قراءة حول المعيار الشرعي رقم 42 بشأن الحقوق المالية والتصرف فيها -2
1. يستكمل هذا المقال عدة مسائل من المعيار الشرعي رقم 42 بشأن الحقوق المالية والتصرف فيها، ويتناول من المسائل المتبقية: حقوق الارتفاق، وحقوق الجوار المالية، وحق الشفعة، وحق الخلو، وحق التحجير..
2. حقوق الارتفاق: وهي ثلاثة: 1) حق الارتفاق الخاص هو حقٌّ مقرّر لعقار على عقار آخر، مثل حقّ الشرب (بكسر الشين) وحق المجرى، وحق مسيل الماء، وحق المرور. 2) حق الارتفاق العام هو الانتفاع بالمرافق العامة للدولة ونحوها. يقتصر حق الشخص في الارتفاق العام على الانتفاع الشخصي فقط.
3. الإضاءة: قد يبدو تناول هذه المسائل بعيدًا عن عمل المؤسسات المالية للوهلة الأولى، لكن في تطبيقات الإجارة والمشاركة المتناقصة في تمويل العقارات هناك ما يدعو إليها لأن المؤسسات تكون مالكًا للعقارات محل التمويل كليًا أو جزئيًا.
4. حقوق الجوار المالية: تترتب على حق الجوار القائم على ملكية الطبقات (العلوّ والسّفل) آثار تتمثل في منع التصرف بكل ما يضر الآخر ضرراً بيّناً، أو حسب الظن الغالب. يترتب على اشتراك مالكي الطبقات في ملكية الأرض التي بنيت عليها تلك الطبقات ما يلي: 1) في حالة انهدام السّفل بسبب من صاحبه، يجبر على البناء حتى لا يتضرر من فوقه. 2) إذا لم يتسبب صاحب السفل في الهدم فإن المرجع في ذلك إلى القضاء بما يحقق المصلحة ويدرأ الضرر عن الطرفين أو الأطراف. 3) الانتفاع بالمرافق والخدمات المشتركة.
5. الإضاءة: ووجهه في تطبيقات المؤسسات المالية، يظهر في تمويل الشقق السكنية أيضًا بطريق الإجارة أو المشاركة المتناقصة.
6. حق الشُّفعة: تعريف الشُّفعة: الشفعة هي حق امتلاك العقار المبيع جبراً على مشتريه بالثمن الذي بِيع به، وتثبت الشفعة للشريك في العقار أو الجوار. يشترط أن يكون المال المشفوع فيه عقاراً مع ما يتبعه من منقول. يشترط في ثبوت الشفعة للجار أن يتشارك العقاران في حقوق الارتفاق أو في بعضها.
7. أحكام الشفعة: يحل الشفيع محل المشتري في الحقوق إذا تساوت الظروف؛ مثل التأجيل في الثمن، وعليه ما على المشتري من واجبات؛ مثل دفع المصاريف المعتادة في نقل الملكية. إذا تعدد الشفعاء يكون استحقاق كل منهم للشفعة على قدر نصيبه في الملك المشاع. لا يسقط الحق في الأخذ بالشفعة بموت الشفيع، وإنما ينتقل إلى ورثته. يجب طلب الشفعة فوراً عقب العلم بحسب مقتضى العرف أو الأنظمة، فإن علم ولم يطالب بها سقط حقه فيها. يجوز للشفيع أن يبطل جميع التصرفات الواردة على العين المشفوعة قبل الأخذ بالشفعة، ولو تداولتها الأيدي. لا تثبت الشفعة بانتقال الملك بغير البيع وما في حكمه؛ فلا تثبت في انتقاله بسبب الميراث، أو الوصية، أو الهبة بغير عوض، لأن الشفعة
8. الإضاءة: ومستنده العام هو وغيره من الحقوق حديث "لا ضرر ولا ضرار". مع مراعاة شرط الشركة في حقوق الارتفاق أو بعضها. ولم يعلل المعيار سبب عدم جريان الشفعة بانتقال الملك بطريق الميراث والوصية والهبة، والجامع بينها عدم وجود المعاوضة، ويزيد الميراث بأن انتقال الملك جبري، وربما يكون هذا هو التعليل، ومع ذلك فإن مبدأ نفي الضرر ينطبق في هذه الحالات جميعًا.
