطني، في دورته السادسة، في سبتمبر 1969، بالخدمات الطبية للفلسطينيين، وإنشاء العيادات والمستشفيات؛ فتوسعت خدماتها لهم، في الدول العربية.
وتقدم إليهم الجمعية خدمات، اجتماعية وثقافية، كذلك، كما طالت خدماتها أُسَر الجرحى والمعتقلين. وللجمعية هيكل تنظيمي، يضم أنشطة الجمعية، في مجالات: الطب والشؤون الاجتماعية والإحصاء والتخطيط والتدريب والإعلام والعلاقات العامة.
وتعاني الجمعية وأنشطتها الأوضاع غير المستقرة، أمنياً وسياسياً، ونقص الكادر المتخصص، والافتقار إلى إحصاءات سكانية، ونقص الأجهزة الطبية والحديثة، والاعتمادات المالية.
14. مركز الأبحاث الفلسطيني:
تأسس عام 1965، في بيروت. ويتبع، مباشرة، رئيس اللجنة التنفيذية. ويتمتع باستقلالية نشاطه. وتموله المنظمة. وقررت الجامعة العربية المساهمة في تمويله، عام 1972. ويستهدف المركز تغطية الصراع العربي ـ الصهيوني بالدراسات، وتزويد مؤسسات المنظمة وأجهزتها بالمعلومات، التي تفيدها في نشاطها، السياسي والإعلامي، وجمع الوثائق والكتب والدراسات، وإنشاء مكتبة متخصصة لذلك.
وتضم أقسامه: المكتبة، والأرشيف الصحفي، وقسم إصدار اليوميات الفلسطينية، ونشرة رصد إذاعة إسرائيل، وإصدار مجلة "شؤون فلسطينية"، وأقساماً بحثية لإصدار دراسات، فلسطينية ودولية وإسرائيلية.
تعرض المركز لاعتداءات، بالقنابل، بدءاً من عام 1969، واقتحمته القوات الإسرائيلية، حينما دخلت بيروت الغربية، في 15 سبتمبر 1982، فنهبته، ونقلت محتوياته كاملة إلى إسرائيل. ولكن المنظمة اشترطت إعادتها، في خلال المحادثات لتبادل أسرى الحرب، من طريق الصليب الأحمر، عام 1983، فاستعادتها مع الأسرى الفلسطينيين.
وأغلقت النيابة العسكرية اللبنانية مركز الأبحاث، في يونيو 1983. وفشلت محاولات إعادة إنشائه، من خلال بعض الدول العربية، حتى صيف 1984، حين استأنف نشاطه من قبرص.
ترجع أهمية المركز إلى إتِّباعه الأسلوب العلمي، في عمله ودراساته، وحفَّزَ نجاحُه إنشاء عدد من المراكز المشابهة،التي تناولت الصراع العربي ـ الإسرائيلي، في عدد من الدول العربية.
وحرص المركز على تأكيد كونه مؤسسة بحثية، ليس من مهامها الإعلام، ولا التعبئة، ولا إعداد المذكرات السياسية للاجتماعات والمؤتمرات، ولا التخطيط، ولا النطق باسم المنظمة. إلا أنه رسخ تقليداً، في التعاون والتنسيق مع أجهزة المنظمة، ومراكز الأبحاث المعنية بالقضية الفلسطينية.
ثانياً: السلطة القضائية:
تكونت مؤسسات هذه السلطة، في سياق تشكيل البنى المختلفة للمنظمة، وإن تأخر نموّها عن سواها من السلطات.
بدأ التفكير في إنشاء سلطة قضائية، في عمّان. وكوِّنت محكمة أمن الثورة، بنظام خاص، إضافة إلى المجالس الشعبية، في العديد من أماكن التجمعات الفلسطينية. وشكِّلت محكمة خاصة لجيش التحرير، في عقب الخروج من الأردن، عام 1971. ووضعت قوات اليرموك قانوناً للعقوبات العسكرية لقوات الثورة الفلسطينية، وأجاز تشكيل المحاكم العسكرية، كلما دعت الحاجة إلى ذلك. كما اختصت "حركة فتح" بجهاز للقضاء الثوري، في أبريل 1973، تعرض لعدة تعديلات، بعد ذلك، فضلاً عن محكمة أمن الثورة العسكرية العليا. وأصدر ياسر عرفات قراراً، في الأول من مايو 1978، بصفته رئيساً للجنة التنفيذية، والقائد العام لقوات الثورة، واستناداً إلى قرارات المجلس الوطني، أنشئ بمقتضاه جهاز للقضاء الفلسطيني، سمي "هيئة القضاء الفلسطيني". وعيّن مدير القضاء الثوري لـ"حركة فتح" مسؤولاً عنه، لتوحيد القضاء في فتح والمنظمة. كما صدر قرارات، لتنظيم أعمال الهيئة، وقوانين، المحاكمات والعقوبات والسجون، ونظام رسوم المحاكم.
ثالثاً: أشكال تنظيمية أخرى:
1. استحدثت المنظمة خلال مرحلة بيروت، في السبعينيات، "اجتماعات الأمناء العامين"، لتشمل قادة التنظيمات الفلسطينية؛ لتسهيل التوصل إلى قرارات، بالإجماع، وخاصة أن بعضهم غير ممثل لتنظيماته في اللجنة التنفيذية، وحتى يشاركوا مشاركة مباشرة، ورسمية، في عملية اتخاذ القرار. وأعطيت هذه الاجتماعات صفة رسمية، وقد عقدت بصفة منتظمة، وشملت إلى أعضائها أعضاء اللجنة التنفيذية، ورئيس المجلس الوطني. وقد انتهى هذا الشكل، بعد الخروج من بيروت، عام 1982.
2. حل محل هذا الشكل السابق، في الثمانينيات، "اجتماع القيادة الفلسطينية"، ليضم جميع أعضاء المجلس المركزي، كافة أعضاء اللجنة المركزية لفتح، أو معظمهم، وممثلي التنظيمات الأخرى؛ لكي يكون هذا الشكل استشارياً، وله سلطة معنوية، تعبّر عن الأوضاع، على الصعيد الفلسطيني، وتقديم توصيات الاجتماع إلى اللجنة التنفيذية، التي تنظر فيها وتتبناها.
يتضح من العرض السابق للبنية التحتية للمنظمة، أن قيادتها، عملت مثل كلِّ قيادات الدول حديثة الاستقلال، ضمن جهودها في بناء الحركة الوطنية وتوسيعها، على تحقيق هدف مزدوج في بناء المؤسسات، ويتمثل في:
أ . تحقيق فوائد عملية، نفعية، وبناء الدولة.
ب. استخدام الوطنية بصفتها أيدلوجية، ما أعطى الفلسطينيين إطاراً رمزياً، يستطيعون من خلاله صياغة السياسات، ومواجهة المشاكل السياسية.
ومن تلك البنية، انبثقت المؤسسات، التي تنشط لبقاء الهوية الوطنية الفلسطينية، على المدى البعيد، مثل: مجالات الثقافة والإعلام، والصحة، والتعليم، والرفاهية الاجتماعية، والتنمية الاقتصادية، والتنظيمات الشعبية، وخاصة أن الصلاحيات الممنوحة لكلّ مؤسسة من مؤسسات المنظمة، ليست محددة تحديداً قاطعاً، ما أدى تعدد النشاط الواحد لغير جهة، لأن مثل هذه الأنشطة، يعكس القِيم الرئيسية للحركة الوطنية للفلسطينيين.