9. حق الخلو: الخلو هو حق مبنيّ على حق المستأجر في القرار في عقار أو محلّ تجاري. وله عدّة صور: 1) إذا اتفق المالك والمستأجر على أن يدفع المستأجر للمالك مبلغاً مقطوعاً زائداً عن الأجرة الدورية، فلا مانع شرعاً من دفع هذا المبلغ المقطوع على أن يعد جزءاً من أجرة المدة المتفق عليها، وفي حالة الفسخ تطبق على هذا المبلغ أحكام الأجرة. 2) إذا تم الاتفاق بين المالك وبين المستأجر في أثناء مدة الإجارة على أن يدفع المالك إلى المستأجر مبلغاً مقابل تخليه عن حقه الثابت بالعقد في ملك منفعة بقية المدة، فإن بدل الخلوّ هذا جائز شرعاً؛ باعتباره تعويضاً عن تنازل المستأجر برضاه عن حقه في المنفعة التي باعها للمالك. أما إذا انقضت مدة الإجارة ولم يتجدد العقد، صراحة أو ضمناً، عن طريق التجديد التلقائي حسب الصيغة المفيدة له، فلا يحل بدل الخلو، والمالك أحق بملكه بعد انقضاء حق المستأجر. 3) إذا تم الاتفاق بين المستأجر الأول وبين المستأجر الجديد، في أثناء مدة الإجارة، على التنازل عن بقية مدة العقد لقاء مبلغ زائد عن الأجرة الدورية، فإنَّ بدل الخلوّ هذا جائز شرعاً، مع مراعاة مقتضى عقد الإجارة المبرم بين المالك والمستأجر الأول، ومراعاة ما تقضي به القوانين النافذة الموافقة للأحكام الشرعية. على أنه في الإجارات الطويلة المدة، خلافاً لنص عقد الإجارة طبقاً لما تسوغه بعض القوانين، لا يجوز للمستأجر إيجار العين لمستأجر آخر، ولا أخذ بدل الخلو فيها إلا بموافقة المالك. أما إذا تم الاتفاق على التنازل بين المستأجر الأول وبين المستأجر الجديد بعد انقضاء المدة، فلا يحلُّ بدل الخلو؛ لانقضاء حق المستأجر الأول في منفعة العين.
10. الإضاءة: والجامع في كل ما ذكر، أنه لا استحقاق إلا في مقابل منفعة، ومن يملك المنفعة، لا يملك المعاوضة عليها بشيء.
11. حق التحجير: التحجير هو وضع اليد على أرض موات وإعلامها بعلامات متعارف عليها، بإذن ولي الأمر. التحجير يفيد الاختصاص والأحقية على غيره، ولا يفيد التملك. يجوز لمن قام بالتحجير التنازل عن حق الأسبقية بمال على وجه الصُّلح، ولكن لا يجوز له بيع ما حجره لأنه لا يملكه. يسقط حق التحجير بعدم استخدام الأرض لمدة ثلاث سنين، أو بحسب ما في القوانين.
12. الإضاءة: وهو المعروف بإحياء الموات. ونقل في المستندات الشرعية قولاً بجواز بيعه، ويحتاج إلى تحرير وتوضيح، فهل من قال بجواز البيع يرى أن من يملك الحق يملك الأرض؟ على كل حال اختيار المعيار أن حق التحجير لا ينتج عنه ملك الأرض.
قراءة حول المعيار الشرعي رقم 42 بشأن الحقوق المالية والتصرف فيها -3
د. عبد الباري مشعلد. عبد الباري مشعل
1.يستكمل هذا المقال عدة مسائل من المعيار الشرعي رقم 42 بشأن الحقوق المالية والتصرف فيها، ويتناول من المسائل المتبقية: الاعتياض عن الحقوق، كيفية التصرف في الحقوق، حماية الحقوق، بعض التطبيقات المعاصرة للحقوق المالية.
18.القراءة: الاعتياض عن الحقوق: 1) لا يجوز الاعتياض ببيع أو غيره عن الاختيارات (Options). 2) لا يجوز الاعتياض عن الحقوق التي وضعت لدفع الضرر، مثل حق الشفعة. 3) يجوز الاعتياض عن حقوق الارتفاق بالبيع ونحوه. 4) يجوز بيع حق الانتفاع، والاختصاص، وحق الأسبقية.
19.الإضاءة: أورد في المستندات أن مستند عدم الاعتياض هو عدم تحقق المالية في هذه الأشياء مع وجود الغرر والجهالة.
2.كيفية التصرف في الحقوق: 1) الأصل في جميــع الحقوق المالية: قبولها للتصرف. ولصاحب الحق مطلق التصرف في حقه مع مراعاة أحكام ومبادئ الشــريعة الإسلامية، وبخاصة ما يأتي: 1) عدم التعسف في استعمال الحق. 2) تقديــم المصلحــة العامة إذا تعارض معها اســتخدام حق الملكية الخاصة. 3) مــع مراعــاة ما جاء في هــذا المعيار، فإن مــن أوجه التصرف المشــروعة فــي الحــق: المعاوضــات بأنواعهــا، والتبرعات، والإســقاطات، والمشــاركات، وحوالــة الحق؛ وينظــر المعيار الشرعي رقم (٧) بشأن الحوالة.
3.الإضاءة: التصرف في الحقوق كالتصرف بالمنافع، وتراعى أحكامها.
4.حماية الحقوق: الحقوق مصونة من أي اعتداء عليها. من طرق حماية الحقوق المالية: 1) بالإضافــة لما اشــتمل عليــه المعيار الشــرعي رقم (٥) بشــأن الضمانات فإن من طرق حماية الحقوق المالية ما يلي: عدم سقوط الحقوق بالتقادم؛ ولكن التقادم للمدد المحددة قد يمنع سماع الدعوى. حــق الحبس: هو حق مقرر للدائن على مال بحوزته للمدين حتى يستوفي دينه الحال من المدين مالك المال، وهو أنواع، منها: (حق البائع في حبس المبيع حتى يستوفي الثمن الحال. حق الصانع والأجير في حبس ما عمل فيه حتى يستوفي الثمن الحال والأجرة الحالة. حق المؤجر في حبس متاع المســتأجر فــي العين التي أجرها حتى يســتوفي الأجرة الحالــة؛ لأنه حائز للعين، والعين حائزة للمتاع. حق الناقل في حبس المتاع المنقول حتى يســتوفي أجرة النقل الحالة. حق المودع لديه بأجر في حبس الوديعة حتى يســتوفي الأجرة الحالة. حــق الوكيل في حبس مال الموكل حتى يســتوفي أجرة الوكالة الحالة. إذا أفلس المشتري ووجد البائع المبيع بعينه فهو أحق به (حق الاسترداد) وينظر المعيار الشرعي رقم (٤٣) بشأن الإفلاس).
5.بعض التطبيقات المعاصرة للحقوق المالية: 1) يجوز النص في أنظمة الشركات على حق الأولوية في الاكتتاب في زيادة رؤوس أموال الشركات؛ فيثبت لكل شريك حق الأولوية على غير الشركاء في الاكتتاب عند تقرير زيادة رأس مال الشركة،
6.ويكون الاكتتاب حســب نســبة مساهمة الشــريك في رأس مال الشركة قبل تقرير الزيادة. 2) حق الأولوية فــي الاكتتاب قابل للتنازل عنه للغير بدون عوض، مع مراعاة ما تقرره القوانين أو نظم الجمعيات العمومية للشركات.
7.الإضاءة: اقتصر المعيار على حق الأولوية في الاكتتاب، ولا ليس هو بمعنى حق الأسبقية أو التحجير، وإنما هو معنى مستقل يتقارب مع حق الشفعة وليس مساو له في المعنى أيضًا. وقد أحسن المعيار بالنص على عدم اعتبار المالية في هذا الحق، والمسوغ أنه من الحقوق الموضوع لدفع الضرر فيتساوى مع حق الشفعة في علة المنع.